المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الحكم فيما إذا وصل بإقراره ما يغيره - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٣٠

[المرداوي]

الفصل: ‌باب الحكم فيما إذا وصل بإقراره ما يغيره

‌بَابُ الْحُكْمِ فِيمَا إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُغيِّرُهُ

إذَا وَصَلَ بِهِ مَا يُسْقِطُهُ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: لَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ لَا تَلْزَمُنِى. أَوْ: قَدْ قَبَضَهُ. أو: استوْفاهُ. أَوْ: أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ. أَوْ: تَكَفَّلْتُ بِهِ عَلَى أنِّى بِالْخِيَارِ.

ــ

بابُ الحُكْمِ (1) فيما إذا وَصَلَ بإقْرارِه ما يُغَيِّرُه

قوله: إذا وَصَلَ به ما يُسْقِطُه، مِثْلَ أن يَقُولَ: له علىَّ أَلْفٌ لا تَلْزَمُنى. أو: قد قَبَضَه. أو: اسْتَوْفاه. أو: أَلْفٌ مِنْ ثَمنِ خَمْرٍ. أو: تَكَفَّلْتُ به على أنِّى بالْخِيارِ. أو: أَلْفٌ إلا ألْفًا. أو: إلَّا سِتمِائَةٍ. لَزِمَه الألْفُ. ذكَرَ المُصَنِّفُ مَسائلَ.

منها، قولُه: له علىَّ أَلْفٌ لا تَلْزَمُنِى. فَيَلْزَمُه الأَلْفُ. على الصَّحيحِ مِنَ

(1) سقط من: الأصل.

ص: 219

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وحُكِىَ احْتِمالٌ، لا يَلْزَمُه.

[ومنها، قوْلُه: له علىَّ أَلْفٌ قد قَبَضَه. أو: اسْتَوْفَاه. فَيَلْزَمُه الأَلْفُ، بلا نِزاعٍ](1).

ومنها، قوْلُه: له على أَلْفٌ مِن ثَمَنِ خَمْرٍ. أو: تكَفَّلْتُ (2) به على أَنِّى بالخِيارِ. فَيَلْزَمُه الأَلْفُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. ولم يذْكُرِ ابنُ هُبَيْرَةَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، غيرَه. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: والأَظْهَرُ، يَلْزَمُه مع ذِكْرِ الخَمْرِ ونحوه. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم.

(1) سقط من: الأصل.

(2)

فى الأصل: «تكلفت» .

ص: 220

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. وقيل: لا يَلْزَمُه. قال ابنُ هُبَيْرَةَ: هو قِياسُ المذهبِ. وقِياسُ قولِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، فى قوْلِه: كان له علىَّ وقَضَيْتُه. واخْتارَه القاضى، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.

فائدتان؛ إحْداهما، مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ، لو قال: له علىَّ ألْفٌ مِن ثَمَنِ مَبِيعٍ تَلِفَ قبلَ قَبْضِه. أو: لم أقْبِضْه. أو: مُضارَبَةً تَلِفَتْ، وشَرَطَ علىَّ ضَمانَها. ممَّا يفْعَلُه النَّاسُ عادةً مع فَسادِه، خِلافًا ومذهبًا. [ويأْتى قريبًا فى كلامِ المُصَنِّفِ، لو قال: له علىَّ ألْفٌ مِن ثَمَنِ مَبِيعٍ لم أقْبِضْه. وقال المُقَرُّ له: بل دَيْنٌ فى ذِمَّتِكَ](1).

الثَّانيةُ، لو قال: علىَّ مِن ثَمَنِ خَمْرٍ أَلْفٌ. لم يَلْزَمْه، وَجْهًا واحدًا. أعْنِى إذا قَدَّمَ قولَه (2): علىَّ مِن ثَمَنِ خَمْرٍ. على قوْلِه: ألْفٌ.

ومِن مَسائلَ المُصَنِّفِ، لو قال: له علىَّ ألْفٌ إلَّا ألْفًا. فإنَّه يَلْزَمُه ألْفٌ، قوْلًا واحدًا.

(1) سقط من: الأصل.

(2)

سقط من: الأصل.

ص: 221

أَوْ: أَلْفٌ إلا أَلْفًا. أَوْ: إلَّا سِتَّمِائَةٍ. لَزِمَهُ الْأَلْفُ.

وَإِنْ قَالَ: كَانَ لَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ وَقَضَيْتُهُ. أَوْ: قَضَيْتُ مِنْهُ

ــ

ومنها، لو قال: له علىَّ (1) ألْفٌ إلَّا سِتَّمِائَةٍ. فيَلْزَمُه ألْفٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ لأنَّه اسْتَثْنَى أكثرَ مِنَ النِّصْفِ. وقيل: يصِحُّ الاسْتِثْناءُ، فيَلْزَمُه أرْبَعُمِائَةٍ. ويأْتِى ذلك فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى أوَّلِ الفصْلِ الذى بعدَ هذا. وتقدَّم ذلك أيضًا، فى بابِ الاسْتِثْناءِ فى الطَّلاقِ.

