المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب قيام شهر رمضان وفضله - شرح السنة للبغوي - جـ ٤

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ صَلاةِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ مَنْ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَفْتَتِحُ صَلاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ

- ‌بَابُ تَطْوِيلِ قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ كَيْفَ الْقِرَاءَةُ بِاللَّيْلِ

- ‌بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ الاجْتِهَادِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ الأَخْذِ بِالْقَصْدِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ وَغَيْرِهِ مِنَ الأُمُورِ

- ‌بَابُ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ

- ‌بَابُ تَرْكِ الْعَمَلِ عِنْدَ غَلَبَةِ النَّوْمِ وَالْفُتُورِ

- ‌بَابُ قِيَامِ وَسَطِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ إِحْيَاءِ آخِرِ اللَّيْلِ وَفَضْلِهِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ صَلاةِ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَالْوِتْرِ بِوَاحِدَةٍ

- ‌بَابُ الْوِتْرِ بِثَلاثٍ وَبِخَمْسٍ وَسَبْعٍ أَوْ أَكْثَرَ

- ‌بَابُ يَجْعَلُ آخِرَ صَلاتِهِ بِاللَّيْلِ وِتْرًا

- ‌بَابُ مُبَادَرَةِ الصُّبْحِ بِالْوِتْرِ

- ‌بَابُ الْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ

- ‌بَابُ مَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَ اللَّيْلِ يُؤَخِّرُ الْوِتْرَ

- ‌بَابُ جَمِيعِ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَقْتٌ لِلْوِتْرِ

- ‌بَابُ إِيقَاظِ الأَهْلِ لِلْوِتْرِ

- ‌بَابُ مَا يُقْرَأُ فِي الْوِتْرِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْوِتْرِ

- ‌بَابُ صَلاةِ اللَّيْلِ قَاعِدًا

- ‌بَابُ مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ قَضَاهُ بِالنَّهَارِ

- ‌بَابُ قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَفَضْلُهُ

- ‌بَابٌ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ

- ‌بَابُ فَضْلِ التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ

- ‌بَابُ صَلاةِ الضُّحَى

- ‌بَابُ عَدَدِ صَلاةِ الضُّحَى

- ‌بَابُ فَضْلِ صَلاةِ الضُّحَى

- ‌بَابُ وَقْتِ صَلاةِ الضُّحَى

- ‌بَابُ فَضْلِ مَنْ تَطَهَّرَ فَصَلَّى عُقَيْبَهُ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ عِنْدَ التَّوْبَةِ

- ‌بَابُ صَلاةِ الاسْتِخَارَةِ

- ‌بَابُ صَلاةِ التَّسْبِيحِ

- ‌بَابُ فَضْلِ التَّطَوُّعِ

- ‌أَبْوَابُ صَلاةِ السَّفَرِ

- ‌بَابُ قَصْرِ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ جَوَازِ الْقَصْرِ فِي حَالِ الأَمْنِ

- ‌بَابُ إِذَا مَكَثَ الْمُسَافِرُ فِي مَنْزِلٍ إِلَى كَمْ يَقْصُرُ

- ‌بَابُ صَلاةِ الْمُقِيمِ خَلْفَ الْمُسَافِرِ

- ‌بَابُ مَنْ لَمْ يَتَطَوَّعْ فِي السَّفَرِ

- ‌بَابُ التَّطَوُّعِ وَالْوِتْرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ أَيْنَ تَوَجَّهَتْ

- ‌بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ فِي السَّفَرِ

- ‌بَابُ الْجَمْعِ بِعُذْرِ الْمَطَرِ

- ‌6 - كِتَابُ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ فَرْضِ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ فَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَمَا قِيلَ فِي سَاعَةِ الإِجَابَةِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ بِغَيْرِ عُذْرٍ

