الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عشرة ومائة وألف كان والياً بدمشق محمد باشا ابن كرد بيرم فأرسل إليه من طرف الدولة العلية أن يضبط بعلبك والعائد منها ويرسله إلى طرفهم لكونها كأنت في يد شيخ الاسلام المولى فيض الله مفتي الدولة العثمانية فحين قتل صارت للخزينة السلطانية العائد منها حتى الحرير وغيره وكان لما وصل إليه الحرير طرحه على التجار بدمشق وأرسلوا منه جانباً إلى أخ الشيخ أبي المواهب صاحب الترجمة وهو الشيخ سليمان فذهب جماعة إلى عند المترجم وترجوا منه برفع هذه الظلمة عنهم فأرسل ورقة مع خادمه ابن القيسني إلى الباشا فلما وصل إليه هدده فهرب من وجهه فلما ذهب كان حاضراً في مجلس الباشا أحد أعيان جند دمشق وهو محمد أغا الترجمان وباش جأويش وغيرهما فأخبروه بمقام الشيخ وعرفوه بحاله من النسك والعلم والعبادة والولاية فلما تحقق ذلك وكان مراده أن يأخذ من الشيخ مالاً لما سمع بخبره من مزبد الثروة أرسل خبرا لا أحد يتعدى على التجار ثم إن التجار وقعوا على الشيخ مرة ثانية فأرسل ورقة أخرى إلى الباشا وذكر أن الرعية لا تحمل الظلم أما أن ترفع هذه المظلمة وأما نهاجر من هذه البلدة والجمعة لا تنعقد عندكم وأيضاً الحرير للسلطان لا لك وزاد على ذلك في الورقة فلما وصلت إليه ترك مراده ورفع الرمية بعدما علم بمقام الشيخ وإن الرعية تقوم عليه إذا فعل ذلك أنتهى وكان المترجم رحمه الله تعالى لا يخاف في الله لومة لائم ولا يهاب الوزراء ولا غيرهم وأصيب بولده الشيخ عبد الجليل قبل وفاته بسبع سنوات فصبر واحتسب ثم بولده الشيخ مصطفى وكان شاباً فصبر واحتسب ولم يزل على حالته الحسنة وطريقته المثلى إلى أن اختار الله له الدار الباقية وكأنت وفاته في عصر يوم الأربعاء التاسع والعشرين من شوال سنة ست وعشرين ومائة وألف ودفن بتربة مرج الدحداح رضي الله عنه ونفعنا ببركاته وسيأتي ذكر ولده عبد الجليل وحفيده محمد إن شاء الله تعالى ونسبته إلى فصه وهي قرية ببعلبك عن دمشق نحو فرسخ لأن أحد أجداده كان خطيباً بها فلهذا اشتهر بذلك وأجداده كلهم حنابله
السيد أبو المواهب العرضي
السيد أبو المواهب الحلبي سبط العرضي الحنفي نزيل قسطنطينية وأحد المدرسين بها ولد بحلب ونشأ بها ثم رحل إلى قسطنطينية دار الملك بعد تحصيل الاستعداد ولازم من المولى يحيى ابن حكيم باشى السلطان محمد المولى صالح الحلبي قاضي العساكر ولازم على قاعدتهم وعزل عن مدرسة بأربعين عثمانياً وبعده أنتسب إلى المولى
السيد فتح الله ابن شيخ الاسلام المولى فيض الله الشهيد وتشرف بخدمته وصار مكة وبجباله ففي سنة ست ومائة وألف في ذي الحجة أعطى مدرسة سراي الغلطة وفي سنة ثمان ومائة في ذي القعدة أعطى مدرسة يارحصار وفي سنة عشرة ومائة في صفر صارت له مدرسة الداخل المعارفة بين الموالي وفي اثني عشرة أعطى مدرسه سليمان صوباشي وفي سنة أربعة عشر في محرم صار له انعام بثاني مدرسة شيخ الاسلام المولى زكريا مكان هادي زاده المولى فيض الله مرتبة موصلة الصحن وفي سنة خمسة عشر في ربيع الثاني بسبب واقعة ادرنه وقتل شيخ الاسلام وما جرى نزلت رتبته وصارت له مدرسة بهرانية برتبة الداخل وفي سنة سبعة عشر في رمضان أعطى عن محلول اركه زاده المولى بليغ مصطفى مدرسة حافظ باشا وفي سنة عشرين في صفر صار له انعام مدرسة خديجة سلطان ومن مكاتباته قوله بمينا بمن جعل الارواح جنوداً مجنده فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ان شوقي إلى سدى شوق الروضى إلى النسيم وتشوقي لاخباره تشوق الصحة من الجسم السقيم وانه قد استنفد جلدي واحتوى على جميع خلدي وجرح جوار حي وجنح على جوانحي ولو أنني كاتب شوقي إليك لما ابقيت في الارض قرطاساً ولا قلماً والذي جعل الدهر تارات وأودع التنائي الغم والتلداني المسرات لتكاد أنفاسي تحرق بالوجد قرطاسي وأكثر ما أكابد لتذكري تلك الليالي والأيام التي لا أشك في أنها كأنت أضغاث أحلام ليلى لم نحذر حزون قطيعة ولم نمش إلا في سهول وصال فلا أكابد ما كابد من الكرب واتمثل لها بقول شاعر العرب
حالت لبعدكم أيامنا فغدت
…
سوداً وكأنت بكم بيضاً ليالينا
إذ جانب العيش طلق من تالفنا
…
ومورد الانس صاف من تصافينا
إن الزمان الذي قد كان يضحكنا
…
انسا بقربكم قد عاد يبكينا
وقد كان من مدة ورد على منه كتاب منطو على أنف كلام وخطاب فسرت به سرور من عاد غائبه إليه ودخل حبيبه من غير وعد عليه وهذا سروري من ملاقاة خطه فكيف سروري إن لقيت جماله وجعلته أنيسي وسميري وجليسي ونديم ضميري وقلت له أهلاً وسهلاً ومرحباً بخير كتاب جاء من خير صاحب وفي خامس عشر شوال يوم الجمعة سنة إحدى وعشرين ومائة وألف كأنت وفاته وكان مشهوراً بالعلوم والمعارف لطيفاً حسن الالفة رحمه الله تعالى
أبو الوفا بن عبد الصمد بن محمد بن عمر بن سعد الدين بن تقي الدين الشهير كأسلافه بالعلمي الشافعي القدسي هو من بيت الولاية والصلاح لهم الرتبة العلية في القدس وخرج منهم علماء وصلحاء كثيرون وكان المترجم شيخنا كبيراً صالحاً مرشداً من الأخيار حسن الأخلاق صافي السريرة بشوشاً عالماً عابداً عاملاً زاهداً وافر الحرمة مقبول الكلمة مجللاً عند خاصة الناس وعامتهم وكان ذا رأي سديد وفعل رشيد جارياً على مناهج الصوفية ولد في سنة اثنين وخمسين وألف وأدرك جده الاستاذ القطب سيدي محمد العلمي وحفظ عليه القرآن المجيد وقد لبس خرقة الصوفية من أخيه الشيخ عمر العلمي وتلقن منه الذكر وصار شيخنا معظماً وكان بركة زمانه وشيخ الشيوخ بالقدس وكبير الصوفية وله هذه الأبيات في الساعة التي تصنعها الافرنج للأوقات وتحمل مع الانسان
لله ساعة انس قد حوت طرفا
…
تمشي على عجل في خدمة السعدا
تقضي لنا مدة الهجران دورتها
…
لطفاً وتدنى قدوم الحبان وعدا
دامت بعروتك الوثقاء وصلتها
…
محبوة الصدر ما سحت يداك ندا
ومن ذلك للأديب الأمير منجك الدمشقي
لقد شبهت بالفلك اعتباراً
…
لما قد كان من أمر مديري
ولكن ذاك منتضح هلالاً
…
ومستور هلالي في ضميري
وله فيها أيضاً
وساعت بلسان الحال قائلة
…
لما تشل في أجزائها الفلك
الناس تحسب ساعاتي وما عملوا
…
بأن أعمارهم تمضي وما ملكوا
وكأنت وفاة المترجم في سنة تسع ومائة وألف ودفن بالقدس بتربة مأمن الله وسيأتي ذكر قريبه أحمد وأولاده فيض الله ومحمد ومصطفى في محلاتهم وتقدم ذكر قريبه أبو بكر وعلى كل حال فبنوا العلمي في القدس شهر من كل مشهور وهم بيت ولاية وصلاح وكراماتهم ظاهرة وأحاديث فضائلهم متواترة ورثى المترجم الاستاذ عبد الغني النابلسي الدمشقي بقوله
يا دهر ابن أبو الوفا
…
وأبو المكارم والصفا
ابن الهمام ابن الهمام
ابن الإمام المقتفي
…
أجداده الشم الانوف
وهم من الداء الشفا
أهل العلوم ذوي التقى
…
والمجد ليس لهم خفا
سل قدسهم عنهم وسل
أكناف مروة والصفا
…
وسل الخليل وأهله
وسل الكريم لتعرفا