الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ جَوَازِ الْقَصْرِ فِي حَالِ الأَمْنِ
1024 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَاهَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النِّسَاء: 101].
فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ؟ قَالَ عُمَرُ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فِي هَذَا حُجَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الإِتْمَامَ هُوَ الأَصْلُ، أَلا تَرَى أَنَّهُمَا قَدْ تَعَجَّبَا مِنَ الْقَصْرِ مَعَ عَدَمِ شَرْطِ الْخَوْفِ، فَلَوْ كَانَ أَصْلُ فَرْضِ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَتَعَجَّبَا مِنْ ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ وَإِبَاحَةٌ لَا عَزِيمَةٌ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ رَكْعَتَيِ الْمُسَافِرِ لَيْسَ بِقَصْرٍ، إِنَّمَا الْقَصْرُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً وَاحِدَةً عِنْدَ الْخَوْفِ وَالْقِتَالِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ جَابِرٍ، وَجَعَلَ شَرْطَ الْخَوْفِ الْمَذْكُورِ فِي الآيَةِ بَاقِيًا، وَهَذَا مُحْتَمَلٌ لَوْلا خَبَرُ عُمَرَ رضي الله عنه
1025 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح وأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ آمِنًا لَا يَخَافُ إِلا اللَّهَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
1026 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا آدَمُ، نَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ:«صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ أَكْثَرُ مَا كُنَّا قَطُّ وَآمَنَهُ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ.
وَحَارِثَةُ بْنُ وَهْبٍ الْخُزَاعِيُّ: هُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لأُمِّهِ
قَالَ رحمه الله: وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ، فَرَوَى شُعْبَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ الْهُنَائِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ قَصْرِ الصَّلاةِ، فَقَالَ أَنَسٌ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ، أَوْ ثَلاثَةِ فَرَاسِخَ، شَكَّ شُعْبَةُ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» .
وَرُوِيَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ إِلَى قَرْيَةٍ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَرَ، أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَفْعَلُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ.
قَالَ رحمه الله: فَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى إِبَاحَةِ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى النُّخَيْلَةِ، فَصَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ يَوْمِهِ.
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ الصَّلاةَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَمْسَةِ فَرَاسِخَ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي رِوَايَةٍ: إِنِّي لأُسَافِرُ السَّاعَةَ مِنَ النَّهَارِ فَأَقْصُرُ،
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: قَالَ لِي جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: أَقْصُرُ بِعَرَفَةَ.
أَمَّا عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ، فَلا يُجَوِّزُونَ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ، وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّهِ، قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ يَقُولُونَ: مَسِيرَةَ يَوْمٍ تَامٍّ، وَبِهَذَا نَأْخُذُ.
قَالَ رحمه الله: وَرَوَى سَالِمٌ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقْصُرُ الصَّلاةَ فِي مَسِيرَةِ الْيَوْمِ التَّامِّ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: سَمَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا وَلَيْلَةً سَفَرًا، وَأَرَادَ بِهِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«لَا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَيْسَ مَعَهَا حُرْمَةٌ» .
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، يَقْصُرَانِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ،
وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا، وَلا يَرَيَانِ فِيمَا دُونَهَا، سَافَرَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى رِيمٍ، فَقَصَرَ، قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ.
وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: أَقْصُرُ إِلَى عَرَفَةَ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: إِلَى مِنًى؟ قَالَ: لَا، لَكِنْ إِلَى جُدَّةَ، وَعُسْفَانَ وَالطَّائِفِ، وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا، رَوَاهُ عَنْهُ نَافِعٌ.
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَوْلُ الْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ، قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ، قَالا: يَقْصُرُ فِي مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ، وَإِلَى نَحْوِ ذَلِكَ أَشَارَ الشَّافِعِيُّ، حِينَ، قَالَ: مَسِيرَةَ لَيْلَتَيْنِ قَاصِدَتَيْنِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ:
سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ مِيلا بِالْهَاشِمِيِّ.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ لَا يَقْصُرُ إِلا فِي مَسَافَةِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ.
قَالَ رحمه الله: وَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلاةِ، وَهُوَ مُسَافِرٌ، فَأَقَامَ فِي الْوَقْتِ قَبْلَ أَنْ صَلاهَا، أَتَمَّهَا، وَلَوْ دَخَلَ الْوَقْتُ، وَهُوَ مُقِيمٌ، فَسَافَرَ قَبْلَ أَنْ صَلاهَا، وَالْوَقْتُ بَاقٍ، لَهُ أَنْ يَقْصُرَ، وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلاةٌ فِي السَّفَرِ، فَقَضَاهَا فِي الْحَضَرِ، أَوْ فَاتَتْهُ فِي الْحَضَرِ، فَقَضَاهَا فِي السَّفَرِ، أَتَمَّهَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَعِنْدَ مَالِكٍ إِنْ فَاتَتْ فِي السَّفَرِ، فَأَقَامَ، قَصَرَ، وَإِنْ فَاتَتْ فِي الْحَضَرِ فَسَافَرَ، أَتَمَّ، لأَنَّهُ إِنَّمَا يَقْضِي مِثْلَ الَّذِي وَجَبَ، وَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ لِلشَّافِعِيِّ.
وَمَسَافَةُ الْفِطْرِ عِنْدَ عَامَّتِهِمْ مِثْلُ مَسَافَةِ الْقَصْرِ.