المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الشهادة على الشهادة والرجوع عن الشهادة - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٣٠

[المرداوي]

الفصل: ‌باب الشهادة على الشهادة والرجوع عن الشهادة

‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَالرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ

تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ كِتَابُ الْقَاضِى، وَتُرَدُّ فِيمَا يُرَدُّ فِيهِ.

ــ

بابُ الشَّهادَةِ على الشَّهادةِ والرُّجوعِ عنِ الشَّهادةِ

تنبيه: قولُه: تُقْبَلُ الشَّهادَةُ على الشَّهادَةِ فيما يُقْبَلُ فيه كِتابُ القَاضِى، وتُردُّ

ص: 41

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فِيما يُرَدُّ فيه. وهذا المذهبُ بلا رَيْب. وقالَه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَعُوا به. وقال فى «الرِّعايةِ»: تُقْبَلُ شَهادَةُ الفُروْعِ فى كلِّ حقٍّ لآدَمِى يتَعَلَّقُ بمالٍ، ويَثْبُتُ بشاهِدٍ وامْرَأتَيْن، ولا تُقْبَلُ فى حقٍّ خالص للهِ تعالَى. وفى القَوَدِ، وحدِّ القَذْفِ،

ص: 42

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والنِّكاحِ، والطلاقِ، والرَّجْعَةِ، والتَّوْكيلِ، والوَصِيَّةِ بالنَّظَرِ، والنَّسَبِ، والعِتْقِ، والكِتابةِ على كذا (1) ونحوِها ممَّا ليسَ مالًا ولا يُقْصَدُ به المالُ

(1) بياض فى: الأصل.

ص: 43

وَلَا تُقْبَلُ إلَّا أنْ تَتَعَذَّرَ شَهَادَةُ شُهُودِ الْأصْلِ؛ بمَوْتٍ، أوْ مَرَضٍ، أوْ غَيْبَةٍ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ. وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ إلًّا بَعْدَ مَوْتِهِمْ.

ــ

غالِبًا، رِوايَتان. ونصَّ الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، على قَبُولِه فى الطَّلاقِ. وقيلَ: تُقْبَلُ فى غيرِ حدٍّ وقَوَدٍ. نصَّ عليه. وقيل: تُقْبَلُ فيما يُقْبَلُ فيه كِتابُ القاضِى، وتُرَدُّ فيما يُرَدُّ فيه. انتهى. وهذا الأخِيرُ مَيْلُ المُصَنِّفِ إليه.

قوله: ولا تُقْبَلُ إلا أنْ تتَعَذر شَهادَةُ شُهُودِ الأصْلِ؛ بمَوْتٍ -بلا نِزاع فيه- أو مَرَضٍ، أو غَيْبَةٍ إلى مَسافَةِ القَصْرِ. وهذا المذْهبُ. وعليه جماهيرُ الأصْحابِ.

وجزَم به فى «الوَجِيزِ» [ومخيرِه](1). وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ.

وقيل: لا تُقْبَلُ إلَّا بعدَ مَوْتِهم. وهو رِوايَةْ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. نصَّ

(1) سقط من: الأصل.

ص: 44

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عليه فى رِوايةِ جَعْفَرِ بنِ محمدٍ وغيرِه. وقيل: تُقْبَلُ فى غيْبَةٍ فوقَ يوم. ذكَرَه القاضى فى مَوْضِعٍ. وتقدَّم نظيرُه فى كتابِ القاضِى إلى القاضِى. فعلى المذهبِ،

ص: 45

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَلْتَحِقُ بالمرَضِ والغَيْبَةِ الخَوْفُ مِن سُلْطانٍ أو غيرِه. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحبُ «الفُروعِ» ، وغيرُهم. زادَ ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: والحَبْسُ.

وقال ابنُ عَبْدِ القوِىِّ: وفى مَعْناه الجَهْلُ بمَكانِهم، ولو فى المِصْرِ.

ص: 46

وَلَا يَجُوزُ لِشَاهِدِ الْفَرْعِ أنْ يَشْهَدَ، إلَّا أنْ يَسْتَرْعِيَهُ شَاهِدُ الْأصْلِ، فَيَقُولَ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادتِى أَنِّى أشْهَدُ أنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ، وَقَدْ عَرَفْتُهُ بِعَيْنهِ، وَاسْمِهِ، وَنَسَبِهِ، أقَرَّ عِنْدِى، وَأشْهَدَنِى عَلَى نَفْسِهِ طَوْعًا بِكَذَا. أوْ: شَهِدْتُ عَلَيْهِ. أوْ: أقَرَّ عِنْدِى بكَذَا. فإنْ سَمِعَهُ يَقُولُ: أشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا. لَمْ يَجُزْ أنْ يَشْهَدَ، إَلَّا أنْ يَسْمَعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ [352 و] الْحَاكِمِ، أوْ يَشْهَدُ بِحَقٍّ يَعْزِيهِ إلَى سَبَب؛ مِنْ بَيْع، أوْ إجَارَةٍ، أوْ قَرْض، فَهَلْ يَشْهَدُ بِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

ــ

قوله: ولا يَجُوزُ لشاهِدِ الفَرْعِ أنْ يَشْهَدَ، إلَّا أنْ يَسْتَرْعِيَه شاهِدُ الأصْلِ. هذا

ص: 47

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقطَع به أكثرُهم. ونص عليه فى رِوايةِ مُحَمَّدِ بنِ الحَكَمِ وغيرِه. وذكرَ ابنُ عَقِيل [وغيرُه رِوايةً، يجوزُ أنْ يشْهدَ؛ سواءٌ اشتَرْعاه، أوْ لا. وقدَّمه فى «التَّبْصِرَةِ». وخرَّج ابنُ عَقِيل](1) فى «الفُصولِ» هذه المسْألةَ على شَهادَةِ المُسْتَخْفِى.

تنبيه: مفْهومُ قولِه: إلَّا أنْ يسْتَرْعِيَه شاهِدُ الأصْلِ. أنَّه لو اسْتَرْعاه غيرُه، لا يجوزُ أنْ يشْهدَ. وهو أحدُ الوَجْهَيْن. وهو ظاهرُ «الوَجِيزِ» وغيرِه. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى» . والوَجْهُ الثَّانى، يجوزُ أنْ يَشْهدَ، فيكونَ شاهِدَ فَرْعٍ. وهو الصَّحيحُ.

(1) سقط من: الأصل.

ص: 48

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، [و «المُحَرَّرِ»](1)، و «الحاوِى الصَّغيرِ» ، و «النَّظْمِ» . وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» .

