المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب من تحل له الصدقة من الأغنياء - شرح السنة للبغوي - جـ ٦

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ زَكَاةِ الإِبِلِ السَّائِمَةِ وَالْغَنَمِ وَالْوَرِقِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ السَّائِمَةِ

- ‌بَابُ لَا زَكَاةَ فِي الْعَبْدِ وَالْفَرَسِ

- ‌بَابُ الْمُسْتَفَادِ لَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ الصَّدَقَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الثِّمَارِ وَخَرْصِهَا

- ‌بَابُ قَدْرِ الصَّدَقَةِ فِيمَا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْعَسَلِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْوَرِقِ وَالْحُلِيِّ

- ‌بَابُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ الدَّيْنِ هَلْ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ

- ‌بَابُ الرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ مَالِ الصَّبِيِّ

- ‌بَابُ أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنَ الْوَسَطِ

- ‌بَابُ إِذَا أَدَّى زَكَاتَهُ فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ

- ‌بَابُ حَقِّ الْمَالِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ الاعْتِدَاءِ فِي الصَّدَقَةِ

- ‌بَابُ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ مِنَ الْأَغنِيَاءِ وَالْأَقْوِيَاءِ

- ‌بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِهَا عَلَى مَوَالِي الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ حِلِّ الْهَدِيَّةِ لِلَّنبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ الَّتَعفُّفِ عَنِ السُّؤَالِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ السُّؤَالِ إِلا مِنْ ضَرُورَةٍ وَوَعِيدِ السَّائِلِ

- ‌بَابُ مَنْ أُعْطِيَ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّدقَةِ

- ‌بَابُ التَّصَدُّقِ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ

- ‌بَابُ كُلِّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الْغَرْسِ وَالزَّرْعِ

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ إِمْسَاكِ الْمَالِ وَمَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الإِنْفَاقِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الْمِنْحَةِ

- ‌بَابُ فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ وَإِثْمِ مَنْعِهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ صَدَقَةِ الصَّحِيحِ الشَّحِيحِ

- ‌بَابُ حَقِّ السَّائِلِ

- ‌بَابُ خَيْرِ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى

- ‌بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَهْلِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَوْلادِ وَالْأَقَارِبِ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْجَارِ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ عَنِ الْميت

- ‌بَابُ الْمَرْأَةِ تَتَصَدَّقُ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ وَالْخَازِنِ وَالْعَبْدِ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى

- ‌بَابُ نَهْيِ الْمُتَصَدِّقِ أَنْ يَشْتَرِيَ صَدَقَتَهُ

- ‌بَابُ مَنْ تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ ثُمَّ وَرِثَهُ

- ‌11 - كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصِّيَامِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ الصَّوْمِ بِرُؤْيَةِ الْهِلالِ

- ‌بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ

- ‌بَابُ لَا يَتَقَدَّمُ شَهْرَ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلالِ

- ‌بَابُ إِذَا أَخْطَأَ الْقَوْمُ الْهِلالَ

- ‌بَابُ فَضْلِ السَّحُورِ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ حُصُولِ الْفِطْرِ بِدُخُولِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْطِرَ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ نِيَّةِ الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ تَنْزِيهِ الصَّوْمِ عَنِ الرَّفَثِ وَقَوْلِ الزُّورِ

- ‌بَابُ قُبْلَةِ الصَّائِمِ

- ‌بَابُ الصَّائِمِ يُصْبِحُ جُنُبًا

- ‌بَابُ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ نَاسِيًا

- ‌بَابُ الصَّائِمِ يَسْتَقِيءُ

- ‌بَابُ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ

- ‌بَابُ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌بَابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ

- ‌بَابُ مَنْ صَامَ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ أَفْطَرَ

- ‌بَابُ مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي السَّفَرِ ثُمَّ أفْطَرَ

- ‌بَابُ الْمُحَارِبِ يُفْطِرُ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الإِفْطَارِ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ

- ‌بَابُ تَأْخِيرِ الْمَرْأَةِ قَضَاءَ الْصَوْمِ إِلَى شَعْبَانَ لِحَقِّ الزَّوْجِ وَأَنَّهَا لَا تَصُومُ تَطَوُّعًا إِلا بِإِذْنِهِ

- ‌بَابُ التَّتَابُعِ فِي الصِّيَامِ

- ‌بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ

- ‌بَابُ صَوْمِ شَعْبَانَ

- ‌بَابُ صَوْمِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ

- ‌بَابٌ فِي عَاشُورَاءَ أَيُّ يَوْمٍ هُوَ

- ‌بَابُ فَضْلِ صَوْمِ الْمُحَرَّمِ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ

- ‌بَابُ تَرْكِ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ لِلْحَاجِّ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمَيِ الْعِيدِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ

- ‌بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ الْبِيضِ وَمَنْ صَامَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَكَرَاهِيَةِ إِفْرَادِهِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ وَحْدَهُ

- ‌بَابُ صَوْمِ الدَّهْرِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّوْمِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

- ‌بَابُ الْمُتَطَوِّعِ بِالصَّوْمِ يُفْطِرُ

- ‌بَابُ مَنْ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ عِنْدَهُ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا

- ‌بَابُ مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَمْ يُفْطِرْ عِنْدَهُمْ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ هِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ هِيَ لَيْلَةُ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ هِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ

- ‌بَابُ الاجْتِهَادِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ الاعْتِكَافِ

- ‌بَابُ خُرُوجِ الْمُعْتَكِفِ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ

- ‌بَابُ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ

الفصل: ‌باب من تحل له الصدقة من الأغنياء

‌بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ

1604 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلا لِخَمْسَةٍ: لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ لِغَارِمٍ، أَوْ رَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ، أَوْ رَجُلٍ لَهُ جَارٌ مِسْكينٌ، فَتُصُدِّقَ عَلَى الْمِسْكِينِ، فَأَهْدَى الْمِسْكِينُ لِلْغَنِيِّ، أَوْ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا ".

هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، مُرْسَلًا.

وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَعْنَاهُ

قَالَ رحمه الله: وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ ابْنِ السَّبِيلِ، وَقَدْ

ص: 89

رُوِيَ عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ ابْنِ السَّبِيلِ، أَوْ جَارٍ فَقِيرٍ، فَتُصُدِّقَ عَلَيْهِ، فَيَهْدِي لَكَ أَوْ يَدْعُوكَ» .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: جَعَلَ اللَّهُ عز وجل الصَّدَقَاتِ لِثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التَّوْبَة: 60].

وَرُوِيَ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَايَعْتُهُ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَعْطِنِي مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلا غَيْرِهِ فِي الصَّدَقَاتِ حَتَّى حَكَمَ فِيهَا هُوَ، فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ حَقَّكَ» .

أَمَّا الْفَقِيرُ، فَمَنْ لَا مَالَ لَهُ، وَلا حِرْفَةَ تَقَعُ مِنْهُ مَوْقِعًا، وَالْمِسْكِينُ: مَنْ لَهُ مَالٌ أَوْ حِرْفَةٌ تَقَعُ مِنْهُ مَوْقِعًا، وَلا تُغْنِيهِ عَلَى مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ، فَيَجُوزُ أَنْ يُعْطَى إِلَيْهِمَا مَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ كِفَايَةِ سَنَةٍ.

وَالصِّنْفُ الثَّالِثُ: هُمُ الْعَامِلُونَ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَهُ مِنْهَا أَجْرٌ مِثْلُ عَمَلِهِ

ص: 90

فَقِيرًا كَانَ أَوْ غَنِيًّا، رُوِيَ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ، قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا فَرَغْتُ أَمَرَ لِي بِعُمَالَةٍ، فَقُلْتُ: إِنَّمَا عَمِلْتُ لِلَّهِ، قَالَ:«خُذْ مَا أُعْطِيتَ، فَإِنِّي قَدْ عَمِلْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَمَّلَنِي» .

قَوْلُهُ: عَمَّلَنِي.

مَعْنَاهُ: أَعْطَانِي الْعُمَالَةَ، وَهَذَا الْحَقُّ لِلْعَامِلِ الَّذِي يَتَوَلَّى أَخْذَ الصَّدَقَاتِ لَا لِلْإِمَامِ وَالْوَالِي، لِأَنَّهُمَا لَا يَلِيَانِ أَخْذَهَا.

شَرِبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَبَنًا، فَأَعْجَبَهُ، فَأُخْبِرَ أَنَّهُ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ، فَأَدْخَلَ إِصْبَعَهُ فَاسْتَقَاءَهُ.

ص: 91

وَالصِّنْفُ الرَّابِعُ: هُمُ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ، وَهُمْ قِسْمَانِ: قِسْمٌ مُسْلِمُونَ، وَقِسْمٌ كُفَّارٌ، فَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ، فَقِسْمَانِ: قِسْمٌ دَخَلُوا فِي الإِسْلامِ، وَنِيَّتُهُمْ ضَعِيفَةٌ يُرِيدُ الإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مَالا تَأَلُّفًا، كَمَا أَعْطَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ، وَالْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، أَوْ تَكُونُ نِيَّتُهُمْ قَوِيَّةً فِي الإِسْلامِ، وَهُمْ شُرَفَاءٌ فِي قَوْمِهِمْ يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ، تَرْغِيبًا لِأَمْثَالِهِمْ فِي الإِسْلامِ، كَمَا أَعْطَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، وَالزّبْرَقَان بْنِ بَدْرٍ، فَهَذَا وَاسِعٌ لِلإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ، وَلَكِنْ يُعْطِيهِمْ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ سَهْمَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كَمَا أَعْطَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَلا يُعْطِيهِمْ مِنَ الصَّدَقَاتِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ مُؤَلَّفَةِ الْمُسْلِمِينَ: أَنْ يَكُونَ قَوْمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِإِزَاءِ قَوْمٍ كُفَّارٍ فِي مَوْضِعٍ مُنْتَاطٍ، لَا تَبْلُغُهُمْ جُيُوشَ الْمُسْلِمِينَ إِلا بِمَئُونَةٍ كَثِيرَةٍ، وَهُمْ لَا يُجَاهِدُونَ إِمَّا لِضَعْفِ نِيَّتِهِمْ، وَإِمَّا لِضَعْفِ حَالِهِمْ، فَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنْ سَهْمِ الْغُزَاةِ، وَقِيلَ: مِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ.

وَمِنْهُمْ قَوْمٌ بِإِزَاءِ جَمَاعَةٍ مِنْ مَانِعِي الزَّكَاةِ يَأْخُذُونَ مِنْهُمُ الزَّكَاةَ يَحْمِلُونَهَا إِلَى الإِمَامِ، فَيُعْطِيهِمُ الإِمَامُ مِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ مِنَ الصَّدَقَاتِ، وَقِيلَ: مِنْ سَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ، وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ الإِمَامُ بَيْنَهُمَا.

رُوِيَ أَنَّ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ جَاءَ أَبَا بَكْرٍ بِثَلاثِ مِائَةٍ مِنَ الإِبِلِ مِنْ صَدَقَاتِ قَوْمِهِ، فَأَعْطَاهُ أَبُو بَكْرٍ مِنْهَا ثَلاثِينَ بَعِيرًا.

أَمَّا الْكُفَّارُ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ: هُوَ مَنْ يُخْشَى شَرُّهُ مِنْهُمْ، أَوْ يُرْجَى إِسْلامُهُ، فَيُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَ هَذَا طَمَعًا فِي إِسْلامِهِ أَوْ ذَاكَ، حَذَرًا مِنْ شَرِّهِ، فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ، لِمَا يَرَى مِنْ مَيْلِهِ

ص: 92

إِلَى الإِسْلامِ تَرْغِيبًا لَهُ فِيهِ.

