الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي وَإِبَاحَةِ دَفْعِهِ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ أَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ يَسْأَلُهُ مَاذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي؟ قَالَ أَبُو جُهَيْمٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» ، قَالَ أَبُو النَّضْرِ: لَا أَدْرِي، قَالَ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً.
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«لأَنْ يَقِفَ أَحَدُكُمْ مِائَةَ عَامٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ أَخِيهِ وَهُوَ يُصَلِّي»
544 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، نَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَدْفَعْ فِي نَحْرِهِ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ آدَمَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخَ، كِلاهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَقَالَ:«فَلْيَدْفَعْهُ فِي نَحْرِهِ، فَإِنْ أَبَى، فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ»
قَوْلُهُ: «فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ: أَنَّ الشَّيْطَانَ يَحْمِلُهُ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَهُ شَيْطَانًا، لأَنَّ الشَّيْطَانَ هُوَ الْمَارِدُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ.
قُلْتُ: اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى كَرَاهِيَةِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي، فَمَنْ فَعَلَ فَلِلْمُصَلِّي دَفْعُهُ، وَلا يَزِيدُ فِي أَوَّلِ الأَمْرِ عَلَى الدَّفْعِ، فَإِنْ أَبَى وَلَجَّ، فَحِينَئِذٍ يُعَنِّفُ فِي دَفْعِهِ عَنِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالْمُرَادُ مِنَ الْمُقَاتَلَةِ الدَّفْعُ بِالْعُنْفِ لَا الْقَتْلُ، فَإِنَّهُ يُرْوَى فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ:«وَلْيَدْرَأْهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ» ، وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمُصَلِّي يُصَلِّي إِلَى سُتْرَةٍ، فَأَرَادَ الْمَارُّ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ، فَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ الْمَارِّ، لأَنَّ التَّفْرِيطَ مِنَ الْمُصَلِّي بِتَرْكِ السُّتْرَةِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ الْيَسِيرَ لَا يُبْطِلُ الصَّلاةَ.