قوله: فيَقُولَ: اشْهَدْ على شَهادَتِى أنِّى أشْهَدُ أن فُلانَ بْنَ فُلانٍ، وقدْ عَرَفْتُه بعَيْيه، واسْمِه، ونَسَبِه، أقَرَّ عَنْدِى، وأشْهَدَنِى على نَفْسِه طَوْعًا بكَذا. أوْ: شَهِدْتُ علَيْهِ. أوْ: أقَرَّ عنْدِى بكَذا. قال المُصَنِّفُ (2) فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم: الأشْبَهُ أنَّه يجوزُ إنْ قال: اشْهَدْ أنِّى أشْهَدُ على فُلانٍ بكذا. وقالوا: ولو قال: اشْهَدْ على شَهادَتِى بكذا. صحَّ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجِيزِ» ، وغيرِهما.

فائدة: قال فى «الفُروعِ» : ويُؤديها الفَرْعُ بصِفَةِ تَحَمُّلِه، ذكَرَه جماعَةٌ. قال فى «المُنْتَخَبِ» وغيرِه: وإنْ لم يُؤَدِّها بصِفَةِ ما تَحَمَّلَها، لم يُحْكَمْ بها. وقال فى «التَّرْغيبِ»: يَنْبَغِى ذلك. وقال فى «الكافِى» : ويُؤَدِّى الشَّهادَةَ على الصِّفَةِ التى تحَمَّلَها، فيقولُ: أشْهَدُ أنَّ فُلانًا يشْهَدُ أنَّ لفُلانٍ على فُلانٍ كذا. أو:

(1) سقط من: الأصل.

(2)

زيادة من: ا.

ص: 49

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أشْهَدَنِى على شَهادَتِه. وإنْ سَمِعَه يَشْهَدُ عندَ حاكم، أو يَعْزِى الحقَّ إلى سَبَبِه، ذكَرَه. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» ، فى الصُّورَتَيْن الأخِيرَتَيْن: فيقولُ: أشْهَدُ على

ص: 50

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شَهادَةِ فُلانٍ عندَ الحاكمِ بكذا. أو يقولُ: أشْهَدُ على شَهادَتِه بكذا، وأنَّه عزَاه إلى واجِبٍ. فيُؤدِّى على حسَبِ ما تَحَمَّلَ، فإنْ لم يُؤدِّها على ذلك، لم يحْكُمْ بها الحاكمُ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» أيضًا فى المَسْألةِ الأولَى: ويُشْترَطُ أنْ يُؤَدِّىَ شاهِدُ الفَرْعِ إلى الحاكمِ ما تَحَمَّلَه على صِفَتِه وكيْفِيَّتِه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: الفَرْعُ يقولُ: أشْهَدُ على فُلانٍ أنَّه يَشْهَدُ له. أو: أشْهَدُ على شَهادَةِ فُلانٍ بكذا. فإنْ ذكَرَ لَفْظَ المُسْتَرْعِى، فقال: أشْهَدُ على فُلانٍ أنَه قال: إنِّى أشْهَدُ. فهو أوْضَحُ. فالحاصِلُ أنَّ الشَاهدَ بما سمِعَ تارَةً يُؤدِّى اللَّفْظَ، وتارةً يؤدِّى المَعْنَى. وقال أيضًا: والفَرْعُ يقولُ: أشْهَدُ أنَّ فُلانًا يشْهَدُ. أو: [بأنَّ فُلانًا يشْهَدُ. فهو أوَّلُ رُتْبَةٍ. والثَّانيةُ، أشْهَدُ عليه أنَّه يشْهَدُ. أو](1): بأنه يشْهَدُ. والثالثةُ، أشْهَدُ على شَهادَتِه. انتهى. وقال فى «الرِّعايةِ»: ويَحْكِى الفَرْعُ صُورةَ الجملةِ، ويكْفِى العارِفَ: أشْهَدُ على شَهادَةِ فُلانٍ بكذا. والأوْلَى أنْ يحْكِىَ ما

(1) سقط من: ط.

ص: 51

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سمِعَه، أو يقولَ: شَهِدَ فُلان عندَ الحاكمِ بكذا. أو: أشْهَدُ أن فُلانًا أشهَدَ على شَهادَتِه بكذا. انتهى.

قوله: وإنْ سَمِعَه يقُولُ: أشْهَدُ على فُلانٍ بكَذا. لم يَجُزْ له أنْ يَشْهَدَ، إلَّا أنْ يَسْمَعَه يَشْهَدُ عِنْدَ الحَاكِمِ، أو يَشْهَدُ بحَقٍّ يَعْزيه إلى سبَب؛ مِن بَيْع، أو إجارَةٍ، أو قَرْض، فهلْ يَشْهَدُ به؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ؛ أحدُهما، يجوزُ أنْ يشْهَدَ به إذا سَمِعَه يشْهَدُ عندَ الحاكمِ، أو يَسْمَعُه يَشْهَدُ بحقٍّ

ص: 52

وَتَثْبُتُ شَهَادَةُ شَاهِدَىِ الأَصْلِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَيْهِمَا، سَوَاءٌ شَهِدَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أوْ شَهِدَ عَلَى كُلِّ

ــ

يعْزيه إلى سبَبٍ. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. واخْتارَه أيضًا القاضى، وابنُ البَنَّا. قالَه الزَّرْكَشِىُّ. قال فى «الرِّعايةِ»: وهو أشْهَرُ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْنِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، لا يجوزُ أنْ يَشْهَدَ إلا أنْ يَسْتَرْعِيَه. نَصَرَه القاضى وغيرُه؛ بِناءً منهم على (1) اعْتِبارِ الاسْتِرْعاءِ، على ما تقدَّم.

قوله: وتَثْبُتُ شَهادَةُ شاهِدَىِ الأصْلِ بشَهادَةِ شاهِدَيْنِ يَشْهَدان عليهما، سَواءٌ شَهِدا على كُلِّ واحِدٍ منهما، أو شَهِدَ على كلِّ واحدٍ. منهما شَاهِدٌ مِنْ شُهُودِ

(1) بعده فى ا: «أن» .

ص: 53

وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدٌ مِنْ شُهُودِ الْفَرْعِ. وَقَالَ أبو عَبْدِ الله ابْنُ بَطَّةَ: لَا تَثْبُتُ حَتَّى يَشْهَدَ أرْبَعَة؛ عَلَى كُلِّ شَاهِدِ أصْلٍ شَاهِدَا فَرْعٍ.

