الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلاف بين البصريين والكوفيين قيل والحديث يرد على المانع ولكن في رواية الأصيلي: كنت أنا وأبو بكر وعمر بالفصل فالعطف حينئذٍ على الضمير بعد تأكيده واستغنى بهذه الرواية عن الإحالة على الرواية الآتية إن شاء الله تعالى في مناقب عمر إذ فيها العطف مع التأكيد، (وفعلت وأبو بكر وعمر، وانطلقت وأبو بكر وعمر، فإن كنت) كذا في اليونينية وغيرها مما وقفت عليه من النسخ المعتمدة فإن كنت بالفاء وسكون النون، وأما الفرع فالذي فيه وإني كنت بواو وبعد النون المكسورة المشدّدة تحتية (لأرجو أن يجعلك الله معهما) في الحجرة (فالتفت فإذا هو) أي القائل (علي بن أبي طالب) رضي الله عنه.
ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إنه يدل على فضيلة الصديق كما لا يخفى.
3678 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ أَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي، فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَفَعَهُ عَنْهُ فَقَالَ:{أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [غافر: 28]. [الحديث 3678 - طرفاه في: 3856، 4815].
وبه قال: (حدّثنا) بالجمع لأبي ذر ولغيره حدّثني (محمد بن يزيد) من الزيادة البزاز بتشديد الزاي الأولى (الكوفي) قال ابن خلفون: وليس باب هشام محمد بن يزيد بن رفاعة الرفاعي قاله الكلاباذي والحاكم. وقال ابن حجر: وفي رواية ابن السكن عن الفريري محمد بن كثير وهو وهم نبه عليه أبو علي الجياني لأنه لا يعرف له رواية عن الوليد انتهى. قال: (حدّثنا الوليد) بن مسلم (عن الأوزاعي) عبد الرحمن (عن يحيى بن أبي كثير) بالمثلثة صالح اليمامي الطائي (عن محمد بن إبراهيم) بن الحرث التيمي القرشي (عن عروة بن الزبير) بن العوّام أنه (قال: سألت عبد الله بن عمرو) بفتح العين ابن العاص (عن أشد ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(رأيت عقبة بن أبي معيط) المقتول كافرًا بعد وقعة بدر (جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلّي) زاد في باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المشركين بمكة في حجر الكعبة (فوضع رداءه) أي رداء النبي صلى الله عليه وسلم ولأبي ذر رداء (في عنقه) الشريف (فخنقه به) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي بها (خنقًا) بكسر النون وسكونها في المصدر وفتحها في الماضي وهو فخنقه (شديدًا فجاء أبو بكر) ولأبي ذر فجاءه أبو بكر (حتى دفعه) أي دفع بيده عقبة (عنه صلى الله عليه وسلم) وزاد ابن إسحاق وهو يبكي (فقال) لهم: ({أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم})[غافر: 28] قال بعضهم: أبو بكر أفضل من مؤمن آل فرعون لأن ذاك اقتصر حيث انتصر على اللسان، وأما أبو بكر
رضي الله عنه فاتبع اللسان يدًا ونصر بالقول والفعل محمدًا صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث أخرجه في باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المشركين بمكة.
6 - باب مَنَاقِبُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَبِي حَفْصٍ الْقُرَشِيِّ الْعَدَوِيِّ رضي الله عنه
-
(باب مناقب عمر بن الخطاب) بن نفيل بضم النون وفتح الفاء آخره لام مصغرًا ابن عبد العزى بن رياح بكسر الراء وفتح التحتية وبعد الألف حاء مهملة ابن عبد الله بن قرط بضم القاف بن رزاح بفتح الراء والزاي وبعد الألف مهملة ابن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر واسمه قريش بن مالك بن النضر (أبي حفص) كناه بها النبي صلى الله عليه وسلم كما عند ابن إسحاق في السيرة، ولقبه الفاروق لقبه به النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه ابن أبي شيبة في تاريخه، وقيل لقبه به أهل الكتاب قاله الزهري فيما رواه ابن سعد وقيل جبريل رواه البغوي (القرشي) نسبه إلى جده الأعلى فهر (العدوي) نسبه إلى عدي المذكور (رضي الله عنه) استخلفه أبو بكر فأقام عشر سنين وستة أشهر وأربع ليال، وقتله أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة، وسقط لفظ باب لأبي ذر فمناقب رفع.
3679 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُنِي دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِالرُّمَيْصَاءِ امْرَأَةِ أَبِي طَلْحَةَ، وَسَمِعْتُ خَشَفَةٌ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا بِلَالٌ. وَرَأَيْتُ قَصْرًا بِفِنَائِهِ جَارِيَةٌ فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: لِعُمَرَ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ فَأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ. فَقَالَ عُمَرُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ. أَعَلَيْكَ أَغَارُ» ؟. [الحديث 3679 - طرفاه في: 5226، 7024].
وبه قال: (حدّثنا حجاج بن منهال) بكسر الميم وسكون النون السلمي الأنماطي قال: (حدّثنا عبد العزيز بن الماجشون) بكسر الجيم وضم الشين المعجمة المدني نزيل بغداد ونسبه لجده أبي سلمة الماجشون وإلاّ فاسم أبيه عبد الله وسقط لأبي ذر لفظ ابن فالماجشون حينئذٍ مرفوع لقب لعبيد العزيز قال: (حدّثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله) الأنصاري (رضي الله عنهما) أنه (قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم):
(رأيتني) بضمير المتكلم وهو من خصائص أفعال القلوب أي رأيت نفسي في
المنام (دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء) بضم الراء وبالصاد المهملة ممدودًا مصغرًا سهلة بنت ملحان الأنصارية (امرأة أبي طلحة) زيد بن سهل الأنصاري، والرميصاء صفة لها لرمص كان بعينها (وسمعت خشفة) بخاء مفتوحة وشين ساكنة معجمتين وفاء مفتوحة، وفي اليونينية بفتح الشين أي صوتًا ليس شديدًا وهو حركة وقع القدم (فقلت: من هذا؟ فقال) جبريل أو غيره من الملائكة (هذا
بلال) ويحتمل أن يكون القائل هذا بلال بلالاً نفسه (ورأيت) فيها (قصرًا) زاد الترمذي من حديث أنس من ذهب (بفنائه) بكسر الفاء والمدّ ما امتدّ خارجه من جوانبه (جارية فقلت: لمن هذا؟) القصر (فقال) أي الملك ولأبي ذر عن الكشميهني فقالوا أي الملائكة وفي نسخة بالفرع وأصله وصحح عليه فقالت أي الجارية (لعمر) بن الخطاب (فأردت أن أدخله فأنظر إليه) بنصب أنظر (فذكرت غيرتك) بفتح الغين المعجمة وفي الرواية التي في النكاح فأردت أن أدخله فلم يمنعني إلا علمي بغيرتك (فقال عمر): أفديك (بأبي وأمي يا رسول الله أعليك أغار) الأصل أعليها أغار منك فهو من باب القلب.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الفضائل والنسائي في المناقب.
3680 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ قَالَ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا. فَبَكَى عمر وَقَالَ: أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ» ؟.
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم بن أبي مريم الجمحي مولاهم المصري قال: (أخبرنا الليث) بن سعد الإمام (قال: حدّثني) بالإفراد (عقيل) بضم العين ابن خالد (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: بينا) بغير ميم (نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: بينا) بغير ميم أيضًا (أنا نائم رأيتني) أي رأيت نفسي (في الجنة فإذا امرأة تنوضأ إلى جانب قصر) وضوءًا شرعيًا ولا يلزم أن يكون على جهة التكليف أو يؤول بأنها كانت محافظة في الدنيا على العبادة أو لغويًا لتزداد وضاءة وحسنًا، وهذه المرأة هي أم سليم وكانت حينئذٍ في قيد الحياة (فقلت: لمن هذا القصر؟ فقالوا): أي الملائكة (لعمر فذكرت غيرته) بفتح الغين المعجمة مصدر قولك غار الرجل على أهله (فوليت مدبرًا فبكى عمر) لما سمع ذلك سرورًا به وتشوقًا إليه وثبت قوله عمر لأبوي ذر والوقت (وقال: أعليك أغار يا رسول الله).
وهذا الحديث سبق في باب ما جاء في صفة الجنة.
3681 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ أَبُو جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ شَرِبْتُ -يَعْنِي اللَّبَنَ- حَتَّى أَنْظُرُ إِلَى الرِّيِّ يَجْرِي فِي ظُفُرِي -أَوْ فِي أَظْفَارِي- ثُمَّ نَاوَلْتُ عُمَرَ. قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رسول الله، قَالَ: الْعِلْمَ» .
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (محمد بن الصلت) بفتح الصاد المهملة وبعد
اللام الساكنة فوقية (أبو جعفر الكوني) الأسدي قال: (حدّثنا ابن المبارك) عبد الله (عن الزهري) محمد بن مسلم أنه قال: (أخبرني) بالإفراد (حمزة) بالحاء المهملة والزاي (عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(بينا) بغير ميم (أنا نائم شربت) وفي باب فضل العلم من كتاب العلم بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت (يعني اللبن حتى أنظر) بالرفع مصححًا عليه في الفرع وأصله لأبي ذر أنظر بالنصب "إلى الري" بكسر الراء وتشديد الياء التحتية حال كونه (يجري في ظفري) بالإفراد (أو) قال: (في أظفاري) ورؤية الري على طريق الاستعارة كأنه لما جعل الري جسمًا أضاف إليه ما هو من خواص الجسم وهو كونه مرئيًّا، قاله في الفتح (ثم ناولت عمر) وفي العلم ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب (قالوا: فما أولته) أي عبرته ولأبوي ذر والوقت فما أولت بإسقاط الضمير (يا رسول الله؟ قال): أولته (العلم) وذلك من جهة اشتراك العلم واللبن في كثرة النفع فاللبن للغذاء البدني والعلم للغذاء المعنوي، ويأتي مزيد فوائد في باب التعبير إن شاء الله تعالى بعون الله تعالى وفضله وكرمه.
3682 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ سَالِمٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُرِيتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَنْزِعُ بِدَلْوِ بَكْرَةٍ عَلَى قَلِيبٍ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ نَزْعًا ضَعِيفًا وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ. ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا يَفْرِي فَرِيَّهُ، حَتَّى رَوِيَ النَّاسُ وَضَرَبُوا بِعَطَنٍ» . قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: الْعَبْقَرِيُّ عِتَاقُ الزَّرَابِيِّ. وَقَالَ يَحْيَى: الزَّرَابِيُّ الطَّنَافِسُ لَهَا خَمْلٌ رَقِيقٌ. {مَبْثُوثَةٌ} [الغاشية: 16] كَثِيرَةٌ.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن عبد الله بن نمير) بضم النون آخره راء مصغرًا الهمداني الكوفي قال: (حدّثنا محمد بن بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة العبدي أبو عبد الله الكوفي قال: (حدّثنا عبيد الله) بضم العين مصغرًا ابن عمر العمري (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو بكر بن سالم) وثقه العجلي وليس له في البخاري إلا هذا الموضع (عن) أبيه (سالم عن) أبيه (عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(رأيت) بضم الهمزة وكسر الراء (في المنام أني أنزع بدلو بكرة) بإسكان الكاف مصححًا عليه في الفرع وحكى الفتح ودلو مضاف إلى بكرة. وقال في الفتح: بكرة بفتح الموحدة والكاف على المشهور، وحكى بعضهم تثليث الموحدة ويجوز إسكان الكاف على أن المراد نسبة الدلو الى الأنثى من الإبل وهي الشابة أي الدلو التي يستقى بها، وأما بالتحريك فالخشبة المستديرة التي يعلق فيها الدول (على قليب) بقاف مفتوحة فلام مكسورة وبعد التحتية الساكنة موحدة بئر لم تطو (فجاء أبو بكر) الصديق (فنزع) أي أخرج من ماء القليب (ذنوبًا أو ذنوبين) دلوا أو دلوين والشك من
الراوي (نزعًا ضعيفًا) أوّل بقصر مدة خلافته (والله يغفر له) ضعفه (ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت) أي تحولت الدلو في يده (غربًا) دلوًا عظيمًا (فلم أر عبقريًّا) بفتح العين المهملة وسكون الموحدة وفتح القاف وبعد الراء المكسورة تحتية مشددة (يفري فريه) بالفاء الساكنة بعد فتح في الأولى وبالمفتوحة في الثانية (حتى روي الناس وضريوا بعطن) فيه إشارة إلى طول مدة خلافة عمر وكثرة انتفاع الناس بها.
(قال ابن جبير): بالجيم سعيد فيما وصله عبد بن حميد ولأبي ذر ونسبها في الفتح للأصيلي وكريمة وبعض النسخ عن أبي ذر قال ابن نمير: بنون وميم مصغرًا قيل هو محمد بن عبد الله بن نمير شيخ المولف. قال البرماوي كالكرماني: وهو أولى لأنه راوي الحديث (للعبقري عتاق الزرابي). بكسر العين حسانها (وقال يحيى): قال في الفتح: هو ابن زياد الفراء كما في معاني القرآن له وقال: الكرماني هو يحيى بن سعيد القطان لأنه أيضًا راوي الحديث كما سبق في مناقب أبي بكر (الزرابي) هي (الطنافس) جمع طنفسة بكسر الطاء وفتح الفاء وهي البساط (لها خمل) بفتح الخاء المعجمة والميم وفي الفرع كأصله بسكون الميم أي أهداب (رقيق مبثوثة) أي (كثيرة) وهذا الذي قاله في العبقري هو معناه في اللغة، وأما المراد هنا فسيد القوم وغير ذلك مما سبق.
3683 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: ح. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قُمْنَ فَبَادَرْنَ الْحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَ عُمَرُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ؛ فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَاّتِي كُنَّ عِنْدِي، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابِ، قَالَ عُمَرُ: فَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ، أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقُلْنَ: نَعَمْ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِيهًا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ إِلَاّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ» .
