المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ: وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا دُونَ النِّصْفِ، وَلَا يَصِحُّ فِيمَا زَادَ - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٣٠

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ: وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا دُونَ النِّصْفِ، وَلَا يَصِحُّ فِيمَا زَادَ

‌فَصْلٌ:

وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا دُونَ النِّصْفِ، وَلَا يَصِحُّ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ.

ــ

الطَّريقَةُ الرَّابِعةُ، عَكْسُ التى قبلَها؛ وهى عَدَمُ قَبُولِ قوْلِه هنا، وإنْ قَبِلْناه فى التى قبلَها. واخْتارَه المُصَنِّفُ، وجماعَةٌ مِنَ الأصحابِ.

الفائدةُ الرَّابعةُ (1)، قوْلُه: ويَصِحُّ اسْتِثْناءُ ما دُونَ النِّصْفِ. تقدَّمَ حُكْمُ الاسْتِثْناءِ فى بابِ الاسْتِثْناءِ فى الطلاقِ. ويُعْتَبَرُ فيه أَنْ لا يسْكُتَ سُكوتًا يُمْكِنُه فيه الكَلامُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذَّهبِ. قال النَّاظِمُ وغيرُه: وعليه الأصحابُ. ونصَّ

(1) فى الأصل: «الثالثة» .

ص: 228

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عليه. وذكَر فى «الواضِحِ» لابنِ الزَّاغُونِىِّ رِوايةً، يصِحُّ الاسْتِثْناءُ، ولو أمْكَنَه. وظاهِرُ كلامِه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، أنَّه كالاسْتِثْناءِ فى اليمينِ، على ما تقدَّم فى كِتابِ الأَيْمانِ. وذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، وقال: مِثْلُه كلُّ صِلَةِ كلامٍ مُغيِّرٍ له. واخْتارَ أنَّ المُتَقارِبَ مُتَواصِلٌ. وتقدَّم هذا مُسْتَوْفًى فى آخِرِ بابِ الاسْتِثْناءِ فى الطَّلاقِ، فَلْيُراجَعْ (1).

قوله: ولا يصِحُّ اسْتِثْنَاءُ ما زادَ عليه. يعْنِى، على النِّصْفِ، وهو المذهبُ.

(1) هكذا فى النسخ، وهو فى أول باب الاستثناء فى الطلاق. انظر 22/ 370.

ص: 229

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعليه جماهيرُ الأصحابِ. حتى قال صاحبُ «الفُروعِ» فى «أُصُولِه» : اسْتِثْناءُ الأَكْثَرِ باطِلٌ عندَ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، وأصحابِه. ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ،

ص: 230

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رحمه الله، فى الطَّلاقِ، فى رِوايةِ إسْحَاقَ. قال فى «النُّكَتِ»: قطَع به أكثرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (1): لا يخْتَلِفُ المذهبُ فيه. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «الرِّعايةِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: يصِحُّ اسْتِثْناءُ الأكثرِ (2). اخْتارَه أبو بَكْرٍ الخَلَّالُ. قال فى «النُّكَتِ» : وقد ذكَرَ القاضى وَجْهًا -واخْتارَه- فيما إذا

(1) 7/ 292.

(2)

فى الأصل: «الكل» .

ص: 231

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال: له علىَّ ثلاثَةٌ إلَّا ثلاثَةً إلَّا دِرْهَمَيْن. أنَّه يَلْزَمُه دِرْهَمان. قال: وهذا إنَّما يجئُ

ص: 232

وَفِى اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ وَجْهَانِ.

ــ

على القَوْلِ بصِحَّةِ اسْتِثْناءِ الأكثرِ.

قوله: وفى اسْتِثْناءِ النِّصْفِ وَجْهان. وحكَاهما فى «الإِيضاحِ» رِوايتَيْن.

ص: 233

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأَطلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «الإِيضاحِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الكافِى» ، و «الهادِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. قال ابنُ هُبَيْرَةَ: الصِّحَّةُ ظاهِرُ المذهبِ. واخْتارَه الخِرَقِىُّ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». [قال ابنُ عَقِيلٍ فى «تَذْكِرَتِه»] (1): ومَنْ أقَرَّ بشئٍ، ثم اسْتَثْنَى أكْثرَه، لم يصِحَّ الاسْتِثْناءُ، ولَزِمَه جميعُ ما أقَرَّ به. فظاهِرُه صِحَّةُ اسْتِثْناءِ النِّصْفِ. قال فى «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأَدَمِىِّ»: ولا يصِحُّ اسْتِثْناءُ أكثرَ مِنَ النِّصْفِ. فظاهِرُهما صِحَّةُ اسْتِثْناءِ النِّصْفِ. وصحَّحه فى «الرِّعايةِ الكُبْرى» . وقال فى «الصُّغرى» : يصِحُّ فى الأَقْيَسِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» . وقدَّمه فى «الخُلاصةِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» .

والوَجْهُ الثَّانى، لا يصِحُّ. قال الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» ، وشارِحُ «الوَجِيزِ»: هذا أَوْلَى. قال الطُّوفِىُّ فى «مُخْتَصَرِه» فى الأُصولِ، و «شَرْحِه»: وهو الصَّحيحُ مِن مذهبِنا. وصحَّحه النَّاظِمُ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ» : وقال طائفةٌ: الاسْتِثْناءُ جائِزٌ فيما لم يَبْلُغِ النِّصْفَ والثُّلُثَ. قال: وبه أقولُ. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى أيضًا، فى بابِ الاسْتِثْناءِ فى الطَّلاقِ.

(1) سقط من: الأصل.

ص: 234

فَإذَا قَالَ: لَهُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ الْعَشَرَةُ إلَّا وَاحِدًا. لَزِمَهُ تَسْلِيمُ تِسْعَةٍ.

فَإِنْ مَاتُوا إلَّا وَاحِدًا، فَقَالَ: هُوَ المُسْتَثْنَى. فَهَلْ يُقْبَلُ؟ عَلَى وَجْهَيْنَ.

ــ

قوله: فإنْ قال: له هؤلاءِ العَبِيدُ العَشَرَةُ إلَّا واحِدًا. لَزِمَه تَسْليمُ تِسْعَةٍ، فإنْ ماتوا إلَّا واحِدًا، فقال: هو المُسْتَثْنَى. فهل يُقْبَلُ؟ على وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ؛ أحدُهما، يُقْبَلُ قولُه. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضى وغيرُه. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وشارِحُ «الوَجِيزِ» ، والنَّاظِمُ، وصاحبُ «التَّصْحيحِ» ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». قال فى «الفُروعِ»: قُبِلَ فى

ص: 235

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحِّ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغيرِ» ، وغيرِهم.

والوَجْهُ الثَّانى، لا يُقْبَلُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ.

فائدتان؛ إحْداهما، لو قُتِلَ، أو غُصِبَ الجميعُ إلَّا واحدًا، قُبِلَ تَفْسِيرُه به،

ص: 236

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَجْهًا واحدًا؛ لأنَّه غيرُ مُتَّهَمٍ، لحُصولِ قيمَةِ المَقْتُولِين أو المَغْصُوبِين، أو رُجوعِهم للمُقَرِّ له.

ص: 237

وَإِنْ قَالَ: لَهُ هَذِهِ الدَّارُ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ. أَوْ: هَذِهِ الدَّارُ لَهُ وَهَذَا الْبَيْتُ لِى. قُبِلَ مِنْهُ.

ــ

الثَّانيةُ، لو قال: غصَبْتُهم إلَّا واحدًا. فماتُوا أو قُتِلُوا إلَّا واحدًا، صحَّ تفْسِيرُه به، وإنْ قال: غصَبْتُ هؤلاءِ العَبِيدَ (1) إلَّا (2) واحدًا. صُدِّقَ فى تَعْيينِ الباقِى.

قوله: وإنْ قال: له هذه الدَّارُ إلَّا هذا البَيْتَ. أو: هذه الدَّارُ له وهذا البَيْتُ لى. قُبِلَ منه. بلا نِزاعٍ. وإنْ كان أكثرَها (3). وإنْ قال: له هذه الدَّارُ نِصْفُها. فقد أقَرَّ بالنِّصْفِ، وكذا نحوُه. وإنْ قال: له هذه الدَّارُ (2)، ولى نصْفُها. صحَّ فى الأقْيَسِ. قالَه فى «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقال فى «الصُّغْرى»: بَطَلَ فى الأَشْهَرِ. قال فى «الحاوِى الصَّغِيرِ» : بَطَلَ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. انتهى. والصَّحيحُ مِن

(1) سقط من: الأصل.

(2)

بعده فى الأصل: «واحد إلا» .

(3)

فى الأصل: «أكبرهما» .

ص: 238

وَإِذَا قَالَ: لَهُ عَلَىَّ دِرْهَمَانِ وَثَلَاَثةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ. أَوْ: لَهُ عَلَىَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا. فَهَلْ يَصِحُّ الاسْتِثْنَاءُ؟ عَلَى وَجْهَيْنَ.

ــ

المذهبِ، أنَّ الخِلافَ هنا مَبْنِىٌّ على الخِلافِ فى اسْتِثْناءِ النِّصْفِ، على ما تقدَّم. قال فى «الفُروعِ»: ولو قال: هذه الدَّارُ له إلَّا ثُلُثَيْها. أو: إلَّا ثَلاثةَ أرْباعِها. أو: إلَّا نِصْفَها. فهو اسْتِثْناءٌ للأكْثَرِ والنَّصْفِ. قالَه الأصحابُ.

