المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وأنتفعت به الطلبة وله من التآليف نظم عقيدة السنوسي الصغرى - سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر - جـ ١

[محمد خليل المرادي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌حرف الهمزة

- ‌إبراهيم الخلوتي

- ‌إبراهيم الكوراني

- ‌إبراهيم الصالحاني

- ‌أمين الفتوى

- ‌إبراهيم بن سليمان الجينيني

- ‌إبراهيم بن صاري حيدر

- ‌إبراهيم الحافظ

- ‌إبراهيم المعروف

- ‌البهنسي

- ‌إبراهيم الحكيم

- ‌إبراهيم بن طوقان

- ‌إبراهيم الميداني

- ‌إبراهيم القرا حصاري

- ‌إبراهيم الأطلسي

- ‌إبراهيم الرومي

- ‌إبراهيم السفرجلاني

- ‌إبراهي الدكدكجي

- ‌إبراهيم بن حمزة

- ‌إبراهيم النحشي

- ‌ابراهيم المرادي

- ‌إبراهيم بن سفر

- ‌إبراهيم بن محمد الرومي

- ‌إبراهيم الراعي

- ‌إبراهيم بن مصطفى الحلبي

- ‌إبراهيم بن سعد الدين

- ‌إبراهيم بن سعد الدين

- ‌إبراهيم المعروف

- ‌فندق زاده

- ‌إبراهيم صره أميني

- ‌إبراهيم بن أشنق

- ‌إبراهيم الزبال

- ‌إبراهيم بن عاشور

- ‌أبو بكر الجزري

- ‌أبو بكر الموروي

- ‌أبو بكر باشا

- ‌أبو بكر العلبي

- ‌أبو بكر الحلبي

- ‌أبو بكر بن بهرام

- ‌أبو الإسعاد بن أيوب

- ‌أبو بكر القواف

- ‌أبو بكر ابن عراق

- ‌أبو بكر الدسوقي

- ‌أبو بكر بن مصطفى باشا

- ‌أبو بكر ابن قنصه

- ‌أبو بكر الدراقي

- ‌أبو الذهب محمد بيك

- ‌أبو السعود الكواكبي

- ‌أبو السعود بن يحيى المتنبي

- ‌أبو الصفا المفتي

- ‌أبو السعود الخلوتي

- ‌أبو الفتح العجلوني

- ‌أبو المكارم بن حبيب

- ‌أبو المواهب الحنلي

- ‌السيد أبو المواهب العرضي

- ‌أبو يزيد الحنفي

- ‌أبو يزيد الحلبي

- ‌أحمد الرسمي

- ‌أحمد الجبالي

- ‌أحمد الحرستي

- ‌أحمد مغلباي

- ‌أحمد الأركلي

- ‌أحمد البسطامي

- ‌أحمد الكردي

- ‌أحمد الخالدي

- ‌أحمد الكيواني

- ‌أحمد الدمشقي

- ‌أحمد بك دست

- ‌أحمد بن رمضان

- ‌أحمد بن النقطه

- ‌أحمد بن سراج

- ‌أحمد المحاسني

- ‌أحمد بن سوار

- ‌أحمد الوراق

- ‌أحمد العلمي

- ‌أحمد الملوي

- ‌أحمد الدمنهوري

- ‌أحمد الغزي

- ‌أحمد بن عبد اللطيف العمري

- ‌السيد أحمد التونسي

- ‌السيد أحمد البيروتي

- ‌أحمد المنيني

- ‌أحمد السعيد المرادي

- ‌أحمد المدني

- ‌أحمد النفرأوي

- ‌أحمد الأسقاطي

- ‌أحمد البكري

- ‌أحمد العكي المعروف ببطحيش

- ‌أحمد شاكر الجكواتي

- ‌أحمد الصيدأوي

- ‌السيد أحمد الفلاقنسي

- ‌أحمد الحلوي

- ‌أحمد بن سويدان

- ‌أحمد المقدسي

- ‌أحمدالزهيري

- ‌أحمد الأدهمي

- ‌أحمد السجان

- ‌أحمد الشراباتي الحلبي

- ‌أحمد النخلي

- ‌أحمد الغزي

- ‌أحمد الراشدي

- ‌السيد أحمد الصمادي

- ‌أحمد الموقت

- ‌أحمد الكواكبي

- ‌أحمد السابق

- ‌أحمد الخليفي

- ‌أحمد السلامي ابن أغري يبوزي

- ‌أحمد المهمنداري

- ‌أحمد الباقاني

- ‌أحمد البهنسي

- ‌أحمد الكجي

- ‌أحمد النحلأوي

- ‌أحمد البقاعي

- ‌الشيخ أحمد العاني

- ‌الشيخ أحمد الأكرمي

- ‌الشيخ أحمد الأحمدي

- ‌الشيخ أحمد الشاملي

- ‌أحمد الراشدي

- ‌أحمد الحلبي

- ‌أحمد سكوني

- ‌أحمد التركماني

- ‌أحمد العقربأوي

- ‌أحمد الدومي

- ‌أحمد الجعفري

- ‌أحمد القطان

- ‌السيد إسحق الكيلاني

- ‌السيد إسحق المنير

- ‌إسحق البخشي

- ‌إسحق أفندي منلاجق زاده