ــ

الفَرْعِ. وهذا المذهبُ. قال الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله: لم يَزَلِ النَّاسُ على هذا. قال الزَّرْكَشىُّ: هذا المذهبُ المَنْصوصُ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ وغيرُه. وقدَّمه فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وثُبوتُ شهادَةِ شاهِدٍ على شاهدٍ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ.

وقال أبو عَبْدِ الله ابنُ بَطَّةَ: لا تَثْبُتُ حتى يَشْهَدَ أرْبعَةٌ؛ على كلِّ شاهدِ أصْلٍ

ص: 54

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شاهِدَا فَرْع. وحكَاه فى «الخُلاصَةِ» رِوايةً. وعنه، يكْفِى شاهِدان يشْهَدان على كلِّ واحدٍ منهما. وهو تخْريج فى «المُحَررِ» وغيرِه. وقطَع به ابنُ هُبَيْرَةَ عنِ الِإمامِ أحمدَ، رحمه الله. وهو ظاهرُ ما ذكَره فى «المُغْنِى» ، و «الكافِى» عن ابنِ بَطَةَ. وعنه، يكْفِى شَهادَةُ رجُل على اثْنَيْن. ذكَرَه القاضى وغيرُه؛ لأنَّه خَبَرٌ. وذكَرَ الخَلَّالُ جَوازَ شَهادَةِ امْرأة على شهادَةِ امْرأةٍ. وسأله حَرْبٌ عن شَهادَةِ امْرَأتَيْن على شَهادَةِ امْرَأتَيْن. قال: يجوزُ. ذكَرَه فى «الفُروعِ» فى البابِ الذى قبلَ هذا.

ص: 55

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: يجوزُ أنْ يتَحَمَّلَ فَرْعٌ على أصْلٍ. وهل يتَحَمَّلُ فَرْعٌ على فَرْعٍ؟ تقدَّم فى أوَّلِ كتابِ القاضِى الى القاضِى.

ص: 56

وَلَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ فِى شَهَادَةِ الْفَرْعِ. وَعَنْهُ، لَهُنَّ مَدْخَل.

ــ

قوله: ولا مَدْخَلَ للنِّساءِ فى شهادَةِ الفَرْعِ. ومفْهومُه، أنَّ لهُنَّ مدْخَلًا فى شَهادَةِ الأصْلِ. واعلمْ أنَّ فى المسْألَةِ رِواياتٍ؛ إحْداهُنَّ، صرِيحُ المُصَنِّفِ ومفْهومُه، وهو أنَّه لا مدْخلَ لهُنَّ فى شَهادَةِ الفَرْعِ، ولهُنَّ مدْخَلٌ فى شَهادَةِ

ص: 57

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصْلِ. قال فى «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى»: وهو الأصحُّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا الأشْهَرُ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وهى طرِيقَتُه فى «الكافِى» وغيرِه. وقال فى «التَّرْغيبِ» وغيرِه: المَشْهورُ أنَّه لا مدْخلَ لهُنَّ فى الأصْلِ، وفى الفَرْعِ رِوايَتَانِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا مدْخلَ لهُنَّ فى الأصْلِ ولا فى الفَرْعِ. نصَرَه القاضى فى «التَّعْليقِ» وأصحابُه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى» . وهو مِن

ص: 58

فَيَشْهَدُ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأتيْنِ، أو رَجُلٌ وَامْرَأتانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتيْنَ.

ــ

مُفْرَداتِ المذهبِ. والرِّوايةُ الثَّالثةُ (1)، لهُنَّ مدْخل فيهما. وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الفُروعِ». وتقدَّم ما ذكَرَه الخَلالُ قريبًا. قال فى «النُّكَتِ»: وقيَّد (2) جماعة هذه الرِّوايةَ فيما تُقْبَلُ فيه شهادَتُهُنَّ مع الرِّجالِ أو مُنْفَرِداتٍ. وحَكاه فى «الرِّعايةِ» قوْلًا، قال (3): وليسَ كذلك.

قوله: فيَشْهَدُ رَجُلانِ على رَجُلٍ وامْرَأتيْن. يعْنِى على الرِّوايةِ الأُولَى

(1) فى ط: الثانية.

(2)

فى الأصل: «قبل» .

(3)

سقط من: ط.

ص: 59

وَفَالَ الْقَاضِى: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ.

ــ

والأخيرةِ. وهو الصَّحيحُ. وجزَم به فى «الفُروعِ» وغيرِه فيهما.

قوله: أو رَجُلٌ وامْرَأتان على رَجُلٍ وامْرَأتَيْن. وعلى رَجُلَيْن أيضًا. يعْنى على الرِّوايةِ الأخيرَةِ. وهو صحيحٌ. وقال فى «التَّرْغيبِ» : الشَّهادَةُ على رجُلٍ وامْرَأتَيْن كالشَّهادَةِ على ثلاثَةٍ؛ لتَعَدُّدِهم.

فائدتان؛ إحْداهما، لا يَجِبُ على الفُروعِ تعْدِيلُ أصُولِهم، ولو عدَّلُوهم، قبِلَ، ويُعْتبَرُ تعْيِينُهم لهم.

الثَّانيةُ، لو شَهِدَ شاهِدَا فَرْع على أصْلٍ، وتَعَذرتِ (1) الشَّهادَةُ على الآخَرِ، حَلَفَ واسْتَحَقَّ. ذكَرَه فى «التَّبْصِرَةِ» . واقْتصَرَ عليه فى «الفُروعِ» .

وقال القاضى: لا تجوز شَهادةُ رجُلَيْن على رجُلٍ وامْرَأتيْن. نصَّ عليه. قال

(1) فى الأصل، ط:«تعذر» .

ص: 60

نَصَّ عَلَيْهِ احْمَدُ. قَالَ أبو الْخَطَّابِ: وَفِى هَذِهِ الرِّوَايَةِ سَهْوٌ مِنْ نَاقِلِهَا.

وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَةِ شَاهِدَىِ الْفَرْعِ، حَتَّى تَثْبُتَ عِنْدَهُ عَدَالتهُمَا، وَعَدَالَةُ شَاهِدَىِ الْأصْلِ.

