الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ تَعَهُّدِ الْقُرْآنِ وَوَعِيدِ مَنْ نَسِيَهُ
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124].
1221 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ، إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ
الْمُعَقَّلَةِ: الَّتِي حُبِسَتْ بِالْعِقَالِ
1222 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ عُرْعُرَةَ، أَنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" بِئْسَمَا لأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ نُسِّيَ، وَاسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَقَالَ:«مِنَ النَّعَمِ بِعُقُلِهَا»
قَوْلُهُ «نُسِّيَ» أَيْ: عُوقِبَ بِالنِّسْيَانِ عَلَى ذَنْبٍ أَوْ سُوءِ تَعَهُّدِهِ لِلْقُرْآنِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إِنَّمَا هُوَ عَلَى التَّارِكِ لِتِلاوَةِ الْقُرْآنِ، الْجَافِي عَنْهُ، يُبَيِّنُ ذَلِكَ قَوْلُهُ:«وَاسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ» .
قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ: مَا مِنْ أَحَدٍ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ نَسِيَهُ إِلا بِذَنْبٍ يُحْدِثُهُ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى، يَقُولُ:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30] وَنِسْيَانُ الْقُرْآنِ مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَأَمَّا الَّذِي هُوَ حَرِيصٌ عَلَى حِفْظِهِ، دَائِبٌ فِي تِلاوَتِهِ،
إِلا أَنَّ النِّسْيَانَ يَغْلِبُهُ، فَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ، بِدَلِيلِ: مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلا، يَقْرَأُ بِاللَّيْلِ، فَقَالَ:«يَرْحَمُهُ اللَّهُ فَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً كُنْتُ أُنْسِيتُهَا» .
قَوْلُهُ: «أَشَدُّ تَفَصِّيًا» أَيْ: ذَهَابًا وَانْفِلاتًا، وَكُلُّ شَيْءٍ كَانَ لازِمًا لِشَيْءٍ، فَفُصِلَ مِنْهُ، قِيلَ: تَفَصَّى مِنْهُ كَمَا يَتَفَصَّى الإِنْسَانُ مِنَ الْبَلِيَّةِ أَيْ: يَتَخَلَّصُ مِنْهَا.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي قَوْلِهِ: «بَلْ نُسِّيَ» يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَاصًّا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي فِيمَا نُسِخَتْ تِلاوَتُهُ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ «نُسِّيَ» أَيْ: نُسِخَتْ تِلاوَتُهُ، نَهَاهُمْ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ لِئَلا يُتَوَهَّمَ الضَّيَاعُ عَلَى مُحْكَمِ الْقُرْآنِ، فَأَعْلَمَهُمْ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ، لَمَّا رَأَى فِيهِ مِنَ الْحِكْمَةِ يَعْنِي نَسْخَ التِّلاوَةِ