المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب اليمين فى الدعاوى - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٣٠

[المرداوي]

الفصل: ‌باب اليمين فى الدعاوى

‌بَابُ الْيَمِينِ فِى الدَّعَاوَى

وَهِىَ مَشْرُوعَةٌ فِى حَقِّ المُنْكِرِ فِى كُلِّ حَقٍّ لِآدَمِىِّ.

ــ

بابُ اليَمِينِ فى الدَّعاوَى

قوله: وهى مَشْرُوعَةً فى حَقِّ المُنْكِرِ -للرَّدْعِ والزَّجْرِ- فِى كُلِّ حَقٍّ

ص: 103

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لآدَمِىٍّ. هذا على إطْلاقِه رِوايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله؛ للخَبَرِ. اخْتارَها المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ فى «الطَّريقِ الأَقْرَبِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ. قال فى «العُمْدَةِ»: وتُشْرَعُ اليمينُ فى كلِّ حقٍّ لآدَمِىٍّ، ولا تُشْرَعُ فى حُقوقِ اللَّهِ تعالَى، مِنَ الحُدودِ، والعِباداتِ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا احْتِمالٌ فى المذهبِ، وظاهرُ المذهبِ، لا تُشْرَعُ فى كلِّ حقِّ

ص: 104

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

آدَمِىٍّ. انتهى. والذى قالَه المُصَنِّفُ تخْريجٌ فى «الهِدايَةِ» ، وكلامُ المُصَنِّفِ لا يَدُلُّ على أنَّه قدَّم ذلك، وإنَّما قَصْدُه، أنَّها تُشْرَعُ فى حقِّ الآدَمِىِّ فى الجملةِ، بدَليلِ قوْلِه: قالَ أَبُو بكْرٍ -بلا وَاوٍ: تُشْرعُ فى كلِّ حَقٍّ لآدَمِىٍّ- إلا فى النِّكاحِ والطَّلاقِ -جزَم به فى «التَّنْبِيهِ» .

ص: 105

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إِلَّا فِى تِسْعَةِ أَشْيَاءَ؛ النِّكَاحِ، والرَّجْعَةِ، وَالطَّلَاقِ، وَالرِّقِّ، وَالْوَلَاءِ، وَالاسْتِيلَادِ، وَالنَّسَبِ، وَالْقَذْفِ، وَالْقِصَاصِ.

ــ

وقال أبو الخَطَّابِ: إلَّا فى تِسْعَةِ أَشْيَاءَ؛ النِّكَاحِ، والرَّجْعَةِ، والطَّلاقِ، والرِّقِّ -يعْنِى أصْلَ الرِّقِّ- والوَلَاءِ، والاسْتِيلادِ، والنَّسَبِ، والقَذْفِ، والقِصَاصِ. وقدَّمه فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ». وصحَّحه فى «إِدْراكِ الغايةِ». وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: يُسْتَحْلَفُ فى كلِّ حقٍّ لآدَمِىٍّ، إلَّا فيما لا يجوزُ بَذْلُه، وهو أحَدَ عَشَرَ. فذكَرَ التِّسْعَةَ، وزادَ العِتْقَ، وبَقاءَ الرَّجْعَةِ. وقدَّم فى «المُحَرَّرِ» قولَ أبى الخَطَّابِ، وزادَ على التِّسْعَةِ الإِيلاءَ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ البَغْدادِىِّ». وصحَّحه فى «تَجْريدِ العِنايةِ». وقال ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»: ولا تُشْرَعُ فى مُتَعَذَّرٍ بذْلُه؛ كطَلاقٍ، وإيلاءٍ وبَقاءِ مُدَّتِه، [ونِكاحٍ، ورَجْعَةٍ وبَقائِها، ونَسَبٍ، واسْتِيلادٍ، وقَذْفٍ، وأصْلِ رِقٍّ، ووَلاءٍ](1)، وقَوَدٍ إلَّا فى قَسامَةٍ، ولا فى تَوْكيلٍ، وإيصَاءٍ إليه، وعِتْقٍ مع

(1) سقط من: الأصل.

ص: 106

وَقَالَ الْقَاضِى: فِى الطَّلَاقِ وَالقِصَاصِ وَالْقَذْفِ رِوَايَتَانِ، وَسَائِرُ السِّتَّةِ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهَا، رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَقَالَ الخِرَقِىُّ: لَا يُحَلَّفُ فِى القِصَاصِ، وَلَا الْمَرْأَةُ إِذَا أَنْكَرَتِ النِّكَاحَ، وَتُحَلَّفُ إِذَا ادَّعَتِ

ــ

اعْتِبارِ شاهِدَيْن فيها، بل فى ما يكْفِيه شاهِدٌ وامْرَأتانِ سِوَى نِكاحٍ ورَجْعَةٍ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقال القاضى فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ»: ما لا يجوزُ بذْلُه؛ وهو ما ثَبَتَ بشاهِدَيْن، لا يُسْتَحْلَفُ فيه. انتهى. وعنه، يُسْتَحْلَفُ فى الطَّلاقِ، والإِيلاءِ، والقَوَدِ، والقَذْفِ، دُونَ السِّتَّةِ الباقِيَةِ.

وقال القاضى: فى الطَّلاقِ والقِصاصِ والقَذْفِ رِوايَتَان، وسائِرُ السِّتَّةِ لا يُسْتَحْلَفُ فِيها، رَوايةً وَاحِدةً. وفسَّر القاضى الاسْتِيلادَ، بأنْ يدَّعِىَ اسْتِيلادَ أمَةٍ، فتُنْكِرَه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: بل هى المُدَّعِيَةُ.

وقال الخِرَقِىُّ: لا يُحَلَّفُ فِى القِصاصِ، ولا المرْأَةُ إذا أنْكَرَتِ النِّكاحَ، وتُحَلَّفُ إذا ادَّعَتِ انْقِضاءَ عِدَّتِها. وقيل: يُسْتَحْلَفُ فى غيرِ حدٍّ، ونِكاحٍ، وطَلاقٍ. وعنه، يُسْتَحْلَفُ فيما يُقْضَى فيه بالنُّكُولِ فقطْ.

ص: 107

انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا. وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُولِى مُضِىَّ الأرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ، حَلَفَ. وَإِذَا أَقَامَ الْعَبْدُ شَاهِدًا بِعِتْقِهِ، حَلَفَ مَعَهُ.

ــ

فوائد؛ الأُولَى، الذى يُقْضَى فيه بالنُّكولِ هو المالُ، أو ما مقْصُودُه المالُ، هذا المذهبُ. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه النَّاظِمُ. وعنه، هو المالُ، أو ما مقْصودُه المالُ، وغيرُ ذلك، إلَّا قَوَدَ النَّفْسِ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغيرِ» ، و «النَّظْمِ» ، وبَعَّدَه. وعنه، إلَّا قَوَدَ النَّفْسِ وطَرَفِها. صحَّحه فى «الرِّعايَةِ». وقيل: فى كَفالَةٍ وَجْهانِ.

الثَّانيةُ، كل جِنايَةٍ لم يثْبُتْ قَوَدُها بالنُّكولِ، فهل يَلْزَمُ النَّاكِلَ دِيَتُها؛ على رِوايتَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ» ؛ إحْداهما، لا يَلْزَمُه دِيَتُها. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال فى «تَجْريدِ العِنايةِ»: يَلْزَمُه دِيَتُها فى رِوايةٍ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَلْزَمُه دِيَتُها. وكلُّ ناكِلٍ (1) لا يُقْضَى عليه بالنُّكولِ، كاللِّعانِ ونحوِه، فهل يُخَلَّى سَبِيلُه، أو يُحْبَسُ حتى يُقِرَّ أو يحْلِفَ؟ على وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ؛ أحدُهما، يُخَلَّى سَبِيلُه. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» ، والنَّاظِمُ. وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» . والوَجْهُ الثَّانى، يُحْبَسُ حتى يُقِرَّ أو يحْلِفَ. قدَّمه فى «تجْرِيدِ العِنايةِ». قلتُ: هذا المذهبُ فى اللِّعانِ. وقد تقدَّم فى بابِه مُحَرَّرًا.

(1) بعده فى الأصل: «قلنا» .

