الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
إِذَا قَالَ: لَهُ عَلَىَّ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ. لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ. وَإِنْ قَال: مِنْ دِرْهَمٍ إِلَى عَشَرَةٍ. لَزِمَهُ تِسْعَةٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَلْزَمَهُ عَشَرَةٌ.
ــ
فائدة: لو قال: لى عليكَ أَلْفٌ. فقال: أكثرُ. لم يَلْزَمْه عندَ القاضى أكثرُ، ويفَسِّرُه. وخالَفَه المُصَنِّفُ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. [قلتُ: وهو الصَّوابُ](1).
قوله: إذا قَالَ: له علىَّ ما بيْنَ دِرْهَمٍ وعَشَرَةٍ. لَزِمَه ثمانِيَةٌ. لا أعلمُ فيه خِلافًا.
وقوله: وإنْ قالَ: مِنْ دِرْهَمٍ إلى عَشَرَةٍ. لَزِمَه تِسْعَةٌ. هذا المذهبُ. صحَّحه
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» . قال فى «النُّكَتِ» : هو الرَّاجِحُ فى المذهبِ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» : هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، وغيرِهم.
ويَحْتَمِلُ أَنْ تَلْزَمَه عشَرَةٌ. وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. ذكَرَها فى «الفُروعِ» وغيرِه. وذكَرَه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه قوْلًا. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» . وذكَرَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، أنَّ قِياسَ هذا القولِ، يَلْزَمُه أحَدَ عَشَرَ؛ لأنَّه واحِدٌ وعَشَرَةٌ، والعَطْفُ يقْتَضِى التَّغايُرَ. انتهى. وقيل: يَلْزَمُه ثَمانيةٌ. جزَم به ابنُ شِهَابٍ، وقال: لأَنَّ مَعْناه ما بعدَ الواحدِ. قال الأَزَجِىُّ: كالبَيْعِ. وأطْلَقَهُنَ فى «الشَّرْحِ» ، و «التَّلْخيصِ» . وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: يَنْبَغِى فى هذه المَسائلِ أَنْ يُجْمَعَ ما بينَ الطَّرَفَيْن مِنَ الأعْدادِ؛ فإذا قال: مِن واحدٍ إلى عَشَرَةٍ. لزِمَه خَمْسَةٌ وخَمْسُونَ إنْ أدْخَلْنا الطَّرَفَيْن، وخَمْسَةٌ وأرْبَعُونَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إنْ أدْخَلْنا المُبْتَدَأ فقط، وأرْبَعَةٌ وأرْبَعُونَ إنْ أخْرَجْناهما. وما قالَه، رحمه الله، ظاهرٌ على قاعِدَتِه إنْ كان ذلك عُرْفَ المُتَكَلِّمَ، فإنَّه يُعْتَبَرُ فى الإقرارِ عُرْفُ المُتَكَلِّمِ، ونُنَزِّلُه على أقَلِّ مُحْتَمَلاِته. والأصحابُ قالوا: يَلْزَمُه خَمْسَةٌ وخَمْسونَ أَنْ أرادَ مَجْموعَ الأعْدادِ، وطَرِيقُ ذلك، أَنْ تَزيدَ أوَّلَ العَدَدِ، وهو واحِدٌ، على العَشَرَةِ، وتَضْرِبَها فى نِصْفِ العَشَرَةِ، وهو خَمْسَةٌ، فما بلَغ، فهو الجوابُ. وقال ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: ويَحْتَمِلُ على القَوْلِ بتِسْعَةٍ، أنَّه يَلْزَمُه خَمْسَةٌ وأرْبَعُونَ، وعلى الثَّانيةِ، أنَّه يَلْزَمُه أرْبَعَةٌ وأرْبَعُونَ، وهو أظْهَرُ، ولكِنَّ المُصَنِّفَ تابعَ «المُغْنِىَ» ، واقْتَصَرَ على خَمْسَةٍ وخَمْسِينَ، والتَّفْريعُ يقْتَضِى ما قُلْناه. انتهى.
فوائد؛ الأُولَى، لو قال: له علىَّ ما بينَ دِرْهَمٍ إلى عَشَرَةٍ. لَزِمَه تِسْعَةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نَصَرَه القاضى وغيرُه. [وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه](1). وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيل: يَلْزَمُه عَشَرَةٌ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى». وقيل: ثَمانِيةٌ، كالمسْألَةِ التى قبلَها سَواءٌ، عندَ الأصحابِ. وأَطْلَقَهُنَّ شارِحُ «الوَجِيزِ». وقيل: فيها رِوايَتانِ؛ وهما لُزومُ تِسْعَةٍ وعَشَرَةٍ. وقال فى «الفُروعِ» : ويتوَجَّهُ هنا، يَلْزَمُه
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثَمانِيَةٌ. قال فى «النُّكَتِ» : والأَوْلَى أَنْ يقالَ فيها ما قطَع به فى «الكافِى» ، وهو ثمانيةٌ؛ لأنَّه المَفْهومُ مِن هذا اللَّفْظِ، وليسَ هنا ابْتِداءُ غايَةٍ، وانْتِهاءُ الغايةِ فَرْعٌ على ثُبوتِ ابْتدائِها، فكأنَّه قال: ما بينَ كذا وبينَ كذا. ولو كانتْ هنا «إلى» لانْتِهاءِ الغايَةِ، فما بعدَها لا يدْخُلُ فيما قبلَها. على المذهب. قال أبو الخَطَّابِ: وهو الأشْبَهُ عنْدى. انتهى. فتلَخَّصَ طَرِيقان؛ أحدُهما، أنَّها كالتى قبلَها، وهى طريقةُ الأكْثَرِ. والثَّانى، يَلْزَمُه هنا ثمانيةٌ، وإنْ ألْزَمْناه هناك تِسْعَةً أو عَشَرَةً. وهو أوْلَى.
الثَّانيةُ، لو قال: له عنْدِى ما بينَ عَشَرَةٍ إلى عِشْرِينَ. أو: مِن عشَرَةٍ إلى عِشْرِين. لَزِمَه تِسْعَةَ عَشَرَ، على القوْلِ الأَوَّلِ، وعِشْرُونَ على القَوْلِ الثَّانى. قال فى «المُحَرَّرِ» ومَنْ تابعَه: وقِياسُ الثَّالثِ، يَلْزَمُه تِسْعَةٌ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: قِياسُ الثَّانى، أَنْ يَلْزَمَه ثَلاثُونَ، بِناءً على أنَّه يَلْزَمُه فى المَسْألَةِ الأُولَى أحَدَ عَشَرَ.
الثَّالثةُ، لو قال: له ما بينَ هذا الحائطِ إلى هذا الحائطِ. فقال فى «النُّكَتِ» : كلامُهم يقْتَضِى أنَّه على الخِلافِ فى التى قبلَها. وذكَر القاضى فى «الجامعِ الكَبِيرِ» أنَّ الحائِطَيْن لا يدْخُلان فى الإِقْرارِ، وجعَله مَحَلَّ وِفاقٍ فى حُجَّةِ زُفَرَ، وفرَّق بأنَّ العدَدَ لا بُدَّ له مِن ابْتِداءٍ يَنْبَنِى (1) عليه. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، كلامَ القاضِى، ولم يَزِدْ عليه.
الرَّابعةُ، لو قال: له علىَّ ما بينَ كُرِّ شَعِيرٍ إلى كُرِّ حِنْطَةٍ. لَزِمَه كُرُّ شَعِيرٍ وكُرُّ
(1) سقط من: الأصل.
وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ دِرْهَمٌ فَوْقَ دِرْهَمٍ. أَوْ: تَحْتَ دِرْهَمٍ. أَوْ: فَوْقَهُ. أَوْ: تَحْتَهُ. أَوْ: قَبْلَهُ. أَوْ: بَعْدَهُ. أَوْ: مَعَهُ دِرْهَمٌ. أَوْ: دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ. أَوْ: دِرْهَمٍ، بَلْ دِرْهَمَانِ. أَوْ: دِرْهَمَانِ، بَلْ
ــ
حِنْطَةٍ، إلَّا قَفِيزَ شَعِيرٍ، على قِياسِ المسْألَةِ التى قبلَها. ذكَرَه القاضى وأصحابُه. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: قال القاضى فى «الجامِعِ» : هو مَبْنِىٌّ على ما تقدَّم إنْ قُلْنا: يَلْزَمُه هناك عَشَرَةٌ. لَزِمَه هنا كُرَّانِ، وإنْ قُلْنا: يَلْزَمُه تِسْعَةٌ. لَزِمَه (1) كُرُّ حِنْطَةٍ وكُرُّ شَعِيرٍ إلَّا قَفِيزًا شَعِيرًا. وقال فى «التَّلْخيصِ» : قال أصحابُنا: يُخَرَّجُ على الرِّوايتَيْن إنْ قُلْنا: يَلْزَمُه عَشَرَةٌ. لَزِمَه الكُرَّانِ، وإنْ قُلْنا: يَلْزَمُه تِسْعَةٌ. لَزِمَه كُرَّانِ إلَّا قَفِيزَ شَعِيرٍ. انتهى. وقال فى «الرِّعايَةِ» : لَزِمَه (1) الكُرَّان. وقيل: إلَّا قَفِيزَ شَعِيرٍ إنْ قُلْنا: يَلْزَمُه تِسْعَةٌ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: الذى قدَّمه فى «الرِّعايَةِ» هو قِياسُ الثَّانى فى الأُولَى، كذلك هو عندَ القاضى. ثم قال: هذا اللَّفْظُ ليس بمَعُودٍ، فإنَّه إنْ قال: له علىَّ ما بينَ كُرِّ حِنْطَةٍ وكُرِّ شَعِيرٍ. فالواجِبُ تَفاوُتُ ما بينَ قِيمَتِهما، وهو قِياسُ الوَجْهِ الثَّالثِ، واخْتِيارُ أبى محمدٍ. انتهى.
قوله: وإنْ قالَ: له علىَّ دِرْهَمٌ فوقَ دِرْهَمٍ. أو: تحتَ دِرْهَمٍ. أو: فوقَه. أو: تحتَه. أو: قبلَه. أو: بعدَه. أو: معَه دِرْهَمٌ. أو: دِرْهَمٌ ودِرْهَمٌ. أو:
(1) سقط من: الأصل.
دِرْهَمٌ. لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ.
ــ
دِرْهَمٌ، بل دِرْهَمان. أو: درْهَمان. بل دِرْهَمٌ. لَزِمَه دِرْهَمان. إذا قال: له علىَّ دِرْهَمٌ فوقَ دِرْهَمٍ. أو: تحتَ دِرْهَمٍ. أو: معَ دِرْهَمٍ. أو: فوْقَه. أو: تحتَه. أو: معه دِرْهَمٌ. لَزِمَه دِرْهَمان. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «النُّكَتِ» : قطَع به غيرُ واحدٍ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. قال فى «التَّلْخيصِ»: أصحُّهما دِرْهَمان. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيل: يَلْزَمُه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
درْهَمٌ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» . وأَطْلَقهما فى «النَّظْمِ» ، و «شَرْحِ الوَجِيزِ». قال القاضى: إذا قال: له علىَّ دِرْهَمٌ فوقَ دِرْهَمٍ. أو: تحتَ دِرْهَمٍ. أو: معه دِرْهَمٌ. أو: معَ دِرْهَمٍ. لَزِمَه دِرْهَمٌ. وقطَع (1) فى «الكافِى» ، أنَّه يَلْزَمُه فى قوْلِه: دِرْهَمٌ مع درْهَمٍ. درْهَمان. وحكَى الوَجْهَيْن فى «فوقَ» و «تحتَ» . قال فى «النُّكَتِ» : وَفيه نظَرٌ. وإنْ قال: دِرْهَمٌ قبلَه. أو: بعدَه دِرْهَمٌ. لَزِمَه دِرْهَمان. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وذكَرَ فى «الرِّعَايَةِ» -فى: دِرْهَمٌ قبلَ دِرْهَمٍ. أو: بعدَ دِرْهَمٍ- احْتِمالَيْن. قال فى
(1) بعده فى الأصل: «به» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«النُّكَتِ» : كذا ذكَر. قال ابنُ عَبْدِ القَوِىِّ: لا أدْرِى ما الفَرْقُ بينَ، دِرْهَمٌ قبلَه دِرْهَمٌ. أو: بعدَه دِرْهَمٌ، فى لُزومِه دِرْهَمَيْن وَجْهًا واحدًا، وبين: دِرْهَمٌ فوقَ دِرْهَم. ونحوُه فى لُزومِه دِرْهَمًا فى أحَدِ الوَجْهَيْن؛ لأَنَّ نِسْبَةَ الزَّمانِ والمَكانِ إلى نظَرٍ وفيهما نِسْبَةٌ واحِدَةٌ. انتهى. [قال فى «الفُروعِ»: وقيل فى: له دِرْهَمٌ قبلَ دِرْهَمٍ. أو: بعدَ دِرْهَمٍ. احْتِمالان. ومُرادُه بذلك صاحِبُ «الرِّعايَةِ»](1). وإنْ قال: دِرْهَمٌ بل دِرْهَمان. [لَزِمَه دِرْهَمان](2). على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونصَّ عليه فى الطَّلاقِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم (2)؛ منهم، صاحِبُ «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الوَجِيزِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وجزَم (3) ابنُ رَزِينٍ فى «نِهايَتِه» بأنَّه يلْزَمُه ثلاثةٌ. وإنْ قال: دِرْهَمٌ ودِرْهَمٌ. لَزِمَه دِرْهَمان. لا أعلمُ فيه خِلافًا. وإنْ قال: درْهَمٌ ودِرْهَمٌ ودِرْهَمٌ. وأطْلَقَ، لَزِمَه ثَلَاثَةٌ؛ لأنَّه الظَّاهِرُ. قالَه فى «التَّلْخيَصِ». وقال: ومِن أصحابِنا مَن قال: دِرْهَمان. لأنَّه
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
بعده فى الأصل: «به» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اليقينُ، والثَّالِثُ مُحْتَمَلٌ. وقال فى «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والخَمْسِين بعدَ المِائَةِ»: فهل يَلْزَمُه دِرْهَمان أو ثَلاثةٌ؟ على وَجْهَيْن، ذكَرَهما أبو بَكْرٍ فى «الشَّافِى» ، ونزَّلَهما صاحِبُ «التَّلْخيصِ» على تَعارُضِ الأَصْلِ والظَّاهرِ؛ فإنَّ الظَّاهِرَ عَطْفُ الثَّالثِ على الثَّانى. انتهى. وجزَم فى «الكافِى» وغيرِه، بأنَّه (1) يَلْزَمُه ثلَاثَةٌ مع الإطْلاقِ. وقال ابنُ رَزِينٍ: يَلْزَمُه ثلاثةٌ. وقيل: إنْ قال: أرَدْتُ بالثَّالثِ تأْكيدَ الثَّانى وبيانَه (2). قُبِلَ (3)، وفيه ضَعْفٌ. انتهى. وقدَّم (4) فى «الفُروعِ» وغيرِه، أنَّه يَلْزَمُه ثلاثَةٌ مع الإطْلاقِ. ويأْتى قريبًا، إذا أرادَ تأْكيدَ الثَّانى بالثَّالثِ.
(1) فى الأصل: «فإنه قال» .
(2)
فى الأصل: «ثبوته» . وفى ط: «ثباته» .
(3)
فى الأصل: «قيل» .
(4)
فى الأصل: «قدمه» .
وَإِنْ قَالَ: لَهُ دِرْهَمٌ، بَلْ دِرْهَمٌ. أَوْ: دِرْهَمٌ، لَكِنْ دِرْهَمٌ. فَهَلْ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمَانِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، ذَكَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ.
ــ
قوله: وإنْ قالَ: دِرْهَمٌ، بل دِرْهَمٌ. أو: دِرْهَمٌ، لكن دِرْهَمٌ. فهل يَلْزَمُه دِرْهَمٌ أو دِرْهَمان؟ على وَجْهَيْن، ذكَرَهما أبو بَكْرٍ. وأَطْلَقهما فى «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «النَّظْمِ» ؛ أحدُهما، يَلْزَمُه دِرْهَمان. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» . وجزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «المُنْتَخَبِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، يلْزَمُه دِرْهَمٌ. جزَم به فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«المُنَوِّرِ» . [وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»](1). [وحكَاهما فى «التَّلْخيصِ» عن أبى بَكْرٍ](2). وقال فى «التَّرْغيبِ» : فى: دِرْهَمٌ بل دِرْهَمٌ. رِوايَتان (3).
فوائد (4): لو قال: له عَلَى درْهَمٌ، فَدِرْهَمٌ. لَزِمَه دِرْهَمان. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: دِرْهَمٌ فقَطْ. قال فى «الرِّعايَةِ» : وهو بعيدٌ. فعلى المذهبِ، لو نوَى: فدِرْهَمٌ لازِمٌ لى. أو كرَّرَ بعَطْفٍ ثلاثًا، ولم يُغايِرْ حُروفَ
(1) سقط من: ط.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
بعده فى الأصل: «وحكاهما فى التلخيص عن أبى بكر» .
(4)
فى الأصل: «قوله» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
العَطْفِ، أو قال: له درْهَمٌ (1) درْهَمٌ درْهَمٌ. ونوَى بالثَّالثِ تأْكِيدَ الثَّانى. وقيل: أو أَطْلقَ بلا عَطْفٍ، فقيلَ: يُقْبَلُ منه ذلك، فيَلْزَمُه دِرْهَمان. قال فى «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ»: ولو قال: دِرْهَمٌ ودرهمٌ ودرهمٌ. وأرادَ بالثَّالثِ تَكْرارَ الثَّانى وتوْكِيدَه، قُبِلَ، وإنْ أرادَ تَكْرارَ الأَوَّلِ، لم يُقْبَلْ؛ لدُخولِ الفاصِلِ (2). وقال فى «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ»: إذا قال: له علىَّ دِرْهَمٌ ودِرْهَمٌ ودِرْهَمٌ. وأرادَ بالثَّالثِ تأْكيدَ الثَّانى، فهل يُقْبَلُ منه ذلك؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا يُقْبَلُ. قالَه القاضى فى «الجامعِ الكَبِيرِ» ، وفرَّق بينَه وبينَ الطَّلاقِ. والثَّانى، بُقْبَلُ. قالَه فى «التَّلْخيصِ». انتهى. وقيل: لا يُقْبَلُ منه ذلك، فيَلْزَمُه ثلاثةٌ. وقدَّمه فى «الكافِى» ، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ». قال فى «الرِّعايَةِ»: يَلْزَمُه ثلَاثَةٌ (3) فى المَسْألَةِ الثَّانيةِ والثَّالثَةِ. ثم قال: فإنْ أرادَ بالثَّالثِ تَكْرارَ الثَّانى وتوْكِيدَه، صُدِّقَ ووَجَبَ اثْنان. ورجَّح المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، أنَّه لا يُقْبَلُ لو نوَى فدِرْهَمٌ لازِمٌ لى. وكذا فى الثَّانيةِ. ورجَّحه فى «الكافِى» (4) فى الثَّانيةِ. وإنْ غايَرَ حُروفَ العَطْفِ، ونوَى بالثَّالثِ تأْكِيدَ الأَوَّلِ، لم يُقْبَلْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ للمُغايَرَةِ وللفاصِلِ (5). وأطْلَقَ
(1) بعده فى الأصل: «و» .
(2)
فى الأصل: «الفاضل» .
(3)
فى الأصل: «ثلاثا» .
(4)
بعده فى الأصل: «و» .
(5)
فى الأصل: «للفاضل» .
وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ هَذَا الدِّرْهَمُ، بَلْ هَذَانِ الدِّرْهَمَانِ. لَزِمَتْهُ الثَّلَاثَةُ. وَإِنْ قَالَ: قَفِيزُ حِنْطَةٍ، بَل قَفِيزُ شَعِيرٍ.
أَوْ: دِرْهَمٌ، بَلْ دِينَارٌ. لَزِمَاهُ مَعًا.
ــ
الأَزَجِىُّ احْتِمالَيْن. قال (1): ويَحْتَمِلُ الفَرْقَ بينَ الطَّلاقِ والإِقْرارِ، فإنَّ الإِقْرارَ إخْبارٌ، والطَّلاقَ إنْشاءٌ. قال: والمذهبُ أنَّهما سواءٌ، إنْ صحَّ صحَّ فى الكُلِّ، وإلَّا فلا. وذكرَ قوْلًا فى: دِرْهَمٌ فقَفِيزُ بُرٍّ. أنَّه يَلْزَمُ الدِّرْهَمُ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ: قَفِيزُ بُرٍّ خيرٌ منه. قال فى «الفُروعِ» : كذا قال. فيَتَوَجَّهُ مِثْلُه فى الواوِ وغيرِها.
