الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان مفنناً بالعلوم من القائمين اناء الليل وأطراف النهار والمجتهدين في الأسحار وكان والده استاذاً كبيراً وشيخاً شهيراً جامع بين الولاية والعلم وتوفي في صفر سنة إحدى وسبعين وألف وخلف من الأولاد الذكور خمسة وتوفوا بعد المترجم أبو السعود وأبو الاسعاد وإبراهيم وإسماعيل ذكرنا ترجمة كل منهم في محله وكان له ولد سادس اسمه محمد وكان من فضلاء وقته أديباً مطبوعاً حسن المعاشرة خفيف الروح مع صلاح وتقوى وعبادة وتوفي بعد والده بسنة وكان صار شيخاً بعده فلم تطل مدته وأما المترجم فولد بدمشق في سنة خمس وأربعين وألف ونشأ بها واشتغل بطلب العلم على العارف والده المذكور وقرأ عليه في بعض العلوم وأخذ عنه طريق الخلوتية وأجازه وكتب إليه وصيته وفي وصيته إليه يقول له يا أبا الصفا ستنال المقام العالي والوفا فلا تتكبر ولا تتجبر وقرأ على الشيخ إبراهيم الفتال الدمشقي والشيخ محمود الكردي نزيل دمشق والشيخ المنلا محمد أمين اللاري أحد أعلام الدهر وغيرهم من مشايخ دمشق والروم وبرع وتفوق وصارت له فضيلة علم ودرس بالمدرسة العذرأوية وترقى إلى معالي المناصب فولى قضاء قارا إلى أن مات على طريق التأبيد وولى افتاء الحنفية بدمشق بعد وفاة الشيخ إسماعيل الحايك المفتي واستمر مفتياً إلى أن مات وفتأويه متدأولة مرغوبة وكان يتولى نيابة الحكم في محكمة الباب وحج وجأور وولى بمكة المدرسة المرادية لأمر كان وظهر قدره ونمت حرمته وسما صيته وأقبلت عليه الدنيا بحذافيرها ولم يزل كذلك إلى أن مات وبالجملة فقد كان صدراً جليلاً عالماً فاضلاً وكأنت وفاته في عصر يوم الثلاثاء ثاني عشر ذي الحجة سنة عشرين ومائة وألف ودفن بتربة مرج الدحداح والعدوى نسبة إلى عدي بن مسافر الصحأبي رضي الله عنه وأصل أجداده من البقاع العزيز ناحية من نواحي دمشق والله أعلم
أبو السعود الخلوتي
أبو السعود بن أيوب وتقدم ذكر أخيه أبي الصفا الحنفي الدمشقي الخلوتي الشيخ الكبير المسلك الفاضل الأوحد كان شيخاً مبجلاً عابداً متنسكاً أديباً ولد بدمشق في سنة اثنين وأربعين بعد الألف ونشا في كنف والده وأخذ عنه الطريق وفي وصيته لأولاده يقول يا أبا السعود الطريقة إليك تعود وقد أخذ أيضاً عن السيد العارف بالله تعالى محمد غازي الحلبي الخلوتي الشيخ إخلاص وجلس على سجادة المشيخة وكان أخاه الشيخ إبراهيم كبر سنه فانعزل عن المخالطة وعهد للمترجم
في المشيخة وتوفي بعده في سنة خمس عشرة مائة وألف ثم المترجم بايع واشتهر وأقام عهدهم بالتوحيد والذكر في محلهم بالجامع الأموي وترجمه محمد الأمين المحبي في نفحته وقال في وصفه واسطه عقدهم المقتني وغصن روضتهم المجتني وعبير ذكرهم المردد ولسان حالهم المجدد يروقك محتلاه ومحله يهزا بالبدر معتلاه كرم فرعاً وأصلاً وشرف جنساً وفصلاً وله فضل أضحى تاجاً لراس المناقب وأدب تتوقد به نجوم الليل الثواقب وبيني وبينه موالاة محققه وعهود موثقه وثناء كمائمه عن أزكى من الزهر غب القطر مفتقه ورأيت له أشعاراً في الذروة من الانطباع ثأويه لها في كل قلب بلطف موقعها خلوة في زأوية وقد أثبت منها قصيدة شطريها سينية ابن الفارض فناصفها شطر الحسن كما تناصف حسن الخد بالعارض وهي قوله
قف بالديار وحي الابع الرسا
…
مخاطب لرسيس الشوق مقتبسا
واسترجع القول يا ذا الراي مختبرا
…
ونادها فعساها أن تجيب عسى
وإن أجنك ليل من توحشها
…
فلا تكن آيسالا كان من أيسا
خذ من زناد الجوى ناراً مشعشعة
…
فأشعل من الشوق في ظلمائها قبسا
يا هل درى النفر الغادون عن كلف
…
موله هائم كاس الغرام حسا
تراه مستصحب الافكار ذا حرق
…
يبيت جنح الليالي يرقب الغلسا
فإن بكى في قفار خلتها لحجا
…
ما شامها ناظر الاهمى وجشا
وإن خبت ناره هاج الغرام به
…
وإن تنفس عادت كلها ببسا
فذو المحاسن لا تحصى محاسنه
…
إذا رآه عذول حاسد خنسا
ومن أبيت فلا فقد لوحشته
…
وبارع الحسن لم أعدم به أنسا
قد زارني والدجى يربد من خنس
…
وحسن إشراقه بالشهب قد حرسا
فالزهر ترمقه عجباً برونقه
…
والزهر يبسم عن وجه الدجى علبسا
وابتز قلبي قسرا قلت مظلمة
…
فحسبي الله ممن قد جنى وقسا
حيرتني فأنا المحتار وآ اسفي
…
يا حاكم الحب هذا القلب لم حبسا
زرعت باللحظ ورداً فوق وجنته
…
فأثمرت منه لي في ناظري أسى
إن رمت أقطف منه عطر رائحة
…
حفا لطرفي أن يحبني الذي غرسا
وإن أبى فالاقاحي منه لي عوض
…
أوردته القلب حيث الحب فيه رسا
جعلت راس مالي مذ ربحت به
…
من عوض الثغر عن درفا بخسا
إن صال صل عذاريه فلا حرج
…
إن عاد منه صحيح الجسم منتكسا