المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب فضل سقي الماء وإثم منعه - شرح السنة للبغوي - جـ ٦

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ زَكَاةِ الإِبِلِ السَّائِمَةِ وَالْغَنَمِ وَالْوَرِقِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ السَّائِمَةِ

- ‌بَابُ لَا زَكَاةَ فِي الْعَبْدِ وَالْفَرَسِ

- ‌بَابُ الْمُسْتَفَادِ لَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ الصَّدَقَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الثِّمَارِ وَخَرْصِهَا

- ‌بَابُ قَدْرِ الصَّدَقَةِ فِيمَا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْعَسَلِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْوَرِقِ وَالْحُلِيِّ

- ‌بَابُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ الدَّيْنِ هَلْ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ

- ‌بَابُ الرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ مَالِ الصَّبِيِّ

- ‌بَابُ أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنَ الْوَسَطِ

- ‌بَابُ إِذَا أَدَّى زَكَاتَهُ فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ

- ‌بَابُ حَقِّ الْمَالِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ الاعْتِدَاءِ فِي الصَّدَقَةِ

- ‌بَابُ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ مِنَ الْأَغنِيَاءِ وَالْأَقْوِيَاءِ

- ‌بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِهَا عَلَى مَوَالِي الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ حِلِّ الْهَدِيَّةِ لِلَّنبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ الَّتَعفُّفِ عَنِ السُّؤَالِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ السُّؤَالِ إِلا مِنْ ضَرُورَةٍ وَوَعِيدِ السَّائِلِ

- ‌بَابُ مَنْ أُعْطِيَ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّدقَةِ

- ‌بَابُ التَّصَدُّقِ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ

- ‌بَابُ كُلِّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الْغَرْسِ وَالزَّرْعِ

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ إِمْسَاكِ الْمَالِ وَمَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الإِنْفَاقِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الْمِنْحَةِ

- ‌بَابُ فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ وَإِثْمِ مَنْعِهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ صَدَقَةِ الصَّحِيحِ الشَّحِيحِ

- ‌بَابُ حَقِّ السَّائِلِ

- ‌بَابُ خَيْرِ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى

- ‌بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَهْلِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَوْلادِ وَالْأَقَارِبِ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْجَارِ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ عَنِ الْميت

- ‌بَابُ الْمَرْأَةِ تَتَصَدَّقُ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ وَالْخَازِنِ وَالْعَبْدِ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى

- ‌بَابُ نَهْيِ الْمُتَصَدِّقِ أَنْ يَشْتَرِيَ صَدَقَتَهُ

- ‌بَابُ مَنْ تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ ثُمَّ وَرِثَهُ

- ‌11 - كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصِّيَامِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ الصَّوْمِ بِرُؤْيَةِ الْهِلالِ

- ‌بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ

- ‌بَابُ لَا يَتَقَدَّمُ شَهْرَ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلالِ

- ‌بَابُ إِذَا أَخْطَأَ الْقَوْمُ الْهِلالَ

- ‌بَابُ فَضْلِ السَّحُورِ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ حُصُولِ الْفِطْرِ بِدُخُولِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْطِرَ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ نِيَّةِ الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ تَنْزِيهِ الصَّوْمِ عَنِ الرَّفَثِ وَقَوْلِ الزُّورِ

- ‌بَابُ قُبْلَةِ الصَّائِمِ

- ‌بَابُ الصَّائِمِ يُصْبِحُ جُنُبًا

- ‌بَابُ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ نَاسِيًا

- ‌بَابُ الصَّائِمِ يَسْتَقِيءُ

- ‌بَابُ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ

- ‌بَابُ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌بَابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ

- ‌بَابُ مَنْ صَامَ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ أَفْطَرَ

- ‌بَابُ مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي السَّفَرِ ثُمَّ أفْطَرَ

- ‌بَابُ الْمُحَارِبِ يُفْطِرُ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الإِفْطَارِ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ

- ‌بَابُ تَأْخِيرِ الْمَرْأَةِ قَضَاءَ الْصَوْمِ إِلَى شَعْبَانَ لِحَقِّ الزَّوْجِ وَأَنَّهَا لَا تَصُومُ تَطَوُّعًا إِلا بِإِذْنِهِ