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثني) بالإفراد (أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (عن صالح) هو ابن كيسان (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه قال: (أخبرني) بالإفراد (عبد الحميد) بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب (أن محمد بن سعد) بسكون العين (أخبره أن أباه) سعد بن أبي وقاص (قال): وسقط لأبي ذر من قوله حدّثنا علي بن عبد الله إلى قوله أن أباه قال: (حدّثني)
بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي المدني قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (عن صالح) هو ابن كيسان (عن ابن شهاب) الزهري (عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد) أي ابن الخطاب (عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه) رضي الله عنه (قال: استأذن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه وسقط لأبي ذر ابن الخطاب (على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة من قريش يكلمنه) هن من أزواجه لقوله (ويستكثرنه) أي يطلبن منه أكثر مما يعطيهن وفي مسلم أنهن يطلبن النفقة حال كونهن (عالية أصواتهن على صوته) قبل النهي عن رفع الصوت على صوته أو كان ذلك من طبعهن قاله ابن المنير ومن قبله القاضي عياض، وفي الفرع وأصله عالية بالرفع أيضًا على الصفة (فلما استأذن عمر بن الخطاب) سقط ابن الخطاب لأبي ذر (قمن فبادرن الحجاب) أسرعن إليه (فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عمر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك) من فعلهن (فقال عمر: أضحك الله سنّك يا رسول الله) مراده لازم الضحك وهو السرور لا الدعاء بالضحك (فقال النبي صلى الله عليه وسلم):
(عجبت من هؤلاء) النسوة (اللاتي كن عندي) يرفعن أصواتهن (فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب فقال ولأبي ذر: قال (عمر: فأنت أحق أن يهبن) بفتح الأول والثاني من الهيبة يوقرن (يا رسول الله
ثم قال عمر): لهن (يا عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلن: نعم أنت أفظ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم) بمعجمة فيهما من الفظاظة والغلظة بصيغة أفعل التفضيل المقتضية للشركة في أصل الفعل، لكن يعارضه قوله تعالى:{ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك} [آل عمران: 159] وأجيب: بأن الذي في الآية يقتضي نفي وجود ذلك له صفة لازمة له فلا يستلزم ما في الحديث بل مجرد وجود الصفة له في بعض الأحوال كإنكار المنكر مثلاً، وقد كان عليه الصلاة والسلام لا يواجه أحدًا بما يكره إلا في حق من حقوق الله عز وجل، وكان عمر مبالغًا في الزجر عن المكروهات مطلقًا وفي طلب المندوبات كلها فمن ثم قال النسوة له ذلك. (فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إِيهًا يا ابن الخطاب) بكسر الهمزة وسكون التحتية منونًا منصوبًا قال في الفتح: وهي روايتنا أي لا تبتدئنا بحديث، ولأبوي الوقت وذر: إيه بالكسر والتنوين أي حدّثنا ما شئت فكأنه يقول: أقبل على حديث نعهده منك أو على أي حديث كان، وأعرض عن الإنكار عليهن.
وحكى السفاقسي إيه بكسرة واحدة في الهاء وقال: معناه كلف عن لومهن. وقال في القاموس: إيه بكسر الهمزة والهاء وفتحها وتنون المكسورة كلمة استزادة واستنطاق، وإيه بإسكان الهاء جر بمعنى حسبك وإيه مبنية على الكسر فإذا وصلت نونت، وايهًا بالنصب وبالفتح أمر بالسكوت اهـ.
وقال في المصابيح: فإن قلت: قد صرحوا بأن ما نون من أسماء الأفعال نكرة وما لم ينون منها معرفة، فعلى كونها معرفة فمن أي أقسام المعارف هي؟ وأجاب: بأن ابن الحاجب في إيضاحه
على المفصل قال: إنه ينبغي إذا حكم بالتعريف أن تكون أعلامًا مسمياتها الفعل الذي هي بمعناه فتكون علمًا لمفعوليته وإذا حكم بالتنكير أن تكون لواحد من آحاد الفعل الذي يتعدد اللفظ به، واختلف حينئذٍ المعنى بالاعتبارين فصه بدون تنوين كأسامة وبالتنوين كأسد. وقال في شرح المشكاة: لا شك أن الأمر بتوقيره صلى الله عليه وسلم مطلوب لذاته تجب الاستزادة منه فكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إيه استزادة منه في طلب توقيره، وتعظيم جانبه، ولذلك عقبه بما يدل على استرضاء ليس بعده استرضاء إحمادًا منه صلى الله عليه وسلم لفعاله كلها لا سيما هذه الفعلة حيث قال:
(والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكًا فجًّا) بفتح الفاء والجيم المشددة أي طريقًا واسعًا (قط إلا سلك فجًّا غير فجك) أي لشدة بأسه خوفًا من أن يفعل به شيئًا فهو على ظاهره أو هو على طريق ضرب المثل، وأن عمر فارق سبيل الشيطان وسلك سبيل السداد فخالف كل ما يحبه الشيطان قاله عياض. والأول أولى، وهذا لا يقتضي عصمته لأنه ليس فيه إلا فرار الشيطان منه أن يشاركه في طريق يسلكها ولا يمنع ذلك من وسوسته له بحسب ما تصل قدرته إليه.
وهذا الحديث سبق في باب صفة إبليس وجنوده.
3684 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: "مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ". [الحديث 3684 - طرفه في: 3863].
وبه قال: (حدّثنا محمد بن المثنى) العنزي الزمن البصري قال (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن إسماعيل) بن أبي خالد أنه قال: (حدّثنا قيس) هو ابن أبي حازم (قال: قال عبد الله) هو ابن مسعود رضي الله عنه (ما زلنا أعزة) في الدين (منذ) بالنون (أسلم عمر) بن الخطاب رضي الله عنه، وكان إسلامه بعد حمزة بثلاثة أيام بدعوته صلى الله عليه وسلم:"اللهم أعز الإسلام بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب". وعند الترمذي من حديث ابن عمر بإسناد صحيح وصححه ابن حبان "اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر" قال: فكان أحبهما إليه عمر، وعند ابن أبي شيبة من حديث ابن مسعود كان إسلام عمر عزًا وهجرته نصرًا وإمارته رحمة، والله ما استطعنا أن نصلي حول البيت ظاهرين حتى أسلم عمر، وعند ابن سعد من حديث صهيب قال: لما أسلم عمر قال المشركون: انتصب القوم منا.
وحديث الباب أخرجه أيضًا في إسلام عمر.
3685 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: "وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ، فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ -وَأَنَا فِيهِمْ- فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَاّ رَجُلٌ آخِذٌ مَنْكِبِي، فَإِذَا عَلِيٌّ بْن أَبِي طَالِب، فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ، وَقَالَ: مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ. وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، وَحَسِبْتُ أَنِّي كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ
أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ".
وبه قال: (حدّثنا عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك
قال: (حدّثنا عمر بن سعيد) بكسر العين ابن أبي حسين النوفليّ القرشي المكيّ (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن أبي مليكة بضم الميم مصغرًا (أنه سمع ابن عباس يقول: وضع عمر على سريره) بعد أن مات (فتكنفه الناس) بنون مشددة ثم فاء أي أحاطوا به من جميع جوانبه حال كونهم (يدعون) له (ويصلون) عليه (قبل أن يرفع) من الأرض (وأنا فيهم فلم يرعني) أي لم يفزعني ويفجأني (إلا رجل آخذ) بمد الهمزة بوزن فاعل، ولأبي ذر عن الكشميهني: أخذ بصيغة الماضي (منكبي) بالإفراد (فإذا) هو (عليّ) ولأبي ذر: عليّ بن أبي طالب (فترحم على عمر) - رضي الله تعالى عنهما - (وقال): مخاطبًا لعمر (ما خلفت أحدًا أحب إليّ) بنصب أحب في الفزع صفة لأحد ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف (أن ألقى الله بمثل عمله منك) فيه أنه كان لا يعتقد أن لأحد عملاً في ذلك الوقت أفضل من عمل عمر (وايم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله) مدفونًا (مع صاحبيك) يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه في الحجرة الشريفة أو في الجنة (وحسبت أني كنت كثيرًا أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول): بفتح همزة أني مفعول حسبت وبالكسر استئناف تعليلي أي كان على حساب أن يجعلك الله مع صاحبيك سماعي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر).
وهذا الحديث سبق قريبًا في مناقب أبي بكر.
3686 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ بْنِ أَبِي رَوْيَةَ. وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ وَكَهْمَسُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَا حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُحُدٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بِهِمْ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ وَقَالَ: اثْبُتْ أُحُدُ، فَمَا عَلَيْكَ إِلَاّ نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيد» .
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يزيد بن زريع) بضم الزاي وفتح الراء مصغرًا قال: (حدّثنا سعيد) بكسر العين ولأبي ذر سعيد بن أبي عروبة (قال): أي البخاري (وقال لي خليفة): هو ابن خياط أحد مشايخه مذاكرة (حدّثنا محمد بن سواء) بفتح السين وتخفيف الواو ممدود الضرير السدوسي المتوفى سنة سبع وثمانين ومائة (وكهمس بن المنهال) بفتح الكاف وسكون الهاء وفتح الميم بعدها سين مهملة، والمنهال بكسر الميم وسكون النون السدوسي أيضًا (قالا: حدّثنا سعيد) هو ابن أبي عروبة المذكور وسقط قوله وقال لي خليفة الخ في رواية أبي ذر في بعض النسخ واقتصر على طريق يزيد بن زريع كما نبه عليه في الفتح (عن قتاة) بن دعامة (عن أنس بن مالك رضي الله عنه) أنه (قال: صعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أُحد) ولأبي ذر أُحدًا بإسقاط إلى (ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف) أي اضطرب (بهم) أحد (فضربه) صلى الله عليه وسلم (برجله) وفي اليونينية
وفرعها علامة السقوط من غير عزو على فضربه برجله (قال) ولأبي ذر: وقال:
(أثبث أحد) أي يا أحد وسقط لفظ أحد لأبي ذر (فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد) بالألف والواو فيهما فقيل أو بمعنى الواو لقوله في مناقب الصديق: فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان، فيكون لفظ أو شهيد بالألف هنا بالإفراد للجنس، ولأبي ذر: وصديق بالواو أو شهيد بالألف قبل الواو فقيل أو بمعنى الواو أيضًا، وقيل تغيير الأسلوب للإشعار بمغايرة الحال لأن النبوّة والصديقية حاصلتان بخلاف الشهادة فإنها لم تكن وقعت حينئذٍ فالأوّلان حقيقة والثالث مجاز وفي نسخة عليها علامة السقوط لأبي ذر بالفرع وأصله شهيدان بالتثنية.
وهذا الحديث قد سبق في مناقب الصديق.
3687 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "سَأَلَنِي ابْنُ عُمَرَ عَنْ بَعْضِ شَأْنِهِ -يَعْنِي عُمَرَ- فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حِينَ قُبِضَ كَانَ أَجَدَّ وَأَجْوَدَ حَتَّى انْتَهَى مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ".
