الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الدَّيْنِ هَلْ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ
1585 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصَعْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، كَانَ يَقُولُ:«هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ، فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَلْيُؤَدِّ دَيْنَهُ حَتَّى تَحْصُلَ أَمْوَالُكُمْ، فَتُؤَدُّوا مِنْهَا الزَّكَاةَ»
قَالَ رحمه الله: إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْ غَيْرِ مَالِ الزَّكَاةِ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ مَالِهِ،
وَكَذَلِكَ لَوْ مَلَكَ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ، وَدَيْنُهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْفَاضِلِ عَنِ النِّصَابِ يَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ آخَرُ، وَدَيْنُهُ يَسْتَغْرِقُ مَالَهُ، أَوْ يَنْقُصُ النِّصَابُ لَوْ أَدَّاهُ مِنَ الْمَالِ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَقَالُوا: يَمْنَعُ وُجُوبَ زَكَاةِ الْعَيْنِ، وَلا يَمْنَعُ وُجُوبَ عُشْرِ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ.
وَمَنْ كَانَ مَالُهُ دَيْنًا عَلَى مَلِيءٍ وَفِي، فَعَلَيْهِ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ عَلَى مُعْسِرٍ، فَلا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ، فَإِنْ قَبَضَهُ فَعَلَيْهِ إِخْرَاجُ زَكَاةِ مَا مَضَى عَلَى أَحَدِ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَلَوْ ضَلَّتْ مَاشِيَتُهُ، أَوْ
غُصِبَ مَالُهُ أَحْوَالا، ثُمَّ وَجَدَهَا، زَكَّاهَا عَلَى أَظْهَرِ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَقَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ زَكَاةُ حَوْلٍ وَاحِدٍ.
وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي مَالٍ قَبَضَهُ بَعْضُ الْوُلاةِ ظُلْمًا يَأْمُرُ بِرَدِّهِ إِلَى أَهْلِهِ، وَيُؤْخَذُ زَكَاتُهُ لِمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ، ثُمَّ أَعْقَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ: لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إِلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنَّهُ كَانَ ضَمَارًا.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُوَ الْغَائِبُ الَّذِي لَا يُرْجَى، فَإِذَا رُجِيَ، فَلَيْسَ بِضَمَارٍ، وَأَضْمَرْتُ الشَّيْءَ: إِذَا غَيَّبْتُهُ.
قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَعْطَى النَّاسَ أَعْطِيَتَهُمْ يَسْأَلُ الرَّجُلَ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ مَالٍ وَجَبَتْ عَلَيْكَ فِيهِ زَكَاةٌ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، أَخَذَ مِنْ عَطَائِهِ زَكَاةَ مَالِهِ، وَإِنْ قَالَ: لَا، أَسْلَمَ إِلَيْهِ عَطَاءَهُ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا.
وَيُرْوَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مِثْلُ هَذَا.