الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَتَى يُقِيمُ الْمُؤَذِّنُ وَمَتَى يَقُومُ الْقَوْمُ
440 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الضَّبِّيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ، نَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي خَرَجْتُ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ شَيْبَانَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ شَيْبَانَ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ
قُلْتُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الإِقَامَةِ عَلَى خُرُوجِ الإِمَامِ، ثُمَّ يُنْتَظَرُ خُرُوجُهُ.
قُلْتُ: وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: «كَانَ بِلالٌ يُؤَذِّنُ إِذَا دَحَضَتْ، وَلا يُقِيمُ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» .
وَعَنْ هَذَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ الْمُؤَذِّنَ أَمْلَكُ بِالأَذَانِ، وَالإِمَامَ أَمْلَكُ بِالإِقَامَةِ.
وَقَدْ كَرِهَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَنْتَظِرَ النَّاسُ الإِمَامَ وَهُمْ قِيَامٌ.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَنْتَظِرُوا الإِمَامَ قِيَامًا، وَلَكِنْ قُعُودًا، وَيَقُولُونَ: ذَلِكَ السُّمُودُ، وَالسُّمُودُ: هُوَ الْغَفْلَةُ، وَالذِّهَابُ عَنِ الشَّيْءِ، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النَّجْم: 61] أَيْ: لاهُونَ سَاهُونَ.
وَقَالَ قَوْمٌ: إِذَا كَانَ الإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ، وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ يَقُومُونَ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُبَارَكِ.
وَسُئِلَ مَالِكٌ: مَتَّى يَقُومُ النَّاسُ حِينَ تُقَامُ الصَّلاةُ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِحَدٍّ يُقَامُ لَهُ، وَلَكِنْ أَرَى ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ طَاقَةِ النَّاسِ، فَإِنَّ مِنْهُمُ الْخَفِيفَ وَالثَّقِيلَ.
وَقِيلَ: يَقُومُونَ عِنْدَ قَوْلِهِ: «حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ» ، فَإِذَا قَامَتِ الصَّلاةُ " كَبَّرَ الإِمَامُ.
رُوِيَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ:«قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ» كَبَّرَ، فَسُئِلَ عَنْ صَلاتِهِ، فَقَالَ: كَذَا كَانَتْ صَلاةُ عُمَرَ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ تُقَامُ فَيَأْخُذُ النَّاسُ مَصَافَّهُمْ،
قَبْلَ أَنْ يَقُومَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَقَامَهُ».
قُلْتُ: مَعْنَى هَذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّ الإِمَامَ إِذَا خَرَجَ يُقِيمُ الْمُؤَذِّنُ، وَالنَّاسُ يَأْخُذُونَ مَصَافَّهُمْ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الإِمَامُ إِلَى مُصَلاهُ، فَأَمَّا إِذَا خَرَجَ الإِمَامُ بِعُذْرٍ بَعْدَ الإِقَامَةِ، فَانْتَظَرُوهُ قِيَامًا إِلَى أَنْ يَعُودَ فَحَسَنٌ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَقُمْنَا فَعَدَّلْنَا الصُّفُوفَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلاهُ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ، فَانْصَرَفَ، وَقَالَ لَنَا: مَكَانَكُمْ، فَلَمْ نَزَلْ قِيَامًا نَنْتَظِرُهُ حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا، وَقَدِ اغْتَسَلَ يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً، فَكَبَّرَ وَصَلَّى.
قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الإِقَامَةِ عَلَى خُرُوجِ الإِمَامِ، وَأَنَّ الْخُرُوجَ عَنِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الإِقَامَةِ بِعِلَّةِ طَهَارَةٍ أَوْ عُذْرٍ جَائِزٍ، فَأَمَّا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَيُكْرَهُ الْخُرُوجُ عَنِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الأَذَانِ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ مَا أُذِّنَ فِيهِ بِالْعَصْرِ،
فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ.
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ تَسْلِيمِ الْمُؤَذِّنِ عَلَى الإِمَامِ وَدُعَائِهِ إِيَّاهُ إِلَى الصَّلاةِ؟ قَالَ: لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ التَّسْلِيمَ كَانَ فِي الزَّمَانِ الأَوَّلِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَكْرَهُ الأَذَانَ بِالصَّلاةِ لِلْوُلاةِ