ــ

أبو الخَطَّاب: وفى هذه الرِّوايةِ سَهْوٌ مِن ناقِيها. قال فى «الهِدايةِ» : وقال شيْخُنا: لا يجوزُ؛ لأنَّ الإمامَ أحمدَ، رحمه الله، قال فى رِوايةِ حَرْبٍ: لا تجوزُ شَهادةُ رجُلٍ على شَهادَةِ امْرَأةٍ. قال: وهذه الرِّوايةُ إنْ صحَّتْ عن حَرْبٍ، فهى سَهْوٌ منه، فإنَّا إذا قُلْنا: شَهادَةُ امْرَأةٍ على شَهادَةِ امْرَأةٍ تُقْبَلُ. فأوْلَى أنْ تُقْبَلَ شَهادةُ رجُلٍ على شَهادَتِهما؛ فإنَّ شَهادَةَ الرَّجُلِ أقْوَى بكلِّ حالٍ؛ ولأنَّ فى هذه الرِّوايةِ أنَّه قال: أقْبَلُ شَهادةَ رجُلٍ على شهادةِ رجُلَيْن. وهذا مما لا وَجْهَ له؛ فإنَّ رجُلًا واحدًا لو كان أصْلًا، فشَهِدَ فى القَتْلِ العَمْدِ، ومعه ألْفُ امْرَأةٍ، لا تُقْبَلُ هذه الشَّهادَةُ، فإذا شَهِدَ بها وحدَه وهو فَرْعٌ، يُقْبَلُ ويُحْكَمُ بها! هذا مُحالٌ، ولو ثَبَتَ أنَّ الإِمامَ أحمدَ، رحمه الله، قال ذلك، فيَحْتَمِلُ أنُّه أرادَ، لا تُقْبَلُ شَهادَةُ الرَّجُلِ حتى يَنْضَمَّ معه غيرُه، فيُخَرَّجُ مِن هذه، أنَّه لا يكْفِى شَهادَةُ واحدٍ على واحدٍ، كما يقولُ أكثرُ الفُقَهاءِ. انتهى.

ص: 61

وَإنْ شَهِدَا عِنْدَهُ، فَلَمْ يَحْكُمْ حَتَّى حَضَرَ شُهُودُ الأصْلِ، وَقَفَ الْحُكْمُ عَلَى سَمَاعِ شَهَادَتِهِمْ.

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 62

وإنْ حَدَثَ مِنْهُمْ مَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ، لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ.

[352 ظ] وَإنْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ الْفَرْعِ، لَزِمَهُمُ الضَّمَانُ.

وَإنْ رَجَعَ شُهُودُ الْأصْلِ، لَمْ يَضْمَنُوا. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَضْمَنُوا.

ــ

قوله: وإنْ حَكَمَ بشَهادَتِهما، ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ الفَرْعِ، لَزِمَهم الضَّمانُ. بلا نِزاعٍ.

وقوله: وإنْ رَجَعَ شُهُودُ الأصْلِ، لم يَضْمَنُوا. يعْنِى شُهودَ الأصْلِ. وهو

ص: 63

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهبُ. [اخْتارَه القاضى وغيرُه. و](1) قدمه فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، [و «الحاوِى»](2)، [وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، وقال: هذا المذهبُ](2).

وَيَحْتَمِلُ أنْ يَضْمَنُوا. وقطَع به القاضى. قالَه فى «النُّكَتِ» . [وقدَّمه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، ونَصَرَه. وهو الصَّوابُ](2).

فائدتان؛ إحداهما، لو قال شُهودُ الأصْلِ: كذَبْنا. أو: غَلِطْا. ضَمِنُوا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن». وقيل: لا يضْمَنُونَ. وحكَى هذه الصُّورَةَ ومَسْألةَ المُصَنِّف

(1) سقط من: الأصل.

(2)

سقط من: ط، ا.

ص: 64

فَصْلٌ: وَمَتَى رَجَعَ شُهُودُ الْمَالِ بَعْدَ الْحُكْمِ، لَزِمَهُمُ الضمَانُ، وَلَمْ يُنْقَضِ الْحُكْمُ، سَوَاء مَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا أوْ تَالِفًا.

ــ

مسألَتَيْن فى «الرِّعايتَيْن» (1). وحكَاها بعضُهم مسْأَلَةً واحدةً؛ [وهو المَجْدُ وجماعةٌ](2).

الثَّانيةُ، قال فى «الفُروعِ»: أطْلَقَ جماعَةٌ مِن الأصْحابِ، أنَّه إذا أنْكَرَ الأصْلُ شَهادَةَ الفَرْعِ، لم يُعْمَلْ بها؛ لتأَكُّدِ الشهادَةِ، بخِلافِ الرِّوايةِ. قال فى «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجِيزِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم: لو قال شُهودُ الأصْلِ: ما أشْهَدْناهُما بشئ. لم يضْمَنِ الفَرِيقانِ شيئًا.

قوله: ومتى رَجَعَ شُهودُ المالِ بعدَ الحُكْمِ، لَزِمَهم الضمانُ، ولم يُنْقَضِ

(1) في الأصل: «الرعاية» .

(2)

سقط من: الأصل.

ص: 65

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحُكْمُ، سواءٌ كان قبلَ القَبْضِ أو بعدَه، وسواءٌ كان المالُ قائِمًا أو تألِفًا، وإنْ رَجَعَ

ص: 66

وَإنْ رَجَعَ شُهُودُ الْعِتْقِ، غَرِمُوا الْقِيمَةَ.

ــ

شُهُودُ العِتْقِ، غَرِمُوا القِيمَةَ. بلا نِزاعٍ نَعْلَمُه. لكِنَّه مُقَيَّدٌ بما إذا لم يُصَدِّقْهم المَشْهودُ له. وهو واضِحٌ. وأما المُزَكُّونَ، فإنَّهم لا يَضْمَنُونَ شيئًا.

تنبيه: مَحَلُّ الضَّمانِ إذا لم يُصَدِّقْه المَشْهودُ له، فإنْ صدَّقَ الرَّاجِعِينَ، لم

ص: 67

وَإنْ رَجَعَ شُهُودُ الطَّلاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، غَرِمُوا نِصْفَ الْمُسَمَّى، وَإنْ كَانَ بَعْدَهُ، لَم يَغْرَمُوا شَيْئًا.

ــ

يضْمَنِ الشُّهودُ شيئًا (1). ويُسْتَثْنَى مِنَ الضَّمانِ، لو شَهِدَا بدَيْن، فأبْرَأ منه مُسْتَحِقُّه، ثم رَجَعَا، فإنهما لا يغْرَمانِ شيئًا للمَشْهُود عليه. ذكَرَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» فى كتابِ الصَّداقِ، فى مسْألةِ تنْصِيفِ الصداقِ بعدَ هِبَتِها للزَّوْجِ. قال: ولو قَبَضَه المَشْهودُ له، ثم وَهَبَه المَشْهُودَ عليه، ثم رَجَعَا، غَرِمَا. انتهى.