- ‌أسعد الإسكداري

- ‌أسعد الحرستي

- ‌أسعد البكري

- ‌السيد أسعد المنير

- ‌أسعد بن عابدين

- ‌أسعد الإيراني

- ‌الشيخ أسعد المجلد

- ‌أسعد أفندي العبادي

- ‌أسعد الطويل

- ‌أسعد المالكي

- ‌الشيخ إسماعيل المنيني

- ‌لشيخ إسماعيل بن الشيخ أيوب

- ‌إسماعيل المحاسني

- ‌القاضي أسعد الوفائي

- ‌إسماعيل الإيجي

- ‌إسماعيل الرومي

- ‌الشيخ إسماعيل الاسكداري

- ‌إسماعيل اليازجي

- ‌الشيخ إسماعيل بن الشيخ عبد الغني

- ‌قدس سره

- ‌الشيخ إسماعيل الحايك

- ‌إسماعيل أفندي القونوي

- ‌الشيخ إسماعيل العجلوني

- ‌إلياس الكردي

- ‌أويس الصيداوي

الفصل: وأنتفعت به الطلبة وله من التآليف نظم عقيدة السنوسي الصغرى

وأنتفعت به الطلبة وله من التآليف نظم عقيدة السنوسي الصغرى وشرحها وتوفى بالمدينة المنورة سنة أربع وثلاثين ومائة وألف ودفن بالبقيع

‌أحمد الأركلي

أحمد بن إبراهيم الاركلي الحنفي نزيل المدينة المنورة الشيخ الفاضل الطبيب المقري الصالح ولد سنة عشر ومائة وألف وكان يطالع في كتب الطب كثيراً وله في ذلك كتابات كان يكتبها على هامش كتبه في الطب وله من التآليف شرح على الشمائل ومقامات ضاهى بها مقامات الحريري توفي بالمدينة المنورة سنة اثنين وستين ومائة وألف ودفن بالبقيع

‌أحمد البسطامي

أحمد بن أمين الدين البسطامي الشافعي الشيخ الفاضل الفقيه الفرضي صدر الديار النابلسية قرأ القرآن العظيم على خاله الشيخ عبد الحق الاخرمي وتفقه عليه وحصل له الفضل التام ولما توفى عمه السيد حسن المفتي بنابلس تولى افتاء الشافعية وتصدر للافادة وألف مؤلفات نافعة منها شرح البردة للابوصبري وشرح الأربعين النووية وجمع كتاباً في المواعظ سماه المناهج البسطامية في المواعظ السنية ولم يزل على حالته المرضية إلى أن توفي سنة سبع وخمسين ومائة وألف رحمه الله تعالى ورحم من مات من المسلمين

‌أحمد الكردي

أحمد بن الياس الملقب بالارجاني الصغير أو بالقاموس الماشي الشافعي الكردي الأصل الدمشقي الشاعر المفلق اللغوي الماهر كان فاضلاً محققاً فطناً بارعاً متوقد الذهن والفكر وكان والده كردياً من نواحي شهرزور قدم إلى دمشق وتولى خطابة خان قرية النبك وتزوج بامرأة من القرية المذكورة وأولدها عدة بنين وبنات ولد في ابتداء هذا القرن وقرأ على والده بعض مقدمات على مذهب الإمام الشافعي وحبب له الطلب فرحل لدمشق ونزل بمدرسة السميساطية وقرأ على المجأورين بها وأكثر على استاذه الشيخ أحمد المنيني وبه تدرب وصار طبا خافي المدرسة المرقومة غير أنه كان يناضل في الائتقاد ويساهم في الاعتقاد ولم يزل في ضنك من العيش ولم نحل حركاته من طيش وحصلت منه هفوة حمله الجمق بسببها على أنه أقربها لدى الشرع وخشى

ص: 82

من إقامة الحد عليه وكان ذلك بإغراء أحد أعيان دمشق فخرج منه خائفاً وقصد مدينة اسلامبول دار الملك واختص ببعض أركان الدولة وأمن من زمانه تلك الصولة فجعله في خلوته نديم مرامه واختلس برهة التيه ونسى ما كان فيه ومشى مشبة لم يكن ورثها عن أبيه فما استقام حتى نكص على عقبه لزلة قدمها ففارقها وفي النفس منها ما فيها وقدم طرابلس الشام وتزوج بها واستقام وحصل له بعض وظائف ولبث هناك برهة من الأيام ثم قصد وكنه الأصلي ولم يجعله مقره ولا سكنه ثم توجه تلقاء مصر فأحله واليها الوزير الفريد الصدر الوحيد محمد باشا الشهير بالراغب في أسنى المراتب وامتدحه بقصيدة وهي قوله

