الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْإِقْرَارِ
ــ
كِتابُ الإِقْرارِ
فائدة: قال فى «الرِّعايةِ الكُبْرى» ، ومَعْناه فى «الصُّغْرى» ، و «الحاوِى»: الإقرارُ الاعتِرافُ، وهو إظْهارُ الحقِّ لَفْظًا. وقيل: تَصْدِيقُ
يَصِحُّ الإِقْرَارُ مِنْ كُلِّ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ. فَأَمَّا
ــ
المدَّعِى حقيقةً أو تقْديرًا. وتيل: هو صِيغَةُ صادِرَةُ مِن مُكَلَّفٍ مُخْتارٍ رَشِيدٍ لمَنْ هو أهْلٌ لاسْتِحقاقِ ما أقَرَّ به، غيرُ مُكَذِّبٍ للمُقِرِّ، وما أقَرَّ به تحتَ حُكْمِه غيرُ مُمْلوكٍ له وَقْتَ الإِقْرارِ به. ثم قال: قلتُ: هو إظْهارُ المُكَلَّفِ الرَّشيدِ المُخْتارِ ما عليه لَفْظًا، أو كِتابةً فى الأَقْيَسِ، أو إشارَة، أو على مُوَكِّلِه، أو مُوَلِّيه، أو مَوْرُوثِه، بما يُمْكِنُ صِدقُه فيه. انتهى. قال فى «النُّكَتِ»: قولُه: أو كتابَةً فى الأَقْيَس. ذكَر فى كتابِ الطَّلاقِ أنَّ الكِتابةَ للحَقِّ ليستْ إقْرارًا شرعِيًّا، فى الأصحِّ. وقوْلُه: أو إشارَة. مُرادُه، مِنَ الأَخْرَسِ ونحوِه، أمَّا مِن غيرِه فلا أجِدُ فيه خِلافًا. انتهى. وذكَرَ فى «الفُروعِ» ، فى كِناياتِ الطَّلاقِ، أنَّ فى إقْرارِه بالكِتابَةِ وَجْهَيْن. وتقدَّم هذا هناك. قال الزَّركَشِىُّ: هو الإِظْهارُ لأمْرٍ مُتقَدِّمٍ، وليسَ بإنْشاءٍ.
قوله: يَصِحُّ الإِقْرارُ مِن كُلِّ مُكَلَّفٍ مُخْتارٍ غيرِ محجُورٍ عليه. هذا المذهبُ مِن حيثُ الجملةُ. وقطَع به أكثرُ الأصحابِ. وقال فى «الفُروعِ» : يصِحُّ مِن
الصَّبِىُّ، وَالْمَجْنُونُ، فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُمَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّبِىُّ
ــ
مُكَلَّفٍ مُخْتارٍ بما يُتَصَوَّرُ منه الْتِزامُه، بشَرطِ كوْنِه بيَدِه ووِلاِيته واخْتِصاصِه، لا معْلُومًا. قال: وظاهِرُه، ولو على مُوَكِّلِه أو موْرُوثِه أو مُوَلِّيه. انتهى. وتقدَّم كلامُ صاحبِ «الرِّعَايَةِ» . وقال فى «الفُروعِ» ، فى كتابِ الحُدودِ: وقيل: يُقْبَلُ رُجوعُ مُقِر بمالٍ. وفى طرِيقَةِ بعضِ الأصحاب فى مسْأَلَةِ إقْرارِ الوَكيلِ، لو أقَرَّ الوَصِىُّ والقَيِّمُ فى مالِ الصَّبِىِّ على الصَّبِىِّ بحَقٍّ فى مالِه، لم يصِحَّ، وأنَّ الأبَ لو أقرَّ [على ابْنِه](1) إذا كان وَصِيًّا، صحَّ. قال فى «الفُروعِ»: وقد ذكَرُوا، إذا اشْتَرَى شِقْصًا، فادَّعَى عليه الشُّفْعَةَ، فقال: اشْتَرَيْتُه لأبْنى. أو: لهذا الطِّفْلِ المُولَّى عليه، فقيل: لا شُفْعَةَ؛ لأنَّه إيجابُ حقٍّ فى مالِ صَغِير بإقْرارِ وَلِيِّه. وقيل: بلَى؛
(1) فى ط: «بابنه» .
مَأْذُونًا لَهُ فِى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، فَيَصِحُّ إِقْرَارُهُ فِى قَدْرِ مَا أُذِنَ لَهُ دُونَ مَا زَادَ.
