الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الأُضْحِيَّةِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهَا
1119 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّاوُدِيُّ الْبُوشَنْجِيُّ بِهَا، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلُّوَيْهِ الْجَوْهَرِيُّ، بِبَغْدَادَ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الأَثْرَمُ الْمُقْرِئُ بِالْبَصْرَةِ، نَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، نَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ يَطَأُ عَلَى صِفَاحِهِمَا، وَيَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ، وَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، عَنِ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ، وَأَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ
وَالأَمْلَحُ: الأَبْيَضُ الَّذِي فِي خِلالِ صُوفِهِ طَاقَاتٌ سُودٌ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: الأَمْلَحُ: الَّذِي فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، وَيَكُونُ الْبَيَاضُ أَكْثَرَ.
وَقَدْ رَوَاهُ جَابِرٌ، وَزَادَ: " مَوْجُوءَيْنِ، يَعْنِي: مَنْزُوعَيِ الأُنْثَيَيْنِ.
وَقَدْ كَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْمَوْجُوءَ، لِنُقْصَانِ الْعُضْوِ، وَالأَصَحُّ أَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ، لأَنَّ الْخِصَاءَ يُفِيدُ اللَّحْمَ طِيبًا، وَيَنْفِي عَنْهُ الزُّهُومَةَ، وَسُوءَ الرَّائِحَةِ، وَذَلِكَ الْعُضْوُ لَا يُؤْكَلُ.
وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ أَنْ يَذْبَحَ الأُضْحِيَّةَ بِنَفْسِهِ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ، إِنْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ، رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ «كَانَ يَأْمُرُ بَنَاتَهُ أَنْ يَذْبَحْنَ ضَحَايَاهُنَّ بِأَيْدِيهِنَّ»
1120 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ،
نَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحُنَيْنِيُّ، نَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، نَا حَفْصٌ، يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ:«ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ، وَيَشْرَبُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، وَيَمْشِي فِي سَوَادٍ» .
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ
وَالْفَحِيلُ: الْكَرِيمُ الْمُخْتَارُ لِلْفِحْلَةِ، وَيُقَالُ: الْفَحِيلُ الْمُنْجِبُ فِي ضِرَابِهِ، وَأَرَادَ بِهِ: النُّبْلَ وَعِظَمَ الْخَلْقِ، فَأَمَّا الْفَحْلُ، فَاسْمٌ عَامٌّ لِلذُّكُورِ مِنْهَا.
وَقَوْلُهُ: «يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ» ، أَرَادَ بِهِ أَنَّ فَمَهُ وَمَا أَحَاطَ بِمَلاحِظِ عَيْنَيْهِ مِنْ وَجْهِهِ، وَأَرْجُلِهِ أَسْوَدُ، وَسَائِرُ بَدَنِهِ أَبْيَضُ
1121 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ، نَا
أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ الْغِفَارِيُّ، أَنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ النُّعْمَانِ الصَّائِدِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:«أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالأُذُنَ، وَأَنْ لَا نُضَحِّيَ بِمُقَابَلَةٍ، وَلا مُدَابَرَةٍ، وَلا شَرْقَاءَ، وَلا خَرْقَاءَ» .
قَالَ: الْمُقَابَلَةُ: مَا قُطِعَ طَرَفُ أُذُنِهَا، وَالْمُدَابَرَةُ: مَا قُطِعَ مِنْ جَانِبِ الأُذُنِ، وَالشَّرْقَاءُ: الْمَشْقُوقَةُ الأُذُنَ، وَالْخَرْقَاءُ: الْمَثْقُوبَةُ.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
قَوْلُهُ: «نَسْتَشْرِفُ الْعَيْنَ وَالأُذُنَ» مَعْنَاهُ: الصِّحَّةُ وَالْعِظَمُ،
وَقِيلَ: نَتَأَمَّلُ سَلامَتَهُمَا مِنْ آفَةٍ بِهِمَا، كَالْعَوَرِ وَالْجَدَعِ، يُقَالُ: اسْتَكْفَفْتُ الشَّيْءَ، وَاسْتَشْرَفْتُهُ، كِلاهُمَا أَنْ تَضَعَ يَدَكَ عَلَى حَاجِبِكَ كَالَّذِي يَسْتَظِلُّ مِنَ الشَّمْسِ حَتَّى يَسْتَبِينَ الشَّيْءَ.