قوله: وإنْ قال: له علىَّ دِرْهَمان وثَلَاثةٌ إلَّا درْهَمَيْن. أَوْ: له علىَّ دِرْهَمٌ ودِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا. فهل يَصِحُّ الاسْتِثْناءُ؟ عَلى وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، إذا قال: له علىَّ دِرْهَمان وثَلَاثةٌ إلَّا دِرْهَمَيْن. لم يصِحَّ الاسْتِثْناءُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ؛ لرَفْعِ إحْدَى الجُمْلَتَيْن. قال فى «الفُروعِ» : لم يصِحَّ فى الأصحِّ. قال المُصَنِّفُ: وهذا أَوْلَى. ورَدَّ غيرَه.

ص: 239

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه فى «الخُلاصةِ» ، و «الشَّرْحِ» .

والوَجْهُ الثَّانى، يصِحُّ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» ، و «النَّظْمِ» . وجزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنَ عَبْدُوسٍ» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى». قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّ الاسْتِثْناءَ بعدَ العَطْفِ بواوٍ يَرْجِعُ إلى الكُلِّ. قال فى «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ» : صحَّحَ جماعَةٌ أنَّ الاسْتِثْناءَ فى المسْألتَيْن لا يصِحُّ. وما قالُوه ليس بصحيحٍ، على قاعِدَةِ المذهبِ، بل قاعِدَةُ المذهبِ تَقْتَضِى

ص: 240

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

صِحَّةَ الاسْتِثْناءِ. وأمَّا إذا قال: له علىَّ دِرْهَمٌ ودِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا (1). فإنْ قُلْنا: لا يصِحُّ اسْتِثْناءُ النِّصْفِ، فهنا لا يصِحُّ بطَريقٍ أوْلَى، وإنْ قُلْنا: يصِحُّ. فيَتَوَجَّهُ فيها وَجْهان، كالتى قبلَها. هذا ما ظهَرَ لى، وإنْ كان ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ والمَجْدِ الإطْلاقَ. قال فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى»: والاسْتِثْناءُ بعدَ العَطْفِ بواوٍ يَرْجِعُ الى الكُلِّ. وقيل: إلى ما يَلِيه. فلو قال: له علىَّ دِرْهَمٌ ودِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا. فدِرْهَمٌ على الأَوَّلِ إنْ صحَّ اسْتِثْناءُ النِّصْفِ، وإلَّا فاثْنان. وجزَم (2) ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» بأنَّه يَلْزَمُه (3) دِرْهَمان. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه فى «المُذْهَبِ» ، و «الشَّرْحِ». قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (4): وهو أَوْلَى. وصحَّح أنَّ الاسْتِثْناءَ لا يرْجِعُ إلى الجميعِ، ورَدَّ قولَ مَنْ قال: إنَّه يرْجِعُ إلى الجميعِ. ولُزومُ دِرْهَمَيْن فى هذه

(1) فى ط، أ:«درهان» .

(2)

بعده فى الأصل: «به» .

(3)

فى الأصل: «يلزم» .

(4)

انظر المغنى: 7/ 273.

ص: 241

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا. لَزِمَتْهُ الْخَمْسَةُ، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَفِى الْآخَرِ، تَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ.

ــ

المَسْألَةِ هو المذهبُ.

قوله: وإنْ قال: له علىَّ خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْن ودِرْهَمًا. لَزِمَه الخَمْسَةُ، فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وهو المذهبُ، جَمْعًا للمُسْتَثْنَى. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» ، و «النَّظْمِ» . وجزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيْرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قال فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى»: وإنْ قال: خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَين ودِرْهَمًا. وجَبَ خَمْسَةٌ على أنَّ الوإوَ للجَمْعِ (1)، وإلَّا فثَلَاثةٌ.

والوَجْهُ الثَّانى، تَلْزَمُه ثلَاثَةٌ. وأَطْلَقَهما فى «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الفُروعِ» .

(1) فى الأصل: «للجميع» .

ص: 242

وَيَصِحُّ الاسْتِثْنَاءُ مِنَ الاسْتِثْنَاءِ؛ فَإِذَا قَالَ: لَهُ عَلَى سَبْعَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً إِلَّا دِرْهَمًا. لَزِمَهُ خَمْسَةٌ.

ــ

قوله: ويَصِحُّ الاسْتِثْناءُ مِن الاسْتِثْناءِ؛ فإذا قال: له علىَّ سَبْعَةٌ إلَّا ثَلاثَةً إلَّا دِرْهَمًا. لَزِمَه خَمْسَةٌ. لأنَّه مِنَ الإِثْباتِ نَفْىٌ، ومِنَ النَّفْى إثْباتٌ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرُهم مِن الأصحابِ؛ لأنَّه أثْبَتَ سبْعَةً، ثم نَفَى منها ثَلَاثَةً، ثم أثْبَتَ واحِدًا، وبَقِىَ مِن الثَّلاثَةِ المَنْفِيَّةِ دِرْهَمان مُسْتَثْنَيان مِنَ السَّبْعَةِ، فيَكونُ مُقِرًّا بخَمْسَةٍ.

ص: 243

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا ثَلَاثَةً إِلَّا دِرْهَمَيْنِ إِلَّا دِرْهَمًا. لَزِمَتْهُ عَشَرَةٌ، فِى أَحَدِ الْوُجُوهِ. وَفِى الآخَرِ، تَلْزَمُهُ سِتَّةٌ، وَفِى الآخَرِ سَبْعَةٌ، وَفِى الآخَرِ ثَمَانِيَةٌ.

ــ

قوله: وإنْ قالَ: له علىَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمَيْن إلَّا دِرْهَمًا. لَزِمَه عَشَرَةٌ، فى أَحَدِ الوُجُوهِ. إنْ بَطَلَ اسْتِثْناءُ النِّصْفِ، والاسْتِثْناءُ مِن الاسْتِثْناءِ

ص: 244

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

باطِلٌ، بعَوْدِه إلى ما قبلَه؛ لبُعْدِه، كسُكُوتِه. قالَه (1) فى «الفُروعِ» . وهذا الوَجْهُ اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» .

وفى الآخَرِ، تَلْزَمُه سِتَّةٌ. جزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ». وبعَّدَه النَّاظِمُ. قال الشَّارِحُ: لأنَّ الاسْتِثْناءَ إذا رفَع الكُلَّ أو الأكْثَرَ، سقَطَ إنْ وَقَفَ عليه، وإنْ وَصلَه باسْتِثْناءٍ آخَرَ، اسْتَعْمَلْناه، فاسْتَعْمَلْنا الاسْتِثْناءَ الأوَّلَ لوَصْلِه بالثَّانى؛ لأنَّ الاسْتِثْناءَ مع المُسْتَثْنَى عِبارَةٌ عمَّا بَقِىَ، فإنَّ عَشَرَةً إلَّا دِرْهَمًا عِبارَةٌ عن تِسْعَةٍ، فإذا قال: له علىَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً. صحَّ اسْتِثْناءُ الخَمْسَةِ؛ لأنَّه وصَلَها باسْتِثْناءٍ آخَرَ، ولذلك صَحَّ اسْتِثْناءُ الثَّلَاثَةِ والدِّرْهَمَيْن؛ لأنَّه وصَلَ ذلك باسْتِثْناءٍ آخَرَ، والاسْتِثْناءُ مِنَ الإِثْباتِ نَفْىٌ، ومِنَ النَّفْى إثْباتٌ، فصحَّ اسْتِثْناءُ الخَمْسَةِ، وهى نَفْىٌ، فبَقِىَ خَمْسَةٌ، وصحَّ اسْتِثْناءُ الثَّلاثةِ، وهى إثْباتٌ، فعادَتْ ثمانِيَةً، وصحَّ اسْتِثْناءُ الدِّرْهَمَيْن، وهى نفْىٌ، فبَقِىَ سِتَّةٌ. ولا يصِحُّ اسْتِثْناءُ

(1) فى الأصل: «قال» .

ص: 245

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الدِّرْهَمِ؛ لأنَّه مسْكُوتٌ عليه (1). قال: ويَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ وَجْهُ السِّتَّةِ أَنْ يصِحَّ اسْتِثْناءُ النِّصْفِ، ويَبْطُلَ الزَّائدُ، فيَصِحُّ اسْتِثْناءُ الخَمْسَةِ والدِّرْهَمِ، ولا يصِحُّ اسْتِثْناءُ الثَّلاثَةِ والاثْنَيْن. انتهى. وقال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: وعلى قوْلِنا: يصِحُّ اسْتِثْناءُ النِّصْفِ، ولا يَبْطُلُ الاسْتِثْناءُ مِن الاسْتِثْناءِ ببُطْلانِ الاسْتِثْناءِ. يَلْزَمُه سِتَّةٌ؛ لأنَّه إذا صحَّ اسْتِثْناءُ الخَمْسَةِ مِن العَشَرَةِ، بَقِىَ خَمْسَةٌ، واسْتِثْناءُ الثَّلاثَةِ مِن الخَمْسَةِ لا يصِحُّ؛ لكوْنِها أكثرَ، فيَبْطُلُ، ويَلِى قولُه: إلَّا دِرْهَمَيْن. قوْلَه: إلَّا خَمْسَةً. فيَصِحُّ، فَيَعُودُ مِن الخَمْسَةِ الخارِجَةِ دِرْهَمان، خرَج منها دِرْهَمٌ بقوْلِه: إلَّا دِرْهَمًا. بَقِىَ دِرْهَمٌ، فيُضَمُّ إلى الخَمْسَةِ تكونُ سِتَّةً. انتهى. وهو مُخالِفٌ لتوْجِيهِ الشَّارِحِ فى الوَجْهَيْن.