قوله: وإنْ قالَ: قَفِيزُ حِنْطَةٍ، بلْ قَفِيزُ شَعِيرٍ. أو: دِرْهَمٌ، بل دينارٌ. لَزِماه مَعًا. هذا المذهبُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال فى «النُّكَتِ»: قطَع به أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِى» ، و «الهادِى» ، و «التَّلْخيصِ» ،
(1) سقط من: الأصل.
وَإِنْ قَالَ: دِرْهَمٌ فِى دِينَارٍ. لَزِمَهُ دِرْهَمٌ. وَإِنْ قَالَ: دِرْهَمٌ فِى عَشَرَةٍ. لَزِمَهُ دِرْهَمٌ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الْحِسَابَ، فَتَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ.
ــ
و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى الصَّغيرِ» ، و «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبَ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الفُروعِ». وقيل: يَلْزَمُه الشَّعِيرُ والدِّينارُ فقطْ. قال فى «النُّكَتِ» : ومُقْتَضَى كلامِ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رحمه الله، قَبُولُ قوْلِه فى الإِضْرابِ مع الاتِّصالِ فقط. ثم قال: فقد ظَهَرَ مِن هذا وممَّا قبلَه، هل يُقالُ: لا يُقْبَلُ الإِضْرابُ مُطْلَقًا -وهو المذهبُ- أو: يُقْبَلُ مُطْلَقًا؟ أو: يُقْبَلُ مع الاتِّصالِ فقطْ؟ أو: يُقْبَلُ مع الاتِّصالِ إضْرابُه عنِ البَعْضِ؟ فيه أقْوالٌ، وقولٌ خامِسٌ وهو ما حَكاه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، يُقْبَلُ مع تَغايُرِ الجِنْسِ، لا مع اتِّحادِه؛ لأَنَّ انْتِقالَه إلى جِنْسٍ آخَرَ قرِينَةٌ فى صدْقِه. انتهى.
قوله: وإنْ قال: درْهَمٌ فى دينارٍ. لَزِمَه درْهَمٌ. بلا نِزاعٍ. لكِنْ إنْ فسَّره بالسَّلَمِ. فصدَّقه، بَطَلَ إنْ تفَرَّقَا عنِ المَجْلِسِ. وإنْ قال: دِرْهَمٌ رَهَنْتُ به
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الدِّينارَ عندَه. ففيه الخِلافُ المُتَقَدِّمُ.
فائدة: مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ لو قال: دِرْهَمٌ فى ثَوْبٍ. وفسَّره بالسَّلَمِ، فإنْ قال: فى ثَوْبٍ اشْتَرَيْتُه منه إلى سنَةٍ. فصدَّقه، بَطَلَ إقْرارُه. وإنْ كذَّبَه المُقَرُّ له، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه. وكذا الدِّرْهَمُ. وإنْ قال: ثَوْبٌ قَبَضْتُه فى دِرْهَمٍ إلى شَهْرٍ. فالثَّوْبُ مالُ السَّلَمِ أقَرَّ بقَبْضِه، فيَلْزَمُه الدِّرْهَمُ.
قوله: وإنْ قالَ: دِرْهَمٌ فى عَشَرَةٍ. لَزِمَه دِرْهَمٌ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ الحِسابَ، فتَلْزَمُه عَشَرَةٌ. أو يريدَ الجمعَ، فيَلْزَمُه (1) أحَدَ عَشَرَ. وقال فى «الفُروعِ» بعدَ قوْلِه:
(1) فى الأصل: «فيريد» .
وَإِنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِى تَمْرٌ فِى جِرَابٍ. أَوْ: سِكِّينٌ فِى قِرَابٍ. أَوْ: ثَوْبٌ فِى مِنْدِيلٍ. أَوْ: عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ. أَوْ: دَابَّةٌ عَلَيْهَا سَرْجٌ. فَهَلْ يَكُونُ مُقِرًّا بِالظَّرْفِ وَالعِمَامَةِ وَالسَّرْجِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنَ.
ــ
دِرْهَمٌ فى دِينارٍ: وكذا دِرْهَمٌ فى عَشَرَةٍ، فإنْ خالفَه عُرْفٌ، ففى لُزومِه مُقْتَضَاه (1) وَجْهان، ويعْمَلُ بنِيَّةِ حِسابٍ، ويتَوَجَّهُ فى جاهِلٍ الوَجْهان، وبنِيَّةِ جَمْعٍ، ومِن حاسِبٍ، وفيه احْتِمالان. انتهى. وصحَّح ابنُ أبى المَجْدِ لُزومَ مُقْتَضَى العُرْفِ أو الحِسابِ، إذا كانَ عارِفًا به.
قوله: وإنْ قالَ: له عنْدِى تَمْرٌ فى جِرابٍ. أو: سِكِّينٌ فى قِرابٍ. أو: ثَوْبٌ فى مِنْدِيلٍ. أو: عَبْدٌ عليه عِمامَةٌ. أو: دابَّةٌ عليها سَرْجٌ. فهل يَكُونُ مُقِرًّا بالظَّرْفِ
(1) فى الأصل، أ:«بمقتضاه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والعِمامَةِ والسَّرْجِ؟ على وَجْهَيْن. وكذا قولُه: رَأْسٌ [وأكارِعُ](1) فى شَاةٍ. أو: نَوًى فى تَمْرٍ. ذكَرَه فى «القَواعِدِ» . وأطْلَقَ الخِلافَ فى ذلك فى «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى»: وإنْ قال: له عندِى تَمْرٌ فى جِرابٍ. أو: سَيْفٌ فى قِرابٍ. أو: ثَوْبٌ فى مِنْدِيلٍ. أو: زَيْتٌ فى جَرَّةٍ. أو. جِرابٌ فيه تَمْرٌ. أو: قِرابٌ فيه سَيْفٌ. أو: مِنْدِيلٌ فيها ثَوْبٌ. أو: كِيسٌ فيه دَراهِمُ. أو: جَرَّةٌ فيها زَيْتٌ. أو: عَبْدٌ عليه عِمامَةٌ. أو: دابَّةٌ عليها سَرْجٌ، أو مُسرَجَةٌ. أو: فَصٌّ فى خَاتَمٍ. فهو مُقِرٌّ بالأوَّلِ. وفى الثَّانى وَجْهان. وقيل: إنْ قدَّم المَظْروفَ، فهو مُقِرٌّ به، وإنْ أخَّرَه،
(1) فى الأصل: «أو كارع» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فهو مُقِرٌّ بالظَّرْفِ وحدَه. قال فى «الكُبرى» : وقيل: فى الكُلِّ خِلافٌ. انتهى. أحدُهما، لا يكونُ مُقِرًّا بذلك. وهو المذهبُ. قال فى «القاعِدَةِ الخامسَةِ والعِشْرِين»: أشْهَرُهما (1)، يكونُ مُقِرًّا بالمَظْروفِ دونَ ظَرْفِه، وهو قولُ ابنِ حامدٍ، والقاضى، وأصحابِه. انتهى. وقالَه أيضًا فى «النُّكَتِ» . وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» . وجزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، يكونُ مُقِرًّا به أيضًا. قال ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»: فهو مُقِرٌّ بالأوَّلِ والثَّانى، إلَّا إنْ حَلَفَ: ما قَصَدْتُه. انتهى. وقال فى «الخُلاصَةِ» : لو قال: له عنْدِى سَيْفٌ فى قِرابٍ. لم يكُنْ إقْرارًا بالقِرابِ. وفيه احْتِمالٌ. ولو قال: سَيْفٌ بقِرابٍ. كان مُقِرًّا بهما. ومثْلُه: دابَّةٌ عليها سَرْجٌ. وقال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ»: إنْ قال: له عندِى تَمْرٌ فى جرابٍ. أو: سَيْفٌ فى قِرابٍ. أو: ثَوْبٌ فى مِنْديلٍ. فهو إقْرارٌ بالمَظْروفِ دونَ الظَّرْفِ. ذكَرَه ابنُ حامدٍ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ إقْرارًا بهما. فإنْ قال: عَبْدٌ عليه عِمامَةٌ. أو: دابَّةٌ عليها سَرْجٌ. احْتَمَلَ أَنْ لا يَلْزَمَه العِمامَةُ والسَّرْجُ، واحْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَه ذلك.
(1) فى الأصل: «أشهرها» .
فَإنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِى خَاتَمٌ فِيهِ فَصٌّ. كَانَ مُقِرًّا بِهِمَا. وَإِنْ قَالَ: فَصٌّ فِى خَاتَمٍ. احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ.
ــ
انتهى. واخْتارَ المُصَنِّفُ، أنَّه يكونُ مُقِرًّا بالعِمامَةِ والسَّرْجِ. قالَه فى «النُّكَتِ». ومسْأَلَةُ العِمامَةِ رأيْتُها فى «المُغْنِى». وقال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: وفرَّق بعضُ المُتأخِّرين بينَ ما يتَّصِلُ بظَرْفِه عادةً أو خِلْقَةً، فيكونُ إقْرارًا به، دُونَ ما هو مُنْفَصِلٌ عنه عادَةً. قال: ويَحْتَمِلُ التَّفْريقَ بينَ أَنْ يكونَ الثَّانى تابِعًا للأوَّلِ، فيكونُ إقْرارًا به؛ كتَمْرٍ فى جِرابٍ. أو: سَيْفٍ فى قِرابٍ. وبينَ أَنْ يكونَ مَتْبُوعًا، فلا يكونُ إقْرارًا به؛ كنَوًى فى تَمْرٍ، ورَأْسٍ فى شاةٍ. انتهى.
قوله: وإنْ قالَ: له عنْدِى خاتَمٌ فيه فَصٌّ. كانَ مُقِرًّا بهما. هذا المذهبُ المَقْطوعُ به عندَ جماهيرِ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ» : والأشْهَرُ لُزومُهما؛ لأنَّه جُزْؤُه. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ» وغيرِه. وقيل فيه الوَجْهان المُتَقَدِّمان فى التى قبلَها. قال الشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أَنْ يُخَرَّجَ على الوَجْهَيْن. وحكَى فى «الكافِى» ، و «الرِّعايَةِ» ، وغيرِهما فيها الوَجْهَيْن. وأَطْلَقَ الطَّرِيقَتَيْن فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وقال: مِثْلُه: جِرابٌ فيه تَمْرٌ. و: قِرابٌ فيه سَيْفٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: وإنْ قالَ: فَصٌّ فى خاتَمٍ. احْتَمَلَ وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» ؛ أحدُهما، لا يكونُ مُقِرًّا بالخاتَمِ. وهو المذهبُ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». قال فى «القَواعِدِ»: هذا المَشْهورُ. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضى، وأصحابُه. وقالَه فى «النُّكَتِ» . وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. والوَجْهُ الثَّانى، يكونُ مُقِرًّا بهما. قال ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»: فهو مُقِرٌّ بالأوَّلِ والثَّانى، إلَّا إنْ حَلَفَ: ما قَصَدْتُه. واعلمْ أنَّ هذه المَسْألَةَ عندَ الأصحابِ -مثْلَ قولِه: له عنْدِى تَمْرٌ فى جِرابٍ. أو: سِكِّينٌ فى قِرابٍ. ونحوُهما- المَسْألَةُ الأُولَى خِلافًا ومذْهبًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائد؛ منها، لو قال: له عنْدى دارٌ مفْروشةٌ. لم يَلْزَمْه الفَرشُ. على الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «التَّرْغيبِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «الوَجِيزِ» ، وقدَّمه فى «شَرْحِه». وقيل: يكونُ مُقِرَّا بالفَرْشِ أيضًا. وأَطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» .
ومنها، لو قال: له عنْدى عَبْدٌ بعِمامَةٍ، أو بعِمامَتِه. أو: دابَّةٌ بسَرْجٍ، أو بسَرْجِها (1). أو: سَيْفٌ بقِرابٍ، أو بقِرابِه. أو: دارٌ بفَرْشِها. أو: سُفْرَةٌ بطَعامِها. أو: سَرْجٌ مُفَضَّضٌ. أو: ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ. لَزِمَه ما ذكَرَه. بلا خِلافٍ أعْلَمُه.
ومنها، لو أقَرَّ بخاتَمٍ، ثم جاءَ بخاتَمٍ فيه فَصٌّ، وقال: ما أَرَدْتُ الفَصَّ. احْتَمَلَ وَجْهَيْن، أظْهَرُهما دُخولُه؛ لشُمولِ الاسْمِ. قالَه فى «التَّلْخيصِ». وقال: لو قال: له عنْدى جارِيَةٌ. فهل يدْخلُ الجَنِينُ فى الإِقْرارِ إذا كانتْ حامِلًا؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ» ، ذكَرهما فى أوائلِ كتابِ العِتْقِ، فقال: وإنْ أقَرَّ بالأُمِّ، فاحْتِمالان فى دُخولِ الجَنِينِ. وذكَر الأَزَجِىُّ وَجْهَيْن. وأَطْلَقهما فى «الرِّعايَةِ» .
ومنها، لو قال: له عنْدى جَنِين فى دابَّةٍ، أو فى جارِيَةٍ. أو: له دابَّةٌ فى بَيْتٍ. لم يكُنْ مُقِرًّا بالدَّابَّةِ والجارِيَةِ والبَيْتِ.
ومنها، لو قال: غَصَبْتُ منه ثَوْبًا فى مِنْديلٍ. أو: زَيْتًا فى زِقٍّ. ونحوَه، ففيه
(1) فى الأصل، ط:«بسرجه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الوَجْهان المُتَقَدِّمان. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ» . قال فى «النُّكَتِ» : ومِنَ العَجَبِ حِكايَةُ بعْضِ المُتأخِّرين أنَّهما يَلْزَمانِه، وأنَّه مَحَلُّ وِفاقٍ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، التَّفْرِقَةَ بينَ المَسْألَتَيْن؛ فإنَّه قال: فَرْقٌ بينَ أَنْ يقولَ: غَصَبْتُه. أو: أخَذْتُ منه ثَوْبًا فى مِنْديلٍ. وبينَ أَنْ يقولَ: له عنْدى ثَوْبٌ فى مِنْديلٍ. فإنَّ الأوَّلَ يقْتَضِى أَنْ يكونَ مَوْصُوفًا بكَوْنِه فى المِنْديلِ وَقْتَ الأَخْذِ، وهذا لا يكونُ إلَّا وكِلاهُما مغْصوبٌ، بخِلافِ قولِه: له عنْدِى. فإنَّه يقْتَضِى أَنْ يكونَ فيه وَقْتَ الإِقْرارِ، وهذا لا يُوجِبُ كوْنَه له. انتهى.
ومنها، لو أقَرَّ له بنَخْلَةٍ، لم يكُنْ مُقِرًّا بأرْضِها، وليسَ لرَبِّ الأَرْضِ قَلْعُها، وثَمَرَتُها للمُقَرِّ له. وفى «الانْتِصارِ» احْتِمالُ أنَّها كالبَيْعِ. يعْنِى، إنْ كانَ لها ثَمَرٌ بادٍ، فهو للمُقِرِّ دُونَ المُقَرِّ له. قال الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، فى مَن أقَرَّ بها: هى له بأصْلِها. قال فى «الانْتِصارِ» : فيَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ أرْضَها، ويَحْتَمِلُ لا. وعلى الوَجْهَيْن يُخَرَّج، هل له إعادَةُ غيرِها، أمْ لا؟ والوَجْهُ الثَّانى اخْتارَه أبو إسْحَاقَ. قال أَبُو الوَفاءِ: والبَيْعُ مِثْلُه. قال فى «الفُروعِ» : كذا قال. يعْنِى، عن صاحبِ «الانْتِصارِ» ؛ لذِكْرِه أنَّ كلامَ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ تعالَى، يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. قال: ورِوايَةُ مُهَنَّا هى له بأصْلِها، فإنْ ماتَتْ أو سقَطَتْ، لم يكُنْ له موْضِعُها. يرُدُّ ما قالَه فى «الانْتِصارِ» مِن أحدِ الاحْتِمالَيْن.
ومنها، لو أقَرَّ ببُسْتانٍ، شَمِلَ الأشْجارَ، ولو أقَرَّ بشَجَرَةٍ، شَمِلَ الأغْصانَ. واللَّهُ أعلمُ بالصَّوابِ.
وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ دِرْهَمٌ أَوْ دِينَارٌ. لَزِمَهُ أحَدُهُمَا، يُرْجَعُ إلَيْهِ فِى تَعْيِيِنهِ. تَمَّ (الْمُقْنِعُ) وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
ــ
وهذا آخِرُ ما تيَسَّر جمْعُه وتصْحِيحُه، واللَّه أسْألُ أَنْ يجْعَلَه خالِصًا لوَجْهِه الكريمِ، نافِعًا للنَّاظرِ فيه، مُصْلِحًا ما فيه مِن سقيمٍ.
قد تمَّ بحَمْدِ اللَّهِ تعالَى، وحُسْنِ معُونَتِه «كِتابُ الإنصافِ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[قاعِدَةٌ نافِعَةٌ جامِعَةٌ لصِفَةِ الرِّواياتِ المنقولةِ عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِى اللَّهُ عنه، والأوجهِ والاحتمالاتِ الواردةِ عَن أصحابِه رحِمَهم اللَّهُ تعالى، وغَفَر لنا ولهم وللمُؤْمنين
قال الإِمامُ عَلاءُ الدِّينِ علىُّ بنُ سُلَيْمانَ المَرْداوِىُّ السَّعْدِىُّ، بعدَ آخِرِ بابِ الإِقْرارِ، الذى ختَم به كِتابَ «الإِنْصافِ فى معْرِفَةِ الرَّاجِحِ مِن الخِلافِ» ما نصُّه] (1): وقد عَنَّ لى أَنْ أذْكُرَ هنا قاعِدَةً نافعَةً جامعَةً لصِفَةِ الرِّواياتِ المنْقولةِ عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّه تُعالَى عنه، والأوْجُهِ والاحْتِمالاتِ الوارِدَةِ عن أصْحابِه، وأقْسامِ المُجْتَهِدينَ، ومَنْ يكونُ منهم أهْلًا لتَخْريجِ الأوْجُهِ والطُّرُقِ، وصِفَةِ تصْحيحِهم، وبَيانِ عُيوبِ التَّصانيفِ، واصْطِلاحِهم فيها، وأسْماءِ مَنْ روَى عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، ونقَل عنه الفِقْهَ؛ فإنَّ طالِبَ العِلْمِ لا يسَعُه الجَهْلُ بذلك.
اعلمْ، وفَّقَنِى اللَّهُ وإيَّاك لِمَا يُرْضِيه، أنَّ الإمامَ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، لم يُؤلِّفْ كتابًا مسْتَقِلًّا فى الفِقْهِ، كما فعَله غيرُه مِن الأئمةِ، وإنَّما أخذَ أصْحابُه ذلك مِن فَتاوِيه وأجْوِبَتِه، وبعْضِ تآليفِه، وأقْوالِه، وأفْعالِه. فإنَّ ألْفاظَه؛ إمَّا صَرِيحَةٌ فى الحُكْمِ بما لا يَحْتَمِلُ غيرَه، أو ظاهِرَةٌ فيه معَ احْتِمالِ غيرِه، أو مُحْتَمِلَةٌ لشَيْئَيْن فأكْثَرَ على السَّواءِ. وقد تقدَّم مَعانِى ذلك فى الخُطْبَةِ (2).
(1) زيادة من: أ.
(2)
انظر 1/ 6 - 15.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فكلامُه قد يكونُ صريحًا أو تَنْبِيهًا؛ كقَرْلِنا: أَوْمَأَ إليه. أو: أشارَ إليه. أو: دلَّ كلامُه عليه. أو: توَقَّفَ فيه. ونحوَ ذلك.
إذا عَلِمْتَ ذلك، فمذْهَبُه، ما قالَه بدَليلٍ وماتَ قائلًا به. قالَه فى «الرِّعَايَةِ». وقال ابنُ مُفْلِحٍ فى «أُصولِه»: مذْهبُ الإنْسانِ ما قالَه، أو جرَى مَجْراه، مِن تَنْبِيهٍ أو غيرِه. انتهى.
* وفيما قالَه قبلَه بدَليلٍ يُخالِفُه أوْجُهٌ؛ النَّفْىُ، والإثْباتُ، والثَّالثُ، إنْ رجَع عنه، وإلَّا فهو مذْهَبُه. كما يأْتى قريبًا. قلتُ: الصَّحيحُ أنَّ الثَّانىَ، مذْهَبُه. اخْتارَه فى «التَّمْهيدِ» ، و «الرَّوْضَةِ» ، و «العُمْدَةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ» وغيرِه. [قال فى «الرِّعايَةِ»] (1): وقيل: مذْهبُ كلِّ أحدٍ -عُرْفًا وعادةً- ما اعْتقدَه جَزْمًا أو ظَنًّا. انتهى.