وَالْمُقَابَلَةُ: أَنْ يَقْطَعَ مُقَدَّمَ أُذُنِهَا، وَلا يُبَيِّنَ، وَالْمُدَابَرَةُ: أَنْ يَقْطَعَ مُؤَخَّرَ أُذُنِهَا.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَقْطُوعِ شَيْءٍ مِنَ الأُذُنِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ يَجُوزُ، وَإِنْ قُطِعَ النِّصْفُ فَأَكْثَرُ لَا يَجُوزُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: إِنْ كَانَ مَقْطُوعَ الثُّلُثِ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ.
وَتَجُوزُ مَكْسُورَةُ الْقَرْنَيْنِ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: لَا تَجُوزُ إِلا أَنْ يَكُونَ دَاخِلُهُ صَحِيحًا، يَعْنِي الْمُشَاشَ
1122 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنا أَبُو الْحَبَّاسِ الطَّحَّانُ، أَنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ قُرَيْشٍ، أَنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنا أَبُو عُبَيْدٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جُرَيَّ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَفَعَهُ أَنَّهُ «نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِالأَعْضَبِ الْقَرْنِ وَالأُذُنِ»
الأَعْضَبُ: الْمَكْسُورُ الْقَرْنِ، يُرْوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ: هُوَ النِّصْفُ فَمَا فَوْقَهُ.
قَالَ أَبُو زَيْدٍ: فَإِنِ انْكَسَرَ الْقَرْنُ الْخَارِجُ، فَهُوَ أَقْصَمُ، وَالأُنْثَى: قَصْمَاءُ، وَإِذَا انْكَسَرَ الدَّاخِلُ، فَهُوَ أَعْضَبُ، وَالأُنْثَى عَضْبَاءُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ يَكُونُ الْعَضَبُ فِي الأُذُنِ أَيْضًا، فَأَمَّا الْمَعْرُوفُ، فَفِي الْقَرْنِ، وَهُوَ فِيهِ أَكْثَرُ، وَأَمَّا نَاقَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي كَانَتْ تُسَمَّى عَضْبَاءَ، فَلَيْسَ مِنْ هَذَا، إِنَّمَا ذَاكَ اسْمٌ لَهَا سُمِّيَتْ بِهِ.
1123 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ مَاذَا يُتَّقَى مِنَ الضَّحَايَا؟ فَأَشَارَ بِيَدِهِ، قَالَ: أَرْبَعًا، وَكَانَ الْبَرَاءُ يُشِيرُ بِيَدِهِ، وَيَقُولُ: يَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا،
وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي».
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، لَا يُعْرَفُ إِلا مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ، عَنِ الْبَرَاءِ.
وَرَوَاهُ شُعْبَة، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ
قَالَ: «وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تُنْقِي» ، وَقَوْلُهُ:«لَا تُنْقِي» ، أَيْ: لَا نِقْيَ لِعِظَامِهَا، وَهُوَ الْمُخُّ مِنَ الضَّعْفِ وَالْهُزَالِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَيْبَ الْخَفِيفَ فِي الضَّحَايَا مَعْفُوٌّ عَنْهُ، أَلا تَرَاهُ، يَقُولُ:«الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْبَيِّنُ ظَلْعُهَا» .
قَالَ شُعْبَةُ: سَأَلْتُ الْحَكَمَ عَنْ عَيْنِ الأُضْحِيَّةِ، يَكُونُ فِيهَا الْبَيَاضُ، فَكَرِهَهَا، وَسَأَلْتُ حَمَّادًا، فَلَمْ يَكْرَهْهَا، وَسَأَلْتُ الْحَكَمَ عَنِ الْبَتْرَاءِ، فَرَخَّصَ فِيهَا، وَسَأَلْتُ حَمَّادًا فَكَرِهَهَا.
قَالَ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ: كُنَّا نُسَمِّنُ الأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