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن سليمان) الجعفي الكوفي سكن مصر (قال: حدّثني) بالإفراد (ابن وهب) عبد الله المصري (قال: حدّثني) بالإفراد أيضًا (عمر هو ابن محمد) أي ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب (أن زيد بن أسلم حدثه عن أبيه) أسلم مولى عمر بن الخطاب (قال: سألني ابن عمر) بن الخطاب (عن بعض شأنه يعني) عن بعض شأن أبيه (عمر) رضي الله عنه (فأخبرته فقال): أي ابن عمر (ما رأيت أحدًا قط بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم) في هذه الخصال (من حين قبض) عليه الصلاة والسلام بفتح نون حين في الفرع مصححًا عليها على البناء لإضافته إلى مبني وليس البناء هنا متحتمًا وإنما هو أولى من الإعراب قاله في المصابيح (كان أجدّ) بفتح الجيم
وتشديد الدال المهملة أفعل تفضيل من جدّ إذا اجتهد في الأمور (وأجود) أفعل من الجود بالأموال (حتى انتهى) إلى آخر عمره (من عمر بن الخطاب) أي في مدة خلافته لا قبلها.
3688 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ السَّاعَةِ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ: لَا شَىْءَ، إِلَاّ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَىْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ» . [الحديث 3688 - أطرافه في: 6167، 6171، 7153].
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواضحي قال: (حدّثنا حماد بن زيد) أي ابن درهم
الجهضمي (عن ثابت) البناني (عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً) هو ذو الخويصرة وقيل أبو موسى الأشعري (سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال: متى الساعة؟) تقوم (قال) عليه الصلاة والسلام له:
(وماذا أعددت لها) قال: الطيبي: سلك مع السائل أسلوب الحكيم لأنه سأل عن وقت الساعة (قال) الرجل (لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم) سقطت التصلية لأبي ذر (فقال) ولأبي ذر قال عليه الصلاة والسلام له: (أنت مع من أحببت). يحسن نيتك من غير زيادة عمل في الجنة أي بحيث يتمكن كل واحد منهما من رؤية الآخر وإن بعد المكان لأن الحجاب إذا زال شاهد بعضهم بعضًا وإذا أرادوا الرؤية والتلاقي قدروا على ذلك هذا هو المراد من هذه المعية لا كونهما في درجة واحدة.
(قال أنس: فما فرحنا بشيء) بكسر الراء بصيغة الماضي (فرحنا) بفتح الراء والحاء مصدر أي كفرحنا وانتصابه بنزع الخافض (بقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت مع من أحببت. قال أنس: فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم).
3689 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ كَانَ فِيمَا قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ ناسٌ مُحَدَّثُونَ، فَإِنْ يَكُ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَإِنَّهُ عُمَرُ» زَادَ زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ رِجَالٌ يُكَلَّمُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ، فَإِنْ يَكُنْ مِنْ أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَعُمَرُ» .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما "مِن نبيٍّ وَلَا مُحَدِّثٍ".
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن قزعة) بفتح القاف والزاي والعين المهملة الحجازي المدني قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه) سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (عن أبي هريرة رضي الله عنه) أنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم): (لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدّثون) بتشديد الدال المهملة المفتوحة أي ملهمون أو يلقى في روعهم الشيء قبل الإعلام به فيكون كالذي حدثه غيره به أو يجري الصواب على لسانهم من غير قصد، ولأبي ذر: ناس محدّثون (فإن يكن في أمتي أحد) منهم (فإنه عمر) بن الخطاب (زاد زكريا بن أبي سلمة عن أبي هريرة) أنه (قال: قال النبي) ولأبي ذر رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (لقد كان فيمن كان قبلكم) ولأبي ذر: لقد كان قبلكم (من بني إسرائيل رجال يكلمون) بفتح اللام المشددة تكلمهم الملائكة (من غير أن يكونوا أنبياء) أو المعنى يكلمون في أنفسهم وإن لم يروا متكلفًا في الحقيقة وحينئذٍ فيرجع إلى الإلهام (فإن يكن من) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي في (أمتي منهم أحد فعمر) وثبت لأبي ذر عن الكشميهني لفظ منهم وليس قوله فإن يكن للترديد بل للتأكيد كقولك: إن يكن لي صديق ففلان إذ المراد اختصاصه بكمال الصداقة لا نفي الأصدقاء، وإذا
ثبت أن هذا وجد في غير هذه الأمة المفضولة فوجوده في هذه الأمة الفاضلة أحرى.
(قال ابن عباس رضي الله عنهما: من نبي ولا محدث) بفتح الدال المشدّدة، وقد ثبت قول ابن عباس هذا لأبي ذر وسقط لغيره، ووصله سفيان بن عيينة في أواخر جامعه وعبد بن حميد بلفظ كان ابن عباس يقرأ:{وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث} [الحج: 52].
3690 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا: سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَمَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا الذِّئْبُ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَطَلَبَهَا حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَالَ لَهُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي؟ فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: فَإِنِّي أُومِنُ بِهِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَمَا ثَمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» .
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام قال: (حدّثنا عقيل) بضم العين مصغرًا ابن خالد (عن ابن شهاب) الزهري (عن سعيد بن المسيب) المخزومي القرشي أحد العلماء الإثبات (وأبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف أنهما (قالا: سمعنا أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(بينما) بالميم (راع) لم يسم (في غنمه عدا الذئب) بالعين المهملة في عدا (فأخد منها شاة فطلبها) أي الراعي (حتى استنقذها) منه (فالتفت إليه الذئب فقال له من لها) أي للغنم (يوم السبع) بضم الموحدة أو بسكونها الحيوان المعروف (ليس لها) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي لهذا بدل لها، وفي الرواية السابقة في فضل أبي بكر وغيرها
يوم ليس لها (راع) يرعاها (غيري) أي عند الفتن حين يتركها الناس هملا (فقال الناس) متعجبين من نطقه (سبحان الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فإني أومن به) بالنطق الصادر من الذئب والفاء جواب شرط محذوف أي فإذا كان الناس يستغربونه ويتعجبون منه فإني لا أستغربه وأومن به (و) كذا (أبو بكر وعمر وما ثم) بفتح المثلثة (أبو بكر وعمر) ولم يذكر هنا قصة البقرة المذكورة في رواية بني إسرائيل كفضل أبي بكر.
3691 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا عَلَىَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ اجْتَرَّهُ. قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الدِّينَ» .
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) المخزومي مولاهم المصري واسم أبيه عبد الله قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (أبو أمامة) أسعد (بن سهل بن حنيف) بضم الحاء مصغرًا (عن
أبي سعيد) سعد بن مالك (الخدري) بالدال المهملة (رضي الله عنه) أنه (قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول):
(بينا) بغير ميم (أنا نائم رأيت الناس) من الرؤيا الحلمية على الأظهر أو البصرية حال كونهم (عرضوا علي وعليهم قمص) بضم القاف والميم جمع قميص والواو للحال (فمنها) أي القمص (ما) أي الذي (يبلغ الثدي) بضم المثلثة وكسر الدال المهملة وتشديد التحتية جمع ثدي ولغير أبي ذر الثدي بفتح فسكون على الإفراد (ومنها ما يبلغ دون ذلك) فلم يصل إلى الثدي (وعرض علي عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (وعليه قميص اجتره) بهمزة وصل وسكون الجيم أي لطوله (قالوا) أي من حضر من الصحابة أو الصديق كما يأتي إن شاء الله تعالى في التعبير (فما أوّلته) أي عبرته (يا رسول الله؟ قال): أوّلته (الدين) لأن الدين يشمل الإنسان ويحفظه ويقيه المخالفات كوقاية الثوب وشموله ولا يلزم منه أفضلية عمر على أبي بكر، فلعل الذين عرضوا لم يكن فيهم أبو بكر، وكون عمر عليه قميص يجره لا يستلزم أن لا يكون على أبي بكر أطول منه.
وهذا الحديث سبق في الإيمان في باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال.
3692 -
حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: "لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَعَلَ يَأْلَمُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ -وَكَأَنَّهُ يُجَزِّعُهُ-: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَئِنْ كَانَ ذَاكَ، لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهْوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ أَبَا بَكْرٍ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهْوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ صَحَبَتَهُمْ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُمْ، وَلَئِنْ فَارَقْتَهُمْ لَتُفَارِقَنَّهُمْ وَهُمْ عَنْكَ رَاضُونَ. قَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرِضَاهُ فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَنَّ بِهِ عَلَيَّ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ وَرِضَاهُ فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ مَنَّ بِهِ عَلَيَّ، وَأَمَّا مَا تَرَى مِنْ جَزَعِي فَهْوَ مِنْ أَجْلِكَ وَأَجْلِ أَصْحَابِكَ. وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِي طِلَاعَ الأَرْضِ ذَهَبًا لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عز وجل قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ".
قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ" بِهَذَا.
وبه قال: (حدّثنا الصلت بن محمد) بفتح الصاد المهملة وسكون اللام بعدها فوقية الخاركي بالخاء المعجمة والراء المكسورة البصري قال: (حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم) هو ابن علية قال: (حدّثنا أيوب) السختياني (عن ابن أبي مليكة) عبد الله (عن المسور بن مخرمة) بكسر الميم وسكون السين المهملة في الأوّل وبفتح الميم وسكون الخاء المعجمة في الثاني أنه (قال: لما طعن عمر) رضي الله عنه، وكان الذي طعنه أبا لؤلؤة عبد المغيرة بن شعبة في خاصرته وهو في صلاة الصبح يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين (جعل يألم) بتحتية بعدها همزة ساكنة (فقال له ابن عباس وكأنه يجزعه) بضم التحتية وفتح الجيم وتشديد الزاي المكسورة أي يزيل جزعه (يا
أمير المؤمنين ولئن كان ذاك) بغير لام ولأبي ذر عن الكشميهني كما في الفرع وأصله ولا كل ذلك بلا النافية وإسقاط كان وزيادة كل وذلك باللام وللكشميهني ذاك بإسقاط اللام أي لا تبالغ فيما أنت فيه من الجزع، ونسب هذه الكرماني إلى بعض روايات غير البخاري، وتبعه البرماوي فلم يقفا عليها معزوّة للكشميهني ولبعضهم كما في الفتح كالكواكب ولما كان ذلك، وكأنه دعا أن لا يكون الموت بتلك الطعنة أو لا يكون ما تخافه. (لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته ثم فارقته) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ثم فارقت بحذف الضمير (وهو) صلى الله عليه وسلم (عنك راض، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته ثم فارقته) ولأبي ذر فارقت (وهو) رضي الله عنه (عنك راض، ثم صحبت صحبتهم) بفتح الصاد والحاء والموحدة جمع صاحب ومراده أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر.
