الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الأَذَانِ لِلْفَائِتَةِ وَالإِقَامَةِ لَهَا
436 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، أَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: " حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنِ الصَّلاةِ، حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ هُوِيًّا مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى كُفِينَا، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ سبحانه وتعالى:{وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الْأَحْزَاب: 25]، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلالا، فَأَمَرَهُ، فَأَقَامَ الظُّهْرَ، فَصَلاهَا، فَأَحْسَنَ صَلاتَهَا، كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ، فَصَلاهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلاهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ الْعِشَاءَ فَصَلاهَا أَيْضًا كَذَلِكَ، قَالَ: وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فِي صَلاةِ
الْخَوْفِ {فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [الْبَقَرَة: 239] ".
قُلْتُ: وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ شَغَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، حَتَّى ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَأَمَرَ بِلالا، فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ، قَالَ أَبُو عِيسَى: لَيْسَ بِإِسْنَادِهِ بَأْسٌ، إِلا أَنَّ عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ عَنْ أَبِيهِ
437 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَفَلَ مِنْ خَيْبَرَ أَسْرَى، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ عَرَّسَ، وَقَالَ لِبِلالٍ:«اكْلَأْ لَنَا الصُّبْحَ» ، وَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ، وَكَلأَ بِلالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ اسْتَنَدَ إِلَى رَاحِلَتِهِ وَهُوَ مُقَابِلُ الْفَجْرِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلا بِلالٌ، وَلا أَحَدٌ مِنَ الرَّكْبِ، حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ، فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«يَا بِلالُ» ، فَقَالَ بِلالٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اقْتَادُوا» ، فَبَعَثُوا رَوَاحِلَهُمْ، فَاقْتَادُوا شَيْئًا، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلالا، فَأَقَامَ الصَّلاةَ، فَصَلَّى لَهُمُ الصُّبْحَ، ثُمَّ قَالَ حِينَ قَضَى الصَّلاةَ:" مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، فَإِنَّ اللَّهَ، يَقُولُ: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] ".
قُلْتُ: هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مُرْسَلا، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ،
عَنِ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلا.
وَرَوَاهُ أَبَانُ الْعَطَّارُ، عَنْ مَعْمَرٍ مُسْنَدًا، وَقَالَ: فَأَمَرَ بِلالا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى.
وَأَخْبَرَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَا الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُئِيُّ، نَا أَبُو دَاوُدَ، نَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، نَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمَعْنَى مَا رَوَاهُ مَالِكٌ.
وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا، وَلَمْ يَذْكُرِ الأَذَانَ.
وَرَوَاهُ أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ:«ثُمَّ دَعَا بِالْمَاءِ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَصَلَّى الْغَدَاةَ»
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَوْلُهُ «عَرَّسَ» ، التَّعْرِيسُ: النُّزُولُ لِغَيْرِ إِقَامَةٍ.
وَقَوْلُهُ «فَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» مَعْنَاهُ: انْتَبَهَ، يُقَالُ: أَفْزَعْتُ الرَّجُلَ مِنْ نَوْمِهِ فَفَزِعَ، أَيْ: أَنْبَهْتُهُ فَانْتَبَهَ.
438 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، نَا حُصَيْنٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سِرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: لَوْ عَرَّسْتَ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنِ الصَّلاةِ» ، فَقَالَ بِلالٌ: أَنَا أُوقِظُكُمْ، فَاضْطَجَعُوا، وَأَسْنَدَ بِلالٌ ظَهْرَهُ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَالَ:«يَا بِلالُ أَيْنَ مَا قُلْتَ؟» ، قَالَ: مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ، قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، وَرَدَّهَا عَلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ، يَا بِلالُ قُمْ فَأَذِّنْ لِلنَّاسِ بِالصَّلاةِ»
فَتَوَضَّأَ، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ وَابْيَاضَّتْ، قَامَ فَصَلَّى.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
439 -
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْفَاشَانِيُّ، أَنَا الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ اللُّؤْلُئِيُّ، نَا أَبُو دَاوُدَ، نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الأَنْصَارِيِّ، نَا أَبُو قَتَادَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، كَانَ فِي سَفَرٍ لَهُ، فَمَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمِلْتُ مَعَهُ، فَقَالَ:«انْظُرْ» ، فَقُلْتُ: هَذَا رَاكِبٌ، هَذَانِ رَاكِبَانِ، هَؤُلاءِ ثَلاثَةٌ، حَتَّى صِرْنَا سَبْعَةً، فَقَالَ:«احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلاتَنَا» يَعْنِي صَلاةَ الْفَجْرِ، فَضُرِبَ عَلَى آذَانِهِمْ، فَمَا أَيْقَظَهُمْ إِلا حَرُّ الشَّمْسِ، فَقَامُوا، فَسَارُوا هُنَيَّةً، ثُمَّ نَزَلُوا، فَتَوَضَّئُوا، وَأَذَّنَ بِلالٌ، فَصَلَّوْا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، ثُمَّ صَلَّوُا الْفَجْرَ وَرَكِبُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: قَدْ فَرَّطْنَا فِي صَلاتِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّهُ لَا تَفْرِيطَ فِي النَّوْمِ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ، فَإِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ عَنْ صَلاةٍ، فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَذْكُرُهَا، وَمِنَ الْغَدِ لِلْوَقْتِ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ
قَوْلُهُ: «وَمِنَ الْغَدِ لِلْوَقْتِ» ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِهَا وُجُوبًا، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الأَمْرُ بِهَا اسْتِحْبَابًا لِيَحُوزَ فَضِيلَةَ الْوَقْتِ فِي الْقَضَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْتُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ: «وَمِنَ الْغَدِ لِلْوَقْتِ» أَيْ: لِيُصَلِّ صَلاةَ الْغَدِ فِي وَقْتِهَا، مَعْنَاهُ: أَنَّ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ عِنْدَ النَّوْمِ وَقْتٌ لِهَذِهِ الصَّلاةِ دُونَ صَلاةِ الْغَدِ، فَلْيُصَلِّ صَلاةَ الْغَدِ فِي وَقْتِهَا الْمَشْرُوعِ.
