الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الاسْتِسْقَاءِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ
1166 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخَرَقِيُّ، أَنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنِ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُغِيثَنَا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا» ، قَالَ أَنَسٌ: وَلا وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلا قَزَعَةٍ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلا دَارٍ، قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ، انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ، قَالَ أَنَسٌ: فَلا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سَبْتًا، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ
الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا عَنَّا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ، وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» ، قَالَ: فَأَقْلَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ، قَالَ شَرِيكٌ: فَسَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي.
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، وَابْنُ حُجْرٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، كُلٌّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ
الْقَزَعَةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ السَّحَابِ، وَجَمْعُهَا قَزَعٌ، وَالسَّلْعُ: جَبَلٌ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ بِسُكُونِ اللامِ.
الظِّرَابُ: الْجِبَالُ الصِّغَارُ، جَمْعُ الظَّرِبِ، وَالآكَامُ: جَمْعُ الأَكَمَةِ، وَهِيَ التَّلُّ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الأَرْضِ
1167 -
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، أَنا أَبُو
نُعَيْمٍ الإِسْفَرَايِينِيُّ، أَنا أَبُو عَوَانَةَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ، نَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، إِذْ قَامَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ الْمَالُ، وَجَاعَ الْعِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا وَضَعَهُمَا حَتَّى ثَارَ سَحَابٌ كَأَمْثَالِ الْجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنِ الْمِنْبَرِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْحَدِرُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَمِنَ الْغَدِ، وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ الَّذِي يَلِيهِ حَتَّى الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، أَوْ قَالَ: رَجُلٌ غَيْرُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ، وَغَرِقَ الْمَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ فَقَالَ:«اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلا عَلَيْنَا» قَالَ: فَمَا يُشِيرُ بِيَدَيْهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّحَابِ إِلا تَمَزَّقَتْ حَتَّى صَارَتِ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْجَوْبَةِ، وَسَالَ الْوَادِي
وَادِي قَنَاةَ شَهْرًا، وَلَمْ يَجِئْ رَجُلٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَوَادِي إِلا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ.
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ رَشِيدٍ، كِلاهُمَا عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ
قَوْلُهُ: أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ، أَيْ: قَحْطٌ.
قَوْلُهُ: «يَنْحَدِرُ الْمَاءُ عَلَى لِحْيَتِهِ» يُرِيدُ أَنَّ السَّقْفَ قَدْ وَكَفَ حَتَّى خَلَصَ الْمَاءُ إِلَيْهِ.
وَالْجَوْبَةُ: الْفُرْجَةُ فِي السَّحَابِ، وَيُقَالُ: الْجَوْبَةُ هَهُنَا: التُّرْسُ يُرِيدُ فِي الاسْتِدَارَةِ، وَالْجَوْبَةُ أَيْضًا: الْوَهْدَةُ الْمُنْقَطِعَةُ عَمَّا عَلا مِنَ الأَرْضِ حَوَالَيْهَا، وَالْجَوْدُ: الْمَطَرُ الْوَاسِعُ
1168 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْخَرَقِيُّ، أَنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، نَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " قَحَطَ الْمَطَرُ عَامًا، فَقَامَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ
إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَحَطَ الْمَطَرُ، وَأَجْدَبَتِ الأَرْضُ، وَهَلَكَ الْمَالُ، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ سَحَابَةً، فَمَدَّ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ يَسْتَسْقِي اللَّهَ، فَقَالَ: فَمَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ حَتَّى أَهَمَّ الشَّابَّ الْقَرِيبَ الدَّارِ الرُّجُوعُ إِلَى أَهْلِهِ، فَدَامَتْ جُمُعَةً، فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الَّتِي تَلِيهَا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ، وَاحْتَبَسَ الرُّكْبَانُ، قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِسُرْعَةِ مَلالَةِ ابْنِ آدَمَ، قَالَ بِيَدِهِ:" اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلا عَلَيْنَا، قَالَ: فَتَكَشَّطَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ
قَوْلُهُ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا» فِيهِ إِضْمَارٌ، أَيِ: اجْعَلْهُ حَوَالَيْنَا، أَوْ أَمْطِرْ حَوَالَيْنَا فِي مَوْضِعِ النَّبَاتِ وَالصَّحَارَى، لَا فِي مَوْضِعِ الأَبْنِيَةِ، يُقَالُ: رَأَيْتُ النَّاسَ حَوْلَهُ وَحَوْلَيْهِ وَحَوَالَهُ وَحَوَالَيْهِ، وَيُجْمَعُ أَحْوَالا.
وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوَاكِي، فَقَالَ:«اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مَرِيئًا مَرِيعًا، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، عَاجِلا غَيْرَ آجِلٍ» ، قَالَ: فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَوْلُهُ «يُوَاكِي» مَعْنَاهُ: التَّحَامُلُ عَلَى يَدَيْهِ إِذَا رَفَعَهُمَا، وَمَدَّهُمَا فِي الدُّعَاءِ، وَمِنْ هَذَا التَّوَكُّؤُ عَلَى الْعَصَا، وَهُوَ التَّحَامُلُ عَلَيْهَا.
وَقَوْلُهُ: مَرِيعًا أَيْ: ذَا مَرَاعَةٍ وَخِصْبٍ، يُقَالُ: أَمْرَعَتِ الْبِلادُ: إِذَا أَخْصَبَتْ، وَيُرْوَى:«مُرْبِعًا» بِالْبَاءِ، أَيْ: مُنْبِتًا لِلرَّبِيعِ، وَيُقَالُ: الْمُرْبِعُ: الْمُغْنِي عَنِ الارْتِيَادِ لِعُمُومِهِ، وَالنَّاسُ يَرْبَعُونَ حَيْثُ شَاءُوا، وَلا يَحْتَاجُونَ إِلَى النُّجْعَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ: ارْبَعْ عَلَى نَفْسِكَ، أَيِ اثْبُتْ وَارْفُقْ، بِهَا، وَيُرْوَى: مُرْتِعًا، أَيْ: يُنْبِتُ اللَّهُ بِهِ مَا تَرْتَعُ فِيهِ الإِبِلُ، يُقَالُ: رَتَعَتِ الإِبِلُ، وَأَرْتَعَهَا اللَّهُ عز وجل، وَالرَّتْعَةُ، بِسُكُونِ التَّاءِ وَحَرَكَتِهَا، الاتِّسَاعُ فِي الْخِصْبِ، وَكُلُّ مُخْصِبٍ مُرْتِعٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} [يُوسُف: 12].
قَوْلُهُ: «أَطْبَقَتْ» أَيْ: مَلأَتْ، وَفِي الدُّعَاءِ:«اسْقِنَا غَيْثًا طَبَقًا» أَيْ: مَالِئًا الأَرْضَ، وَالْغَيْثُ الطَّبَقُ: هُوَ الْعَامُّ الْوَاسِعُ يُطَبِّقُ الأَرْضَ بِالْمَاءِ