هذي مناي بلغتها لأوانها

فالحمد للافلاك في دورانها

الآن قرت بالتواصل أعين

طال اغتراب النوم عن أجفانها

كم بت في ليل الفراق مردداً

بيتاً يسلى النفس عن أشجانها

يا ليت شعري هل أرا منشداً

دهما نبذ الدرهم يوم رهانها

النيل أيتها السفين فليس لي

في فارس ارب ولا أرجانها

فترشفي من ثغر دمياط المنى

لأظل ذاك الشعب من بوانها

من فوق حماء القرا نوحية

تثنى بصنعتها على سفانها

وجناء لارعى الغضا من همها

يوماً ولا ورد إلا ضامن شانها

سارت فشقت من خضارة أزرقا

شق الثكول السود من قمصانها

وتعسفت أمواج يم مترع

كالأيم إذ تنساب من كثبانها

هندية في الماء ألقت نفسها

والهند تلقي النفس في نيرانها

زنجية غنت لها ريح الصبا

فغدت تجيد الرقص في أردانها

تمشي على الدأماء فعل ولية

وتطيع جهر أعابدي صلبانها

دار متى فتحت تلافي هلكها

سكانها أسرى يدي سكانها

أفتلك فتخاء الجناح تصوبت

م الجو فهي تسف في طيرانها

أم عرمس هوجاء مهما راعها

صوت الرياح تجد في ذملانها

أم مومس ورهاء ليس يليقها

بعل ولا تأوى إلى أوطانها

أم تلك من سرب المها وحشية

نشأت خلال الماء مع حيتانها

آلت على أن لا تقر بمرفأ

والبر كل البر في أيمانها

أو تجلعن من نيل مصر ورودها

عللاً وتمضي بعد ذاك لشانها

ص: 83

وهناك نسلمها إلى أخواتها

اللائي غدت تمشي على آسانها

فتظل بين الموجتين شوارعا

في النيل سبق الخيل في ميدانها

تنفك تحدوها الشمال فإن ونت

عنها ظللن يقدن في أرسانها

تسمو لتنظر قلعة الجبل التي

تجلو بطلتها صدا أحزانها

وإذا أدار الصحب ذكرى راغب

طارت هوى وعصت على ربانها

المشتري طيب المحامد بالبهي

ويرى قليلاً ذاك في أثمانها

والتارك الماضين من أسلافه

خير محته الناس من أذهانها

هو كعبة الوزراء إن بصرت به

بدرت إلى التقبيل من أركانها

أزرى بإنشاآته الكتاب بال

لسن الثلاث فإذ عنو لبيانها

والعرب لو تر مثله لم تفتخر

في قسها يوماً ولا سحبانها

فخر الدولة آل عثمان بمن

هو كالفريدة من عقود جمانها

فيمثله أنتظمت ممالك ملكها

وبرأيه وثقت عرى سلطانها

كم راغب في أن يكون كراغب

وأرى المواهب في يدي منانها

والاسم في الوزراء مشترك ول

كن ما عتاق الخيل مثل هجانها

فإن اغتد وأوزر النصرة دولة

فهو الشباة لسيفها وسنانها

حاطت مهابته الممالك قاعداً

كالبيض ترهب وهي في أجفانها

حتى تسأوى خصبها والأمن من

أرض العريش لمنتهى أسوانها

من بعد ما كأنت مصاعب بفيها

في السوح منها ملقيات جرانها

وتبيغت فيها دماء فسادها

دهراً فكان البرء في سيلانها

لم أدر مرهف عضبه أمضى إلى

الأعداء أم يده إلى احسانها

أبد له لم أنس نائلها وهل

تنسى الغيوم الغر في تهتانها

وخلائقاً مثل الرياض يزينها

صدح العلوم له على أفنانها

يا أيها الدستور والشهم الذي

ألقت إليه أولوا النهي بعنانها

وأخا الصوارم كالبروق كلاهما

يعلو الرءوس فهن من إخوانها

لم أقصر التمداح فيك وانما ال

بئر النزوع قصرت من أشطانها

ضمنك مصر ضم مشتاق إلى

مرأى علاك وشبكت ببنانها

ولطالما سمعت بأنك واحد ال

دنيا فصدق حدسها بعيانها

فافخر بها أعلى المناصب انها

تخت الملوك الصيد في سلطانها

ص: 84

بهرام سيفك في الرقاب وأنت في

أعلى سماء العز في كيوانها

ولما آب لوطنه الثاني فائزاً من رغائب الراغب بما هو أطرب من هزج المثاني كتب بها إلى شيخه أحمد المنيني وكتب معها ما هذه صورته

ربما خطب ببال سيدي أن يسال عن عبده الأقدم وسهم كنأنته الاقوم من حطه وترحاله وتلاعب الدهر بأحواله ليجدد ربوع العهود الدوارس ويضئ ليالي تفرقنا الدوامس فأخبرها إني امتطيت الدهماء وخبطت بها الدأماء في عشري ربيع الثاني من سنة ألف ومائة وإحدى وستين حتى وردنا النيل في أواخر جمادي الأولى من هذه السنة ودخلنا القاهرة المعزية واجتمعنا بمولانا الوزير ذوي القدر الخطير راغب باشا وكنت وأنا في البحر قد بغمت بأبيات في وصف السفينة وتخلصت إلى مدحه فأنشدته إياها كما واجهته فانبسط إليها وأذن وهو بنقد أمثالها قمن والقصيدة المذكورة كتبت لكم إياها في صفحة هذا الطرس وضمخت تلك العروشة بمسك هذا النقس وإنما جلوتها عليكم وزففتها إليكم لما عساكم أن تسايلوا الركبان وتستخبروا كل نوتى وربان ما فعل تلميذنا القديم وصديقنا الحميم وهل بقي له في طرابلس شعراَ وشعور أم جرت عليه اذبالها الدهور وهل خمدت نار فهمه أو فل غرار عزمه وحزمه سيدي والقصيدة ليست تصلح للعرض عليكم ولا أن تتلى بين يديكم ولكنها لما كأنت في وصف السفينة نادرة الاسلوب معطرة بذكر راغب منها الاردان والجيوب أحببت أن أرسلها إليكم لتكون سبباً لذكرنا بعد النسيان ومفخرة لكم عند الاخوان إذ أنا قطرة من بحرك ونفثة من نفثات بيانك وسرحك ولك المثل الأعلى في الآخرة والأولى هذا ثم سيدنا قابلنا بالاكرام والأجلال والاعظام من ارسال الملابس الفاخرة والدراهم الوافره واركأبي الفرس المحلى وفوزي من تقريبه بالقدح المعلى فلما كان بين جماد ورجب رأينا كما قيل من الانقلاب العجب ونزل مولانا من القلعة وحق على من قصده بالسوء الملامة والشنعة وليست بأول عظيمة ارتكبوها وفرعونية ابتدعوها بل شنشنة من اخزم ونكزة من أرقم وقد سلمه الله تعالى من ذلك الكيد وأيده منه بقوة جنان وايد ثم رحلنا من الديار وامتطينا غارب الأسفار وخلصنا من أولئك الطغام وبعدنا من تلك الفجرة الفئام حتى توسطنا طريق البحر بعد أن بلغت الأنفس التراقي والنحر جاء بشير من طرف ذلك الدستوز الوزير بأن باشا أعطى منصب أيدين المختلف وصف أهلها