(1) فى أ: «عنه» .

ص: 246

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وفى الوَجْهِ الآخَرِ، يَلْزَمُه سَبْعَةٌ، وهو مَبْنِىٌّ على صِحَّةِ الاسْتِثْناءاتِ كلِّها، والعَمَلُ بما تَؤُولُ إليه؛ فإذا قال: عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً. نَفَى خَمْسَةً، فإذا قيل: إلَّا ثَلَاثةً. عادَتْ ثَمانِيَةً؛ لأنَّها إثْباتٌ، فإذا قال: إلَّا دِرْهَمَيْن. كانتْ نَفْيًا، فبَقِىَ (1) سِتَّةٌ، فإذا قال: إلَّا دِرْهَمًا. كان مُثْبِتًا، صارَتْ سبْعَةً. قالَه الشَّارِحُ: وهو واضِحٌ. وقال ابنُ مُنَجَّى: وعلى قوْلِنا: لا يصِحُّ اسْتِثْناءُ النِّصْفِ، ولا يَبْطُلُ الاسْتِثْناءُ مِن الاسْتِثْناءِ. يَلْزَمُه سبْعَةٌ؛ لأَنَّ اسْتِثْناءَ الخَمْسَةِ مِن العَشَرَةِ لا يصِحُّ، [واسْتِثْناءُ الدِّرْهَمَيْن مِنَ الثَّلاثَةِ لا يصِحُّ](2)، واسْتِثْناءُ الدِّرْهَمِ مِن الدِّرْهَمَيْن لا يصِحُّ، بَقِىَ قولُه (3): إلَّا ثَلَاثةً. صحيحًا، فيصِيرُ بمَنْزِلَةِ قوْلِه: عَشَرَةٌ (4) إلَّا ثَلَاثةً. فيَلْزَمُه سَبْعَةٌ. انتهى. وهذه طرِيقَةٌ أُخْرَى فى ذلك، وهو مُخالِفٌ للشَّارِحِ

(1) فى أ: «فيبقى» .

(2)

سقط من: الأصل.

(3)

فى ط: «قولنا» .

(4)

فى م: «إلا عشرة» .

ص: 247

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أيضًا.

وفى الوَجْهِ الآخَرِ، يَلْزَمُه ثَمانِيَةٌ. قال الشَّارِحُ: لأنَّه يلْغِى الاسْتِثْناءَ الأوَّلَ؛ لكَوْنِه النِّصْفَ؛ فإذا قال: إلَّا ثَلَاثةً. كانتْ مُثْبِتَةً، وهى مُسْتَثْناةٌ مِن الخَمْسَةِ، وقد بَطَلَتْ، فتَبْطُلُ الثَّلَاثةُ أيضًا، ويَبْقَى الاثْنان (1)؛ لأنَّها نَفْىٌ، والنَّفْىُ يكونُ مِن إثْباتٍ، وقد بَطَلَ الإثْباتُ فى (1) التى قبلَها، فتَكُونُ منْفِيَّة مِن العَشَرَةِ، تَبْقَى ثَمانِيَةٌ، ولا يصِحُّ اسْتِثْناءُ الواحدِ مِن الاثْنَيْن؛ لأنَّه نِصْفٌ. انتهى. وقال ابنُ مُنَجَّى [فى «شَرْحِه»] (2): وعلى قوْلِنا: لا يصِحُّ اسْتِثْناءُ النِّصْفِ، ويَبْطُلُ الاسْتِثْناءُ مِن الاسْتِثْناءِ ببُطْلانِ الاسْتِثْناءِ. يَلْزَمُه ثَمانِيَةٌ؛ لأَنَّ اسْتِثْناءَ الخَمْسَةِ لا يصِحُّ، وإذا لم يصِحَّ ذلك، وَلِىَ المُسْتَثْنَى منه قوْلُه: إلَّا ثَلاثَةً. فيَنْبَغِى أَنْ يعْمَلَ عَمَلَه، لكِنْ وَلِيَه

(1) فى الأصل: «الاستثناء» .

(2)

سقط من: ط.