- ‌بَابُ الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى

- ‌بَابُ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ

- ‌بَابُ التَّنَظُّفِ وَالتَّطَيُّبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ التَّبْكِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ صَلاةِ الْجُمُعَةِ وَالْقَيْلُولَةِ بَعْدَهَا

- ‌بَابُ التَّسْلِيمِ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَالاعْتِمَادِ عَلَى الْعَصَا

- ‌بَابُ الأَذَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ الْخُطْبَةِ قَائِمًا وَالْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ

- ‌بَابُ قَصْرِ الْخُطْبَةِ

- ‌بَابُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْخُطْبَةِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْخُطْبَةِ

- ‌بَابُ الإِنْصَاتِ لِلْخُطْبَةِ وَاسْتِقْبَالِ الإِمَامِ

- ‌بَابُ مَنْ دَخَلَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ التَّخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ مَنْ نَعَسَ يَتَحَوَّلُ

- ‌بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ صَلاةِ الْخَوْفِ

- ‌بَابُ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ فَرَّقَهُمُ الإِمَامُ فِرْقَتَيْنِ فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ: تَقُومُ الطَّائِفَةُ الأُولَى فَتُتِمُّ صَلاتَهَا ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَيُصَلِّي بِهِمُ الإِمَامُ رَكْعَةً

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ

- ‌بَابُ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ مِنْ نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ صَلَّى الإِمَامُ بِهِمْ جَمِيعًا وَحَرَسُوا فِي السُّجُودِ

- ‌بَابُ الْعِيدَيْنِ

- ‌بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى يَوْمَ الْعِيدِ

- ‌بَابُ لَا أَذَانَ وَلا إِقَامَةَ لِصَلاةِ الْعِيدِ وَتَقْدِيمِ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ

- ‌بَابُ تَكْبِيرَاتِ صَلاةِ الْعِيدِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهَا

- ‌بَابُ مَنْ خَالَفَ الطَّرِيقَ إِذَا رَجَعَ مِنَ الْمُصَلَّى

- ‌بَابُ الصَّلاةِ قَبْلَ صَلاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا

- ‌بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْعِيدَيْنِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي اللَّعِبِ يَوْمَ الْعِيدِ

- ‌بَابُ سُنَّةِ عِيدِ الأَضْحَى وَتَأْخِيرِ الأُضْحِيَةِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الأُضْحِيَّةِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهَا

- ‌بَابُ ثَوَابِ الأُضْحِيَّةِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الْعَمَلِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ

- ‌بَابُ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَظُفْرِهِ شَيْئًا

- ‌بَابُ الاشْتِرَاكِ فِي الأُضْحِيَّةِ

- ‌بَابُ الأَكْلِ مِنَ الأُضْحِيَّةِ بَعْدَ ثَلاثٍ فَأَكْثَرَ

- ‌بَابُ صَلاةِ الْخُسُوفِ وَإِطَالَتِهَا

- ‌بَابُ مَنْ صَلَّى فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَيْنِ وَنِدَاءُ الصَّلاةِ جَامِعَةً

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلاةِ الْخُسُوفِ

- ‌بَابُ الْعَتَاقَةِ فِي الْكُسُوفِ

- ‌بَابُ الْخَوْفِ مِنَ الرِّيحِ

- ‌بَابُ رَمْيِ النَّجْمِ

- ‌بَابُ السُّجُودِ عِنْدَ حُدُوثِ آيَةٍ

- ‌بَابُ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الاسْتِسْقَاءِ

- ‌بَابُ الاسْتِسْقَاءِ بِأَهْلِ الصَّلاحِ وَأَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ

- ‌بَابُ الاسْتِسْقَاءِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ الاسْتِمْطَارِ بِالأَنْوَاءِ

- ‌بَابُ الْغُيُوبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلا اللَّهُ

- ‌بَابُ الْبُرُوزِ لِلْمَطَرِ

- ‌7 - كِتَابُ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ فَضْلِ تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَتَعْلِيمِهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ تِلاوَةِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ فَضْلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ فَضْلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ

- ‌بَابُ فَضْلِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ

- ‌بَابُ السَّبْعِ الطُّوَلِ

- ‌بَابُ فَضْلِ سُورَةِ الْكَهْفِ

- ‌بَابٌ فِي {الم {1} تَنْزِيلُ} [السَّجْدَة: 1 - 2] السَّجْدَةِ وَتَبَارَكَ

- ‌بَابُ فَضْلِ سُورَةِ الإِخْلاصِ

- ‌بَابُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ

- ‌بَابُ كَيْفَ الْقِرَاءَةُ وَالتَّرْجِيعُ فِيهَا

- ‌بَابُ التَّغَنِّي بِالْقُرْآنِ

- ‌بَابُ سَمَاعِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ تَعَهُّدِ الْقُرْآنِ وَوَعِيدِ مَنْ نَسِيَهُ

- ‌بَابٌ فِي كَمْ يُقْرَأُ

- ‌بَابُ

- ‌بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ

- ‌بَابُ جَمْعِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ لَا يُسَافَرُ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ

الفصل: ‌باب قيام شهر رمضان وفضله

‌بَابُ قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَفَضْلُهُ

988 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» .

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ بِعَزِيمَةٍ، فَيَقُولُ:«مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 116

وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَصَدْرًا مَنْ خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

989 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّى بِصَلاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ الْقَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الْثَالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أَصْبَحَ، قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ، إِلا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْكُمْ، قَالَتْ: وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ ".

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ

ص: 117

فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ كَانَ يُفْرَضُ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ أَكْمَلَ اللَّهُ الْفَرَائِضَ، وَرَدَّ الْخَمْسِينَ إِلَى الْخَمْسِ؟ قِيلَ: كَانَتْ صَلاةُ اللَّيْلِ وَاجِبَةً عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَفْعَالُهُ الشَّرْعِيَّةُ كَانَ الاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهَا وَاجِبًا، فَكَانَ لَا يَأْمَنُ إِنْ هُوَ وَاظَبَ عَلَى الصَّلاةِ بِهِمْ أَنْ يَلْزَمَهُمُ الاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهِ، فَالزِّيَادَةُ مِنْ جِهَةِ وُجُوبِ الاقْتِدَاءِ بِهِ، لَا مِنْ جِهَةِ إِنْشَاءِ فَرْضٍ مُسْتَأْنَفٍ، عَلَى أَنَّ الإِنْسَانَ قَدْ يُكَلِّفُ نَفْسَهُ مَا لَمْ يُوجِبْهُ الشَّرْعُ، ثُمَّ تَلْحَقُهُ اللَّائِمَةُ بِتَرْكِهِ، كَمَا لَوْ نَذَرَ صَلاةً تَلْزَمُهُ، وَكَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى، عَنْ فَرِيقٍ مِنَ النَّصَارَى، أَنَّهُمُ ابْتَدَعُوا رَهْبَانِيَّةً لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَصَّرُوا فِيهَا، فَلَحِقَتْهُمُ اللَّائِمَةُ، فَقَالَ سبحانه وتعالى:{فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الْحَدِيد: 27] فَأَشْفَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ، فَتَرَكَ الْعَمَلَ

990 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِئِ، أَنَّهُ قَالَ: " خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ،

ص: 118

فَيُصَلِّي بِصَلاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرَ: إِنِّي أَرَانِي لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ كَانَ أَمْثَلَ، ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَقَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاةِ قَارِئِهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ: نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ.

يُرِيدُ: آخِرَ اللَّيْلِ، وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ ".

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَأَخْرَجَ مُحَمَّدٌ هَذِهِ الْقِصَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ

قَوْلُهُ: «أَوْزَاعٌ» أَيْ: جَمَاعَاتٌ مُتَفَرِّقَةٌ لَا وَاحِدٍ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا، يُقَالُ: وَزَّعْتُ الشَّيْءَ بَيْنَهُمْ، أَيْ: فَرَّقْتُهُ وَقَسَمْتُهُ.

