الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الفصل الثاني تطبيقات دستورية في التاريخ الإسلامي]
[المبحث الأول تطبيقات دستورية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم]
[الدولة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم]
الفصل الثاني
تطبيقات دستورية في التاريخ الإسلامي المبحث الأول: تطبيقات دستورية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
المبحث الثاني: تطبيقات دستورية في عهد الخلفاء الراشدين.
المبحث الثالث: وقائع دستورية في العهود الإسلامية الأخرى.
المبحث الأول: تطبيقات دستورية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم: سبق الكلام في الفصل السابق عن مسائل رئيسة في موضوع الدستور في الإسلام، وهي تعريف الدستور في الإسلام، وتدوينه، وأساليب نشأته ونهايته، ثم كان الحديث عن مصادر الدستور في الإسلام، وخصائصه المميزة له.
وحتى تتضح تلك المسائل لا بد من إيراد شيء من التطبيقات الدستورية من العصور الإسلامية المختلفة، بدء بعهد الرسالة بحكم أنه الأساس والقدوة في ذلك، ثم ما تلاه من العهود التي طبقت الإسلام، وحكمت به اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم، والحديث عن تلك التطبيقات في عهد الرسالة، يستلزم الحديث عن الدولة في هذا العهد بشكل موجز، وهل اكتملت فيه أركانها، ومقوماتها، وضمانات تحقيق هذه المقومات أم لا وذلك لأن الدولة في هذا العهد هي بداية تأسيس الدولة الإسلامية وما بعدها كان استمرارا لها، وبناء على أساسها.
أولا: الدولة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم: يعتبر عهد النبي صلى الله عليه وسلم بقسميه المكي والمدني مرحلة تأسيس وبناء لكيان هذه الأمة، ووضع الأسس والقواعد العامة التي تسير على ضوئها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولكن الفترة المكية كانت تمهيدا للفترة المدنية، ففي الأولى تكونت نواة المجتمع المسلم، وكان التركيز فيها على قواعد الإسلام، وخاصة فيما يتعلق بعقيدته، فهي أسس لا بد منها قبل البدء في المرحلة العملية، وهي إنشاء الدولة، فتلك الفترة التأسيسية لازمة لتحديد منهج الإسلام وتقريره في النفوس،
وكانت نقطة الانطلاق للمرحلة العملية بيعتي العقبة الأولى والثانية، وبهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة واستقراره فيها اكتملت أركان الدولة الإسلامية وهي:
1 -
العقيدة والشريعة التي تجمع بين الناس.
2 -
الشعب.
3 -
السلطة السياسية.
4 -
الإقليم.
ومن المعروف أن الدولة لا تكتمل قانونيتها عند القانونيين المحدثين، إلا بوجود عدة مقومات هي:
1 -
وجود الدستور.
2 -
تدرج القواعد القانونية.
3 -
خضوع الإدارة للقانونية.
4 -
الاعتراف بالحقوق والحريات الفردية.
وهذه المقومات توافرت في الدولة الإسلامية الأولى في الوقت الذي كانت تسيطر على العالم دول استبدادية، كدولة الفرس ودولة الروم، وبالإضافة إلى توافر مقومات الدولة القانونية في دولة الإسلام الأولى، فقد توافرت كذلك ضمانات لتحقيق هذه المقومات هي:
1 -
نظام خلقي ونظام روحي كاملان يتفاعلان مع النظام السياسي، يمنعان من بيده السلطة في مختلف المناصب من النزوع إلى إساءة استعمالها، بعكس ما عمدت إليه النظم الوضعية المعاصرة من توزيع السلطات للحيلولة دون إساءة استخدامها؛ فالنظام الإسلامي وضع علاجا لهذا الاستبداد، وتلك النظم أبقت هذا الداء وأوجدت علاجا للتخفيف من مساوئه.
2 -
إضافة إلى ذلك فإن النظام الإسلامي تضمن فصل السلطة التشريعية وهي عمل المجتهدين من تفسير للنصوص، واجتهاد فيما لا نص فيه لاستنباط الأحكام، فصلا مرنا عن السلطتين التنفيذية والقضائية.
3 -
فيما يتعلق بالسلطتين التنفيذية والقضائية، فإن النظام الإسلامي جعل جمعهما وفصلهما مما يدخل في باب المباح، فالجمع جائز كما حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والتوزيع جائز عند الحاجة كما حدث في عهد عمر رضي الله عنه، بشرط ألا يفضي أي منهما إلى مفسدة.
4 -
أن القضاء في النظام الإسلامي عرف الرقابة على أعمال الإدارة، وعلى شرعية القوانين بما يتضمن من استقلال للقضاء، وشروط لاختيار القضاة، ومصدر القضاء الذي هو الكتاب والسنة والإجماع والاجتهاد، وفق أصول، ومسؤولية القاضي، وحمايته من العزل إلا لأسباب معينة، فذلك كله يشكل ضمانة قوية لرقابة القضاء على أعمال الإدارة وشرعية القوانين.
5 -
نظام التولية في الإسلام والقائم على ركني القوة والأمانة.
6 -
التشريع الإلهي الذي يخضع له كافة المسلمين حكاما ومحكومين وما يتضمنه من حقوق وواجبات، أو ما يمكن تسميته بسيادة القانون الإلهي، مما يشكل ضمانا للعدل والمساواة بين الناس.
7 -
الشورى.
8 -
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (1) .
(1) د. منير حميد البياتي، الدولة القانونية والنظام السياسي، ص 499 - 546، ابن تيمية، السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، ص 19 - 20، دار الكتاب العربي. أبو الأعلى المودودي، الحكومة الإسلامية، ص 51، طبعة أولى، 1397 هـ، المختار الإسلامي، القاهرة.