الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ التَّبْكِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ
1061 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ مَلائِكَةٌ يَكْتُبُونَ النَّاسَ عَلَى مَنَازِلِهِمُ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ، طُوِيَتِ الصُّحُفُ، وَاسْتَمَعُوا الْخُطْبَةَ، وَالْمُهَجِّرُ إِلَى الصَّلاةِ كَالْمُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي كَبْشًا، حَتَّى ذَكَرَ الدَّجَاجَةَ وَالْبَيْضَةَ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ: التَّهْجِيرُ إِلَى الْجُمُعَةِ: التَّبْكِيرُ
1062 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخَرَقِيُّ، أَنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ وَلا تَغْرُبُ عَلَى يَوْمٍ أَفْضَلَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هِيَ تَفْزَعُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِلا هَذَيْنِ الثَّقَلَيْنِ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ، عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَكَانِ يَكْتُبَانِ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، فَكَرَجُلٍ قَدَّمَ بَدَنَةً، وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ بَقَرَةً، وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ شَاةً، وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ طَائِرًا، وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ بَيْضَةً، فَإِذَا حَضَرَ الإِمَامُ طُوِيَتِ الصُّحُفُ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
1063 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرِيرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ، حَضَرَتِ الْمَلائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ
قَالَ رحمه الله: اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ السَّاعَاتِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهَا سَاعَاتٌ لَطِيفَةٌ بَعْدَ الزَّوَالِ لَا يُرِيدُ بِهِ حَقِيقَةَ السَّاعَاتِ الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا حِسَابُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، لأَنَّ الرَّوَاحَ لَا يَكُونُ إِلا بَعْدَ الزَّوَالِ، يُقَالُ: غَدَا الرَّجُلُ فِي حَاجَتِهِ: إِذَا خَرَجَ فِيهَا صَدْرَ النَّهَارِ، وَرَاحَ لَهَا: إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي الشَّطْرِ الآخِرِ مِنَ النَّهَارِ، وَلا يَبْقَى عَلَيْهِ بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ وَقْتِ الْجُمُعَةِ خَمْسُ سَاعَاتٍ، يُحْكَى هَذَا الْمَعْنَى عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: جَلَسْتُ عِنْدَ فُلانٍ سَاعَةً، لَا يُرِيدُ بِهِ التَّحْدِيدَ بِسَاعَةِ النَّهَارِ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنْهُ سَاعَاتُ النَّهَارِ، فَبَيَّنَ فَضْلَ مَنْ جَاءَ فِي السَّاعَةِ الأُولَى مِنَ النَّهَارِ مُبَكِّرًا، قَبْلَ الزَّوَالِ عَلَى مَنْ جَاءَ مِنْ بَعْدُ، وَذَكَرَ بِلَفْظِ الرَّوَاحِ، لأَنَّهُ خَرَجَ لِفِعْلٍ يَفْعَلُهُ وَقْتَ الرَّوَاحِ، كَمَا يُقَالُ لِلْقَاصِدِينَ إِلَى الْحَجِّ: حُجَّاجٌ، وَلِلْخَارِجِينَ إِلَى الْغَزْوِ: غُزَاةٌ، وَلَمَّا يَحُجُّوا وَيَغْزُوا بَعْدُ.
وَقِيلَ: مَنْ رَاحَ إِلَى الْجُمُعَةِ: أَرَادَ مَنْ خَفَّ إِلَيْهَا، وَلَمْ يُرِدْ رَوَاحَ آخِرِ النَّهَارِ، يُقَالُ: تَرَوَّحَ الْقَوْمُ وَرَاحُوا: إِذَا سَارُوا أَيَّ وَقْتٍ كَانَ
1064 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمْعَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الرَّيَّانِيُّ، نَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، نَا أَبُو مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ،
عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ، وَغَدَا وَابْتَكَرَ، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ، وَلَمْ يَلْغُ.
كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا»
1065 -
وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْفَاشَانِيُّ، أَنا الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُئِيُّ، نَا أَبُو دَاوُدَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْجَرْجَرَائِيُّ، نَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي أَبُو الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنِي أَوْسُ بْنُ أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ، فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا» .
