المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب وجوب الصوم برؤية الهلال - شرح السنة للبغوي - جـ ٦

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ زَكَاةِ الإِبِلِ السَّائِمَةِ وَالْغَنَمِ وَالْوَرِقِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ السَّائِمَةِ

- ‌بَابُ لَا زَكَاةَ فِي الْعَبْدِ وَالْفَرَسِ

- ‌بَابُ الْمُسْتَفَادِ لَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ الصَّدَقَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الثِّمَارِ وَخَرْصِهَا

- ‌بَابُ قَدْرِ الصَّدَقَةِ فِيمَا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْعَسَلِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْوَرِقِ وَالْحُلِيِّ

- ‌بَابُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ الدَّيْنِ هَلْ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ

- ‌بَابُ الرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ مَالِ الصَّبِيِّ

- ‌بَابُ أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنَ الْوَسَطِ

- ‌بَابُ إِذَا أَدَّى زَكَاتَهُ فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ

- ‌بَابُ حَقِّ الْمَالِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ الاعْتِدَاءِ فِي الصَّدَقَةِ

- ‌بَابُ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ مِنَ الْأَغنِيَاءِ وَالْأَقْوِيَاءِ

- ‌بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِهَا عَلَى مَوَالِي الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ حِلِّ الْهَدِيَّةِ لِلَّنبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ الَّتَعفُّفِ عَنِ السُّؤَالِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ السُّؤَالِ إِلا مِنْ ضَرُورَةٍ وَوَعِيدِ السَّائِلِ

- ‌بَابُ مَنْ أُعْطِيَ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّدقَةِ

- ‌بَابُ التَّصَدُّقِ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ

- ‌بَابُ كُلِّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الْغَرْسِ وَالزَّرْعِ

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ إِمْسَاكِ الْمَالِ وَمَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الإِنْفَاقِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الْمِنْحَةِ

- ‌بَابُ فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ وَإِثْمِ مَنْعِهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ صَدَقَةِ الصَّحِيحِ الشَّحِيحِ

- ‌بَابُ حَقِّ السَّائِلِ

- ‌بَابُ خَيْرِ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى

- ‌بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَهْلِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَوْلادِ وَالْأَقَارِبِ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْجَارِ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ عَنِ الْميت

- ‌بَابُ الْمَرْأَةِ تَتَصَدَّقُ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ وَالْخَازِنِ وَالْعَبْدِ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى

- ‌بَابُ نَهْيِ الْمُتَصَدِّقِ أَنْ يَشْتَرِيَ صَدَقَتَهُ

- ‌بَابُ مَنْ تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ ثُمَّ وَرِثَهُ

- ‌11 - كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصِّيَامِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ الصَّوْمِ بِرُؤْيَةِ الْهِلالِ

- ‌بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ

- ‌بَابُ لَا يَتَقَدَّمُ شَهْرَ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلالِ

- ‌بَابُ إِذَا أَخْطَأَ الْقَوْمُ الْهِلالَ

- ‌بَابُ فَضْلِ السَّحُورِ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ حُصُولِ الْفِطْرِ بِدُخُولِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْطِرَ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ نِيَّةِ الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ تَنْزِيهِ الصَّوْمِ عَنِ الرَّفَثِ وَقَوْلِ الزُّورِ

- ‌بَابُ قُبْلَةِ الصَّائِمِ

- ‌بَابُ الصَّائِمِ يُصْبِحُ جُنُبًا

- ‌بَابُ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ نَاسِيًا

- ‌بَابُ الصَّائِمِ يَسْتَقِيءُ

- ‌بَابُ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ

- ‌بَابُ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌بَابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ

- ‌بَابُ مَنْ صَامَ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ أَفْطَرَ

- ‌بَابُ مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي السَّفَرِ ثُمَّ أفْطَرَ

- ‌بَابُ الْمُحَارِبِ يُفْطِرُ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الإِفْطَارِ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ

- ‌بَابُ تَأْخِيرِ الْمَرْأَةِ قَضَاءَ الْصَوْمِ إِلَى شَعْبَانَ لِحَقِّ الزَّوْجِ وَأَنَّهَا لَا تَصُومُ تَطَوُّعًا إِلا بِإِذْنِهِ

- ‌بَابُ التَّتَابُعِ فِي الصِّيَامِ

- ‌بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ

- ‌بَابُ صَوْمِ شَعْبَانَ

- ‌بَابُ صَوْمِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ

- ‌بَابٌ فِي عَاشُورَاءَ أَيُّ يَوْمٍ هُوَ

- ‌بَابُ فَضْلِ صَوْمِ الْمُحَرَّمِ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ

- ‌بَابُ تَرْكِ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ لِلْحَاجِّ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمَيِ الْعِيدِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ

- ‌بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ الْبِيضِ وَمَنْ صَامَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَكَرَاهِيَةِ إِفْرَادِهِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ وَحْدَهُ

- ‌بَابُ صَوْمِ الدَّهْرِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّوْمِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

- ‌بَابُ الْمُتَطَوِّعِ بِالصَّوْمِ يُفْطِرُ

- ‌بَابُ مَنْ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ عِنْدَهُ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا

- ‌بَابُ مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَمْ يُفْطِرْ عِنْدَهُمْ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ هِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ هِيَ لَيْلَةُ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ هِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ

- ‌بَابُ الاجْتِهَادِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ الاعْتِكَافِ

- ‌بَابُ خُرُوجِ الْمُعْتَكِفِ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ

- ‌بَابُ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ

الفصل: ‌باب وجوب الصوم برؤية الهلال

‌بَابُ وُجُوبِ الصَّوْمِ بِرُؤْيَةِ الْهِلالِ

1713 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ رَمَضَانَ، فَقَالَ:«لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلالَ، وَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ

1714 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «الشَّهْرُ

ص: 227

تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، فَلا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلالَ، وَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تَروْهُ، فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ، فَاقْدُرُوا لَهُ».

هَكَذَا رَوَاهُ مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَابْنُ بُكَيْرٍ، كَمَا رَوَى أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ.

وَرَوَى الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، بِإِسْنَادِهِ، وَقَالَ:«فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاثِينَ» ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ

1715 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا آدَمُ، نَا شُعْبَةُ، نَا الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، نَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلا نَحْسِبُ، الشَّهْرُ هَكَذا وَهَكَذا» ، يَعْنِي: مَرَّةً تِسْعًا وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً ثَلاثِينَ.

ص: 228

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، وَقَالَ:«الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» ، وَعَقَدَ الإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ، «الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» ، يَعْنِي: تَمَامَ الثَّلاثِينَ

وَرَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ، بِإِسْنَادِهِ، وَقَالَ:«الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» ، وَخَنَّسَ سُلَيْمَانُ إِصْبَعَهُ فِي الثَّالِثَةِ، يَعْنِي: تِسْعًا وَعِشْرِينَ.

قَوْلُهُ: خَنَّسَ إِصْبَعَهُ، أَيْ: قَبَضَ.

وَرُوِيَ عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» ، وَقَبَضَ إِبْهَامَهُ فِي الثَّالِثَةِ، وَيُرْوَى: الإِبْهَامُ مِنَ الْيَدِ الْيُمْنَى.

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: قَوْلُهُ: «أُمِّيَّةٌ» ، إِنَّمَا قِيلَ لِمَنْ لَا يَكْتُبُ وَلا يَقْرَأُ: أُمِّيٌّ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى أُمَّةِ الْعَرَبِ، وَكَانُوا لَا يَكْتُبُونَ وَلا يَقْرَءُونَ،

ص: 229

وَيُقَالُ: إِنَّمَا قِيلَ لَهُ أُمِّيٌّ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى الْحَالِ الَّذِي وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، لَمْ يَتَعَلَّمْ قِرَاءَةً وَلا كِتَابَةً.

