الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في تاريخ مكة: وكان فتح مكة لعشر ليال بقين من شهر رمضان.
وصنف وولي قضاء المالكية بمكة، وأذن له الحافظ العراقي بإقراء الحديث، مات في شوال سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة، قال الحافظ ابن حجر: لم يخلف في الحجاز مثله "في تاريخ مكة" المسمى شفاء الغرام، "كان فتح مكة لعشر ليال بقين من شهر رمضان" سنة ثمان، فبعض مدة القصر فيه وبعضها في شوال، وقد أبعد المصنف النجعة، فهذا لفظ ابن إسحاق في السيرة، وروى الإمام أحمد والترمذي، وقال: حسن صحيح عن الحارث بن مالك: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم فتح مكة: "لا تغزى هذه بعد اليوم إلى يوم القيامة".
قال العلماء: يعني بقوله: "لا تغزى على الكفر" قالوا: ونادى مناديه صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يدع في بيته صنما إلا كسره، والكلام في هذه الغزوة الشريفة يطول، ومرام المصنف، رحمة الله عليه، الاختصار فلنتبعه والله تعالى أعلم.
"
هدم العزى
":
ثم سرية خالد بن الوليد عقب فتح مكة إلى العزى بنخلة، وكانت لقريش وجميع بني.
هدم العزى:
"ثم سرية" خالد بن الوليد" سيف الله الذي صبه الله على الكفار، "عقب فتح مكة" بخمس ليال لا متصلا به، لكن لما قصرت المدة لا سيما مع شغلهم بتعلقات الفتح، أطلق أنه عقبه "إلى العزى" بضم المهملة وفتح الزاي، قال البغوي: اشتقوها من اسم الله تعالى العزيز، وقيل: العزى تأنيث الأعز.
قال مجاهد: هي شجرة.
وقال الضحاك: صنم وضعه سعد بن ظالم الغطفاني لما قدم مكة، ورأى أهلها يطوفون بين الصفا والمروة، فأخذ من كل حجر أو نقلهما إلى نخلة، وسماهم الصفا والمروة، ثم أخذ ثلاثة أحجار فأسندها إلى شجرة فقال: هذا ربكم.
فجعلوا يطوفون بين الحجرين، ويعبدون الحجارة "بنخلةَ" غير مصروف للعلمية والتأنيث.
قال المصنف: وهو موضع على ليلة من مكة، "وكانت" العزى "لقريش وجميع بني
كنانة، وكانت أعظم أصنامهم. لخمس ليال بقين من رمضان، سنة ثمان، ومعه ثلاثون فارسا لهدمها، فلما انتهوا إليها هدمها ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فأخبره. فقال:"هل رأيت شيئا"؟ قال: لا. قال: "فإنك لم تهدمها، فارجع إليها فاهدمها". فرجع فجرد سيفه فخرجت إليه امرأة عجوز عريانة سوداء ثائرة الرأس، فجعل السادن.
كنانة"، قال ابن إسحاق وابن سعد: وكان سدنتها وحجابها بني شيبان من بني سليم حلفاء بني هاشم، قال ابن هشام: حلفاء أبي طالب خاصة، "وكانت أعظم أصنامهم" أجلها بزعمهم الفاسد، لا أنها أعظم جسما من غيرها، وذلك أن عمرو بن لحي أخبرهم أن الرب يشتي عند اللات، ويصيف عند العزى، فعظموها وبنوا لها بيتا، وكانوا يهدون إليها كما يهدون للكعبة، ويعظمونها كتعظيمها، ويطوفون وينحرون عندها، وهم يعرفون فضل الكعبة عليها؛ لأنها بيت إبراهيم ومسجده، "لخمس ليال بقين من رمضان سنة ثمان" كما قاله ابن سعد وغيره، وذكر ابن إسحاق: أنها كانت بعد سرية خالد إلى بني جذيمة، ونظر فيه مغلطاي بأنه صلى الله عليه وسلم كان قد وجد على خالد في أمر بني جذيمة، ولا يتجه إرساله في بعث، وأجاب الشامي بأنه إن صح فوجهه أنه صلى الله عليه وسلم رضي عليه وعذره في اجتهاده. "ومعه ثلاثون فارسا لهدمها".
قال ابن إسحاق: فلما سمع سادنها السلمي بسير خالد إليها، علق سيفه وأسند في الجبل الذي هو فيه، وهو يقول:
يا عز شدي شدة لا سوى لها
…
على خالد ألقي القناع وشمري
يا عز إن لم تقتلي المرء خالدا
…
فبوئي بإثم عاجل أو تنصري
"فلما انتهوا إليها هدمها"، أي: دم البيت التي هي فيه، وكان على ثلاث سمرات كما رواه البيهقي عن أبي الطفيل، بفتح المهملة وضم الميم فقطعها وهدم البيت وكسر الصنم، "ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فأخبره"، فقال:"هل رأيت شيئا" خرج منها حين هدمتها؟ "قال: لا". قال: "فإنك لم تهدمها" الهدم الأبدي المزيل لها حقيقة، فإن الذي فعلته هو إزالة الصورة الظاهرة، وبقي أمر خفي لا تزول إلا بزواله، "فارجع إليها فاهدمها". "فرجع" خالد.
قال ابن سعد وهو متغيظ، "فجرد سيفه فخرجت إليه امرأة عجوز عريانة سوداء ثائرة الرأس" بمثلثة، أي منتشرة الشعر.
زاد في حديث أبي الطفيل تحثو التراب على رأسها ووجهها "فجعل السادن" بفتح السين