الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ إِذَا مَكَثَ الْمُسَافِرُ فِي مَنْزِلٍ إِلَى كَمْ يَقْصُرُ
1027 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، نَا عَبْدُ الْوَارِثِ، نَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَكَانَ «يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، رَكْعَتَيْنِ» ، حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، قُلْنَا: أَقَمْتُمْ بِمَكَّةَ شَيْئًا؟ قَالَ: أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا.
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ
1028 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يُوسُفَ الْجُوَيْنِيُّ، نَا أَبُو مُحَمَّدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَرِيكٍ الشَّافِعِيُّ الْخُذَاشَاهِيُّ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَبُو بَكْرٍ الْجُورَبَذِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ، نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ عِكْرِمَةَ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَفَرًا، فَأَقَامَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ» ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَنَحْنُ نُصَلِّي فِيمَا بَيْنَنَا، وَبَيْنَ مَكَّةَ تِسْعَةَ عَشَرَ، رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا أَقَمْنَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ صَلَّيْنَا أَرْبَعًا.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ
قَالَ رحمه الله: وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مَقَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ، فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَقَامَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ أَقَامَ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَرُوِيَ أَنَّهُ أَقَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ.
وَرُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
وَشَهِدْتُ الْفَتْحَ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُصَلِّي إِلا رَكْعَتَيْنِ، وَيَقُولُ:«يَا أَهْلَ الْبَلَدِ صَلُّوا أَرْبَعًا، فَإِنَّا سَفْرٌ» .
قَالَ رحمه الله: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مُدَّةِ الإِقَامَةِ الَّتِي تَمْنَعُ الْقَصْرَ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ إِذَا نَوَى إِقَامَةَ أَرْبَعٍ فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الإِتْمَامُ، وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَوْمَ الأَحَدِ، وَخَرَجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ إِلَى مِنًى، كُلُّ ذَلِكَ يَقْصُرُ الصَّلاةَ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمْ يَحْسُبِ الْيَوْمَ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ، لأَنَّهُ كَانَ فِيهِ سَائِرًا، وَلا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ سَائِرًا.
قَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَدِمَ لِهِلالِ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَإِنَّهُ يُتِمُّ الصَّلاةَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى مِنًى فَيَقْصُرُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ أَجْمَعَ إِقَامَةَ أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعِ لَيَالٍ.
وَأَمَّا أَحْمَدُ، فَلَمْ يَحُدَّهُ بِالأَيَّامِ، وَلَكِنْ بِعَدَدِ الصَّلَوَاتِ، فَقَالَ: إِذَا جَمَعَ الْمُسَافِرُ لإِحْدَى وَعِشْرِينَ صَلاةً مَكْتُوبَةً قَصَرَ، فَإِذَا عَزَمَ عَلَى أَنْ يُقِيمَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَتَمَّ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ مَكَّةَ لِصُبْحِ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَقَامَ الرَّابِعَ وَالْخَامِسَ وَالسَّادِسَ وَالسَّابِعَ، وَصَلَّى الْفَجْرَ بِالأَبْطَحِ يَوْمَ الثَّامِنِ، فَكَانَتْ صَلاتُهُ فِيهَا إِحْدَى وَعِشْرِينَ صَلاةً.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: وَهَذَا الْتَحْدِيدُ يَرْجِعُ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، إِلا أَنَّهُ رَأَى تَحْدِيدَهُ بِالصَّلَوَاتِ أَحْوَطَ.
هَذَا إِذَا أَجْمَعَ الإِقَامَةَ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يُجْمِعِ الإِقَامَةَ، فَزَادَ مُكْثُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَهُوَ عَازِمٌ عَلَى الْخُرُوجِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَتَمَّ، إِلا أَنْ يَكُونَ فِي خَوْفٍ، أَوْ حَرْبٍ، فَيَقْصُرُ، قَصَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ لِحَرْبِ هَوَازِنَ سَبْعَ عَشْرَةَ، أَوْ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ.
فَاعْتَمَدَ الشَّافِعِيُّ فِي ثَمَانِيَ عَشْرَةَ عَلَى رِوَايَةِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي إِقَامَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ لِسَلامَتِهَا مِنَ الاخْتِلافِ، وَكَثْرَةِ الاخْتِلافِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ لَهُ الْقَصْرَ أَبَدًا مَا لَمْ يُجْمِعْ إِقَامَةً، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ
أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: أُصَلِّي صَلاةَ الْمُسَافِرِ مَا لَمْ يُجْمِعْ مُكْثًا، وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ سَوَاءٌ كَانَ مُحَارِبًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ، قَالَ أَبُو عِيسَى: هُوَ إِجْمَاعٌ.
وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلاةَ.
وَأَقَامَ ابْنُ عُمَرَ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُ الصَّلاةَ، يَقُولُ: أَخْرُجُ الْيَوْمَ، أَخْرُجُ غَدًا.
وَقَالَ نَافِعٌ: أَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بِمَكَّةَ عَشْرَ لَيَالٍ يَقْصُرُ الصَّلاةَ إِلا أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَ الإِمَامِ فَيُصَلِّيَهَا بِصَلاتِهِ.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا أَجْمَعَ الْمُسَافِرُ، عَلَى إِقَامَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ أَتَمَّ، ثُمَّ ذَهَبُوا إِلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: إِذَا أَجْمَعَ عَلَى إِقَامَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أَتَمَّ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حُيَيٍّ: إِذَا أَقَامَ
عَشْرَةَ أَيَّامٍ أَتَمَّ، لِحَدِيثِ أَنَسٍ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: مَنْ أَقَامَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ أَتَمَّ الصَّلاةَ.
وَقَالَ رَبِيعَةُ قَوْلا شَاذًّا: إِنَّ مَنْ أَقَامَ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَتَمَّ، وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا قَدِمَ عَلَى أَهْلٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ أَتَمَّ الصَّلاةَ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ: إِنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا دَخَلَ بَلَدًا لَهُ بِهِ أَهْلٌ، وَإِنْ كَانَ مُجْتَازًا، انْقَطَعَتْ رُخْصَةُ السَّفَرِ فِي حَقِّهِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا كَانَ مَعَ الْمَلاحِ أَهْلُهُ لَمْ يَقْصُرِ الصَّلاةَ