ــ
لأنَّه يَمْلِكُ الشِّراءَ، فصَحَّ إقْرارُه فيه، كعَيْبٍ فى مَبِيعِه. وذكَرُوا، لو ادَّعَى الشَّريكُ على حاضِرٍ بيَدِه نصيبُ شَرِيكِه الغائبِ بإذْنِه، أنَّه اشْتَرَاه منه، وأنَّه يَسْتَحِقُّه بالشُّفْعَةِ، فصَدَّقَه، أخَذَه بالشُّفْعَةِ، لأن (1) مَنْ بيَدِه العَيْنُ يُصَدَّقُ فى تصَرُّفِه فيما بيَدِه، كإقْرارِه بأصْلِ مِلْكِه. وكذا لو ادَّعَى أنَّك بِعْتَ نَصِيبَ الغائبِ بإذْنِه، فقال: نعم. فإذا قدِمَ الغائبُ فأنْكَرَ، صُدِّقَ بيَمِينِه، ويسْتَقِرُّ الضَّمانُ على الشَّفيعِ. وقال الأزَجِىُّ: ليس إقْرارُه على مِلْكِ الغيرِ إقْرارًا، بل دَعْوَى، أو شَهادَةً يُؤَاخَذُ بها إنِ ارتَبَطَ بها الحُكْمُ. ثم ذكَرَ ما ذكَرَه غيرُه، لو شَهِدَا (2) بحُرِّيَّةِ عَبْدٍ فرُدَّتْ، ثم اشْتَرَياه (3)، صحَّ (4) -كاسْتِنْقاذِ الأسيرِ- لعدَمِ ثُبوتِ مِلْكٍ لهما، بل للبائعِ. وقيل فيه: لا يصِحُّ؛ لأنَّه لا بَيْعَ فى الطَّرَفِ الآخَرِ. ولو مَلَكَاه
(1) فى الأصل: «لا» .
(2)
فى الأصل، أ:«شهد» .
(3)
فى الأصل: «استرقاه» .
(4)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بإرْثٍ أو غيرِه، عَتَقَ، وإنْ ماتَ العَتِيقُ، وَرِثَه مَنْ رجَعَ عن قوْلِه الأولِ وإنْ كان البائِعُ رَدَّ الثَّمَنَ. وإنْ رجَعَا احتَمَلَ أَنْ يُوقَفَ حتى يصْطَلِحَا، واحتَمَلَ أَنْ يأْخُذَه مَنْ هو فى يَدِه بيَمِينِه. وإنْ لم يرجِع واحدٌ منهما، فقيل: يُقَرُّ بيَدِ مَنْ هو بيَدِه، وإلَّا لبيتِ المالِ. [وقيل: لبَيْتِ المالِ] (1) مُطْلَقًا. وقال القاضى: للمُشْتَرِى الأقَلُّ مِن ثَمَنِه، أو التَّرِكَةُ؛ لأنَّه مع صِدقِهما الترِكَةُ للسيدِ، وثَمَنُه ظُلْم فيَتَقاصَّان، ومع كَذِبِهما هى لهما. ولو شَهِدَا بطَلاقِها، فرُدت، فبَذَلَا مالًا ليَخْلَعَها، صحَّ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين، رحمه الله: وإنْ لم يذْكُر فى كتابِ الإِقْرارِ أن المُقَرَّ به كان بيَدِ المُقِرِّ، وأنَّ الإِقْرارَ قد يكونُ إنْشاءً؛ [كقَوْلِه تعالَى:{قَالُوا أَقْرَرْنَا} (2). فلو أقرَّ به، وأرادَ إنْشاءَ] (1) تملِيكِه (3)، صحَّ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وهو كما قال.
تنبيه: قولُه: غيْرِ محجُورٍ عليه. شَمِلَ المَفْهومُ مَسائِلَ؛ منها ما صرَّح به المُصَنِّفُ بعدَ ذلك، ومنها ما لم يُصَرِّح به؛ فأمَّا الذى لم يُصَرِّحْ به، فهو السَّفِيهُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ إقْرارِه بمالٍ؛ سواءٌ لَزِمَه باخْتِيارِه أَوْ لا. قال فى «الفُروعِ»: والأصحُّ، صِحتُه مِن سَفِيه. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سورة آل عمران 81.
(3)
فى أ: «تمليك» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقدَّمهُ فى «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، وغيرِهم. وقيل: لا يصِحُّ مُطْلَقًا. وهو احتِمال ذكَرَه المُصَنِّفُ فى بابِ الحَجْرِ. واختارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى فى بابِ الحَجْرِ، عندَ كلامِ المُصَنِّفِ فيه. فعلى المذهبِ، يُتْبَعُ به بعدَ فَكِّ حَجْرِه، كما صرَّح به المُصَنِّفُ هناك.
فائدة: مِثْلُ إقْراره بالمالِ إقْرارُة بنَذْرِ صدَقَتِه بمالٍ، فيُكَفِّرُ بالصَّوْمِ إنْ لم نَقُلْ بالصِّحَّةِ. وأمَّا غيرُ المالِ؛ كالحَدِّ، والقِصاصِ، والنَّسَبِ، والطَّلاقِ، ونحوِه، فيَصِحُّ، ويتبَعُ به فى الحالِ. وتقدَّم ذلك أيضا فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى بابِ الحَجْرِ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ، وبنِكاح إنْ صحَّ. وقال الأَزَجِىُّ: يَنْبَغِى أَنْ لا يُقْبَلَ، كإنْشائِه. قال: ولا يصِحُّ مِنَ السَّفيهِ، إلَّا أنَّ فيه احتِمالًا؛ لضَعفِ قوْلِهما (1) انتهى. فجميعُ مفْهومِ كلامِ (1) المُصَنِّفِ هنا غيرُ مُرادٍ، أو نقولُ، وهو أوْلَى: مفْهومُ كلامِه مَخْصوصٌ بما صرَّح به هناك.
قوله: فأمَّا الصَّبِىُّ، والمَجْنُونُ، فلا يَصِحُّ إقْرَارُهما، إلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّبِىُّ مَأْذُونًا له فى البَيْعِ والشِّراءِ، فيَصِحُّ إقْرارُه فى قَدْرِ ما أُذِنَ. له دونَ ما زادَ. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مُقَيَّدٌ بما إذا قُلْنا بصِحَّةِ تصَرُّفِه بإذْنِ وَلِيِّه، على ما مَرَّ
(1) فى الأصل، ط:«قولها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى كتابِ البَيْعِ. وقال أبو بَكْرٍ، وابنُ أبى مُوسى: لا يصِحُّ إقْرارُ المأْذُونِ له إلَّا فى الشَّئِ اليسيرِ. وأَطْلَقَ فى «الرَّوْضَةِ» صِحَّةَ إِقْرارِ مُمَيِّزٍ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: فى إقْرارِه رِوايَتان؛ أصحُّهما، يصِحُّ. نصَّ عليه إذا أقَرَّ فى قَدرِ إذْنِه. وحَمَل القاضى إطْلاقَ ما نَقَلَه الأَثْرَمُ -أنّه لا يصِحُّ حتى يَبْلُغ- على غيرِ المَأْذُونِ. قال الأَزَجِىُّ: هو حَمْلٌ بلا دليلٍ، ولا يَمتَنِعُ أَنْ يكونَ فى المَسْألَةِ رِوايَتان؛ الصِّحَّةُ، وعَدَمُها. وذكَر الأَدَمِىُّ البَغْدادِىُّ، أنَّ السَّفِيهَ والمُمَيِّزَ إنْ أقَرَّا بحدٍّ، أو قَوَدٍ، أو نَسَبٍ، أو طَلاقٍ، لَزِمَ، وإنْ أقرَّا بمالٍ، أُخِذَ بعدَ الحَجْرِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال، وإنَّما ذلك فى السَّفِيهِ. وهو كما قال. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وهو غَلَط. وتقدَّم بعْضُ ذلك فى كلامَ المُصَنِّفِ، فى آخِرِ بابِ الحَجْرِ.
فائدة: لو قال بعدَ بُلُوغِه: لم أكُنْ -حالَ إقْرارِى، أو بَيْعِى، أو شِرائِى، ونحوِه- بالِغًا. فقال فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ»: لو أقرَّ مُراهِقٌ [غيرُ](1) مَأْذُونٍ له، ثم اخْتلَفَ هو والمُقَرُّ له فى بُلُوغِه، فالقَوْلُ قولُه، إلَّا أَنْ تقُومَ بَيِّنَةٌ ببُلوغِه، ولا يحْلِفُ إلَّا أَنْ يخْتَلِفَا بعدَ ثُبوتِ بُلوغِه، فعليه اليَمينُ، أنَّه حينَ أقَرَّ لم يكُنْ بالِغًا. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: ويتوَجَّهُ وُجوبُ اليَمينِ عليه. وقال فى «الكافِى» : فإنْ قال: أقْرَرْتُ قبلَ البُلوغِ. فالقولُ قولُه مع يَمِينِه، إذا كان اخْتِلافُهما بعدَ بُلوغِه. وقال فى «الرِّعايَةِ»: فإنْ بلَغ، وقال: أقْرَرتُ وأنا
(1) سقط من النسخ. والمثبت من المغنى 7/ 263.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
غيرُ مُمَيِّز. صُدِّقَ إنْ حَلَفَ. وقيل: لا (1). فجزَم المُصَنِّفُ فى «كِتابَيْه» بأنَّ القولَ قولُ الصَّبِىِّ فى عدَمِ البُلوغِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». والصَّوابُ أنه لا يُقْبَلُ قولُه. وتقدَّم نَظيرُ ذلك فى الخِيارِ عندَ قولِه: وإنِ اخْتلَفا فى أجَل أو شَرطٍ، فالقولُ قولُ مَنْ كنْفِيه. و [قدَّم فى «الفُروعِ» هناك، أنَّه لا يُقْبَلُ قولُه فى دَعوَى ذلك. واللَّهُ أَعلمُ. وأطلَقَ الخِلافَ هناك. وتقدَّم نظيرُ ذلك](2) فى الضَّمانِ أيضًا، إذا ادَّعَى أنَّه ضَمِنَ قبلَ بُلوغِه. قال ابنُ رَجَبٍ فى «قَواعِدِه»: لو ادَّعَى البالِغُ أنَّه كان صَبيًّا حينَ البَيْعِ، أو غيرَ مَأْذُونٍ له، أو غيرَ ذلك، وأنْكَرَ المُشْتَرِى، فالقوْلُ قولُ المُشْتَرِى. على المذهبِ. ونص عليه الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، فى صُورَةِ دعوى الصَّغِيرِ، فى رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ؛ لأَنَّ الظَّاهِرَ وُقوعُ العُقودِ على وَجْهِ الصِّحَّةِ دُونَ الفَسادِ، وإنْ كان الأصْلُ عدَمَ البُلوغِ والإِذْنِ. قال: وذكَرَ الأصحابُ وَجْهًا آخَرَ فى دَعوى الصَّغِيرِ، أنَّه يُقْبَلُ؛ لأنَّه لم يَثْبُتْ تكْلِيفُه، والأصلُ عدَمُه، بخِلافِ دَعوى عدَمِ الإِذْنِ مِن المُكَلَّفِ؛ فإنَّ المُكَلَّفَ لا يتَعَاطَى فى الظَّاهِرِ إلَّا الصَّحيحَ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: وهكذا يجِئُ فى الإِقْرارِ وسائرِ التَّصَرُّفاتِ إذا اخْتلَفا، هل وَقعَتْ قبلَ البُلُوغِ، أو بعدَه؟ وقد سئِل عمَّن أسْلَمَ أَبُوه، فادَّعَى أنَّه بالِغٌ؟ فأَفْتَى بعْضُهم بأَنَّ القولَ قوْلُه، وأفْتَى الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، بأنه إذا كان لم يُقِرَّ بالبُلوغِ إلى حينِ الإِسْلامِ، فقد حُكِمَ بإِسْلامِه قبلَ الإِقْرارِ بالبُلُوغِ، بمَنْزِلَةِ ما إذا ادعتِ انْقِضاءَ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
العِدَّةِ بعدَ أنِ ارْتَجَعَها. قال: وهذا يجِئُ فى كلِّ مَنْ أقَرَّ بالبُلوغِ بعدَ حقٍّ ثبَتَ فى حقِّ الصَّبِىِّ، مثْلَ الإِسْلامِ، وثُبوتِ أحكامِ الذِّمَّةِ تَبَعًا لأبِيه، أو لوِ ادَّعَى البُلُوغَ بعدَ تصَرُّفِ الوَلِىِّ وكان رشِيدًا، أو بعدَ تزْوِيجِ وَلِىٍّ أبعدَ منه. انتهى. وقال فى «الفُروعِ»: وإنْ قال: لم أكُنْ بالِغًا. فوَجْهان. وإنْ أقَرَّ وشَكَّ فى بُلوغِه، فأنْكَرَه، صُدِّقَ بلا يَمين. قالَه فى «المُغْنِى» ، و «نِهايةِ الأَزَجِىِّ» ، و «المُحَرَّر» ؛ لحُكْمِنا بعدَمِه بيَمِينه. ولو ادَّعَاه بالسِّنِّ، قُبِلَ ببَيِّنَةٍ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: يُصَدَّقُ صَبِىٌّ ادَّعَى البُلوغَ بلا يَمينٍ، ولو قال: أنا صَبِىٌّ. لم يحْلِفْ، ويُنْتَظَرُ بُلوغُه. وقال فى «الرِّعَايَةِ»: مَنْ أنْكَرَه، ولو كان أقَرَّ، أوِ ادَّعاه وأمْكَنا، حَلَفَ إذا بلَغ. وقال فى «عُيونِ المَسائلِ»: يُصَدَّقُ فى سِنٍّ يبْلُغُ فى مِثْلِه، وهو تِسْعُ سِنِينَ، ويَلْزَمُه بهذا البُلُوغِ ما أقر به. قال: وعلى قِياسِه الجارِيَةُ. وإنِ ادَّعَى أنَّه أنْبَتَ بعِلاج ودَواءٍ لا بالبُلوغِ، لم يُقْبَلْ. ذكَرَه المُصَنِّفُ فى «فَتاوِيه». انتهى ما نَقَلَه فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعايَةِ»: ويصِحُّ إقْرارُ المُمَيزِ بأنه قد بلغ بعدَ تِسْعِ سِنِينَ، ومِثْله ييْلغُ لذلك. وقيل: بل بعدَ عَشْرٍ. وقيل: بل بعدَ ثِنْتَىْ عَشْرَةَ سَنَةً. وقيل: بل بالاحتِلامِ فقط. وقال فى «التَّلْخيصِ» : وإنِ ادَّعَى أنّه بلَغ (1) بالاحتِلامِ فى وَقتِ إمكانِه، صُدِّقَ. ذكَرَه القاضى. إذْ لا يُعلَمُ إلَّا مِن جِهتِه. وإنِ ادَّعاه بالسِّنِّ، لم يُقْبَلْ إلَّا ببَيِّنَةٍ. وقال النَّاظِمُ: يُقْبَلُ إقْرارُه أنَّه بلَغ إذا أمكَنَ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» : فإنْ أقَرَّ ببُلوغِه، وهو ممَّنْ يبْلُغُ مِثْلُه، كابنِ تِسْعِ سِنِينَ فصاعِدًا، صحَّ إقْرارُه،
(1) سقط من: الأصل.
وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمأْذُونُ لَهُ فِى التِّجَارَةِ.
وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّكْرَانِ. وَتَتَخَرَّجُ صِحَّتُهُ، بِنَاءً عَلَى طَلَاقهِ.
ــ
وحكَمنا ببُلوغِه. ذكَرَه القاضى، واقْتَصَرَ عليه. قلتُ: الصَّوابُ قَبُولُ قولِه فى الاحتِلامِ إذا أمكَنَ. والصَّحيحُ، أنَّ أقلَّ إمْكانِه عَشْرُ سِنِين، على ما تقدَّم فيما يَلْحَقُ مِنَ النَّسَبِ وعدَمِ قَبُولِ قولِه فى السِّنِّ إلا ببَيِّنَةٍ. وأمَّا نَباتُ الشَّعَرِ، فبِشاهِدٍ.
فائدة: لوِ ادعى أنَّه كان مجْنونًا، يُقْبَلْ إلا ببَيِّنَةٍ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وذكَرَ الأَزَجِىُّ، يُقْبَلُ أيضًا إنْ عُهِدَ منه جُنون فى بعضِ أوْقاتِه، وإلَّا فلا. قال فى «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ قَبُولُه ممَّنَ غلَب عليه.
قوله: ولا يَصِحُّ إقْرارُ السَّكْرانِ. هذا إحدَى الرواياتِ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وصحَّحه النَّاظِمُ. وجزَم به فى
وَلَا يَصِحُّ إِقْرَارُ الْمُكْرَهِ، إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِغَيْرِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ، مِثْلَ أَنْ
ــ
«الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِداية» ، و «المُذْهبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» . وظاهِرُ كلامِه أنَّ ذلك قولُ الأصحابِ كلِّهم.
ويتخَرَّجُ صِحَّتُه بِناءً على طَلاقِه. وهو لأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ» . قلتُ: قد تقدَّم فى أولِ كتابِ الطَّلاقِ، أنَّ فى أقْوالِ السَّكْرانِ وأفْعالِه خَمسَ رِواياتٍ أو سِتًّا، وأنَّ الصَّحيحَ مِن المذهبِ أنَّه مُؤاخَذٌ بها، فيَكونُ هذا التَّخْرِيجُ هو المذهبَ.
قوله: ولا يَصِحُّ إقْرارُ المُكْرَهِ، إلَّا أَنْ يُقِرَّ بغيرِ ما أُكْرِه عليه، مثْلَ أَنْ يُكْرَهَ على
يُكْرَه عَلَى الْإِقْرارِ لإِنْسَانٍ، فَيُقِرَّ لِغيْرِهِ، أو عَلَى الإِقْرَارِ بِطَلَاقِ امْرَأةٍ، فَيُقِرَّ بِطَلاقِ غَيْرِهَا، أَوْ عَلَى الإِقْرَارِ بِدَنَانِيرَ، فَيُقِرَّ بِدَرَاهِمَ، فَيَصِحُّ،
ــ
الإِقْرارِ لإنْسانٍ، فيُقِر لغيرِه، أو على الإِقْرارِ بطَلاقِ امرَأةٍ، فيُقِرَّ بطَلاق غيرِها، أو على الإِقْرارِ بِدَنانِيرَ، فيُقِرَّ بدَراهِمَ، فيَصِحُّ. بلا نِزاع. وتُقْبَلُ دعوى الإكْراهِ بقَرِينَةٍ، كتَوْكيلٍ به، أو أخْذِ مالٍ، أو تَهْديدِ قادِر. قال الأَزَجِىُّ: لو أقامَ بَيِّنَةً بأَمارَةِ الإِكْراهِ، اسْتَفادَ بها أن الظَّاهِرَ معه، فيَحْلِفُ، ويُقْبَلُ قولُه. قال فى
وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى وَزْنِ ثَمَنٍ، فَبَاعَ دَارَهُ فِى ذَلِكَ، صَحَّ.