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَأَبُو الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيُّ، اسْمُهُ شَرَاحِيلُ بْنُ آدَةَ، شَامِيٌّ
قَوْلُهُ: «غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ، وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ» اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهَا، مِنْهُمْ مَنْ، قَالَ: مَعْنَى اللَّفْظَيْنِ وَاحِدٌ، وَقَصَدَ بِهِ التَّأْكِيدَ وَالْمُبَالَغَةَ، كَقَوْلِهِ: مَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، هُمَا لَفْظَانِ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَالْعَرَبُ تَشْتَقُّ مِنَ اللَّفْظَةِ لَفْظَةً أُخْرَى عِنْدَ الْمُبَالَغَةِ، كَقَوْلِهِمْ: جَادٌّ مُجِدٌّ، وَلَيْلٌ لائِلٌ، وَشِعْرٌ شَاعِرٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «غَسَّلَ» مَعْنَاهُ: غَسَلَ الرَّأْسَ خَاصَّةً، لأَنَّ الْعَرَبَ لَهُمْ لِمَمٌ وَشُعُورٌ، وَفِي غَسْلِهَا مَئُونَةٌ، فَأَفْرَدَهَا بِالذِّكْرِ، وَ «اغْتَسَلَ» يَعْنِي غَسَلَ سَائِرَ الْجَسَدِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَكْحُولٌ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ.
وَقِيلَ: «غَسَّلَ» يَعْنِي أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ، وَ «اغْتَسَلَ» يَعْنِي سَائِرَ جَسَدِهِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «غَسَّلَ» مَعْنَاهُ: أَصَابَ أَهْلَهُ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الْجُمُعَةِ، لِيَكُونَ أَمْلَكَ لِنَفْسِهِ، وَأَحْفَظَ فِي طَرِيقِهِ لِبَصَرِهِ، وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الْعَرَبِ:«فَحْلٌ غُسَلَةٌ» إِذَا كَانَ كَثِيرَ الضِّرَابِ، وَاغْتَسَلَ بِنَفْسِهِ، يُحْكَى هَذَا الْمَعْنَى عَنْ وَكِيعٍ.
وَقَوْلُهُ: «بَكَّرَ وَابْتَكَرَ» قِيلَ: مَعْنَى بَكَّرَ، أَيْ: أَتَى الصَّلاةَ لأَوَّلِ وَقْتِهَا، وَابْتَكَرَ: أَدْرَكَ بَاكُورَةَ الْخُطْبَةِ، وَهِيَ أَوَّلُهَا، وَقَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ: مَعْنَى: بَكَّرَ أَيْ: تَصَدَّقَ قَبْلَ خُرُوجِهِ، وَتَأَوَّلَ فِيهِ الْحَدِيثَ «بَاكِرُوا بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّ الْبَلاءَ لَا يَتَخَطَّاهَا» .
قَوْلُهُ: وَلَمْ يَلْغُ، يُرِيدُ: لَمْ يَتَكَلَّمْ، لأَنَّ الْكَلامَ فِي وَقْتِ الْخُطْبَةِ لَغْوٌ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا قُلْتَ لأَخِيكَ: أَنْصِتْ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ «.
وَيُرْوَى» مَنْ مَسَّ الْحَصَا فَقَدْ لَغَا "، يَعْنِي: قَدْ تَكَلَّمَ.
وَقِيلَ: لَغَا عَنِ الصَّوَابِ، أَيْ: مَالَ عَنْهُ، وَقِيلَ: أَيْ: خَابَ، وَقَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا} [الْوَاقِعَة: 25] أَيْ كَلامًا مُطَرَّحًا، وَأَلْغَى، أَيْ: أَسْقَطَ، فَاللَّغْوُ: كُلُّ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُلْغَى وَيُسْقَطَ، وَفِيهِ ثَلاثُ لُغَاتٍ، لَغَا يَلْغُو، وَأَلْغَى يُلْغِي، وَلَغَى يَلْغَى، وَقَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{وَالْغَوْا فِيهِ} [فصلت: 26] مِنْ لَغَا: إِذَا تَكَلَّمَ بِمَا لَا مَحْصُولَ لَهُ، قَالَ سَلْمَانُ: إِيَّاكُمْ وَمَلْغَاةَ أَوَّلِ اللَّيْلِ، يُرِيدُ اللَّغْوَ وَالْبَاطِلَ