قال في الفتح: وفيه نظر لأنه أتى بصيغة الجمع موضع التثنية، واعترضه العيني فقال: لا يتوجه النظر فيه أصلاً بل الموضع موضع جمع لأن المراد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر. وأجاب في الانتقاض بأنه مسلم أن أصحاب صيغة جمع لكن لم يضف إلى هذا الجمع إلا اثنان وهو النبي -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر فالنظر موجه انتهى.
وقال عياض: أو تكون صحبت زائدة، وللمروزي والجرجاني كما في هامش الفرع واليونينية ثم صحبتهم أي المسلمين وهي التي بدأ بها في الفتح وعزا الرواية الأولى لرواية بعضهم ورجح هذه الأخيرة عياض (فأحسنت صحبتهم ولئن فارقتهم لتفارقنهم) بالنون المشدّدة (وهم عنك راضون. قال): عمر لابن عباس ولأبي ذر فقال: (أما ما ذكرت من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم) لي (ورضاه) عني (فإنما ذاك) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فإن ذلك بإسقاط ما وزيادة لام قبل الكاف (من) بفتح الميم وتشديد النون عطاء (من الله تعالى). وفي نسخة جل ذكره وسقط هذا ولفظ تعالى لأبي ذر (منّ به علي، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذلك منّ من الله جل ذكره منّ به علي) وسقط لفظ جل ذكره لأبي ذر (وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل) ولأبي الوقت ومن أجل (أصحابك) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: أصيحابك بضم الهمزة مصغرًا خاف الفتنة عليهم بعده (والله لو أن لي طلاع الأرض) بكسر الطاء وتخفيف اللام أي ملأها (ذهبًا لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه) أي العذاب والهمزة مفتوحة.
وعند أبي حاتم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه دخل على عمر حين طعن فقال: أبشر يا أمير المؤمنين أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كفر الناس، وقاتلت معه حين خذله الناس ولم يختلف في خلافتك رجلان، وقتلت شهيدًا. فقال: أعد فأعاد. فقال: المغرور من غررتموه لو أن لي ما على ظهرها من بيضاء وصفراء لافتديت به من هول المطلع، وإنما قال ذلك لغلبة الخوف الذي وقع له حينئذٍ من التقصير فيما يجب عليه من حقوق الرعية ومن الفتنة بمدحهم.
(قال حماد بن زيد): مما وصله الإسماعيلي (حدّثنا أيوب) السختياني (عن ابن أبي مليكة) عبد الله (عن ابن عباس رضي الله عنهما) أنه قال: (دخلت على عمر بهدا) الحديث السابق ولم
يذكر المسور بن مخرمة فيحتمل كما قال في الفتح أن يكون محفوظًا عن الاثنين، ويأتي مزيد لفوائد هذا الحديث إن شاء الله تعالى في آخر مناقب عثمان.
3693 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَفَتَحْتُ لَهُ، فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ فَبَشَّرْتُهُ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَحَمِدَ اللَّهَ. ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، فَفَتَحْتُ لَهُ فَإِذَا هُوَ عُمَرُ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَحَمِدَ اللَّهَ. ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ، فَقَالَ لِي: افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ فَإِذَا عُثْمَانُ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ» .
وبه قال: (حدّثنا يوسف بن موسى) بن راشد القطان قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (قال: حدّثني) بالإفراد (عثمان بن غياث) بكسر الغين المعجمة وتخفيف التحتية وبعد الألف مثلثة الباهلي فيما قيل البصري قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد (أبو عثمان) عبد الرحمن (النهدي) بفتح النون (عن أبي موسى) الأشعري (رضي الله عنه) أنه (قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حائط) بستان (من حيطان المدينة) من بساتينها (فجاء رجل فاستفتح فقال النبي صلى الله عليه وسلم) أي بعد أن استأذنته.
(افتح له وبشره بالجنة)(ففتحت له فإذا أبو بكر) الصديق رضي الله عنه (فبشرته بما قال النبي) ولأبوي ذر والوقت رسول الله (صلى الله عليه وسلم). وهو بشره بالجنة (فحمد الله) عز وجل على ذلك (ثم جاء رجل فاستفتح فقال النبي صلى الله عليه وسلم): (افتح له وبشره بالجنة)(ففتحت له فإذا هو عمر) بن الخطاب رضي الله عنه وسقط لفظ هو لأبي ذر (فأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم) بشره بالجنة (فحمد الله) على ذلك (ثم استفتح رجل فقال لي) صلى الله عليه وسلم: (افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه) هي قتله في الدار (فإذا عثمان فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله) تعالى عليه (ثم قال: الله المستعان) اسم مفعول أي على ما أنذر به صلى الله عليه وسلم فإن ما أخبر به من البلاء يصيبني لا محالة فبالله أستعين على مرارة الصبر عليه وشدة مقاساته.
وهذا الحديث قد مر في مناقب أبي بكر رضي الله عنه.
3694 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ". [الحديث 3694 - طرفاه في: 6264، 6632].
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن سليمان) الجعفي الكوفي سكن مصر (قال: حدّثني) بالإفراد
(ابن وهب) عبد الله المصري (قال: أخبرني) بالإفراد (حيوة) بفتح الحاء المهملة وسكون التحتية