* فإذا نُقِلَ عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، قوْلان صَرِيحان، مُخْتَلِفان فى وَقْتَيْن، وتعَذَّرَ الجمعُ، فإنْ عُلِمَ التَّارِيخُ، فالثَّانى فقط مذهبُه. على الصَّحيحِ، وعليه الأكثرُ. وقيل: والأَوَّلُ، إنْ جُهِلَ رُجوعُه. اخْتارَه ابنُ حامدٍ وغيرُه. وقيل: أو عُلِمَ. وتقدَّم ذلك فى الخُطْبَةِ مُحَرَّرًا مُسْتَوْفًى (2).
* فعلى الأَوَّلِ، يُحْمَلُ عامُّ كلامِه على خاصِّه، ومُطْلَقُه على مُقَيَّدِه، فيكونُ كلُّ واحدٍ منهما مذهبَه. وهذا هو الصَّحيحُ. وصحَّحه فى «آدابِ المُفْتِى
(1) سقط من: الأصل.
(2)
انظر 1/ 12، 13.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[والمُسْتَفْتِى](1)»، و «الفُروعِ» ، وغيرِهما. واخْتارَه ابنُ حامدٍ وغيرُه. وقيل: لا يُحْمَلُ. انتهى. فيُعْمَلُ بكلِّ واحدٍ منهما فى مَحَلِّه، وَفاءً باللَّفْظِ.
* وإنْ جُهِلَ التَّارِيخُ، فمذهبُه أقْرَبُهما مِن كتابٍ أو سُنَّةٍ، أو إجْماعٍ، أو أَثَرٍ، أو قَواعِدِه، أو عَوائدِه، أو مَقاصِدِه، أو أدِلَّتِه. قال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: إنْ لم يُجْعَلْ أوَّلُ قوْلَيْه، فى مسْأَلَةٍ واحدةٍ، مذهبًا له، مع معْرِفَةِ التَّاريخِ، فيكونُ هذا الرَّاجِحُ كالمُتأخِّرِ فيما ذكَرْنا، إذا جُهِلَ رُجوعُه عنه. قلتُ: ويَحْتَمِلُ الوَقْفَ؛ لاحْتِمالِ تقَدُّمِ الرَّاجِحِ. وإنْ جعَلْنا أوَّلَهما ثَمَّ مذهبًا له، فهُنا أوْلَى؛ لجوازِ أَنْ يكونَ الرَّاجِحُ مُتأخرًا. انتهى. قال فى «الفُروعِ»: فإنْ جُهل، فمذهبُه أقْرَبُهما مِن الأدِلَّةِ وقواعِدِه، وإنْ تَساوَيا نقْلًا ودلِيلًا، فالوَقْفُ أوْلَى. قالَه فى «الرِّعايَةِ». قال: ويَحْتَمِلُ التَّخْيِيرَ إذَنْ والتَّساقُطَ.
* فإنِ اتَّحَدَ حُكْمُ القَوْلَيْن دُونَ الفِعْلِ؛ كإخْراجِ الحِقاقِ (2) وبَناتِ اللَّبُوَنِ عن مِائَتَىْ بعيرٍ، وكلِّ وأجِبٍ مُوَسَّعٍ أو مخيَّرٍ، خُيِّر المُجْتَهِدُ بينَهما، وله أَنْ يُخَيِّرَ المُقَلِّدَ بينَهما، إنْ لم يكُنِ المُجْتَهِدُ حاكِمًا.
* وإنْ منَعْنا تَعَادُلَ الأَماراتِ، وهو الظَّاهِرُ عنه، فلا وَقْفَ ولا تَخْيِيرَ، ولا تَساقُطَ أيضًا، ويُعْمَلُ بالرَّاجحِ رُواةً، أو بكَثْرَةٍ، أو شُهْرَةٍ، أو عِلْمٍ، أو وَرَعٍ، ويُقدَّمُ الأعْلَمُ على الأَوْرَعِ. قالَه فى «الرِّعايَةِ» . وتقدَّم ذلك وغيرُه، فى آدابِ
(1) زيادة من: أ.
(2)
فى الأصل: «الحقائق» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإفْتاءِ، فى [أواخِرِ كِتَابِ](1) القَضاءِ.
* فإنْ وافقَ أحدُ القَوْلَيْن مذهبَ غيرِه، فهل الأُوْلَى ما وافَقَه، أو ما خالفَه؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. قالَه فى «الرِّعايَةِ». قلتُ: الأُوْلَى ما وافَقَه. وحُكِىَ الخِلافُ فى «آدابِ المُفْتِى» عن القاضى حُسَيْنٍ (2) مِن الشَّافِعِيَّةِ. قال: وهذه التَّراجِيحُ مُعْتَبَرَةٌ بالنِّسْبَةِ إلى أئمَّةِ المَذاهبِ، وما رجَّحه الدَّليلُ مُقَدَّمٌ عندَهم. وهو أوْلَى.
* وإنْ عُلِمَ تارِيخُ أحدِهما دُونَ الآخَرِ، فكما لو جُهِلَ تارِيخُهما، على الصَّحيحِ. ويَحْتَمِلُ الوَقْفَ.
* ويخَصُّ عامُّ كلامِه بخاصِّه فى مسْألَةٍ واحدةٍ، فى أصحِّ الوَجْهَيْن. قالَه فى «الفُروعِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغرى» . وصحَّحه فى «آدابِ المُفْتِى» . وفى الوَجْهِ الآخَرِ، لا يخْتَصُّ.
* والمَقِيسُ على كلامِه مذهبُه. فى الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال فى «الفُروعِ» : مذهبُه فى الأشْهَرِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، وغيرِهم. وهو مذهبُ الأَثْرَمِ، والخِرَقِىِّ، وغيرِهما. قالَه ابنُ حامدٍ فى «تَهْذيبِ الأجْوِبَةِ». وقيل: لا يكونُ مذهبَه. قال ابنُ حامدٍ: قال عامَّةُ مَشَايخِنا؛ مثْلَ
(1) فى أ: «باب» .
وانظر 28/ 316.
(2)
حسين بن محمد بن أحمد القاضى أبو على المروذى، ويقال له أيضا: المَرورُّوذِى، العلامة شيخ الشافعية بخراسان، كان من أوعية العلم، وكان يلقب بحبر الأمة، له «التعليقة الكبرى» و «الفتاوى» وغير ذلك، تخرج عليه عدد كثير من الأئمة. توفى فى المحرم سنة اثنتين وستين وأربعمائة. سير أعلام النبلاء 18/ 260 - 262. طبقات الشافعية الكبرى 4/ 356 - 358.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الخَلَّالِ، وأبى بَكْرٍ عبدِ العَزِيزِ، وأبى علىٍّ، وإبْراهِيمَ، وسائرِ مَن شاهَدْناه: إنَّه لا يجوزُ نِسْبَتُه إليه. وأنْكَرُوا على الخِرَقِىِّ ما رَسَمَه فى كِتابِه، مِن حيثُ إنَّه قاسَ على قوْلِه. انتهى. وأَطْلَقَهما ابنُ مُفْلِحٍ فى «أُصولِه». قال (1) ابنُ حامِدٍ: والمأْخُوذُ أَنْ يُفَصَّلَ، فما كان مِن جوابٍ له فى أصْلٍ يحْتَوِى (2) مَسَائِلَ، خُرِّجَ جوابُه على بعْضِها، فإنَّه جائزٌ أَنْ يُنْسَبَ إليه بَقِيَّةُ مسائلِ ذلك الأَصْلِ مِن حيثُ القِياسُ -وصَوَّر له صُوَرًا كثيرةً- فأمَّا أَنْ يَبْتَدِئ بالقِياسِ فى مَسائلَ لا شَبَهَ لها (3) فى أُصُولِه، ولا يُؤْخَذُ عنه (4) مَنْصُوصٌ يُبْنَى عليه، فذلك غيرُ جائزٍ. انتهى. وقيل: إنْ جازَ تخْصِيصُ العِلَّةِ، وإلَّا فهو مذهبُه. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبرى»: قلتُ: إنْ نصَّ عليها، أو أَوْمَأَ إليها، أو علَّلَ الأَصْلَ بها، فهو مذهبُه، وإلَّا فلا، إلَّا أَنْ تشْهَدَ أقْوالُه وأفْعالُه وأحْوالُه للعِلَّةِ المُسْتَنْبَطَةِ بالصِّحَّةِ والتَّعْيينِ. وجزَم به فى «الحاوِى» . وهو قريبٌ ممَّا قالَه ابنُ حامدٍ. وقال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، بعدَ حِكايَةِ القَوْلَيْن الأوَّلَيْن: قلتُ: إنْ كانتْ مُسْتَنْبَطَةً، فلا نَقْلَ ولا تَخْرِيجَ. انتهى.
* فعلى الأَوَّلِ، إنْ أفْتَى فى مَسْأَلتَيْن مُتَشابِهَتَيْن بحُكْمَيْن مُخْتَلِفَيْن فى وَقْتَيْنِ، جازَ نقْلُ الحُكْمِ وتخْرِيجُه مِن كلِّ واحدةٍ إلى الأُخْرى. جزَم به فى «المُطْلِعِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». واخْتارَه الطُّوفِىُّ فى «مُخْتَصَرِه» فى «الأُصُولِ» و «شَرْحِه». وقال: إذا كان بعدَ الجِدِّ والبَحْثِ. قلتُ: وكثيرٌ مِنَ
(1) فى أ: «قاله» .
(2)
بعده فى أ: «على» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
بعده فى أ: «الأصل من» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصحابِ على ذلك، وقد عمِلَ به المُصَنِّفُ فى بابِ سَتْرِ العَوْرَةِ وغيرِه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يجوزُ، كقَوْلِ الشَّارِعِ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ فى «التَّمْهيدِ» وغيرُه. وقدَّمه ابنُ مُفْلِحٍ فى «أُصولِه» ، والطُّوفِىُّ فى «أُصولِه» ، وصاحِبُ «الحاوِى الكَبِيرِ» ، وغيرُهم. وجزَم به المُصَنِّفُ، فى «الرَّوْضَةِ» ، كما لو فرَّق بينَهما، أو منَع النَّقْلَ والتَّخْرِيجَ. قال فى «الرِّعايتَيْن» ، و «آدابِ المُفْتِى»: أو قَرُبَ الزَّمَنُ، بحيثُ يُظَنُّ أنَّه ذاكِرٌ حُكْمَ الأوَّلَةِ حينَ أفْتَى بالثَّانيةِ. والمذهبُ إجْراءُ الخِلافِ مُطْلَقًا. [فعلى المذهبِ، يكونُ القولُ المُخَرَّجُ وَجْهًا لمَنْ خرَّجه. وعلى الثَّانيةِ، يكونُ رِوايةً مُخَرَّجَةً. ذكَرَه ابنُ حَمْدانَ، وغيرُه](1). وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ» فى الخُطْبَةِ، و «آدابِ المُفْتِى» .
* فعلى الجوازِ، مِن شَرْطِه أَنْ لا يُفْضِىَ إلى خَرْقِ الإجْماعِ. قال فى «آدابِ المُفْتِى»: أو يدْفَعُ (2) ما اتَّفَقَ عليه الجَمُّ الغَفِيرُ مِن العُلَماءِ، أو عارَضَه نصُّ كتابٍ أو سُنَّةٍ. وتقدَّم ذلك فى بابِ سَتْرِ العَوْرَةِ، مُسْتَوْفًى، وأصْلُه فى الخُطْبَةِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: قلت: وإنْ عُلِمَ التَّارِيخُ، ولم نجْعَلْ أوَّلَ قوْلَيْه فى مسْأَلَةٍ واحدَةٍ مذهبًا له، جازَ نقلُ حُكْمِ الثَّانيةِ إلى الأُولَى فى الأقْيَسِ، ولا عَكْسَ، إلَّا أَنْ نَجْعَلَ أوَّلَ قوْلَيْه فى مسْأَلَةٍ واحدةٍ مذهبًا له مع مَعْرِفَةِ التَّاريخِ، وإنْ جُهِلَ التَّارِيخُ، جازَ نَقْلُ حُكْمِ أقْرَبِهما مِن كتابٍ، أو سُنَّةٍ، أو إجْماعٍ، أو أَثَرٍ، أو قواعِدِ الإِمامِ، ونحوِ ذلك إلى (3) الأُخْرَى فى الأَقْيَسِ، ولا عَكْسَ، إلَّا أَنْ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
فى الأصل، ط:«رفع» .
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نَجْعَلَ أوَّلَ قَوْلَيْه فى مسْألَةٍ واحدَةٍ مذهبًا له، مع معْرِفَةِ التَّارِيخِ، وأولَى؛ لجوازِ كوْنِها الأَخيرَةَ، دُونَ الرَّاجِحَةِ. انتهى. وجزَم به فى «آدابِ المُفْتِى» .
* وإذا تَوَقَّفَ الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فى مَسْألَةٍ تُشْبِهُ مسْألَتَيْن، فأكثرَ، أحْكامُهما مُخْتَلِفَةٌ، فهل يَلْحَقُ بالأخفِّ أو بالأَثْقَلِ أو يُخَيَّرُ المُقَلِّدُ بينَهما؟ فيه ثلاثةُ أوْجُهٍ. وأطلَقَهُنَّ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، و «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى» ، و «الحاوِى الكَبِيرِ» ، و «الفُروعِ» . قال فى «الرِّعايَةِ» ، و «آداب المُفْتِى» ، و «الحاوِى»: الأُوْلَى العَمَلُ بكُلِّ منهما لمَنْ هو أصْلَحُ له. والأظْهَرُ عنه هنا التَخْيِيرُ. وقالا: ومع مَنْعِ تَعادُلِ الأماراتِ -وهو قولُ أبى الخَطَّابِ. فلا وَقْفَ، ولا تَخْيِيرَ، ولا تَساقُطَ.
* وإنْ أشْبَهَتْ مسْألَةً واحدةً، جازَ إلْحاقُها بها، إنْ كان حُكْمُها أرْجَحَ مِن غيرِه. قاله فى «الرِّعايَةِ» ، و «الحاوِى» .
* وما انْفَرَدَ به بعْضُ الرُّواةِ، وقَوىَ دليلُه، فهو مذهبُه. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «آدابِ المُفْتِى» . واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وقال: يجبُ تقْدِيمُها على سائرِ الرِّواياتِ؛ لأَنَّ الزِّيادةَ مِنَ العَدْلِ مَقْبولَةٌ فى الحديثِ عندَ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فكيْفَ والرَّاوِى عنه ثِقَةٌ خَبِيرٌ بما رَواه. وقيل: لا يكونُ (1) مذهبَه، بل ما رَواه جماعَةٌ بخِلافِه أَوْلَى. واخْتارَه الخَلَّالُ وصاحِبُه؛ لأَنَّ نِسْبَةَ الخَطَأ إلى الواحدِ أوْلَى مِن نِسْبَتِه إلى الجماعةِ، والأَصْلُ اتِّحادُ المَجْلِسِ. قلتُ:
(1) بعده فى الأصل، أ:«من» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهذا ضعيفٌ، ولا يَلْزَمُ مِن ذلك خَطَأُ الجماعَةِ. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ» .
* وما دَلَّ عليه كلامُه فهو مذهبُه، إنْ لم يُعارِضْه أقْوَى منه. قالَه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الفُروعِ» ، و «آدابِ المُفْتِى» .
* وقوْلُه: لا يَنْبَغِى. أو: لا يَصْلُحُ. أو: أسْتَقْبِحُه. أو: هو قَبِيحٌ. أو: لا أرَاه. للتَّحْريمِ. قالَه الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ» : وقد ذكَرُوا أنَّه يُسْتَحَبُّ فِراقُ غيرِ العَفِيفَةِ، واحْتَجُّوا بقولِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: لا يَنْبَغِى أَنْ يُمْسِكَها. وسألَه أبو طالِبٍ: يُصَلَّى إلى القَبْرِ، والحَمَّامِ، والحُشِّ؟ قال: لا يَنْبَغِى أَنْ يكونَ، لا يُصَلَّى إليه. قلتُ: فإنْ كان؟ قال: يُجْزِيه. ونقَلَ أبو طالِبٍ، فى مَن قرَأ فى الأرْبَعِ كلِّها بالحَمْدِ وسُورَةٍ، قال: لا يَنْبَغِى أَنْ يَفْعَلَ. وقال فى رِوايةِ الحَسَنِ بنِ حَسَّان، فى الإِمامِ يُقَصِّرُ فى الأُولَى ويُطَوِّلُ فى الأخيرةِ: لا يَنْبَغِى ذلك. قال القاضى: كَرِهَ [الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه](1)، ذلك؛ لمُخالَفَتِه للسُّنَّةِ. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ على خِلافٍ.
* وقال فى «الرِّعايَةِ» : وإنْ قال: هذا حرامٌ. ثم قال: أكْرَهُه. أو: لا يُعْجِبُنِى. فحرامٌ. وقيل: بل يُكْرَهُ.
* وفى قولِه: أكْرَهُ. أو: لا يُعْجِبُنِى. أو: لا أُحِبُّه. أو: لا أسْتَحْسِنُه. أو: يَفْعَلُ السَّائلُ كذا احْتِياطًا. وَجْهان. وأطلَقَهما فى «الفُروعِ» . وأَطلَقَهما فى «آدابِ المُفْتِى» ، فى: أكْرَهُ كذا. أو: لا يُعْجِبُنِى. أحدُهما، هو للتَّنْزِيهِ.
(1) سقط من: الأصل، ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، و «الحاوِى» ، فى غيرِ قولِه: يَفْعَلُ السَّائلُ كذا احْتِياطًا. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، فى قوْلِه: أكْرَهُ كذا. أو: لا يُعْجِبُنِى. وقال فى «الرِّعايَتَيْنِ» ، و «الحاوِى»: وإنْ قال: يَفْعَلُ السَّائلُ كذا احْتِياطًا. فهو واجِبٌ. وقيل: مَنْدوبٌ. انتهوا. والوَجْهُ الثَّانى، أنَّ ذلك كلَّه للتَّحْريمِ. اخْتارَه الخَلَّالُ، وصاحِبُه، وابنُ حامدٍ، فى قوْلِه: أكْرَهُ كذا. أو: لا يُعْجِبُنِى. وقال فى «الرِّعايتَيْن» ، و «آدابِ المُفْتِى» ، و «الحاوِى»: والأَوْلَى النَّظَرُ إلى القَرائنَ فى الكُلِّ. انتهيا.
* وقولُه: أُحِبُّ كذا. أو: يُعْجِبُنِى. أو: هذا أَعْجَبُ إلىَّ. للنَّدْبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: للوُجوبِ. اخْتارَه ابنُ حامدٍ، فى قوْلِه: أحَبُّ إلىَّ كذا. وقيل: وكذا قولُه: هذا أحْسَنُ. أو: هذا (1) حسَنٌ. قالَه فى «الفُروعِ» . قلتُ: قطَع فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، و «الحاوِى الكَبِيرِ» أنَّ قوْلَه: هذا أحْسَنُ، أو حسَنٌ. كـ: أُحِبُّ كذا. ونحوِه. وقال ابنُ حامدٍ: إذا اسْتَحْسَنَ شيئًا، أو قال: هو حَسَنٌ. فهو للنَّدْبِ، وإنْ قال: يُعْجِبُنِى. فهو للوُجوبِ.
* وقولُه: لا بأْسَ. أو: أرْجُو أَنْ لا بأْسَ. للإباحةِ.
* وقولُه: أخْشَى. أو: أخافُ أَنْ يكونَ. أو: لا يكونَ. ظاهِرٌ فى المَنْعِ. قالَه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، وقدَّماه. واخْتارَه ابنُ حامدٍ، والقاضى. قال فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى» ، و «الفُروعِ»: فهو كـ: يجوزُ. أو: لا
(1) سقط من: ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يجوزُ. انتهى. وقيل بالوَقْفِ.
* وإنْ أجابَ فى شئٍ، ثم قال فى نحوِه: هذا أهْوَنُ. أو: أشَدُّ. أو: أشْنَعُ. فقيل: هما عندَه سواءٌ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ عَبْدُ العزِيزِ، والقاضى. وقيل بالفَرْقِ. قلتُ: وهو الظَّاهِرُ. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، فى «تَهْذيبِ الأجْوِبَةِ» . وأَطْلَقهما فى «الرِّعايَةِ» ، و «الفُروعِ». قال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: إنِ اتِّحَدَ المَعْنَى، وكَثُرَ التَّشابُهُ، فالتَّسْوِيَةُ أوْلَى، وإلَّا فلا.
* وقيل: قولُه: هذا أشْنَعُ عندَ النَّاسِ. يقْتَضِى المَنْعَ. وقيل: لا.