وَقَوْلُهُ: «فَضُرِبَ عَلَى آذَانِهِمْ» كَلِمَةٌ فَصِيحَةٌ مِنْ كَلامِ الْعَرَبِ، مَعْنَاهُ: أَنَّهُ حُجِبَ الصَّوْتُ وَالْحِسُّ أَنْ يَدْخُلا آذَانَهُمْ فَيَنْتَبِهُوا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا} [الْكَهْف: 11].
قُلْتُ: الأَذَانُ وَالإِقَامَةُ مَشْرُوعَانِ لِلْفَرَائِضِ الْخَمْسِ إِذَا أُدِّيَتْ فِي أَوْقَاتِهَا، وَالأَذَانُ مِنْ شِعَارِ دِينِ الإِسْلامِ، فَلَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى تَرْكِهِ كَانَ لِلسُّلْطَانِ قِتَالُهُمْ عَلَيْهِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ إِذَا غَزَا قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يُغِيرُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ فَيَنْظُرَ، فَإِنْ سَمِعَ
أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَغَارَ عَلَيْهِمْ».
وَإِذَا صَلَّى بِلا أَذَانٍ وَلا إِقَامَةٍ حَضَرًا أَوْ سَفَرًا، فَلا إِعَادَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ فِيمَنْ نَسِيَ الإِقَامَةَ: إِنَّهُ يُعِيدُ الصَّلاةَ.
وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: مَنْ نَسِيَهُمَا، فَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ أَعَادَ، وَإِلا فَلا.
قُلْتُ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الأَذَانِ لِلْفَائِتَةِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ يُقِيمُ لَهَا، فَأَظْهَرُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ يُقِيمُ لَهَا، وَإِذَا فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ، وَقَضَاهُنَّ عَلَى التَّوَالِي، أَقَامَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.
وَقَالَ قَوْمٌ: يُؤَذِّنُ لِلْفَائِتَةِ وَيُقِيمُ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ، وَإِذَا فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ، فَقَضَاهُنَّ عَلَى التَّوَالِي، أَذَّنَ وَأَقَامَ لِلأُولَى، وَأَقَامَ لِلأُخْرَيَاتِ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفَوَائِتَ تُقْضَى مُرَتَّبَةً، وَاخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ فِي قَضَائِهَا، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ التَّرْتِيبُ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَفِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ فَاتَتْهُ صَلاةٌ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ، جَازَ تَأْخِيرُ قَضَائِهَا، لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُمْ أَنْ يَقْتَادُوا عَنْ مَوْضِعِ الْفَوْتِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى مُفَارَقَةِ ذَلِكَ الْمَكَانِ، فَمَنْ لَمْ يُجَوِّزْ قَضَاءَ الْفَائِتَةِ فِي الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنِ الصَّلاةِ فِيهِ، قَالَ: إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِتَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، فَيَخْرُجَ وَقْتُ الْكَرَاهِيَةِ، وَمَنْ يُجَوِّزُ، وَعَلَيْهِ الأَكْثَرُونَ، قَالَ: مَعْنَاهُ: أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتَحَوَّلَ عَنِ الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَتْهُمْ فِيهِ هَذِهِ الْغَفْلَةُ وَالنِّسْيَانُ.
وَقَدْ رَوَى أَبَانُ الْعَطَّارُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«تَحَوَّلُوا عَنْ مَكَانِكُمُ الَّذِي أَصَابَتْكُمْ فِيهِ هَذِهِ الْغَفْلَةُ» .
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:«لِيَأْخُذْ كُلُّ وَاحِدٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ» .
قُلْتُ: وَلا أَذَانَ وَلا إِقَامَةَ لِشَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ سِوَى الْفَرَائِضِ الْخَمْسِ، لأَنَّهُ لَمْ يُؤَذَّنْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِغَيْرِهَا