الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السياق يقتضي أنها كانت قد وجدت فإن ظاهر قوله فإذا هي أنت يشعر بأنه كان قد رآها وعرفها قبل ذلك، والواقع أنها ولدت بعد البعثة ويرد أول الاحتمالات الثلاثة رواية ابن حبان في آخر حديث الباب هي زوجتك في الدنيا والآخرة والثاني بعيد.
3896 -
حَدَّثَنا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، فَلَبِثَ سَنَتَيْنِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَنَكَحَ عَائِشَةَ وَهْيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، ثُمَّ بَنَى بِهَا وَهْيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ".
وبه قال: (حدّثنا) بالجمع ولغير أبي ذر: حدّثني (عبيد بن إسماعيل) بضم العين مصغرًا من غير إضافة الهباري القرشي الكوفي قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير أنه (قال: توفيت خديجة) أم المؤمنين رضي الله عنها (قبل مخرج النبي صلى الله عليه وسلم) من مكة (إلى المدينة بثلاث سنين) وقيل بأربع وقيل بخمس (فلبث سنتين أو قريبًا من ذلك) لم يدخل على
أحد من النساء ثم دخل على سودة بنت زمعة قبل أن يهاجر وقبل أن يعقد على عائشة رضي الله عنها كما قاله قتادة وغيره ولم يذكر ابن قتيبة غيره وقيل بعد عائشة (ونكح عائشة) أي عقد عليها في شوّال (وهي بنت ست سنين ثم بنى بها) في شوال بعد أن هاجر (وهي بنت تسع سنين) ومكثت عنده صلى الله عليه وسلم تسعًا، وتوفي وهي بنت ثمان عشرة، وثبت قوله سنين بعد ست لأبي ذر عن الكشميهني وسقطت بعد تسع لأبي ذر.
وهذا الحديث مرسل لأن عروة لم يحضر القصة لكن الأقرب أنه تحمله عن عائشة رضي الله عنها لكثرة علمه بأحوالها.
45 - باب هِجْرَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ» .
وَقَالَ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ» .
(باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم) بإذن الله عز وجل له في ذلك بقوله تعالى: {وقل رب أدخلني مدخل صدق} [الإسراء: 80] بعد بيعة العقبة بشهرين وبضعة عشر يومًا (وأصحابه) أبي بكر وعامر بن فهيرة وصاحبين له من مكة (إلى المدينة) وكان قد هاجر بين العقبتين جماعة ابن أم مكتوم وغيره وسقط باب لأبي ذر.
(وقال عبد الله بن زيد) مما وصله في غزوة حنين (وأبو هريرة) مما سبق موصولاً فى مناقب الأنصار (رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه قال: (لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار) قاله جوابًا لقولهم أنه أحب الإقامة بموطنه بمكة أي لولا الهجرة لكنت أنصاريًا صرفًا، فلم يمنعني مانع من المقام بمكة لكنني اتصفت بصفة الهجرة والمهاجر لا يقيم بالبلد التي هاجر منها مستوطنًا فلتطمئن قلوبكم بعدم التحول عنكم.
(وقال أبو موسى) عبد الله بن قيس (عن النبي صلى الله عليه وسلم) رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي) بفتح الواو والهاء ظني (إلى أنها اليمامة) مدينة من اليمن على مرحلتين من الطائف (أو هجر) بفتح الهاء والجيم بلد معروف من البحرين وهي مساكن عبد القيس أو هي قرية بقرب المدينة وصوب في الفتح الأول ولأبي ذر أو الهجر بأداة التعريف (فإذا هي المدينة يثرب) بالمثلثة وهذا وصله في الصلاة.
3897 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ: "عُدْنَا خَبَّابًا فَقَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ
مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ نَمِرَةً، فَكُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِنْ إِذْخِرٍ. وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهْوَ يَهْدِبُهَا".
وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران (قال: سمعت أبا وائل) بالهمز شقيق بن سلمة حال كونه (يقول: عدنا خبابًا) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الموحدة الأولى ابن الأرتّ بالفوقية المشددة في مرض (فقال: هاجرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم) أي إلى المدينة بإذنه وإلاّ فلم يصحبه عليه الصلاة والسلام غير أبي بكر وعامر بن فهيرة حال كوننا (نريد وجه الله) لا الدنيا (فوقع أجرنا على الله) فضلاً منه تعالى (فمنا من مضى) مات (لم يأخذ من أجره) من الغنائم التي أخذها من أدرك زمن الفتوح (شيئًا) بل ادخر الله تعالى له أجره موفرًا في الآخرة (منهم مصعب بن عمير) بضم العين مصغرًا ابن هاشم بن عبد مناف (قتل يوم أُحُد) قتله ابن قميئة (وترك نمرة) كساء مخططًا (فكنا) لما كفناه (إذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه وإذا غطينا) بها (رجليه بدا) بغير همزة (رأسه فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه) بطرفها (ونجعل على رجليه شيئًا من إذخر) بذال وخاء معجمتين حشيش مكة ذي الريح الطيب (ومنا من أينعت له ثمرته) نضجت وطابت (فهو يهدبها) بكسر الدال المهملة مصححًا عليها في الفرع وأصله ويجوز الضم والفتح أي يجتنيها.
وهذا الحديث مرّ في باب إذا لم يجد كفنًا إلا ما يواري به رأسه من كتاب الجنائز.
3898 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم» .
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا حماد هو ابن زيد) أي ابن درهم وسقط لفظ هو لأبي ذر (عن يحيى) بن سعيد الأنصاري (عن محمد بن إبراهيم) بن الحرث التيمي (عن علقمة بن وقاص) الليثي أنه (قال: سمعت عمر) بن الخطاب (رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم أراه) بضم الهمزة أي أظنه كذا في هامش اليونينية مخرجًا له بعد قوله رضي الله عنه بعطفة بالحمرة خفية وزاد في الفرع صلى الله عليه وسلم (يقول):
(الأعمال بالنية) بالإفراد على الأصل لاتحاد محلها الذي هو القلب وحذف وإنما والجمع المحلى بأل يفيد الاستغراق وهو مستلزم للحصر المثبت للحكم المذكور ونفيه عن غيره فلا عمل إلاّ بنية (فمن كانت هجرته إلى دنيا) بغير تنوين (يصيبها أو) إلى (امرأة يتزوجها) نيّة وقصدًا (فهجرته إلى ما هاجر إليه) من الدنيا والمرأة حكمًا وشرعًا أو هجرته إليهما قبيحة غير صحيحة أو غير مقبولة
فلا نصيب له في الآخرة، والذي دعاهم لهذا التقدير اتحاد الشرط والجزاء ولا بد من تغايرهما.
وأجاب بعضهم: بأنه إذا اتحد مثل ذلك يكون المراد به المبالغة في التحقير كهذه أو التعظيم كقوله: (ومن كانت هجرته إلى) طاعة (الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم) وسقطت التصلية لأبي ذر وأعاد المجرور ظاهرًا لا مضمرًا إذ لم يقل فهجرته إليهما لقصد الاستلذاذ بذكر الله ورسوله بخلاف الدنيا والمرأة فإن إبهامهما أولى. وقد اشتهر أن سبب هذا الحديث قصة مهاجر أم قيس وأنه خطبها فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر فهاجر فتزوجها فكان يسمى مهاجر أم قيس. رواه الطبراني في معجمه الكبير بإسناد رجاله ثقات.
ومباحث الحديث سبقت أول الكتاب والله المستعان.
3899 -
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ الْمَكِّيِّ "أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَقُولُ: لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ". [الحديث 3899 - أطرافه في: 4309، 4310، 4311].
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (إسحاق بن يزيد) من الزيادة هو إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الأموي مولاهم الفراديسي (الدمشقي) قال: (حدّثنا يحيى بن حمزة) بالحاء المهملة والزاي أبو عبد الرحمن قاضي دمشق (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو عمرو) عبد الرحمن (الأوزاعي عن عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة (ابن أبي لبابة) بضم اللام وفتح الموحدتين بينهما ألف مخففًا الأسدي الكوفي سكن الشام (عن مجاهد بن جبر المكي أن عبد الله بن عمر) بن الخطاب (رضي الله عنهما كان يقول: لا هجرة بعد الفتح).
3900 -
قَالَ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ: وَحَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: زُرْتُ عَائِشَةَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، فَسَأَلْنَاهَا عَنِ الْهِجْرَةِ فَقَالَتْ: لَا هِجْرَةَ الْيَوْمَ، كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يَفِرُّ أَحَدُهُمْ بِدِينِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الإِسْلَامَ، وَالْيَوْمَ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ".
(وحدّثني) بالإفراد ولأبي ذر: قال يحيى بن حمزة وحدّثني (الأوزاعي) عبد الرحمن (عن عطاء بن أبي رباح) بفتح الراء والموحدة أنه (قال: زرت عائشة) رضي الله عنها وكانت مجاورة في جبل ثبير إذ ذاك (مع عبيد بن عمير الليثي) بالمثلثة (فسألناها) ولأبي ذر: وسألتها (عن الهجرة فقالت: لا هجرة اليوم) أي بعد الفتح (كان المؤمنون) قبل الفتح (يفر أحدهم) من مكة (بدينه إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة وسقطت التصلية لأبي ذر (مخافة أن يفتن عليه) أي على دينه فكانت واجبة لذلك ولتعلم الشرائع والأحكام وقتال الكفار (فأما اليوم) بعد الفتح (فقد أظهر الله الإسلام) وفشت الشرائع والأحكام (واليوم) وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني والمؤمن بدل قوله
واليوم (يعبد ربه حيث شاء) فالحكم يدور مع علته. قال الماوردي: إذا قدر على إظهار الدين في بلد من بلاد الكفر فقد صارت البلد به دار إسلام فالإقامة فيها أفضل من الرحلة لما يترجى من دخول غيره في الإسلام (ولكن جهاد) في الكفار (ونية) أي وثواب نيّة في الجهاد أو الهجرة نعم ما دام في الدنيا دار كفر فالهجرة منها واجبة على من أسلم وخاف أن يفتن فى دينه.
3901 -
حَدَّثَنِي زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ هِشَامٌ: فَأَخْبَرَنِي أَبِي "عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ سَعْدًا قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ صلى الله عليه وسلم وَأَخْرَجُوهُ، اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ".
وَقَالَ أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ: "مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا نَبِيَّكَ وَأَخْرَجُوهُ مِنْ قُرَيْشٍ".
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (زكريا بن يحيى) البلخي قال: (حدّثنا ابن نمير) عبد الله الهمداني (قال هشام: فأخبرني) بالإفراد (أبي) عروة (عن عائشة رضي الله عنها أن سعدًا) بسكون العين ابن معاذ الأنصاري (قال): في قريش يوم بني قريظة وكان قد أصيب يوم الخندق في الأكحل (اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إليّ أن أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) سقطت التصلية لأبي ذر (وأخرجوه) من مكة (اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم).
(وقال أبان بن يزيد) العطار (حدّثنا هشام عن أبيه) عروة أنه قال: (أخبرتني) بالإفراد (عائشة) رضي الله عنها بالحديث المذكور وقال فيه: (من قوم كذبوا نبيك وأخرجوه) كابن نمير.
وزاد (من قريش) فأفصح بتعيين القوم وقريش هم المخرجون له عليه الصلاة والسلام لا بنو قريظة. وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في المقدمة: رواية أبان بن يزيد عن هشام لم أقف على من وصلها.
3902 -
حَدَّثَنِي مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا رَوْحٌ بن عُبادةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَرْبَعِينَ سَنَةً، فَمَكُثَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ فَهَاجَرَ عَشْرَ سِنِينَ، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ".