* وقولُه: أَجْبُنُ عنه. للجَوازِ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» . وقيل: يُكْرَهُ. اخْتارَه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «آدابِ المُفْتِى». وقال فى «الكُبْرى»: الأُوْلَى النَّظرُ إلى القَرائنِ. وقال فى «الفُروعِ» : وأجْبُنُ عنه. مذهبُه. وقالَه فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى» . وقال فى «تَهْذِيب الأجْوِبَةِ» : جُمْلَةُ المذهبِ، أنَّه إذا قال: أَجْبُنُ عنه. فإنَّه إذْنٌ بأنَّه مذهبُه (1)، وأَنَّه ضعيفٌ لا يَقْوَى القُوَّةَ التى يُقْطَعُ بها، ولا يَضْعُفُ الضَّعْفَ الذى يُوجِبُ الرَّدَّ، ومع ذلك؛ فكُلُّ ما أجابَ فيه (2)، فإنَّك تجِدُ البَيانَ عنه فيه كافِيًا، فإنْ وَجدْتَ عنه المَسْألةَ ولا جوابَ بالبَيانِ، فإنَّه يُؤْذِنُ بالتَّوَقُّفِ عَن (3) غيرِ قَطْعٍ. انتهى.
* وما أجابَ فيه بكِتابٍ أو سُنَّةٍ أو إجْماعٍ، أو قولِ بعْضِ الصَّحابَةِ، فهو
(1) فى الأصل، ط:«مذهب» .
(2)
فى الأصل: «منه» .
(3)
فى أ: «من» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مذهبُه؛ لأَنَّ قولَ أحَدِ الصَّحابَةِ عندَه حُجَّةٌ. على أصحِّ الرِّوايتَيْن عنه.
* وما رَوَاه مِن سُنَّةٍ، أو أثَرٍ، أو صَحَّحَه، أو حَسَّنَه، أو رَضِىَ سَنَدَه، أو دَوَّنَه فى كُتُبِه، ولم يَرُدَّه، ولم يُفْتِ بخِلافِه، فهو مذهبُه. قدَّمه فى «تَهْذيبِ الأجْوِبَةِ» ، ونَصَرَه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» . وجزَم به فى «الحاوِى الكَبِيرِ» . واخْتارَه عَبْدُ اللَّهِ، وصالِحٌ، والمَرُّوذِىُّ، والأَثْرَمُ. قالَه فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى». وقيل: لا يكونُ مذهبَه، كما لو أفْتَى بخِلافِه قَبْلُ، أو بَعْدُ. وأَطْلَقَهما فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى» ، و «الفُروعِ». وقال: فلِهذا أذْكُرُ رِوايتَه للخَبَرِ، وإنْ كان فى «الصَّحِيحَيْن» . انتهى.
* وإنْ أَفْتَى بحُكْمٍ، فاعْتُرِضَ عليه، فسَكَتَ، فليس رُجوعًا. قدَّمه فى «تَهْذيبِ الأجْوِبَةِ» ، ونصرَه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وقيل: يكونُ رُجوعًا. اخْتارَه ابنُ حامدٍ. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ» ، و «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى» . وإنْ ذكرَ عنِ الصَّحابةِ فى مسْألَةٍ قوْلَيْن، فمذهبُه أقْرَبُهما مِن كتابٍ أو سُنَّةٍ أو إجْماعٍ؛ سَواءٌ عَلَّلَهما أو لا، إذا لم يُرَجِّحْ أحدَهما، ولم يَخْتَرْه. قدَّمه فى «تَهْذيبِ الأجْوِبَةِ» ، ونصرَه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الكَبِيرِ» ، و «الفُروعِ». وقيل: لا مذهبَ له منهما عَيْنًا، كما لو حَكاهُما عنِ التَّابِعينَ فَمَنْ بعدَهم، ولا مَزِيَّةَ لأحَدِهما بما ذكرَ؛ لجوازِ إحْداثِ قَوْلٍ ثالثٍ يُخالِفُ الصَّحابَةَ. قالَه فى «الرِّعايَةِ» . وقيل بالوَقْفِ.
* وإنْ علَّلَ أحدَهما واسْتَحْسَنَ الآخَرَ، أو فَعَلَهما فى أقْوالِ التَّابِعينَ فَمَنْ بعدَهم، فأيُّهما مذهبُه؟ فيه وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الكَبِيرِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الفُروعِ» . قلتُ: الصَّوابُ أنَّ الذى اسْتَحْسَنَه مذهَبُه، ولا يَلْزَمُ مِن تَعْليلِ القَوْلِ أَنْ يكونَ قد أخَذَ به، ولا يدُلُّ عليه. ثم وَجَدْتُه فى «آدابِ المُفْتِى» قدَّمه، وقال: اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقال عن الثَّانى: فيه بُعْدٌ.
* وإنْ حسَّنَ أحدَهما، أو علَّلَه، فهو مذهبُه. قوْلًا واحدًا. جزَم به فى «الفُروعِ» ، وغيرِه.
* وإنْ أعاد (1) ذِكْرَ أحَدِهما، أو فَرَّعَ عليه، فهو مذهبُه. قدَّمه فى «آدابِ المُفْتِى». وقيل: لا يكونُ مذهبَه إلَّا أَنْ يُرَجِّحَه، أو يُفْتِىَ به. واخْتارَه ابنُ حَمْدانَ (2)، فى «آدابِ المُفْتِى» . وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ» ، فيما إذا فَرَّعَ على أحَدِهما.
* وإنْ نصَّ فى مَسْألةٍ على حُكْمٍ، وعلَّلَه بعِلَّةٍ، فوُجِدَتْ تلك العِلَّةُ فى مَسائِلَ أُخَرَ، فمذهبُه فى تلك المَسائِلِ كالمَسْألةِ المُعَلَّلَةِ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ» ، و «الفُروعِ». قال فى «الرِّعَايَةِ»: سواءٌ قُلْنا بتَخْصِيصِ العِلَّةِ أَوْ لا. كما سَبَق. انتهى. وقيل: لا.
* وإنْ نُقِلَ عنه فى مَسْألَةٍ رِوايَتان؛ دليلُ أحَدِهما قولُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، ودليلُ الأُخْرَى قولُ صَحابِىٍّ، وهو أخَصُّ، وقُلْنا: هو حُجَّةٌ يُخَصُّ به العُمومُ -فأيُّهما مذهبُه؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، مذهبُه ما كانَ دليلُه قولَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. قلتُ: وهو الصَّوابُ.
(1) فى الأصل: «علل» .
(2)
فى الأصل: «حامد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقدَّمه فى «تَهْذِيبِ الأجْوِبَةِ» ونَصَرَه، و «آدابِ المُفْتى». وقيل: مذهبُه قولُ الصَّحابِىِّ، والحَالَةُ ما تقدَّم. وأَطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الكَبِيرِ» . وإنْ كان قولُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أخَصَّهما (1)، وأحْوَطَهما، تعَيَّنَ.
* وإنْ وافقَ أحدُهما قولَ صَحابىٍّ، والآخَرُ قولَ تابِعِىٍّ، واعْتُدَّ به إذَنْ. وقيل: وعَضَّدَه (2) عُمومُ كتابٍ أو سُنَّةٍ، أو أثَرٌ. فَوْجَهان. وأَطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن» ، و «آدابِ المُفْتِى» .
* وإنْ ذكَرَ اخْتِلافَ النَّاسِ وحَسَّن بَعْضَه، فهو مذهبُه، إنْ سَكَتَ عن غيرِه.
* وإنْ سُئِلَ مرَّةً، فَذَكَرَ الاخْتِلافَ، ثم سُئِلَ مرَّة ثانيةً، فتَوَقَّفَ، ثُمَّ سُئِلَ مرَّةً ثالثةً، فأفْتَى فيها، فالذى أفْتَى به مذهبُه.
* وإنْ أجابَ بقوْلِه: قال فُلانٌ كذا. يعْنِى بعْضَ العُلَماءِ، فَوَجْهان. وأَطْلَقَهما فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الفُروعِ» ، و «آدابِ المُفْتى» . واخْتارَ أنَّه لا يكونُ مذهبَه. واخْتارَ ابنُ حامِدٍ أنَّه يكونُ مذهبَه.
* وإنْ نصَّ على حُكْمِ مسْألَةٍ، ثم قال: ولو قال قائلٌ، أو ذَهَبَ ذاهِبٌ إلى كذا. يريدُ حُكْمًا يخالفُ ما نصَّ عليه، كان مذهبًا؟ لم يكُنْ ذلك مذهبًا للإمامِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أيضًا، كما لو قال: وقد ذَهَبَ قومٌ إلى كذا. قالَه أبو الخَطَّابِ، ومَنْ بعدَه. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ» ، و «الفُروعِ» ، و «آدابِ
(1) فى الأصل: «أخص» .
(2)
فى الأصل، ط:«عضد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُفْتِى»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ مذهبًا له. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ» ، مِن عنْدِه. قلتُ: وهو مُتَوَجِّهٌ. كَقَوْلِه: يَحْتَمِلُ قوْلَيْن. قال فى «الفُروعِ» : وقد أجابَ الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فيما إذا سافَر بعدَ دُخولِ الوَقْتِ هل يَقْصُرُ؟ وفى غيرِ (1) مَوْضِعٍ بمثْلِ هذا. وأثْبَتَ القاضى وغيرُه رِوايتَيْن.
* وهل يُجْعَلُ فِعْلُه، أو مفْهومُ كلامِه مذهبًا له؟ على وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الرِّعايتَيْن» ، و «آدابِ المُفْتِى» ، و «أصولِ ابنِ مُفْلِحٍ». قال فى «تَهْذِيبِ الأجْوِبَةِ»: عامَّةُ أصحابِنا يقُولونَ: إنَّ فعْلَه مذهبٌ له. وقدَّمه هو، ورَدَّ غيرَه. قال فى «آدابِ المُفْتِى»: اخْتارَ الخِرَقِىُّ، وابنُ حامِدٍ، وإبْراهِيمُ الحَرْبِىُّ (1)، أنَّ مفْهومَ كلامِه مذهبُه. واخْتارَ أبو بَكْرٍ، أنَّه لا يكونُ مذهبَه.
* فإنْ جعَلْنا المَفْهومَ مذهبًا له، فنَصَّ فى مَسْألَةٍ على خِلافِ المَفْهومِ، بَطَلَ. وقيل: لا يَبْطُلُ. فتَصِيرُ المَسْأَلَةُ على رِوايتَيْن، إنْ جعَلْنا أوَّلَ قوْلَيْه فى مسْأَلةٍ واحدَةٍ مذهبًا له.
* وصِيغَةُ الواحدِ مِن أصحابِه ورُواتِه فى تفْسيرِ مذهبِه، وإخْبارُهم عن رَأْيِه، كنَصِّه فى وَجْهٍ. قالَه فى «الرِّعايتَيْن». قال فى «الفُروعِ»: هو مذهبُه فى الأصحِّ. قال فى «تَهْذيبِ الأجْوِبَةِ» : إذا بيَّن أصحابُ أبى عَبْدِ اللَّهِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قوْلَه بتَفْسيرِ جَوابٍ له، أو نَسَبُوا إليه بَيانَ حدٍّ فى سُؤالٍ، فهو منْسوبٌ إليه، ومَنُوطٌ به، وإليه يُعْزَى، وهو بمَثابَةِ نصِّه. ونَصَرَه. قال فى «آدابِ المُفْتِى»:
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اخْتارَه ابنُ حامِدٍ وغيرُه. وهو قِياسُ قولِ الخِرَقِىِّ وغيرِه. وقال ابنُ حامِدٍ: وخالَفَنا فى ذلك طائفةٌ مِن أصحابِنا، مثل الخَلَّالِ، وأبى بَكْرٍ عَبْدِ العزِيزِ.
تنبيه: هذه الصِّيَغُ والمَسائلُ التى ورَدَتْ عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وما قالَه الأصحابُ فيها، كلُّها أو غالِبُها (1)، مذْكورٌ فى «تَهْذيبِ الأجْوِبَةِ» لابنِ حامِدٍ، مَبْسُوطٌ بأمْثِلَةٍ كثيرةٍ لكُلِّ مسْألةٍ ممَّا تقدَّم. وله فيه أيضًا أشياءُ كثيرةٌ غيرُ ما تقدَّم، ترَكْنَا ذِكْرَها (2) للإطالَةِ، ومذْكورٌ أيضًا فى «آدابِ المُفْتِى» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، وبعْضُه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِى الكَبِيرِ» .
فصل: هذا الذى تقدَّم ذِكْرُه هو الوارِدُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، وبَقِىَ الوارِدُ عن أصحابِه.
* واعلمْ أنَّ الوارِدَ عنِ الأصحابِ؛ إمَّا وَجْهٌ، وإمَّا احْتِمالٌ، وإمَّا تخْريجٌ. وزادَ فى «الفُروعِ» التَّوْجِيهَ.
* فأمَّا الوَجْهُ، فهو قولُ بعضِ الأصحابِ، وتخْرِيجُه إنْ كان مأْخُوذًا مِن قواعِدِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّه تُعالَى عنه، أو إيمائِه، أو دَليلِه، أو تعْليلِه، أو سِياقِ كلامِه وقُوَّتِه.
* وإنْ كان مأْخُوذًا مِن نُصوصِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، ومُخَرَّجًا
(1) فى الأصل: «غالبه» .
(2)
فى الأصل، ط:«ذكره» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
منها، فهو رِواياتٌ مُخَرَّجَةٌ له ومنْقولَةٌ مِن نُصوصِه إلى ما يُشْبِهُها مِنَ المَسائلِ؛ إنْ قُلْنا: ما قِيسَ على كلامِه مذهبٌ له. على ما تقدَّم. وإنْ قُلْنا: لا. فهى أوْجُهٌ لمَنْ خرَّجها وقاسَها.
* فإنْ خُرِّجَ مِن نصٍّ، ونُقِلَ (1) إلى مَسْألَةٍ فيها نصٌّ يُخالِفُ ما خُرِّجَ فيها، صارَ فيها رِوايَةٌ منصوصةٌ، ورِوايَةٌ مُخَرَّجَةٌ منْقولَةٌ مِن نَصِّه، إذا قُلْنا: المُخَرَّجُ مِن نصِّه مذهبُه. وإنْ قُلْنا: لا. ففيها رِوايَةٌ للإمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، ووَجْهٌ لمَنْ خرَّجَه.
* وإنْ لم يَكُنْ فيها نصٌّ يُخالِفُ القوْلَ المُخَرَّجَ مِن نصِّه فى غيرِها، فهو وَجْهٌ لمَنْ خرَّج.
* فإنْ خالَفَه غيرُه مِن الأصحابِ فى الحُكْمِ، دُونَ طَريقِ التَّخْريجِ، ففيها لهما وَجْهان. قال فى «الرِّعايَةِ»: ويُمْكِنُ جعْلُهما مذهبًا للإمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، بالتَّخْريجِ دُونَ النَّقْلِ؛ لعدَمِ أخْذِهما مِن نَصِّه.
* وإنْ جَهِلْنا مُسْتَنَدَهما، فليس أحدُهما قوْلًا مُخَرَّجًا للإمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ولا مذهبًا له بحالٍ.
* فمَنْ قال مِنَ الأصحابِ هنا: هذه المَسْأَلَةُ رِوايةٌ واحدةٌ. أرادَ نصَّه.
* ومَنْ قال: فيها رِوايَتان. فإحْداهما بنَصٍّ، والأُخْرى بإيماءٍ، أو تَخْريجٍ مِن نصٍّ آخَرَ له، أو نَصٍّ جَهِلَه مُنْكِرُه.
(1) فى الأصل: «قاس» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
* ومَنْ قال: فيها وَجْهان. أرادَ عَدَمَ نَصِّه عليهما؛ سواءٌ جَهِلَ مُسْتَنَدَه أو عَلِمَه، ولم يجْعَلْه مذهبًا للإمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فلا يُعْمَلُ إلَّا بأصحِّ الوَجْهَيْن وأرْجَحِهما؛ سواءٌ وقَعا معًا أَوْ لا، مِن واحدٍ أو أكْثَرَ، وسواءٌ عُلِمَ التَّارِيخُ (1) أو جُهِلَ.
* وأمَّا القَوْلانِ هنا، فقد يكونُ الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، نصَّ عليهما، كما ذكرَه أبو بَكْرٍ عَبْدُ العَزِيزِ فى «الشَّافِى» ، أو على أحَدِهما، وأوْمَأَ إلى الآخَرِ، وقد يكونُ مع أحَدِهما وَجْهٌ، أو تخْرِيجٌ، أو احْتِمالٌ بخِلافِه.
* وأمَّا الاحْتِمالُ الذى للأصحابِ، فقد يكونُ لدَليلٍ مَرْجُوحٍ بالنِّسْبَةِ إلى ما خالَفَه، أو دَليلٍ مُساوٍ له، وقد يخْتارُ هذا (2) الاحْتِمالَ بعضُ الأصحابِ، فَيَبْقَى وَجْهًا (3).
* وأمَّا التَّخْريجُ، فهو نَقْلُ حُكْمِ مسْألةٍ إلى ما يُشْبِهُها، والتَّسْوِيَةُ بينَهما فيه. وتقدَّم ذلك أيضًا فى الخُطْبَةِ (4).
فصل: صاحِبُ هذه الأوْجُهِ والاحْتِمالاتِ والتَّخارِيجِ لا يكونُ إلَّا مُجْتَهِدًا. واعلمْ أنَّ المُجْتَهِدَ يَنْقَسِمُ إلى أرْبَعَةِ أقْسامٍ؛ مُجْتَهِدٌ مُطْلَقٌ، ومُجْتَهِدٌ فى مذهبِ إمامِه أو فى مذهبِ إمامِ غيرِه، ومُجْتَهِدٌ فى نَوْعٍ مِنَ العِلْمِ، ومجْتَهِدٌ فى مسْألَةٍ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
فى الأصل: «هذه» .
(3)
بعده فى أ: «به» .
(4)
انظر 1/ 8 - 10.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو مَسائلَ. ذكَرَها فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى» ، فقال: القِسمُ الأَوَّلُ، المُجْتَهِدُ المُطْلَقُ؛ وهو الذى اجْتَمَعَتْ فيه شُروطُ الاجْتِهادِ التى ذكَرَها المُصَنِّفُ فى آخِرِ كتابِ القَضاءِ، على ما تقدَّم هناك (1)، إذا اسْتَقَلَّ بإدْراكِ الأحْكامِ الشَّرعِيَّةِ، مِنَ الأدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ (2) العامَّةِ والخاصَّةِ، وأحْكامِ الحوادِثِ منها، ولا يتَقَيَّدُ بمذهبِ أحدٍ. وقيل: يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْرِفَ أكْثَرَ الفِقْهِ. قدَّمه فى «آدابِ المُفْتى والمُسْتَفْتِى» . وقال أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ: مَنْ حَصَّل أُصولَ الفِقْهِ وفُروعَه، فمُجْتَهِدٌ. وتقدَّم هذا وغيرُه فى آخرِ كتابِ القَضاءِ. قال فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى»: ومِن زَمَنٍ طَويلٍ عُدِمَ المُجْتَهِدُ المُطْلَقُ، مع أنَّه الآنَ أيْسَرُ منه فى الزَّمَنِ الأَوَّلِ؛ لأَنَّ الحديثَ والفِقْهَ قد دُوِّنا، وكذا ما يتَعَلَّقُ بالاجْتِهادِ مِنَ الآياتِ، والآثارِ، وأُصولِ الفِقْهِ، والعرَبِيَّةِ، وغيرِ ذلك، لكِنَّ الهِمَمَ قاصِرَةٌ، والرَّغَباتِ فاتِرَةٌ، وهو فَرْضُ كِفايَةٍ، قد أهْمَلُوه ومَلُّوه، ولم يعْقِلُوه لِيَفْعَلُوه. انتهى. قلتُ: قد أَلْحَقَ طائفَةٌ مِنَ الأصحابِ المُتَأخِّرينَ بأصحابِ هذا القَسْمِ، الشَّيْخَ تَقِىَّ الدِّينِ ابنَ تَيْمِيَّةَ، رَحْمَةُ اللَّهِ عليه، وتَصَرُّفاتُه فى فَتاوِيه وتَصانيفِه تدُلُّ على ذلك. وقيل: المُفْتِى مَنْ تمَكَّنَ مِن معْرِفَةِ أحْكامِ الوَقائعِ على يُسْرٍ، مِن غيرِ تَعَلُّمٍ آخَرَ.
القِسْمُ الثَّانى، مُجْتَهِدٌ فى مذهبِ إمامِه، أو إمامِ غيرِه، وأحْوالُه أرْبعَةٌ؛
(1) فى الأصل: «هنا» . وانظر ما تقدم فى 28/ 307.