ص: 85

بتعصب عصاتها وأهل الدين فخلينا ذلك الفلك السيار إلى أنتحاء قطع تلك المفأوز والقفار إلى أن انخنا بأحسن مدنها المعروفة كوز الحصار وهو بلد مسور لكنه مطول غير مدور تخترق أكثر بيوته المياه كثير الفواكه والأمراض قليل الأدباء والقراض ما سمعوا بديوان أبي الطيب ولا عرفوا بكر المعاني من الثيب مع أن تلك البلدة نحو عشرين مدرسة كلها العلم الأدب مدرسه ولولا وجود مولانا لما قدرت أمكث ما مكثت ملحوظاً مؤيداً ومن وجد الاحسان قيداً تقيدا سيدي قد كتبت لكم هذه الترهات التي لا حاجة لكم بها ولكنها وسيلة إلى ذكركم إياي وسوآلكم كيف كان مثواي وها إنني استأذنت سيدنا في الصله فأجازني بها مع الاكرام والصله وجئت براً لا بحرا لما قاسيت رعباً وذعرا ويا سيدي وعيشك والحرم إنني نقشت لكم هذا الرقيم من رأس القلم فأسألكم أغماض عين السخط عن كتأبي وأسبال ذيل الودود المحأبي فأجابه بقوله

أعيذك بالقرآن العظيم والسبع المثاني يا من ليس له في عصره ثاني ولله أنت من ساحر بيان وناثر عقود جمان وناظم قلائد عقيان ومطأول سحبان ومعارض صعصعة بن صوحان فمن ذا يضاهيك وإلى النجم مراميك وشأوك يدرك وشعبك لا يسلك وها أنت قد اقتعدت النجم مصعدا واعتمت نهر المجرة موردا وسموت إلى حيث النجوم شبائك والمعالي أرائك حتى ملكت المجد بأيد وعلقته من النجدة بقيد وافترعت للمعالي هضاباً وارتشفت من ثغور الأداب رضاباً وجمعت طبع العراق إلى رقة الحجاز واقتطعت كلماتك الجوهرية جانبي الحقيقة والمجاز وملأت المهارق بياناً واريت السحر عياناً وسارت بمناقبك الركبان واعترف لك بالتفرد كل إنسان وأقر بالنزول عن درجتك كل من يزعم أنه مسأوي ونسبت إلى محاسنك محاسن أقوام فتبين أنها مسأوي وبلغت من الفضل والأدب مجمع البحرين ومن شرق البلاد وغربها ملتقى النيرين وما ظنك بمن منذ وافى وطنه لم يزل لا بد البدة الأسد قاعداً للأيام بمرصد والليالي تمنيه بكل أمنية والدهر يعده بمواهب سنيه حتى وثب وثبة الفهد ونهض نهضة النمر فخطا خطوة بلغ بها مصر القاهرة فيها من الأدب ما لو بلغ ابن نباتة لما نبت له لينة من آدابه الوافرة فحق لنا أن نطلق عليه أنه من أهل الخطوة ولا سيما خطوة نال بها عند عزيزها أسنى خطوه ولعمري إن من اهتز لسماع قوافيه عزيز مصر هزة العصفور بلله القطر وتهللت أسارير

ص: 86

محياه عند القيام بالبشر وطوى ذكر غيره طي السجل للكتاب ونبذ كلامه نبذ الاثم والاصر لجدير بأن يطوى له البعد ويدمث له الحزن وتراض له شماس المطالب وتخضع له أعناق المراتب ويقض شوارد العلى وتطول يده إلى السهى ويصعد حتى يظن الجهول أنه حاجة في السما

لا تيأسن إذ ما كنت ذا أدب

على خمولك أن ترقى إلى الفلك

فبينما الذهب الابريز مطرحاً في

أرضه إذ غدا تاجاً على الملك

وأما قافيتك البحريه وعقيلة فكرك القسية فما تركب البحر الاستخراج دررها من معادنها والتقاط جواهرها من مكامن أماكنها وأبديت فيها من البدائع والعجائب ما لم يخصه قلم ولا يراع كاتب ولم تزفها بحمد الله إلا إلى راغب وكفؤ لها من غير مدافع ولا منازع ولقد تدأولها الرأوون من ذوي ولائك وابتهج بها المخلصون من أولى ودك واخائك وكأنت لديهم أحلى من عطف حبيب وارد وأشهى من رشف اللمى من ثغر عطر بارد بل أطيب من شرخ الشباب وأعذب من ماء السحاب وابتدرت إلى رقمها الاقلام وأنتشت من رحيق سلافها الاحلام لفظ كائن معاني السكر تسكنه فمن تجرع كأساً منه لم يفق وأقبل عليه أرباب الفضائل والافضال ولا إقبال الصاحب على ابن هلال ولا سيما ريحانة الفضل والأدب وماء وجه ذوي الأقدار والرتب الموليان الأجلان والسيدان الأفضلان غصنا دوحة النبوة ونيراً فلك الشهامة والفتوه من هما بدران في هالة وشمسان في طفأوة وروحان في جسد والمتحدان اسماً وصفة وإن كانا اثنين في العدد فإنها وقعت منهما موقع الاستحسان فخلداها في صحائف الاذهان بعد أن أثبتناها في جرائد الآداب تذكرة لأولي الألباب هذا وإني قد كتبت لكم هذه العجالة جواباً يعثر في أذيال الحجالة بين عجزناه وشوق آمر وفكر ساه ووجد سامر على أني لو كنت فارغ البال عن كل كرب وبلبال مطلق الأسار صقيل مرآة الأفكار لما كنت إلا معترفاً بالقصور قاضياً على طرف فكري بالكبوة والعثور فكيف والأيام قد تركن بالي كاسفاً وخطوي واقفاً وذهني كليلاً وفكري عليلاً بما فار من طوفان عجائبها وفاض وبلغ الزبى بعد أن أترع الحياض مع تخاذل القوى وهجوم شدائد الهرم والبلوى مما لا ينوء به رضوى وخيانة الحواس الظاهرة والباطنة وظهور محن كأنت أيام الشباب كامنه كما قال من أسلمه الكبر إلى ضعف السلامي