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد ولغير أبي ذر حدّثنا بالجمع (مطر بن الفضل) المروزي قال:
(حدّثنا روح بن عبادة) بضم العين وتخفيف الموحدة وثبت ابن عبادة لأبي ذر قال: (حدّثنا هشام) أي ابن حسان القهدوسي بضم القاف وسكون الهاء آخره سين مهملة قال: (حدّثنا عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس رضي الله عنهما) أنه (قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم) بضم الموحدة وكسر العين (لأربعين سنة فمكث) بضم الكاف (بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه) فيها منها مدة فترة
الوحي ومدة الرؤيا الصالحة (ثم أمر بالهجرة) من مكة إلى المدينة (فهاجر عشر سنين ومات) بها (وهو ابن ثلاث وستين) سنة. وثبت قوله سنة بعد قوله ثلاث عشرة للحموي والكشميهني.
3903 -
حَدَّثَنِي مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ؛ وَتُوُفِّيَ وَهْوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ".
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (مطر بن الفضل) سقط ابن الفضل لأبي ذر قال: (حدّثنا روح بن عبادة) وسقط لأبي ذر أيضًا ابن عبادة قال: (حدّثنا زكريا بن إسحاق) المكي ثقة لكنه رمي بالقدر قال: (حدّثنا عمرو بن دينار عن ابن عباس) رضي الله عنهما أنه (قال مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث عشرة) سنة من مجيء جبريل له بالوحي (وتوفي) بالمدينة (وهو ابن ثلاث وستين) سنة.
3904 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عبد اللَّهِ عَنْ عُبَيْدٍ -يَعْنِي ابْنَ حُنَيْنٍ- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ. فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. فَعَجِبْنَا لَهُ. وَقَالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ، يُخْبِرُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، وَهْوَ يَقُولُ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْمُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ أَعْلَمَنَا بِهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَىَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً مِنْ أُمَّتِي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، إِلَاّ خُلَّةَ الإِسْلَامِ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَاّ خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ» .
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) الأويسي (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن أبي النضر) بالضاد المعجمة اسلم بن أبي أمية (مولى عمر بن عبيد الله) بضم العين التيمي المدني (عن عبيد) بالتصغير من غير إضافة (يعني ابن حنين) بضم الحاء المهملة وفتح النون مولى زيد بن الخطاب وسقط لفظ يعني لأبي ذر (عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر فقال):
(إن عبدًا خيَّره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده) في الآخرة (فاختار ما عنده)(فبكى أبو بكر وقال: فديناك) يا رسول الله (بآبائنا وأمهاتنا) قال أبو سعيد: (فعجبنا له وقال الناس): متعجبين من تفديته لأنهم لم يفهموا المناسبة بين الكلامين (انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده وهو يقول:
فديناك بآبائنا وأمهاتنا فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير) بفتح التحتية المشدّدة والنصب خبر كان ولفظ هو ضمير فصل، ولأبي ذر هو المخير بالرفع على أنه خبر المبتدأ الذي هو هو والجملة في موضع نصب خبر كان (وكان أبو بكر هو أعلمنا به).
(وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من أمن الناس عليّ) بتشديد الياء (في صحبته وماله أبا بكر) بفتح الهمزة والميم وتشديد النون أي من أبذلهم وأسمحهم من منّ عليه منا لا من منّ منة إذ ليس لأحد أن يمتن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو وارد مورد الإحماد، وإذا حمل على معنى الامتنان عاد ذمًا على صاحبه، لأن المنة تهدم الصنيعة، وأبا بكر بالنصب على ما لا يخفى (ولو كنت متخذًا خليلاً من أمتي) أرجع إليه في المهمات وأعتمد عليه في الحاجات (لاتخذت أبا بكر) خليلاً ولكن ملجئي واعتمادي في جميع الأحوال إلى الله تعالى (إلا) بالتشديد (خلة الإسلام) استدراك عن مضمون الجملة الشرطية وفحواها كأنه قال: ليس بيني وبينه خلة ولكن أخوة الإسلام نفى الخلة المنبئة عن الحاجة وأثبت الإخاء المقتضي للمساواة (لا يبقين) بفتح التحتية وسكون الموحدة وفتح القاف والتحتية وتشديد النون (في المسجد خوخة) بمعجمتين
مفتوحتين بينهما واو ساكنة باب صغير وكانوا قد فتحوا أبوابًا في ديارهم إلى المسجد فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسدها كلها (إلا خوخة أبي بكر) تكريمًا له وتنبيهًا على أنه الخليفة بعده، أو المراد المجاز فهو كناية عن الخلافة وسد أبواب المقالة دون التطرق، ورجحه الطيبي محتجًّا بأنه لم يصح عنده أن أبا بكر رضي الله عنه كان له بيت بجنب المسجد وإنما كان منزله بالسنح من عوالي المدينة.
وهذا الحديث مرّ في كتاب الصلاة وغيره.
3905 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: "لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَاّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَاّ يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَرَفَىِ النَّهَارِ: بُكْرَةً وَعَشِيَّةً. فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونُ، خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا نَحْوَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ حَتَّى بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ -وَهْوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ- فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّي. قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: فَإِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ، إِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَأَنَا لَكَ جَارٌ. ارْجِعْ وَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ. فَرَجَعَ، وَارْتَحَلَ مَعَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، فَطَافَ ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلاً يَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ؟ فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بِجِوَارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَقَالُوا لاِبْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ فِيهَا وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ؛ وَلَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ وَلَا يَسْتَعْلِنْ بِهِ، فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا. فَقَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لأَبِي بَكْرٍ،
فَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِصَلَاتِهِ وَلَا يَقْرَأُ فِي غَيْرِ دَارِهِ. ثُمَّ بَدَا لأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَتْقَذَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ وَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً بَكَّاءً لَا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ؛ فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ بِجِوَارِكَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَقَدْ جَاوَزَ ذَلِكَ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ فَأَعْلَنَ بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَانْهَهُ؛ فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى إِلَاّ أَنْ يُعْلِنَ بِذَلِكَ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ، فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا بمُقِرِّينَ لأَبِي بَكْرٍ الاِسْتِعْلَانَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَاقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ وَإِمَّا أَنْ تَرْجِعَ إِلَىَّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنِّي أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ، وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ عز وجل. وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْمُسْلِمِينَ: إِنِّي أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ، وَهُمَا الْحَرَّتَانِ. فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ -وَهْوَ الْخَبَطُ- أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي الظَّهِيرَةِ قَالَ قَائِلٌ لأَبِي بَكْرٍ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَقَنِّعًا -فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا- فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِدَاءٌ لَهُ أَبِي وَأُمِّي، وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَاّ أَمْرٌ. قَالَتْ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَبِي بَكْرٍ: أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّحَابَةُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَخُذْ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَى رَاحِلَتَىَّ هَاتَيْنِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بِالثَّمَنِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجَهَازِ، وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مَنْ نِطَاقِهَا فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الْجِرَابِ، فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقِ. قَالَتْ: ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ، فَكَمَنَا فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَهْوَ غُلَامٌ شَابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلَا يَسْمَعُ أَمْرًا يُكْتَادَانِ بِهِ إِلَاّ وَعَاهُ حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلَامُ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ يَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلٍ -وَهْوَ
لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا- حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ. وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلاً مِنْ بَنِي الدِّيلِ، وَهْوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا -وَالْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ- قَدْ غَمَسَ حِلْفًا فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ، وَهْوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلَاثٍ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ، فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِلِ".
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي ونسبه لجده (قال: حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد أنه قال: (قال ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (فأخبرني) بالتوحيد (عروة بن الزبير رضي الله عنه أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم) أنها (قالت: لم أعقل أبوي) بكسر القاف وتشديد ياء أبوي أي أبا بكر وأم رومان (قط إلاّ وهما يدينان الدين) بكسر الدال أي دين الإسلام (ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون) بأذى الكفار من قريش بحصرهم بني هاشم والمطلب في شعب أبي طالب وأذن صلى الله عليه وسلم لأصحابه في الهجرة إلى الحبشة (خرج أبو بكر) رضي الله عنه حال كونه (مهاجرًا نحو أرض الحبشة) ليلحق من سبقه من المسلمين ممن هاجر إليها (حتى بلغ) ولأبي ذر: حتى إذا بلغ (برك الغماد) بفتح الموحدة وسكون الراء بعدها كاف. والغماد بكسر الغين المعجمة وتخفيف الميم وبعد الألف دال مهملة موضع على خمس ليال من مكة إلى جهة اليمن، ولأبي ذر برك بكسر الموحدة (لقيه ابن الدغنة) بفتح الدال المهملة وكسر الغين المعجمة وتخفيف النون. وقال الأصيلي: قرأه لنا المروزي بفتح الغين ولأبي ذر في اليونينية بضم الدال، وله أيضًا فيها ابن الدغنة بضم الدال والغين وتشديد النون ونسبت هذه لكن بزيادة أداة التعريف لأهل اللغة والأولى للرواة وهو اسم أمه، واسمه الحرث بن يزيد كما عند البلاذري من طريق الواقدي عن معمر عن الزهري وليس هو ربيعة بن رفيع، ووهم الكرماني قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله. (وهو سيد القارة) بالقاف وتخفيف الراء قبيلة مشهورة من بني الهون بالضم والتخفيف ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر (فقال) له:(أين تريد يا أبا بكر؟ فقال) له (أبو بكر أخرجني قومي) أي تسببوا في إخراجي قريش (فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي) بهمزة مفتوحة فسين مكسورة وحاء مهملتين بينهما تحتية ساكنة ولم يذكر له وجه مقصده لأنه كان كافرًا (فقال) له: (ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج) بفتح أوله وضم ثالثه من الخزرج (ولا يخرج) بضم ثم فتح من الإخراج (إنك) وللمستملي والكشميهني أنت (تكسب المعدوم) بفتح تاء تكسب أي تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك، ولأبي ذر: عن الكشميهني المعدم بضم الميم وكسر الدال من غير واو (وتصل الرحم) أي القرابة (وتحمل الكل) بفتح الكاف وتشديد اللام الذي لا يستقل بأمره أو الثقل (وتقري الضيف) بفتح الفوقية من الثلاثي (وتعين على نوائب الحق) أي حوادثه فوصفه
بمثل ما وصفت خديجة رضي الله عنها به النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدل على اشتهار أبي بكر رضي الله عنه بالصفات المبالغة أنواع الكمال (فأنا لك جار) أي مجير أمنع من يؤذيك (ارجع) ولأبي ذر فارجع (واعبد ربك ببلدك) مكة (فرجع) أبو بكر رضي الله عنه (وارتحل معه ابن الدغنة) إلى مكة (فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله) من وطنه باختياره على نيّة الإقامة مع ما فيه من النفع المتعدي لأهل بلده (ولا يخرج) بضم أوله وفتح ثالثه لا يخرجه أحد بغير اختياره لما ذكر (أتخرجون رجلاً) استفهام إنكاري (يكسب المعدوم) وللكشميهني المعدم (ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة) بكسر الجيم
أي لم ترد عليه قوله في جوار أبي بكر رضي الله عنه فأطلق التكذيب وأراد لازمه لأن كل من كذبك فقد ردّ قولك (وقالوا لابن الدغنة: مر أبا بكر فليعبد) عطف على محذوف تقديره: مر أبا بكر لا يتعرض إلى شيء وليعبد من جاء له فليعبد (ربه في داره فليصل فيها وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك) الذي يقرأه ويتعبد به (ولا يستعلن به) بل يخفيه (فإنا نخشى أن يفتن) بكسر التاء بذلك (نساءنا وأبناءنا فقال ذلك) القول الذي قالوه (ابن الدغنة لأبي بكر فلبث أبو بكر بذلك) أي مكث على ما شرطوا عليه (يعبد ربه في داره ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره). قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ولم يقع لي قدر زمان المدة التي أقام فيها أبو بكر رضي الله عنه على ذلك (ثم بدا لأبي بكر) رضي الله عنه أي ظهر له رأي غير الرأي الأول (فابتنى مسجدًا بفناء داره) بكسر الفاء والمد أي أمامها (وكان يصل فيه ويقرأ القرآن) كله أو بعضه (فيتقذف) بتحتية مفتوحة فنون ساكنة فقاف مفتوحة فذال معجمة مكسورة بعدها فاء كذا للمروزي والمستملي وعند غيرهما من شيوخ أبي ذر فيتقذف بالتاء الفوقية بدل النون وتشديد المعجمة المفتوحة بوزن يتفعل أي يتدافعون على أبي بكر رضي الله عنه فيقذف بعضهم بعضًا فيتساقطون عليه، ويروى فيتقصف بالصاد المهملة أي يزدحمون عليه حتى يسقط بعضهم على بعض فيكاد ينكسر. قال الخطابي: وهو المحفوظ، وللكشميهني كما في الفتح وعزاها في اليونينية للجرجاني فيتقصف بنون ساكنة بدل الفوقية وكسر الصاد أي يسقط (عليه نساء المشركين وأبناؤهم وهم يعجبون منه وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلاً بكاء) بتشديد الكاف كثير البكاء - رضي الله تعالى عنه - (لا يملك عينيه) من رقة قلبه (إذا قرأ القرآن) إذا ظرفية والعامل فيه لا يملك أو شرطية والجزاء مقدر أي إذا قرأ القرآن لا يملك عينيه (فأفزع ذلك) أي أخاف ما فعله أبو بكر من صلاته وقراءته (أشراف قريش من المشركين) على نسائهم وأبنائهم أن يميلوا إلى الإسلام لما يعلمون من رقة قلوبهم (فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم) أي على أشراف قريش من المشركين، ولأبي ذر عن الكشميهني: فقدم عليه أي على أبي بكر رضي الله عنه (فقالوا): أي كفار قريش (إنا كنا أجرنا) بهمزة مقصورة فجيم فراء مهملة (أبا بكر بجوارك) أي بسبب جوارك، وللقابسي أجزنا بالزاي أي أبحنا. قال في الفتح: والأول أوجه (على أن يعبد ربه في داره فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدًا بفناء داره فأعلن بالصلاة والقراءة
فيه وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا) بفتح التحتية وكسر الفوقية ونصب التالي على المفعولية ولغير أبي ذر: يفتن بضم أوله وفتح ثالثه مبنيًا للمفعول فالتالي رفع (فاتهمه) بهمزة وصل عن ذلك (فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى) امتنع (إلا أن يعلن بذلك فسله) بفتح السين وسكون اللام من غير همز (أن يرد إليك ذمتك) أي أمانك له (فإنا قد كرهنا أن نخفرك) بضم النون وسكون الخاء المعجمة وكسر الفاء رباعي من الإخفار أي ننقض عهدك (ولسنا مقرين) ولأبي ذر بمقرين (لأبي بكر الاستعلان) خوفًا على نسائنا وأبنائنا.
