الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرشيد شؤون الدولة، حيث قال له:" وقد فوضت إليك أمر الرعية، وخلصت ذلك من عنقي وجعلته في عنقك، فول من رأيت واعزل من رأيت "(1) .
وتشبه وزارة التفويض هذه منصب رئيس مجلس الوزراء في العصر الحديث.
ثم إن الدولة العباسية كذلك، عرفت نظام اللامركزية في نظام الوزارة، وذلك من خلال وجود وزراء في الأقاليم يتبعون لوالي الإقليم كما يتبع وزراء الدولة للخليفة.
وتطورت الوزارة في الدولة الإسلامية، فنجد مثلا في الأندلس أن معنى الوزارة مطابق لمعناها المعروف في العصر الحديث، حيث يستقل الوزير بمرفق من مرافق الدولة مع وجود رئيس للوزراء يسمى حاجبا (2) .
فنظام الوزارة في الدولة الإسلامية - بتطوره الذي مر - يعتبر من الوقائع الدستورية المستجدة في العهود الإسلامية بعد عصر الخلافة الراشدة، وهو يدخل ضمن نطاق الوقائع الدستورية بمعنى الدستور الخاص أو الفني التي تعتبر أحكاما متغيرة تتغير بتغير الزمان والمكان، وقد تكون عرفا دستوريا في بعض العصور.
[الدستور غير المدون]
ثالثا: الدستور غير المدون: استمر العرف الدستوري الذي استقر في دولة الخلفاء الراشدين بعدم وجود دستور مكتوب، طيلة حكم الدولة الأموية والعباسية والدول المتتابعة وشطرا من عهد الدولة العثمانية، حيث استمر العمل طيلة هذه
(1) ابن كثير، البداية والنهاية، ص 184 جـ 10.
(2)
ظافر القاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ، ص 406 - 472، جـ1، طبعة أولى 1394هـ، دار النفائس ببيروت.
العهود بناء على القواعد الدستورية في القرآن الكريم، والسنة النبوية، والسوابق الدستورية، والاجتهاد فيما يستجد من الوقائع، التي تؤسس مجتمعة الكيان القانوني أو الشرعي للهيئات الحاكمة في الدولة الإسلامية، وتحدد الإطار القانوني لنشاط تلك الهيئات، إضافة إلى بيان تفصيلي للحقوق والحريات (1) .
ويضاف إلى تلك القواعد الدستورية ما يصدر عن الخلفاء من كتب ومواثيق إلى الوزراء والولاة وأمراء الأجناد والقضاة، مما يتعلق بمواضيع الدستور، فمن مجموع القواعد الأصلية في القرآن والسنة، والسوابق الدستورية، والاجتهاد في الوقائع، والوثائق الدستورية، يتكون دستور غير مدون ويختلف في تفصيلاته من عهد إلى عهد، فالتطبيقات في عصر الدولة الأموية ليست كالتطبيقات في الدولة العباسية، وهي غيرها في الدولة العثمانية، بل وحتى في عصر دولة واحدة قد تختلف التطبيقات باختلاف الزمن والوضع الدستوري، ففي عهد الدولة الأموية مثلا نجده يختلف في عصر عمر بن عبد العزيز رحمه الله عن غيره من الخلفاء، فلكل زمن تطبيقاته الدستورية المتكيفة مع الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لهذا الزمن.
وسبق القول: إن تدوين الدستور وعدم تدوينه ليس له تأثير على قانونية الدولة، فالمهم هو وجود القواعد الدستورية والعمل بها، دون النظر إلى كونها مجموعة في وثيقة واحدة أو متفرقة في عدة وثائق، أو أعراف دستورية أو غير ذلك (2) .
(1) د. منير البياتي، الدولة القانونية والنظام السياسي الإسلامي، ص 71.
(2)
المرجع السابق، ص 68، ص 51.