ص: 87

والأوصال أبتات أصبحت لا أحمل السلاح ولا أملك راس البعيران نفرا وإلى الله المشتكى من دهر إذا أساء أصر على إساءته فلقد جمح فأعيى الرواض ولم يبق له سهماً في الوفاض إلا وقد قرطس فيما ينويه من الأغراض ولقد ذكرت في هذا المعنى أبياتاً كنت أنشأتها وأنا في الروم زعمت أني لم أسبق إليها فإذا معناها في أبيات فارسية ومضمونها أن ما بعد الغين من لفظ عالم ألم واحد الآلام وهي

إن الزمان لأهل الفضل ذواحن

يسومهم محنا كالسيل في الظلم

فهل ترى عالماً في دهرنا فتحت

من غمضها عينه الأعلى ألم

والجاهل الجاه مقرون بطالعه

إن النعيم يرى في طالع النعم

فافطن لسر خفى دق مدركه

يناله ذو ذكا والفهم من أمم

ولكن هذه الأبيات لا تنطبق على مثلي والأليق بحالي المطابق لامثالي قول صاحب معاهد التنصيص

أرى الدهر يمنح جهال

وأوفر حظ به الجاهل

وانظر حظى به نافصا

أيحسبني أنني فاضل

ونحن والسيدان المشار إليهما آنفاً نضرع إليكم أن تشرفوا وطنكم الأصلي دمشق الشام بالزيارة ولو زيارة المام عدة ابام لنبل بروياكم الأوام ومن نار البعاد لهيب الضرام والسلام وللمترجم من قصيدة

