الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فَضْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ} [آل عمرَان: 41]، أَيْ: وَصَلِّ، يُقَالُ: فَرَغَ فُلانٌ مِنْ سُبْحَتِهِ، أَيْ: مِنْ صَلاتِهِ.
وَقَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْءَانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الْإِسْرَاء: 78]، وَأَرَادَ بِقُرْآنِ الْفَجْرِ: صَلاةُ الصُّبْحِ.
{كَانَ مَشْهُودًا} [الْإِسْرَاء: 78] أَيْ: تَحْضُرُهَا مَلائِكَةُ اللَّيْلِ، وَمَلائِكَةُ النَّهَارِ.
رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{إِنَّ قُرْءَانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الْإِسْرَاء: 78]، قَالَ:«تَشْهَدُهُ مَلائِكَةُ اللَّيْلِ، وَمَلائِكَةُ النَّهَارِ» .
378 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْحُمَيْدِيُّ، أَنْبَأَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ الشَّيْبَانِيُّ إِمْلاءً، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيُّ، أَنْبَأَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَأَى الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَقَالَ:«إِنَّكُمْ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، فَافْعَلُوا» ، ثُمَّ قَرَأَ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39].
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ،
عَنْ جَرِيرٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، كِلاهُمَا عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ.
وَأَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَامُوَيْهِ، أَنْبَأَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ، أَنْبَأَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، ثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَ مَعْنَاهُ، وَلَمْ يَقْرَأَ الْآيَةَ
قُلْتُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِثْبَاتُ رُؤْيَةِ اللَّهِ سبحانه وتعالى.
قَوْلُهُ «لَا تضَامون» بِفَتْحِ التَّاءِ، أَيْ: لَا تَتَضَامُّونَ، حُذِفَتْ مِنْهُ إِحْدَى التَّائَيْنِ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ مِنَ الانْضِمَامِ، يُرِيدُ أَنَّكُمْ لَا تَخْتَلِفُونَ فِي رُؤْيَتِهِ حَتَّى تَجْتَمِعُوا لِلنَّظَرِ، وَيَنْضَمُّ بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَيَقُولُ بَعْضُكُمْ: هُوَ ذَاكَ، وَيَقُولُ الْآخَرُ: لَيْسَ بِذَلِكَ، عَلَى مَا جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ عِنْدَ النَّظَرِ إِلَى الْهِلالِ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ.
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «لَا تضَارونَ فِي رُؤْيَتِهِ» وَهَذَا وَالأَوَّلُ سَوَاءٌ فِي فَتْحِ التَّاءِ، وَوَزْنُهُ تَفَاعِلُونَ مِنَ الضِّرَارِ.
وَالضِّرَارُ: أَنْ يَتَضَارَّ الرَّجُلانِ عِنْدَ الاخْتِلافِ فِي الشَّيْءِ، فَيُضَارُّ هَذَا ذَلِكَ، وَذَاكَ هَذَا، فَيُقَالُ: قَدْ وَقَعَ الضِّرَارُ بَيْنَهُمَا، أَيِ: الاخْتِلافُ.
وَرَوَى بَعْضُهُمْ: «لَا تُضَارُونَ» بِضَمِّ التَّاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ مِنَ الضَّيْرِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، أَيْ: لَا يُخَالِفُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، يُقَالُ: ضَارَهُ يَضِيرُهُ.
وَرَوَى بَعْضُهُمْ «لَا تُضَامُونَ» بِضَمِّ التَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ، مَعْنَاهُ: لَا يَلْحَقُكُمْ ضَيْمٌ وَلا مَشَقَّةٌ فِي رُؤْيَتِهِ.
وَقَوْلُهُ: «كَمَا تَرَوْنَ» لَيْسَ كَافُ التَّشْبِيهِ لِلْمَرْئِيِّ بِالْمَرْئِيِّ، بَلْ كَافُ التَّشْبِيهِ الَّتِي هِيَ فِعْلُ الرَّائِي بِالرُّؤْيَةِ، مَعْنَاهُ: تَرَوْنَ رَبَّكُمْ رُؤْيَةً لَا شَكَّ فِيهَا، كَمَا تَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَا مِرْيَةَ فِيهَا.
وَيُرْوَى: «لَا تَمَارُونَ» أَيْ: لَا تَتَمَارُونَ، مِنَ الْمِرْيَةِ، وَهِيَ الشَّكُّ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَوْلُهُ عَقِيبَ هَذَا: «فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ الْغُرُوبِ، فَافْعَلُوا» يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَةَ قَدْ يُرْجَى نَيْلُهَا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى هَاتَيْنِ الصَّلاتَيْنِ، وَخُصَّتَا بِهَذَا كَمَا خُصَّتَا بِلَقَبِ التَّوَسُّطِ مِنْ بَيْنِ الْخَمْسِ، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْخَمْسِ مُسْتَحَقَّةً لِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَفِي وَضْعِ الْحِسَابِ.
380 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، يَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ، كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ".
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ الزِّيَادِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: نَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:. . . . فَذَكَرَ مِثْلَهُ.
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ
381 -
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْقِلٍ الْمَيْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، أَنَا هَمَّامٌ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ هُدْبَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ هَمَّامٍ.
قُلْتُ: أَرَادَ بِالْبَرْدَيْنِ صَلاةَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ، لِكَوْنِهَا فِي طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَالْبَرْدَانِ وَالأَبْرَدَانِ: الْغَدَاةُ وَالْعَشِيُّ
382 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَّانِيُّ، نَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، نَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«أَلا لَا يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا»
383 -
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، نَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَامُوَيْهِ، أَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ الْحَرَّانِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَنْ يَلِجَ النَّارَ مَنْ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرِهِ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