ــ
«الفُروعِ» : كذا قال (1)، ويتوَجَّهُ، لا يحْلِفُ.
فائدةْ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الإِكْراه على بَيِّنَةِ الطَّواعِيَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يتَعارَضان، وتَبْقَى الطَّواعِيَةُ فلا يُقْضَى بها.
(1) بعده فى الأصل: «قال» .
وَأَمَّا الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ، فَيَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِغَيْرِ الْمَالِ. وَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ لِمَنْ لَا يَرِثُهُ، صَحَّ، فِى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَفِى الأُخْرَى، لَا يَصِحُّ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ.
ــ
قوله: وإنْ أقَرَّ لمَن لا يَرِثُه، صَحَّ، فى أصَحِّ الرِّوايَتَيْن. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ والمُخْتارُ عندَ الأصحابِ. قال فى «الكافِى» وغيرِه: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه: أصَحُّهما قَبُولُه. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه.
وَلَا يُحَاصُّ المُقَرُّ لَهُ غُرَمَاءَ الصِّحَّةِ. وَقَالَ أبو الْحَسَنِ التَّمِيمِىُّ، وَالْقَاضِى: يُحَاصُّهُمْ.
ــ
والأخْرَى، لا يَصِحُّ بزِيادَةٍ على الثُّلُثِ. فلا مُحاصَّةَ، فيُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ. وعنه، لا يصِحُّ مُطْلَقًا.
قوله: ولا يُحاصُّ الْمُقَرُّ لة غُرَماءَ الصِّحَّةِ. بل يُبْدأُ بهم. وهذا مَبْنِىٌّ على
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المذهبِ. وهو الصَّحيحُ. قال القاضى، وابنُ البَنَّا: هذا قِياسُ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجِيز» وغيرِه. وصحَّحه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِير» ، [و «النَّظْمِ»](1)، وغيرِهم.
وقال أبو الحَسَنِ التَّمِيمىُّ، والقاضى: يُحاصُّهم. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقطَع به الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرَازىُّ فى مَوْضِعٍ. واخْتارَه ابنُ أبى مُوسى. [قلتُ: وهو الصَّوابُ] (2). وأَطْلَقهما فى «الكافِى» (2)،
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: الأصل.
وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ، لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
ــ
و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» . وهما فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهما رِوايَتان. وفى «المُحَرَّرِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وغيرِهما وَجْهان.
فائدة: لو أقَرَّ بعَيْن ثم بدَيْن، أو عكْسِه، فرَبُّ العَيْنِ أحقُّ بها. وفى الثَّانيةِ احتِمال فى «نِهايَةِ الأَزَجِىِّ» . يعْنِى بالمُحاصَّةِ كإقْرارِه بدَيْنٍ.
قوله: وإنْ أقَرَّ لوارِثٍ، لم يُقْبَلْ إلَّا ببَيِّنَة. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثير منهم. ونصَّ عليه. وقال أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصَارِ»: يصِحُّ ما لم يُتَّهَمْ، وِفاقًا لمالِكٍ، رَحِمَه اللَّه تعالَى، وأنَّ أصْلَه مِن المذهبِ وَصِيَّتُه لغيرِ وارِثٍ، ثم يصِيرُ وارِثًا لانْتِفاءِ التُّهْمَةِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال الأَزَجِىُّ: قال أبو بَكْرٍ: فى صِحةِ إقْرارِه لوارِثِه رِوايَتان؛ إحْداهما، لا يصِحُّ.
والثَّانيةُ، يصِحُّ؛ لأنَّه يصِحُّ بوارِثٍ، وفى الصِّحَّةِ أشْبَهَ الأَجْنَبِىَّ. والأَوْلَى أصحُّ (1). قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قال فى «الفُنونِ» : يَلْزَمُه أَنْ يُقِرَّ وإنْ
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لم يُقْبَلْ. وقال أيضًا: إنَّ (1) حَنْبَلِيًّا اسْتدلَ بأنّه لا يصِحُّ إقرارُه لوارِثِه فى مرَضِه بالوَصِيَّةِ له. فقال حَنْبَلِىٌّ: لو أقَرَّ له فى الصِّحَّةِ، صحّ، ولو نحَلَه، لم يصِحَّ. والنِّحْلَةُ تبَرُّعٌ كالوَصِيَّةِ. فقدِ افْتَرَقَ الحالُ للتُّهْمَةِ فى أحدِهما دُونَ الآخَرِ، كذا فى المَرَضِ. ولأنَّه لا (1) يَلْزَمُ التَّبَرُّعُ فيما زادَ على الثُّلُثِ لأَجْنَبِىٍّ، ويَلْزَمُ الإِقْرارُ، وقدِ افْتَرَقَ التَّبَرُّعُ والإِقْرارُ فيما زادَ على الثُّلُثِ، [كذا يفْتَرِقان فى الثُّلُثِ](2) للوارِثِ.
تنبيه: ظاهِرُ قولِه: لم يُقْبَلْ إلَّا ببَيِّنَةٍ. إنَّه لا يُقْبَلُ بإجازَةٍ، وهو ظاهِرُ نصِّه،
(1) بعده فى أ: «كان» .
(2)
سقط من: الأصل.
إلَّا أَنْ يُقِرَّ لِامْرأَتِهِ بِمَهْرِ مِثْلِها، فَيَصِحُّ.
ــ
وظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِن الأصحابِ. وقال جماعةٌ مِن الأصحابِ: يُقْبَلُ بالإِجازَةِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: لا يبْطُلُ الإِقْرارُ، على المَشْهورِ مِن المذهبِ، بل يَقِفُ على إجازَة الوَرَثَةِ، فإنْ أجازُوه، جازَ، وإنْ ردُّوه، بَطَلَ؛ ولهذا قال الخِرَقِىُّ: لم يَلْزَم باقِىَ الوَرَثَةِ قَبُولُه.
قوله: إلَّا أَنْ يُقِرَّ لامْرَأَتِه بمَهْرِ مِثْلِها، فيَصِحُّ. يعْنِى إقْرارَه. هذا أحدُ الوَجْهيْن. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وصاحبُ «التَّرْغيبِ» ، و «التَّبْصِرَة» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والأَزَجِىُّ، وغيرُهم. وجزَم به فى «الشَّرْحِ» ، و «شَرحِ ابنِ مُنَجَّى» ، وابنُ رَزِينٍ، وقال: إجْماعًا. وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِى» . والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ لها مَهْرَ مِثْلِها بالزَّوْجِيَّةِ، لا بإقْرارِه. نصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجِيز» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيره. ونقَل أبو طالبٍ: يكونُ مِنَ الثُّلُثِ. ونقَل أيضًا، لها مَهْرُ مِثْلِها، وأنَّ على الزَّوْجِ البَيِّنَةَ بالزَّائدِ. وذكَرَ أبو الفَرَجِ فى صِحَّتِه بمَهْرِ مِثْلِها رِوايتَيْن.
فائدة: لو أقَرَّتِ امْرَأَتُه أنَّها لا مَهْرَ لها عليه، لم يصِحُّ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أنَّها أخذَتْه. نَقَلَه مُهَنَّا.
وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ وَأجْنَبِىٍّ، فَهلْ يَصِحُّ فِى حَقِّ الْأَجْنَبِىِّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
قوله: وإنْ أقَرَّ لوارِثٍ وأَجْنَبِىٍّ، فهل يَصِحُّ فى حَقِّ الأَجْنَبِىِّ؟ على وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ؛ أحدُهما، يصِحُّ فى حقِّ الأَجنَبِىِّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحبُ «التَّصْحيحِ» ، وغيرُهم. قال فى «النُّكَتِ»: هذا هو المَنْصورُ فى المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ،
وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ، فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ غَيْرَ وَارِثٍ، لَمْ يَصِحَّ إِقْرَارُهُ. وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِ وَارِثٍ، صَحَّ وَإِنْ صَارَ وَارِثًا. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: إنَّ الاعتِبَارَ بِحَالِ الْمَوْتِ، فَيَصِحُّ فِى الأُولَى، وَلَا يَصِحُّ فِى
ــ
و «النَّظْمِ» ، و «شَرحِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِير» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال فى «الهِدايَةِ» (1): أصْلُ الوَجْهيْن تفْرِيقُ الصَّفْقَةِ. والوَجْهُ الثَّانى، لا يصِحُّ. وقال القاضى: الصِّحَّةُ مَبْنِيَّةٌ على الوَصِيَّةِ لوارِثٍ وأجْنَبِىٍّ. وقيل: لا يصِحُّ إذا عَزَاه إلى سببٍ واحدٍ، أو أقَرَّ الأجْنَبِىُّ بذلك. وهو تخْريجٌ فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه.
قوله: وإنْ أَقَرَّ لوارِثٍ، فصارَ عندَ المَوْتِ غيرَ وارِثٍ، لم يَصِحَّ إِقْرارُه. وإنْ أقَرَّ لغيرِ وارِثٍ، صحَّ وإنْ صارَ وارِثًا. نَصَّ عليه. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ
(1) فى ط: «الرعاية» .
الثَّانِيَةِ، كَالْوَصِيَّةِ.