قوله: وإنْ رَجَعَ شُهُودُ الطَّلاقِ قبْلَ الدُّخُولِ، غَرِمُوا نِصْفَ المُسَمَّى -أو بدَلَه، بلا نِزاع- وإنْ كان بعدَهُ، لم يَغْرَمُوا شَيْئًا. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. قال فى «تَجْرِيدِ العِنايةِ»: لم يَغْرَمُوا شيئًا فى الأشْهَرِ. قال فى «النُّكَتِ» : هذا هو الرَّاجِحُ فى المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ،

(1) سقط عن: الأصل.

ص: 68

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الخُلاصَةِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. واخْتارَه القاضى وغيرُه. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعنه، يَغْرَمُونَ كلَّ المَهْرِ. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، يَغْرَمُون مَهْرَ المِثْلِ. قلتُ: الصَّوابُ أنَّهم يَغْرَمُونَ. قال فى

ص: 69

وإنْ رَجَعَ شُهُودُ القِصَاصِ أوِ الْحَدِّ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ، لَمْ يُسْتَوْفَ، وإنْ كَانَ بَعْدَهُ، وَقَالُوا: أخْطَأْنَا. فَعَلَيْهِمْ دِيَةُ مَا تَلِفَ، وَيَتَقَسَّطُ الْغُرْمُ عَلَى عَدَدِهِمْ، فَإن رَجَعَ أحَدُهُمْ وَحْدَهُ، غَرِمَ بِقِسْطِهِ.

ــ

«النُّكَتِ» : وهذه الرِّوايةُ تدُلُّ على أن المُسَمى لا يَتَقَرًرُ بالدخولِ، فيَرْجِعُ الزَّوْجُ على مَنْ فوتَ عليه نِكاحَها برَضاعٍ أو غيرِه.

قوله: وإنْ رجَع شُهُودُ القِصَاصِ أوِ الحَدِّ قبلَ الاسْتِيفاءِ، لم يُسْتَوْفَ. وهذا

ص: 70

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصَّحيحُ مِن المذهبِ. وجزَم به فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. قال فى «النُّكَتِ»: هذا المشْهورُ. وقطَع به غيرُ واحدٍ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» . وصحَّحه فى «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيل: يُسْتَوْفَى إنْ كان لآدَمِيٍّ، كما لو طَرَأَ فِسْقُهم. وقال فى «الرِّعايةِ الصُّغرى» ، و «الحاوِى الصَّغيرِ»:

ص: 71

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإنْ رَجَعَ شاهدَا حَدٍّ بعدَ الحُكْمِ، وقبلَ الاسْتِيفاءِ، لم يُسْتَوْفَ. وفى القَوَدِ وحدِّ القَذْفِ وَجْهان. فعلى المذهبِ، يجِبُ دِيَةُ القَوَدِ، فإنْ وَجَبَ عَيْنًا، فلا. قالَه فى «الفُروعِ». قال ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «الواضحِ»: للمَشْهودِ له الدِّيَةُ، إلَّا أنْ نقولَ (1): الواجِبُ القِصاصُ حَسْبُ. فلا يجبُ شئٌ.

(1) فى الأصل: «يقول» .

ص: 72

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: وإنْ كانَ بعدَه -يعْنِى بعدَ الاسْتِيفاءِ- وقالُوا: أَخْطَأْنا. فعليهم دِيَةُ ما تَلِفَ. بلا نِزاعٍ، أو أَرْشُ الضَّرْبِ.

قوله: ويتَقَسَّطُ الغُرْمُ على عَدَدِهم -بلا نِزاعٍ- فإنْ رَجَعَ أحَدُهم، غَرِمَ بقِسْطِه. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرِّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الوَجِيزِ» ، وغيرِهم. قال فى «النُّكَتِ»: قطَع به جماعةً. ونصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، رحمه الله. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَغْرَمُ

ص: 73

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الكُلَّ. وهو احْتِمالٌ ذكَرَه ابنُ الزَّاغُونِىِّ.

ص: 74

وَإِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ سِتَّةٌ بِالزِّنَى فَرُجِمَ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْهُمُ اثْنَانِ، غَرِ مَا ثُلُثَ الدِّيَةِ.

ــ

قوله: وإنْ شَهِدَ عليه سِتَّةٌ بالزِّنَى، فرُجِمَ، ثُمَّ رَجَعَ منهم اثْنان، غَرِما ثُلُثَ الدِّيَةِ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه.

ص: 76

وَإِنْ رَجَعَ الْكُلُّ، لَزِمَتْهُمُ الدِّيَةُ أَسْدَاسًا.

ــ

وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيره. وقيل: لا يَغْرَمانِ شيئًا. قال صاحبُ «الرِّعايةِ» : وهو أقْيَسُ. فعلى المذهبِ، يُحَدُّ الرَّاجِعُ؛ لقَذْفِه. على الصَّحيح مِن المذهبِ. وفيه فى «الواضحِ» احْتِمالٌ؛ لقَذْفِه مَنْ ثَبَتَ زِنَاه.

فائدة: لو شهِدَ عليه خمْسَةٌ بالزِّنَى، فرَجَع نهم اثْنانِ، فهل عليهما خُمْسَا الدِّيَةِ، أو رُبْعُها؟ أو رَجَعَ اثْنانِ مِن ثلَاثةِ شُهودِ قَتْلٍ، فهل عليهما الثُّلُثان أو النِّصْفُ؟ فيه الخِلافُ السَّابِقُ. ولو رجَعَ واحدٌ مِن ثلَاثةٍ بعدَ الحُكْمِ، ضَمِنَ الثُّلُثَ. ولو رَجَعَ واحدٌ مِن خَمْسَةٍ فى الزِّنَى، ضَمِنَ خُمْسَ الدِّيَةِ. وهما مِنَ المُفْرَداتِ. ولو رَجَعَ رجُلٌ وعشْرُ نِسْوَةٍ فى مالٍ، غَرِمَ الرَّجُلُ سُدْسًا. على الصَّحيحِ مِن المذْهبِ. وقيل: نِصْفًا. وقيل: هو كأْنْثَى، فيَغْرَمْنَ البَقِيَّةَ.