(قالت عائشة): رضي الله عنها بالسند السابق (فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر) رضي الله عنه (فقال) له: (قد علمت الذي عاقدت لك عليه) بتاء المتكلم (فإما أن تقتصر على ذلك) الذي عاقدت لك عليه (وإما أن ترجع إليّ) بتشديد الياء (ذمتي) عهدي (فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت) بضم أوله وكسر ثالثه (في رجل عقدت له فقال أبو بكر: فإني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله عز وجل أي بحمايته (والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة) جملة حالية (فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين):
(إني أريت) بضم الهمزة مبنيًا للمفعول (دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين) تثنية لابة بتخفيف الموحدة قال الزهري: (وهما الحرتان) بالحاء المهملة وتشديد الراء حجارة سود (فهاجر من هاجر قبل المدينة)
بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهتها (ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة) بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهتها (ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة) لما سمعوا استيطان المسلمين بها (وتجهز أبو بكر) رضي الله عنه (قبل المدينة) أي يريد جهة المدينة (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على رسلك) بكسر الراء وسكون السين المهملة على مهلك ولابن حبان فقال: اصبر (فإني أرجو أن يؤذن لي) في الهجرة (فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك؟) أي الإذن (بأبي أنت) زاد الكشميهني وأمي (قال) عليه الصلاة والسلام (نعم) أرجوه (فحبس) أي منع (أبو بكر نفسه) من الهجرة (على رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي لأجله (ليصحبه) في الهجرة (وعلف) أبو بكر رضي الله عنه (راحلتين) تثنية راحلة من الإبل القوي على السير وحمل الأثقال (كانتا عنده ورق السمر) بفتح السين المهملة وضم الميم. قال الزهري (وهو الخبط) بفتح الخاء المعجمة والموحدة ما يخبط بالعصا فيسقط من ورق الشجر (أربعة أشهر).
(قال ابن شهاب) الزهرى بالسند السابق (قال عروة) بن الزبير (قالت عائشة) رضي الله عنها (فبينما) بالميم (نحن يومًا جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة) أول الزوال عند شدة الحر (قال قائل): قال في المقدمة: يحتمل أن يفسر بعامر بن فهيرة مولى أبي بكر، وفي الطبراني أن قائل ذلك أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها (لأبي بكر هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم) حال كونه (متقنعًا) أي مغطيًا رأسه (في ساعة لم يكن يأتينا فيها. فقال أبو بكر: فداء) بكسر الفاء وبالهمزة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فدى بالقصر من غير همز (له أبي وأمي والله ما جاء به في هذه الساعة إلا
أمر) حدث (قالت) عائشة رضي الله عنها: (فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن) في الدخول (فأذن له) أبو بكر رضي الله عنه (فدخل فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر):
(أخرج من عندك) بهمزة قطع مفتوحة وكسر الراء (فقال أبو بكر: إنما هم أهلك) يريد عائشة وأمها (بأبي أنت يا رسول الله. قال) عليه الصلاة والسلام (فإني) ولأبي ذر عن الكشميهني: فإنه (قد أذن لي في الخروج) بضم الهمزة وكسر الذال المعجمة أي إلى المدينة (فقال أبو بكر): أريد (الصحابة) وبالرفع خبر مبتدأ محذوف (بأبي أنت يا رسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم) الصحبة التي تطلبها (قال أبو بكر: فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بالثمن) أي لا آخذ إلا بالثمن، وعند الواقدي أن الثمن كان ثمانمائة وأن الراحلة هي القصواء وأنها كانت من بني قشير، وعند ابن إسحاق أنها الجدعاء (قالت عائشة) رضي الله عنها (فجهزناهما أحث الجهاز) بالحاء المهملة والمثلثة أفعل تفضيل من الحث أي أسرعه، ولأبي ذر عن الكشميهني والحموي أحب بالموحدة والجهاز بفتح الجيم وكسرها ما يحتاج إليه في السفر ونحوه (وصنعنا لهما سفرة) أي زادًا (في جراب) بكسر الجيم، وعن الواقدي أنه كان في السفر شاة مطبوخة (فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها) بكسر النون ما يشد به الوسط (فربطت به على فم الجراب فبذلك سميت ذات النطاق) بالإفراد، ولأبي ذر عن الكشميهني النطاقين بالتثنية والمحفوظ أنها شقت نطاقها نصفين فشدت بأحدهما الزاد وشدت فم القربة بالآخر فسميت ذات النطاقين.
(قالت) عائشة رضي الله عنها: (ثم لحق) بكسر الحاء (رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار) بالتنوين (في جبل ثور) بالمثلثة المفتوحة وكان خروجهما من مكة يوم الخميس (فكمنا) بفتحات (فيه ثلاث ليال) وخرجا منه يوم الاثنين (يبيت) في الغار (عندهما عبد الله بن أبي بكر) الصديق رضي الله عنهما (وهو غلام شاب ثقف) بفتح المثلثة وكسر القاف وتسكن وتفتح بعدها فاء حاذق (لقن) بلام مفتوحة وبقاف مكسورة فنون سريع الفهم (فيدلج) بضم الياء وسكون الدال؛ ولأبي ذر فيدلج بتشديد الدال يخرج (من عندهما بسحر فيصبح مع قريش
بمكة كبائت) بها لشدة رجوعه بغلس (فلا يسمع أمرًا يكتادان به) بضم التحتية وفوقية بعد الكاف يفتعلان من الكيد مبني للمفعول أي يطلب لهما ما فيه المكروه، ولأبي ذر عن الكشميهني يكادان بحذف الفوقية (إلا وعاه) حفظه (حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام، ويرعى) أي يحفظ (عليهما عامر بن فهيرة) بضم الفاء مصغرًا (مولى أبي بكر) الصديق رضي الله عنه (منحة) بكسر الميم وسكون النون وفتح المهملة شاة تحلب إناء بالغداة وإناء بالعشي (من غنم) كانت لأبي بكر رضي الله عنه (فيريحها) أي الشاة أو الغنم (عليهما حين تذهب ساعة من العشاء) كل ليلة فيحلبان ويشربان (فيبيتان في رسل) بكسر الراء وسكون المهملة (وهو لبن منحتهما) الطري (ورضيفهما) بفتح الراء وكسر الضاد المعجمة بعدها تحتية ساكنة ففاء مكسورة مجرور عطفًا على المضاف إليه ومرفوع عطفًا على قوله: وهو لبن وهو الموضوع فيه الحجارة المحماة لتذهب وخامته وثقله (حتى ينعق بها) بفتح أوله وكسر ثالثه المهمل أي يصيح بالغنم ويزجرها، ولأبي ذر: بهما بالتثنية أي يسمع النبي صلى الله عليه وسلم
والصدّيق رضي الله عنه صوته إذا زجر غنمه (عامر بن فهيرة بغلس) هو ظلام آخر الليل وسقط ابن فهيرة لأبي ذر. (يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث) التي أقامها فيها بالغار، وعند ابن عائذ من حديث ابن عباس فيصبح في رعيان الناس كبائت فلا يفطن له.
(واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلاً) هو عبد الله بن أريقط بالقاف والطاء مصغرًا (من بني الديل) بكسر الدال المهملة وسكون التحتية بعدها لام (وهو) أي الرجل الذي استؤجر (من بني عبد بن عدي) أي ابن الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وقيل من بني عدي بن عمرو (هاديًا) يهديهما إلى الطريق (خريتًا) بكسر الخاء المعجمة والراء المشددة بعدها تحتية ساكنة ففوقية ونصبهما صفة لرجلاً. قال الزهري:(والخريت) هو (الماهر بالهداية) حال كونه أي الرجل الذي استؤجر (قد غمس) بغين معجمة فميم فسين مهملة مفتوحات (حلفًا) بكسر الحاء المهملة وبعد اللام الساكنة فاء (في آل العاص بن وائل السهمي) بفتح السين المهملة وسكون الهاء يعني أنه حليف لهم وآخذ بنصيب من عقدهم، وكانوا إذا تحالفوا غمسوا أيديهم في دم أو خلوق أو شيء يكون فيه تلوين فيكون ذلك تأكيدًا للحلف (وهو) أي الرجل الذي استأجراه (على دين كفار قريش فأمناه) بفتح الهمزة المقصورة وكسر الميم أي ائتمناه (فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال) فأتاهما (براحلتيهما صبح ثلاث وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل) عبد الله بن أريقط (فأخد بهم طريق السواحل) بالسين والحاء المهملتين بينهما واو فألف أسفل من عسفان.
3906 -
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيُّ -وَهْوَ ابْنُ أَخِي سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ- أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ يَقُولُ: "جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لمنْ قَتَلَهُ أَوْ أَسَرَهُ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قَوْمِي بَنِي مُدْلِجٍ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ جُلُوسٌ فَقَالَ: يَا سُرَاقَةُ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ آنِفًا أَسْوِدَةً بِالسَّاحِلِ أُرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ. قَالَ سُرَاقَةُ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا انْطَلَقُوا بِأَعْيُنِنَا. ثُمَّ لَبِثْتُ فِي الْمَجْلِسِ سَاعَةً، ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِي -وَهْيَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ- فَتَحْبِسَهَا عَلَيَّ، وَأَخَذْتُ رُمْحِي فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ فَحَطَطْتُ بِزُجِّهِ الأَرْضَ، وَخَفَضْتُ عَالِيَهُ، حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُهَا، فَرَفَعْتُهَا تُقَرَّبُ بِي، حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُمْ، فَعَثَرَتْ بِي فَرَسِي، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ يَدِي إِلَى كِنَانَتِي فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الأَزْلَامَ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا: أَضُرُّهُمْ أَمْ لَا؟ فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي -وَعَصَيْتُ الأَزْلَامَ- تُقَرِّبُ بِي، حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ لَا يَلْتَفِتُ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الاِلْتِفَاتَ، سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي فِي الأَرْضِ حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ. فَخَرَرْتُ عَنْهَا، ثُمَّ زَجَرْتُهَا، فَنَهَضَتْ فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً إِذَا لأَثَرِ يَدَيْهَا عُثَانٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ،
فَاسْتَقْسَمْتُ بِالأَزْلَامِ فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ. فَنَادَيْتُهُمْ بِالأَمَانِ، فَوَقَفُوا، فَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمْ. وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنَ الْحَبْسِ عَنْهُمْ أَنْ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ. وَأَخْبَرْتُهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمِ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ، فَلَمْ يَرْزَآنِي، وَلَمْ يَسْأَلَانِي إِلَاّ أَنْ قَالَ: أَخْفِ عَنَّا. فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ أَمْنٍ، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ آدمٍ، ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم".
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ الزُّبَيْرَ فِي رَكْبٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا تِجَارًا قَافِلِينَ مِنَ الشَّأْمِ، فَكَسَا الزُّبَيْرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ ثِيَابَ بَيَاضٍ. وَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ مَخْرَجَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ، فَكَانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غَدَاةٍ إِلَى الْحَرَّةِ فَيَنْتَظِرُونَهُ، حَتَّى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الظَّهِيرَةِ، فَانْقَلَبُوا يَوْمًا بَعْدَ مَا أَطَالُوا انْتِظَارَهُمْ، فَلَمَّا أَوَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ أَوْفَى رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِهِمْ لأَمْرٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ، فَلَمْ يَمْلِكِ الْيَهُودِيُّ أَنْ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعَاشِرَ الْعَرَبِ هَذَا جَدُّكُمُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ. فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى السِّلَاحِ، فَتَلَقَّوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِظَهْرِ الْحَرَّةِ، فَعَدَلَ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَذَلِكَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ، وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَامِتًا، فَطَفِقَ مَنْ جَاءَ مِنَ الأَنْصَارِ -مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم- يُحَيِّي أَبَا بَكْرٍ، حَتَّى أَصَابَتِ الشَّمْسُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ، فَعَرَفَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ؛ فَلَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَأُسِّسَ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، وَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَسَارَ يَمْشِي مَعَهُ النَّاسُ، حَتَّى بَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ، وَهْوَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ مِرْبَدًا لِلتَّمْرِ لِسُهَيْلٍ وَسَهْلٍ غُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي حَجْرِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ: هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْمَنْزِلُ. ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْغُلَامَيْنِ فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا، فَقَالَا: لَا، بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُمَا هِبةً حتى ابتاعَهُ منهما، ثُمَّ بَنَاهُ مَسْجِدًا، وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْقُلُ مَعَهُمُ اللَّبِنَ فِي بُنْيَانِهِ وَيَقُولُ -وَهُوَ يَنْقُلُ اللَّبِنَ:
هَذَا الْحِمَالُ لَا حِمَالَ خَيْبَرْ
…
هَذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرْ
وَيَقُولُ:
اللَّهُمَّ إِنَّ الأَجْرَ أَجْرُ الآخِرَهْ
…
فَارْحَمِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ
فَتَمَثَّلَ بِشِعْرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ لِي.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَمْ يَبْلُغْنَا -فِي الأَحَادِيثِ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ تَامٍّ غَيْرِ هَذِهِ الأَبْيَاتِ.
(وقال ابن شهاب) الزهري بالسند المذكور (وأخبرني) بالإفراد (عبد الرحمن بن مالك المدلجي) بضم الميم وسكون الدال وكسر اللام والجيم وتشديد التحتية (وهو ابن أخي سراقة بن مالك بن جعشم) بضم الجيم والشين المعجمة بينهما عين مهملة ساكنة، وسقط لأبي ذر ابن مالك كذا في الفرع كأصله، وقال في فتح الباري: وتبعه العيني قوله ابن أخي سراقة بن جعشم في رواية أبي ذر ابن أخي سراقة بن مالك بن جعشم (أن أباه) مالكًا (أخبره أنه سمع سراقة بن جعشم) نسبه لجده (يقول: جاءنا رسول) بالإفراد في رسول فى الفرع وفي اليونينية رسل بضم الراء والسين بلفظ الجمع (كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم و) في (أبي بكر دية) أي مائة ناقة (كل واحد منهما من قتله) ولأبي ذر: لمن قتله (أو أسره فبينما) بالميم (أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج أقبل) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: إذ أقبل (رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس فقال: يا سراقة إني قد رأيت آنفًا) بمدّ الهمزة وكسر النون الآن (أسودة) بكسر الواو بعد المهملة الساكنة أشخاصًا (بالساحل أراها) بضم الهمزة أظنها (محمدًا وأصحابه. قال سراقة: فعرفت أنهم هم فقلت له:
إنهم ليسوا بهم ولكنك رأيت فلانًا وفلانًا) لم أعرف اسمهما (انطلقوا) بفتح اللام (بأعيننا) أي في نظرنا معاينة يبتغون ضالة لهم (ثم لبثت في المجلس ساعة ثم قمت فدخلت) منزلي (فأمرت جاريتي) لم يعرف ابن حجر اسمها (أن تخرج بفرسي) وزاد موسى بن عقبة ثم أخذت قداحي بكسر القاف أي الأزلام فاستقسمت بها فخرج الذي أكره لا تضره وكنت أرجو أن أرده وآخذ المائة ناقة (وهي من وراء أكمة) رابية مرتفعة (فتحبسها عليّ) بتشديد التحتية (وأخدت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فخططت) بالمهملات (بزجه الأرض) بضم الزاي والجيم المشددة المكسورة الحديد الذي في أسفل الرمح أي أمكنت أسفله، ولأبي ذر عن الكشميهني: فخططت بالخاء المعجمة أي خفضت أعلاه وجررت بزجه على الأرض فخطها به من غير قصد لخطها لكي لا يظهر الرمح وإن أمسك زجه ونصبه (وخفضت عاليه) لئلا يظهر بريقه لمن بعد منه فينذر به وينكشف أمره لأنه كره أن يتبعه أحد فيشركه في الجعالة (حتى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها) بالراه ولأبي ذر فرفعتها بتشديد الفاء أسرعت بها السير (تقرب) بتشديد الراء مفتوحة أو مكسورة (بي) فرسي ضرب من الإسراع. قال الأصمعي: والتقريب أن ترفع يديها معًا وتضعهما معًا (حتى دنوت منهم فعثرت) بالفاء والمثلثة، ولأبي ذر: وعثرت (بي فرسي فخررت) بالخاء المعجمة سقطت (عنها) عن فرسي (فقمت فأهويت يدي) أي بسطتها (إلى كنانتي) كيس السهام (فاستخرجت منها الأزلام) جمع زلم بفتح الزاي واللام أقلام كانوا يكتبون على بعضها نعم وعلى بعضها لا، وكانوا إذا أرادوا أمرًا استقسموا بها فإذا خرج السهم الذي عليه نعم خرجوا،
وإذا خرج الآخر لم يخرجوا ومعنى الاستقسام معرفة قسم الخير والشر (فاستقسمت) بالفاء، ولأبي ذر: واستقسمت بالواو (بها أضرهم أم لا) طلبت معرفة النفع والضرّ بالأزلام أي التفاؤل (فخرج الذي أكره) لا تضرهم (فركبت فرسي وعصيت الأزلام) الواو للحال أي فلم ألتفت إلى ما خرج من الذي أكره (تقرب بي) فرسي (حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر) رضي الله عنه (يكثر الالتفات ساخت) بالسين المهملة والخاء المعجمة أي غاصت (يدا فرسي في الأرض). زاد الطبراني عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها لمنخريها (حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها ثم زجرتها) على القيام (فنهضت فلم تكد تخرج يديها) بضم أوله من أخرج من الأرض (فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عثان) بالعين المهملة المضمومة فمثلثة مفتوحة وبعد الألف نون دخان من غير نار وهو مبتدأ خبره قوله لأثر يديها مقدمًا، ولأبي ذر عن الكشميهني: غبار بالمعجمة والموحدة آخره راء (ساطع) منتشر (في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره) لا تضرهم (فناديتهم بالأمان) وعند ابن إسحاق: فناديت القوم أنا سراقة بن مالك بن جعشم انظروني أكلمكم فوالله لا يأتيكم مني شيء تكرهونه (فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له إن قومك) قريشًا (قد جعلوا فيك الدّية) يدفعونها لمن يقتلك أو يأسرك (وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس) قريش (بهم) من الحرص على الظفر بهم وغير ذلك (وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني) لم ينقصاني النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر شيئًا (ولم يسألاني) شيئًا مما معي (إلا أن قال): لي النبي صلى الله عليه وسلم:
(أخف عنا) بفتح الهمزة وسكون المعجمة بعدها فاء أمر من الإخفاء. قال سراقة: (فسألته) عليه الصلاة والسلام (أن يكتب لي كتاب أمن) بسكون الميم (فأمر) عليه الصلاة والسلام (عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم) بكسر الدال المهملة بعدها تحتية وفي نسخة من أدم بفتح الدال وحذف التحتية جلد مدبوغ زاد ابن إسحاق فأخذته فجعلته في كنانتي ثم رجعت (ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم) ومن معه إلى
جهة مقصده.
(قال ابن شهاب) الزهري بالسند السابق (فأخبرني) بالإفراد (عروة بن الزبير) بن العوّام (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي الزبير في ركب المسلمين كانوا تجارًا) بكسر التاء وتخفيف الجيم حال كونهم (قافلين) راجعين (من الشام فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثياب بياض) وقول الدمياطي: إن الذي كسا النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر إنما هو طلحة بن عبيد الله وكان جائيًا من الشام في عير متمسكًا في ذلك بأن أهل السير لم يذكروا أن الزبير لقي النبي صلى الله عليه وسلم في طريق الهجرة وإنما هو طلحة بن عبيد الله ليس فيه دلالة على ذلك فالأولى الجمع بينهما وإلا فما في الصحيح أصح لا سيما والرواية التي فيها طلحة من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة والتي في الصحيح من طريق عقيل عن الزهري عن عروة، وعند ابن أبي شيبة من طريق هشام بن عروة عن أبيه نحو رواية أبي الأسود فتعين تصحيح القولين وحينئذٍ فيكون كل من الزبير وطلحة كساهما.
(وسمع المسلمون بالمدينة مخرج) ولأبي ذر بمخرج (رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة فكانوا يغدون) بسكون الغين المعجمة يخرجون (كل غداة إلى الحرة) بالحاء المهملة المفتوحة وتشديد الراء (فينتظرونه حتى يردهم حرّ الظهيرة فانقلبوا) رجعوا (يومًا بعد ما أطالوا انتظارهم) له عليه الصلاة والسلام (فلما أووا إلى بيوتهم أوفى) بفتح الهمزة وسكون الواو وفتح الفاء أي طلع (رجل من يهود) لم يسم (على أطم) بضم الهمزة والطاء المهملة حصن (من آطامهم لأمر ينظر إليه فبصر) بفتح الموحدة وضم المهملة (برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه) حال كونهم (مبيضين) بفتح الموحدة والتحتية المشددة بعدها ضاد معجمة عليهم الثياب البيض. قال السفاقسي: ويحتمل أن يريد متعجلين قال ابن فارس: يقال بائض أي متعجل ويدل عليه قوله (يزول بهم السراب) المرئي في شدة الحر كأنه ماء حتى إذا جئته لم تجده شيئًا كما قال الله تعالى (فلم يملك اليهودي) نفسه (أن قال بأعلى صوته: يا معاشر العرب) بألف بعد العين، ولأبي ذر: يا معشر بحذف الألف وسكون العين (هذا جدّكم) بفتح الجيم وتشديد الدال المهملة أي حظكم وصاحب دولتكم (الذي تنتظرون) السعادة بمجيئه (فثار المسلمون) بالمثلثة (إلى السلاح فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة) الأرض التي عليها الحجارة السود (فعدل بهم) بتخفيف الدال (ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف) بفتح العين وسكون الميم أي ابن مالك بن الأوس ومنازلهم بقباء (وذلك) وفي رواية وكان (يوم الاثنين من شهر ربيع الأول) أوّله أو لليلتين خلتا منه أو لاثنتي عشرة ليلة خلت منه أو لثلاث عشرة خلت منه (فقام أبو بكر للناس) يتلقاهم (وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتًا) ساكتًا (فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم يحيي أبا بكر) أي يسلم عليه يظنه النبي صلى الله عليه وسلم (حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر) - رضي الله تعالى عنه - (حتى ظلل عليه) صلى الله عليه وسلم (بردائه فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك) وعند موسى بن عقبة فطفق من جاء من الأنصار ممن لم يكن رآه يحسبه أبا بكر رضي الله عنه حتى إذا أصابته الشمس أقبل أبو بكر رضي الله عنه بشيء يظله (فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة وأسس المسجد الذي أسس على التقوى) وهو مسجد قباء (وصلّى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم) أيام مقامه بقباء (ثم ركب راحلته) من قباء يوم الجمعة فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف (فسار يمشي معه الناس) ولأبي ذر عن الكشميهني: مع الناس (حتى بركت) راحلته (عند مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة) وعند سعيد بن منصور حتى استناخت عند موضع المنبر من المسجد (وهو يصلّي فيه يومئذٍ رجال من المسلمين وكان) موضع المسجد (مربدًا) بكسر الميم وفتح
الموحدة بينهما واء ساكنة (للتمر) يجفف فيه (لسهيل) بالتصغير (وسهل) ابني رافع بن عمرو (غلامين يتيمين في حجر أسعد) بفتح الحاء المهملة وسكون الجيم ولأبي ذر سعد (بن زرارة) وكان أسعد رضي الله عنه من السابقين إلى الإسلام من الأنصار وأما أخوه سعد فتأخر إسلامه (فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بركت به راحلته):
(هذا إن شاء الله المنزل)(ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلامين فسامهما بالمربد ليتخذه مسجدًا فقالا: لا بل نهبه لك يا رسول الله فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما) أي
اشتراه، وثبت قوله فأبى إلى آخره في رواية أبي ذر (ثم بناه مسجدًا وطفق) بكسر الفاء (رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللبن) بفتح اللام وكسر الموحدة الطوب النيء (في بنيانه ويقول): وهو ينقل اللبن (هذا الحمال) بكسر الحاء المهملة وفتح الميم مخففة ولأبي ذر هذا الحمال بفتح الحاء المهملة أي هذا المحمول من اللبن أبر عند الله وأطهر عند الله (لا حمال) بكسر الحاء المهملة ولأبي ذر: لا حمال بفتحها (خيبر) الذي يحمل منها من التمر والزبيب ونحوهما الذي يغتبط به حاملوه.
قال القاضي عياض -رحمه الله تعالى-: وقد رواه المستملي جمال بالجيم المفتوحة قال: وله وجه والأول أظهر (هذا أبر) أي أبقى ذخزًا عند الله عز وجل وأكثر ثوابًا وأدوم نفعًا يا (ربنا وأطهر) بالطاء المهملة أي أشد طهارة من حمال خيبر (ويقول): (اللهم إن الأجر أجر الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة) بكسر الجيم (فتمثل) عليه الصلاة والسلام (بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي) هو عبد الله بن رواحة.
(قال: ابن شهاب) الزهري (ولم يبلغنا في الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمثل ببيت شعر تام غير هذا البيت) ولأبي ذر غير هذه الأبيات أي السابقة قال في التنقيح: قد أنكر على الزهري ذلك من وجهين. أحدهما: أنه رجز وليس بشعر ولذا يقال لصاحبه راجز لا شاعر، وثانيهما: أنه ليس بموزون اهـ.
وتعقبه في المصابيح بأن بين الوجهين تنافيًا لأن الأول يقتضي تسليم كون الكل موزونًا ضرورة أنه جعله رجزًا ولا بدّ فيه من وزن خاص سواء قلنا هو شعر أم لا والثاني مصرح بنفي الوزن ولقائل أن يمنع كون الرجز غير شعر وكون قائله غير شاعر وهو الصحيح عند العروضيين.
سلمنا أن الرجز ليس شعرًا لكنا لا نسلم أن قوله:
هذا الحمال لا حمال خيبر
…
هذا أبر ربنا وأطهر
من شعر الرجز، وإنما هو من مشطور السريع دخله الكسف والخبن، وأما قوله ليس بموزون فإنما يتم في قوله أن الأجر أجر الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة اهـ. والممنوع عليه صلى الله عليه وسلم إنشاء الشعر لا إنشاده.
وهذا الحديث أخرجه في مواضع مختصرًا وبتمامه هنا فقط.
3907 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ وَفَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها "صَنَعْتُ سُفْرَةً لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ حِينَ أَرَادَا الْمَدِينَةَ، فَقُلْتُ لأَبِي: مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبُطُهُ إِلَاّ نِطَاقِي، قَالَ: فَشُقِّيهِ. فَفَعَلْتُ، فَسُمِّيتُ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ". وَقَالَ ابْنُ عَبَّاس: "أسماءُ ذَاتَ النِّطَاق".
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد (عبد الله بن أبي شيبة) نسبه لجده واسم أبيه محمد قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة قال: (حدّثنا هشام عن أبيه) عروة بن الزبير
(وفاطمة) بنت المنذر بن الزبير (عن أسماء) بنت أبي بكر (رضي الله عنهما) وعنه أنها (صنعت سفرة للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر) أبيها (حين أراد المدينة) في الهجرة (فقلت لأبي) أبي بكر رضي الله عنه (ما أجد شيئًا أربطه) به بكسر الموحدة أي الظرف أو رأس السفرة نهو على تقدير حذف مضاف (إلاّ نطاقي) بكسر القاف وتخفيف التحتية (قال) أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - (فشقيه) باثنتين (ففعلت) ما أمرني به أبي من الشق (فسميت) بضم السين المهملة وكسر الميم المشددة (ذات النطاقين) وقد مرّ هذا الحديث في باب حمل الزاد في الغزو من كتاب الجهاد.
(وقال: ابن عباس) رضي الله عنهما (أسماء ذات النطاق) بالإفراد وهذا وصله في سورة براءة وهو ثابت هنا لأبي ذر.
3908 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي الله عنه قَالَ: "لَمَّا أَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ تَبِعَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَسَاخَتْ بِهِ فَرَسُهُ قَالَ: ادْعُ اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّكَ، فَدَعَا لَهُ، قَالَ فَعَطِشَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَرَّ بِرَاعٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَخَذْتُ قَدَحًا فَحَلَبْتُ فِيهِ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، فَأَتَيْتُهُ فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ".
وبه قال: (حدّثنا محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة أبو بكر بندار العبدي قال: (حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي إسحاق) عمرو السبيعي أنه (قال: سمعت البراء) بن عازب (رضي الله عنه) أنه (قال: لما أقبل النبي صلى الله عليه وسلم) من
الغار (إلى المدينة تبعه سراقة بن مالك بن جعشم) بضم الجيم والمعجمة بينهما مهملة ساكنة الكناني أسلم بعد الطائف (فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم فساخت) بالخاء المعجمة غاصت (به فرسه قال) للنبي صلى الله عليه وسلم: (ادع الله لي ولا أضرك) ولأبي ذر ولا أضرّ بك بزيادة حرف الجر قبل الكاف (فدعا له) عليه الصلاة والسلام (قال: فعطش رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر براع قال): ولأبي ذر فقال: (أبو بكر) رضي الله عنه زاد في اللقطة فانطلقت فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه فقلت: لمن أنت؟ قال: لرجل من قريش فسماه فعرفته فقلت: هل في غنمك من لبن. فقال: نعم فأمرته فاعتقل شاة من غنمه ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار (فأخدت قدحًا فحلبت فيه كثبة) بضم الكاف وسكون المثلثة قليلاً (من لبن فأتيته) عليه الصلاة والسلام (فشرب) منه (حتى رضيت).
3909 -
حَدَّثَنِي زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَىْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ حَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلَامِ".
تَابَعَهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها "أَنَّهَا هَاجَرَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهْيَ حُبْلَى". [الحديث 3909 - طرفه في: 5469].
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (زكريا بن يحيى) بن صالح اللؤلؤي البلخي الحافظ (عن أبي أسامة) حماد بن أسامة (عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء) بنت أبي بكر الصديق (رضي الله عنها) وعن أبيها (أنها حملت بعبد الله بن الزبير) بن العوّام رضي الله عنه بمكة (قالت: فخرجت) من مكة مهاجرة إلى المدينة (وأنا متم) بضم الميم الأولى وكسر الفوقية وتشديد الميم أي والحال أني قد أتممت مدة الحمل الغالبة وهي تسعة أشهر (فأتيت المدينة فنزلت بقباء) بالصرف (فولدته بقباء ثم أتيت به) بعبد الله (النبي صلى الله عليه وسلم) بالمدينة (فوضعته) بسكون العين ولأبي ذر فوضعه عليه الصلاة والسلام (في حجره) بفتح الحاء المهملة (ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل) بالفوقية والفاء رمى من ريقه (في فيه) في فَي عبد الله (فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم حنكه) بحاء مهملة ونون مشدّدة وكاف مفتوحات (بتمرة) بالفوقية وسكون الميم كالسابقة بأن مضغها ودَلَّكَ بها حنكه (ثم دعا له وبرك عليه) بفتح الموحدة والراء المشددة بأن قال: بارك الله فيك أو اللهم بارك فيه (وكان) عبد الله (أول مولود ولد في الإسلام) من المهاجرين، وفي بعض النسخ يعني بالمدينة.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في العقيقة ومسلم في الاستئذان.
(تابعه) أي تابع زكريا بن يحيى (خالد بن مخلد) بفتح الميم واللام بينهما خاء معجمة ساكنة القطواني (عن علي بن مسهر) قاضي الموصل (عن هشام عن أبيه) عروة رضي الله عنه (عن أسماء رضي الله عنها هاجرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى) وعند الإسماعيلي مما وصله وهي حبل بعبد الله فوضعته بقباء فلم ترضعه حتى أتت به النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وفي آخره وسماه عبد الله.
3910 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلَامِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَتَوْا بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَمْرَةً فَلَاكَهَا، ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِي فِيهِ، فَأَوَّلُ مَا دَخَلَ بَطْنَهُ رِيقُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم".
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد (عن أبي أسامة) حماد (عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها) أنها (قالت: أوّل مولود ولد في الإسلام) من المهاجرين بالمدينة (عبد الله بن الزبير أتوا) أمه ومن معها (به النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم تمرة فلاكها) مضغها عليه الصلاة والسلام (ثم أدخلها في فيه) في فم عبد الله بن الزبير رضي الله عنه (فأوّل ما دخل بطنه ريق النبي) ولأبي ذر رسول الله صلى الله عليه وسلم (صلى الله عليه وسلم).
3911 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: "أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ وَهْوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ
شَيْخٌ يُعْرَفُ وَنَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَابٌّ لَا يُعْرَفُ. قَالَ: فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِي السَّبِيلَ، قَالَ: فَيَحْسِبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيقَ، وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الْخَيْرِ. فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا، فَالْتَفَتَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ؛ فَصَرَعَهُ الْفَرَسُ، ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مُرْنِي بِمَا شِئْتَ. قَالَ: فَقِفْ مَكَانَكَ، لَا تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا. قَالَ: فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ آخِرَ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ. فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَانِبَ الْحَرَّةِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى الأَنْصَارِ فَجَاءُوا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمُوا عَلَيْهِمَا وَقَالُوا: ارْكَبَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ. فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَحَفُّوا دُونَهُمَا بِالسِّلَاحِ، فَقِيلَ فِي الْمَدِينَةِ: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَشْرَفُوا يَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ. فَأَقْبَلَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ جَانِبَ دَارِ أَبِي أَيُّوبَ، فَإِنَّهُ لَيُحَدِّثُ أَهْلَهُ إِذْ سَمِعَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَهْوَ فِي نَخْلٍ لأَهْلِهِ يَخْتَرِفُ لَهُمْ، فَعَجِلَ أَنْ يَضَعَ الَّذِي يَخْتَرِفُ لَهُمْ فِيهَا، فَجَاءَ وَهْيَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ؟ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَذِهِ دَارِي وَهَذَا بَابِي. قَالَ فَانْطَلِقْ فَهَيِّئْ لَنَا مَقِيلاً. قَالَ: قُومَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ. فَلَمَّا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّكَ جِئْتَ بِحَقٍّ، وَقَدْ عَلِمَتْ يَهُودُ أَنِّي سَيِّدُهُمْ وَابْنُ سَيِّدِهِمْ وَأَعْلَمُهُمْ وَابْنُ أَعْلَمِهِمْ، فَادْعُهُمْ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ قَالُوا فِيَّ مَا لَيْسَ فِيَّ. فَأَرْسَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقْبَلُوا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، وَيْلَكُمُ اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، وَأَنِّي جِئْتُكُمْ بِحَقٍّ، فَأَسْلِمُوا. قَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ -قَالُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَهَا ثَلَاثَ مِرَارٍ- قَالَ: فَأَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ؟ قَالُوا: ذَاكَ سَيِّدُنَا، وَابْنُ سَيِّدِنَا، وَأَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا. قَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ؟ قَالُوا: حَاشَا لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ. قَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ؟ قَالُوا: حَاشَا لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ. قَالَ: يَا ابْنَ سَلَامٍ اخْرُجْ عَلَيْهِمْ. فَخَرَجَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِحَقٍّ. فَقَالُوا: كَذَبْتَ. فَأَخْرَجَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم".
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد) هو ابن سلام أو ابن المثنى قال: (حدّثنا عبد الصمد) قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر حدّثني (أبي) عبد الوارث بن سعيد البصري قال: (حدّثنا عبد العزيز بن صهيب) مصغرًا قال: (حدّثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم)
من مكة (إلى المدينة وهو مردف أبا بكر) رضي الله عنه خلفه على الراحلة التي هو عليها (وأبو بكر شيخ) قد أسرع إليه الشيب في لحيته الكريمة (يعرف) لتردّده إليهم للتجارة (ونبي الله) ولأبي ذر والنبي (صلى الله عليه وسلم شاب) ليس في لحيته الشريفة شيب، وكان أسن من الصديق رضي الله عنه (لا يعرف) لعدم تردّده إليهم (قال: فيلقى الرجل أبا بكر) رضي الله عنه في الانتقال من بني عمرو (فيقول)
له: (يا أبا بكر من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فيقول) له: (هذا الرجل يهديني) ولأبي ذر الذي يهديني (السبيل قال: فيحسب الحاسب أنه إنما يعني الطريق وإنما يعني) أبو بكر رضي الله عنه (سبيل الخير فالتفت أبو بكر) رضي الله عنه (فإذا هو بفارس) هو سراقة (قد لحقهم فقال: يا رسول الله هذا فارس قد لحق بنا فالتفت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال): (اللهم اصرعه)(فصرعه الفرس) ولأبي ذر فصرعه فرسه (ثم قامت تحمحم) بحائين مهملتين وميمين أي تصوّت وذكر في قوله فصرعه باعتبار لفظ الفرس وأنث في قوله قامت باعتبار ما في نفس الأمر من أنها كانت أنثى قاله ابن حجر، وقال العيني، قال أهل اللغة: ومنهم الجوهري الفرس يقع على الذكر والأنثى ولم يقل أحد أنه يذكر باعتبار لفظه ويؤنث باعتبار أنها كانت في نفس الأمر أنثى (فقال) سراقة: (يا نبي الله مرني بم) بغير ألف ولأبي ذر بما (شئت. فقال) عليه الصلاة والسلام له: (فقف مكانك لا تتركن أحدًا يلحق بنا) قال في الكواكب: هو كقوله لا تدن من الأسد تهلك وهو ظاهر على مذهب الكسائي قال في العمدة: هذا المثال غير صحيح عند غير الكسائي لأن فيه فساد المعنى لأن انتفاء الدنوّ ليس سببًا للهلاك والكسائي يجوز هذا لأنه يقدر الشرط إيجابيًّا في قوّة إن دنوت من الأسد تهلك (قال: فكان) سراقة (أوّل النهار جاهدًا على نبيّ الله وكان آخر النهار مسلحة له) بفتح الميم وسكون المهملة وفتح اللام والحاء المهملة أي يدفع عنه الأذى بمثابة السلاح (فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم جانب الحرة) بفتح الحاء المهملة والراء المشدّدة فأقام بقباء المدة التي أقامها وبنى بها المسجد (ثم بعث) عليه الصلاة والسلام (إلى الأنصار) فطوي في هذا الحديث قامته عليه الصلاة والسلام بقباء (فجاؤوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم و) إلى (أبي بكر) - رضي الله تعالى عنه - وثبت قوله وأبي بكر لأبي ذر وحده (فسلموا عليهما وقالوا: اركبا) حال كونكما آمنين) حال كونكما (مطاعين) بفتح النون والعين بلفظ التثنية فيهما وفي الفرع بكسرهما بلفظ الجمع وكشط فوقهما والأول أوجه على ما لا يخفى (فركب نبي الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر) رضي الله عنه (وحفوا) بالحاء المهملة المفتوحة والفاء المشدّدة أحدقوا أي الأنصار (دونهما بالسلاح فقيل في المدينة: جاء نبي الله جاء نبي الله) مرتين (صلى الله عليه وسلم فأشرفوا ينظرون) إليه صلى الله عليه وسلم (ويقولون جاء نبي الله) مرة واحدة كما في الفرع والذي في اليونينية والناصرية جاء نبي الله مرتين (فأقبل) عليه الصلاة والسلام (يسير حتى نزل جانب دار أبي أيوب) الأنصاري - رضي الله تعالى عنه - (فإنه) عليه الصلاة والسلام (ليحدث أهله إذ سمع به عبد الله بن سلام) بتخفيف لام ابن سلام الإسرائيلي من حلفاء بني عوف بن الخزرج (وهو) أي والحال أنه (في نخل لأهله يخترف) بالخاء المعجمة والفاء يجتني (لهم) من الثمار (فعجل) بكسر الجيم مخففة استعجل (أن يضع) ولأبي ذر عن الحموي
والكشميهني أن يضم (الذي يخترف لهم) لأهله (فيها) أي في النخل (فجاء) إلى النبي صلى الله عليه وسلم (وهي) أي والحال أن الثمرة التي اجتناها (معه فسمع من نبي الله صلى الله عليه وسلم) في الترمذي أنه أول ما سمع من كلامه أن قال: أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام (ثم رجع إلى أهله. فقال نبي الله) ولأبي ذر النبي (صلى الله عليه وسلم):
(أي بيوت أهلنا) أقارب والدة عبد المطلب سلمى بنت عمرو من بني مالك بن النجار (أقرب فقال أبو أيوب) الأنصاري رضي الله عنه (أنا يا نبي الله هذه داري وهذا بابي قال) عليه الصلاة والسلام: (فانطلق) فهيئ لنا دارك (فهيئ) بسكون الهاء في الفرع والذي في اليونينية بفتحها وتشديد التحتية بعدها همزة ساكنة (لنا مقيلاً) بفتح الميم وكسر القاف أي مكانًا نقيل فيه
والمقيل النوم نصف النهار وقال الأزهري: القيلولة والمقيل الاستراحة نصف النهار معها نوم أو لا قال بدليل قوله تعالى: {وأحسن مقيلاً} [الفرقان: 24] والجنة لا نوم فيها (قال) أبو أيوب رضي الله عنه: (قومًا على بركة الله تعالى فلما جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم) إلى منزل أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه تعالى عنه (جاء عبد الله بن سلام) إليه صلى الله عليه وسلم زاد في رواية حميد الآتية إن شاء الله قبل المغازي فقال: إني أسألك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ما أوّل أشراط الساعة، وما أوّل طعام يأكله أهل الجنة، وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه؟ فذكر له جواب مسائله. (فقال: أشهد أنك رسول الله وأنك جئت بحق، وقد علمت يهود أني سيدهم وابن سيدهم وأعلمهم وابن أعلمهم فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا فيّ ما ليس فيّ) بتشديد التحتية فيهما (فأرسل نبي الله صلى الله عليه وسلم) إلى اليهود (فأقبلوا فدخلوا عليه) عليه الصلاة والسلام بعد أن خبأ لهم عبد الله بن سلام رضي الله عنه (فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(يا معشر اليهود ويلكم اتقوا الله فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقًّا وأني جئتكم بحق فأسلموا) بهمزة قطع وكسر اللام (قالوا): منكرين ذلك (ما نعلمه قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم قالها ثلاث مرار قال) عليه الصلاة والسلام (فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام)(قالوا: ذاك سيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا قال) عليه الصلاة والسلام لهم (أفرأيتم) أي أخبروني (إن أسلم) عبد الله (قالوا: حاشى لله ما كان ليسلم) بضم التحتية وكسر اللام (قال) عليه السلام (أفرأيتم إن أسلم قالوا: حاشى لله) ولأبي ذر حاش لله (ما كان ليسلم. قال: أفرأيتم إن أسلم قالوا: حاشى لله) ولأبي ذر حاشى لله (ما كان ليسلم) كررت ثلاثًا (قال) عليه الصلاة والسلام: (يا ابن سلام اخرج عليهم فخرج فقال: يا معشر اليهود اتقوا الله فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه جاء بحق) ولأبي ذر عن الكشميهني بالحق (فقالوا له: كذبت فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم) من عنده.
3912 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ -يَعْنِي عَنِ ابْنِ عُمَرَ- عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ فَرَضَ
لِلْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَرْبَعَةَ آلَافٍ فِي أَرْبَعَةٍ، وَفَرَضَ لاِبْنِ عُمَرَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَخَمْسَمِائَةٍ. فَقِيلَ لَهُ: هُوَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَلِمَ نَقَصْتَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ آلَافٍ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا هَاجَرَ بِهِ أَبَوَاهُ. يَقُولُ: لَيْسَ هُوَ كَمَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ".
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد (إيراهيم بن موسى) الفراء الصغير قال: (أخبرنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني (عن ابن جريج) عبد الملك أنه (قال: أخبرني) بالتوحيد (عبيد الله) مصغرًا (ابن عمر) بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه (عن نافع) مولى ابن عمر رضي الله عنهما (يعني عن ابن عمر عن) أبيه (عمر بن الخطاب) ولأبي ذر عن نافع عن عمر بن الخطاب فأسقط يعني عن ابن عمر وفيها انقطاع لأن نافعًا لم يدرك عمر (رضي الله عنه) أنه (قال: كان) عمر رضي الله عنه (فرض) عين (للمهاجرين الأولين) في بيت المال (أربعة آلاف في أربعة) أي أربعة آلاف في أربعة آلاف في أربعة أعوام (وفرض لابن عمر ثلاثة آلاف وخمسمائة فقيل له) لعمر رضي الله عنه (هو) أي ابن عمر (من المهاجرين فلم نقصته من أربعة آلاف) خمسمائة (قال) عمر رضي الله عنه: (إنما هاجر به أبواه) وكان عمره حينئذٍ إحدى عشرة سنة وأشهرًا (يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه).
3913 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ::"هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
…
" ح.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن كثير) بالمثلثة قال: (أخبرنا سفيان) بن عيينة (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن خباب) بالخاء المعجمة والموحدة الأولى المشدّدة ابن الأرت التميمي من السابقين إلى الإسلام أنه (قال: هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم).
3914 -
وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: سَمِعْتُ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَبَّابٌ قَالَ: "هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ وَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ: قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ نَجِدْ شَيْئًا نُكَفِّنُهُ فِيهِ إِلَاّ نَمِرَةً كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، فَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ؛ فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُغْطِيَ رَأْسَهُ بِهَا، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ إِذْخِرٍ. وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهْوَ يَهْدِبُهَا".
وبه قال: (ح حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن الأعمش) سليمان أنه (قال: سمعت) أبا وائل (شقيق بن سلمة. قال: حدّثنا خباب) رضي الله عنه (قال: هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي بإذنه لأنه لم يهاجر معه إلا أبو بكر رضي الله عنه وعامر بن فهيرة (نبتغي) نطلب (وجه الله) تعالى (ووجب) أي ثبت (أجرنا على الله فمنا من مضى) مات (لم يأكل من أجره) من الغنائم (شيئًا منهم مصعب بن عمير) بضم العين مصغرًا
(قتل يوم) وقعة (أحد
فلم نجد شيئًا نكفنه فيه إلا نمرة كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه) لقصرها (فإذا) بالفاء، ولأبي ذر: وإذا (غطينا رجليه خرج رأسه فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغطي) بفتح الغين المعجمة وتشديد الطاء مكسورة في الفرع وفي أصله بسكون الغين وكسر الطاء مخففة (رأسه بها ونجعل على رجليه من اذخر) الذال والخاء المعجمتين نبت حجازي طيب الرائحة (ومنا من أينعت) بالتحتية والنون أدركت ونضجت (له تمرته فهو يهدبها) بكسر الدال مصححًا عليه في الفرع ويجوز الضم والفتح أي يجتنيها.
وهذا الحديث سبق في الجنائز وعن قريب.
3915 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيُّ قَالَ: "قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: هَلْ تَدْرِي مَا قَالَ أَبِي لأَبِيكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَإِنَّ أَبِي قَالَ لأَبِيكَ: يَا أَبَا مُوسَى، هَلْ يَسُرُّكَ إِسْلَامُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِجْرَتُنَا مَعَهُ وَجِهَادُنَا مَعَهُ وَعَمَلُنَا كُلُّهُ مَعَهُ بَرَدَ لَنَا، وَأَنَّ كُلَّ عَمَلٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدَهُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا رَأْسًا بِرَأْسٍ؟ فَقَالَ أَبِي: لَا وَاللَّهِ، قَدْ جَاهَدْنَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَلَّيْنَا وَصُمْنَا وَعَمِلْنَا خَيْرًا كَثِيرًا وَأَسْلَمَ عَلَى أَيْدِينَا بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَإِنَّا لَنَرْجُو ذَلِكَ. فَقَالَ أَبِي: لَكِنِّي أَنَا وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ بَرَدَ لَنَا وَأَنَّ كُلَّ شَىْءٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا رَأْسًا بِرَأْسٍ. فَقُلْتُ: إِنَّ أَبَاكَ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَبِي".
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة أبو زكريا البلخي قال: (حدّثنا روح) بفتح الراء ابن عبادة بضم العين قال: (حدّثنا عوف) بفتح العين الإعرابي (عن معاوية بن قرّة) بضم القاف وفتح الراء المشددة أنه (قال: حدّثنا) بالإفراد (أبو بردة) بضم الموحدة وسكون الراء عامر (بن أبي موسى) عبد الله (الأشعري قال: قال لي عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما (هل تدري ما قال أبي) عمر (لأبيك؟) أبي موسى (قال: قلت لا). أدري (قال: فإن أبي قال لأبيك: يا أبا موسى هل يسرك إسلامنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهجرتنا معه وجهادنا معه وعملنا كله معه برد) بفتح الموحدة والراء والدال المهملة ثبت وسلم (لنا وإن كل عمل عملناه) بفتع الميم في الأول وكسرها في الثاني (بعده نجونا منه) بالجيم وسكون الواو (كفافًا رأسًا برأس) قاله عمر رضي الله عنه هضمًا لنفسه أو لما رأى أن الإنسان لا يخلو عن تقصير في كل خير يعمله (فقال): ولأبي ذر قال (أبي) الصواب ما في رواية النسفيّ فقال أبوك لأن ابن عمر يخاطب أبا بردة ويعلمه أن أباه موسى قال: (لا والله قد جاهدنا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلينا وصمنا وعملنا خيرًا كثيرًا وأسلم على أيدينا بشر كثير) بالمثلثة (وإنا لنرجو ذلك، فقال أبي) عمر (لكني أنا والذي نفس عمر بيده لولدت أن ذلك برد) بفتحات سلم (لنا وأن كل شيء عملناه) سقط ضمير النصب لأبي ذر (بعد نجونا منه كفافًا رأسًا برأس) قال أبو بردة (فقلت) لابن عمر (إن أباك) عمر (والله خير من أبي) أبي موسى لأن مقام الخوف أفضل من مقام الرجاء.
3916 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ -أَوْ بَلَغَنِي عَنْهُ- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: "سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما إِذَا قِيلَ لَهُ هَاجَرَ قَبْلَ أَبِيهِ يَغْضَبُ. قَالَ: وَقَدِمْتُ أَنَا وَعُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدْنَاهُ قَائِلاً فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَنْزِلِ، فَأَرْسَلَنِي عُمَرُ وَقَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ هَلِ اسْتَيْقَظَ؟ فَأَتَيْتُهُ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَبَايَعْتُهُ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَانْطَلَقْنَا إِلَيْهِ نُهَرْوِلُ هَرْوَلَةً حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ فَبَايَعَهُ، ثُمَّ بَايَعْتُهُ". [الحديث 3916 - طرفاه في: 4186، 4187].
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن صباح) بتشديد الموحدة البزاز بمعجمتين قال: المؤلّف (أو بلغني عنه) عن محمد بن صابح عباد بن الوليد الغبري بضم الغين المعجمة وفتح الموحدة وقد روى المؤلّف عن محمد بن صباح في الصلاة والبيوع جازمًا بغير واسطة قال: (حدّثنا إسماعيل) ابن علية (عن عاصم) هو ابن سليمان الأحول (عن أبي عثمان) عبد الرحمن بن ملّ النهدي أنه (قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما إذا قبل له) أنه (هاجر قبل أبيه يغضب) لما فيه من رفعته على أبيه وتنافسه (قال) ابن عمر: (وقدمت أنا و) أبي (عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم) عند البيعة قال في الفتح: ولعلها بيعة الرضوان (فوجدناه قائلاً) نائمًا في القائلة (فرجعنا إلى المنزل فأرسلني عمر) رضي الله عنه إليه صلى الله عليه وسلم (وقال): ولأبي ذر فقال (اذهب فانظر هل استيقظ) عليه الصلاة والسلام من نومه (فأتيته) عليه الصلاة والسلام (فدخلت عليه فبايعته ثم انطلقت إلى عمر فأخبرنه أنه قد استيقظ فانطلقنا إليه) زاده الله شرفًا لديه حال كوننا (تهرول هرولة حتى دخل) عمر (عليه فبايعه ثم بايعته) ثانيًا وزعم الداودي أن هذه البيعة كانت عند قدومه عليه الصلاة والسلام المدينة في الهجرة.
واستبعد لأن ابن عمر لم يكن إذ ذاك في سن من يبايع وقد عرض على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بثلاث سنين يوم أُحُد فلم يجزه، فيحتمل أن تكون البيعة هذه على غير قتال، وإنما ذكرها ابن عمر ليبين سبب وهم من قال: إنه ممن هاجر قبل أبيه وإنما الذي وقع له أنه بايع قبل أبيه فتوهم بعضهم أن هجرته كانت قبل هجرة أبيه وليس كذلك حكاه في الفتح عن الداودي.
3917 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: "سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يُحَدِّثُ قَالَ: ابْتَاعَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ عَازِبٍ رَحْلاً" فَحَمَلْتُهُ مَعَهُ. قَالَ: فَسَأَلَهُ عَازِبٌ عَنْ مَسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أُخِذَ عَلَيْنَا بِالرَّصَدِ، فَخَرَجْنَا لَيْلاً، فَأَحْثَثْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، ثُمَّ رُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ، فَأَتَيْنَاهَا وَلَهَا شَىْءٌ مِنْ ظِلٍّ. قَالَ: فَفَرَشْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرْوَةً مَعِي، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ قَدْ أَقْبَلَ فِي غُنَيْمَةٍ يُرِيدُ مِنَ الصَّخْرَةِ مِثْلَ الَّذِي أَرَدْنَا، فَسَأَلْتُهُ: لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلَامُ؟ فَقَالَ: أَنَا لِفُلَانٍ. فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَخَذَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: انْفُضِ الضَّرْعَ. قَالَ: فَحَلَبَ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ عَلَيْهَا خِرْقَةٌ قَدْ
رَوَّأْتُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَضِيتُ. ثُمَّ ارْتَحَلْنَا وَالطَّلَبُ فِي إِثْرِنَا".
