المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المكاتبات والعهود مع القبائل العربية حتى صلح الحديبية] - الإسلام والدستور - جـ ١

[توفيق بن عبد العزيز السديري]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة الكتاب]

- ‌[الباب الأول تعريفات ضرورية]

- ‌[الفصل الأول القانون]

- ‌[المبحث الأول تعريف القانون]

- ‌[المبحث الثاني ضرورة وجود القانون]

- ‌[المبحث الثالث تقسيمات القانون]

- ‌[المبحث الرابع فروع القانون]

- ‌[فروع القانون العام]

- ‌[فروع القانون الخاص]

- ‌[الفصل الثاني الدستور]

- ‌[المبحث الأول تعريف الدستور]

- ‌[المبحث الثاني أنواع الدساتير]

- ‌[المبحث الثالث أساليب نشأة الدستور وتطوره في العصر الحديث]

- ‌[المبحث الرابع أساليب نهاية الدستور]

- ‌[المبحث الخامس مصادر الدستور]

- ‌[المبحث السادس مقومات الدستور الأساسية]

- ‌[الفصل الثالث الدولة]

- ‌[المبحث الأول تعريف الدولة]

- ‌[المبحث الثاني أركان الدولة]

- ‌[المبحث الثالث مقومات الدولة القانونية وضمانات تحقيقها]

- ‌[المبحث الرابع أنواع الدول]

- ‌[الباب الثاني الدستور في الإسلام]

- ‌[الفصل الأول مسائل رئيسية في موضوع الدستور في الإسلام]

- ‌[المبحث الأول‌‌ تعريف الدستور في الإسلاموتدوينه وأساليب نشأته ونهايته]

- ‌ تعريف الدستور في الإسلام

- ‌[تدوين الدستور في الإسلام]

- ‌[أساليب نشأة الدساتير في الإسلام ونهايتها]

- ‌[المبحث الثاني مصادر الدستور في الإسلام]

- ‌[القرآن الكريم هو المصدر الرئيسي للتشريع]

- ‌[المصدر الثاني للتشريع السنة النبوية]

- ‌[الإجماع المصدر الثالث للتشريع في الإسلام]

- ‌[المصدر الرابع من مصادر التشريع الإسلامي الاجتهاد]

- ‌[المبحث الثالث خصائص الدستور في الإسلام]

- ‌[الفصل الثاني تطبيقات دستورية في التاريخ الإسلامي]

- ‌[المبحث الأول تطبيقات دستورية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الدولة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[نماذج من التطبيقات الدستورية في العهد النبوي]

- ‌[بيعتا العقبة]

- ‌[الوثيقة الدستورية التي وضعها الرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[المكاتبات والعهود مع القبائل العربية حتى صلح الحديبية]

- ‌[المكاتبات والعهود مع الملوك خارج جزيرة العرب]

- ‌[الاتفاقيات مع اليهود والنصارى]

- ‌[وقائع الشورى]

- ‌[إعلان الحرب]

- ‌[وقائع دستورية متفرقة]

- ‌[المبحث الثاني تطبيقات دستورية في عهد الخلفاء الراشدين]

- ‌[عدم تدوين السنة]

- ‌[الخلافة والبيعة]

- ‌[الخطابات والعهود]

- ‌[التجديدات الإدارية]

- ‌[التنظيمات العسكرية]

- ‌[لقب رئيس الدولة]

- ‌[المبحث الثالث وقائع دستورية في العهود الإسلامية الأخرى]

- ‌[رئاسة الدولة]

- ‌[نظام الوزارة]

- ‌[الدستور غير المدون]

- ‌[البلاد الإسلامية وتدوين الدستور في العصر الحديث]

- ‌[الدستور التونسي]

- ‌ الدستور العثماني

الفصل: ‌[المكاتبات والعهود مع القبائل العربية حتى صلح الحديبية]

12 -

نصت الوثيقة على عدم جواز إبرام الصلح المنفرد مع أعداء الأمة، كما في الفقرة رقم (18) .

13 -

نصت الوثيقة على مبادئ غير سياسية أو غير دستورية أصلا، وذلك لإعطائها أهمية ومكانة، ولإلزام أطراف هذه الوثيقة بالنزول على حكمها، وذلك لإعطائها سمو ومكانة ليست لأحكام القانون العادي، ولمنحها شيئا من الثبات، وذلك لأهميتها حين وضع الوثيقة، كما في الفقرات (23) ، (24) ، (46) ، (26) ، فهذا أمر متعارف عليه حاليا في الدساتير الحديثة.

