الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في شهر ربيع الأول سنة ست من الهجرة، في أربعين رجلا، فخرج سريعا، فنذر به القوم -بكسر الذال المعجمة كفرح- فهربوا فنزلوا علياء بلادهم. فاستاقوا مائتي بعير، وقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلقوا كيدا.
ليلتين من فيد" بفتح الفاء، وسكون التحتية ودال مهملة.
قال في القاموس: قلعة بطريق مكة سميت بفيد بن فلان، "في شهر ربيع الأول، سنة ست من الهجرة" بعد الغابة، قاله ابن سعد، ولم يبين مقدار ما بينهما، ولا اليوم الذي كانت فيه "في أربعين رجلا".
قال الواقدي: منهم ثابت وسباع بن وهب، حكاه الحاكم.
قال اليعمري: كذا وجدته، ولعله شجاع بن وهب.
وعند ابن عائذ: ولقيط بن أعصم.
"فخرج سريعا" عقب أمره صلى الله عليه وسلم دون تراخ.
زاد الواقدي: يغذ السير، كما في العيون.
قال البرهان: بضم أوله، وكسر الغين وبالذال المعجمة، أي: يسرع في السير حتى وصل إلى بلاده، "فنذر به القوم"، فهو عطف على مقدر "بكسر الذال المعجمة"، وفائدة قوله بعده "كفرح" أي: مضارعة بفتحها، "فهربوا" من مائهم، "فنزلوا عليا" بضم المهملة وسكون اللام، مقصورا على"بلادهم" فوجدوا ديارهم خلوفا بضم المعجمة واللام وتقدير مضاف، أي أصحاب ديارهم غيبا، فبعث شجاع بن وهب طليعة، فرأى أثر النعم قريبا، فتحملوا، فأصابوا رجلا منهم، فأمنوه، فدلهم على نعم لبني عم لهم، فأغاروا عليهم، "فاستاقوا مائتي بعير،" فأرسلوا الرجل، "وقدموا" بالإبل "على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يلقوا كيدا" أي حربا، ولم يصب منهم أحد، وقول ابن عائذ: أصيب فيها ثابت ليس بشيء؛ لأنه استشهد أيام الردة، قاله الشامي.
"
سرية ابن مسلمة إلى ذي القصة
":
ثم سرية محمد بن مسلمة إلى ذي القصة -بالقاف والصاد المهملة المشددة المفتوحتين-
سرية ابن مسلمة إلى ذي القصة:
"ثم سرية محمد بن مسلمة" الأنصاري، الصحابي، الشهير "إلى ذي القصة بالقاف، والصاد المهملة المشددة، المفتوحتين".
وحكى اليعمري إعجام الضاد، وسلمة الشامي، غير ملتفت لقول البرهان، لم أر أنا
موضع بينه وبين المدينة أربعة وعشرون ميلا، في شهر ربيع الأول سنة ست من الهجرة، ومعه عشرة إلى بني ثعلبة.
فورد عليهم ليلا فأحدق به القوم، وهم مائة
الإعجام؛ لأن من حفظ حجة، "موضع بينه وبين المدينة أربعة وعشرون ميلا" من طريق الزبدة، قاله ابن سعد وغيره، واقتصر عليه صاحبا العيون والسبل.
زاد الشريف: وقال المجد، موضع على بريد من المدينة تلقاء نجد.
وقال الأسدي: على خمسة أميال من المدينة، "في شهر ربيع الأول سنة ست من الهجرة"، الذي قاله ابن سعد، وقطع به اليعمري ربيع الآخر، وفي الشامية أول ربيع الآخر، فإن لم يكن تصحف في المصنف، أمكن الجمع، بأن الخروج في آخر الأول، والوصول إليهم في أول ربيع الآخر، "ومعه عشرة" أبو نائلة، والحارث بن أوس، وأبو عبس بن جبر، ونعمان بن عصر، ومحيصة، وحويصة ابنا مسعود، وأبو بردة بن نيار، ورجلان من مزينة، ورجل غطفاني، كذا سماهم الواقدي عن شيوخه، وفيه نظر.
فإن في القصة أنهم قتلوا كلهم، إلا الأمير وأبو عبس بن جبر البدري، مات سنة أربع وثلاثين عن سبعين سنة.
وخرج له البخاري والترمذي، والنسائي وابن عصر ذكر ابن ماكولا أنه استشهد في الردة في خلافة الصديق، وحويصة شهد أحدًا، والخندق وسائر المشاهد، وأخوه محيصة صحابي.
روى له أصحاب السنن، وأبو بردة بن نيار، مات سنة إحدى وأربعين، وقيل بعدها، "إلى بني ثعلبة" وبني عوال، قاله ابن سعد.
وفي الشامية إلى بني معوية بفتح الميم، والعين المهملة، وكسر الواو، وسكون التحتية وتاء تأنيث، وبني عوال بعين مهملة، مضمومة فواو مخففة، حي من العرب من بني عبد الله بن غطفان، وقوله: والعين، أي: وبالعين، وليس مراده أنها مفتوحة.
ففي القاموس معوية بفتح فسكون، ابن امرئ القيس بن ثعلبة، فمقتضاه أن بني عوال ليسوا من ثعلبة، وثعلبة بطن من بني ريث بفتح الراء، وإسكان التحتية ومثلثة بن غطفان، وصريحة أن بني معاوية من ثعلبة، فاقتصر عليها المصنف للشهرة، أو العظمة بالنسبة لبني عوال.
"فورد عليهم ليلا" بمن معه، فكمن لهم القوم حتى ناموا، "فأحدق به القوم، وهم مائة"، فما شعر المسلمون إلا بالنبل قد خالطهم، فوثب محمد بن مسلمة، ومع قوس، فصاح في
رجل فتراموا بالنبل ساعة من الليل ثم حملت الأعراب عليهم بالرماح، فقتلوهم إلا محمد بن سلمة فوقع جريحا، وجردوهم من ثيابهم، فمر رجل من المسلمين بمحمد بن مسلمة فحمله حتى ورد به المدينة.
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في ربيع الآخر في أربعين رجلا إلى مصارعهم، فأغاروا عليهم، فأعجزوهم هربا في الجبال، وأصاب رجلا واحدا فأسلم وتركه، وأخذ نعما من نعمهم فاستاقه، ورثة من متاعهم وقدم به المدينة، فخمسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقسم ما بقي عليهم.
قال في القاموس: الرث: السقط من متا البيت، كالرثة بالكسر.
أصحابه: السلاح، فوثبوا "فتراموا بالنبل ساعة من الليل، ثم حملت الأعراب عليهم بالرماح"، فقتلوا ثلاثة ثم انحاز أصحاب محمد إليه، فقتلوا من القوم رجلا، ثم حمل القوم، "فقتلوهم إلا محمد بن سلمة، فوقع جريحا" يضرب كعبه، فلا يتحرك "وجردوهم من ثيابهم" وانطلقوا، "فمر رجل من المسلمين بمحمد بن مسلمة"، فرآهم صرعى، فاسترجع، فتحرك له محمد، "فحمله حتى ورد به المدينة جريحا، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة" عامر بن عبد الله "بن الجراح" أمين الأمة، أحد العشرة "في ربيع الآخر، في أربعين رجلا إلى مصارعهم، فأغاروا عليهم" فلم يجدوا أحدا، ووجدوا نعما وشاء فساقه، ورجع.
هكذا ذكر ابن سعد والواقدي، ومقتضاه أو صريحه، أن سبب بعث أبي عبيدة طلب ثأر المقتولين، وبذلك أفصح اليعمري، فإنه ترجم لهذه السرية، وذكر فيها كلا ابن سعد والواقدي، عقبها بقوله، ثم سرية أبي عبيدة إلى ذي القصة في شهر ربيع الآخر، وذكر أن سببها، أن بني ثعلبة وأنمارا أجمعوا أن يغيروا على سرح المدينة، وهي ترعى بهيفاء بهاء مفتوحة، وتحتية ساكنة وفاء موضع على سبعة أميال من المدينة، فبعث أبا عبيدة في أربعين حين صلوا المغرب، فمشوا ليلتهم حتى وافوا ذا القصة مع الصبح، فأغاروا عليهم، "فأعجزوهم هربا" بفتح الهاء والراء "في الجبال، وأصاب رجلا واحدا فأسلم، وتركه وأخذ نعما من نعمهم، فاستاقه.
أفاد أن النعم مذكر، وبه صرح المختار، فقال: يذكر ولا يؤنث، وجمعه أنعام يذكر ويؤنث، قال تعالى:{مِمَّا فِي بُطُونِهَا} [المؤمنون: 21]"ورثة في متاعهم، وقدم به المدينة، فخمسه رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي: أخذ خمسه، "وقسم ما بقي" وهو الأربعة أخماس "عليهم،" قمقتضى هذا السياق من العيون، أنه بعث أبا عبيدة مرتين إلى ذي القصة، وذكر نحوه الشامي من رواية الواقدي، عن شيوخه، فقد لفق المصنف بين القصتين، الله إلا أن يكون البعث مرة، ولكن له سببان آخذ ثأر المقتولين، ودفع من أراد الإغارة على السرح، والله أعلم.
"قال في القاموس: الرث" بفتح الراء ومثلثة "السقط" الذي لا قيمة له "من متاع البيت كالرثة بالكسر" للراء، الواقع في الخبر هنا.