- ‌بَابُ التَّتَابُعِ فِي الصِّيَامِ

- ‌بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ

- ‌بَابُ صَوْمِ شَعْبَانَ

- ‌بَابُ صَوْمِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ

- ‌بَابٌ فِي عَاشُورَاءَ أَيُّ يَوْمٍ هُوَ

- ‌بَابُ فَضْلِ صَوْمِ الْمُحَرَّمِ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ

- ‌بَابُ تَرْكِ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ لِلْحَاجِّ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمَيِ الْعِيدِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ

- ‌بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ الْبِيضِ وَمَنْ صَامَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَكَرَاهِيَةِ إِفْرَادِهِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ وَحْدَهُ

- ‌بَابُ صَوْمِ الدَّهْرِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّوْمِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

- ‌بَابُ الْمُتَطَوِّعِ بِالصَّوْمِ يُفْطِرُ

- ‌بَابُ مَنْ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ عِنْدَهُ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا

- ‌بَابُ مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَمْ يُفْطِرْ عِنْدَهُمْ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ هِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ هِيَ لَيْلَةُ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ هِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ

- ‌بَابُ الاجْتِهَادِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ الاعْتِكَافِ

- ‌بَابُ خُرُوجِ الْمُعْتَكِفِ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ

- ‌بَابُ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ

الفصل: ‌باب فضل سقي الماء وإثم منعه

‌بَابُ فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ وَإِثْمِ مَنْعِهِ

1665 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، نَا خَالِدٌ، نَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ إِلَى السِّقَايَةِ فَاسْتَسْقَى، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا فَضْلُ، اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ، فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَرَابٍ مِنْ عِنْدِهَا، فَقَالَ:«اسْقِنِي» ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهِ، قَالَ:«اسْقِنِي» ، فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ وَهُمْ يَسْقُونَ وَيَعْمَلُونَ فِيهَا، فَقَالَ:«اعْمَلُوا، فَإِنَّكُمْ علَى عَمَلٍ صَالِحٍ» ، ثُمَّ قَالَ:«لَوْلا أَنْ تُغْلَبُوا، لَنَزَلْتُ حَتَّى أَضَعَ الْحَبْلَ عَلَى هَذِهِ» ، يَعْني: عَاتِقَهُ وَأَشَارَ إِلَى عَاتِقِهِ.

ص: 165

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ

وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ تُحَرَّمْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ الَّتِي سَبِيلُهَا الْمَعْرُوفُ كَالْمِيَاهِ فِي السِّقَايَاتِ، وَاللَّبَنِ يَشْرَبُهَا الْوَارِدَةُ عِنْدَ وُرُودِ الإِبِلِ.

وَفِي قَوْلِهِ: «لَوْلا أَنْ تُغْلَبُوا لَنَزَلْتُ حَتَّى أَضَعَ الْحَبْلَ عَلَى هَذِهِ» ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ أَفْعَالِهِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْوُجُوبِ، فَرَغَّبَهُمْ فِي الْفِعْلِ بِمَا اسْتَحَبَّهُ وَتَمَنَّاهُ، وَتَرَكَ الْفِعْلَ شَفَقًا أَنْ يُتَّخَذَ سُنَّةً.

1666 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، نَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، نَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، وَابْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: " غُفِرَ لامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسَ رَكِيٍّ يَلْهَثُ، قَالَ: كَادَ يَقْتُلُهُ

ص: 166

الْعَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا، فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا، فَنَزَعَتْ لَهُ مِنَ الْمَاءِ، فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ ".

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

1667 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي وَجَعِهِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ الضَّالَّةَ تَرِدُ عَلَى حَوْضِ إِبِلِي، هَلْ لِي أَجْرٌ إِنْ سَقَيْتُهَا؟ قَالَ:«نَعَمْ فِي الْكَبِدِ الْحَرَّى أَجْرٌ»

ص: 167

1668 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلأُ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ

قَالَ رحمه الله: هَذَا فِي الرَّجُلِ يَحْفُرُ بِئْرًا فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ، فَيَمْلِكُهَا وَمَا حَوْلَهَا وَبِقُرْبِهَا مَوَاتٌ فِيهِ كَلأٌ، فَإِنْ بَذَلَ صَاحِبُ الْبِئْرِ فَضْلَ مَائِهِ أَمْكَنَ النَّاسُ رَعْيَهُ، وَإِنْ مَنَعَ لَمْ يُمْكِنْهُمْ، فَيَكُونُ فِي مَنْعِهِ الْمَاءَ عَنْهُمْ مَنَعُ الْكَلأِ.

وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالنَّهْيُ عِنْدَهُمْ عَلَى التَّحْرِيمِ.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى التَّحْرِيمِ، لَكِنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ؛

ص: 168

لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، فَلا يَحِلُّ إِلا بِطِيبَةِ نَفْسِهِ، كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ، وَكَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ سَقْيُ زَرْعِ غَيْرِهِ مِنْ فَضْلِ مَائِهِ، لَا يَجِبُ سَقْيُ مَاشِيَتِهِ.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ مَنْعُ فَضْلِ الْمَاءِ، وَلَكِنْ لَهُ طَلَبُ الْقِيمَةِ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِطْعَامُ الْمُضْطَرِّ، وَلَهُ طَلَبُ الْقِيمَةِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ بَذْلُهُ مَجَّانًا، لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ» ، وَلَيْسَ كَالطَّعَامِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ، لِأَنَّ مُنْقَطَعُ الْمَادَّةِ غَيْرُ مُسْتَخْلَفٍ، وَالْمَاءُ مُسْتَخْلَفٌ مَا دَامَ فِي مَنْبَعِهِ حَتَّى لَوْ جَمَعَ الْمَاءَ فِي حَوْضٍ، أَوْ خَزَنَهُ فِي إِنَاءٍ، فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ غَيْرِهِ كَالطَّعَامِ.

وَلا يَجِبُ سَقْيُ زَرْعِ الْغَيْرِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِنَ الْحُرْمَةِ مَا لِلْحَيَوَانِ بِدَلِيلِ أَنَّ إِطْعَامَ الْحَيَوَانِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الاضْطِرَارِ وَاجِبٌ، وَلا يَجِبُ سَقْيُ الزَّرْعِ.

وَهَذَا فِي الْفَضْلِ عَنْ حَاجَتِهِ، وَحَاجَةِ عِيَالِهِ وَمَاشِيَتِهِ وَزْرِعِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ حَاجَتِهِ، لَا يَجِبُ أَنْ يَجُودَ عَلَى الْغَيْرِ بِهِ.

1669 -

أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، نَا السَّيِّدُ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ، أَنا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ بْنِ سَهْلٍ

ص: 169

الْمَرْوَزِيُّ، نَا مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ الْمَرْوَزِيُّ، نَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أُرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" ثَلاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ، وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ، فَاقْتَطَعَهُ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بَعْدَ صَلاةِ الْعَصْرِ إِنَّهُ أَعْطَى بِسِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى، وَهُوَ كَاذِبٌ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ، فَإِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى، يَقُولُ: الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي، كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ ".

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُفْيَانَ.

وَجَعَلَ الْيَمِينَ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي اقْتِطَاعِ الْمَالِ، فَقَالَ:«وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ»

ص: 170

1670 -

أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، نَا أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأُمَوِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ أمْسَكَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ مِنَ الْجُوعِ، فَلَمْ تَكُنْ تُطْعِمُهَا، وَلا تُرْسِلُهَا فَتَأْكُلَ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ

وَخَشَاشُ الْأَرْضِ: هُوَ هَوَامُّهَا بِفَتْحِ الْخَاءِ، وَالْخِشَاشُ بِالْكَسْرِ: الْعُودُ الَّذِي يُجْعَلُ فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ مَا كَانَ مِنْهُ فِي الْعَظْمِ، وَالْعِرَانُ مَا كَانَ فِي اللَّحْمِ، وَالْبُرَةُ فِي الْمِنْخَرِ، وَيُقَالُ الْبُرَةُ: حَلَقَةٌ مِنْ صُفْرٍ تُجْعَلُ فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ شَعْرٍ، فَهِيَ خِزَامٌ.

ص: 171