أرى قوامك من مياس املود

فما لقلبك من طماء جلمود

وإن بخدك مخضر العذار بدا

فالموت الأحمر في أجفانك السود

يا محرقاً بهجير الهجر جسم فتى

ضم الضلوع على أحشاء مفؤد

ومرسلاً من جفون حشؤها سقم

رواشقاً لا يقيها نسج دأود

نعطفا يا غنى الحسن في دنف

لسائل الدمع منه أي ترديد

نهاره الليل إن أوحشت ناظره

ما لم ير الصبح من ذيالك الجيد

يا للعجائب من ريم لواحظه

ترتاع من سحرها الآساد في البيد

يدر نبوأ مني القلب منزلة

ليت الذراع حظى منه بتوسيد

وهو من قول العناياتي حل من منزليه بالطرف والقلب فأضر لو يحل الذراعا

ذو مبسم قد حوى در تخلله

ماء الحياة ولكن غير مورود

ص: 88

وقامة كغضيب البان رنحها

ماء الصبا الغض لا ماء العناقيد

ذوو جنة كجنى الورد ناضرة

تزيدها نظراتي أي توريد

وفي المعنى لبعضهم

يا من يجود بموعد من خده

ويصد حين أقول ابن الموعد

ويظل صباغ الحياء بخده

تعبا يعصفر تارة ويورد

هو من قول الأبيوردي

نظرت إلى وجه الحبيب وفي الحشا

تباريح وجد لا تريم ضلوعي

فطرزه بالجلنار حياؤه

وطرز خدي بالشقيق دموعي

وقال آخر

خالسته نظراً وكان مورداً

فاحمر حتى كاد أن يتلهبا

وقال آخر

حلو الفكاهة لا عيب ينقصه

إلا الصدود واخلاف المواعيد

رجع هو من قول بعضهم

ولا عيب فيهم غيران سيوفهم

بهن فلول من قراغ الكتائب

وقول الآخر

ولا عيب فيه غيران خدوده

بهن احمرار من عيون المتيم

وقول الآخر

أحبب به وليالي الأنس تجمعنا

في ظل عيش مع الأحباب ممدود

أزوره وعليه في الدجى مقل

من الأسنة لم تكحل بتشهيد

لا أهب البيض في بيض النحور ولا

من طعنة في الخدود الحمر أخددي

حتى حسبت السها عينا بها سنة

من الكبرى وسهيلاً قلب رعديد

ويا رعى الله أيام الصبا فلكم

أمسى يلذ بها عذلي وتفنبذي

فلم أرى بعدها دهر اليسر سوى

زمان مفتي الورى ذي الفضل والجود

وله من قصيدة

خذ جانباً عن سهام اللحظ والحدق

فدرع صبرك منها الآن ليس بقى

وإن شككت بفتك الغيد قاتله

تصيد أسد الشرى في سالك الطرق

فذا فؤادي جريح من لواحظها

وذي دموعي حكت للوابل الغدق

فتى بحب الغواني لا يزال به

ضرب من السحر أو داء من القلق

من كل ماءسة الأعطاف لو رمقت

مدامعي لم تصل عطفاً على رمقي

ص: 89

تمشي وتسحب ذيل الدل رافلة

تثنى الغصن في خضر من الورق

وربما التفتت شذراً بمقلتها

للعاشقين وهم صرعى على نسق

يا جنة الخلد هلا نهلة لشج

من كوثر الثغر تطفي لاعج الحرق

أعيذ بالميل داجي الشعر منك وبال

ضحى المحيا وزاهي الجيد بالفلق

عجبت منك وأنت الشمس طالعة

وفي خدودك تبدو حمرة الشفق

وليلة بالنجوم الزهر تحسبها

عروس زنج لها حلي من الورق

والنسر مد جناحاً ليس يقبضه

كأنه حائم جوعاً على لمق

وقد تبدى السهى للعين مختفياً

يحكي لانسان عين في البكا غرق

مظعتها بفتاة ظلت أشربها

من صرف ريقتها في حالك الغسق

تقول إذ مال بي سكر الهوى وغدا

لخصرها ساعدي كالطوق للعنق

هأورد خدي مسك الخال نقطه

طوبى لملتثم منه ومنتشق

ولست أنسى لها قولاً وقد علقت

أيدي النوى بعناني أي معتلق

أي البلاد تؤم اليوم مجتدباً

وما بكأس الندى فضل لمغتبق

والجود قد مات من يحيه قلت لها

يحيى فباب رجاه غير منغلق

فتى على البعد إن أضللت ساحته

هداك باهيي سنا من وجهه الطلق

هو من قول البهاء العاملي من قصيدة

خمرة إن أضللت ساحتها

فسنا نور كاسها يهديك

منها

يا من على السحب قد آلى ليلثمها

قبل يديه وإن تحنث ففي عنقي

يا من مدى الدهر لا تحصى مدائحه

ومن يرم حصرها بالنطق لم يطلق

من لي بدر النجوم الزهر أنظمها

فغيرها بسوى علياك لم يلق

وهاكها من نبات الفكر غانية

تهدي نسيم الصبا من نشرها العبق

بكر من العرب ما قد شان بهجتها

سبى ولا سمعتها اذن مسترق

وقال مضمناً شطر للفتح النحاس الحلبي

بنفسك بادر رم بيتك واجتهد

وإن لم تجد أحكامه واصطناعه

ولا تدخل العمار دارك انهم

متى وجد وأخرقا أحبوا اتساعه

وله من قصيدة

قد تبدى لنا محيا الصباح

واستطار الكرى نسيم الرياح

ص: 90

فأجلياها على بكر مدام

بكرت بالسرور والافراح

كاحمرار الشقيق لوناً وإن شئت

فقل لي شقيقة الارواح

شمس راح قد أشرقت في سماء ال

دن تختال في بروج الراح

تفضح الشاربين بالشفق الأح

مر بعد الغروب أي افتضاح

نار فرس وكم سجدت إليها

وفتى الاغتباق والاصطباح

تشبه العسجد المذاب لدى المز

ج وفي الطعم ذائب التفاح

فاسقنيها على محياك يا بد

ر وجاهر بها على المصباح

يا نديمي وللهوى بفؤادي

منه سهام العيون أي جراح

كيف لي بالسلو في الحب أو من

سجن هذا الغرام كيف سراحي

أشتكيك الهوى ولم أشتكي من

جور عدل القوام شاكي السلاح

وجهه روضة الجمال ولكن

لا يريني بالابتسام الاقاحي

لعبت خمرة الدلال بعطفي

هـ فأمسى ينبه سكران صاحي

نافراً إن لمسته نفرة العا

شق عند استماع قول اللاحي

يا شبيه الغصون اسكرت من اح

داقك النجل خمرة الاقداح

صل شهيد البدر حسنك في مع

ترك الحب يا نبي الملاح

طال ليل المحب لم ير صبحا

طالعاً من جبينك الوضاح

إلى آخرها وهي طويلة وله أيضاً

قالوا علام تركت جامع جلق

شهر الصيام وليس ذاك بسائغ

قلت المبيح به لترك جماعة

برد الشتاء ورؤية ابن الصائغ

وابن الصائغ المذكور وهو رجل من الطلبة كان من مشهوراً بغلظ الطبع وللمترجم حين كان بالروم في عام أطبق شتاؤه واحتجبت بالغيوم أياماً كثيرة كواكبه وسماؤه فقال