وَقَوْلُهُ: «يَعْنِي تِسْعًا وَعِشْرِينَ» ، لَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّ كُلَّ شَهْرٍ تَسْعَةٌ وَعِشْرُونَ، بَلْ أَرَادَ بِهِ أَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْهُ فِي الْعُرْفِ ثَلاثِينَ، حَتَّى لَوْ نَذَرَ رَجُلٌ أَنْ يَصُومَ شَهْرًا بِعَيْنِهِ، فَصَامَهُ، فَخَرَجَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَا يُلْزِمُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ بَارًّا فِي نَذْرِهِ، وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ لَا بِعَيْنِهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ ثَلاثِينَ يَوْمًا.

وَقَوْلُهُ: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ» ، أَيْ: خُفِيَ عَلَيْكُمْ، مِنْ قَوْلِكَ: غَمَمْتُ الشَّيْءَ: إِذَا غَطَّيْتُهُ، فَهُوَ مَغْمُومٌ.

وَقَوْلُهُ: «فَاقْدُرُوا لَهُ» ، مَعْنَاهُ: التَّقْدِيرُ لَهُ بِإِكْمَالِ الْعَدَدِ ثَلاثِينَ، يُقَالُ: قَدَرْتُ الشَّيْءَ أَقْدُرُهُ، وَأَقْدُرُهُ قَدْرًا بِمَعْنَى: قَدَّرْتُهُ: تَقْدِيرًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} [المرسلات: 23].

وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ التَّقْدِيرُ بِحِسَابِ سَيْرِ الْقَمَرِ فِي الْمَنَازِلِ، أَيْ: قَدِّرُوا لَهُ مَنَازِلَ الْقَمَرِ، فَإِنَّهُ يَدُلُّكُمْ عَلَى أَنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ أَوْ ثَلاثُونَ.

قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: هَذَا خِطَابٌ لِمَنْ خَصَّهُ اللَّهُ بِهَذَا الْعِلْمِ.

وَقَوْلُهُ: «فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ» ، خِطَابٌ لِلْعَامَّةِ الَّتِي لَمْ تُعْنَ بِهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى كَمَا ذَكَرْنَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا

ص: 230

الْعِدَّةَ ثَلاثِينَ».

وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلالَ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلاثِينَ يَوْمًا» .

ص: 231

1716 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنا أَبُو الْعَبَّاسِ الطَّحَّانُ، أَنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ قُرَيْشٍ، أَنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنا أَبُو عُبَيْدٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سَحَابٌ أوْ ظُلْمَةٌ أَوْ هَبْوَةٌ، فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ، وَلا تَسْتَقْبِلُوا الشَّهْرَ اسْتِقْبَالا، وَلا تَصِلُوا رَمَضَانَ بِيَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ»

الْهَبْوَةُ: الْغَبْرَةُ، يُقَالُ لِدُقَاقِ التُّرَابِ إِذَا ارْتَفَعَ: قَدْ هَبَا يَهْبُو هَبْوًا، فَهُوَ هَابٌّ.

ص: 232

وَرُوِيَ عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا كَانَ شَعْبَانُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ نَظَرَ لَهُ، فَإِنْ رُئِيَ، فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يَرَ وَلَمْ يَحُلْ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ أَوْ قَتَرَةٌ، أَصْبَحَ مُفْطِرًا، وَإِنْ حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ أَوْ قَتَرَةٌ، أَصْبَحَ صَائِمًا، قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُفْطِرُ مَعَ النَّاسِ، وَلا يَأْخُذُ بِهَذَا الْحِسَابِ.

أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ هَذَا الصَّنِيعَ فِي شَعْبَانَ احْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ، وَلا يَأْخُذُ بِهَذَا الْحِسَابِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَلا يُفْطِرُ إِلا مَعَ النَّاسِ.

وَذَهَبَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَصُومُ وَلا يُفْطِرُ إِلا بِرُؤْيَةِ الْهِلالِ، أَوْ إِكْمَالِ الْعَدَدِ ثَلاثِينَ، وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَذْهَبُ مَذْهَبَ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَرَ الْهِلالَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ لِعِلَّةٍ فِي السَّمَاءِ، صَامَ النَّاسُ، وَإِنْ كَانَ صَحْوًا لَمْ يَصُومُوا.

ص: 233