الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ إِذَا أَخْطَأَ الْقَوْمُ الْهِلالَ
1725 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ، أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، نَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، نَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، نَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ، وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ» .
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
1726 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ، أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، نَا أَبُو عِيسَى، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، نَا إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«الصَّوْمُ يَوْمَ يَصُومُونَ، وَالْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُونَ، وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحُّونَ» .
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَقَدْ فَسَّرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: إِنَّمَا مَعْنَى هَذَا أَنَّ الصَّوْمَ وَالْفِطْرَ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَعِظَمِ النَّاسِ.
قَالَ رحمه الله: وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ رَأَى الْهِلالَ وَحْدَهُ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّ عَلَيْهِ الصَّوْمَ وَالْفِطْرَ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، كَمَنْ عَلِمَ طُلُوعَ الْفَجْرِ عَلَيْهِ أَنْ يُمْسِكَ عَنِ الأَكْلِ بِعِلْمِهِ وَحْدَهُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ: لَا يَصُومُ بِرُؤْيَتِهِ وَحْدَهُ، وَلا يُفْطِرُ، لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَصُومُ بِرُؤْيَتِهِ وَحْدَهُ، وَلا يُفْطِرُ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْخَطَأَ مَوْضُوعٌ عَنِ النَّاسِ فِيمَا كَانَ سَبِيلُهُ الاجْتِهَادَ، فَلَوْ أَنَّ قَوْمًا اجْتَهَدُوا، فَلَمْ يَرَوُا الْهِلالَ إِلا بَعْدَ الثَّلاثِينَ، فَلَمْ يُفْطِرُوا حَتَّى اسْتَوْفَوُا الْعَدَدَ، ثُمَّ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الشَّهْرَ كَانَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، فَلا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مِنْ وِزْرٍ وَعَتَبٍ.
قَالَ رحمه الله: فَإِنَّ كَانَ هَذَا فِي هِلالِ رَمَضَانَ، فَاسْتَوْفَوْا عَدَدَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ، ثُمَّ ابْتَدَءُوا الصَّوْمَ، ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّ شَعْبَانَ كَانَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ قَضَاءُ الْيَوْمِ الأَوَّلِ، وَلا وِزْرَ عَلَيْهِمْ بِهِ.
وَلَوِ اشْتَبَهَ عَلَى أَسِيرٍ شَهْرَ رَمَضَانَ، فَصَامَ شَهْرًا بِالاجْتِهَادِ، جَازَ، فَإِنْ بَانَ أَنَّهُ أَخْطَأَ بِالتَّأْخِيرِ، فَصَوْمُهُ صَحِيحٌ، وَإِنْ أَخْطَأَ بِالتَّقْدِيمِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَكَذَلِكَ لَوِ اجْتَهَدَ فِي وَقْتِ الصَّلاةِ، فَوَقَعَتْ صَلاتُهُ بَعْدَ الْوَقْتِ، فَلا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كُلِّفَ الْقَضَاءَ، لَمْ يُمْكِنْهُ الإِتْيَانُ بِهِ بَعْدَ الْوَقْتِ، وَإِنْ وَقَعَتْ قَبْلَ الْوَقْتِ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
وَكَذَلِكَ الْحَجِيجُ إِذَا أَخْطَئُوا يَوْمَ عَرَفَةَ، فَوَقَفُوا يَوْمَ الْعَاشِرِ، صَحَّ حَجُّهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ كُلِّفُوا الْقَضَاءَ، لَمْ يَأْمَنُوا مِنْ وُقُوعِ مِثْلِهِ فِي الْقَضَاءِ، فَوُضِعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ، وَإِنْ أَخْطَئُوا بِالتَّقْدِيمِ، فَوَقَفُوا يَوْمَ الثَّامِنِ، فَعَلَيْهِمُ الإِعَادَةُ، لِأَنَّهُ نَادِرٌ، وَإِنْ رَأَوُا الْهِلالَ بِالنَّهَارِ، فَهُوَ لِلَيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، سَوَاءٌ رَأَوْهُ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ، وَالْيَوْمُ مِنَ الشَّهْرِ الْمَاضِي.
قَالَ شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ: كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَنَحْنُ بِخَانِقِينَ: إِنَّ الْأَهِلَّةَ بَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلالَ نَهَارًا، فَلا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ رَجُلانِ مُسْلِمَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالأَمْسِ.
وَإِذَا أَصْبَحَ النَّاسُ يَوْمَ الثَّلاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ صَائِمِينَ، فَشَهِدَ رَجُلانِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلالِ بِالأَمْسِ، يَأْمُرُهُمُ الإِمَامُ بِالْفِطْرِ، فَإِذَا كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ صلَّى بِهِمْ
صَلاةَ الْعِيدِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَنَّهُ هَلْ يُصَلِّي بِهِمْ مِنَ الْغَدِ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ يُصَلِّي بِهِمْ صَلاةَ الْعِيدِ مِنَ الْغَدِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ رَكْبًا جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوُا الْهِلالَ بِالأَمْسِ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا، فَإِذَا أَصْبَحُوا أَنْ يَغْدُوا إِلَى مُصَلاهُمْ.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ مِنَ الْيَوْمِ، وَلا مِنَ الْغَدِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ: لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي الْوَقْتِ إِذَا جَاوَزَهُ لَمْ يَعْلَمْ فِي غَيْرِهِ كَعَرَفَةَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِلسُّنَّةِ الْمَأْثُورَةِ فِيهِ.