الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ
329 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ مَوْلاةِ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ:" كَانَ النِّسَاءُ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهَا الصَّفْرَةُ، فَتَقُولُ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ، تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الْحَيْضَةِ "
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: تَقُولُ: «حَتَّى تَخْرُجَ الْقُطْنَةُ، أَوِ الْخِرْقَةُ الَّتِي تَحْتَشِي بِهَا الْمَرْأَةُ كَأَنَّهَا قَصَّةٌ لَا يُخَالِطُهَا صُفْرَةٌ» .
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْقَصَّةَ شَيْءٌ كَالْخَيْطِ الأَبْيَضِ يَخْرُجُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ،
وَقَالَ مَالِكٌ: «سَأَلَتِ النِّسَاءَ عَنْهَا، فَإِذَا ذَلِكَ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النِّسَاءِ يَرَيْنَهُ عِنْدَ الطُّهْرِ» .
وَقَالَ الْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ: " لَيْسَ فِي التَّرِيَّةِ شَيْءٌ بَعْدَ الْغُسْلِ إِلا الطُّهُورُ.
يُرِيدُ: إِذَا طَهُرَتِ الْحَائِضُ وَاغْتَسَلَتْ، ثُمَّ رَأَتِ التَّرِيَّةَ لَيْسَ عَلَيْهَا إِلا الْوُضُوءُ "، وَيُرْوَى مِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: التَّرِيَّةُ: الشَّيْءُ الْيَسِيرُ الْخَفِيُّ، وَلَوْ أَقَلُّ مِنَ الصُّفْرَةِ، وَلا يَكُونُ إِلا بَعْدَ الاغْتِسَالِ مِنَ الْمَحِيضِ.
قَالَ الإِمَامُ رضي الله عنه، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا.
قَالَ الإِمَامُ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْحَائِضِ إِذَا رَأَتِ الصُّفْرَةَ أَوِ الْكُدْرَةَ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ، وَانْقِضَاءِ الْعَادَةِ، فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ:«لَيْسَ ذَلِكَ بِحَيْضٍ لَا تَتْرُكُ لَهَا الصَّلاةَ» ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعَطَاءٍ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ حَيْضٌ مَا لَمْ يُجَاوِزْ أَكْثَرَ الْحَيْضِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه مَا لَمْ يُجَاوِزِ الْعَشْرَ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه مَا لَمْ يُجَاوِزْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
قَالَ الإِمَامُ: أَمَّا إِذَا رَأَتِ الْمُعْتَادَةُ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ فِي آخِرِ أَيَّامِ عَادَتِهَا قَبْلَ انْقِضَائِهَا، فَهُوَ حَيْضٌ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها.
قَالَ عَطَاءٌ: الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ حَيْضٌ، وَأَمَّا الْمُبْتَدَأَةُ إِذَا رَأَتْ أَوَّلَ مَا رَأَتْ صُفْرَةً أَوْ كُدْرَةً، فَلا تَكُونُ حَيْضًا عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ.
وَالأَظْهَرُ مِنْ أَقَاوِيلِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا حَيْضٌ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ:«إِذَا تَطَهَّرَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الْمَحِيضِ، ثُمَّ رَأَتْ بَعْدَ الطُّهْرِ مَا يَرِيبُهَا، فَإِنَّهَا رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ فِي الرَّحِمِ، إِذَا رَأَتْ مِثْلَ الرُّعَافِ أَوْ قَطْرَةِ الدَّمِ، أَوْ غُسَالَةِ اللَّحْمِ، تَتَوَضَّأُ وُضُوءَهَا لِلصَّلاةِ، ثُمَّ تُصَلِّي، فَإِنْ كَانَ دَمًا عَبِيطًا، وَهُوَ الَّذِي لَا خَفَاءَ بِهِ، فَلْتَدَعِ الصَّلاةَ» .