الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ وَأَنَّهُ مَثْنَى وَالإِقَامَةُ فُرَادَى
403 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، نَا عَبْدُ الْوَارِثِ، نَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:«ذُكِرَ النَّارُ وَالنَّاقُوسُ، فَذُكِرَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَأُمِرَ بِلالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ
404 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّاسٍ الْحُمَيْدِيُّ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نَا أَبُو الْفَضْلِ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ الْعَدْلُ، نَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، نَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُمْ ذَكَرُوا الصَّلاةَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا:«نَوِّرُوا نَارًا، وَاضْرِبُوا نَاقُوسًا، فَأَمَرَ بِلالا أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَيُوتِرَ الإِقَامَةَ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلامٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ الْحَنْظَلِيِّ، كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ
405 -
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، أَنا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ، أَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلالٍ، نَا أَبُو الأَزْهَرِ أَحْمَدُ بْنُ الأَزْهَرِ بْنِ مَنِيعٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أُمِرَ بِلالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَيُوتِرَ الإِقَامَةَ، إِلا قَوْلَهُ «قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ» .
وَهَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ أَيُّوبَ، وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ
قَوْلُهُ «أُمِرَ بِلالٌ» أَيْ: أَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، لأَنَّ الأَذَانَ شَرِيعَةٌ، وَالأَمْرُ الْمُضَافُ إِلَى الشَّرِيعَةِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُضَافُ إِلَى غَيْرِهِ.
وَقَوْلُهُ: «وَيُوتِرُ الإِقَامَةَ» يَعْنِي أَلْفَاظَ الإِقَامَةِ الَّتِي هِيَ شَفْعٌ فِي الأَذَانِ لَا لَفْظَ الإِقَامَةِ نَفْسِهَا.
قُلْتُ: أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، عَلَى إِفْرَادِ الإِقَامَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَمَكْحُولٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، الأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَرَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ سَعْدٌ الْقَرَظُ، وَكَانَ قَدْ أَذَّنَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ بِقُبَاءَ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَهُ بِلالٌ عَلَى الأَذَانِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ انْتَقَلَ إِلَى الشَّامِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَكَانَ يُفْرِدُ الإِقَامَةَ، وَجَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِي الْحَرَمَيْنِ، وَالْحِجَازِ، وَبِلادِ الشَّامِ، وَالْيَمَنِ، وَدِيارِ مِصْرَ، وَنَوَاحِي الْمَغْرِبِ.
وَمَنْ قَالَ بِإِفْرَادِ الإِقَامَةِ يُثَنِّي قَوْلَهُ: «قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ» لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
406 -
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَا الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُئِيُّ، نَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، نَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يُحَدِّثُ، عَنْ مُسْلِمِ أَبِي الْمُثَنَّى، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إِنَّمَا كَانَ الأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَالإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً، غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ:«قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ» ، فَإِذَا سَمِعْنَا الإِقَامَةَ
تَوَضَّأْنَا، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الصَّلاةِ.
قَالَ شُعْبَةُ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ هَذَا مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ الْعُرْيَانِ، وَأَبُو الْمُثَنَّى مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ الأَكْبَرِ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ النَّاسِ فِي عَامَّةِ الْبُلْدَانِ، وَعِنْدَ مَالِكٍ تُفْرَدُ هَذِهِ الْكَلِمَةُ، وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ سَعْدٍ الْقَرَظِ فِيهَا
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الإِقَامَةَ مَثْنَى مَثْنَى، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سُفْيَانُ الثَّوْريُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
قُلْتُ: وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ رُؤْيَا عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الأَنْصَارِيِّ فِي الإِقَامَةِ، فَيُرْوَى فِيهَا التَّثْنِيَةُ، وَأَصَحُّ الرِّوَايَاتِ رِوَايَةُ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ أَبِيهِ، وَفِيهَا إِفْرَادُ الإِقَامَةِ، ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ فِي السُّنَنِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ الأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَالإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ إِفْرَادُ الإِقَامَةِ، غَيْرَ أَنَّ التَّثْنِيَةَ عَنْهُ أَشْهَرُ مَعَ التَّرْجِيعِ فِي الأَذَانِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهُ يُرَجِّعُ فِي الأَذَانِ، وَيُثَنِّي الإِقَامَةَ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مِنْ أَبِي مَحْذُورَةَ وَمِنْ وَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ، إِنَّمَا اسْتَمَرَّ عَلَى إِفْرَادِ الإِقَامَةِ، إِمَّا لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ بِذَلِكَ بَعْدَ الأَمْرِ الأَوَّلِ بِالتَّثْنِيَةِ، وَإِمَّا لأَنَّهُ قَدْ بَلَغَهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِلالا بِإِفْرَادِ الإِقَامَةِ فَاتَّبَعَهُ، وَكَانَ أَمْرُ الأَذَانِ يُنْقَلُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ.
وَقِيلَ لأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَكَانَ يَأْخُذُ فِي هَذَا بِأَذَانِ بِلالٍ: أَلَيْسَ أَذَانُ أَبِي مَحْذُورَةَ بَعْدَ أَذَانِ بِلالٍ؟ فَقَالَ: أَلَيْسَ لَمَّا عَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَقَرَّ بِلالا عَلَى أَذَانِهِ؟!