الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ سُنَّةِ عِيدِ الأَضْحَى وَتَأْخِيرِ الأُضْحِيَةِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الْكَوْثَر: 2].
يَعْنِي: صَلاةَ عِيدِ الأَضْحَى، وَانْحَرِ الْبُدْنَ، وَقِيلَ: صَلِّ الْغَدَاةَ، وَانْحَرْ، وَقِيلَ: انْحَرْ، أَيِ: انْتَصِبْ بِنَحْرِكَ إِزَاءَ الْقِبْلَةِ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.
1113 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُسَدَّدٌ، نَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ، فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
1114 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، نَا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ، قَالَ:" إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا: أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ نُصَلِّيَ، فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ "، فَقَامَ خَالِي، أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أُصَلِّيَ، وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ، قَالَ:«اجْعَلْهَا مَكَانَهَا» ، أَوْ قَالَ:«اذْبَحْهَا وَلا تَجْزِي جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ.
وَقَالَ مُطَرِّفٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، إِنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنَ الْمَعْزِ؟ قَالَ:«اذْبَحْهَا وَلا تَصْلُحُ لِغَيْرِكَ»
قَوْلُهُ: «لَا تَجْزِي عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» ، أَيْ: لَا تَقْضِي، بِلا هَمْزٍ، يُقَالُ: جَزَى عَنِّي هَذَا الأَمْرُ، وَيَجْزِيكَ مِنْ هَذَا الأَمْرِ الأَقَلُّ، أَيْ: يَقْضِي وَيَنُوبُ، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [الْبَقَرَة: 48] أَيْ: لَا تَقْضِي عَنْهَا، وَلا تَنُوبُ، وَالْمُتَجَازِي لِلدَّيْنِ: هُوَ الْمُتَقَاضِي.
وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، أَيْ: قَضَاهُ اللَّهُ مَا أَسْلَفَ، فَإِذَا كَانَ بِمَعْنَى الْكِفَايَةِ، قُلْتُ: جَزَأَ عَنِّي وَأَجْزَأَ بِالْهَمْزِ.
وَالْجَذَعُ مِنَ الْمَعْزِ غَيْرُ جَائِزٍ فِي الأُضْحِيَّةِ، وَيَجُوزُ مِنَ الضَّأْنِ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ، قِيلَ: لأَنَّهُ يَنْزُو، فَيُلْقِحُ، وَمِنَ الْمَعْزِ لَا يُلْقِحُ حَتَّى يَصِيرَ ثَنِيًّا.
قَالَ رحمه الله: هَذَا الْحَدِيثُ يَشْتَمِلُ عَلَى بَيَانِ وَقْتِ الأُضْحِيَّةِ، وَالسِّنِّ الَّتِي تَجُوزُ فِي الأُضْحِيَّةِ.
أَمَّا وَقْتُهَا، فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، ثُمَّ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ وَقْتَ الأُضْحِيَّةِ يَدْخُلُ إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ النَّحْرِ قِيدَ رُمْحٍ، وَمَضَى بَعْدَهُ قَدْرُ رَكْعَتَيْنِ، وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، اعْتِبَارًا بِصَلاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَخُطْبَتِهِ، فَإِنْ ذَبَحَ بَعْدَهُ، جَازَ، سَوَاءً صَلَّى
الإِمَامُ، أَوْ لَمْ يُصَلِّ، فَإِنْ ذَبَحَ قَبْلَهُ، لَمْ يَجُزْ سَوَاءً كَانَ فِي الْمِصْرِ، أَوْ فِي الْقُرَى، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.
وَرَخَّصَ قَوْمٌ لأَهْلِ الْقُرَى أَنْ يَذْبَحُوا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، فَأَمَّا أَهْلُ الْمِصْرِ، فَلا ذَبْحَ لَهُمْ حَتَّى يُصَلِّيَ الإِمَامُ، فَإِنْ لَمْ يُصَلِّ، فَحَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَذْبَحُ حَتَّى يَذْبَحَ الإِمَامُ.
وَيَمْتَدُّ وَقْتُ الأُضْحِيَّةِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ وَقْتَ الأُضْحِيَّةِ يَوْمُ النَّحْرِ، وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.
أَمَّا سِنُّ الأُضْحِيَّةِ، فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مِنَ الإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، وَالْمَعْزِ، دُونَ الثَّنِيِّ، وَالثَّنِيُّ مِنَ الإِبِلِ: مَا اسْتَكْمَلَ خَمْسَ سِنِينَ، وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْمَعْزِ: مَا اسْتَكْمَلَ سَنَتَيْنِ، وَطَعَنَ فِي الثَّالِثَةِ.
أَمَّا الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى جَوَازِهِ، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ عَظِيمًا.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا يَجُوزُ مِنَ الضَّأْنِ إِلا الثَّنِيُّ فَصَاعِدًا، كَالإِبِلِ وَالْبَقْرِ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«نِعْمَتِ الأُضْحِيَّةُ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ» وَرُوِيَ هَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا
1115 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَنِيفِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، نَا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ، نَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، نَا أَبُو خَيْثَمَةَ، نَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَذْبَحُوا إِلا مُسِنَّةً، إِلا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ زُهَيْرٍ
وَرُوِيَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَصْحَابِهِ ضَحَايَا، فَصَارَتْ لِعُقْبَةَ جَذَعَةٌ، فَقَالَ:«ضَحِّ بِهَا»
1116 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ ضَحَايَا» ، فَبَقِيَ عَتُودٌ، فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«ضَحِّ بِهِ أَنْتَ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا، عَنْ قُتَيْبَةَ.
وَالسُّنَّةُ أَنْ يَذْبَحَ الأُضْحِيَّةَ بِنَفْسِهِ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَذْبَحَ بِالْمُصَلَّى
1117 -
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، أَنا أَبُو طَاهِرٍ الزِّيَادِيُّ، أَنا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلالٍ، نَا أَبُو الأَزْهَرِ، هُوَ أَحْمَدُ بْنُ الأَزْهَرِ السَّلِيطِيُّ، نَا أَبُو أُسَامَةَ، نَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يَذْبَحُ أُضْحِيَّةً بِالْمُصَلَّى» ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ
1118 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو عُمَرَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ، نَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَفِيدُ، نَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ، نَا عَفَّانُ، نَا أَبَانٌ، نَا قَتَادَةُ، نَا أَنَسٌ، أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَذْبَحُ أُضْحِيَّتَهُ بِيَدِ نَفْسِهِ، وَيُكَبِّرُ عَلَيْهَا»