المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب من قال: تقوم الطائفة الأولى فتتم صلاتها ثم تأتي الطائفة الثانية فيصلي بهم الإمام ركعة - شرح السنة للبغوي - جـ ٤

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ صَلاةِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ مَنْ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَفْتَتِحُ صَلاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ

- ‌بَابُ تَطْوِيلِ قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ كَيْفَ الْقِرَاءَةُ بِاللَّيْلِ

- ‌بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ الاجْتِهَادِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ الأَخْذِ بِالْقَصْدِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ وَغَيْرِهِ مِنَ الأُمُورِ

- ‌بَابُ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ

- ‌بَابُ تَرْكِ الْعَمَلِ عِنْدَ غَلَبَةِ النَّوْمِ وَالْفُتُورِ

- ‌بَابُ قِيَامِ وَسَطِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ إِحْيَاءِ آخِرِ اللَّيْلِ وَفَضْلِهِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ صَلاةِ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَالْوِتْرِ بِوَاحِدَةٍ

- ‌بَابُ الْوِتْرِ بِثَلاثٍ وَبِخَمْسٍ وَسَبْعٍ أَوْ أَكْثَرَ

- ‌بَابُ يَجْعَلُ آخِرَ صَلاتِهِ بِاللَّيْلِ وِتْرًا

- ‌بَابُ مُبَادَرَةِ الصُّبْحِ بِالْوِتْرِ

- ‌بَابُ الْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ

- ‌بَابُ مَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَ اللَّيْلِ يُؤَخِّرُ الْوِتْرَ

- ‌بَابُ جَمِيعِ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَقْتٌ لِلْوِتْرِ

- ‌بَابُ إِيقَاظِ الأَهْلِ لِلْوِتْرِ

- ‌بَابُ مَا يُقْرَأُ فِي الْوِتْرِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْوِتْرِ

- ‌بَابُ صَلاةِ اللَّيْلِ قَاعِدًا

- ‌بَابُ مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ قَضَاهُ بِالنَّهَارِ

- ‌بَابُ قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَفَضْلُهُ

- ‌بَابٌ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ

- ‌بَابُ فَضْلِ التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ

- ‌بَابُ صَلاةِ الضُّحَى

- ‌بَابُ عَدَدِ صَلاةِ الضُّحَى

- ‌بَابُ فَضْلِ صَلاةِ الضُّحَى

- ‌بَابُ وَقْتِ صَلاةِ الضُّحَى

- ‌بَابُ فَضْلِ مَنْ تَطَهَّرَ فَصَلَّى عُقَيْبَهُ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ عِنْدَ التَّوْبَةِ

- ‌بَابُ صَلاةِ الاسْتِخَارَةِ

- ‌بَابُ صَلاةِ التَّسْبِيحِ

- ‌بَابُ فَضْلِ التَّطَوُّعِ

- ‌أَبْوَابُ صَلاةِ السَّفَرِ

- ‌بَابُ قَصْرِ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ جَوَازِ الْقَصْرِ فِي حَالِ الأَمْنِ

- ‌بَابُ إِذَا مَكَثَ الْمُسَافِرُ فِي مَنْزِلٍ إِلَى كَمْ يَقْصُرُ

- ‌بَابُ صَلاةِ الْمُقِيمِ خَلْفَ الْمُسَافِرِ

- ‌بَابُ مَنْ لَمْ يَتَطَوَّعْ فِي السَّفَرِ

- ‌بَابُ التَّطَوُّعِ وَالْوِتْرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ أَيْنَ تَوَجَّهَتْ

- ‌بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ فِي السَّفَرِ

- ‌بَابُ الْجَمْعِ بِعُذْرِ الْمَطَرِ

- ‌6 - كِتَابُ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ فَرْضِ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ فَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَمَا قِيلَ فِي سَاعَةِ الإِجَابَةِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ بِغَيْرِ عُذْرٍ

- ‌بَابُ الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى

- ‌بَابُ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ

- ‌بَابُ التَّنَظُّفِ وَالتَّطَيُّبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ التَّبْكِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ صَلاةِ الْجُمُعَةِ وَالْقَيْلُولَةِ بَعْدَهَا

- ‌بَابُ التَّسْلِيمِ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَالاعْتِمَادِ عَلَى الْعَصَا

- ‌بَابُ الأَذَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ الْخُطْبَةِ قَائِمًا وَالْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ

- ‌بَابُ قَصْرِ الْخُطْبَةِ

- ‌بَابُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْخُطْبَةِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْخُطْبَةِ

- ‌بَابُ الإِنْصَاتِ لِلْخُطْبَةِ وَاسْتِقْبَالِ الإِمَامِ

- ‌بَابُ مَنْ دَخَلَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ التَّخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ مَنْ نَعَسَ يَتَحَوَّلُ

- ‌بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ صَلاةِ الْخَوْفِ

- ‌بَابُ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ فَرَّقَهُمُ الإِمَامُ فِرْقَتَيْنِ فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ: تَقُومُ الطَّائِفَةُ الأُولَى فَتُتِمُّ صَلاتَهَا ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَيُصَلِّي بِهِمُ الإِمَامُ رَكْعَةً

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ

- ‌بَابُ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ مِنْ نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ صَلَّى الإِمَامُ بِهِمْ جَمِيعًا وَحَرَسُوا فِي السُّجُودِ

- ‌بَابُ الْعِيدَيْنِ

- ‌بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى يَوْمَ الْعِيدِ

- ‌بَابُ لَا أَذَانَ وَلا إِقَامَةَ لِصَلاةِ الْعِيدِ وَتَقْدِيمِ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ

- ‌بَابُ تَكْبِيرَاتِ صَلاةِ الْعِيدِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهَا

- ‌بَابُ مَنْ خَالَفَ الطَّرِيقَ إِذَا رَجَعَ مِنَ الْمُصَلَّى

- ‌بَابُ الصَّلاةِ قَبْلَ صَلاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا

- ‌بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْعِيدَيْنِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي اللَّعِبِ يَوْمَ الْعِيدِ

- ‌بَابُ سُنَّةِ عِيدِ الأَضْحَى وَتَأْخِيرِ الأُضْحِيَةِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الأُضْحِيَّةِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهَا

- ‌بَابُ ثَوَابِ الأُضْحِيَّةِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الْعَمَلِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ

- ‌بَابُ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَظُفْرِهِ شَيْئًا

- ‌بَابُ الاشْتِرَاكِ فِي الأُضْحِيَّةِ

- ‌بَابُ الأَكْلِ مِنَ الأُضْحِيَّةِ بَعْدَ ثَلاثٍ فَأَكْثَرَ

- ‌بَابُ صَلاةِ الْخُسُوفِ وَإِطَالَتِهَا

- ‌بَابُ مَنْ صَلَّى فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَيْنِ وَنِدَاءُ الصَّلاةِ جَامِعَةً

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلاةِ الْخُسُوفِ

- ‌بَابُ الْعَتَاقَةِ فِي الْكُسُوفِ

- ‌بَابُ الْخَوْفِ مِنَ الرِّيحِ

- ‌بَابُ رَمْيِ النَّجْمِ

- ‌بَابُ السُّجُودِ عِنْدَ حُدُوثِ آيَةٍ

- ‌بَابُ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الاسْتِسْقَاءِ

- ‌بَابُ الاسْتِسْقَاءِ بِأَهْلِ الصَّلاحِ وَأَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ

- ‌بَابُ الاسْتِسْقَاءِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ الاسْتِمْطَارِ بِالأَنْوَاءِ

- ‌بَابُ الْغُيُوبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلا اللَّهُ

- ‌بَابُ الْبُرُوزِ لِلْمَطَرِ

- ‌7 - كِتَابُ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ فَضْلِ تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَتَعْلِيمِهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ تِلاوَةِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ فَضْلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ فَضْلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ

- ‌بَابُ فَضْلِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ

- ‌بَابُ السَّبْعِ الطُّوَلِ

- ‌بَابُ فَضْلِ سُورَةِ الْكَهْفِ

- ‌بَابٌ فِي {الم {1} تَنْزِيلُ} [السَّجْدَة: 1 - 2] السَّجْدَةِ وَتَبَارَكَ

- ‌بَابُ فَضْلِ سُورَةِ الإِخْلاصِ

- ‌بَابُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ

- ‌بَابُ كَيْفَ الْقِرَاءَةُ وَالتَّرْجِيعُ فِيهَا

- ‌بَابُ التَّغَنِّي بِالْقُرْآنِ

- ‌بَابُ سَمَاعِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ تَعَهُّدِ الْقُرْآنِ وَوَعِيدِ مَنْ نَسِيَهُ

- ‌بَابٌ فِي كَمْ يُقْرَأُ

- ‌بَابُ

- ‌بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ

- ‌بَابُ جَمْعِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ لَا يُسَافَرُ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ

الفصل: ‌باب من قال: تقوم الطائفة الأولى فتتم صلاتها ثم تأتي الطائفة الثانية فيصلي بهم الإمام ركعة

‌بَابُ مَنْ قَالَ: تَقُومُ الطَّائِفَةُ الأُولَى فَتُتِمُّ صَلاتَهَا ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَيُصَلِّي بِهِمُ الإِمَامُ رَكْعَةً

1094 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَمَّنِ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلاةَ الْخَوْفِ:«أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ، وَصَفَّتْ طَائِفَةٌ، وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا، فَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفُوا وَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى، فَصَلَّى لَهُمُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ» ، قَالَ مَالِكٌ، وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي صَلاةِ الْخَوْفِ.

ص: 279

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُسَدَّدٌ، نَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيِّ، قَالَ: أَنا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَ مَعْنَاهُ

قَالَ رحمه الله: صَلاةُ الْخَوْفِ أَنْوَاعٌ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ أَحْوَالِ الْعَدُوِّ، إِحْدَاهَا: أَنْ يَكُونَ فِي حَالَةِ الْقِتَالِ يُصَلُّونَ بِالإِيمَاءِ إِلَى أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ، رِجَالا أَوْ رُكْبَانًا، كَمَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [الْبَقَرَة: 239].

وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ خَافَ مِنْ عَدُوٍّ، أَوْ سَبُعٍ، أَوْ حَرِيقٍ، أَوْ سَيْلٍ، فَهَرَبَ وَصَلَّى فِي حَالَةِ الْهَرَبِ بِالإِيمَاءِ يَجُوزُ، وَمَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ، فَلا يُصَلِّي صَلاةَ الْخَوْفِ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ،

ص: 280

حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: إِذَا انْقَطَعَ الطَّالِبُونَ عَنْ أَصْحَابِهِمْ، وَخَافُوا عَوْدَةَ الْمَطْلُوبِينَ، لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا بِالإِيمَاءِ.

وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ لِيَقْتُلَهُ، قَالَ: فَرَأَيْتُهُ، وَحَضَرَتْ صَلاةُ الْعَصْرِ، فَقُلْتُ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا إِنْ أُؤَخِّرَ الصَّلاةَ، فَانْطَلَقْتُ أَمْشِي، وَأَنَا أُصَلِّي أُومِئُ إِيمَاءً نَحْوَهُ.

وَقَالَ أَنَسٌ: حَضَرْتُ مُنَاهَضَةَ حِصْنِ تُسْتَرَ عِنْدَ إِضَاءَةِ الْفَجْرِ، وَاشْتَدَّ اشْتِعَالُ الْقِتَالِ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الصَّلاةِ، فَلَمْ نُصَلِّ إِلا بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ، وَنَحْنُ مَعَ أَبِي مُوسَى.

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ قَارِّينَ فِي مُعَسْكَرِهِمْ فِي غَيْرِ نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ، فَيَجْعَلُ الإِمَامُ الْقَوْمَ فِرْقَتَيْنِ، فَتَقِفُ طَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَتَحْرُسُهُمْ، وَيَشْرَعُ الإِمَامُ مَعَ طَائِفَةٍ فِي الصَّلاةِ، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 281

بِذَاتِ الرِّقَاعِ، ثُمَّ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَوَى سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّهُ صَلَّى بِتِلْكَ الطَّائِفَةِ رَكْعَةً، ثُمَّ قَامَ فَثَبَتَ قَائِمًا حَتَّى أَتَمُّوا صَلاتَهُمْ، وَذَهَبُوا إِلَى وِجَاهِ الْعَدُوِّ، ثُمَّ أَتَتِ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ، فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ، وَثَبَتَ جَالِسًا حَتَّى أَتَمُّوا صَلاتَهُمْ، وَسَلَّمَ بِهِمْ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.

وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَى رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ الإِمَامَ بَعْدَ مَا قَامَ إِلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، تَذْهَبُ الطَّائِفَةُ الأُولَى فِي خِلالِ الصَّلاةِ إِلَى وِجَاهِ الْعَدُوِّ، وَتَأْتِي الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ، فَيُصَلِّي بِهِمُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ، وَيُسَلِّمُ وَهُمْ لَا يُسَلِّمُونَ، بَلْ يَذْهَبُونَ إِلَى وِجَاهِ الْعَدُوِّ، وَتَعُودُ الطَّائِفَةُ الأُولَى فَتُتِمُّ صَلاتَهَا، ثُمَّ تَعُودُ الثَّانِيَةُ، فَتُتِمُّ صَلاتَهَا.

فَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ هَذَا مِنَ الاخْتِلافِ الْمُبَاحِ.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ عُمَرَ مَنْسُوخَةٌ بِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَكِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ صَحِيحَةٌ، غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَشَدُّ مُوَافَقَةً لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ، وَأَحْوَطُ لِلصَّلاةِ، وَأَبْلَغُ فِي حِرَاسَةِ الْعَدُوِّ،

ص: 282

وَذَلِكَ لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى، قَالَ:{فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} [النِّسَاء: 102] أَيْ: إِذَا صَلَّوْا، ثُمَّ قَالَ:{وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا} [النِّسَاء: 102] فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّائِفَةَ الأُولَى قَدْ صَلَّوْا، وَقَالَ:{فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} [النِّسَاء: 102]، فَمُقْتَضَاهُ أَنْ يُصَلُّوا تَمَامَ الصَّلاةِ لَا بَعْضَهَا، فَظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ تُفَارِقُ الإِمَامَ بَعْدَ تَمَامِ الصَّلاةِ، وَالاحْتِيَاطُ لأَمْرِ الصَّلاةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَا يَكْثُرُ فِيهَا الْعَمَلُ، وَالذِّهَابُ، وَالْمَجِيءُ، وَالاحْتِيَاطُ لِلْحِرَاسَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمْ إِذَا كَانُوا خَارِجِينَ عَنِ الصَّلاةِ، يَكُونُ أَمْكَنَ لِلْحَرْبِ، وَلِلْهَرَبِ إِنِ احْتَاجُوا إِلَيْهِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، فِي الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ: أَنَّ الإِمَامَ يَرْكَعُ بِهِمْ، ثُمَّ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، فَيَقُومُونَ فَيَرْكَعُونَ لأَنْفُسِهِمُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ يُسَلِّمُونَ.

وَإِنْ صَلَّى الإِمَامُ بِهِمْ صَلاةً ذَاتَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ يُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الأُولَى رَكْعَتَيْنِ، وَثَبَتَ قَائِمًا فِي الثَّالِثَةِ، فَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ، وَلَوْ ثَبَتَ جَالِسًا فِي التَّشَهُّدِ الأَوَّلِ، حَتَّى أَتَمُّوا جَازَ، ثُمَّ صَلَّى بِالثَّانِيَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَثَبَتَ جَالِسًا حَتَّى أَتَمُّوا، فَسَلَّمَ بِهِمْ، فَلَوْ أَنَّ الإِمَامَ صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الأُولَى تَمَامَ الصَّلاةِ وَسَلَّمَ بِهِمْ، ثُمَّ صَلاهَا مَرَّةً أُخْرَى بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ،

ص: 283

فَجَائِزٌ، رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلاةَ الظُّهْرِ فِي الْخَوْفِ بِبَطْنِ نَخْلٍ، فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ.

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ صَلاةِ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ، لأَنَّ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ كَانَتْ صَلاتُهُمْ فَرْضًا، وَصَلاةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهِمْ نَفْلا.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلاةِ الْخَوْفِ أَنَّهُ صَلَّى بِهَؤُلاءِ رَكْعَةً، وَبِهَؤُلاءِ رَكْعَةً، وَلَمْ يَقْضُوا.

ص: 284

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَكَانَتْ لِلْقَوْمِ رَكْعَةٌ رَكْعَةٌ، وَلِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَانِ.

وَتَأَوَّلَهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَلَى صَلاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ، رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ: لَيْسَتَا بِقَصْرٍ، إِنَّمَا الْقَصْرُ وَاحِدَةٌ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ سَمَّيْنَاهُمْ فِي بَابِ صَلاةِ السَّفَرِ.

ص: 285

وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى أَنَّ الْخَوْفَ لَا يُنْقِصُ مِنَ الْعَدَدِ شَيْئًا.

حُكِيَ عَنِ ابْنِ الْمُنْذِرِ، قَالَ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كُلُّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي أَبْوَابِ صَلاةِ الْخَوْفِ، فَالْعَمَلُ بِهِ جَائِزٌ، رُوِيَ فِيهِ سِتَّةُ أَوْجُهٍ، أَوْ سَبْعَةُ أَوْجُهٍ

ص: 286