للشمس هل تعلمون من خبر

أم هل وقفتم لها على أثر

ضلت طريق المسير أم غرقت

في البحر أم أقعدت من الكبر

أم أسد النجم رام يقنصها

فاستترت بالغمام من حذر

أم حسبتها السماء شمس طلا

فارتشفتها على سنا القمر

فلا تراها الدوام صاحية

وقد حست من مدامها العطر

يا لهف نفسي لفقد نيرة

كأنت سراج العشي والبكر

فالأفق يشكو لطول غيبتها

والجو يبكي بأدمع المطر

ص: 91

ويا شقائي بذا الثناء وهذا

الوحل قد حل عقد مصطبري

طوفان طين لم يعتصم أحد

في البدو من لوثه أو الحضر

زركش أثوابنا ودبجها

حتى غدت تزدري على الحبر

ورب بيت غدا مشيده

يبكي بدمع للسقف منحدر

حتى الزرأبي مع نمارقة

رأيتهم يسبحون في نهر

هذا دم للسحاب منسفك

بسيف برق عليه مشتهر

ومما كتبه لبعض أحبابه في نحو ذلك سيدي كفيت النوائب ووقيت عوادي الغوادي ومس السحائف وتبرأت من غث عيث الأنواء ومن تراكم ركامها المفضي إلى الأقواء وننهى أنه ما خفى عنه ما أتى في هذا العام من حال الشتا ومطره الجاري كتموج البحر العجاج وسحابه المبرق الذي هو والرعد ذو امتزاج وفعلاته التي فعلها في دمشق الشام حتى تعدى النفح وبرزة والمقام فنفر ثلجه البارد طيرها السارح وغرق في لحج السرطان حوتها السابح وشرد أوانس الوحش وأخفر ذممها وألم بفنن الأطواد وشيب لممها ومر بالابذية المشيدة فهدم قوائمها وأشار إلى القصور فاندكت دعائها ولطم خدود الشقيق بأنامل كف وأبكى الكمائم بعد ضحكها من وكفه وصارت الأشجار بين يديه صرعى والنبات لا نصرة ولا مرعى وادي يومه بوقت الصباح مسا وأنسى الرجال حالهم وأبكى النسا اللهم تفويضاً لقضائك وتسليماً لأمرك واستدفا عالملا النازل بمزيد شكرك هذا بدمشق المؤملة للجنوب تصاعفت منها القوى والجنوب فليت شعري كيف بلاد الاقبال وقد مالت إلى اليمين والشمال فهل صينت منه حماة وحميت أو قاحت دملها بتلجها بعد ما دميت وهل أقام العاصي على مدافعته أو أطاع الشريعة وأجاب نهر المرافعة وهل اجتنب السحاب مسانها أو اجتلب لو ترك معرة المعرات وعم الحافل وحلب وكيف كان حال المولى النمر مع الشتاء الجموح والغيث المنهمر وبرد السحب تشقق بمدية الرعود والافق بالبرق مذهب الرايات والبنود والأيام طوت بالقصر منشور طولها واهوية نشرت القتام بمطوى هولها فهل طلعت الشمس بعد مغيبها وأرت حق اليقين لعين مريبها وهل جادت بقرصها لدى نار أو سمحت بعد وصي ثلجها بدينار وهل نسخ شباط أحكام تشرين ونشر بالبشارة ورداً أبيض ونسرين وهل هب من حزيران نافحه فأطفئ من جمر كانون لافحه وهل شممتم للربيع المريع نشر وحظيتم بحسن معدنه البديع بشرى فعطروا مجامعنا منه بنوافح الطيب وشنفو ما معنا بخبر حديثه الغريب

ص: 92

وانبؤنا بمنطق ورقه الصأوحة واطباره وهل كسيت بالخلل عرائيس أشجاره فبالله أسرعوا بالجواب والعجل فالعين متاسحة والقلب في وجل لا زالت قائمة بخدمتكم الأقلام والبراعة منشى في البدأ والختام

إن صفقت طور الدياجي

وتسربلت سبل الدواجي

فهلا لها مثل اللجين

كأنما هو فوق عاج

تلقى به سحب الشتا

رمت الدياجي بالدماج

ليل تخلله الحيا

في صبغتي عفص وزاج

طمست معالم شمسه

سحب مصدعة الزجاج

شابت نواصي نوئه

وأتت معتقة الرتاج

لقح الثرى بثلوجه

فغدت مقطعة النتاج

ومقت شفوف سحابه

لكنها دعمت بساج

والفجر وهم في الدجى

واليل مثل الطرف ساجي

والرعد قلب واجف

والجو كالرحل المداجي

والبرق نبض عرقه

تحت الدجى مثل اختلاج

سقطت شأبيب الحيا

وجرت على كل الفجاج

عذب فرات سائغ

لكنه ثمل الاجاج

ثلج أقام على الربى

وكأنه حلب النعاج

ملأ البسيطة فضة

مبثوثة لا لاحتياج

صاغ القلائد للربا

وجلا القلائد للمحاج

أتظنني في مدحه

ذاك المعرض للاهاج

قد لج صوت سحابه

ماء السحائب واللجاج

لزم الثرى فكأنه

قد جاء يطلب بالخراج

فلكم رمى رجلاً بكسر

ثم رأسا بالشجاج

فالجرف ذو شرخ به

والطوف منه في انفلاج

ولقد تمرد دأوه

وطغى على أهل العلاج

عمت بلاياه الورى

ما في الورى منهن ناجي

هل في الأنام من الورى

كنفي يضم إليه لاجي

من وجهه شمس الضحى

وجبينه ذو الانبلاج

ليظل يطعن نحره

منه بأطراف الزجاج

ص: 93

ويشيمنا برق الربيع

بروضة ذات ابتهاج

نشم نشر زهورها

من بعد طي واندماج

ونسيمها يروى أحا

ديث المسرة بامتزاج

فلما وصل إليه كتب الجواب وأرسله وهو قوله ورد المثال الذي رفع قدراً يروي أحاديث بشر ويسند بشرى فمال العبد بالسرور جانباً وقال بشراي إذ كنت عبداً مكاتباً وكنت كثيراً أرأود نفسي المنازعة أن تجهز إلى باب سعادتكم مطالعه تنبي بما جل بحماة المحروسة وما جرى على ربوعها المأنوسة إلى أن ورد المثال البديع الذي يقصر عن مماثلته البديع أما القصيدة المزرية جواهرها بالجمان الفائقة على نظم العقود الحسان فكادت أن تستوجب قافية الجيم ومعارضها يحتاج في تحصيل القافية إلى التنجيم وإلا فمن يحصل هذه القوافي ويكون في حسن المعارضة موافي وما يقدر على نظم الجواهر إلا الملوك الصيد والأكابر الأكاسر وأما النثر فما النثرة من أمثاله ولا الجوزآء من أشكاله وحق من ملك المولى زمام الكلام وأقدره على صوغ النثر والنظام إن فضل مولانا أشرق في الأقطار واشتهر اشتهار الشمس في رابعة النهار فلا نجد شاعراً إلا تحلى بأشعاره ولا نرى ناثراً إلا اجتلى بديع نثاره