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحالَةُ الأُولَى، أَنْ يكونَ غيرَ مُقَلِّدٍ لإمامِه فى الحُكْمِ والدَّليلِ، لكِنْ سَلَكَ طرِيقَه فى الاجْتِهادِ والفَتْوَى، ودَعا إلى مذهبِه، وقرَأ كثيرًا منه على أهْلِه، فوَجدَه صَوابًا وأَوْلَى مِن غيرِه، وأشَدَّ مُوافقَةً فيه وفى طَريقِه. قال ابنُ حَمْدانَ فى «آدابِ المُفْتِى»: وقد ادَّعَى هذا منا ابنُ أبى مُوسى فى «شَرحِ الإِرْشادِ» الذى له، والقاضى أبو يَعْلَى، وغيرُهما مِن الشَّافِعِيَّةِ خَلْقٌ كثيرٌ. قلتُ: ومِن أصحابِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه؛ فمِنَ المُتَأخرينَ؛ كالمُصَنِّفِ، والمَجْدِ، وغيرِهما. وفَتْوَى المُجْتَهِدِ المذْكُورِ، كَفَتْوَى المُجْتَهِدِ المُطْلَقِ فى العَمَلِ بها، والاعْتِدادِ بها فى الإجْماعِ والخِلافِ.
الحالَةُ الثَّانيةُ، أَنْ يكونَ مُجْتَهِدًا فى مذهبِ إمامِه، مُسْتَقِلًّا بتَقْريرِه بالدَّليلِ، لكِنْ لا يتَعَدَّى أُصولَه وقَواعِدَه، مع إتْقانِه للفِقْهِ وأُصولِه، وأدِلَّةِ مَسَائلِ الفِقْهِ، عالمًا بالقِياسِ ونحوِه، تامَّ الرِّياضَةِ، قادِرًا على التَّخْريجِ والاسْتِنْباطِ، وإلْحاقِ الفُروعِ بالأُصولِ والقَواعِدِ التى لإمامِه. وقيل: ليسَ مِن شَرْطِ هذا معْرِفَةُ عِلْمِ الحديثِ، واللُّغةِ العَرَبِيَّةِ؛ لكَوْنِه يتَّخِذُ نُصوصَ إمامِه أصُولًا يسْتَنْبِطُ منها الأحْكامَ، كنُصوصِ الشَّارِعِ، وقد يرَى حُكْمًا ذكرَه إمامُه بدَليلٍ، فيَكْتَفِى بذلك، مِن غيرِ بحثٍ عن مُعارِضٍ أو غيرِه. وهو بعيدٌ. وهذا شأْنُ أَهْلِ الأَوْجُهِ والطُّرُقِ فى المذاهبِ، وهو حالُ أكْثرِ عُلَماءِ الطَّوائفِ الآنَ. فَمَنْ عَلِمَ يقينًا هذا، فقد قلَّد إِمامَه دُونَه؛ لأَنَّ مُعَوَّلَه على صِحَّةِ إضافَةِ ما يقولُ إلى إمامِه؛ لعدَمِ اسْتِقْلالِه بتَصْحيحِ نِسْبَتِه إلى الشَّارِعِ بلا واسِطَةِ إمامِه، والظَّاهِرُ معْرِفَتُه بما يتعَلَّقُ بذلك مِن حديثٍ، ولُغَةٍ، ونَحْوٍ. وقيل: إنَّ فَرْضَ الكِفايَةِ لا يتَأدَّى به؛ لأَنَّ تقْليدَه نقْصٌ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وخَلَلٌ فى المَقْصودِ. وقيل: يتَأَدَّى به فى الفَتْوَى، لا فى إحْياءِ العُلومِ التى تُسْتَمَدُّ منها الفَتْوَى؛ لأنَّه قد قامَ فى فَتْواه مَقامَ إمامٍ مُطْلَقٍ، فهو يُؤَدِّى عنه ما كان يتَأدَّى به الفَرْضُ حينَ كان حيًّا قائمًا بالفَرْضِ منها. وهذا على الصَّحيحِ فى جَوازِ تقْليدِ المَيِّتِ. ثم قد يُوجَدُ مِنَ المُجْتَهِدِ المُقَيَّدِ اسْتِقْلالٌ بالاجْتِهادِ والفَتْوَى فى مَسْألَةٍ خاصَّةِ، أو بابٍ خاصٍّ، ويجوزُ له أَنْ يُفْتِىَ فيما لم يَجِدْه مِن أحْكامِ الوَقائعِ منْصُوصًا عليه عن إمامِه، لِمَا يُخَرِّجُه على مذهبِه. وعلى هذا العَمَلُ، وهو أصحُّ. فالمُجْتَهِدُ فى مذهبِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مثلًا، إذا أحاطَ بقَواعِدِ مذهبِه، وتدَرَّبَ فى مَقايِيسِه وتصَرُّفاتِه، يُنَزَّلُ مِنَ الإلْحاقِ بمَنْصُوصاتِه وقَواعِدِ مذهبِه، مَنْزِلَةَ المُجْتَهِدِ المُسْتَقِلِّ فى إلْحاقِه ما لم يَنُصَّ عليه الشَّارِعُ بما نصَّ عليه. وهذا أقْدَرُ على ذا مِن ذاك على ذاك؛ فإنَّه يجدُ فى مذهبِ إمامِه قَواعِدَ مُمَهَّدَةً، وضَوابِطَ مُهَذَّبَةً، ما لا يجِدُه المُسْتَقِلُّ فى أُصولِ الشَّارِعِ ونُصوصِه. وقد سُئل الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّه تُعالَى عنه، عمّن يُفْتِى بالحديثِ، هل له ذلك، إذا حَفِظَ أرْبَعَمِائَةِ ألْفِ حديثٍ؟ فقال: أرْجُو. فقِيلَ لأبى إسْحَاقَ ابنِ شَاقْلَا: فأنْتَ تُفْتِى، ولستَ تَحْفَظُ هذا القَدْرَ؟ فقال: لكِنِّى أُفْتِى بقَوْل مَنْ يحْفَظُ ألْفَ ألْفِ حديثٍ. يعْنِى الإمامَ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه. ثمَّ إنَّ المُسْتَفتِىَ فيما يُفْتِيه (1) به مِن تخْرِيجِه هذا، مُقَلِّدٌ لإمامِه، لا له. وقيل: ما يُخَرِّجه أصْحابُ الإِمامِ على مذهبِه، هل يجوزُ أن ينْسِبُوه إليه، وأنَّه مذهبُه؟ فيه لَنا ولغيرِنا خِلافٌ وتفْصِيلٌ. والحاصِلُ، أنَّ المُجْتَهِدَ فى مذهبِ إمامِه، هو الذى يَتَمَكَّنُ مِن التَّفْريعِ
(1) فى أ: «يفتى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على أقْوالِه، كما يَتَمَكَّنُ المُجْتَهِدُ المُطْلَقُ مِن التَّفْريعِ على كلِّ ما انْعَقَدَ عليه الإجْماعُ ودَلَّ عليه الكِتابُ والسُّنَّةُ والاسْتِنْباطُ. [وليس](1) مِن شَرْطِ المُجْتَهِدِ أَنْ يُفْتِىَ فى كلِّ مَسْأَلةٍ، بل يجبُ أَنْ يكونَ على بَصِيرَةٍ فيما يُفْتى به، بحيثُ يَحْكُمُ فيما يدْرى، ويدْرِى أنَّه يدْرِى، بل يَجْتَهِدُ المُجْتَهِدُ فى القِبْلَةِ، ويَجْتَهِدُ العامِّىُّ فى مَن يُقَلِّدُه ويتَّبِعُه. فهذه صِفَةُ المُجْتَهِدِينَ أرْبابِ الأوْجُهِ والتَّخارِيجِ والطُّرُقِ. وقد تقدَّم صِفَةُ تَخْريجِ هذا المُجْتَهِدِ، وأنَّه تارَةً يكونُ مِن نصِّه، وتارَةً يكونُ مِن غيرِه، قبلَ أقْسامِ المُجْتَهِدِ، مُحَرَّرًا.
الحالَةُ الثَّالثةُ، أَنْ لا يَبْلُغَ به رُتْبَةَ أئمَّةِ المذهبِ أصحاب الوُجوهِ والطُّرُقِ، غيرَ أنَّه فَقِيهُ النَّفْسِ، حافِظٌ لمذهبِ إمامِه، عارِفٌ بأدِلَّتِه، قائمٌ بتَقْريرِه (2)، ونُصْرَتِه، يُصَوِّرُ، ويُحَرِّرُ، ويُمَهِّدُ، ويُقَوِّى (3)، ويُزَيِّفُ، ويُرَجِّحُ، لكنَّه قَصَّر عن دَرَجَةِ أُولئك؛ إمَّا لكَوْنِه لم يَبْلُغْ فى حِفْظِ المذْهبِ مَبْلَغهم، وإمَّا لكَوْنِه غيرَ مُتَبَحِّرٍ فى أُصولِ الفِقْهِ ونحوِه -على أنَّه لا يخْلُو مِثْلُه، فى ضِمْنِ ما يحْفَظُه مِن الفِقْهِ ويعْرِفُه مِن أدِلَّتِه، عن أطْرافٍ مِن قَواعِدِ أُصولِ الفِقْهِ ونحوِه- وإمَّا لكَوْنِه مُقَصِّرًا فى غيرِ ذلك مِنَ العُلومِ التى هى أدَواتُ الاجْتِهادِ الحاصِلِ لأصحابِ الوُجوهِ والطُّرُقِ، وهذه صِفَةُ كثيرٍ مِن المُتَأَخِّرينَ الذينَ رَتَّبُوا المذاهِبَ، وحرَّرُوها، وصنَّفُوا فيها تَصانِيفَ، بها يَشْتَغِلُ النَّاسُ اليومَ غالبًا، ولم يَلْحَقُوا
(1) سقط من: الأصل.
(2)
فى الأصل: «بتقديره» .
(3)
فى الأصل، ط:«يقرر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَن (1) يُخَرِّجُ الوُجوهَ، ويُمَهِّدُ الطُّرُقَ فى المذاهبِ. وأمَّا فَتَاوِيهم، فقد كانُوا يَسْتَنْبِطُونَ فيها اسْتِنْباطَ أُولئكَ أو نحوَه، ويَقِيسُونَ غيرَ المَنْقُولِ والمَسْطُورِ على المَنْقُولِ والمَسطُورِ، نحوَ قِياسِ المرْأَةِ على الرَّجُلِ فى رُجوعِ البائعِ إلى عَيْنِ مالِه عندَ تعَذُّرِ الثَّمَنِ، ولا تبْلُغُ فَتاوِيهم فَتَاوَى أصحابِ الوُجوهِ، ورُبَّما تَطَرقَ بعْضُهم إلى تخْريجِ قَوْلٍ، واسْتِنْباطِ وَجْهٍ أو احْتِمالٍ، وفَتاوِيهم مَقْبُولةٌ.
الحالةُ الرَّابعةُ، أَنْ يَقُومَ بحِفْظِ المذهبِ، ونقْلِه وفَهْمِه. فهذا يَعْتَمِدُ نَقْلُه وفَتْواه به، فيما يَحْكِيهِ مِن مَسْطوراتِ مَذْهبِه مِن مَنْصوصاتِ إمامِه، أو تفْرِيعاتِ أصحابِه المُجْتَهِدينَ فى مذهبِه، وتخْرِ يجاتِهم، وأمَّا ما لا يجِدُه مَنْقُولًا فى مذهبه؛ فإنْ وجَدَ فى المَنْقولِ ما هذا (2) مَعْناه، بحيثُ يُدْرِكُ -مِن غيرِ فَضْلِ فِكْرٍ وتأَمُّلٍ- أنَّه لا فارِقَ بينَهما، كما فى الأمَةِ بالنِّسْبَةِ إلى العَبْدِ المَنْصوصِ عليه فى إعْتاقِ الشَّرِيكِ، جازَ له إلْحاقُه به والفَتْوَى به. وكذلك ما يُعْلَمُ انْدِراجُه تحتَ ضابِطٍ، ومَنْقُولٌ مُمَهَّدٌ مُحَرَّرٌ (3) فى المذهبِ، وما لم يَكُنْ كذلك، فعليه الإمْساكُ عن الفُتْيَا فيه. ومِثْلُ هذا يقَعُ نادِرًا فى حقِّ مِثْلِ هذا المَذْكورِ؛ إذْ يَبْعُدُ أَنْ تَقَعَ واقِعَةٌ حادِثَةٌ (4) لم يُنَصَّ على حُكْمِها فى المذهبِ، ولاهى فى مَعْنَى بعضِ المَنْصوصِ عليه فيه مِن غيرِ فَرْقٍ، ولا مُنْدَرِجَةٌ تحتَ شئٍ مِن [قَواعِد و](5) ضَوابِط المذهبِ المُحَرَّرِ فيه. ثمَّ
(1) فى الأصل: «بمن» .
(2)
بعده فى الأصل: «فى» .
(3)
سقط من: الأصل، ط.
(4)
زيادة من: أ.
(5)
سقط من: الأصل، ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إنَّ هذا الفَقِيهَ لا يكونُ إلَّا فَقِيهَ النَّفْسِ؛ لأَنَّ تَصْوِيرَ المَسائلِ على وَجْهِها، ونَقْلَ أحْكامِها بعدَه، لا يقُومُ به إلَّا فَقِيهُ النَّفْسِ، ويَكْفِى اسْتِحْضارُ (1) أكْثَرِ المذهبِ، مع قُدْرَته على مُطالَعَةِ بقِيَّتِه قريبًا.
القِسْمُ الثَّالثُ، المُجْتَهِدُ فى نَوْع مِن العِلْمِ. فمَنْ عرَفَ القِياسَ وشُروطَه، فله أَنْ يُفْتِىَ فى مَسائِلَ منه قِياسِيَّةٍ لا تَتَعَلَّقُ بالحديثِ، ومَنْ عَرَفَ الفَرائِضَ، فله أَنْ يُفْتِىَ فيها، وإنْ جَهِلَ أحادِيثَ النِّكاحِ وغيرِه. وعليه الأصْحابُ. وقيل: يجوزُ ذلك فى الفَرائضِ دُونَ غيرِها. وقيل بالمَنْعِ فيهما. وهو بعيدٌ. ذكَره فى «آدابِ المُفْتِى» .
القِسْمُ الرَّابعُ، المُجْتَهِدُ فى مَسائِلَ، أو مَسْأَلَةٍ، وليس له الفَتْوَى فى غيرِها، وأمَّا فيها، فالأظْهَرُ جَوازُه. ويَحْتَمِلُ المَنْعَ؛ لأنَّه مَظِنَّةُ القُصورِ والتَّقْصِيرِ. قالَه فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى». قلتُ: المذهبُ الأَوَّلُ. قال ابنُ مُفْلِحٍ فى «أُصولِه» : يَتَجَزَّأُ الاجْتِهادُ عندَ أصحابِنا وغيرِهم. وجزَم به الآمِدِىُّ، خِلافًا لِبَعْضِهم. وذكَرَ بعضُ (2) أصحابِنا مِثْلَه. وذكَرَ أيضًا قوْلًا، يَتَجَزَّأُ فى بابٍ لا (2) مسْأَلَةٍ. انتهى. وقد تقدَّم ذلك فى أواخِرِ كتابِ القَضاءِ.
هذه أقْسامُ المُجْتَهِدِ، ذكَرَها ابنُ حَمْدانَ فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى» .
فصل: قال ابنُ حَمْدانَ فى «آدابِ المُفْتِى» : قولُ أصحابِنا وغيرِهم:
(1) فى أ: «استحضاره» .
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المذهبُ كذا. قد يكونُ بنَصِّ الإِمامِ، أو بإيمائِه، أو بتَخْريجِهم ذلك واسْتِنْباطِهم إيَّاه (1) مِن قوْلِه أو تَعْليلِه. وقوْلُهم: على الأصحِّ. أو: الصَّحيحُ. أو: الظَّاهرُ. أو: الأظْهَرُ. أو: المَشْهورُ، أو: الأشْهَرُ، أو: الأقْوَى، أو: الأقْيَسُ. فقد يكونُ عنِ الإِمامِ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، أو عن بعضِ أصحابِه. ثم الأصحُّ عنِ الإِمامِ، رَضِىَ اللَّه تُعالَى عنه، أوِ الأصحابِ، قد يكونُ شُهْرةً، وقد يكونُ نَقْلًا، وقد يكونُ دليلًا، أو عندَ القائلِ. وكذا القولُ فى الأشْهرِ، والأظْهَرِ، والأَوْلَى، والأقْيَسِ، ونحوِ ذلك. وقولُهم: وقيلَ. فإنَّه قد يكونُ رِوايةً بالإيماءِ، أو وَجْهًا، أو تَخْرِيجًا، أو احْتِمالًا. ثم الرِّوايةُ قد تكونُ نصًّا، أو إيماءً، أو تَخْريجًا مِنَ الأصحابِ، واخْتلافُ الأصْحابِ فى ذلك ونحوِه كثيرٌ، لا طائلَ فيه. والأوْجُهُ تُؤْخَذُ غالبًا مِن نصِّ لَفْظِ الإِمامِ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، ومَسائِلِه المُتَشابِهَةِ، وإيمائِه، وتعْليلِه. انتهى. قلتُ: قد تقدَّم ذلك فى مأْخَذِ الأوْجُهِ، وتقدَّم أكثرُ هذه العِباراتِ والمُصْطَلَحات فى الخُطْبَةِ.
تنبيه: عقَد ابنُ حَمْدانَ بابًا فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى» لمَعْرِفَة عُيوبِ التآليفِ، وغيرِ ذلك، ليَعْلَمَ المُفْتِى كيفَ يَتَصَرَّفُ فى المَنْقولِ، وما مُرادُ قائِلِة ومؤلِّفِه، فَيَصِحَّ نقْلُه للمذهبِ، وعَزْوه إلى الإِمامِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وبعض أصحابه، فأحْبَبْت أَنْ أذْكُرَه هنا؛ لأَنَّ كتابَنَا هذا (2) مُشْتَمِلٌ على ما قالَه، فقال: اعلمْ أن أعْظَمَ المَخاذيرِ فى الئالمجو النقْلِى إهْمالُ نقْلِ الألْفاظِ بأعْيانِها، والاكْتِفاءُ
(1) سقط من: الأصل، ط.
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بنَقْلِ المعانِى، مع قُصورِ التَّأَمُّلِ عنِ اسْتِيعابِ مُرادِ المُتَكَلِّمِ الأَوَّلِ بلَفْظِه، ورُبَّما كانتْ بقِيَّةُ الأسْبابِ مُفَرَّعَةً عنه؛ لأَنَّ القَطْعَ بحُصولِ مُرادِ المُتَكَلِّمِ بكلامِه، أو الكاتِبِ بكتابَتِه، مع ثِقَةِ الرَّاوىِ، يتوَقَّفُ على انْتِفاءِ الإِضْمارِ، والتَّخْصيصِ، والنَّسْخِ، والتَّقْديمِ، والتَّأْخيرِ، والاشْتِراكِ، والتَّجَوُّزِ، والتَّقْديرِ، والنَّقْلِ، والمُعارِضِ العَقْلِىِّ، فكُلُّ نقْلٍ لا يُؤْمَنُ معه حُصولُ بعضِ الأسْبابِ، ولا نقْطَعُ بانْتِفائِها، نحن ولا النَّاقِلُ، ولا نظُنُّ عدَمَها، ولا قرِينَةَ تَنْفِيها، ولا نَجْزِمُ فيه بمُرادِ المُتَكَلِّمِ، بل رُبَّما ظَنَنَّاه، أو تَوَهَّمْناه، ولو نُقِلَ لفْظُه بعَيْنِه، وقَرائنهِ، وتاريخِه، وأسْبابِه، لانْتَفَى هذا المَحْذورُ أو أكثرُه، وهذا مِن حيثُ الإِجْمالُ، وإنَّما يَحْصُلُ الظَّنُّ بنَقْلِ المُتَحَرِّى، فيُعْذَرُ تارةً لدَعْوَى الحاجَةِ إلى التَّصَرُّفِ لأسْبابٍ ظاهِرَةٍ، ويكْفِى ذلك فى الأُمورِ الظَّنِّيَّةِ وأكثرِ المَسائلِ الفُروعِيَّةِ، وأمَّا التَّفْصيلُ، فهو أنَّه لمَّا ظهَرَ التَّظاهُرُ بمذاهبِ (1) الأئمَّةِ، رحمهم الله ورَضِىَ عنهم، والتَّناصُرُ لها مِن عُلَماءِ الأمَّةِ، وصارَ لكُلِّ مذهبٍ منها أحْزابٌ وأنْصارٌ، وصارَ دَأْبُ كلِّ فريقٍ نَصْرَ قوْلِ صاحبِهم، وقد لا يكونُ أحدُهم قد اطَّلَعَ على مأْخَذِ إمامِه فى ذلك الحُكْمِ؛ فَتَارَةً يُثْبِتُه بما أثبَتَه به إمامُه، ولا يعْلَمُ بالمُوافَقَةِ، وتارة يُثْبِنُه بغيرِه، ولا يشْعُرُ بالمُخالفَةِ. ومَحْذُورُ ذلك ما يسْتَجِيزُه فاعِلُ ذلك مِن تخْريجِ أقاوِيلِ إمامِه مِن مسْألَةٍ إلى مسْألَةٍ أُخْرى، والتَّفريعِ على ما اعْتَقدَه مذهبًا له بهذا التَّعْليلِ، وهو لهذا الحُكْمِ غيرُ دليلٍ، ونِسْبَةِ (2) القَوْلَيْن إليه بتَخْريجِه. ورُبَّما حَمَلَ كلامَ الإِمامِ
(1) فى الأصل، ط:«بمذهب» .