14 -

أبقت الوثيقة على بعض الأعراف القديمة، التي كان العرب متعارفين عليها قبل الإسلام كما في الفقرات (3) وما بعدها فنشؤ الدولة الإسلامية لم يؤد إلى الإلغاء لوظائف القبيلة الاجتماعية، ذلك أنها لم تكن شرا كلها (1) .

والحقيقة أن هذه الوثيقة جاءت واضحة في نصوصها على غير مثال سبقها، وشملت نصوصها أغلب ما احتاجته الدولة الناشئة في تنظيم شؤونها السياسية، وتتضح دقة صياغة هذه الوثيقة، من خلال النظر في نصوص المعاهدات الدولية، والدساتير في العصر الحديث، وما تثيره نصوصها من خلاف في المعنى والتطبيق (2) .

[المكاتبات والعهود مع القبائل العربية حتى صلح الحديبية]

3 -

المكاتبات والعهود مع القبائل العربية حتى صلح الحديبية: تعتبر المعاهدات بين دولتين أو أكثر أو بين دولة وطرف آخر من الأمور الدستورية، كما هو مستقر في القانون الدستوري المعاصر.

(1) د. منير البياتي، الدولة القانونية والنظام السياسي الإسلامي، ص 72 - 73. محمد العوا، في النظام السياسي للدولة الإسلامية، ص 54، 56، 57، 58، 59.

(2)

محمد العوا، في النظام السياسي للدولة الإسلامية، ص 58، 59.

ص: 128

ففي الدولة الإسلامية الأولى، سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلال العام الأول للهجرة إلى إقرار الأمن والنظام في المدينة، وبعد أن نجح في ذلك توجه نظره خارج المدينة، حيث قريش عدو الإسلام الأول، فكان أن بدأ بإعلان قريش عدوا لدولة المدينة وحرم أي تعامل معها، حيث بدأ بإرسال سلسلة من الحملات العسكرية غرضها قطع الطريق، على قوافل مكة وهي في طريقها من الشام، وبالإضافة إلى ذلك سعى إلى عزل قريش سياسيا، وذلك بعقد معاهدات دفاعية مع القبائل المحيطة بالمدينة، والتي تخترق قوافل قريش أراضيها، فكسبت الدولة الإسلامية إلى جانبها في السنوات الأولى من الهجرة، عددا من القبائل (1) وهي بني ضمرة (2) وجهينة (3) وخزاعة (4) وغفار (5) وأسلم (6) وتضمنت هذه المعاهدات نصوصا بعدم الاعتداء من أي طرف على آخر، والأمن على الأنفس والأموال.

ومن تلك المعاهدات، معاهدة بني ضمرة، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار في أول غزواته حتى بلغ ودان (7) وهي غزوة الأبواء (8) يريد قريشا وبني ضمرة، فوادعته قبيلة بني ضمرة، وكان الذي عاهده منهم سيدهم مخشى بن عمرو الضمري (9) وكتبت هذه المعاهدة

(1) عون الشريف قاسم، دبلوماسية محمد، ص 29.

(2)

بني ضمرة: بالفتح هم بني بكر بن عبد مناة بن كنانة.

(3)

جهينة: قبيلة تسكن سيف البحر الأحمر وأرضيهم معبرا للقوافل المتجهة للشام.

(4)

خزاعة: قبيلة تقيم بمر الظهران مسيرة يوم من مكة، وبعض زعمائهم يتمتعون بمراكز مرموقة في مكة مثل بديل بن ورقاء، وبين هذه القبيلة وقريش عداء قديم.

(5)

غفار: قبيلة صغيرة قريبة من المدينة.

(6)

أسلم: فرع من قبيلة خزاعة.

(7)

ودان: بفتح الواو وشد المهملة قرية من أمهات القرى من عمل الفرع وقيل: واد على الطريق، يقطعه المصعدون من حجاج المدينة.

(8)

الأبواء: قرية من عمل الفرع، بينها وبين الجحفة من جهة المدينة (33) ميلا.