قوله: وإذا قال: كانَ له علىَّ أَلْفٌ وقَضَيْتُه. أو: قَضَيْتُ منه خَمْسَمِائَةٍ. فقال الخِرَقِىُّ: ليس بإقْرارٍ، والقَوْلُ قَوْلُه معَ يَمِينِه. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضى.

(1) سقط من: الأصل.

ص: 222

خَمْسَمِائَةٍ. فَقَالَ الْخِرَقِىُّ: لَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ.

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَكونُ مُقِرًّا مُدَّعِيًا لِلْقَضَاءِ، فَلَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةَ، حَلَفَ المُدَّعِى أنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ، وَلَمْ

ــ

وقال: لم أجِدْ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، رِوايةً بغيرِ هذا. قال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ: اخْتارَه عامَّةُ شُيوخِنا. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا مَنْصوصُ (1) الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، فى رِوايَةِ جماعَةٍ. وجزَم به الجُمْهورُ؛ الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرَازِىُّ، وغيرُهم. وجزَم به أيضًا فى «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهما. وصحَّحه فى «الخُلاصةِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهما. وعنه، يُقْبَلُ قوْلُه فى الخَمْسِمِائةٍ مع يَمِينِه، ولا يُقْبَلُ قوْلُه فى الجميعِ.

وقال أبو الخَطَّابِ: يكونُ مُقِرًّا مدَّعِيًا للقَضاءِ، فلا يُقْبَلُ إلَّا ببَيِّنةٍ، فإنْ لم تَكُنْ

(1) بعده فى الأصل: «عن» .

ص: 223

يَبْرَأْ، وَاسْتَحَقَّ، وَقَالَ: هَذَا رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِى مُوسَى.

ــ

بَيِّنَةٌ، حَلَفَ المُدَّعِى أنه لم يقْبِضْ ولم يُبْرِئْ. واسْتَحَقَّ. وقال: هذا رِوايةٌ واحدةٌ، ذكَرَها ابنُ أبى مُوسى. قال فى «الفُروعِ»: وعنه، يكونُ مُقِرًّا، اخْتارَه ابنُ أبى مُوسى وغيرُه، فيُقِيمُ بَيِّنةً بدَعْواه، ويحْلِفُ خَصْمُه، اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وأبو الوَفاءِ، وغيرُهما، كسُكُوتِه [قبلَ دَعْواه] (1) انتهى. قلتُ: واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه فى «المُذْهَبِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» . وعنه، أنَّ ذلك ليسَ بجَوابٍ، فيُطالَبُ برَدِّ الجوابِ. قال

(1) سقط من: الأصل.

ص: 224

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فى «التَّرْغيبِ» ، و «الرِّعايَةِ»: وهى أشْهَرُ.

فوائد؛ الأُولَى، [لو قال: بَرِئْتَ مِنِّى. أو: أَبْرَأْتَنِى (1). ففيها الرِّواياتُ المُتَقَدِّمَةُ. قالَه. فى «الفُروعِ» ، وقال: وقيل: مُقِرٌّ.

الثَّانيةُ] (2)، لو قال: كانَ له علىَّ. وسكَتَ، فهو إقْرارٌ. قالَه الأصحابُ. ويتَخَرَّجُ أنه ليس بإقْرارٍ. قالَه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه.

الثَّالِثَةُ (3)، لو قال: له علىَّ ألْفٌ وقَضَيْتُه. ولم يقُلْ: كان. ففيها طُرُقٌ

(1) فى ط: «أبرأنى» .

(2)

سقط من: الأصل.

(3)

فى الأصل: «الثانية» .

ص: 225

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للأصحابِ؛

أحدُها، أنَّ فيها الرِّوايَةَ الأُولَى، ورِوايَةَ أبى الخَطَّابِ، ومَنْ تابَعَه. ورِوايةً ثالثةً، يكونُ قد أقَرَّ بالحقِّ، وكذَّبَ نفْسَه فى الوَفاءِ، فلا يُسْمَعُ منه ولو أَتَى ببَيِّنَةٍ. وهذه الطَّريقَةُ هى الصَّحِيحَةُ مِنَ المذهبِ. جزَم بها فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمها فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقد عَلِمْتَ المذهبَ مِن ذلك.

الطَّريقَةُ الثَّانيةُ، ليس هذا بجَوابٍ فى هذه المَسْألَةِ، وإنْ كان جَوابًا فى الأُولَى، فيُطالَبُ برَدِّ الجَوابِ.

ص: 226

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الطَّريقةُ الثَّالثةُ، قبُولُ قوْلِه هنا، وإنْ لم نَقْبَلْه (1) فى التى قبلَها. اخْتارَه القاضى وغيرُه.

(1) فى الأصل: «يقبله» .

ص: 227