خصصت بفضل ليس يوجد مثله

وذلك فضل الله يؤتيه من يشا

وأنهى الجناب أحوال الشتاء العام الذي ثقل على الخاص والعام فقد امتدت على البسيطة سدته وطالت على جميع العالم شدته فنصب خيمته وضرب أوتاد الثلوج وسرح مواشي الريح والبرد بالمروج ورمى الوجود ببنادق برده بشتائها وأعرب عن تراكم ثلجها وأنوائها ووصف من ذلك ما يعجز الخنساء بوصفه ويتحقق السامع منه حقيقة ضعفه فأما حماة فقد حل حماها فأذهل أهلها من المصائب ودهاها فأول الفصل كفاها الله وحماها وأفاض بسمائها أنوار الشمس وضحاها وزين الأفق بدرر الواكب وحلاها وأبدر قمرها في الليل إذا يغشاها ثم تغيرت الأنواء وتراكمت سحبها الثقال وتعاظمت حتى صارت ثقل الجبل وزادت الرعود فارتجت الأرض رجا وبرد الجو فعقد الماء ثلجاً واشتملت قضايا الأنواء على الدوام ودلت بمطابقة الثلوج دلالة التزام فترى وجه البسيطة بفضة مرشوش والجبال عليها منه كالعهن المنفوش فكم من خليل به أمسى مبرداً فاعتزى إلى الكسائي والفراء فانسج وارتدى وأنكر جبال حماه من يراها وتأبضت بالثلوج شراً فشاب قرناها وأما

ص: 94

العاصي فكان أمره عجباً ومنظره يقصر عن وصفه الادبا حمل العاصي فأجرى في حماة نيل مصرا فاعجبو يا قوم منه كان نهراً صار بحراً قد مد حتى جأوز الحد واشتد في حملته وما ارتد ودارت على نواعيره دوائر التلف وحل بجسوره الاقواء فأمست على شرف ودخل المساكن النهرية فارتحل أهلها من حيث طما بها عليها ونهلها فكم من جدار قد انقض وبناء مشيد قد رفض وركن بركن إليه قد سقط وحائط حيط بالدعائم قد هبط وتخوت أخذها الماء غصباً فاحتملها وسقوف اقتلعها من السقوف فانزلها ورواشن أتاها فخلخلها من القواعد وقصور عالية رماها بمنجنيق الرواعد ولطف الله تعالى بزيادة في النهار وأخبر عن حاله حفظاً للجوار ثم صحت السماء وتقشعت السحب وبدا وجه الشمس من الحجب وبشرا شباط بقرب مقدم الربيع وبسط له الفرش بالروض المربع وفاحت نسمات الصاب بنشر عبيره ولاحت أنواع الخصب بورود بشيره وصدحت الورق فرحاً بمقدمه وغنت فتحركت النفس لايام الصبا وحنت وانشرح صدر المصدور واستقر خاطره وتمتع بهذا الخبر سمعه وقر ناظره ونسى ما كان من نكد الأيام وعفا عن المبدا بحسن الختام

سفرت فاشرقت الدياجي

بالنور اشراق السراج

خود إذا ابتسمت رأي

ت الصبح آذن بانبلاج

وجناتها تحت الشوا

لف وردة تحت السياج

أردافها مما ثقلن

إذا مشت ذات ارتجاج

باتت تناجيني فيا

لله ذياك المناجي

وسعت إلى بخمرة

صهباء صافية المزاج

بيضاء جلت أن يشو

ب وصلها انكد الزواج

صيغت من الدر البيا

ض وطوقها المسود ساجي

بياضها وسوادها

ملكت مرادي لاحتياجي

وحكت مثال جاءني

بوزوده زاد ابتهاجي

اهدى إلى مسرة

وبشكره عظم ابتهاجي

فعقوده في نظمها

ذات انفراد وازدواج

ألفاظه في نفسها

برق تألق بالدياجي

متضمناً أمر الشتا

ء وثلجه العسر العلاج

قد أوضحت من أمره

بالشام ما آذى مزاجي

فتشابهت فيه البلا

د فنشره فيها مفاجي

ص: 95

أما حماة فإنه

وافي إليها بانزعاج

وأقام فيها مدة

يسطو عليها في لجاج

فكأنه وافى إليها

طالباً مال الخراج

عقدت حمائم سحبه

ها فوجه للجو داج

نصبت فخاخ ثلوجه

للساريين على الفجاج

وأطارت الريح الثلو

ج كما استطارت بالعجاج

قد شاب قرناها بها

وتأبطت شراً مفاجي

ضاعت مصالح أهلها

فصدورهم ذات انحراج

لوانها تصحى لهم

أضحوا على عزم الهجاج

وظمى بها العاصي إلى

أن صال كالليث اللهاج

كم من جواد قد تخلخل

فانثنى مثل الخراج

ورواشن سقطت فهن

إلى حمى العاصي لواجي

وتمازجت آلاتها

بمياهه أي امتزاج

ورفارف مثل الجفون

إذا علت ذات اختلاج

أخذ التخوت فأصبحت

في الماء كالسفن النواجي

ورمى النواعير التي

كأنت تدور على رواج

دارت بها أفلاكها

منكوسة ذات انعواج

فتطايرت أرياشها

فيها ولا ريش الدجاج

فتت مغالفها وكا

نت قبل مغلقة الرتاج

ولسوف ياتيك الربيع

فيطرد البرد المفاجي

وتطيب أوقات الزما

ن فمالها في الناس هاجي

والروض بفتح وردة

من بعد طي واندماج

وترى الأزاهر قد بدت

في روضها ذات ابتهاج

وتزول كافات الشتا

ء بغير بحث واحتجاج

أمر الشدائد لم يزل

وهمومها ذات انفراج

وأسلم ودم لا زلت في

الأيام ملجا كل راجي

وكان قدم خلب صحبة واليها الوزير الراغب المقدم ذكره فتوفي بها وكأنت وفاته يوم الاحد الثاني عشر من رجب سنة تسع وستين ومائة وألف بتقديم تاء التسعين ودفن خارج باب قنسرين بتربة الشيخ ابن أبي النمير رحمه الله تعالى

ص: 96