ص: 108

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وتقدَّم نظِيرُ ذلك فى بابِ طريقِ الحُكْمِ وصِفَتِه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: إذا قُلْنا: يُحْبَسُ. فيَنْبَغِى جوازُ ضَرْبِه، كما يُضْرَبُ المُمْتَنِعُ مِن اخْتِيارِ إِحْدَى نِسائِه إذا أسْلَمَ، والمُمْتَنِعُ مِن قَضاءِ الدَّيْنِ، كما يُضْرَبُ المُقِرُّ بالمَجْهولِ حتى يُفَسِّرَ (1).

الثَّالثةُ، قال فى «التَّرْغيبِ» وغيرِه: لا يحْلِفُ شاهدٌ، ولا (2) حاكمٌ، ولا وَصِىٌّ على نَفْىِ دَيْنٍ على المُوصِى، ولا مُنْكِرُ وَكالَةِ وَكيلٍ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: لا يحْلِفُ مُدَّعًى عليه بقوْلِ مُدَّعٍ: ليَحْلِفْ أنَّه ما أحْلَفَنِى أَنِّى ما أُحَلِّفُه. وقال فى «التَّرْغيبِ» : ولا مُدَّعٍ طَلَبَ يَمِينَ خَصْمِه، فقال: ليَحْلِفْ أنَّه ما أحْلَفَنِى. فى الأصحِّ. وإنِ ادَّعَى وصِىٌّ وَصِيَّةً للفُقَراءِ، فأنْكَرَ [الوَرَثَةُ، حُبِسُوا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يُحْكَمُ بذلك.

قوله: وإن أَنْكَرَ المُولِى مُضِىَّ الأرْبَعَةِ الأشْهُرِ] (3)، حَلَفَ. هذا أحدُ الوَجْهَيْن. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، وأبو محمدٍ الجَوْزِىٌّ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، كما تقدَّم أوَّلَ البابِ. وقيل: لا يَحْلِفُ. جزَم به

(1) فى الأصل: «يقر» .

(2)

زيادة من: أ.

(3)

سقط من: الأصل.

ص: 109

وَلَا يُسْتَحْلَفُ فِى حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى؛ كَالحُدُودِ، وَالْعِبَادَاتِ، وَنَحْوِهَا.

ــ

فى «المُنْتَخَبِ» للأدَمِىِّ البَغْدادِىِّ، و «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، وغيرِهم، كما تقدَّم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» وغيرُه (1).

قوله: وإذا أقامَ العَبْدُ شَاهِدًا بعِتْقِه، حَلَفَ معَه. وعَتَقَ. وهذا إحْدَى الرِّوايتَيْن. جزَم به الخِرَقِىُّ، وناظِمُ «المُفْرَداتِ» . وقطَع به ابنُ مُنَجَّى هنا. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والقاضى فى مَوْضِعٍ مِن كلامِه. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُسْتَحْلَفُ ولا يَعْتِقُ إلَّا بشَهادَةِ رجُلَيْن، أو رجُلٍ وامْرَأتَيْن، على رِوايةٍ أُخْرى. على ما تقدَّم فى بابِ أقْسامِ المَشْهودِ به. ومُرادُ المُصَنِّفِ هنا دُخولُ اليمينِ فى العِتْقِ، إذا قُلْنا: تُقْبَلُ فيه شَهادةُ رجُلٍ واحدٍ. ويأْتى قريبًا بعدَ هذا، هل يَثْبُتُ بشاهدٍ ويَمِينٍ؟ وتقدَّم فى أوَّلِ هذا البابِ مِن الخِلافِ فى اليمينِ ما يدْخُلُ العِتْقُ فيه، ومَنْ قال بالعِتْقِ وعدَمِه.

فائدة: قولُه: ولا يُسْتَحْلَفُ فى حُقُوقِ اللَّهِ تَعالَى؛ كالحُدُودِ، والعِبَاداتِ. وكذا الصَّدَقَةُ، والكفَّارَةُ، والنَّذْرُ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقَطَعُوا

(1) فى الأصل: «غيرهم» .

ص: 110

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

به. وقال فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ» : للوَالِى إحْلافُ المَتْهُومِ؛ اسْتِبْراءً وتغْلِيظًا

ص: 111

وَيَجُوزُ الْحُكْمُ فِى الْمَالِ، وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينِ الْمُدَّعِى، وَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُقْبَلَ.