وَقَوْلُهُ: «نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ» إِنَّمَا دَعَاهُ بِدْعَةً، لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسُنَّهَا، وَلا كَانَتْ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَثْنَى عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ:«نِعْمَ» لِيَدُلَّ عَلَى فَضْلِهَا، وَلِئَلا يَمْنَعُ هَذَا اللَّقَبُ مِنْ فِعْلِهَا، وَيُقَالُ:«نِعْمَ» كَلِمَةٌ تَجْمَعُ الْمَحَاسِنَ كُلَّهَا، «وَبِئْسَ» كَلِمَةٌ تَجْمَعُ الْمَسَاوِئَ كُلَّهَا.

وَقِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ جَمَاعَةً سُنَّةٌ غَيْرُ بِدْعَةٍ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ» .

ص: 119

قَالَ رحمه الله: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، فَكَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمئين، حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ عَلَى الْعِصِيِّ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، وَمَا كُنَّا نَنْصرِفُ إِلا فِي فُرُوعِ الْفَجْرِ.

وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ: كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بِثَلاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً فِي رَمَضَانَ.

ص: 120

وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنْ يُصَلِّيَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ رَكْعَةً مَعَ الْوِتْرِ، وَهُوَ

ص: 121

قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَهُمْ، وَهُوَ اخْتِيَارُ إِسْحَاقَ.

ص: 122

وَأَمَّا أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَعَلَى عِشْرِينَ رَكْعَةً يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَكَذَا أَدْرَكْتُ بِبَلَدِنَا بِمَكَّةَ يُصَلُّونَ عِشْرِينَ رَكْعَةً.

وَلَمْ يَقْضِ أَحْمَدُ فِيهِ بِشَيْءٍ.

وَاخْتَارَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، الصَّلاةَ مَعَ الإِمَامِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ.

وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ أَنْ يُصَلِّيَ وَحْدَهُ إِذَا كَانَ قَارِئًا

ص: 123

991 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ، أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، نَا أَبُو عِيسَى، نَا هَنَّادٌ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَن أَبِي ذَرٍّ.

ح وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، وَاللَّفْظُ لَهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمْعَانَ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، نَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنا هُشَيْمٌ، أَنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، نَا أَبُو ذَرٍّ، قَالَ: شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَهْرِ رَمَضَانَ، فَلَمْ يَقُمْ فِي شَيْءٍ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى كَانَتْ لَيْلَةٌ سَابِعَةٌ بَقِيَتْ، فَقَامَ بِنَا إِلَى نَحْوٍ مِنَ ثُلُثِ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا لَيْلَةً سَادِسَةً بَقِيَتْ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةٌ خَامِسَةٌ بَقِيَتْ، قَامَ بِنَا إِلَى نَحْوٍ مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ نَفَّلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ؟ فَقَالَ:«إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا لَيْلَةً رَابِعَةً بَقِيَتْ، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةٌ ثَالِثَةٌ بَقِيَتْ قَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلاحُ» ، قُلْتُ: وَمَا الْفَلاحُ؟ قَالَ: السَّحُورُ، قَالَ: فَكَانَ يُوقِظُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَهْلَهُ وَبَنَاتِهِ وَنِسَاءَهُ.

ص: 124

قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَصْلُ «الْفَلاحِ» الْبَقَاءُ، وَسُمِّيَ السَّحُورُ فَلاحًا، إِذْ كَانَ سَبَبًا لِبَقَاءِ الصَّوْمِ، وَمُعِينًا عَلَيْهِ.

قَالَ مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: كُنَّا نَنْصَرِفُ فِي رَمَضَانَ مِنَ الْقِيَامِ، فَنَسْتَعْجِلُ الْخَدَمَ بِالسَّحُورِ مَخَافَةَ الْفَجْرِ

ص: 125