ص: 77

وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى، وَاثْنَانِ بِالإِحْصَانِ، فَرُجِمَ، ثُم رَجَعَ الْجَمِيعُ، لَزِمَتْهُمُ الدِّيَةُ أَسْدَاسًا، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَفِى الْآخَرِ، عَلَى شُهُودِ الزِّنَى النِّصْفُ، وعَلَى شُهُودِ الإِحْصَانِ [353 و] النِّصْفُ. وَإنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى، وَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ بِالإِحْصَانِ، صَحَّتِ الشَّهَادَةُ، فَإِنْ رُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا عَنِ الشَّهَادَةِ،

ــ

قوله: وإنْ شَهِدَ أرْبَعَةٌ بالزِّنَى، واثْنان بالإِحْصانِ، فرُجِمَ، ثُمَّ رَجَعَ الْجَمِيعُ، لَزِمَهم الدِّيَةُ أَسْدَاسًا، فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وهما رِوايَتانِ عندَ ابنِ هُبَيْرَةَ وغيرِه. وهذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ،

ص: 79

فَعَلَى مَنْ شَهِدَ بِالإِحْصَانِ ثُلُثَا الدِّيَةِ، عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِى، يَلْزَمُهُمْ ثَلَاَثةُ أَرْبَاعِهَا.

ــ

وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغيرِ» ، وغيرِهم. قال النَّاظِمُ: تَساوَوْا فى الضَّمانِ فى الأَقْوَى.

وفى -الوَجْهِ- الآخَرِ، على شُهودِ الزِّنَى النِّصْفُ، وعَلَى شُهُودِ الإِحْصَانِ النِّصْفُ. وأَطْلَقَهماَ ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» ، و «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» .

وقيل: لا يَضْمَنُ شُهودُ الإِحْصانِ شيئًا؛ لأنَّهم شُهودٌ بالشَّرْطِ لا بالسَّبَبِ المُوجِبِ.

ص: 80

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: لو رَجَعَ شُهودُ الإِحْصانِ كلُّهم، أو شُهودُ الزِّنَى كلُّهم، غَرِمُوا الدِّيَةَ كامِلَةً. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يغْرَمُونَ النِّصْفَ فقط. اخْتارَه ابنُ حَمْدانَ.

قوله: وإنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بالزِّنَى، واثْنان منهم بالإِحْصانِ، صَحَّتِ الشَّهادَةُ، فإن رُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا عَنِ الشَّهادَةِ، فعلى مَنْ شَهِدَ بالإِحْصانِ ثُلُثا الدِّيَةِ، على الوَجْهِ الأَوَّلِ. وعلى الوَجْهِ الثَّانِى، يَلْزَمُهم ثَلَاثةُ أَرْباعِها. وهو تفْريعٌ

ص: 81

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

صحيحٌ. وقد عَلِمْتَ المذهبَ منهما.

فوائد؛ منها، لو شَهِدَ قومٌ بتَعْليقِ عِتْقٍ، أو طَلاقٍ، وقَوْمٌ بوُجودِ شَرْطِه، ثم رَجَعَ الكُلُّ، فالغُرْمُ على عدَدِهم. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: تَغْرَمُ كلُّ جِهَةٍ النِّصْفَ. وقيل: يَغْرَمُ شُهودُ التَّعْليقِ الكُلَّ.

ومنها، لو رجَعَ شُهودُ كتابةٍ، غَرِمُوا ما بينَ قِيمَتِه سَلِيمًا ومُكاتَبًا، فإنْ عَتَقَ، غَرِمُوا ما بينَ قِيمَتِه ومالِ الكِتابَةِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يَغْرَمُونَ كلَّ قِيمَتِه. وإنْ لم يَعْتِقْ، فلا غُرْمَ.

ومنها، لو رَجَعَ شُهودٌ باسْتِيلادِ أَمَةٍ، فهو كرُجوعِ شُهودِ كِتابَةٍ، فيَضْمَنُونَ

ص: 82

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نقْصَ قِيمَتِها. فإنْ عتَقَتْ بالمَوْتِ، فَتَمامُ قِيمَتِها. قال بعْضُهم، فى طرِيقَتِه فى بَيْعِ وَكيلٍ بدُونِ ثَمَنِ مِثْلٍ: لو شَهِدَ بتَأْجيلٍ، وحكَم الحاكِمُ ثم رَجَعُوا، غَرِمَا ما تَفاوَتَ ما بينَ الحالِّ والمُؤَجَّلِ.

ص: 83

وَإِنْ حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، فَرَجَعَ الشَّاهِدُ، غَرِمَ الْمَالَ كُلَّهُ. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَغْرَمَ النِّصْفَ.

ــ

قوله: وإنْ حَكَمَ بشاهِدٍ ويَمِينٍ، فرَجَعَ الشَّاهِدُ، غَرِمَ المالَ كُلَّه. هذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ. ونصَّ عليه فى رِوايةِ جَماعةٍ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدَّمه فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ.

ويَتَخَرَّجُ أنْ يَضْمَنَ النِّصْفَ. وهو لأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايةِ» ، خرَّجه مِن ردِّ اليَمِينِ على المُدَّعِى.

فوائد؛ الأُولَى، يجِبُ تقْديمُ الشَّاهدِ على اليَمِينِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «عُمَدِ الأدِلَّةِ»: يجوزُ أنْ

ص: 84

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَسْمَعَ يمينَ المُدَّعِى قبلَ الشَّاهدِ فى أحَدِ الاحْتِمالَيْن. وحكَى [ابنُ القَيِّمِ، رحمه الله](1)، فى «الطُّرُقِ الحُكْمِيَّةِ» وَجْهَيْن فى ذلك.

الثَّانيةُ، لو رَجَعَ شُهودُ تَزْكِيَةٍ، فحُكْمُهم حكمُ رُجوعِ مَنْ زَكُّوهم.

الثَّالثةُ، لا ضَمانَ برُجوعٍ عن شَهادَةٍ بكَفالَةٍ عن نَفْسٍ، أو بَراءَةٍ منها، أو أنَّها زوْجَتُه، أو أنَّه عفَا عن دَمِ عَمْدٍ؛ لعدَمِ تضَمُّنِه مالًا. وقال فى «المُبْهِجِ»: قال القاضى: وهذا لا يصِحُّ؛ لأنَّ الكَفالَةَ تتَضَمَّنُه بهَرَبِ المَكْفُولِ، والقَوَدُ قد يجِبُ به مال.

(1) زيادة من: ا.

ص: 85

فَإِن بَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ كَانَا كَافِرَيْنِ، أَوْ فَاسِقَيْنِ،

ــ

الرَّابعةُ، لو شَهِدَ بعدَ الحُكْمِ بمُنافٍ للشَّهادةِ الأُولَى، فكَرُجوعِه وأَوْلَى. قالَه الشَّيْخُ تَقِىٌّ الدِّينِ، رحمه الله. واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ» .

الخامسةُ، لو زادَ فى شَهادَتِه أو نقَصَ قبلَ الحُكْمِ، أو أدَّى بعدَ إنْكارِها، قُبل. نصَّ عليهما، كقَوْلِه: لا أعْرِفُ الشَّهادَةَ. وقيل: لا يُقْبَلُ، كبَعدِ الحُكْمِ. وقيل: يُؤْخَذُ بقوْلِه المُتَقَدِّمِ. وإنْ رَجَعَ، لَغَتْ ولا حُكْمَ، ولم يضْمَنْ. وإنْ لم يصَرِّحْ بالرُّجوعِ، بل قال للحاكمِ: تَوَقَّفْ. فتَوَقَّفَ، ثم عادَ إليها، قُبِلَتْ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. ففى وُجوبِ إعادَتِها احْتِمالَان. قلتُ: الأَوْلَى عدَمُ الإعادَةِ. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعَ» .

قوله: وإنْ بَانَ بعدَ الحُكْمِ أنَّ الشَّاهِدَيْن كانَا كافِرَيْن، أو فاسِقَيْن، نُقِضَ -

ص: 86

نُقِضَ، وَيُرْجَعُ بِالْمَالِ أَوْ بِبَدَلِهِ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ. وَإِنْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ إِتْلَافًا، فَالضَّمَانُ عَلَى المُزَكِّينَ. فَان لَمْ يَكُنْ ثَمَّ تَزْكِيَةٌ، فَعَلَى الْحَاكِمِ. وَعَنْهُ، لَا يُنْقَضُ إِذَا كَانَا فَاسِقَيْنِ.

ــ

الحُكْمُ - ويُرْجَعُ بالمالِ أو ببَدَلِه على المَحْكُومِ له وإنْ كانَ المَحْكُومُ به إتْلَافًا، فالضَّمانُ على المُزَكِّين. فإنْ لم يَكُنْ ثَمَّ تَزْكِيَةٌ، فعلى الحاكِمِ. إذا بانَ بعدَ الحُكْمِ أنَّ الشَّاهِدَيْن كانَا كافِرَيْن، نُقِضَ الحُكْمُ، بلا خِلافٍ. وكذا إنْ كانَا فاسِقَيْن. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «القَواعِدِ»: هذا المشْهورُ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايةِ» ،

ص: 87

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعَ» ، وغيرِهم.

وعَنهُ، لا يُنْقَضُ إذا كانا فاسِقَيْن. قالَ فى «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ» ، وتبِعَه فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: رجَّح ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُنونِ» عدَمَ النَّقْضِ، وجزَم به القاضى، فى كتابِ الصَّيْدِ مِن «خِلافِه» ، والآمِدِىُّ؛ لِئَلَّا يُنْقَضَ الاجْتِهادُ بالاجْتِهادِ. وذكَر ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» ، أنَّه الأَظْهَرُ. فعليها، لا ضَمانَ. وفى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: يَضْمَنُ الشُّهودُ. وقالَه الشَّارِحُ. وذكَرَ ابنُ الزَّاغُونِىِّ، أنَّه لا يجوزُ له نَقْضُ حُكْمِه بفِسْقِهما، إلَّا بثُبوتِه ببَيِّنَةٍ، إلَّا أنْ يكونَ حَكَمَ بعِلْمِه فى عَدالَتِهما، أو بظاهرِ عَدالَةِ الإِسْلامِ. ونَمْنَعُ ذلك فى المَسْألتَيْن، فى إحْدَى الرِّوايتَيْن، وإنْ جازَ فى الثَّانيةِ، احْتَمَلَ وَجْهَيْن؛ فإنْ وافَقَه المَشْهودُ له على ما ذكَرَ، ردَّ مالًا أخَذَه، ونقَضَ الحُكْمَ بنَفْسِه دُونَ الحاكمِ، وإنْ خالَفَه فيه، غَرِمَ

ص: 88

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحاكمُ. انتهى. وأجابَ أبو الخَطَّابِ: إذا بانَ له فِسْقُهما وقْتَ الشَّهادَةِ، أو أنَّهما كانَا كاذِبَيْن، نقَضَ الحُكْمَ الأَوَّلَ، ولم يَجُزْ له تنْفِيذُه. وأجابَ أبو الوَفاءِ: لا يُقْبَلُ قوْلُه بعدَ الحُكْمِ. انتهى. فعلى المذهبِ، يَرْجِعُ بالمالِ أو ببَدَلِه على المَحْكُومِ له،

ص: 89

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كما قال المُصنِّفُ، ويَرْجِعُ عليه أيضًا ببَدَلِ قَوَدٍ مُسْتَوْفًى، وإنْ كان الحُكْمُ للهِ تِعالَى بإتْلافٍ حِسِّىٍّ، أو بما سَرَى إليه الإِتْلافُ، فالضَّمانُ على المُزَكِّيَيْن (1)، فإنْ لم، يَكُنْ ثَمَّ تَزْكِيَةٌ، فعلى الحاكمِ. كما قال المُصَنِّفُ. وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وذكَر القاضى، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ» ، أنَّ الضَّمانَ على الحاكمِ، ولو كان ثَمَّ مُزَكُّونَ، كما لو كانَ فاسِقًا. وقيل: له تَضْمِينُ أيِّهما شاءَ، والقَرارُ على المُزَكِّينَ (2). وعندَ أبى الخَطَّابِ، يَضْمَنُه الشُّهودُ. ذكَرَه (3) فى «خِلافِه الصَّغِيرِ» .

(1) فى ا: «المزكين» .

(2)

فى الأصل: «المزكيين» .

(3)

بعده فى الأصل: «القاضى» .

ص: 90

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدتان؛ إحداهما، لو بانُوا عَبِيدًا، أو والِدًا، أو ولَدًا، أو عَدُوًّا، فإنْ كان الحاكِمُ الذى حَكَمَ به يَرَى الحُكْمَ به، لم يُنْقَضْ حُكْمُه (1)، وإنْ كان لا يرَى الحُكْمَ به، نقَضَه ولم ينْفُذْ. وهذا المذهبُ. وقال فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه: مَنْ

(1) سقط من: أ.

ص: 91

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حكَمَ بقَوَدٍ أو حدٍّ ببَيِّنَةٍ، ثم بانُوا عَبِيدًا، فله نقْضُه إذا كان لا يَرى قَبُولَهم فيه.