ــ
الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ» : اعتُبِرَ بحالِ الإِقْرارِ لا المَوْتِ، على الأصحِّ. وصحَّحه النَّاظِمُ. وجزَم به فى «المُنَوِّر» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهما. واخْتارَه ابنُ أبى موسى وغيرُه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شرحِ ابنِ مُنجَّى» ، وغيرِهم.
وقيل: الاعْتِبارُ بحالِ المَوتِ، فيَصِحُّ فى الأُولَى، ولا يصِحُّ فى الثَّانيةِ، كالوَصِيَّةِ. وهو رِوايةٌ منْصُوصَةٌ، ذكَرَها أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ» ، ومَنْ بعدَه. وأَطْلَقَهما فى «المُذهبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» . وقدم فى «المُسْتَوْعِبِ» -إنَّه إذا أقَرَّ لوارِثٍ، ثم صارَ عندَ الموْتِ غيرَ وارِثٍ- الصِّحَّةَ. وجزَم ابنُ عَبْدُوسٍ فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«تَذْكِرَتِه» ، وصاحبُ «الوَجِيزِ» بالصِّحَّةِ فيهما. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُ الأصحابِ -واللَّهُ أعلمُ- بعدَمِ الصِّحَّةِ، لا يَلْزَمُ، لا أنَّ مُرادَهم بُطْلانُه؛ لأنَّهم قاسُوه على الوَصِيَّةِ؛ ولهذا أطْلَقَ فى «الوَجِيزِ» الصِّحَّةَ فيهما. انتهى.
فائدتان؛ إحْداهما، مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ، لو أعْطاه وهو غيرُ وارِثٍ، ثم صارَ وارِثًا. ذكَرَه فى «التَّرْغيبِ» [وغيرِه](1). واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ» .
الثَّانيةُ، يصِحُّ إقْرارُه بأخْذِ دَيْنِ صِحَّةٍ مرَضٍ مِن أجْنَبِىٍّ، فى ظاهرِ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. قالَه القاضى وأصحابُه. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعَايَةِ»: لا يصِح الإِقْرارُ بقَبْضِ مَهْرٍ، وعِوَضِ خُلْعٍ، بل حَوالَةٍ ومَبِيعٍ وقَرضٍ. وإنْ أطْلَقَ فوَجْهان. قال فى «الرَّوْضَةِ» وغيرِها: لا يصِحُّ لوارِثِه بدَيْنٍ ولا غيرِه. وكذا قال فى «الانْتِصارِ» وغيرِه: إنْ أقَرَّ أنَّه وَهَبَ أجْنَبيًّا فى صِحَّتِه، صحَّ، لا أنَّه وَهبَ وارِثًا. وفى «نِهايةِ الأزَجِىِّ»: يصِحُّ لأجْنَبِىٍّ كإنْشائِه. وفيه لوارِثٍ وَجْهان؛ أحدُهما، لا يصِحُّ كالإِنْشاءِ. والثَّانى، يصِحُّ. وقال فى «النِّهايةِ» أيضًا: يُقْبَلُ إقْرارُه، أنَّه وهبَ أجْنَبِيًّا فى صِحَّتِه. وفيه لوارِثٍ وَجْهان. وصحَّحه فى «الانْتِصارِ» ، لأجْنَبِىٍّ فقط. وقال فى «الرَّوْضَةِ» وغيرِها: لا يصِحُّ لوارِثِه بدَيْنٍ ولا غيرِه.
(1) سقط من: الأصل.
وَإِنْ أَقَرَّ لِامرأَتِهِ بِدَيْنٍ، ثُمَّ أَبَانَهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَها، لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ. وَإِنْ أقَرَّ المَرِيضُ بِوَارِثٍ، صَحَّ. وَعَنْهُ، لَا يَصِحُّ.
ــ
قوله: وإنْ أقَرَّ المَرِيضُ بوارِثٍ، صَحَّ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا أصحُّ. قال فى «المُحَرَّرِ» : وهو الأصحُّ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا
وَإِنْ أقَرَّ بِطَلَاقِ امرَأتِه فِى صِحَّتِهِ، لَمْ يَسْقُطْ مِيرَاثُهَا.
ــ
المذهبُ، وهو أصحُّ. قال فى «الفُروعِ»: فيَصِحُّ على الأصحِّ. قال النَّاظِمُ: هذا أشْهرُ القَوْلَيْن مِن نصِّ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. قال فى «الخُلاصَةِ»: وإنْ أقَرَّ بوارِثٍ، صحَّ فى الأصحِّ. قال ابنُ رَزِينٍ: هذا أظْهرُ. وجزَم به فى «الوَجِيز» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم.
وعنه، لا يصِحُّ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» . ويأْتى قريبًا، لو أقَرَّ مَنْ عليه الوَلاءُ بنَسَبِ وارِثٍ.
قوله: وإنْ أقَرَّ بطَلاقِ امرَأتِه فى صِحَّتِه، لم يَسْقُطْ مِيراثُها. هذا