الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبْوَابُ صَلاةِ السَّفَرِ
بَابُ قَصْرِ الصَّلاةِ
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النِّسَاء: 101].
1020 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ، أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، نَا أَبُو عِيسَى، نَا قُتَيْبَةُ، نَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، سَمِعَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ:«صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ،
عَنْ سُفْيَانَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ سُفْيَانَ
1021 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُسَدَّدٌ، نَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:«صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ ثُمَّ أَتَمَّهَا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ
قَالَ رحمه الله: اتَّفَقَتِ الأُمَّةُ عَلَى جَوَازِ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ، وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الإِتْمَامِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّ الْقَصْرَ وَاجِبٌ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، قَالَ حَمَّادٌ: يُعِيدُ مَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا، وَقَالَ مَالِكٌ: يُعِيدُ مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِنْ لَمْ يَقْعُدْ لِلتَّشَهُّدِ فِي الثَّانِيَةِ، فَصَلاتُهُ فَاسِدَةٌ، وَإِنْ قَعَدَ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا، وَالأُخْرَيَانِ نَفْلٌ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى جَوَازِ الإِتْمَامِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقَدْ أَتَمَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، مَعَ عُثْمَانَ بِمِنًى، وَهُوَ مُسَافِرٌ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنَّهُ إِنْ شَاءَ أَتَمَّ، وَإِنْ شَاءَ قَصَرَ، وَالْقَصْرُ أَفْضَلُ، وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ:«أَنَّهَا كَانَتْ تَصُومُ فِي السَّفَرِ وَتُصَلِّي أَرْبَعًا» .
وَقَالَ أَحْمَدُ مَرَّةً: أَنَا أُحِبُّ الْعَافِيَةَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَرُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا صَلَّى عُثْمَانُ أَرْبَعًا، لأَنَّهُ كَانَ اتَّخَذَهَا وَطَنًا.
وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: إِنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ، لأَنَّهُ اتَّخَذَ
الأَمْوَالَ بِالطَّائِفِ، وَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا، وَقَالَ أَيُّوبُ عَنِ الزُّهْرِيِّ: إِنَّ عُثْمَانَ أَتَمَّ الصَّلاةَ بِمِنًى مِنْ أَجْلِ الأَعْرَابِ، لأَنَّهُمْ كَثُرُوا عَامَئِذٍ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ أَرْبَعًا لِيُعَلِّمَهُمْ أَنَّ الصَّلاةَ أَرْبَعٌ.
وَرُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«الصَّلاةُ أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ فَأُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفَرِ، وَأُتِمَّتْ صَلاةُ الْحَضَرِ» ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ: فَمَا بَالُ عَائِشَةَ تُتِمُّ؟ قَالَ: تَأَوَّلَتْ مَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ
1021 -
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً» ، أَخْبَرَنَاهُ الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، أَنا أَبُو نُعَيْمٍ، أَنا أَبُو عَوَانَةَ، نَا الصَّغَانِيُّ، نَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، أَنا أَبُو عَوَانَةَ، نَا بُكَيْرُ بْنُ الأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ
وَقَدَ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ الصَّلاةَ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ يُومِئُ بِهَا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَالْحَسَنِ، وَمُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ، وَالْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ، وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ: لَيْسَتَا بِقَصْرٍ، إِنَّمَا الْقَصْرُ وَاحِدَةٌ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَكَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهُوَيْهِ، يَقُولُ: أَمَّا عِنْدَ الشِّدَّةِ، فَيُجْزِئُكَ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ تُومِئُ إِيمَاءً، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَسَجْدَةٌ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَتَكْبِيرَةٌ، لأَنَّهَا ذِكْرُ اللَّهِ.
وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ صَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ إِيمَاءً، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى رَكْعَتَيْنِ، فَرَكْعَةٌ بِسَجْدَتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا، فَلا يُجْزِئُهُمُ التَّكْبِيرُ، وَيُؤَخِّرُوهَا حَتَّى يَأْمَنُوا، وَبِهِ قَالَ مَكْحُولٌ.
فَأَمَّا أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْخَوْفَ لَا يُنْقِصُ مِنَ الْعَدَدِ شَيْئًا.
1023 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«كُلُّ ذَلِكَ قَدْ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَصَرَ الصَّلاةَ، وَأَتَمَّ»
قَالَ رحمه الله: لَوِ اقْتَدَى مُقِيمٌ بِمُسَافِرٍ، قَصَرَ الْمُسَافِرُ، وَأَتَمَّ الْمُقِيمُ.
رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى لَهُمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ أَتِمُّوا صَلاتَكُمْ، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ، فَلَوْ
صَلَّى الإِمَامُ الْمُسَافِرُ أَرْبَعًا صَحَّتْ صَلاتُهُمْ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ لِلْمُسَافِرِ الإِتْمَامَ، وَمَنْ أَبْطَلَ صَلاةَ الإِمَامِ بِالإِتْمَامِ أَوْجَبَ الإِعَادَةَ عَلَى الْقَوْمِ، وَسُئِلَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُسَافِرٍ صَلَّى بِمُقِيمِينَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ يُعِيدَ الْمُقِيمُونَ، قِيلَ: فَالْمُسَافِرُ؟ قَالَ: لَا يُعِيدُ، وَقَدْ قَالَ حَمَّادٌ: يُعِيدُ وَلا يَزِيدُ، وَلَوِ اقْتَدَى مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ أَتَّمَا جَمِيعًا