ص: 248

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوْلُه: إلَّا درْهَمَيْن. ولا يصِحُّ؛ لأنَّه أكثرُ، وإذا لم يصِحَّ، وَلِىَ قوْلُه: إلَّا دِرْهَمًا. قوْلَه: إلَّا ثَلاثَةً. فعادَ منها دِرْهَمٌ إلى السَّبْعَةِ الباقِيَةِ، فيَصِيرُ المَجْموعُ ثَمانِيَةً. انتهى. فخالفَ الشَّارِحَ أيضًا فى تَوْجِيهِه. وكلامُ الشَّارِحِ أقْعَدُ. ويأْتى كلامُه فى «النُّكَتِ» لتَوْجِيهِ هذه الأوْجُهِ كلِّها وما نَظَّرَ عليه منها.

وفى المَسْألَةِ وَجْهٌ خامِسٌ، يَلْزَمُه خَمْسَةٌ إنْ صحَّ اسْتِثْناءُ النِّصْفِ. جزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه فى «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقال فى «الفُروعِ»: والأشْبَهُ، إنْ بَطَلَ النِّصْفُ خاصَّةً، فثَمانِيَةٌ، وإنْ صحَّ فقط، فَخَمْسَةٌ، وإنْ عَمِلَ بما يَئُولُ إليه جُمْلَةُ (1) الاسْتِثْناءاتِ، فسَبْعَةٌ. انتهى. وهو كما قالَ. وقال فى «المُحَرَّرِ»: فهل يَلْزَمُه -[إذا صحَّحْنا اسْتِثْناءَ النِّصْفِ- خَمْسَةٌ، أو سِتَّةٌ؟ على وَجْهَيْن، وإذا لم نُصَحِّحْه، فهل يَلْزَمُه](2) عَشَرَةٌ، أو ثَمانِيَةٌ؟ على وَجْهَيْن. وقيل: يَلْزَمُه سَبْعَةٌ عليهما جميعًا. وقال فى «المُغْنِى» (3)، فى مَسْألَةِ المُصَنِّفِ: بَطَلَ الاسْتِثْناءُ كلُّه على أحَدِ الوَجْهَيْن، وصحَّ فى الآخَرِ، فيَكُونُ مُقِرًّا بسَبْعَةٍ. انتهى. وقال فى «النُّكَتِ» ، على وَجْهِ لُزومِ الخَمْسَةِ: إذا قُلْنا بصِحَّةِ اسْتِثْناءِ النِّصْفِ؛ لأنَّ اسْتِثْناءَ النِّصْفِ صحيحٌ، واسْتِثْناءَ ثَلَاثَةٍ مِن خَمْسَةٍ باطِلٌ، [فيَبْطُلُ ما بعدَه. وعلى وَجْهِ لُزومِ السِّتَّةِ؛ لأنَّ](4)

(1) سقط من: الأصل.

(2)

سقط من: الأصل.

(3)

المغنى: 7/ 294.

(4)

سقط من: ط.

ص: 249

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[اسْتِثْناءَ النِّصْفِ صحيحٌ، واسْتِثْناءَ ثَلاثَةٍ مِن خَمْسَةٍ باطِلٌ](1)، وُجودُه كعدَمِه، واسْتِثْناءَ اثْنَيْن مِن خَمْسَةٍ صحيحٌ، فصارَ المُقَرُّ به سَبْعَةً، ثم اسْتُثْنِىَ مِن الاثْنَيْن واحدٌ، تَبْقَى سِتَّةٌ، وعلى الوَجْهِ الثَّالثِ، الكَلامُ بآخِرِه، وتَصِحُّ الاسْتِثْناءاتُ كلُّها، فيَلْزَمُه سَبْعَةٌ، وهو واضِحٌ. قال: وألْزَمَه بعْضُهم على هذا الوَجْهِ بسِتَّةٍ؛ بِناءً على أنَّ الدِّرْهَمَ مسْكُوتٌ عنه، فلا يصِحُّ اسْتِثْناؤُه. قال: وفيه نظَرٌ. وأرادَ بذلك، واللَّه أعلمُ، الشَّارِحَ، على ما تقدَّم مِن تعْليلِه. وقال عن وَجْهِ الثَّمانِيَةِ: لأنَّ اسْتِثْناءَ الخَمْسَةِ باطِلٌ، [واسْتِثْناءَ الثَّلَاثَةِ مِن غيرِه صحيحٌ، يَبْقَى سَبْعَةٌ، واسْتِثْناءَ الاثْنَيْن باطِلٌ](2)، واسْتِثْناءَ واحدٍ مِن ثَلاثَةٍ صحيحٌ، يزِيدُه على سَبْعَةٍ. وقال بعضُهم على هذا الوَجْهِ: اسْتِثْناءُ خَمْسَةٍ وثَلاثَةٍ باطِلٌ، واسْتِثْناءُ اثْنَيْن مِن عَشَرَةٍ صحيحٌ، واسْتِثْناءُ واحدٍ مِن اثْنَيْن باطِلٌ. قال: وفيه نظَرٌ. وقال عن قوْلِه: وقيل: يَلْزَمُه سبْعَةٌ عليهما جميعًا. أى (3) سَواءٌ قُلْنا: يصِحُّ اسْتِثْناءُ النِّصْفِ، أو لا. وهذا بِناءً على الوَجْهِ الثَّالثِ، وهو تَصْحيحُ الاسْتِثْناءاتِ كلِّها، على ما تقدَّمَ. قال: وحِكايَةُ المُصَنِّفِ هذا الوَجْهَ بهذه العِبارَةِ فيها شئٌ، وأحْسَبُه لو قال: وعلى الوَجْهِ الثَّالثِ يَلْزَمُه سبْعَةٌ. كان أَوْلَى.

