المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صدقة الفطر - شرح السنة للبغوي - جـ ٦

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ زَكَاةِ الإِبِلِ السَّائِمَةِ وَالْغَنَمِ وَالْوَرِقِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ السَّائِمَةِ

- ‌بَابُ لَا زَكَاةَ فِي الْعَبْدِ وَالْفَرَسِ

- ‌بَابُ الْمُسْتَفَادِ لَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ الصَّدَقَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الثِّمَارِ وَخَرْصِهَا

- ‌بَابُ قَدْرِ الصَّدَقَةِ فِيمَا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْعَسَلِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْوَرِقِ وَالْحُلِيِّ

- ‌بَابُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ الدَّيْنِ هَلْ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ

- ‌بَابُ الرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ مَالِ الصَّبِيِّ

- ‌بَابُ أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنَ الْوَسَطِ

- ‌بَابُ إِذَا أَدَّى زَكَاتَهُ فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ

- ‌بَابُ حَقِّ الْمَالِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ الاعْتِدَاءِ فِي الصَّدَقَةِ

- ‌بَابُ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ مِنَ الْأَغنِيَاءِ وَالْأَقْوِيَاءِ

- ‌بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِهَا عَلَى مَوَالِي الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ حِلِّ الْهَدِيَّةِ لِلَّنبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ الَّتَعفُّفِ عَنِ السُّؤَالِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ السُّؤَالِ إِلا مِنْ ضَرُورَةٍ وَوَعِيدِ السَّائِلِ

- ‌بَابُ مَنْ أُعْطِيَ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّدقَةِ

- ‌بَابُ التَّصَدُّقِ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ

- ‌بَابُ كُلِّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الْغَرْسِ وَالزَّرْعِ

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ إِمْسَاكِ الْمَالِ وَمَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الإِنْفَاقِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الْمِنْحَةِ

- ‌بَابُ فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ وَإِثْمِ مَنْعِهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ صَدَقَةِ الصَّحِيحِ الشَّحِيحِ

- ‌بَابُ حَقِّ السَّائِلِ

- ‌بَابُ خَيْرِ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى

- ‌بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَهْلِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَوْلادِ وَالْأَقَارِبِ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْجَارِ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ عَنِ الْميت

- ‌بَابُ الْمَرْأَةِ تَتَصَدَّقُ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ وَالْخَازِنِ وَالْعَبْدِ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى

- ‌بَابُ نَهْيِ الْمُتَصَدِّقِ أَنْ يَشْتَرِيَ صَدَقَتَهُ

- ‌بَابُ مَنْ تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ ثُمَّ وَرِثَهُ

- ‌11 - كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصِّيَامِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ الصَّوْمِ بِرُؤْيَةِ الْهِلالِ

- ‌بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ

- ‌بَابُ لَا يَتَقَدَّمُ شَهْرَ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلالِ

- ‌بَابُ إِذَا أَخْطَأَ الْقَوْمُ الْهِلالَ

- ‌بَابُ فَضْلِ السَّحُورِ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ حُصُولِ الْفِطْرِ بِدُخُولِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْطِرَ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ نِيَّةِ الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ تَنْزِيهِ الصَّوْمِ عَنِ الرَّفَثِ وَقَوْلِ الزُّورِ

- ‌بَابُ قُبْلَةِ الصَّائِمِ

- ‌بَابُ الصَّائِمِ يُصْبِحُ جُنُبًا

- ‌بَابُ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ نَاسِيًا

- ‌بَابُ الصَّائِمِ يَسْتَقِيءُ

- ‌بَابُ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ

- ‌بَابُ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌بَابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ

- ‌بَابُ مَنْ صَامَ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ أَفْطَرَ

- ‌بَابُ مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي السَّفَرِ ثُمَّ أفْطَرَ

- ‌بَابُ الْمُحَارِبِ يُفْطِرُ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الإِفْطَارِ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ

- ‌بَابُ تَأْخِيرِ الْمَرْأَةِ قَضَاءَ الْصَوْمِ إِلَى شَعْبَانَ لِحَقِّ الزَّوْجِ وَأَنَّهَا لَا تَصُومُ تَطَوُّعًا إِلا بِإِذْنِهِ

- ‌بَابُ التَّتَابُعِ فِي الصِّيَامِ

- ‌بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ

- ‌بَابُ صَوْمِ شَعْبَانَ

- ‌بَابُ صَوْمِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ

- ‌بَابٌ فِي عَاشُورَاءَ أَيُّ يَوْمٍ هُوَ

- ‌بَابُ فَضْلِ صَوْمِ الْمُحَرَّمِ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ

- ‌بَابُ تَرْكِ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ لِلْحَاجِّ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمَيِ الْعِيدِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ

- ‌بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ الْبِيضِ وَمَنْ صَامَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَكَرَاهِيَةِ إِفْرَادِهِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ وَحْدَهُ

- ‌بَابُ صَوْمِ الدَّهْرِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّوْمِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

- ‌بَابُ الْمُتَطَوِّعِ بِالصَّوْمِ يُفْطِرُ

- ‌بَابُ مَنْ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ عِنْدَهُ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا

- ‌بَابُ مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَمْ يُفْطِرْ عِنْدَهُمْ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ هِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ هِيَ لَيْلَةُ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ هِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ

- ‌بَابُ الاجْتِهَادِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ الاعْتِكَافِ

- ‌بَابُ خُرُوجِ الْمُعْتَكِفِ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ

- ‌بَابُ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ

الفصل: ‌باب صدقة الفطر

‌بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

1593 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرِ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ

1594 -

أَنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ،

ص: 70

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَالذَّكَرِ والْأُنْثَى، والصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنْ نَافِعٍ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَرِيضَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ لَيْسَتْ بِفَرِيضَةٍ، وَالْوَاجِبُ عِنْدَهُمْ أَحَطُّ رُتْبَةً مِنَ الْفَرِيضَةِ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِلْكَ النِّصَابِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِوُجُوبِهَا، بَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعَطَاءٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ لِيَوْمِ الْعِيدِ وَلَيْلَتِهِ قَدْرَ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، يَلْزَمَهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَحْمَدُ.

