الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ كَرَاهِيَةِ الاسْتِمْطَارِ بِالأَنْوَاءِ
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الْوَاقِعَة: 82].
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: شُكْرَكُمْ.
وَهَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
قَالَ: " مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ بَرَكَةٍ إِلا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنَ النَّاسِ بِهَا كَافِرِينَ يُنْزِلُ اللَّهُ الْغَيْثَ، فَيَقُولُونَ: بِكَوْكَبِ كَذَا وَكَذَا ".
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ.
1169 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ، فِي أَثَرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: " هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ
وَبِرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي، كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي، مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ
قَوْلُهُ: «فِي أَثَرِ سَمَاءٍ» أَيْ فِي أَثَرِ مَطَرٍ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْمَطَرَ سَمَاءً، لأَنَّهُ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ.
وَالنَّوْءُ لِلْكَوَاكِبِ الثَّمَانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي هِيَ مَنَازِلُ الْقَمَرِ، يَسْقُطُ مِنْهَا فِي كُلِّ ثَلاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً نَجْمٌ مِنْهَا فِي الْمَغْرِبِ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَيَطْلُعُ آخَرُ يُقَابِلُهُ مِنَ الْمَشْرِقِ مِنْ سَاعَتِهِ، فَيَكُونُ انْقِضَاءُ السَّنَةِ مَعَ انْقِضَاءِ هَذِهِ الثَّمَانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ.
وَأَصْلُ النَّوْءِ، هُوَ النُّهُوضُ، سُمِّيَ نَوْءًا، لأَنَّهُ إِذَا سَقَطَ السَّاقِطُ مِنْهَا بِالْمَغْرِبِ نَاءَ الطَّالِعُ بِالْمَشْرِقِ يَنُوءُ نَوْءًا، وَذَلِكَ النُّهُوضُ، وَقَدْ يَكُونُ النَّوْءُ لِلسُّقُوطِ.
وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: إِذَا سَقَطَ مِنْهَا نَجْمٌ، وَطَلَعَ آخَرُ، لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ ذَلِكَ مَطَرٌ، فَيَنْسُبُونَ كُلَّ غَيْثٍ يَكُونُ عِنْدَ
ذَلِكَ إِلَى النَّجْمِ، فَيَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا.
وَهَذَا التَّغْلِيظُ فِيمَنْ يَرَى ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ النَّجْمِ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا، وَأَرَادَ: سَقَانَا اللَّهُ تَعَالَى بِفَضْلِهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ، وَالاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ "