الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فَضْلِ الصِّيَامِ
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ} [التَّوْبَة: 112]، وَ {السَّائِحُونَ} [التَّوْبَة: 112]: هُمُ الصَّائِمُونَ، وَسُمِّيَ الصَّائِمُ سَائِحًا، لِأَنَّ الَّذِي يَسِيحُ فِي الْأَرْضِ مُتَعَبِّدًا لَا يَكُونُ لَهُ زَادٌ، فَحِينَ يَجِدُ يَطْعَمُ، فَالصَّائِمُ كَذَلِكَ يَمْضِي نَهَارُهُ لَا يَطْعَمُ شَيْئًا.
وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ سبحانه وتعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [الْبَقَرَة: 45]، أَيْ: بِالصَّوْمِ، وَسُمِّيَ شَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرَ الصَّبْرِ، وَأَصْلُ الصَّبْرِ الْحَبْسُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} [الْكَهْف: 28]، فَفِي الصَّوْمِ حَبْسُ النَّفْسِ عَنِ الْمَطَاعِمِ، وَبَعْضِ اللَّذَّاتِ.
1708 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، نَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «فِي الْجَنَّةِ
ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، مِنْهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لَا يَدْخُلُهُ إِلا الصَّائِمُونَ».
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، بِإِسْنَادِهِ، وَقَالَ:«فَمَنْ كَانَ مِنَ الصَّائِمِينَ دَخَلَهُ، وَمَنْ دَخَلَهُ، لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا»
1709 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَّانِيُّ، نَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، نَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ، نَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا، يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، قِيلَ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَإذَا دَخَلُوا، أُغْلِقَ، فَيَشْرَبُونَ مِنْهُ، فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا ".
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ
1710 -
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، أَنا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ التَّاجِرُ، أَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ بُكَيْرٍ الْكُوفِيُّ الْعَبْسِيُّ، أَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: إِلا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، الصَّوْمُ جُنَّةٌ، الصَّوْمُ جُنَّةٌ ".
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَّانِيُّ، نَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، نَا مُحَاضِرُ بْنُ الْمُوَرِّعِ، نَا الْأَعْمَشُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ.
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَشَجِّ، عَنْ وَكِيعٍ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَوْلُهُ: «فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ» ، يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ فَرْحَتُهُ عِنْدَ الإِفْطَارِ بِالطَّعَامِ إِذَا بَلَغَ مِنْهُ الْجُوعُ، لِتَأْخُذَ مِنْهُ النَّفْسُ حَاجَتَهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سُرُورُهُ بِمَا وُفِّقَ لَهُ مِنْ تَمَامِ الصَّوْمِ الْمَوْعُودُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ الْجَزِيلُ.
وَقَوْلُهُ: «وَلَخُلُوفُ فِيهِ» ، الْخُلُوفُ: تَغَيُّرُ طَعْمِ الْفَمِ وَرِيحِهِ، لِتَأْخِيرِ الطَّعَامِ، يُقَالُ مِنْهُ: خَلَفَ فَمُهُ يَخْلُفُ خُلُوفًا، وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ حِينَ سُئِلَ عَنِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ، فَقَالَ: وَمَا أَرَبُكَ إِلَى خُلُوفِ فَمِهَا.
وَيُقَالُ: نَوْمَةُ الضُّحَى مُخْلِفَةٌ لِلْفَمِ، أَيْ: مُغِيِّرَةٌ، وَقِيلَ مَعْنَى كَوْنِهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ: الثَّنَاءُ عَلَى الصَّائِمِ وَالرِّضَا بِفِعْلِهِ، لِئَلا يَمْنَعَهُ مِنَ الْمَوَاظَبَةِ عَلَى الصَّوْمِ الْجَالِبِ لِلْخُلُوفِ، كَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّ خُلُوفَ فَمِ الصَّائِمِ أَبْلَغُ فِي
الْقَبُولِ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ عِنْدَكُمْ.
قَوْلُهُ: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ» ، أَيْ: جُنَّةٌ مِنَ الْمَعَاصِي؛ لِأَنَّهُ يَكْسَرُ الشَّهْوَةَ، فَلا يُوَاقِعُ الْمَعَاصِيَ.
1711 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ عَبْدُ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْقِلٍ الْمَيْدَانِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قَالَ اللَّهُ عز وجل: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ، الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ عِنْدَ اللَّهِ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ
قَوْلُهُ: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ» ، قِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ لِنَفْسِهِ فِيهِ حَظًّا
لاطِّلاعِ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَهُوَ يَتَعَجَّلُ إِلَيْهِ إِلا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ.
وَسُئِلَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ قَوْلِهِ: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي» ، فَقَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُحَاسِبُ اللَّهُ عز وجل عَبْدَهُ، وَيُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ مِنَ الْمَظَالِمِ مِنْ سَائِرِ عَمَلِهِ حَتَّى لَا يَبْقَى إِلا الصَّوْمُ، فَيَتَحَمَّلُ اللَّهُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَظَالِمِ، وَيُدْخِلُهُ بِالصَّوْمِ الْجَنَّةَ.
وَيُحْكَى عَنْ سُفْيَانَ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: «الصَّوْمُ لِي» ، قَالَ: لِأَنَّ الصَّوْمَ هُوَ الصَّبْرُ، يَصْبِرُ الإِنْسَانُ عَنِ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَالنِّكَاحِ، وَثَوَابُ الصَّبْرِ لَيْسَ لَهُ حِسَابٌ، ثُمَّ قَرَأَ:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ عَلَى قَوْلِهِ: «الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» ، قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ كُلَّهَا لَهُ وَهُوَ يَجْزِي بِهَا، فَنَرَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ إِنَّمَا خَصَّ الصَّوْمَ بِأَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى جَزَاءَهُ، لِأَنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ يَظْهَرُ مِنَ ابْنِ آدَمَ بِلِسَانٍ وَلا فِعْلٍ، فَيَكْتُبُهُ الْحَفَظَةُ، إِنَّمَا هُوَ نِيَّةٌ فِي الْقَلْبِ، وَإِمْسَاكٌ عَنِ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ، فَيَقُولُ: أَنَا أَتَوَلَّى جَزَاءَهُ عَلَى مَا أُحِبُّ مِنَ التَّضْعِيفِ، لَا عَلَى كِتَابٍ لَهُ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةً خَالِصَةً لِي لَا يَسْتَوْلِي عَلَيْهِ الرِّيَاءُ وَالسُّمْعَةُ، لَيْسَ كَسَائِرِ الْأَعْمَالِ الَّتِي يَطَّلِعُ عَلَيْهَا الْخَلْقُ، فَلا يُؤْمَنُ مَعَهَا الشِّرْكُ كَمَا جَاءَ، «نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ» ، لِأَنَّ النِّيَّةَ مَحِلُّهَا الْقَلْبُ،
فَلا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا غَيْرُ اللَّهِ، تَقْدِيرُهُ: أَنَّ نِيَّةَ الْمُؤْمِنِ مُفْرَدَةً عَنِ الْعَمَلِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلٍ خَالٍ عَنِ النِّيَّةِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [الْقدر: 3]، أَيْ: لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ.
1712 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا، فَلا يَرْفُثْ، وَلا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرؤٌ قَاتَلَهُ، أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ "، وَقَالَ:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ صَائِمٍ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، إِنَّمَا يَذَرُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرابَهُ مِنْ أَجْلِي، فَالصِّيَامُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، كُلَّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ الزِّيَادِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: نَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
فَذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ: «وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» ، وَقَالَ:«يَذَرُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ جَرَّايَ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ، وَقُتَيْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ الْحِزَامِيِّ، كِلاهُمَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ
قَوْلُهُ: «فَلا يَرْفُثْ» ، يُرِيدُ: لَا يَفْحُشْ، وَالرَّفَثُ: الْخَنَا وَالْفُحْشُ.
قَوْلُهُ: " فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ "، يُتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: يَقُولُ ذَلِكَ لِصَاحِبِهِ نُطْقًا، يَرُدُّهُ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ.
وَالْآخَرُ: أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ، أَيْ: لِيَتَفَكَّرَ أَنَّهُ صَائِمٌ، فَلا يَخُوضُ مَعَهُ، وَلا يُكَافِئُهُ عَلَى شَتْمِهِ، لِئَلا يَحْبِطَ أَجْرَ عَمَلِهِ، وَثَوَابَ صَوْمِهِ.
وَقَوْلُهُ: «وَالصِّيَامُ لِي» ، مَعْنَاهُ مَا سَبَقَ، ثُمَّ عقبه بِقَوْلِهِ:«كُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا» ، إِعْلامًا أَنَّ الصَّوْمَ مُسْتَثْنى مِنْ هَذَا الْحُكْمِ، إِنَّمَا هُوَ فِي سَائِرِ الطَّاعَاتِ دُونَ الصَّوْمِ الْمَخْصُوصِ مِنْ بَيْنِهَا بِهَذَا الْحُكْمِ.