أَمَّا الْيَوْمَ، فَقَدْ أَعَزَّ اللَّهُ الإِسْلامَ بِحَمْدِ اللَّهِ، فَأَغْنَاهُ عَنْ أَنْ يَتَأَلَّفَ عَلَيْهِ رِجَالٌ، فَلا يُعْطَى مُشْرِكٌ تَأَلُّفًا بِحَالٍ، فَقَدْ قَالَ بِهَذَا كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ الْمُؤَلَّفَةَ مُنْقَطِعَةٌ، وَسَهْمُهُمْ سَاقِطٌ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَإِسْحَاقُ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: سَهْمُهُمْ ثَابِتٌ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَقَالَ أَحْمَدُ: يُعْطَوْنَ إِنِ احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى ذَلِكَ.

ثُمَّ هَذَا إِذَا أَعْطَاهُمْ تَأَلُّفًا وَتَرْغِيبًا لَهُمْ فِي الإِسْلامِ مِنْ غَيْرِ أَنَّ شَارِطَهُمْ، فَإِنَّ شَارِطَهُمْ عَلَى أَنْ يَسْلَمُوا، فَمَرْدُودَةٌ، لِأَنَّ الإِسْلامَ فَرْضٌ لَازِمٌ عَلَيْهِمْ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْجُعْلِ عَلَيْهِ بِالاتِّفَاقِ.

وَالصِّنْفُ الْخَامِسُ: هُمُ الرِّقَابِ، وَهُمُ الْمُكَاتِبُونَ لَهُمْ سَهْمٌ مِنَ الصَّدَقَةِ،

ص: 93

وَلا يُعْطَوْنَ أَكْثَرَ مِمَّا يَحْصُلُ لَهُمْ بِأَدَائِهِ الْعِتْقُ، وَقَالَ مَالِكٌ: يُشْتَرَى بِسَهْمِ الرِّقَابِ عَبِيدٌ يُعْتَقُونَ.

وَالصِّنْفُ السَّادِسُ: هُمُ الْغَارِمُونَ، فَهُمْ قِسْمَانِ: قِسْمٌ ادَّانُوا لِأَنْفُسِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يُعْطَوْنَ مِنَ الصَّدَقَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنَ الْمَالِ مَا يَفِي بُدُيُونِهِمْ، وَقِسْمٌ ادَّانُوا فِي إِصْلاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَإِنَّهُمْ يُعْطَوْنَ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ.

وَالصِّنْفُ السَّابِعُ: سَهْمُ سَبِيلِ اللَّهِ، وَهُمُ الْغُزَاةُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَإِنَّهُمْ يُعْطَوْنَ إِذَا أَرَادُوا الْخُرُوجَ إِلَى الْغَزْوِ، وَمَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى أَمْرِ الْغَزْوِ مِنَ الْحُمُولَةِ، وَالسِّلاحِ، وَالنَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ، وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ.

وَلا يَجُوزُ صَرْفُ شَيْءٍ مِنَ الزَّكَاةِ إِلَى الْحَجِّ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ مِنْ زَكَاتِهِ فِي الْحَجِّ، وَمِثْلُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ.

قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: أَوْصَى إِلَيَّ رَجُلٌ بِمَالِهِ أَنْ أَجْعَلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: إِنَّ الْحَجَّ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ، فَاجْعَلْهُ فِيهِ.

وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ أَنَّ أُمَّ مَعْقِلٍ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَلَيَّ حَجَّةً، وَإِنَّ لأَبِي مَعْقِلٍ بَكْرًا.

قَالَ أَبُو مَعْقِلٍ: صَدَقَتْ، جَعَلْتُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَعْطِهَا،

ص: 94

فَلْتَحُجَّ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»، فَأَعْطَاهَا.

وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي لاسٍ:

ص: 95

حَمَلَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ لِلْحَجِّ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: يُعْتِقُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَيُعْطِي فِي الْحَجِّ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنِ اشْتَرَى أَبَاهُ مِنَ الزَّكَاةِ جَازَ، وَيُعْطِي فِي الْمُجَاهِدِينَ، وَالَّذِي لَمْ يَحُجَّ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ خَالِدًا احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» .

وَالصِّنْفُ الثَّامِنُ: هُمْ أَبْنَاءُ السَّبِيلِ، فَكُلُّ مَنْ يُرِيدُ مِنْهُمْ سَفَرًا مُبَاحًا يُعْطَى إِلَيْهِ قَدْرُ مَا يَقْطَعُ تِلْكَ الْمَسَافَةَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَقْطَعُ بِهِ الْمَسَافَةَ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْبَلَدِ الْمُنْتَقَلِ إِلَيْهِ مَالٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِي الطَّرِيقِ بِبَلَدٍ مَالٌ، فَلا يُعْطَى إِلا قَدْرُ مَا يَصِلُ بِهِ إِلَى مَالِهِ.

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي جَوَازِ صَرْفِ الرَّجُلِ جَمِيعَ زَكَاةِ مَالِهِ إِلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ مَعَ وُجُودِ سَائِرِ الْأَصْنَافِ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ قَوْلُ عِكْرِمَةَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، فَقَالَ: يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُقَسِّمَ زَكَاةَ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْمَوْجُودِينَ مِنَ الْأَصْنَافِ السِّتَّةِ الَّذِينَ سِهَامُهُمْ

ص: 96

ثَابِتَةٌ قِيمَةً عَلَى السَّوَاءِ، ثُمَّ حِصَّةُ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهُمْ لَا يَجُوزُ أَنْ يصْرِفَ إِلَى أَقَلِّ مِنْ ثَلاثٍ مِنْهُمْ إِنْ وَجَدَ مِنْهُمْ ثَلاثًا فَأَكْثَرَ، وَلَوْ فَاتَ بَيْنَ أُوَلِئكَ الثَّلاثِ يَجُوزُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ بَعْضِ الْأَصْنَافِ إِلا وَاحِدًا، صَرَفَ إِلَيْهِ جَمِيعَ حِصَّةِ ذَلِكَ الصِّنْفِ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حَدِّ الاسْتِحْقَاقِ، فَإِنِ انْتَهَتْ حَاجَتُهُ، وَفَضَلَ شَيْءٌ رَدَّهُ إِلَى الْبَاقِينَ.

وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَوْ صَرَفَ الْكُلَّ إِلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ، أَوْ إِلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، يَجُوزُ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، قَالَ: يَجُوزُ أَنْ يَضَعَهَا فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ، وَتَفْرِيقُهَا أَوْلَى.

وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ فِي الظِّهَارِ حِينَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَطْعِمْ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتِّينَ مِسْكِينًا» ، قَالَ: مَا أَمْلُكُ، قَالَ:«فَانْطَلِقْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ، فَلْيَدْفَعْهَا إِلَيْكَ، فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ، وَكُلْ أَنْتَ وَعِيَالُكَ بَقِيَّتَهَا» ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ وَضْعِهَا فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ، وَشَخْصٍ وَاحِدٍ.

وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: إِنْ كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا يَحْتَمِلُ الْأَجْزَاءَ، قَسَّمَهُ عَلَى الْأَصْنَافِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلا، جَازَ وَضْعُهُ فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ.

ص: 97

قَالَ مَالِكٌ: يَتَحَرَّى مَوْضِعَ الْحَاجَةِ مِنْهُمْ، وَيُقَدِّمُ الْأُولَى فَالْأُولَى مِنْ أَهْلِ الْخَلَّةِ وَالْفَاقَةِ، فَإِنْ رَأَى الْخَلَّةَ فِي الْفُقَرَاءِ فِي عَامٍ أَكْثَرَ، قَدَّمَهُمْ، وَإِنْ رَآهَا فِي ابْنِ السَّبِيلِ فِي عَامٍ آخَرَ، حَوَّلَهَا إِلَيْهِمْ.

قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى هَذَا أَدْرَكْتُ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِنْ قَسَّمَ الإِمَامُ قَسَّمَهَا عَلَى الْأَصْنَافِ، وَإِنْ تَوَلَّى رَبُّ الْمَالِ قَسْمَتَهَا، فَوَضَعَهَا فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ، رَجَوْتُ أَنْ يَسَعَهُ.

ص: 98