الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ وَإِثْمِ مَنْعِهِ
1665 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، نَا خَالِدٌ، نَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ إِلَى السِّقَايَةِ فَاسْتَسْقَى، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا فَضْلُ، اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ، فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَرَابٍ مِنْ عِنْدِهَا، فَقَالَ:«اسْقِنِي» ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهِ، قَالَ:«اسْقِنِي» ، فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ وَهُمْ يَسْقُونَ وَيَعْمَلُونَ فِيهَا، فَقَالَ:«اعْمَلُوا، فَإِنَّكُمْ علَى عَمَلٍ صَالِحٍ» ، ثُمَّ قَالَ:«لَوْلا أَنْ تُغْلَبُوا، لَنَزَلْتُ حَتَّى أَضَعَ الْحَبْلَ عَلَى هَذِهِ» ، يَعْني: عَاتِقَهُ وَأَشَارَ إِلَى عَاتِقِهِ.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ تُحَرَّمْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ الَّتِي سَبِيلُهَا الْمَعْرُوفُ كَالْمِيَاهِ فِي السِّقَايَاتِ، وَاللَّبَنِ يَشْرَبُهَا الْوَارِدَةُ عِنْدَ وُرُودِ الإِبِلِ.
وَفِي قَوْلِهِ: «لَوْلا أَنْ تُغْلَبُوا لَنَزَلْتُ حَتَّى أَضَعَ الْحَبْلَ عَلَى هَذِهِ» ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ أَفْعَالِهِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْوُجُوبِ، فَرَغَّبَهُمْ فِي الْفِعْلِ بِمَا اسْتَحَبَّهُ وَتَمَنَّاهُ، وَتَرَكَ الْفِعْلَ شَفَقًا أَنْ يُتَّخَذَ سُنَّةً.
1666 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، نَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، نَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، وَابْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: " غُفِرَ لامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسَ رَكِيٍّ يَلْهَثُ، قَالَ: كَادَ يَقْتُلُهُ
الْعَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا، فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا، فَنَزَعَتْ لَهُ مِنَ الْمَاءِ، فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
1667 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي وَجَعِهِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ الضَّالَّةَ تَرِدُ عَلَى حَوْضِ إِبِلِي، هَلْ لِي أَجْرٌ إِنْ سَقَيْتُهَا؟ قَالَ:«نَعَمْ فِي الْكَبِدِ الْحَرَّى أَجْرٌ»
1668 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلأُ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ
قَالَ رحمه الله: هَذَا فِي الرَّجُلِ يَحْفُرُ بِئْرًا فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ، فَيَمْلِكُهَا وَمَا حَوْلَهَا وَبِقُرْبِهَا مَوَاتٌ فِيهِ كَلأٌ، فَإِنْ بَذَلَ صَاحِبُ الْبِئْرِ فَضْلَ مَائِهِ أَمْكَنَ النَّاسُ رَعْيَهُ، وَإِنْ مَنَعَ لَمْ يُمْكِنْهُمْ، فَيَكُونُ فِي مَنْعِهِ الْمَاءَ عَنْهُمْ مَنَعُ الْكَلأِ.
وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالنَّهْيُ عِنْدَهُمْ عَلَى التَّحْرِيمِ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى التَّحْرِيمِ، لَكِنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ؛
لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، فَلا يَحِلُّ إِلا بِطِيبَةِ نَفْسِهِ، كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ، وَكَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ سَقْيُ زَرْعِ غَيْرِهِ مِنْ فَضْلِ مَائِهِ، لَا يَجِبُ سَقْيُ مَاشِيَتِهِ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ مَنْعُ فَضْلِ الْمَاءِ، وَلَكِنْ لَهُ طَلَبُ الْقِيمَةِ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِطْعَامُ الْمُضْطَرِّ، وَلَهُ طَلَبُ الْقِيمَةِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ بَذْلُهُ مَجَّانًا، لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ» ، وَلَيْسَ كَالطَّعَامِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ، لِأَنَّ مُنْقَطَعُ الْمَادَّةِ غَيْرُ مُسْتَخْلَفٍ، وَالْمَاءُ مُسْتَخْلَفٌ مَا دَامَ فِي مَنْبَعِهِ حَتَّى لَوْ جَمَعَ الْمَاءَ فِي حَوْضٍ، أَوْ خَزَنَهُ فِي إِنَاءٍ، فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ غَيْرِهِ كَالطَّعَامِ.
وَلا يَجِبُ سَقْيُ زَرْعِ الْغَيْرِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِنَ الْحُرْمَةِ مَا لِلْحَيَوَانِ بِدَلِيلِ أَنَّ إِطْعَامَ الْحَيَوَانِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الاضْطِرَارِ وَاجِبٌ، وَلا يَجِبُ سَقْيُ الزَّرْعِ.
وَهَذَا فِي الْفَضْلِ عَنْ حَاجَتِهِ، وَحَاجَةِ عِيَالِهِ وَمَاشِيَتِهِ وَزْرِعِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ حَاجَتِهِ، لَا يَجِبُ أَنْ يَجُودَ عَلَى الْغَيْرِ بِهِ.
1669 -
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، نَا السَّيِّدُ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ، أَنا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ بْنِ سَهْلٍ
الْمَرْوَزِيُّ، نَا مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ الْمَرْوَزِيُّ، نَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أُرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" ثَلاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ، وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ، فَاقْتَطَعَهُ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بَعْدَ صَلاةِ الْعَصْرِ إِنَّهُ أَعْطَى بِسِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى، وَهُوَ كَاذِبٌ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ، فَإِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى، يَقُولُ: الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي، كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُفْيَانَ.
وَجَعَلَ الْيَمِينَ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي اقْتِطَاعِ الْمَالِ، فَقَالَ:«وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ»
1670 -
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، نَا أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأُمَوِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ أمْسَكَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ مِنَ الْجُوعِ، فَلَمْ تَكُنْ تُطْعِمُهَا، وَلا تُرْسِلُهَا فَتَأْكُلَ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ
وَخَشَاشُ الْأَرْضِ: هُوَ هَوَامُّهَا بِفَتْحِ الْخَاءِ، وَالْخِشَاشُ بِالْكَسْرِ: الْعُودُ الَّذِي يُجْعَلُ فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ مَا كَانَ مِنْهُ فِي الْعَظْمِ، وَالْعِرَانُ مَا كَانَ فِي اللَّحْمِ، وَالْبُرَةُ فِي الْمِنْخَرِ، وَيُقَالُ الْبُرَةُ: حَلَقَةٌ مِنْ صُفْرٍ تُجْعَلُ فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ شَعْرٍ، فَهِيَ خِزَامٌ.