الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقصد العاشر:
في إتمامه تعالى نعمته عليه بوفاته ونقلته إليه، وزيارة قبره الشريف، ومسجده المنيف، وتفصيله في الآخرة بفضائل الأوليات الجامعة لمزايا التكريم، والدرجات العمليات، وتشريفه بخصائص الزلفى في مشاهد الأنبياء والمرسلين، وتحميده بالشفاعة والمقام المحمود، وانفراده السؤدد في مجمع مجامع الأولين والآخرين، وترقيه في جنة عدن أرقى معارج السعادة، وتعاليه في يوم المزيد أعلى معالي
"المقصد العاشر: في إتمامه تعالى نعمته عليه" قال الإمام الرازي: النعمة المنفعة على جهة الإحسان إلى الغير، فخرج بالمنفعة المضرة المحضة والمنفعة المفعولة لا على جهة الإحسان إلى الغير، كأن قصد الفاعل نفسه كمن أحسن إلى جاريته ليربح فيها، أو أراد استدراجه بمحبوب إلى ألم أو أطعم غيره نحو سكر أو خبيص مسموم ليهلك فليس بنعمة. وقال الراغب: النعمة ما قصد به الإحسان والنفع، "بوفاته" موته وأصله من توفيت الشيء إذا أخذته كله، قاله أبو البقاء.
"ونقلته إليه" وهو الفصل الأول "و" الثاني في "زيارة قبره" هو مقر الميت، وهو في الأصل مصدر قبرته إذا دفنته، وهو هنا بمعنى المقبور فيه، كما في التوقيف. "الشريف" شرفًا ما ناله غيره بحيث صار أفضل البقاع إجماعًا، "ومسجده المنيف" المرتفع في الشرف على غيره، حتى المسجد الحرام أو إلا المسجد الحرام على القولين، "و" الفصل الثالث في "تفضيله" في الآخرة بفضائل الأوليات" أي: بالأمور التي يتقدم وصفه بها على جمع الخلق، ككونه أول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع، وأول من يقرع باب الجنة "الجامعة لمزايا" فضائل "التكريم والدرجات" جمع درجة، أي: المراتب، "العليات وتشريفه بخصائص الزلفى" فعلى من أزلف، أي: القربى، "في مشاهد الأنبياء والمرسلين وتحميده بالشافعة" العظمى العامة، "والمقام المحمود" وهو مقام يقوم فيه للشفاعة العظمى فيحمده فيه الأولون والآخرون، ولا شك أنه مغاير للشفاعة وإن احتوى عليها على كلام فيه مبين.
"وانفراده بالسؤدد" بالضم المجد والشرف "في مجمع" بكسر الميم وفتحها، وجمعه "مجامع" يطلق على الجمع وعلى موضع الاجتماع، كما في المصباح. "الأولين والآخرين وترقيه في جنة عدن" إقامة "أرقى معارج" جمع معرج ومعراج، كما مر. "السعادة" وهي كما في التوقيف معاونة الأمور الإلهية للإنسان على نيل الخير ويضادها الشقاوة، "وتعاليه في يوم المزيد" وهو يوم الجمعة في الجنة، كما في مسند الشافعي عن المصطفى عن جبريل "أعلى معالي
الحسنى وزيادة. وفيه ثلاثة فصول.
والله تعالى جل جده وعز مجده أسأل بوجاهة وجهه الوجيه ونبيه النبيه أن يمدني في هذا الكتاب بمدد الإقبال والقبول، وينيلني ومن كتبه أو قرأه أو سمعه والمسلمين من لطائف العواطف المحمدية لطائف السول، ونهاية المأمول، وعلى الله قصد السبيل وهو حسبنا ونعم الوكيل.
"الحسنى وزيادة".
قال الراغب: الزيادة أن ينضم إلى ما عليه الشيء في نفسه شيء آخر، وقد تكون زيادة مذمومة كالزيادة على الكفاية، كزائد الأصابع، أو قوائم الدابة، وقد تكون محمودة نحو للذين أحسنوا الحسنى وزيادة وهي النظر إلى وجه الله.
"وفيه ثلاثة فصول" قد علمتها "والله تعالى جل جده" بفتح الجيم وشد الدال تكون بمعنى الحظ والغنى ومنه: ولا ينفع ذا الجد منك الجد، يقال: جد بمعنى عظم، وإسناد التعالي للمبالغة، كجد جده فهو إسناد مجازي أو استعارة مكنية. "وعز" غلب "مجده" المجد: العز والشرف، ففي إسناد العز له المبالغة والله بالنصب قدم على عامله للتخصيص عند البيانيين، والحصر عند النحاة، أي: والله لا غيره.
"أسأل بوجاهة" هو الحظ والرتبة "وجهه الوجيه" قال بعض العلماء: وجه الله مجاز عن ذاته عز وجل. تقول العرب: أكرم الله وجهك بمعنى. وفي التوقيف: الوجيه من فيه خصال حميدة من شأنه أن يعرف ولا ينكر، "ونبيه النبيه" الشريف في المصباح، نبه بالضم نباهة شرف، فهو نبيه، "أن يمدني" يعينني "في هذا الكتاب بمدد" بزيادة "الإقبال والقبول" بفتح القاف وضمها لغة حكاها ابن الأعرابي، وهو كما في التوقيف ترتب الغرض المطلوب من الشيء على الشيء.
"وينيلني" يبلغني، "ومن كتبه أو قرأه أو سمعه والمسلمين" وإن لم يقع منهم ذلك "من لطائف العواطف المحمدية لطائف السول ونهاية المأمول" قال أبو البقاء: النهاية ما به يصير الشيء ذا كمية، أي: حيث لا يوجد وراءه شيء منه. وقيل: نهاية الشيء آخره أصلا من النهي وهو المنع، والشيء إن بلغ آخره امتنع من الزيادة، فإن قيل: قد قال صلى الله عليه وسلم: "لا يسل بوجه الله إلا الجنة". رواه أبو داود، وقال:"ملعون من سأل بوجه الله"، رواه الطبراني.
قلت: لما كان ما سأله يرجع إلى سؤال الجنة ساغ له ذلك، وقد استظهر أن النهي للتنزيه "وعلى الله قصد السبيل" بيان مستقيم الطريق الموصل إلى الحق، أو إقامة السبيل وتعديلها رحمة وفضلا، "وهو حسبنا" محسبنا وكافينا من أحسبه إذا كفاه، ويدل على أنه بمعنى المحسب