الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الدِّبَاغِ
303 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ وَعْلَةَ الْمِصْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِذَا دُبِغَ الإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» .
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَقَالَ:«أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ سُلَيْمَانَ
بْنِ بِلالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ السَّبَئِيِّ
304 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، أَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مَرَّ بِشَاةٍ لِمَوْلاةِ مَيْمُونَةَ مَيِّتَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَا عَلَى أَهْلِ هَذِهِ لَوْ أَخَذُوا إِهَابَهَا فَدَبَغُوهُ فَانْتَفَعُوا بِهِ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا مَيِّتَةٌ؟ قَالَ: إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَرُوِيَ عَنْ مَيْمُونَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ
قَالَ الإِمَامُ رضي الله عنه: اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ رضي الله عنهم أَنَّ كُلَّ حَيَوَانٍ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، فَإِذَا مَاتَ يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ، إِلا شَيْئًا يُحْكَى عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«لَا يَطْهُرُ» ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرَيْنِ: «أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ» فَكَانَ يَقُولُ: هَذَا الْحَدِيثُ صَارَ نَاسِخًا لِمَا سِوَاهُ، ثُمَّ تَرَكَ الْقَوْلَ بِهِ لِلاضْطِرَابِ فِي إِسْنَادِهِ، فَإِنَّهُ يُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُمْ، وَتَأَوَّلَهُ الآخَرُونَ إِنْ ثَبَتَ عَلَى الانْتِفَاعِ بِهِ قَبْلَ الدِّبَاغِ.
قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: يُسَمَّى إِهَابًا مَا لَمْ يُدْبَغْ.
فَأَمَّا مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، فَاخْتَلَفُوا فِي طَهَارَةِ جِلْدِهِ بِالدِّبَاغِ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ جِلْدُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ» .
وَعَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ رُكُوبِ النُّمُورِ» .
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يَطْهُرُ الْكُلُّ بِالدِّبَاغِ، إِلا جِلْدَ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ.
وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَى أَنَّ جِلْدَ الْكَلْبِ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ، وَهَؤُلاءِ حَمَلُوا النَّهْيَ فِي حَدِيثِ أَبِي الْمَلِيحِ عَلَى مَا قَبْلَ الدِّبَاغِ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي رَيْحَانَةَ، وَلأَنَّ جِلْدَ النَّمِرِ إِنَّمَا يُرْكَبُ لِشَعَرِهِ، وَالشَّعَرُ لَا يَقْبَلُ الدِّبَاغَ، أَوْ إِنَّمَا نُهِيَ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الزِّينَةِ وَالْخُيَلاءِ.
305 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، نَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَنْ يُسْتَمْتَعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ»
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ ظَاهِرُ الْجِلْدِ وَبَاطِنُهُ حَتَّى يَجُوزَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الأَشْيَاءِ الرَّطْبَةِ، وَيَجُوزُ الْوُضُوءُ فِيهِ، وَالصَّلاةُ مَعَهُ.
306 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ، أَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ سَوْدَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ:«مَاتَتْ لَنَا شَاةٌ فَدَبَغْنَا مَسْكَهَا، ثُمَّ مَا زِلْنَا نَنْبِذُ فِيهِ حَتَّى صَارَ شَنًّا» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
فِي قَوْلِهِ: «إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا» مُسْتَدَلٌّ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ مَا عَدَا الْمَأْكُولَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَيْتَةِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ الانْتِفَاعُ بِهِ، كَالشَّعَرِ وَالسِّنِّ وَالْقَرْنِ وَنَحْوِهَا، وَاخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ الْعِلْمِ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الأَشْيَاءَ فِيهَا حَيَاةٌ تنجس بِمَوْتِ الْحَيَوَانِ كَالْجِلْدِ، وَإِذَا دُبِغَ جِلْدُ الْمَيْتَةِ وَعَلَيْهِ شَعَرٌ، فَالشَّعَرُ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا حَيَاةَ فِي الشَّعَرِ وَالرِّيشِ، وَلا يَنْجُسُ بِمَوْتِ الْحَيَوَانِ، وَجَوَّزُوا الصَّلاةَ فِيهَا، وَهُوَ قَوْلُ حَمَّادٍ، وَمَالِكٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، قَالَ مَالِكٌ: «لَا بَأْسَ بِالصَّلاةِ فِي صُوفِ الْمَيْتَةِ وَشَعْرِهَا إِذَا غُسِلَ، وَلا خَيْرَ
فِي الصَّلاةِ عَلَى جِلْدِهَا وَإِنْ دُبِغَ»، وَلَمْ يُجَوِّزْ بَيْعَهَا.
وَكُلُّ حَيَوَانٍ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، فَذَكَاتُهُ كَمَوْتِهِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ جِلْدَهُ بَعْدَ الذَّكَاةِ طَاهِرٌ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَالْعَظْمُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فِيهِ حَيَاةٌ يَمُوتُ بِمَوْتِ الْحَيَوَانِ، وَيَنْجسُ بِنَجَاسَةِ الأَصْلِ.
فَأَمَّا الْحُوتُ فَمَيِّتُهُ حَلالٌ، فَعَظْمُهُ يَكُونُ طَاهِرًا بَعْدَ الْمَوْتِ.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا حَيَاةَ فِي الْعَظْمِ، وَلا يحله الْمَوْتُ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَجَوَّزُوا اسْتِعْمَالَ عِظَامِ الْفِيَلَةِ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي عِظَامِ الْمَوْتَى: أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ سَلَفِ الْعُلَمَاءِ يَمْتَشِطُونَ بِهَا، وَيَدَّهِنُونَ فِيهَا، لَا يَرَوْنَ بَأْسًا.
قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَإِبْرَاهِيمُ: لَا بَأْسَ بِتِجَارَةِ الْعَاجِ.
وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ ثَوْبَانَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ:«اشْتَرِ لِفَاطِمَةَ سِوَارَيْنِ مِنْ عَاجٍ» ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ عِنْدَ الآخَرِينَ: الذَّبْلُ، وَهُوَ عَظْمُ سُلْحِفَاةِ الْبَحْرِ، لَا عِظَامُ الْفِيَلَةِ.
وَلا تَحْرِيمَ فِي شَيْءٍ مِنَ الأَوَانِي الطَّاهِرَةِ إِلا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، فَقَدْ صَحَّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «تَوَضَّأَ مِنْ مَاءٍ فِي تَوْرٍ مِنْ صُفْرٍ» .