تنبيه: مَبْنَى ذلك، إذا تَخَلَّلَ الاسْتِثْناءاتِ اسْتِثْناءٌ باطِلٌ، فهل يُلْغَى ذلك الاسْتِثْناءُ الباطِلُ وما بعدَه، أو يُلْغَى وحدَه ويرْجِعُ ما بعدَه الى ما قبْله؟ وجزَم به فى

(1) سقط من: ط.

(2)

سقط من: الأصل.

(3)

فى الأصل: «إلى» .

ص: 250

وَلَا يَصِحُّ الاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الجِنْسِ. نَصَّ عَلَيْهِ.

ــ

«المُغْنِى» . قالَه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» . أو يُنْظَرُ إلى ما يَؤُولُ إليه جُمْلَةُ الاسْتِثْناءاتِ؟ اخْتارَه القاضى. قالَه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» . فيه أوْجُهٌ. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» ، والطُّوفِىُّ فى «شَرْحِ مُخْتَصَرِه» فى الأُصولِ، وصاحِبُ «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ» . قال فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى»: لو اسْتَثْنَى ما لا يصِحُّ، ثم اسْتَثْنَى منه شيئًا، بَطَلَا. وقيل: يرْجِعُ ما بعدَ الباطِلِ إلى ما قبلَه. وقيل: يُعْتَبَرُ ما يَؤُولُ إليه جُمْلَةُ الاسْتِثْناءاتِ. زادَ فى «الكُبْرى» ، وقيل: إنِ اسْتَثْنَى الكُلَّ أو الأكْثَرَ، واسْتَثْنَى مِن الاسْتِثْناءِ دُونَ النِّصْفِ الأوَّلِ، صحَّ، وإلَّا فلا.

قوله: ولا يَصِحُّ الاسْتِثْناءُ منْ غيرِ الجِنْسِ. نَصَّ عليه.

ص: 251

فَإذَا قَالَ: لَهُ عَلَىَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا، لَزِمَتْهُ المِائَةُ.

ــ

فإذا قالَ: له علىَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوبًا. لَزِمَتْه المِائَةُ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، إلَّا ما اسْتَثْنَى. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. ونصَّ عليه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال بعضُ الأصحابِ: يَلْزَمُ مِن رِوايةِ صِحَّةِ اسْتِثْناءِ أحَدِ النَّقْدَيْن مِن الآخَرِ، صِحَّةُ الاسْتِثْناءِ نَوْعٍ مِن نَوْعٍ آخَرَ. وقال أبو الخَطَّابِ: يَلْزَمُ مِن هذه الرِّوايةِ صِحَّةُ الاسْتِثْناءِ مِن غيرِ الجِنْسِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وقال أبو الخَطَّابِ: لا فَرْقَ بينَ العَيْنِ والوَرِقِ وغيرِهما، فيَلْزَمُ مِن صِحَّةِ اسْتِثْناءِ أحَدِهما صِحَّةُ اسْتِثْناءِ الثِّيابِ وغيرِها. قلتُ: صرَّح بذلك فى «الهِدايَةِ» . وقال أبو محمدٍ التَّمِيمِىُّ: اخْتلَفَ الأصحابُ فى صِحَّةِ الاسْتِثْناءِ مِن غيرِ الجِنْسِ.

ص: 254

إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِىَ عَيْنًا مِنْ وَرِقٍ، أَوْ وَرِقًا مِنْ عَيْنٍ، فَيَصِحُّ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِىُّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَصِحُّ. فَإِذَا قَالَ: لَهُ عَلَىَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا دِينَارًا. فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

ــ

تنبيه: قد يقالُ: دخَلَ فى كلامِ المُصَنِّفِ (1)، لو أقَرَّ بنَوْعٍ مِن جِنْسٍ، واسْتَثْنَى نَوْعًا (2) آخَرَ، كأَنْ أقَرَّ بتَمْرٍ بَرْنِىٍّ (3)، واسْتَثْنَى مَعْقِلِيًّا (4) ونحوَه. وهو أحدُ الاحْتِمَالَيْن. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، عدَمُ الصِّحَّةِ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه هو وابنُ رَزِينٍ.