ص: 92

وَإِنْ شَهِدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ بِحَقٍّ، ثُمَّ مَاتُوا، حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ، إِذَا

ــ

قال: وكذا مُخْتَلَفٌ فيه صادَفَ (1) ما حكَم فيه وجَهِلَه. وتقدَّم كلامُه فى «الإِرْشادِ» فيما إذا حكَم فى مُخْتَلَفٍ فيه بما لا يَراه، مع عِلْمِه أنَّه لا يُنْقَضُ. فى بابِ طريقِ الحُكْمِ وصِفَتِه.

الثَّانيةُ، قولُه: وإنْ شَهِدُوا عندَ الحَاكِمِ بحَقٍّ، ثُمَّ ماتُوا، حكَم بشَهادَتِهِمْ، إذا

(1) فى أ: «صادق» .

ص: 93

ثَبَتَتْ عَدَالتهُمْ.

وَإِذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ بِشَاهِدِ الزُّورِ، عَزَّرَهُ، وَطَافَ بِهِ فِى الْمَوَاضِعِ الَّتِى يَشْتَهِرُ فِيهَا، فَيُقَالُ: إِنَّا وَجَدْنَا هَذَا شَاهِدَ زُورٍ، فَاجْتَنِبُوهُ.

ــ

ثَبَتَتْ عَدَالَتُهم. بلا نِزاعٍ. وكذا لو جُنُّوا.

قوله: وإِذا عَلِم الحَاكِمُ بشاهِدِ الزُّورِ -إمَّا بإِقْرارِه، أَوْ عَلِمَ كَذِبَه، وتَعَمُّدَه- عَزَّرَه، وطافَ به فى المواضِعِ التى يَشْتَهِرُ فيها، فيُقالُ: إنَّا وَجَدْنا هَذا

ص: 94

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شاهِدَ زُورٍ، فَاجْتَنِبُوه. بلا نِزاعٍ. وللحاكمِ فِعْلُ ما يَرَاه مِن أنْواعِ التَّعْزيرِ به. نقَل حَنْبَلٌ، ما لم يُخالِفْ نَصًّا. وقال المُصَنِّفُ: أو يُخالِفْ مَعْنَى نصٍّ. قال ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه: وله أَنْ يَجْمَعَ بينَ عُقُوباتٍ، إنْ لم يرْتَدِعْ إلَّا به. ونَقَل مُهَنَّا كَراهَةَ تسْوِيدِ الوَجْهِ. وتقدَّم فى بابِ التَّعْزيرِ، أشْياءُ مِن ذلك، فَلْيُراجَعْ.

ص: 95

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدتان؛ إحداهما، لا يُعَزَّرُ بتَعارُضِ البَيِّنَةِ، ولا بغَلَطِه (1) فى شَهادَتِه، ولا برُجوعِه عنها. ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقال فى «التَّرْغيبِ»: إذا ادَّعَى شُهودُ القَوَدِ الخَطَأ، عُزِّرُوا.

(1) فى أ: «بخلطه» .

ص: 96

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الثَّانيةُ، لو تابَ شاهِدُ الزُّورِ قبلَ التَّعْزيرِ، فهل يَسْقُطُ التَّعْزيرُ عنه؟ فيه وَجْهان. ذكَرَهما القاضى فى «تَعْليقِه» . وتَبِعَه فى «الفُروعِ» ، وأَطْلَقهما،

ص: 97

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال: فيَتَوَجَّهانِ فى كلِّ تائبٍ بعدَ وُجوبِ التَّعْزيرِ، وكأَنَّهما مَبْنِيَّانِ على التَّوْبَةِ مِن

ص: 98

وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إِلَّا بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ قَالَ: أَعْلَمُ. أَوْ: أُحِقُّ. لَمْ يُحْكَمْ بِهِ.

ــ

الحدِّ، على ما مَرَّ فى أواخِرِ بابِ حدِّ المُحارِبينَ. قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ السُّقوطِ هنا.

قوله: ولا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إلَّا بلَفْظِ الشَّهادَةِ، فإنْ قالَ: أَعْلَمُ. أَوْ: أُحِقُّ. لَمْ يُحْكَمْ به. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم (1)؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ،

(1) سقط من: الأصل.

ص: 99

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «المُحَرَّر» ، و «الوَجِيزِ» ، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يصِحُّ، ويُحْكَمُ بها. اخْتارَها أبو الخَطَّابِ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهما اللَّهُ، وقال: لا يُعْرَفُ عن صَحابِىٍّ ولا تابِعِىٍّ اشْتِراطُ لَفْظِ الشَّهادَةِ، [وفى الكتابِ والسُّنَّةِ، إطْلاقُ لَفْظِ الشَّهادَةِ على الخَبَرِ المُجَرَّدِ عن لَفْظِ الشَّهادَةِ](1). واخْتارَه ابنُ القَيِّمِ، رحمه الله، أيضًا.

فائدتان؛ إحداهما، لو شَهِدَ على إقْرارٍ (2)، لم يُشْتَرَطْ قولُه: طَوْعًا، فى صِحَّتِه، مُكَلَّفًا. عمَلًا بالظَّاهرِ، ولا يُشْترَطُ إشارَتُه إلى المَشْهودِ عليه إذا كان

(1) سقط من: ط.

(2)

فى الأصل، أ:«إقراره» .

ص: 100

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حاضِرًا، مع نَسَبِه ووَصْفِه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: ولا يُعْتَبَرُ قولُه: إنَّ الدَّيْنَ باقٍ فى ذِمَّتِه إلى الآنَ. بل يَحْكُمُ الحاكمُ باسْتِصحابِ الحالِ إذا ثَبَتَ عندَه سبَبُ الحُكْمِ إجْماعًا. وتقدَّم ذلك عنه (1)، فى أوَائلِ بابِ طريقِ الحُكْمِ وصِفَتِه.

الثَّانيةُ، لو شَهِدَ شاهِدٌ عندَ حاكمٍ، فقال آخَرُ: أشْهَدُ بمِثْلِ ما شَهِدَ به. أو: بما وَضَعْتُ به خَطِّى. أو: وبذلك أشْهَدُ. أو: وكذلك أشْهَدُ. فقال فى «الرِّعايَةِ» : يَحْتَمِلُ أوْجُهًا؛ الصِّحَّةَ، وعَدَمَها، والثَّالِثَ، يصِحُّ فى قوْلِه:

(1) سقط من: الأصل.

ص: 101

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وبذلك أشْهَدُ. و: كذلك أشْهَدُ. قال: وهو أشْهَرُ وأظْهَرُ. انتهى. وقال فى «النُّكَتِ» : والقَوْلُ بالصِّحَّةِ فى الجميعِ أَوْلَى. واقْتَصَرَ فى «الفُروعِ» على حِكايةِ ما فى «الرِّعايةِ» .

ص: 102