(9)

سيرة ابن هشام، جـ1، ص 591.

ص: 129

على شكل كتاب جاء فيه (بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله لبني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، بأنهم آمنون على أموالهم وأنفسهم وأن لهم النصر على من دهمهم بظلم وعليهم نصر النبي، ما بل بحر صوفه (1) إلا أن يحاربوا في دين الله، وأن النبي إذا دعاهم لنصره أجابوه عليهم بذلك ذمة الله وذمة رسوله ولهم النصر على من بر منهم واتقى) (2) .

هذا الكتاب يقر أمورا دستورية هي: الأمن على الأموال، والأنفس، والنصر في مواجهة العدو، ونصر هؤلاء الحلفاء في حالة الاعتداء عليهم وهو ما يسمى اليوم بمعاهدة الدفاع المشترك، أو الحلف الدفاعي.

ومن المعاهدات المهمة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية، الذي حدث بين الرسول صلى الله عليه وسلم وقريش، وذلك حين قدم من المدينة معتمرا، لا يريد حربا، وساق معه الهدي، لكن قريشا ذعرت من هذا الزحف المباغت من المسلمين، وفكرت بجد في منع المسلمين من دخول مكة مهما كلف الأمر؛ لأنها رأت أن دخول المسلمين مكة واعتمارهم بعد كل ما وقع بينهم من حروب ودماء سيؤدي إلى نزع مهابتها من قلوب الناس، وفي الوقت نفسه عرفت قريش أن قتالها للمسلمين لردهم عن البيت ليس لها فيه حجة أمام نفسها وأمام أحلافها، لا سيما وأن المسلمين لا يريدون حربا؛ لذلك سيرت قريش الوسطاء يفاوضون الرسول صلى الله عليه وسلم لعلهم ينتهون معه إلى مخلص من هذه الورطة (3) إلى أن انتهى الأمر بأن بعثت قريش سهيل بن عمرو (4)

(1) صوف البحر مثل الصوف الحيواني والمعنى هنا من المبالغة في لزوم النبي.

(2)

عون الشريق قاسم، دبلوماسية محمد، ص 245، قسم النصوص.

(3)

محمد الغزالي، فقه السيرة، ص 351 - 352، طبعة سابعة 1976م، دار الكتب الحديثة، مصر.

(4)

هو سهيل بن عمرو أخو بني عامر بن لؤي.

ص: 130

حيث تكلم مع الرسول صلى الله عليه وسلم وأطال الكلام وتراجعا، ثم جرى بينهما الصلح، وتم بعد ذلك تدوين المعاهدة بين المسلمين وقريش، يمثل الدولة الإسلامية قائدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويمثل قريش سهيل بن عمرو وكانت صيغة المعاهدة المتفق عليها ما يلي:

(هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو، اصطلحا على وضع الحرب بين الناس عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض، على أنه من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليه رده عليهم ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردوه عليه: وأن بيننا عيبة مكفوله (1) وأنه لا إسلال ولا إغلال (2) وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل عقد قريش وعهدهم دخل فيه، فتواثبت خزاعة فقالوا: نحن في عقد محمد وعهده، وتواثبت بنو بكر فقالوا: نحن في عقد قريش وعهدهم، وإنك ترجع عامك هذا فلا تدخل علينا مكة، وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فدخلتها بأصحابك فأقمت بها ثلاثا معك سلاح الراكب، والسيوف في القرب لا تدخلها بغيرها (3) .

يستنتج من هذه المعاهدة وضوح الرؤية السياسية لدى الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أتى أمرا قد يرى في ظاهره مخالفة للتوجه الديني، والدليل أن بعض الصحابة قد دهش لملاينة الرسول صلى الله عليه وسلم لأعدائه وكان الأولى القسوة، ثم إنه لم يستشر أصحابه في شأن المعاهدة، ولكن بعد نظر الرسول صلى الله عليه وسلم وترجيحه للمصلحة الأكبر وامتثاله لأمر ربه، حيث أوحى الله إليه بفعل ذلك، كل

(1) أي أن تكف عنا ونكف عنك فلا تكون بيننا عداوة.

(2)

الإسلال: السرقة الخفية، والإغلال الخيانة.

(3)

ابن كثير، البداية والنهاية، ب 4، ص 190 - 191.

ص: 131