قوله: إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِىَ عَيْنًا مِن وَرِقٍ، أو وَرِقًا مِن عَيْنٍ، فيَصِحُّ. ذَكَرَه الخِرَقِىُّ. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. اخْتارَها أبو حَفْصٍ العُكْبَرِىُّ، وصاحِبُ «التَّبْصِرَةِ» . وقدَّمه فى «الخُلاصةِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ.

وقال أبو بَكْرٍ: لا يصِحُّ. وهو رِوايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. وهو

(1) بعده فى أ: «ما» .

(2)

بعده فى أ: «من» .

(3)

البرنى: نوع جيد من التمر مُدوَّر أحمر مُشرَّب بصفرة.

(4)

المعقلى: نوع من التمر بالبصرة.

ص: 255

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهبُ. جزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» ، وغيرِهم. وأَطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ» ، و «الكافِى» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» .

ص: 256

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: قال صاحبُ «الرَّوْضَةِ» : مِنَ الأصحابِ [مَن بَنَى](1) الرِّوايتَيْن على أنَّهما جِنْسٌ أو جِنْسان. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» : وما قالَه غَلَطٌ، إلَّا أَنْ يُريدَ ما قال القاضى فى «العُدَّةِ» ، وابنُ عَقِيلٍ فى «الواضِحِ»: إنَّهما كالجِنْسِ الواحدِ فى أَشْياءَ. قاله المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (2) ومَنْ تَبِعَه: يُمْكِنُ الجَمْعُ بينَ الرِّوايتَيْن بحَمْلِ رِوايَةِ الصِّحَّةِ على ما إذا [كانَ أحدُهما يُعَبَّرُ به عن الآخَرِ، أو يُعْلَمُ قدْرُه منه، ورِوايَةِ البُطْلانِ على ما إذا (3)](4) انْتَفَى ذلك. فعلى قولِ صاحبِ

(1) فى ط، أ:«مبنى» .

(2)

7/ 270.

(3)

سقط من: ط.

(4)

سقط من: الأصل.

ص: 257

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الرَّوْضَةِ» ، و «العُدَّة» ، و «الواضِحِ» ، يخْتَصُّ الخِلافُ فى النَّقْدَيْن. وعلى ما حَمَلَه المُصَنِّفُ ومَنْ تَبِعَه، ينْتَفِى الخِلافُ.

فائدة: قال فى «النُّكَتِ» : ظاهِرُ كلامِهم، أنَّه لا يصِحُّ اسْتِثْناءُ الفُلوسِ مِن أحَدِ النَّقْدَيْن. قال: ويَنْبَغِى أَنْ يُخَرَّجَ فيها (1) قوْلان آخَران؛ أحدُهما، الجوازُ. والثَّانى، جَوازُه مع نَفاقِها (2) خاصَّةً. انتهى. قلتُ: ويجئُ، على قولِ أبى الخَطَّابِ، الصِّحَّةُ، بل هى أَوْلَى.

قوله: وإذا قال: له علىَّ مِائَةٌ إلَّا دينارًا. فهل يَصِحُّ؟ على وَجْهَيْن. هما مَبْنِيَّان على الرِّوايتَيْن المُتَقَدِّمَتَيْن، وقد عَلِمْتَ المذهبَ منهما؛ وهو عدَمُ الصِّحَّةِ. وعلى القولِ بالصِّحَّةِ، يُرْجَعُ إلى سِعْرِ الدِّينارِ بالبلَدِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال فى «المُحَرَّرِ»: هو قولُ غيرِ أبى الخَطَّابِ. وقدَّمه فى «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ». وقال أبو الخَطَّابِ: يُرْجَعُ فى تفْسيرِ قِيمَتِه إليه، كما لو (3) لم يكُنْ له (4) سِعْرٌ معْلومٌ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» . وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» . وأَطْلَقَهما الزَّرْكَشِىُّ. إذا عَلِمْتَ ذلك، فلو قال: له علىَّ ألْفُ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةَ دَنانِيرَ. فعلى الأوَّلِ، يُرْجَعُ إلى سِعْرِ الدَّنانيرِ بالبَلَدِ، فإنْ كانَ قِيمَتُها

(1) سقط من: الأصل.

(2)

فى الأصل: «نفاقهما» .

(3)

سقط من: ط.

(4)

سقط من: الأصل.

ص: 258