المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب إذا مكث المسافر في منزل إلى كم يقصر - شرح السنة للبغوي - جـ ٤

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ صَلاةِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ مَنْ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَفْتَتِحُ صَلاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ

- ‌بَابُ تَطْوِيلِ قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ كَيْفَ الْقِرَاءَةُ بِاللَّيْلِ

- ‌بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ الاجْتِهَادِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ الأَخْذِ بِالْقَصْدِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ وَغَيْرِهِ مِنَ الأُمُورِ

- ‌بَابُ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ

- ‌بَابُ تَرْكِ الْعَمَلِ عِنْدَ غَلَبَةِ النَّوْمِ وَالْفُتُورِ

- ‌بَابُ قِيَامِ وَسَطِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ إِحْيَاءِ آخِرِ اللَّيْلِ وَفَضْلِهِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ صَلاةِ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَالْوِتْرِ بِوَاحِدَةٍ

- ‌بَابُ الْوِتْرِ بِثَلاثٍ وَبِخَمْسٍ وَسَبْعٍ أَوْ أَكْثَرَ

- ‌بَابُ يَجْعَلُ آخِرَ صَلاتِهِ بِاللَّيْلِ وِتْرًا

- ‌بَابُ مُبَادَرَةِ الصُّبْحِ بِالْوِتْرِ

- ‌بَابُ الْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ

- ‌بَابُ مَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَ اللَّيْلِ يُؤَخِّرُ الْوِتْرَ

- ‌بَابُ جَمِيعِ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَقْتٌ لِلْوِتْرِ

- ‌بَابُ إِيقَاظِ الأَهْلِ لِلْوِتْرِ

- ‌بَابُ مَا يُقْرَأُ فِي الْوِتْرِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْوِتْرِ

- ‌بَابُ صَلاةِ اللَّيْلِ قَاعِدًا

- ‌بَابُ مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ قَضَاهُ بِالنَّهَارِ

- ‌بَابُ قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَفَضْلُهُ

- ‌بَابٌ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ

- ‌بَابُ فَضْلِ التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ

- ‌بَابُ صَلاةِ الضُّحَى

- ‌بَابُ عَدَدِ صَلاةِ الضُّحَى

- ‌بَابُ فَضْلِ صَلاةِ الضُّحَى

- ‌بَابُ وَقْتِ صَلاةِ الضُّحَى

- ‌بَابُ فَضْلِ مَنْ تَطَهَّرَ فَصَلَّى عُقَيْبَهُ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ عِنْدَ التَّوْبَةِ

- ‌بَابُ صَلاةِ الاسْتِخَارَةِ

- ‌بَابُ صَلاةِ التَّسْبِيحِ

- ‌بَابُ فَضْلِ التَّطَوُّعِ

- ‌أَبْوَابُ صَلاةِ السَّفَرِ

- ‌بَابُ قَصْرِ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ جَوَازِ الْقَصْرِ فِي حَالِ الأَمْنِ

- ‌بَابُ إِذَا مَكَثَ الْمُسَافِرُ فِي مَنْزِلٍ إِلَى كَمْ يَقْصُرُ

- ‌بَابُ صَلاةِ الْمُقِيمِ خَلْفَ الْمُسَافِرِ

- ‌بَابُ مَنْ لَمْ يَتَطَوَّعْ فِي السَّفَرِ

- ‌بَابُ التَّطَوُّعِ وَالْوِتْرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ أَيْنَ تَوَجَّهَتْ

- ‌بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ فِي السَّفَرِ

- ‌بَابُ الْجَمْعِ بِعُذْرِ الْمَطَرِ

- ‌6 - كِتَابُ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ فَرْضِ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ فَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَمَا قِيلَ فِي سَاعَةِ الإِجَابَةِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ بِغَيْرِ عُذْرٍ

- ‌بَابُ الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى

- ‌بَابُ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ

- ‌بَابُ التَّنَظُّفِ وَالتَّطَيُّبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ التَّبْكِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ صَلاةِ الْجُمُعَةِ وَالْقَيْلُولَةِ بَعْدَهَا

- ‌بَابُ التَّسْلِيمِ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَالاعْتِمَادِ عَلَى الْعَصَا

- ‌بَابُ الأَذَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ الْخُطْبَةِ قَائِمًا وَالْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ

- ‌بَابُ قَصْرِ الْخُطْبَةِ

- ‌بَابُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْخُطْبَةِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْخُطْبَةِ

- ‌بَابُ الإِنْصَاتِ لِلْخُطْبَةِ وَاسْتِقْبَالِ الإِمَامِ

- ‌بَابُ مَنْ دَخَلَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ التَّخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ مَنْ نَعَسَ يَتَحَوَّلُ

- ‌بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ صَلاةِ الْخَوْفِ

- ‌بَابُ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ فَرَّقَهُمُ الإِمَامُ فِرْقَتَيْنِ فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ: تَقُومُ الطَّائِفَةُ الأُولَى فَتُتِمُّ صَلاتَهَا ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَيُصَلِّي بِهِمُ الإِمَامُ رَكْعَةً

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ

- ‌بَابُ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ مِنْ نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ صَلَّى الإِمَامُ بِهِمْ جَمِيعًا وَحَرَسُوا فِي السُّجُودِ

- ‌بَابُ الْعِيدَيْنِ

- ‌بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى يَوْمَ الْعِيدِ

- ‌بَابُ لَا أَذَانَ وَلا إِقَامَةَ لِصَلاةِ الْعِيدِ وَتَقْدِيمِ الصَّلاةِ

- ‌بَابُ الأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ

- ‌بَابُ تَكْبِيرَاتِ صَلاةِ الْعِيدِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهَا

- ‌بَابُ مَنْ خَالَفَ الطَّرِيقَ إِذَا رَجَعَ مِنَ الْمُصَلَّى

- ‌بَابُ الصَّلاةِ قَبْلَ صَلاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا

- ‌بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْعِيدَيْنِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي اللَّعِبِ يَوْمَ الْعِيدِ

- ‌بَابُ سُنَّةِ عِيدِ الأَضْحَى وَتَأْخِيرِ الأُضْحِيَةِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الأُضْحِيَّةِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهَا

- ‌بَابُ ثَوَابِ الأُضْحِيَّةِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الْعَمَلِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ

- ‌بَابُ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَظُفْرِهِ شَيْئًا

- ‌بَابُ الاشْتِرَاكِ فِي الأُضْحِيَّةِ

- ‌بَابُ الأَكْلِ مِنَ الأُضْحِيَّةِ بَعْدَ ثَلاثٍ فَأَكْثَرَ

- ‌بَابُ صَلاةِ الْخُسُوفِ وَإِطَالَتِهَا

- ‌بَابُ مَنْ صَلَّى فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَيْنِ وَنِدَاءُ الصَّلاةِ جَامِعَةً

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلاةِ الْخُسُوفِ

- ‌بَابُ الْعَتَاقَةِ فِي الْكُسُوفِ

- ‌بَابُ الْخَوْفِ مِنَ الرِّيحِ

- ‌بَابُ رَمْيِ النَّجْمِ

- ‌بَابُ السُّجُودِ عِنْدَ حُدُوثِ آيَةٍ

- ‌بَابُ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الاسْتِسْقَاءِ

- ‌بَابُ الاسْتِسْقَاءِ بِأَهْلِ الصَّلاحِ وَأَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ

- ‌بَابُ الاسْتِسْقَاءِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ الاسْتِمْطَارِ بِالأَنْوَاءِ

- ‌بَابُ الْغُيُوبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلا اللَّهُ

- ‌بَابُ الْبُرُوزِ لِلْمَطَرِ

- ‌7 - كِتَابُ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ فَضْلِ تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَتَعْلِيمِهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ تِلاوَةِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ فَضْلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ فَضْلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ

- ‌بَابُ فَضْلِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ

- ‌بَابُ السَّبْعِ الطُّوَلِ

- ‌بَابُ فَضْلِ سُورَةِ الْكَهْفِ

- ‌بَابٌ فِي {الم {1} تَنْزِيلُ} [السَّجْدَة: 1 - 2] السَّجْدَةِ وَتَبَارَكَ

- ‌بَابُ فَضْلِ سُورَةِ الإِخْلاصِ

- ‌بَابُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ

- ‌بَابُ كَيْفَ الْقِرَاءَةُ وَالتَّرْجِيعُ فِيهَا

- ‌بَابُ التَّغَنِّي بِالْقُرْآنِ

- ‌بَابُ سَمَاعِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ تَعَهُّدِ الْقُرْآنِ وَوَعِيدِ مَنْ نَسِيَهُ

- ‌بَابٌ فِي كَمْ يُقْرَأُ

- ‌بَابُ

- ‌بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ

- ‌بَابُ جَمْعِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ لَا يُسَافَرُ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ

الفصل: ‌باب إذا مكث المسافر في منزل إلى كم يقصر

‌بَابُ إِذَا مَكَثَ الْمُسَافِرُ فِي مَنْزِلٍ إِلَى كَمْ يَقْصُرُ

1027 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، نَا عَبْدُ الْوَارِثِ، نَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَكَانَ «يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، رَكْعَتَيْنِ» ، حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، قُلْنَا: أَقَمْتُمْ بِمَكَّةَ شَيْئًا؟ قَالَ: أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا.

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ

1028 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يُوسُفَ الْجُوَيْنِيُّ، نَا أَبُو مُحَمَّدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَرِيكٍ الشَّافِعِيُّ الْخُذَاشَاهِيُّ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَبُو بَكْرٍ الْجُورَبَذِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ، نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ عِكْرِمَةَ،

ص: 175

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَفَرًا، فَأَقَامَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ» ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَنَحْنُ نُصَلِّي فِيمَا بَيْنَنَا، وَبَيْنَ مَكَّةَ تِسْعَةَ عَشَرَ، رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا أَقَمْنَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ صَلَّيْنَا أَرْبَعًا.

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ

قَالَ رحمه الله: وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مَقَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ، فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَقَامَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ أَقَامَ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَرُوِيَ أَنَّهُ أَقَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ.

وَرُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،

ص: 176

وَشَهِدْتُ الْفَتْحَ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُصَلِّي إِلا رَكْعَتَيْنِ، وَيَقُولُ:«يَا أَهْلَ الْبَلَدِ صَلُّوا أَرْبَعًا، فَإِنَّا سَفْرٌ» .

قَالَ رحمه الله: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مُدَّةِ الإِقَامَةِ الَّتِي تَمْنَعُ الْقَصْرَ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ إِذَا نَوَى إِقَامَةَ أَرْبَعٍ فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الإِتْمَامُ، وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَوْمَ الأَحَدِ، وَخَرَجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ إِلَى مِنًى، كُلُّ ذَلِكَ يَقْصُرُ الصَّلاةَ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمْ يَحْسُبِ الْيَوْمَ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ، لأَنَّهُ كَانَ فِيهِ سَائِرًا، وَلا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ سَائِرًا.

ص: 177

قَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَدِمَ لِهِلالِ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَإِنَّهُ يُتِمُّ الصَّلاةَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى مِنًى فَيَقْصُرُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ أَجْمَعَ إِقَامَةَ أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعِ لَيَالٍ.

وَأَمَّا أَحْمَدُ، فَلَمْ يَحُدَّهُ بِالأَيَّامِ، وَلَكِنْ بِعَدَدِ الصَّلَوَاتِ، فَقَالَ: إِذَا جَمَعَ الْمُسَافِرُ لإِحْدَى وَعِشْرِينَ صَلاةً مَكْتُوبَةً قَصَرَ، فَإِذَا عَزَمَ عَلَى أَنْ يُقِيمَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَتَمَّ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ مَكَّةَ لِصُبْحِ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَقَامَ الرَّابِعَ وَالْخَامِسَ وَالسَّادِسَ وَالسَّابِعَ، وَصَلَّى الْفَجْرَ بِالأَبْطَحِ يَوْمَ الثَّامِنِ، فَكَانَتْ صَلاتُهُ فِيهَا إِحْدَى وَعِشْرِينَ صَلاةً.

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: وَهَذَا الْتَحْدِيدُ يَرْجِعُ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، إِلا أَنَّهُ رَأَى تَحْدِيدَهُ بِالصَّلَوَاتِ أَحْوَطَ.

هَذَا إِذَا أَجْمَعَ الإِقَامَةَ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يُجْمِعِ الإِقَامَةَ، فَزَادَ مُكْثُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَهُوَ عَازِمٌ عَلَى الْخُرُوجِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَتَمَّ، إِلا أَنْ يَكُونَ فِي خَوْفٍ، أَوْ حَرْبٍ، فَيَقْصُرُ، قَصَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ لِحَرْبِ هَوَازِنَ سَبْعَ عَشْرَةَ، أَوْ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ.

فَاعْتَمَدَ الشَّافِعِيُّ فِي ثَمَانِيَ عَشْرَةَ عَلَى رِوَايَةِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي إِقَامَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ لِسَلامَتِهَا مِنَ الاخْتِلافِ، وَكَثْرَةِ الاخْتِلافِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ لَهُ الْقَصْرَ أَبَدًا مَا لَمْ يُجْمِعْ إِقَامَةً، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ

ص: 178

أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: أُصَلِّي صَلاةَ الْمُسَافِرِ مَا لَمْ يُجْمِعْ مُكْثًا، وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ سَوَاءٌ كَانَ مُحَارِبًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ، قَالَ أَبُو عِيسَى: هُوَ إِجْمَاعٌ.

وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلاةَ.

وَأَقَامَ ابْنُ عُمَرَ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُ الصَّلاةَ، يَقُولُ: أَخْرُجُ الْيَوْمَ، أَخْرُجُ غَدًا.

ص: 179

وَقَالَ نَافِعٌ: أَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بِمَكَّةَ عَشْرَ لَيَالٍ يَقْصُرُ الصَّلاةَ إِلا أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَ الإِمَامِ فَيُصَلِّيَهَا بِصَلاتِهِ.

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا أَجْمَعَ الْمُسَافِرُ، عَلَى إِقَامَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ أَتَمَّ، ثُمَّ ذَهَبُوا إِلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: إِذَا أَجْمَعَ عَلَى إِقَامَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أَتَمَّ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حُيَيٍّ: إِذَا أَقَامَ

ص: 180

عَشْرَةَ أَيَّامٍ أَتَمَّ، لِحَدِيثِ أَنَسٍ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: مَنْ أَقَامَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ أَتَمَّ الصَّلاةَ.

وَقَالَ رَبِيعَةُ قَوْلا شَاذًّا: إِنَّ مَنْ أَقَامَ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَتَمَّ، وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا قَدِمَ عَلَى أَهْلٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ أَتَمَّ الصَّلاةَ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ: إِنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا دَخَلَ بَلَدًا لَهُ بِهِ أَهْلٌ، وَإِنْ كَانَ مُجْتَازًا، انْقَطَعَتْ رُخْصَةُ السَّفَرِ فِي حَقِّهِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا كَانَ مَعَ الْمَلاحِ أَهْلُهُ لَمْ يَقْصُرِ الصَّلاةَ

ص: 181