ص: 71

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا تَجِبُ إِلا عَلَى مَنْ يَمْلُكُ نِصَابًا، لِأَنَّ مَنْ حَلَّتْ لَهُ الصَّدَقَةُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ، وَالْحَدُّ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مِلْكُ الْمِائَتَيْنِ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ أَدَاؤُهَا عَنِ الصَّغِيرِ، وَالْمَجْنُونِ، وَعَمَّنْ أَطَاقَ الصَّوْمَ أَوْ لَمْ يُطِقْ.

رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ:«صَدَقَةُ الْفِطْرِ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى مَنْ أَطَاقَ الصَّوْمَ» .

وَيَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ عَبِيدِهِ وَإِمَائِهِ الْمُسْلِمِينَ شَاهَدِهِمْ وَغَائِبِهِمْ، سَوَاءٌ كَانُوا لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ، فَعَلَيْهِ فِي رَقِيقِ التِّجَارَةِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى رَقِيقِ التِّجَارَةِ.

وَلا تَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ فِطْرَةُ عَبْدِهِ الْكَافِرِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ:«مِنَ الْمُسْلِمِينَ» ، وَلِأَنَّهَا طُهْرَةُ الْمُسْلِمِ كَزَكَاةِ الْمَالِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ.

وَقَالَ عَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ: تَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْ عَبْدِهِ الْكَافِرِ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَإِسْحَاقُ.

ص: 72

1595 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ الْعَامِرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ:" كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ بِصَاعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ".

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ، وَأَرَادَ بِالطَّعَامِ الْبُرَّ

قَالَ رحمه الله: يَجِبُ إِخْرَاجُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَمْثَالِهِ

ص: 73

فِي بَلَدِهِ إِنْ كَانُوا يَقْتَاتُونَ حَبًّا، يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ، أَوِ التَّمْرُ أَوِ الزَّبِيبُ، فَإِنْ كَانَ قُوتُهُمْ لَحْمًا أَوْ حَبًّا لَا عُشْرَ فِيهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَقْرَبِ الْبِلادِ إِلَيْهِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي جَوَازِ الْأَقط إِذَا كَانَ ذَلِكَ قُوتُهُمْ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ، وَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ الدَّقِيقِ، وَلا السَّوِيقِ، وَلا الْخُبْزِ، وَلا الْقِيمَةِ، وَجَوَّزَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ جَمِيعَ ذَلِكَ.

وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْ صَاعٍ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ أَخْرَجَ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.

وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ مِنَ الْبُرِّ نِصْفُ صَاعٍ، وَلا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِهِ أَقَلُّ مِنْ صَاعٍ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.

1596 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخَرَقِيُّ، أَنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، نَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ الْفَرَّاءُ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ مِنَ

ص: 74

الشَّامِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ، فَخَطَبَ النَّاسَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَ الزَّكَاةَ، فَقَالَ:«إِنِّي أَرَى مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ يَعْدُلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، فَكَانَ أَوَّلَ مَا ذَكَرَ النَّاسُ مِنَ الْمُدَّيْنِ حِينَئِذٍ» .

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ.

وَرَوى ابْنُ عَجْلانَ، عَنْ عِيَاضٍ، قَالَ: ثُمَّ أَنْكَرَ ذَلِكَ أَبُو سَعِيدٍ، وَقَالَ:«لَا أُخْرِجُ فِيهَا إِلا الَّذِي كُنْتُ أُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم»

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِ صَدَقَةِ فِطْرِ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا، فَذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، إِلَى وُجُوبِهَا عَلَيْهِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، «فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِمَّنْ يمونون» .

وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ،

ص: 75

وَالسُّنَّةُ أَنْ تُخْرَجَ صَدَقَةُ الْفِطْرِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى، وَلَوْ عَجَّلَهَا بَعْدَ دُخُولِ شَهْرِ رَمَضَانَ قَبْلَ يَوْمِ الْفِطْرِ يَجُوزُ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَبْعَثُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ إِلَى الَّذِي تُجْمَعُ عِنْدَهُ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ.

وَرَخَّصَ ابْنُ سِيرِينَ، وَالنَّخَعِيُّ فِي إِخْرَاجِهَا بَعْدَ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَهَا عَنْ يَوْمِ الْفِطْرِ بِغَيْرِ عُذْرٍ أَثِمَ، كَمَنْ أَخَّرَ إِخْرَاجَ زَكَاةِ الْمَالِ عَنْ مِيقَاتِهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إِلَى مَا بَعْدِ صَلاةِ الْعِيدِ.

وَالصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ، وَهُوَ صَاعُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهْلِ

ص: 76

الْحِجَازِ، وَعَلَيْهِ أَدَاءُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ بِهِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، وَعِنْدَ أَهْلِ الْعِرَاقِ الصَّاعُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ، وَهُوَ صَاعُ الْحَجَّاجِ الَّذِي سَعَّرَ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْأَسْوَاقِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ» .

ص: 77