ــ

فى الكَشْفِ فى حقِّ اللَّهِ، وليسَ للقاضى ذلك. ويأْتِى آخِرَ البابِ بأَعَمَّ مِن هذا.

قوله: ويَجُوزُ الحُكْمُ فى المالِ، وما يُقْصَدُ به المالُ بِشَاهِدٍ ويَمِينِ المدَّعِى. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وتقدَّم ذَلك مُسْتَوْفًى بفُروعِه، والخِلافُ فيه، فى بابِ أقْسامِ المَشْهودِ به، عندَ قوْلِه: الرَّابعُ، المالُ وما يُقْصَدُ به المالُ.

قوله: ولا تُقْبَلُ فيه شَهادَةُ امْرَأَتَيْن ويمينٌ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم.

ويَحْتَمِلُ أَنْ تُقْبَلَ. وتقدَّم ذلك أيضًا هناك مُسْتَوْفًى مُحَرَّرًا، فَلْيُعاوَدْ. وتقدَّم هناك أيضًا، هل تُقْبَلُ شَهادَةُ امْرَأةٍ ويَمِينٌ، أمْ لا؟.

ص: 112

وَهَلْ يَثْبُتُ الْعِتْقُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

وَلَا يُقْبَلُ فِى النِّكَاحِ، وَالرَّجْعَةِ، وَسَائِرِ مَا لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهِ شَاهِدٌ

ــ

قوله: وهل يَثْبُتُ العِتْقُ بِشاهِدٍ ويَمِينٍ؟ على رِوايَتَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وغيرِهم؛ إحْداهما، يَثْبُتُ. اخْتارَه الْخِرَقىُّ، وأبو بَكْرٍ، والقاضى فى بعضِ كُتُبِه. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ» ، وهو منها. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يَثْبُتُ بذلك، ولا يَعْتِقُ إلَّا بشاهِدَيْن ذَكَرَيْن. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضى فى بعضِ كُتُبِه أيضًا، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهما» . وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» . وتقدَّم ذلك فى بابِ أقْسامِ المَشْهودِ به مُسْتَوْفًى، وكذلك الكِتابَةُ، والتَّدْبيرُ. وتقدَّم فى أواخِرِ بابِ التَّدْبيرِ، هل يثْبُتُ التَّدبيرُ برَجُلٍ وامْرَأتَيْن، أو برَجُلٍ ويمينٍ؟

قوله: ولا يُقْبَلُ فى النِّكاحِ، والرَّجْعَةِ، وسائرِ ما لا يُسْتَحْلَفُ فيه شاهدٌ ويَمِينٌ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. قال القاضى: لا يُقْبَلُ فيهما إلَّا

ص: 113

وَيَمِينٌ. وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، أَوْ دَعْوَى عَلَيْهِ، حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ، وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ، أَوْ دَعْوَى عَلَيْهِ فِى الإِثْبَاتِ، حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ، وَإِنْ حَلَفَ عَلَى النَّفْى، حَلَفَ عَلَى نَفْى عِلْمِهِ.

ــ

رجُلان، رِوايةً واحدةً. وعنه، يُقْبَلُ فيه رجُلٌ وامْرَأتان، أو رَجُلٌ ويمينٌ. وتقدَّم أيضًا هذا فى ذلك البابِ.

قوله: ومَنْ حلَفَ على فِعْلِ نَفْسِه، أو دَعْوَى عليه، حَلَفَ على البَتِّ. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وسواءٌ النَّفْىُ، والإِثْباتُ. وجَزَم به فى

ص: 114

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الوَجِيزِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه فى البائعِ، يَحْلِفُ لنَفْىِ عَيْبِ السِّلْعَةِ على نَفْى العِلْمِ به. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وحُكِىَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحِمَه اللَّهُ تعالَى، رِوايةٌ، أنَّ اليمينَ فى ذلك كبِّه على نَفْى العِلْمِ؛ لأنَّ الإِمامَ أحمدَ، رحمه الله، اسْتَشْهَدَ له بقوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «لا تضْطَرُّوا النَّاسَ فى أَيْمانِهِم أَنْ

ص: 115

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يحْلِفُوا علَى ما لَا يعْلَمُونَ». قالَه الزَّرْكَشِىُّ. قال: وأبو البَرَكاتِ خصَّ هذه الرِّوايةَ بما إذا كانتِ الدَّعْوى على النَّفْى. قال: وهو أقْرَبُ. واخْتارَها أيضًا أبو بَكْرٍ.

ص: 116

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: ومَنْ حَلَفَ على فِعْلِ غيرِه، أو دَعْوَى عليه -أىْ، دعْوَى على الغيرِ- فى الإِثْباتِ، حَلَفَ على البَتِّ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال ابنُ رَزِينٍ فى «نِهايَتِه»: يمينُه بَتٌّ على فِعْلِه، ونَفْىٌ على فِعْلِ غيرِه.

فائدة: مِثالُ فِعْلِ الغيرِ فى الإِثْباتِ، أَنْ يدَّعِىَ أنَّ ذلك الغيرَ أقْرَضَ، أو اسْتَأْجَرَ، ونحوَه، ويُقِيمَ بذلك شاهِدًا، فإنَّه يحْلِفُ مع الشَّاهِدِ على البَتِّ؛ لكَوْنِه إثْباتًا. قالَه شيْخُنا فى «حَواشِيه» على «الفُروعِ» . ومِثالُ الدَّعْوى على الغيرِ فى الإِثْباتِ، إذا ادَّعَى على شَخْصٍ أنَّه ادَّعَى على أبِيه ألْفًا.

ص: 117

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: وإِنْ حَلَفَ على النَّفْى، حَلَفَ على نَفْى عِلْمِه. يعْنِى، إذا حَلَفَ على نَفْى (1) فِعْلِ غيرِه، أو نَفْى دَعْوَى على ذلك الغيرِ. أمَّا الأُولَى، فلا خِلافَ أنَّه يحْلِفُ على نَفْى العِلْمِ. وأمَّا الثَّانيةُ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم، أنَّه يحْلِفُ فيها أيضًا على نَفْى العِلْمِ. وقال فى «مُنْتَخَبِ الشِّيرازِىِّ»: يحْلِفُ على البَتِّ فى نَفْى الدَّعْوى على غيرِه. وقال فى «العُمْدَةِ» : والأَيمانُ كلُّها على البَتِّ، إلَّا اليمينَ على نَفْى فِعْلِ غيرِه، فإنَّها على نَفْى العِلْمِ. انتهى.

فائدتان؛ إحْداهما، مِثالُ نَفْى الدَّعْوى على الغيرِ، إذا ادَّعَى عليه أنَّه ادَّعَى على أبِيه ألْفًا، فأَقَرَّ له بشئٍ، فأنْكَرَ الدَّعْوى، ونحو ذلك؛ فإن يمِينَه على النَفْى، على

(1) سقط من: الأصل، ط.

ص: 118

وَمَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ لِجَمَاعَةٍ، فَقَالَ: أَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً لَهُمْ. فَرَضُوا، جَازَ، وَإِنْ أَبَوْا، حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا.

ــ

المذهبِ. قالَه الزَّرْكَشِىُّ. ومِثالُ نَفْى فِعْلِ الغيرِ، أَنْ يَنْفِىَ ما ادَّعَى عليه، مِن أنَّه غصَبَ، أو (1) جَنَى، ونحوه. قالَه شيْخُنا فى «حَواشِيه» .

الثَّانيةُ، عَبْدُ الإِنْسانِ كالأَجْنَبِىِّ، فأمَّا البَهِيمَةُ فيما يُنْسَبُ إلى تَفْريطٍ وتَقْصيرٍ، فيَحْلِفُ على البَتِّ، وإلَّا فعلَى نَفْى العِلْمِ.

قوله: ومَنْ تَوجَّهَتْ عليه يَمينٌ لجَماعَةٍ، فقالَ: أَحْلِفُ يَمِينًا واحِدَةً لهم. فَرَضُوا، جازَ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «العُمْدَةِ» ، و «الوَجِيزِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغرى» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَلْزَمُه أَنْ يحْلِفَ لكُلِّ واحدٍ يمينًا ولو رَضُوا بواحِدَةٍ.

تنبيه: تقدَّم أنَّ اليمِينَ تقْطَعُ الخُصومَةَ فى الحالِ، ولا تُسْقِطُ الحقَّ، فلِلْمُدَّعِى

(1) فى الأصل: «و» .

ص: 119