وبه قال: (حدّثنا) بالجمع، ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (أحمد بن عثمان) الأزدي الكوفي قال: (حدّثنا
شريح بن مسلمة) بضم الشين المعجمة وفتح الراء آخره مهملة ومسلمة بميم مفتوحة ومهملة ساكنة وفتح اللام الكوفي قال: (حدّثنا إبراهيم بن يوسف عن أبيه) يوسف بن إسحاق (عن أبي إسحاق) عمرو السبيعي أنه (قال: سمعت البراء) بن عازب رضي الله عنه (يحدث قال: ابتاع أبو بكر) رضي الله عنه (من عازب) هو أبو البراء المذكور (رحلاً) بسكون الحاء المهملة. قال البراء (فحملته معه) أي فحملت الرحل مع أبي بكر رضي الله عنه (قال: فسأله عازب عن مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أخذ) بضم الهمزة وكسر المعجمة (عينا بالرصد) بالارتقاب (فخرجنا ليلاً) من الغار بعد ثلاث ليال (فأحثثنا) بحاء مهملة فمثلثتين فنون أي أسرعنا السير وفي نسخة فاحثثنا بزيادة فوقية بعد الحاء افتعلنا من الحث وفي أخرى فأحيينا بتحتيين بدل المثلثين بلا فوقية من الإحياء ضد النوم (ليلتنا ويومنا حتى قام قائم الظهيرة) نصف النهار حيث لا يظهر ظل (ثم رفعت لنا صخرة) أي ظهرت لأبصارنا (فأتيناها ولها شيء من ظل. قال) أبو بكر رضي الله عنه: (ففرشت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فروة) من جلد (معي ثم اضطجع عليها النبي صلى الله عليه وسلم فانطلقت أنفض ما حوله) من الغبار (فإذا أنا براع قد أقبل في غنيمة) بضم الغين المعجمة وفتح النون ولأبي ذر عن الحموي والمستملي في غنيمته بفوقية بعد الميم (يريد من الصخرة مثل الذي أردنا) منها من الظل (فسألته لمن أنت يا غلام؟ فقال: أنا لفلان فقلت له: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم. قلت له: هل أنت حالب؟) أي أذن لك أن تحلب لمن يمر بك على سبيل الضيافة (قال: نعم فأخذ شاة من غنمه فقلت له؟ انفض الضرع) من الأوساخ (قال: فحلب كثبة) بكاف مضمومة فمثلثة ساكنة فموحدة قطعة (من لبن) قدر ملء القدح (ومعي إداوة) بكسر الهمزة وعاء من جلد (من ماء عليها) ولأبي ذر: وعليها (خرقة قد روّأتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم) براء مفتوحة فواو مشدّدة مفتوحة فهمزة ساكنة ففوقية فهاء أي تأنيت بها حتى صلحت. تقول: روّأت الأمر إذا نظرت فيه ولم تعجل وقال في النهاية: الصواب ترك الهمزة أي شددتها بالخرقة وربطتها عليها يقال: رويت البعير مخفف الواو إذا شددت عليه بالرواء بكسر الراء وقال الأزهري: الرواء الحبل الذي يروى به على البعير أي يشد به المتاع عليه وقال الكرماني: روّأتها جعلت فيها الماء لرسول الله صلى الله عليه وسلم (فصببت على اللبن) من الإدواة (حتى برد أسفله) بفتح الموحدة والراء (ثم أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فقلت) له (اشرب يا رسول الله فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رضيت) أي طابت نفسي بكثرة شربه (ثم ارتحلنا والطلب) بفتح الطاء واللام بعدها موحدة (في إثرنا) بكسر الهمزة وسكون المثلثة ولأبي ذر في أثرنا بفتحهما.
3918 -
قَالَ الْبَرَاءُ: فَدَخَلْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ عَلَى أَهْلِهِ، فَإِذَا عَائِشَةُ ابْنَتُهُ مُضْطَجِعَةٌ قَدْ أَصَابَتْهَا
حُمَّى، فَرَأَيْتُ أَبَاهَا فَقَبَّلَ خَدَّهَا وَقَالَ: كَيْفَ أَنْتِ يَا بُنَيَّةُ".
(قال البراء: فدخلت مع أبي بكر) - رضي الله تعالى عنه - (على أهله فإذا عائشة ابنته) رضي الله عنها (مضطجعة) بالرفع، ولأبي ذر: مضطجعة بالنصب (قد أصابتها حمى فرأيت أباها) أتاها (فقبّل) ولأبي ذر: يقبل (خدها) بلفظ المضارع (وقال): لها (كيف أنت يا بنية؟).
وهذا الحديث قد مرّ في باب علامات النبوة بأتم لكن بدون هذه الزيادة إذ لم يذكرها البخاري إلا هنا وكان دخول البراء على عائشة رضي الله عنها قبل الحجاب اتفاقًا وسنه دون البلوغ.
3919 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ وَسَّاجٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسٍ خَادِمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ فِي أَصْحَابِهِ أَشْمَطُ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ، فَغَلَفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ". [الحديث 3919 - طرفه في: 3920].
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن عبد الرحمن) الدمشقي قال: (حدّثنا محمد بن حمير) بكسر الحاء المهملة وسكون الميم وبعد التحتية المفتوحة راء الحمصي قال: (حدّثنا إبراهيم بن أبي عبلة) بفتح العين المهملة وسكون الموحدة وفتح اللام شمر بن يقظان العقيلي الشامي (أن عقبة بن وساج) بفتح الواو والسين المهملة المشددة آخره جيم البصري سكن الشام (حدثه عن أنس خادم النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم) المدينة لما هاجر إليها (وليس في أصحابه) المهاجرين (أشمط) بهمزة مفتوحة فمعجمة ساكنة فميم مفتوحة فطاء مهملة قد خالط شعره الأسود بياض (غير) بفتح الراء ولأبي ذر غير
(أبي بكر) بضمها (فغلفها) بفتح الغين المعجمة واللام والفاء وعلى اللام في الفرع وأصله خف وصرح به البرماوي فقال: بتخفيف اللام وسبقه إليه الزركشي في التنقيح وتعقبه في المصابيح بأن القاضي عياضًا رحمه الله قال: إن الرواية بتشديدها، ثم حكي عن ابن قتيبة أنه قال: غلف لحيته بالتخفيف ولا يقال بالتشديد قال: فأعرض الزركشي عن الرواية واعتمد قول ابن قتيبة وضمير النصب من قوله فغلفها عائد إلى لحيته لتقدم الدال عليها وهو قوله ليس في أصحابه أشمط غير أبي بكر والمعنى لطخها وسترها (بالحناء) بكسر الحاء المهملة وتشديد النون ممدودًا (والكتم) بفتح الكاف والفوقية المخففة، وحكي عن أبي عبيد تشديدها ورق يخصف به كالآس من نبات ينبت في أصعب الصخور فيتدلى خيطانًا لطافًا ومجتناه صعب ولذلك هو قليل.
3920 -
وَقَالَ دُحَيْمٌ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ وَسَّاجٍ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: "قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ فَكَانَ أَسَنَّ أَصْحَابِهِ أَبُو بَكْرٍ فَغَلَفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ حَتَّى قَنَأَ لَوْنُهَا".
(وقال دحيم): بضم الدال وفتح الحاء المهملتين عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي الحافظ فيما وصله الإسماعيلي قال: (حدّثنا الوليد) بن مسلم الحافظ عالم الشام قال: (حدّثنا الأوزاعي)
عبد الرحمن قال: (حدّثني) بالإفراد (أبو عبيد) بضم العين مصغرًا واسمه حييّ بضم المهملة وتخفيف التحتية الأولى وتشديد الثانية مولى سليمان بن عبد الملك (عن عقبة بن وساج) بالسين المهملة والجيم قال: (حدّثني) بالتوحيد (أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة) مهاجرًا (فكان أسنّ أصحابه) الذين قدموا معه (أبو بكر) رضي الله عنه وقد خالط سواد شعر لحيته بياض (فغلفها بالحناء والكتم حتى قنأ لونها) بقاف فنون فهمزة مفتوحات اشتدت حمرتها حتى ضربت إلى السواد.
3921 -
حَدَّثَنَا أَصْبَغُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها "أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ كَلْبٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ بَكْرٍ، فَلَمَّا هَاجَرَ أَبُو بَكْرٍ طَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا"، هَذَا الشَّاعِرُ الَّذِي قَالَ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ رَثَى كُفَّارَ قُرَيْشٍ:
وَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ
…
مِنَ الشِّيزَى تُزَيَّنُ بِالسَّنَامِ
وَمَاذَا بِالْقَلِيبِ، قَلِيبِ بَدْرٍ
…
مِنَ الْقَيْنَاتِ وَالشَّرْبِ الْكِرَامِ
تُحَيِّينَا بِالسَّلَامَةِ أُمُّ بَكْرٍ
…
وَهَلْ لِي بَعْدَ قَوْمِي مِنْ سَلَامِ
يُحَدِّثُنَا الرَّسُولُ بِأَنْ سَنَحْيَا
…
وَكَيْفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ
وبه قال: (حدّثنا أصبغ) بن الفرج القرشي مولاهم المصري كاتب عبد الله بن وهب المصري قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا (ابن وهب) عبد الله (عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة) رضي الله عنها (أن) أباها (أبا بكر رضي الله عنه تزوج امرأة من) بني (كلب) أي ابن عوف بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة (يقال لها): للتي تزوجها (أم بكر) بفتح الموحدة وسكون الكاف ولم يقف الحافظ ابن حجر رحمه الله على اسمها (فلما هاجر أبو بكر) رضي الله عنه إلى المدينة (طلقها فتزوجها ابن عمها) أبو بكر شداد بن الأسود بن عبد شمس بن مالك بن جعونة ويقال له: ابن شعوب بفتح المعجمة وضم المهملة وبعد الواو الساكنة موحدة وهو (هذا الشاعر الذي قال: هذه القصيدة) التي كان (رثى) بها (كفار قريش) الذين قتلوا يوم بدر وألقاهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقليب (وماذا بالقليب) البئر التي لم تطو (قليب بدر) بدل من قليب الأول (من الشيزى) بكسر الشين المعجمة وسكون التحتية وفتح الزاي مقصورًا شجر تعمل منه الجفان. أي: وماذا بقليب بدر من أصحاب الجفان والقصاع المعمولة من الشيزى للثريد حال كونها (تزين) بضم الفوقية وفتح الزاي وتشديد التحتية بعدها نون (بالسنام) بفتح السين المهملة والنون أي بلحوم سنام الإبل فهو على حذف مضاف، وقيل كانوا يسمون الرجل المطعام جفنة لأنه يطعم الناس (وماذا بالقليب قليب بدر من القينات) بفتح القاف أي: وماذا به من أصحاب المغنيات (والشرب الكرام) بفتح الشين المعجمة وسكون الراء الندامى، والواحد شارب كصحب وصاحب (تحيي بالسلامة) بالتحتية أو دعاء بالسلامة، ولأبي ذر عن
الحموي والمستملي تحيينا السلامة (أم بكر، وهل) بالواو ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فهل (لي بعد) هلاك (قومي من سلام) من تحية أو من سلامة وهو يقوي أن المراد من السلام الدعاء بالسلامة أو الإخبار بها (يحدّثنا الرسول) صلى الله عليه وسلم (بأن سنحيا) بعد الموت (وكيف حياة أصداء) بفتح الهمزة وسكون الصاد وفتح الدال المهملتين ممدودًا جمع صدى ذكر اليوم (وهام) بفتح الواو والهاء وألف فميم جمع هامة بتخفيف الميم على المشهور.
وكانت