(2)
فى الأصل: «نسبته» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيما خالفَ نظِيرَه على ما يُوافِقُه، اسْتِمْرارًا لقاعِدَةِ تعْليلِه، وسَعْيًا فى تصْحيحِ تأْوِيلِه، وصارَ كلٌّ منهم يَنْقُلُ عنِ الإمام ما سَمِعَه، أو بَلَغَه عنه، مِن غيرِ ذِكْرِ سَبَبٍ ولا تاريخٍ؛ فإنَّ العِلْمَ بذلك قرينَةٌ فى إفادَةِ مُرادِه مِن ذلك اللَّفْظِ (1)، كما سَبَق، فيَكْثُرُ لذلك الخَبْطُ؛ لأَنَّ الآتِىَ بعدَه يجدُ عنِ الإمام اخْتِلافَ أقْوالٍ، واخْتِلالَ أحْوالٍ، فيتَعَذَّرُ عليه نِسْبَةُ أحدِهما إليه على أنَّه مذهبٌ له، يجبُ على مُقَلِّدِه المَصِيرُ إليه، دُونَ بَقِيَّةِ أقَاوِيلِه، إنْ كان النَّاظِرُ مُجْتَهِدًا. وأمَّا إِنْ كان مُقَلِّدًا، فغَرَضُه معْرِفَةُ مذهبِ إمامِه بالنَّقْلِ عنه، ولا يحْصلُ غرَضُه مِن جِهَةِ نفْسِه؛ لأنَّه لا يُحْسِنُ الجَمْعَ، ولا يَعْلَمُ التَّاريخَ؛ لعدَمِ ذِكْرِه، ولا التَّرْجِيحَ عندَ التَّعارُضِ بينَهما؛ لتَعَذُّره منه. وهذا المَحْذورُ إنَّما لَزِمَ مِنَ الإخْلالِ بما ذكَرْنا، فيَكونُ مَحْذُورًا. ولقد اسْتَمَرَّ كثيرٌ مِن المُصنِّفِينَ، والحاكِينَ (2) على قوْلِهم: مذهبُ فُلانٍ كذا. و: مذهبُ فُلانٍ كذا. فإنْ أرادُوا بذلك أنَّه (3) نُقِلَ عنه فقط، فلِمَ يُفْتُونَ به فى وَقْتٍ ما على أنَّه مذهبُ الإِمامِ؟ وإنْ أرادُوا أنَّه المُعَوَّلُ عليه عندَه، ويَمْتَنِعُ المَصِيرُ إلى غيرِه للمُقَلِّدِ، فلا يخْلُو حِينَئَذٍ؛ إمَّا أَنْ يكونَ التَّارِيخُ معْلومًا أو مجْهولًا؛ فإنْ كان معْلومًا، فلا يخْلُو؛ إمَّا أَنْ يكونَ مذهبُ إمامِه أنَّ القَوْلَ الأخيرَ يَنْسَخُ (4) إذا تَناقَضَا، كالأخْبارِ، أو ليس مذهَبُه كذلك، بل يَرَى عَدَمَ نَسْخِ الأَوَّلِ بالثَّانى، أو لم يُنْقَلْ عنه شئٌ مِن ذلك؛ فإنْ كان مذهبُه اعْتِقادَ
(1) فى الأصل: «باللفظ» .
(2)
فى الأصل: «الحاكمين» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
بعده فى أ: «بالأول» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النَّسْخِ، فالأخِيرُ مذهبُه، فلا تجوزُ الفَتْوَى بالأوَّلِ للمُقَلِّدِ، ولا التَّخْرِيجُ منه، ولا النَّقْضُ به، وإنْ كان مذهبُه أنَّه لا يُنْسَخُ الأَوَّلُ بالثَّانى عندَ التَّنافِى؛ فإمَّا أَنْ يكونَ الإِمامُ يرَى جَوازَ الأخْذِ بأيِّهما شاءَ المُقَلِّدُ إذا أَفْتاه المُفْتِى، أو يكونَ مذهبُه الوَقْفَ، أو شيئًا آخَرَ؛ فإنْ كان مذهبُه القَوْلَ بالتَّخْيِيرِ، كان الحُكْمُ (1) واحدًا لا يتَعَدَّدُ، وهو خِلافُ الفَرْضِ، وإنْ كان ممَّنْ يرَى الوَقْفَ، تعَطَّلَ الحُكْمُ حِينَئذٍ، ولا يكونُ له فيها قولٌ يعْمَلُ عليه سِوَى الامْتِناعِ مِنَ العَمَلِ بشئ مِن أقْوالِه. وإنْ لم يُنْقَلْ عن إمامِه شئٌ مِن ذلك، فهو لا يَعْرِفُ حُكْمَ إمامِه فيها، فيكونُ شَبِيهًا بالقَوْلِ بالوَقْفِ، فى أنَّه يمْتَنِعُ مِن العَمَلِ بشئٍ منها. هذا كلُّه إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ. وأمَّا إنْ جُهِلَ، فإمَّا أَنْ يُمْكِنَ الجَمْعُ بينَ القَوْلَيْن، باخْتِلافِ حالَيْن أو مَحَلَّيْن، أو لا يُمْكِنَ؛ فإنْ أمْكَنَ، فإمَّا أَنْ يكونَ مذهبُ إمامِه جَوازَ الجَمْعِ حِينَئذٍ، كما فى الآثارِ، أو وُجوبَه، أو التَّخْيِيرَ، أو الوَقْفَ، أو لم يُنْقَلْ عنه شئٌ مِن ذلك؛ فإنْ كان الأوَّلَ أو الثَّانىَ، فليسَ له حِينَئذٍ إلَّا قولٌ واحدٌ، وهو ما اجْتَمَعَ منهما، فلا يَحِلُّ حِينَئذٍ الفُتْيا بأحَدِهما على ظاهرِه، على وَجْهٍ لا يُمْكِنُ الجَمْعُ. وإن كان الثَّالِثَ، فمذهبُه أحدُهما بلا ترْجِيحٍ. وهو بعيدٌ، سِيَّما مع تَعَذُّرِ تَعادُلِ الأَماراتِ. وإنْ كان الرَّابعَ أو الخامِسَ، فلا عَمَلَ إذَنْ. وأمَّا إنْ لم يُمْكِنِ الجمعُ مع الجَهْلِ بالتَّاريخِ، فإمَّا أَنْ يَعْتَقِدَ نَسْخَ الأَوَّلِ بالثَّانى، أو لا يعْتَقِدَ؛ فإنْ كان يَعْتَقِدُ ذلك، وَجَبَ الامْتِناعُ عن الأخْذِ بأحَدِهما؛ لأنَّا لا نعْلَمُ أيُّهما هو المَنْسوخُ عندَه، وإنْ لم يَعْتَقِدِ النَّسْخَ؛ فإمَّا التَّخْيِيرُ، وإمَّا الوَقْفُ، أو غيرُهما، والحُكْمُ فى الكلِّ
(1) فى الأصل: «الحاكم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سَبَق. ومع هذا كلِّه، فإنَّه يحْتاجُ إلى اسْتِحْضارِ ما اطَّلَعَ عليه مِن نُصوصِ إمامِه عندَ حِكايةِ بعضِها مذهبًا له، ثم لا يَخْلُو؛ إمَّا أَنْ يكونَ إمامُه (1) يعْتَقِدُ وُجوبَ تجْديدِ الاجْتِهادِ فى ذلك، أَوْ لا؛ فإنِ اعْتقَدَه، وَجَبَ عليه تجْديدُه فى كلِّ حينٍ أرادَ حِكايةَ مذهبِه. وهذا يتَعذَّرُ فى مَقْدِرَةِ البَشَرِ إنْ شاءَ اللَّهُ؛ لأَنَّ ذلك يسْتَدْعِى الإِحاطةَ بما نُقِلَ عنِ الإِمامِ فى تلك المسْألَةِ على جِهَتِه فى كلِّ وقتٍ يُسْأَلُ. ومَنْ لم يُصَنِّفْ كُتُبًا فى المذهبِ، بل أخذَ أكْثَرَ مذهبِه مِن قوْلِه وفَتاوِيه، كيف يُمْكِنُ حَصْرُ ذلك عنه؟ هذا بعيدٌ عادةً. وإنْ لم يَكُنْ مذهبُ إمامِه وُجوبَ تجْديدِ الاجْتِهادِ عندَ نِسْبَةِ بعضِها إليه مذهبًا له، يُنْظَرُ؛ فإنْ قيل: رُبَّما لا يكونُ مذهبُ أحدٍ القَوْلَ بشئٍ مِن ذلك، فضْلًا عنِ الإِمامِ قُلْنا: نحنُ لم نَجْزِمْ بحُكْمٍ فيها، بل ردَدْناه، وقُلْنا: إنْ كان كذا، [لَزِمَ منه كذا](2)، ويكْفِى فى إيقافِ أقْدامِ هؤلاءِ تكْلِيفُهم نقْلَ هذه الأشْياءِ عن الإِمامِ، ومع ذلك فكثيرٌ مِن هذه الأقسامِ قد ذَهَبَ إليه كثيرٌ مِن الأئمَّةِ، وليسَ هذا مَوْضِعَ بَيانِه، وإنَّما يُقابِلُونَ هذا التَّحْقيقَ بكثْرَةِ نَقْلِ الرِّواياتِ، والأوْجُهِ، والاحْتِمالاتِ، والتَّهَجُّمِ على التَّخْريجِ والتَّفْريعِ، حتى لقد صارَ هذا عندَهم (3) عادةً وفضِيلَةً، فَمَنْ لم يأْتِ بذلك، لم يكُنْ عندَهم بمَنْزِلَةٍ، فالْتَزَمُوا -للحَمِيَّةِ- نَقْلَ ما لا يجوزُ نقْلُه؛ لِمَا عَلِمْتَه آنِفًا. ثم لقد عَمَّ أكْثرَهم، بل كلَّهم، نقْلُ أقاوِيلَ يجبُ الإِعْراضُ عنها فى نظَرِهم؛ بِناءً على كوْنِه قوْلًا ثالثًا، وهو باطِلٌ عندَهم، أو لأنَّها مُرْسَلَةٌ فى سَنَدِها عن قائِلِها، وخرَّجُوا ما
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سقط من: الأصل، ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يكونُ بمَنْزِلَةِ قولٍ ثالثٍ؛ بِناءً على ما يظْهَرُ لهم مِن الدَّليلِ، فما هؤلاء بمُقَلِّدِينَ حِينَئذٍ. وقد يَحْكِى أحدُهم فى كتابِه أشْياءَ، يَتَوَهَّمُ المُسْتَرْشِدُ أنَّها إمَّا مأْخُوذَةٌ مِن نُصوصِ الإِمامِ، أو ممَّا اتَّفقَ الأصحابُ [على نِسْبَتِها](1) إلى الإِمامِ مذهبًا له، ولا يَذْكُرُ الحاكِى له ما يدُلُّ على ذلك، ولا أنَّه اخْتِيارٌ له، ولعَلَّه يكونُ قد اسْتَنْبَطَه أو رَآه وَجْهًا لبعضِ الأصحابِ، أو احْتِمالًا له (2)، فهذا أشْبَهَ التَّدْلِيسَ؛ فإنْ قصَدَه فشِبْهُ المَيْنِ (3)، وإنْ وقَع سَهْوًا أو جَهْلًا، فهو أعْلَى مَراتِبِ البَلادَةِ والشَّيْنِ، كما قيل (4):
فإنْ كنتَ لا تدْرِى فتلكَ مُصِيبَةٌ
…
وإنْ كنتَ تدْرِى فالمُصِيبَةُ أعْظَمُ
وقد يَحْكُونَ فى كُتُبِهم ما لَا يَعْتَقِدونَ صِحَّتَه، ولا يجوزُ عندَهم العمَلُ به، ويُرْهِقُهم إلى ذلك تكْثِيرُ الأقاوِيلِ؛ لأَنَّ كل مَنْ يحْكِى عنِ الإمام أقْوالًا مُتناقِضَةً، أو يُخَرِّجُ خِلافَ المَنْقُولِ عنِ الإِمامِ، فإنَّه لا يَعْتَقِدُ الجَمْعَ بينَهَما على وَجْهِ الجَمْعِ، بل إمَّا التَّخْيِيرُ، أو الوَقْفُ، أو البَدَلُ، أو الجَمْعُ بينَهما على وَجْهٍ يَلْزَمُ عنهما (5) قولٌ واحدٌ، باعْتِبارِ حالَيْن، أو مَحَلَّيْن. وكلُّ واحدٍ مِن هذه الأقْسامِ حُكْمُه خِلافُ هذه الحِكايةِ عندَ تَعَرِّيها عن قَرينَةٍ مُفيدَةٍ لذلك، والغرَضُ كذلك. وقد يَشْرَحُ أحدُهم كِتابًا، ويَجْعَلُ ما يقُولُه صاحِبُ الكتابِ المَشْروحِ
(1) فى الأصل: «لنسبتها» ، وفى ط:«نسبتها» .
(2)
سقط من: ط، أ.
(3)
المين: الكذب.
(4)
البيت لابن القيم من قصيدته الميمية فى وصف الجنة. انظر: حادى الأرواح 14.
(5)
فى أ: «عنه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رِوايةً، أو وَجْهًا، أو اخْتِيارًا لصاحبِ الكِتابِ، ولم يكُنْ ذكَرَه [صاحِبُ الكِتابِ](1) عن نفْسِه، أو أنَّه ظاهِرُ المذهبِ، مِن غيرِ أَنْ يُبَيِّنَ سبَبَ شئٍ مِن ذلك. وهذا إجْمالٌ، أو إهْمالٌ. وقد يقُولُ أحدُهم: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. أو: ظاهِرُ المذهبِ كذا. ولا يقولُ: وعنْدِى. ويقُولُ غيرُه خِلافَ ذلك، فلِمَنْ يُقَلِّدُ العامِّىُّ إذَنْ؟ فإنَّ كُلًّا منهم يعْمَلُ بما يرَى، فالتَّقْليدُ إذَنْ ليسَ للإمامِ، بل للأصحابِ فى أن هذا مذهبُ الإِمامِ، ثمَّ إنَّ أكْثَرَ المُصَنِّفِينَ والحاكِينَ (2) قد يفْهَمُونَ مَعْنَّى، ويُعَبِّرونَ عنه بلَفْظٍ يَتَوَهَّمُونَ أنَّه وافٍ بالغَرَضِ، وليس كذلك، فإذا نظَرَ أحدٌ فيه وفى قوْلِ مَنْ أتَى بلَفْظٍ وافٍ بالغَرَضِ، رُبَّما يَتَوَهَّمُ أنَّها مسْألَةُ خِلافٍ؛ لأَنَّ بعْضَهم قد يَفْهَمُ مِن عِبارَةِ مَنْ يَثِقُ به مَعْنًى قد يكونُ على وَفْقِ مُرادِ المُصَنِّفِ للَّفْظِ، وقد لا يكونُ، فَيَحْصُرُ ذلك المَعْنَى فى لَفْظٍ وَجيز، فبالضَّرُورَةِ يَصِيرُ مفْهومُ كلِّ واحدٍ من (3) اللَّفْطن -مِن جِهَةِ التَّنْبِيهِ وغيرِه- غيرَ مَفْهومٍ للآخَرِ. وقد يَذْكُرُ أحدُهم فى مسْأَلَةٍ إجْماعًا، بِناة على عدَمِ عِلْمِه بقَوْلٍ يُخالِفُ ما يَعْلَمُه. ومَنْ تَتَبَّعَ حِكايَةَ الإجْماعاتِ ممَّنْ يَحْكِيها وطالَبَه بمُسْتَندَاتِها، عَلِمَ (4) صِحَّةَ ما ادَّعَيْناه. ورُبَّما أتَى بعضُ النَّاسِ بلَفْظٍ يُشْبِهُ قَوْلَ مَنْ قبلَه، ولم يكُنْ أخَذَه منه، فيُظَنُّ أنَّه قد أخذَه منه، فيُحْمَلُ كلامُه على مَحْمَلِ كلامِ مَنْ قبلَه، فإنْ رُئِىَ مُغايرًا له، نُسِبَ إلى السَّهْوِ أو الجَهْلِ، أو تَعَمُّدِ الكَذِبِ إنْ كان، أو يكونُ قد أخذَ منه، وأتَى
(1) زيادة من: أ.
(2)
فى الأصل: «الحاكمين» .
(3)
فى ط، أ:«فى» .
(4)
فى الأصل: «على» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بلَفْظٍ يُغايِرُ مدْلُولَ كلامِ مَنْ أخذَ منه، [فيُظَنُّ أنَّه لم يأْخذْ منه، فيُحْمَلُ كلامُه على غيرِ مَحْمَلِ كلامِ مَنْ أخَذَ منه](1)، فيُجْعَلُ الخِلافُ فيما لا خِلافَ فيه، أو الوِفَاقُ فيما فيه خِلافٌ. وقد يَقْصِدُ أحدُهم حِكايةَ معْنَى ألْفاظِ الغيرِ، ورُبَّما كانُوا ممَّنْ لا يرَى جَوازَ نَقْلِ المَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ، وقد يكونُ فاعِلُ ذلك ممَّنْ يُعَلِّلُ المَنْعَ فى صُورَةِ الفَرْضِ، بمَا يُفْضِى إليه مِنَ التَّحْريفِ غالِبًا، وهذا المَعْنَى موْجودٌ فى ألْفاظِ أكثرِ الأئمَّةِ. فمَنْ عَرَفَ حقيقَةَ هذه الأسْبابِ، رُبَّما رأى ترْكَ التَّصْنِيفِ أوْلَى إنْ لم يَحْتَرِزْ عنها؛ لِمَا يَلْزَمُ مِن هذه المَحاذِيرِ وغيرِها غالبًا، فإنْ قيل: يَرُدُّ هذا فِعْلُ القُدَماءِ وإلى الآنَ مِن غيرِ نَكِيرٍ، وهو دليلٌ على الجوازِ، وإلَّا امْتَنَعَ على الأئمَّةِ ترْكُ الإنْكارِ إذَنْ؛ لقوْلِه تعالَى:{وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (2). ونحوِها مِن نُصوصِ (3) الكِتابِ والسُّنَّةِ. قلتُ: الأوَّلُونَ لم يَفْعَلُوا شيئًا ممَّا عنَيْناه (4)؛ فإنَّ الصَّحابةَ لم يُنْقَلْ عن أحدٍ منهم تألِيفٌ، فضْلًا عن أَنْ يكونَ على هذه الصِّفَةِ، وفِعْلُهم غيرُ مُلْزِم لمَنْ لا يَعْتَقِدُه حُجَّةً، بل لا يكونُ مُلْزِمًا لبَعضِ العَوامِّ عندَ مَنْ لا يَرَى أنَّ العامِّىَّ ملْزومٌ بالْتِزامِه مذهبَ إمام مُعَيَّن. فإنْ قيل: إنَّما فَعَلُوا ذلك ليَحْفَظُوا الشَّرِيعَةَ مِنَ الإغْفالِ والإهْمالِ. قُلْنا: قد كان أحْسَنُ مِن هذا -فى حِفْظِها- أَنْ يُدَوِّنُوا الوَقائِعَ والألْفاظَ النَّبَوِيَّةَ، وفَتاوَى الصَّحابَةِ، ومَنْ بعدَهم على جِهاتِها وصِفاتِها، مع ذِكْرِ أسْبابِها، كما ذكَرْنا سابقًا، حتى يَسْهُلَ على المُجْتَهِدِ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سورة آل عمران 104، 114، سورة التوبة 71.
(3)
سقط من: الأصل، ط.
