الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يا من خلق الخلائق وابدع الطرائق وأظهر هذا العالم وجمل هذا الوجود بإيجاد بني آدم أحمدك اللهم وأنت أهل للمحامد على أفضالك المتوالي الترائد وأشكرك أن خلقت الأوصاف العالية والمناقب الغالية ونسبتها لمن اخترته من عبيدك وأوليته من آلائك ومزيدك فضلاً منك وكرماً يقصر عن وصفهما السن الجهابذة العلماء وأصلي وأسلم على نبيك الأعظم ورسولك الأفخر الأفخم سيد العالمين والمرسل إلى كافة الناس أجمعين المنزل عليه في الكتاب المبين وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما تثبت به فؤادك وجاءك في هذا الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين وكان صلى الله عليه وسلم وزاده فضلاً وشرفاً ورفعة لديه كثيراً ما يذكر لاصحابه أخبار من مضى من الأمم ليسلكوا بذلك الطريقة المثلى والطريق الأمم فنتوجه اللهم إليك به أذهو الوسيلة العظمى لمن استمسك بسببه أن تصلي عليه وتسلم صلاة وسلاماً يليقان برفيع جنابه الأقدس ويناسبان رفعة مقامه الأنفس وعلى آله وأصحابه واتباعه وأحزابه الذين هم خير الناس بعده وأقرب المقربين عنده الذين به حووا أشرف المناقب وعلوا بالأنتساب إليه أرفع المراتب فتتوجت بذكرهم التراجم والتواريخ وصار ميزان اعتدال صفتهم في المقام المليح أشرف الضوء اللامع من كواكبهم
السائرة وبدت دررهم الكامنة تتحلى منهم بالبدور السافرة عد اللهم عليه وعليهم بجميع تحياتك وسائر تسليماتك ابد الآبدين ودهر الداهرين ما تحركت الأقلام بنشر فضائل الأئمة أو جالت البنان في ذكر الماضين من الأمة أما بعد فيقول سيدنا ومولانا العلامة وسندنا وعمدتنا الفهامة شيخ مشايخ الاسلام حلال مشكلات الأنام عمدة الخاص والعام جامع أشتات المعارف والفهوم والمحلى جيد المنطوق بحلى المفهوم السيد الشريف والسند الغطريف الأديب الشاعر والناظم الناثر صدر الدنيا والدين أبو الفضل السيد محمد خليل أفندي ابن المرحوم السيد علي أفندي الاستاذ القلب بهاء الدين محمد أفندي المرادي البخاري الدمشقي النقشبندي مفتي السادة الحنفية بدمشق المحمية لا زال غدق الرحمة حافاً بمرقده الشريف وكامل الرضوان محيطاً بضريحه المنيف إني لم أزل منذ أميطت عني التمئم ونيطت بي العمائم شغفا بمطالعة أخبار الأخيار مولعاً بجمع آثار الفضلاء من نظام ونثار مكباً على الكتب التاريخية منهمكاً في جمع الدوأوين الاخبارية تدعوني إلى ذلك غيرة الفضل كل أونة ويحثني عليه حمية الأدب فنطرد عن عيوني عيون السنة فكنت أصرف في عكاظ المطارحات ذلك نقد عمري وأخباء درر الآثار في خزائن فكري علماً مني بأن علم التاريخ والأخبار ونقل المناقب وحفظ الآثار أمر مهم عظيم وشيء خطره جسيم طالما صرف فيه المحدثون أوقاتهم وحلوا بزينته ساعاتهم وضربوا فيه آباط الابل للبلاد النائية وتحملوا في جمعه المشاق للأماكن القاصية وقد ألف فيه الكبار من العلماء المؤلفات العديمة المثل لان العمدة في نقل أصول الدين على الجرح والتعديل وقد ورد فيه ما يحث كل طالب على طلبه ويحرض كل راغب على مطالعة كتبه من ذلك ما قصد الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم في القرآن العظيم والكلام القديم من ذكر الرسل والأنبياء والسادة النبلاء الأنقياء وما وقع لهم مع أممهم وما أبدوه من حلمهم وحكمهم وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله انزلوا بالناس منازلهم وقوله في كل قرن من أمتي سابقون رواه الترمذي في جامعه المصون وقوله صلى الله عليه وسلم مثل أمتي مثل المطر لا يدري أوله خير أم آخره رواه الحافظ القاسم الطبراني في معجمه الكبير وكان صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يحدث أصحابه بقصص وأخبار عمن مضى ويحمض صلى الله عليه وسلم بذلك حتى لا يعتري الكلال ما في همتهم من المضا وكلمات السلف والخلف في ذلك أشهر من الشمس والنبراس وأكثر من أن تحصى
أو تحصر بقياس من ذلك ما ذكره العلامة أبو حيان في وصيته لأولاده بقوله وعليكم بمطالعة التواريخ فإنها تلقح عقلاً جديداً ولله در القاضي ناصح الدين الأرجاني حيث يقول
إذا عرف الإنسان أحوال من مضى
…
توهمته قد عاش من أول الدهر
وتحسبه قد عاش آخر دهره
…
إلى الحشران أبقى الجميل من الذكر
فقد عاش كل الدهر من كان عالماً
…
كريماً حليماً فاغتنم أطول العمر
وقد لخص هذه الأبيات شيخ الاسلام البدر محمد ابن الغزي العامري بقوله
ومن عرف التاريخ أخبار من مضى
…
وخلف علماً أو جميلاً من الذكر
كمن عاش كل الدهر بالعز فاغتنم
…
بعلم وجود في الدنا أطول العمر
ثم رأيت للارجاني أيضاً قوله
بالفكر في الأمم الماضين تحسبه
…
كأنما عاش فيهم تلكم المددا
والذكر في الأمم الماضين ضيره
…
كأنما هو موجود وما فقدا
فليس الأعلى ذا الوجه أن نظروا
…
يصح معنى لقول المرء عش أبدا
ولما كان هذا العلم بهذه المثابة العظمى والمنزلة الرفيعة العليا ولم أر من ترجم أهل قرن الثاني عشر من هجرة خير البشر مع ما انطووا عليه من الفضائل وحووه من شرف الشيم وشريف الشمائل عن لي أن أسلك هاتيك المسالك وأكون في سبيل المؤرخين سالك فجمعت هذا التاريخ اللطيف الكامل في التعريف بحال الشخص والتوصيف واجتمع عندي جملة من الرحلات والأثبات والتراجم مع كثرة التنقير والتفحص الكثير والأخذ من الأفواه شفاها وبالمكاتبات إلى البلدان التي كنت لست أراها فكان عندي رحلة الوجيه عبد الرحمن بن محمد الذهبي ورحلة مؤرخ مكة الشيخ مصطفى بن فتح الله الحموي والنفحة للأمين المحبي وذيلها للشمس محمد المحمودي وثبت العلامة الشمس محمد بن عبد الرحمن الغزي العامري المسمى لطائف المنة وتذكرته الأدبية ورحلة الأستاذ الشيخ عبد الغني النابلسي الكبرى والصغرى الحجازية والقدسية وغير ذلك من المشيخات والمعاجم والأثبات مما يحتج به فلا يحتاج إلى برهان واثبات وحين تم جمع درره وتفويف حبره سمينه أخبار الاعصار في أخيار الأمصار ويليق أيضاً أن يسمى سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر والله اسأل فيه الحفظ عن الخطأ والخطل والتوفيق للصواب في القول والعمل أنه على ما يشاء قدير وبإجابة سائله حقيق وجدير وقد رتبته على