(4)
فى ط: «عيناه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
معْرِفَةُ مُرادِ كلِّ إنْسانٍ بحَسَبِه، فيُقَلِّدَه على بَيانٍ وإيضاحٍ، وإنَّما عَنَيْنا ما وقَع فى التَّآليفِ مِن هذه المَحاذِيرِ، لا مُطْلَقَ التَّأْليفِ، وكيف يُعابُ مُطْلَقًا وقد قال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:«قَيِّدُوا العِلْمَ بالكِتابَةِ» (1). فلمَّا لم يُمَيِّزُوا فى الغالبِ ما نَقَلُوه ممَّا خَرَّجوه، ولا ما علَّلُوه ممَّا أهْمَلُوه، وغيرُ ذلك ممَّا سبَق، بانَ الفَرْقُ بينَ ما عيَّنَّاه وبينَ ما صَنَّفْناه. وأكثرُ هذه الأُمورِ المذْكُورَةِ يمْكِنُ أَنْ أذْكُرَها مِن ذِكْرِ المذهبِ مسْأَلَةً مسْألَةً، لكِنَّه يطولُ هنا. وإذا عَلِمْتَ عُذْرَ (2) اعْتِذارِنا، وخِيرَةَ اخْتِيارِنا، فنقولُ: الأحْكامُ المُسْتَفادَةُ فى مذْهَبِنا وغيرِه مِن اللَّفْظِ أقْسامٌ كثيرةٌ؛ منها، أَنْ يكونَ لَفْظُ الإِمامِ، رَضىَ اللَّهُ عنه، بعَيْنِه، أو إيمائِه، أو تعْليلِه، أو سِياقِ كلامِه. ومنها، أَنْ يكونَ مُسْتَنْبَطًا مِن لَفْظِه؛ إمَّا اجْتِهادًا مِنَ الأصحابِ، أو بعْضِهم. ومنها، ما قيل: إنَّه الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. ومنها، ما قيل: إنَّه ظاهرُ المذهبِ. ومنها، ما قيل: إنَّه المَشْهورُ مِنَ المذهبِ. ومنها، ما قيل: نصَّ عليه. يعْنِى الإمامَ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ولم يَتَعَيَّن لَفْظُه. ومنها، ما قيل: إنَّه ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ. ولم يُعَيِّنْ قائِلُه لَفْظَ الإِمامِ، رَضىَ اللَّهُ تُعالَى عنه. ومنها، ما قيل: ويَحْتَمِلُ كذا. ولم يَذْكُرْ أنَّه يُرِيدُ بذلك كلامَ الإِمامِ، رَضىَ اللَّهُ تعالَى عنه، أو
(1) أخرجه ابن عبد البر، فى: جامع بيان العلم وفضله 1/ 86. والخطيب، فى: تاريخ بغداد 10/ 46. وأبو نعيم، فى: أخبار أصبهان 2/ 228. كلهم من حديث أنس. وأخرجه الدارمى فى سننه 1/ 127 موقوفا على أنس، وصحح الدارقطنى وقفه عليه.
كما أخرجه الحاكم، فى: المستدرك 1/ 106. وابن الجوزى، فى: العلل المتناهية 1/ 78. وعزاه الهيثمى للطبرانى فى الكبير والأوسط. مجمع الزوائد 1/ 152. كلهم من حديث عبد اللَّه بن عمرو.
كما أخرجه ابن عدى، فى: الكامل 2/ 792، من حديث ابن عباس.
(2)
فى الأصل: «عذرًا» ، وفى أ:«عقد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
غيرِه. ومنها، ما ذُكِرَ مِن الأحْكامِ سَردًا، ولم يُوصَفْ بشْئٍ أصْلًا، فيَظُنُّ سامِعُه أنَّه مذهبُ الإِمامِ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، ورُبَّما كان بعضَ الأقْسامِ المذْكُورَةِ آنفًا. ومنها، ما قيل: إنَّه مَشْكُوكٌ فيه. [ومنها، ما قيل: إنَّه تَوَقَّفَ فيه الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه. ولم يُذْكَرْ لَفْظُه فيه](1). ومنها، ما قال فيه بعضُهم: اخْتِيارِى. ولم يَذْكُرْ له أصْلًا مِن كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، أو غيرِه. ومنها، ما قيل: إنَّه خُرِّجَ على رِوايةِ كذا. أو: على قَوْلِ كذا. ولم يُذْكَرْ لَفْظُ الإِمامِ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، فيه ولا تعْلِيلُه. ومنها، أَنْ يكونَ مذهبًا لغيرِ الإِمامِ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، ولم يُعَيِّنْ رَبَّه. ومنها، أَنْ يكونَ لم يَعْمَلْ (2) به أحدٌ، لكِنَّ القَوْلَ به لا يكونُ خَرْقًا لإجْماعِهم. ومنها، [أَنْ يكونَ](1) بحيثُ يصِحُّ تخْريجُه على وَفْقِ مذاهِبِهم، لكِنَّهم لم يَتَعَرضُوا له بنَفْىٍ أو إثْباتٍ. انْتَهَى كلامُ ابنِ حَمْدانَ. وفى بعضِه شئٌ وقَع هو فيه فى تَصانِيفِه، ولَعَلَّه بعدَ تَصْنِيفِ هذا الكتابِ. ووَقَعَ للمُصَنِّفِ وغيرِه حِكايَةُ هذه الأَلْفاظِ الأخيرةِ فى كُتُبِهم. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ما هو أكْثَرُ مِن ذلك وأعْظَمُ فائدةً فى الخُطْبَةِ، على الكَلامِ على مُصْطَلَحِ المُصَنِّفِ فى كِتابِه هذا، مع أنِّى لم أطَّلِعْ على كلامِه (3) وَقْتَ عَمَلِ الخُطبَةِ. واللَّهُ أعلمُ. وصلَّى اللَّهُ على محمدٍ وعلى آلِه وسلَّمَ.
فصل: فى ذِكْرِ مَنْ نقَل الفِقْهَ عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مِن أصحابِه، ونقَله عنه إلى مَنْ بعدَه إلى أَنْ وَصَلَتْ إلينا، فمِنْهم المُقِلُّ عنه، ومنهم
(1) سقط من: الأصل.
(2)
فى أ: «يقل» .
(3)
فى أ: «كتابه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُكْثِرُ، وهم كثِيرُونَ جِدًّا، لكِنْ نذْكُرُ منهم جُمْلَةً صالحةً يحْصُلُ المَقْصودُ بها، إنْ شاءَ اللَّهُ، وقد عَلَّمتُ على كلِّ مَنْ روَى [عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه](1)، مِن أصْحَابِ الكُتُبِ السِّتَّةِ بالأَحْمَرِ، على مُصْطَلَحِ (2)«الكاشِفِ» للذَّهَبِىِّ، فمنهم:
* إبْراهِيمُ بنُ إسْحاقَ الحَرْبِىُّ. كان إمامًا فى جميعِ العُلومِ، مُتْقِنًا مُصَنِّفًا مُحْتَسِبًا، عابدًا زاهدًا، نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائِلَ كثيرةً جِدًّا حِسانًا جِيادًا.
* إبْراهِيمُ بن إسْحاقَ النَّيْسابُورِىُّ. كان الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، يَنْبَسِطُ إليه (3) فى مَنْزِلِه، ويُفْطِرُ عندَه، ونقَل عنه مَسائِلَ كثيرةً.
* إبْراهِيمُ بنُ الحارِثِ بنِ مُصْعَبٍ الطَّرَسُوسِىُّ. كان الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، يُعَظِّمُه ويَرْفَعُ قدْرَه، ويَنْبَسِطُ إليه، ورُبَّما توَقَّفَ الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، عن الجوابِ فى المَسْألَةِ، فيُجِيبُ هو، فيقولُ له: جَزاكَ اللَّهُ خيْرًا يا أبا إسْحاقَ. وكانَ مِن كِبارِ أصْحابِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه. روَى عنه الأَثْرَمُ، وحَرْبٌ، وجماعةٌ مِن الشُّيوخِ المُتَقَدِّمِينَ. وروَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائِلَ كثيرةً فى أرْبَعَةِ أجْزاءٍ.
* إبْراهِيمُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَهْرانَ الدِّينَوَرِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ
(1) فى الأصل: «أحد» .
(2)
بعده فى الأصل: «ما فى» .
(3)
سقط من: ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تعالى عنه، أشْياءَ.
* إبْراهِيمُ بنُ زِيادٍ الصَّائِغُ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ (1) كثيرةً.
* إبْراهِيمُ بنُ محمدِ بنِ الحارِثِ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ.
* إبْراهِيمُ بنُ هاشِمٍ البَغَوِىُّ. نَقَل عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائِلَ كثيرةً.
* د ت س إبْراهِيمُ بنُ يعْقُوبَ، أبو إسْحاقَ الجُوزْجَانىُّ. نقَل عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائِلَ كثيرةً.
* إبْراهِيمُ بنُ هانِئٍ النَّيْسابُورِىُّ. كانَ مِن العُلَماءِ العُبَّادِ، وكان وَرِعًا صالحًا، صَبُورًا على الفَقْرِ، واخْتَفَىَ فى بَيْتِه الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، فى أيَّامِ الواثِقِ باللَّهِ. نقَل عنه مَسائلَ، وسَيَأْتِى ذِكْرُ وَلَدِه إسْحاقَ.
* م د ت ق أحمدُ بنُ إبْراهِيمَ بنِ كثيرٍ الدَّوْرَقِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائلَ جَمَّةً، ويأْتى ذِكْرُ أخيه يَعْقُوبَ.
* أحمدُ بنُ إبْراهِيمَ الكُوفِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائِلَ.
(1) فى ط، أ:«أشياء» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
* أحمدُ بنُ أَصْرَمَ بنِ خُزَيْمَةَ المُزَنِىُّ. نَقَل عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه.
* أحمدُ بنُ أبى عَبْدَةَ. نقَل عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائلَ كثيرةً، وكانَ الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، يُكْرِمُه، وكانَ جليلَ القَدْرِ، وَرِعًا، وتُوُفِّىَ قبلَ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُما اللَّهُ تعالَى.
* أحمدُ بنُ بِشْرِ بنِ سعيدٍ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ.
* أحمدُ بنُ جَعْفَرٍ، الوَكِيعِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائلَ.
* خ م أحمدُ بنُ حَسَنٍ (1) التِّرْمِذِىُّ. روَى عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائِلَ.
* أحمدُ بنُ حُمَيْدٍ المُشْكانِىُّ (2)، أبو طالِبٍ. كان فقيرًا صالحًا، خِصِّيصًا بصُحْبَةِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً، وكانَ الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، يُكْرِمُه ويُعَظمُه ويُقَدِّمُه.
(1) فى الأصل: «حبيش» .
(2)
فى الأصل، أ:«المشكاتى» . والمثبت كما فى ط. والمشكانى؛ بضم الميم، وسكون الشين المعجمة، وفى آخرها النون، نسبة إلى مشكان، وهى قرية من أعمال روزراور من نواحى همذان. اللباب فى تهذيب الأنساب 3/ 144.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
* أحمدُ بنُ أبى خَيْثَمَةَ، واسْمُ أبى خَيْثَمَةَ، زُهَيْرُ بنُ حَرْبٍ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، أشْياءَ.
* خ م د س ت أحمدُ بنُ سعيدٍ الدَّارِمِىُّ. نَقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تُعالَى عنه، أشْياءَ كثيرةً.
* أحمدُ بنُ سَعْدِ (1) بنِ إبْراهِيمَ الزُّهْرِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسَائِلَ حِسانًا.
* خ د أحمدُ بنُ (2) صالحٍ المصْرِىُّ. نَقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مسائلَ، وكانَ مِنَ الحُفَّاظِ الكِبارِ.
* د أحمدُ بنُ الفراتِ (3)، أبو مَسْعُودٍ الضَّبِّىُّ (4). نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ.
* أحمدُ بنُ القاسِمِ. نَقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائِلَ كثيرةً.
* أحمدُ بنُ محمدِ بنِ (5) الحَجَّاجِ، أبو بَكْرٍ المَرُّوذِىُّ. كانَ وَرِعًا صالحًا، خِصِّيصًا بخِدْمَةِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، وكان يأْنَسُ به، ويَنْبَسِطُ
(1) فى الأصل: «سعيد» .
(2)
بعده فى الأصل: «سعيد» .
(3)
فى الأصل، ط:«القزاز» . وانظر: تاريخ بغداد 4/ 343. تهذيب التهذيب 1/ 66، 67.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
سقط من: الأصل، ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إليه، ويَبْعَثُه فى حَوائِجِه، وكانَ يقولُ: كلُّ ما قُلْتَ فهو على لِسانِى، وأَنا قُلْتُه. وكان يُكْرِمُه، ويأْكُلُ مِن تحتِ يَدِه، وهو الذى توَلَّى إغْماضَه لمَّا ماتَ، وغسَّلَه. روَى عنه مَسائِلَ كثيرةً جِدًّا، وهو المُقَدَّمُ مِن أصحابِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، لفَضْلِه وَوَرَعِه.
* س أحمدُ بنُ محمدِ بنِ هانِئٍ الطَّائِىُّ الأَثْرَمُ. كان جليلَ القَدْرِ، يُقالُ: إنَّ أحدَ أبوَيْه كانَ جِنِّيًّا. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تُعالَى عنه، مَسائِلَ كثيرةً جِدًّا، وصنَّفَها، ورَتَّبَها أبْوابًا.
* أحمدُ بنُ محمدٍ الصَّائِغُ، أبو الحارِثِ. كانَ الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ تُعالَى عنه، يُكْرِمُه [ويُجِلُّه](1) ويُقَدِّمُه، وكانَ عندَه بمَوْضِعٍ جَليلٍ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسَائِلَ كثيرةً جِدًّا؛ بِضْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا، وجَوَّدَ الرِّوايةَ عنه.
* أحمدُ بنُ محمدٍ الكَحَّالُ. نَقَلَ (2) عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائِلَ كثيرةً.
* أحمدُ بنُ محمدِ بنِ عَبْدِ رَبِّه المَرْوَزِىُّ، أبو الحارِثِ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائِلَ (3) كثيرةً.
* أحمدُ بنُ محمدِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ صَدَقَةَ، أبو بَكْرٍ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائِلَ كثيرةً.
(1) زيادة من: أ.
(2)
فى أ: «روى» .
(3)
فى أ: «أشياء» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
* أحمدُ بنُ محمدِ بنِ واصِلٍ المُقْرِئُ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائِلَ كثيرةً.
* أحمدُ بنُ محمدِ بنِ خالدٍ، أبو العَبَّاسِ البَرَاثىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ.
* أحمدُ بنُ محمدٍ المُزَنِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ.
* ق (1) أحمدُ بنُ مَنْصُورٍ الرَّمادِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ.
* ع أحمدُ بنُ مَنيعِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ البَغَوِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ.
* أحمدُ بنُ مُلاعبِ بنِ حيَّان. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ.
* أحمدُ بنُ نَصْرٍ، أبو حامِدٍ الخَفَّافُ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائِلَ حِسانًا.
* أحمدُ بنُ نَصْرٍ بنِ مالِكٍ، أبو عَبْدِ اللَّهِ الخُزَاعِىُّ. جالسَ الإِمامَ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، واسْتَفادَ منه، ونقَل عنه.
* أحمدُ بنُ يَحْيى ثَعْلَبٌ. يُقالُ: ما يَرِدُ القِيامَةَ أعْلَمُ بالنَّحْوِ منه. وكان صَدُوقًا دَيِّنًا. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، بعْضَ شئٍ.
(1) فى الأصل: «س» . وابن ماجه روى له كما فى تهذيب التهذيب 1/ 83.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
* أحمدُ بنُ يَحْيى الحَلْوانِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ مسائلَ.
* أحمدُ بنُ هاشِم الأنْطاكِىُّ. نَقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ مسائلَ كثيرةً حِسانًا.
* إسْحاقُ بنُ إبْراهيمَ بنِ هانئٍ النَّيْسابورِىُّ. كان خادِمًا للإمام أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ورَوَى عنه مسائلَ كثيرةً فى سِتَّةِ أجْزاءٍ، وقد تقدَّم ذِكْرُ وَالدِه.
* خ إسْحاقُ بنُ إبْراهيمَ البَغَوِىُّ، قَرَابةُ أحمدَ بنِ مَنِيعٍ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُه. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً، وسألَه عن مَسائلَ.
* د إسْحاقُ بنُ الجَرَّاحِ. كان جليلَ القَدْرِ، نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ كثيرةً.
* إسْحاقُ بنُ حَنْبَلِ بنِ هِلالٍ، عمُّ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهما اللَّهُ، كانَ مُلازِمًا له، وروَى عنه أشْياءَ كثيرةً، ويأْتى ذِكْرُ ولدِه حَنْبَلٍ.
* إسْحاقُ بنُ الحسَنِ بنِ مَيْمُونٍ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ حِسانًا.
* خ م ت س ق إسْحاقُ بنُ مَنْصُورٍ الكَوْسَجُ المرْوَزِىُّ الإِمامُ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كُثيرةً، وهو ممَّن دَوَّن عنِ الإِمامِ أحمدَ مسائِلَ الفِقْهِ.
* إسْماعِيلُ بنُ سعيدٍ الشَّالَنْجِىُّ، أبو إسْحاقَ. قال الخَلَّالُ: روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً، ما أحْسَبُ أحدًا مِن أصحابِ أحمدَ، رَضِىَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اللَّهُ عنه، روَى عنه أحْسَنَ ممَّا روَى، ولا أشْبَعَ، ولا أكْثَرَ مسائلَ.
* إسْماعِيلُ بنُ عَبْدِ اللَّه بِنِ مَيْمُونٍ، أبو النَّضْرِ العِجْلِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً.
* أَيُّوبُ بنُ إسْحاقَ بنِ إبْراهيمَ. كانَ جليلًا عظيمَ القَدْرِ، نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّه عُنه، مسائلَ كثيرةً صالحةً، فيها شئٌ لم يَرْوِه عن أبى عَبْدِ اللَّه غِيرُه.
* بِشْرُ بنُ مُوسى الأسَدِىُّ. كان الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يُكْرِمُه، ونقَل عنه مَسائلَ كثيرةً صالحةً.
* بَكْرُ بنُ محمدٍ. كانَ الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يُكْرِمُه ويُقَدِّمُه، ونَقَل عنه مسائلَ كثيرةً.
* بَدْرُ بنُ أبى بَدْرٍ، أبو بَكْرٍ المَغَازِلِىُّ، واسْمُه أحمدُ. كان الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يُكْرِمُه ويُقَدِّمُه، ويقولُ: مَنْ مِثْلُ بَدْرٍ؟ قد مَلَكَ لِسانَه. وكان صَبُورًا على الفَقْرِ والزُّهْدِ، نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ كثيرةً.
* جَعْفَرُ بنُ محمدٍ النَّسائىُّ. كان الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يُجِلُّه ويُكْرِمُه ويُقَدِّمُه، ويَعْرِفُ له حقَّه، ويأْنَسُ به، ونقَل عنه مسائلَ صالحةً.
* جَعْفَرُ بنُ محمدِ بنِ شاكِرٍ الصَّائغُ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً.
* حَنْبَلُ [بنُ إسْحاقَ بنِ حَنْبَلٍ](1)، ابنُ عمِّ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. قال
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الخَلَّالُ: جاءَ حَنْبَلٌ عن أبى عَبْدِ اللَّهِ بمَسائلَ أجادَ فيها الرِّوايةَ، وأغْرَبَ بغيرِ شئٍ، وإذا نظَرْتَ إلى مَسائلِه شَبَّهْتَها -فى حُسْنِها وإشْباعِها وجَوْدَتِها- بمَسائلِ الأَثْرَمِ. انتهى. وقد تقدَّم ذِكْرُ والدِه.
* حَرْبُ بنُ إسْماعِيلَ بنِ خَلَفٍ الحَنْظَلِىُّ الكَرْمانِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً.
* الحَسَنُ بنُ ثَوَابٍ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً كِبارًا، وكان له بأبِى عَبْدِ اللَّهِ أُنْسٌ شديدٌ.
* الحَسَنُ بنُ زِيادٍ. كان صدِيقًا للإمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ونقَل عنه أشْياءَ.
* خ د ت الحَسَنُ بنُ الصَّبّاحِ. كان الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يُكْرِمُه ويُقَامُه ويأْنَسُ به. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ مسائلَ حِسانًا.
* الحَسَنُ بنُ علىِّ بنِ الحَسَنِ الإسْكافِىُّ. كان جليلَ القَدْرِ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ صالحةً حِسانًا كِبارًا.
* الحَسَنُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً.
* الحَسَنُ بنُ محمدٍ الأنْمَاطِىُّ البَغْدادِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ صالحةً.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
* الحُسَيْنُ بنُ إسْحاقَ، أبو علىٍّ الخِرَقِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، بَعْضَ مسائلَ.
* حُبَيْشُ بنُ سِنْدِىٍّ. مِن كِبارِ أصحابِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وكانَ جليلَ القَدْرِ جِدًّا. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ جُزْأيْن، مَسائلَ مُشْبِعَةً حِسانًا جِدًّا.
* خَطَّابُ بنُ بِشْرِ بنِ مَطَرٍ (1). نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ حِسانًا صالحةً. وسَيَأْتِى ذِكْرُ أخِيه محمدٍ.
* خ د ت س زِيادُ بن أيُّوبَ بنِ زِيادٍ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ.
* زِيادُ بنُ يَحْيى بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوانَ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ صالحةً، وكان مُقَدَّمًا فى زَمانِه، وكان وَرِعًا صالحًا.
* زكَرِيَّا بنُ يَحْيى النَّاقِدُ. كان الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يقولُ: هذا رجُلٌ صالِحٌ. نقَل عنه مَسائلَ كثيرةً.
* س سُلَيْمانُ بنُ الأشْعَثِ بنِ إسْحاقَ، أبو داودَ السِّجِسْتَانِىُّ (2)، صاحِبُ السُّنَنِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً.
* سَلَمَةُ (3) بنُ شَبِيبٍ. كان رَفِيعَ القَدْرِ، وكان قريبًا من مُهَنَّا وإسْحاقَ بنِ
(1) فى الأصل: «مظفر» .
(2)
زيادة من: أ.
(3)
فوقها رمز غير واضح، وقد روى له مسلم وأصحاب السنن الأربعة. انظر: الكاشف 1/ 306. تهذيب =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَنْصُورٍ. نَقَلَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ قَيِّمَةً.
* سِنْدِىٌّ، أبو بَكْرٍ الخَواتِيمِىُّ البَغْدادِىُّ. سَمِعَ مِنَ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ونقَل عنه مسائلَ صالحةً. قال الخَلَّالُ: هو مِن نحْوِ أبى الحارِثِ مع أبى عَبْدِ اللَّهِ.
* صالِحُ بنُ الإِمامِ أحمدَ. نقَل عن أبِيه مسائلَ كثيرةً جدًّا.
* طاهِرُ بنُ محمدٍ. كان جليلًا عظيمَ القَدْرِ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ صالحةً.
* س عَبْدُ اللَّهِ بنُ الإِمامِ أحمدَ. روَى عن أبِيه مسائلَ كثيرةً جِدًّا حِسانًا.
* عَبْدُ اللَّهِ بنُ أحمدَ بنِ أبى الدُّنْيا. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّه عُنه، بعضَ مسائلَ.
* عَبْدُ اللَّهِ بنُ محمدِ بنِ المُهاجِرِ، المَعْرُوفُ بفُورانَ. كان الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يُجِلُّه ويأْنسُ به ويَسْتَقْرِضُ منه. ونقَل عنه أشيْاءَ كثيرةً.
* عُبَيْدُ (1) اللَّهِ بنُ محمدِ بنِ عَبْدِ العزِيزِ، أبو القاسِمِ، ابنُ بِنْتِ أحمدَ بنِ مَنِيعٍ. بَغَوِىُّ الأَصْلِ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً صالحةً.
* عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ أحمدَ بنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. كان جليلَ القَدْرِ كبيرًا. روَى عنِ الإِمامِ
= التهذيب 4/ 146.
(1)
فى الأصل: «عبد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كِبارًا جِدًّا.
* خ م س عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ سعيدٍ السَّرْخَسِىُّ. قال الخَلَّالُ: نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ حِسانًا، لم يَرْوِها عنه أحدٌ غيرُه. وهو أرْفَعُ قَدْرًا مِن عامَّةِ أصحابِ أبى عبدِ اللَّهِ مِن أَهْلِ خُراسانَ.
* م ت س (1) ق عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ عَبْدِ الكَريمِ، أبو زُرْعَةَ الرَّازِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ كثيرةً.
* عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ محمدٍ الفَقِيهُ المَرْوَزِىُّ. كان جليلَ القَدْرِ، عالِمًا بالإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ونقَل عنه مَسائلَ كِبارًا لم يُشارِكْه فيها أحدٌ.
* د ت ق عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ الحَكَمِ، ويُقالُ: ابنُ الحَكَمِ، الورَّاقُ، الإِمامُ. جمَع بينَ التَّقْوى والعِلْمِ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ.
* د عبدُ الرَّحْمنِ بنُ عَمْرِو بنِ صَفْوانَ، أبو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِىُّ الإِمامُ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرة مُشْبِعَةً.
* عبدُ الرَّحْمنِ، أبو الفَضْلِ المُتَطَبِّبُ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ حِسانًا.
* عبدُ المَلِكِ بنُ عبدِ الحَمِيدِ المَيْمُونِىُّ. كانَ الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه،
(1) بعده فى أ: «ط» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُكْرِمُه، وروَى عنه مسائلَ كثيرةً جِدًّا، سِتَّةَ عَشَرَ جُزْءًا، وجُزْأَيْن كبِيرَيْن.
* عبدُ الكَرِيمِ بنُ الهَيْثَمِ بنِ زِيادِ بنِ القَطَّانِ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ حِسانًا، مُشْبِعَةً فى جُزْأَيْن.
* 4 (1) عَبَّاسُ بنُ محمدٍ الدُّورِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، بعضَ مسائلَ.
* عَبْدُوسُ بنُ مالِكٍ، أبو محمدٍ العَطَّارُ. كان له مَنْزِلَةٌ عندَ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وأُنسٌ شديدٌ، وكان يُقَدِّمُه، ونقَل عنه مسائلَ جَيِّدَةً.
* عِصْمَةُ بنُ أبى (2) عِصْمَةَ. كان صالحًا. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً حِسانًا، وصَحِبَه.
* علىُّ بنُ الحَسَنِ بنِ زِيادٍ. كان صدِيقًا للإمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ونقَل عنه بعضَ مسائلَ. وقد تقدَّم ذِكْرُ الحَسَنِ بنِ زِيادٍ.
* س علىُّ بنُ سعيدِ بنِ جَرِيرٍ النَّسَوِىُّ. كانَ يُناظِرُ الإِمامَ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عُنه، مُناظَرَةً شافِيَةً. نقَل عنه مسائلَ كثيرةً فى جُزْأَيْن.
* علىُّ بنُ أحمدَ الأنْماطِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ.
* علىُّ بنُ أحمدَ ابنِ بِنْتِ مُعاوِيَةَ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه،
(1) فى أ: «ع» . ولم يرد فى: الأصل، ط. وقد أخرج له أصحاب السنن الأربعة. انظر الكاشف 2/ 61، تهذيب التهذيب 5/ 129.
(2)
سقط من: أ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مسائلَ.
* علىُّ بنُ الحَسَنِ المصْرِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ.
* علىُّ بنُ عبدِ الصَّمَدِ الطَّيالِسِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ صالحةً.
* الفَضْلُ بنُ زِيادٍ القَطَّانُ. كان يُصَلِّى بالإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وكان يَعْرِفُ قَدْرَه، ويُقَدِّمُه، وروَى عنه مسائلَ كثيرةً.
* الفَرَجُ بنُ الصَّباحِ البُرْزاطِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ كثيرةً.
* محمدُ بنُ يَحْيى المُتَطِّبِّبُ الكَحَّالُ البَغْدادِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً حِسانًا، وكان مِن كِبارِ أصحابِه، وكان يُكْرِمُه ويُقَدِّمُه.
* محمدُ بنُ بِشْرِ بنِ مَطَرٍ، أَخُو خَطَّابِ بنِ بِشْر. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً.
* محمدُ بنُ مُوسى بنِ مَشِيشٍ. كان جارًا للإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وصاحِبَه، وكان يُقَدِّمُه، ونقَل عنه أشْياءَ كثيرةً.
* محمدُ بنُ مُوسى بنِ أبى مُوسى. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، جُزْءَ مسائلَ كِبارٍ جِدًّا.
* خ محمدُ بنُ الحَكَمِ، أبو بَكْرٍ. ماتَ قبلَ مَوْتِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عنه، بثمانِ عَشْرَةَ سنَةً. قال الخَلَّالُ: لا أعلمُ أحدًا أشَدَّ فَهْمًا منه فيما سُئِل بمُناظَرَةٍ واحْتِجاجٍ، ومعْرِفَةٍ وحِفْظٍ. وكان الإِمامُ أحمدُ يُسِرُّ إليه، وكان خاصًّا به، وكان ابنَ عَمِّ أبى طالبِ، وبه وَصَلَ أبو طالِبٍ إلى أحمدَ.
* محمدُ بنُ حَمَّادِ بنِ بَكْرٍ المُقْرِئُ. كان عالمًا بالقُرْآنِ وأسْبابِه، وكان الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يُصَلِّى خلْفَه شَهْرَ رَمَضانَ وغيرَه، ونقَل عنه مَسائلَ كثيرةً.
* محمدُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ سُلَيْمانَ، أبو جَعْفَرٍ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ حِسانًا جِيادًا.
* خ د ت س محمدُ بنُ عبدِ الرَّحيمِ، المَعْروفُ بصَاعِقَةٍ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ حِسانًا. وسُمِّىَ صاعِقَةً، قيل: لجَوْدَةِ حِفْظِه. وقيل وهو المَشْهورُ: إنَّما لُقبَ بذلك، لأنَّه كانَ كُلَّما قَدِمَ بَلْدَةً للِقَاءِ شَيْخ إذا به قد ماتَ بالقُرْبِ.
* د س محمدُ بنُ داودَ المَصِّيصِىُّ، أخُو إسْحاقَ. كان مِن خَواصِّ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وكان يُكْرِمُه. نقَلَ عنه مسائلَ كثيرةً على نحوِ مسائل الأثرَمِ، ولكِنْ لم يُدْخِلْ فيها حديثًا.
* د س ق محمدُ بنُ إدْرِيسَ بنِ المُنْذِرِ، أبو حاتِمٍ الرَّازِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ مُشْبِعَة.
* محمدُ بنُ هُبَيْرَةَ البَغَوِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
* محمدُ بنُ علىِّ بنِ عَبْدِ اللَّهِ الجُرْجَانِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ حِسانًا.
* ت (1) س محمدُ بنُ إسْماعِيلَ بنِ يُوسُفَ التِّرْمِذِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ صالحةً حِسانًا.
* محمدُ بنُ الحَسَنِ بنِ هارُونَ بنُ بَدينَا. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ.
* خ محمدُ بنُ إبْراهِيمَ بنِ سعيدٍ البُوشَنْجِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ كثيرةً.
* محمدُ بنُ عبدِ العزِيزِ. قال الخَلَّالُ: كان جليلَ القَدْرِ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ صالحةً حِسانًا.
* محمدُ بنُ يَزيدَ الطَّرَسُوسِىُّ (2)، أبو بَكْرٍ المُسْتَمْلِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ حِسانًا.
* محمدُ بنُ ماهَانَ. كانَ جليلَ القَدْرِ. له مسائلُ كثيرةٌ حِسَانٌ، نَقَلها عنِ الإِمامَ أحمدَ.
* محمدُ بنُ حَبِيبٍ. كانَ (3) جليلَ القَدْرِ. روَى عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ
(1) فى الأصل: «م» . وانظر الكاشف 3/ 20.
(2)
فى الأصل: «الطرطوشى» .
(3)
سقط من: الأصل، ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عنه، جُزْءًا فيه مَسائِلُ حِسانٌ.
* [محمدُ بنُ هارُونَ الحَمَّالُ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ أشياءَ](1).
* مُوسى بنُ هارُونَ الحَمَّالُ، أبو عِمْرانَ. كانَ جارًا للإمامِ أحمدَ، رَضىَ اللَّهُ عنه. ونقَل عنه مَسائلَ، ورَوَى عنه.
* مُوسى بنُ عِيسى الجَصَّاصُّ. كان وَرِعًا، مُتَخَلِّيًا، زاهِدًا. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً، وكان لا يُحَدِّثُ إلَّا بمسائلِ أبى عَبْدِ اللَّهِ، أو بشئٍ سَمِعَه مِن أبى سُلَيْمانَ الدَّارانِىِّ (2) فى الزُّهْدِ.
* مُثَنَّى بنُ جامِعٍ الأنْبارِىُّ. كان مُجابَ الدَّعْوَةِ، وكانَ الإِمامُ أحمدُ، رَضىَ اللَّهُ عنه، يَعْرِفُ قَدْرَه وحقَّه، ونقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً جِدًّا.
* مُهَنَّا بنُ يَحْيى الشَّامِىُّ. كان الإِمامُ أحمدُ يُكْرِمُه، ويَعْرِفُ له قَدْرَه وحقَّ الصُّحْبَةِ، وكانَ مِن كِبارِ أصحابِه، وكان يَسْألُ الإمامَ أحمدَ، رَضىَ اللَّهُ عنه، حتى يُضْجِرَه، وهو يحْتَمِلُه. ونقَل عنه مسائلَ كثيرةً جدًّا.
* مَيْمُونُ بنُ الأصْبَغِ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّه عُنه، مسائلَ حِسانًا.
(1) سقط من: الأصل، ط.
(2)
عبد الرحمن بن أحمد، وقيل: عبد الرحمن بن عطيَة، وقيل: ابن عسكر. العنسى أبو سليمان الدارانى، الإمام الكبير، زاهد العصر، كان أحد عباد اللَّه الصالحين، ورد بغداد وأقام بها مدة، ثم عاد إلى الشام فأقام بداريًا حتى توفى، من كلامه: لولا الليل ما أحببت البقاء فى الدنيا. قيل: توفى سنة خمس عشرة ومائتين. وقيل: سنة خمس ومائتين. تاريخ بغداد 10/ 248 - 250. سير أعلام النبلاء 10/ 182 - 186.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
* هارُونُ [بنُ سفيانَ](1) المُسْتَمْلِىُّ، المعْروفُ بمُكْحُلَة. نَقَل عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً.
* م 4 هارُونُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَرْوانَ، المَعْروفُ بالحَمَّالِ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً حِسانًا جدًّا (2) فى جُزْءٍ كبيرٍ.
* يَعْقُوبُ بنُ إسْحاقَ بن بَخْتانَ. كان جارَ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وصدِيقَه، ونقَل عنه مسائلَ كثيرةً.
* ع (3) يَعْقُوبُ بنُ إبْراهِيمَ بنِ كثيرٍ الدَّوْرَقِىُّ، المُتَقَدِّمُ ذِكْرُ أخِيه أحمدَ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ.
* يَعْقُوبُ بنُ العَبَّاسِ الهاشِمِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً.
* ق يَحْيى بنُ يَزْدادَ، المكْنِىُّ بأبى الصَّقرِ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً حِسانًا فى جُزْءٍ.
* يَحْيى بنُ زكَرِيًّا المَرُّوذِىُّ. نقَل عن أبى عَبْدِ اللَّهِ مسائلَ حِسانًا.
* يُوسُفُ بنُ مُوسى بنِ راشِدٍ. نقَل عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشياءَ.
* يُوسُفُ بنُ مُوسى العَطَّارُ الحَرْبِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه،
(1) سقط من: أ.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سقط من: الأصل. وانظر: الكاشف 3/ 254.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أشْياءَ، وأثْنَى عليه [أبو بَكْرٍ](1) الخَلَّالُ ثَناءً حَسَنًا (2).
وهذا آخِرُ ما قصدْنا ذِكْرَه مِن أئمَّةِ أصحابِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، ممَّنْ نقَل الفِقْهَ عنه ممَّا لا يَسْتَغْنِى عنه طالِبُ العِلْمِ. وهم نَيِّفٌ على ثلاِثينَ ومِائَةِ نفْس. ومَنْ نقَل عنه الفِقْهَ وغيرَه جماعةٌ كثِيرونَ جدًّا، ذكَرَهم أبو بَكْر الخَلَّالُ، وأبو بَكْرٍ عبدُ العزيزِ فى «زادِ المُسافِرِ» ، والقاضى أبو الحُسَيْنِ [بنُ أبى يَعْلَى](3) فى «الطَّبَقاتِ» ، وقد زادُوا فيها على الخَمْسِمِائَةٍ. وذكرَ ابنُ الجَوْزِىِّ بعضَهم فى «مَناقبِ الإِمامِ أحمدَ» ، وغيرَهم، فإن مَنْ طالعَ فى هذا الكتاب وغيرِه مِن كُتُبِ الأصحابِ يَحْتاجُ إلى معْرِفَةِ النَّاقِلِينَ عنه (4)؛ [فإنَّ بعْضَهم تارةً](5) يَذْكُرُهم بِكُناهم، وبَعْضَهم يَذْكُرُهم بألْقابِهم، وبَعْضَهم يَذْكُرُهم بأَسْمائِهم. وهم أيضًا مُتَفاوِتُونَ فى المَنْزِلَةِ عندَ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، والنَّقْلِ عنه، والضَّبْطِ والحِفْظِ. وقد نَبَّهْنا على بعضِ ذلك، عندَ ذِكْرِ كل اسْمٍ مِن أسْمائهم بما فيه كِفايَةٌ، إنْ شاءَ اللَّه تُعالى، وغالِبُ ما ذكَرْتُ مِن ذلك مِن لَفظِ أبى بَكْرٍ الخَلَّالِ. فمِنَ المُكْثِرين عنه؛
* إبْراهِيمُ الحَربِىُّ.
* وابنُ هانِئٍ.
* ووَلَدُه (6)
* وأبو طالبٍ.
(1) سقط من: الأصل، ط.
(2)
بعده فى الأصل: «وقد علَّمت على من روى له من أرباب الكتب الستة بالأحمر؛ ليعلم ذلك» .
(3)
سقط من: ط.
(4)
فى الأصل: «فيه» .
(5)
سقط من: الأصل.
(6)
أى إسحاق. انظر صفحة 406.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
* والمَرُّوذِىُّ.
* والأَثْرَمُ.
* وأبو الحارِثِ.
* والكَوْسَجُ.
* والشَّالَنْجِىُّ.
* وأحمدُ بنُ محمدٍ الكَحَّالُ.
* وأبو النَّضْرِ.
* وبِشْرُ بنُ مُوسى.
* وخَطَّابُ بنُ بِشْرٍ.
* وبَكْرُ بنُ محمدٍ.
* وحَرْبٌ الكَرْمانِىُّ.
* والحَسَنُ بنُ ثَوَابٍ.
* والحَسَنُ بنُ زِيادٍ.
* وأبو داودَ، [صاحِبُ «السُّنَنِ»](1).
* وسِنْدِىٌّ الخَواتِيمِىُّ.
* وعَبْدُ اللَّهِ ابنُ الإِمامِ.
* وصالِحٌ [ابنُ الإمامَ](1).
* وفُورانُ.
* والمَيْمُونِىُّ.
* والفَضْلُ بن زِيادٍ.
* وابنُ مَشيشٍ.
* ومحمدُ بنُ الحَكَمِ.
* والبُرْزَاطِىُّ.
* والبُوشَنْجِىُّ.
* ومُثَنَّى بنُ جامِعٍ.
* ومُهَنَّا بنُ يَحْيى الشَّامِىُّ.
* وهارُونُ الحَمَّالُ.
* وابنُ بَخْتانَ.
* وأبو الصَّقرِ. وغيرُهم.
[قال المُصَنِّفُ، رحمه الله](1): وهذا آخِرُ ما قصَدْنا جَمْعَه، فلِلَّهِ الحَمْدُ والمِنَّةُ على ذلك، فما كانَ منه صحيحًا صَوابًا، فذلك مِن فَضْلِ اللَّهِ علَيْنا وتَوْفيقِه لنا، وما كانَ منه على غيرِ الصَّوابِ، فذلك مِني ومِنَ الشَّيْطانِ، فإنَّ جامِعَه معْتَرِفٌ بالعَجْزِ والتَّقْصيرِ، وبِضاعَتُه فى العِلْمِ مُزْجاةٌ، ولا سِيَّما وقد سلَك
(1) زيادة من: أ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى هذا الكتابِ طريقًا لم يَرَ أحدًا ممَّنْ تقَدَّمه مِن الأصحابِ سَلَكَها؛ فإنَّ المُوَّلِّفَ إذا صنَّف كِتابًا قد سُبقَ إلى مِثْلِه، يسْهُلُ عليه تَعَاطِى ما يُشابِهُه، ويزِيدُه فوائدَ وقُيودًا، ويُنَقِّحُه ويُهَذِّبُه، بخِلافِ مَنْ صنَّف فى شئٍ لم يُسْبَقْ إلى التَّصْنيفِ فيه، فإنَّه يَحْصُلُ له مَشَقَّة بسَبَبِ ذلك. والمَطْلوبُ ممَّنْ طالعَ هذا الكِتابَ، أو نظَرَ فيه، أو اسْتَفادَ منه، دَعْوَةٌ لمُؤَلِّفِه بالعَفْوِ والغُفْرانِ، فإنَّه قد كَفَاه المُؤْنَةَ والطَّلَبَ والتَّعَبَ فى جمعِ نُقُولاتٍ ومَسائِلَ، لَعَلَّها لم تجْتَمِعْ فى كتابٍ سِوَاه. والحمدُ للَّه وحدَه. وصلى اللَّهُ على سيِّدِنا محمدٍ وآلِه وصحبِه وسلَّم تسْليمًا كثيرًا إلى يومِ الدِّينِ، ورَضِىَ اللَّهُ عن أصحابِه أجْمَعِين (1).