الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجهي) فلم ألتفت يمينًا ولا شمالاً (حتى أركتهم وقد أخذوا يستقون من الماء فجعلت أرميهم بنبلي) بفتح النون (وكنت راميًا وأقول: أنا ابن الأكوع
…
اليوم) ولأبي ذر وابن عساكر: واليوم (يوم الرضع) أي يوم هلاك اللئام (وأرتجز) بذلك أو بغيره (حتى استنقذت اللقاح) كلها (منهم واستلبت منهم ثلاثين بردة. قال: وجاء النبي صلى الله عليه وسلم والناس) وكان قد خرج عليه السلام إليهم غداة الأربعاء في خمسمائة أو سبعمائة (ففلت) له: (يا نبي الله قد حميت القوم الماء) بفتح ميم حميت أي منعتهم من شربه (وهم عطاش فابعث إليهم الساعة) وعند ابن سعد فلو بعثني في مائة رجل استنقذت ما بأيديهم من السرح وأخذت بأعناق القوم (فقال) عليه الصلاة والسلام:
(يا ابن الأكوع ملكت) أي قدرت عليهم (فاسجح) بهمزة قطع مفتوحة وسكون السين
المهملة وبعد الجيم المكسورة حاء مهملة أي فارفق ولا تأخذ بالشدة (قال: ثم رجعنا) إلى المدينة (ويردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته) العضباء (حتى دخلنا المدينة) زاد هنا أبوا ذر والوقت وابن عساكر قال شعبة إلى قوله باب قصة عكل المذكور قبل آخر الباب.
38 - باب غَزْوَةُ خَيْبَرَ
(باب غزوة خيبر) وهي مدينة ذات حصون ومزارع على ثمانية برد من المدينة إلى جهة الشام وسقط لفظ باب لأبي ذر.
4195 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَامَ خَيْبَرَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ وَهْيَ مِنْ أَدْنَى خَيْبَرَ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَعَا بِالأَزْوَادِ فَلَمْ يُؤْتَ إِلَاّ بِالسَّوِيقِ فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّيَ فَأَكَلَ وَأَكَلْنَا ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمَغْرِبِ فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك) إمام دار الهجرة (عن يحيى بن سعيد) الأنصاري (عن بشير بن يسار) بضم الموحدة وفتح المعجمة مصغرًا ويسار بالتحتية والمهملة المخففة (أن سويد بن النعمان أخبره أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر) سنة سبع (حتى إذا كنا بالصهباء) بالصاد المهملة والمد (وهي من أدنى) أي من أسفل (خيبر صلّى العصر ثم دعا بالأزواد) جمع زاد وهو ما يؤكل في السفر (فلم يؤت إلا بالسويق فأمر) عليه الصلاة والسلام (به فثري) بضم المثلثة وتشديد الراء وتخفف أي بلّ بالماء لما حصل له من اليبس (فأكل) عليه الصلاة والسلام (وأكلنا) منه وزاد في الجهاد وشربنا (ثم قام الى) صلاة (المغرب فمضمض) قبل أن يدخل في الصلاة (ومضمضنا) كذلك (ثم صلّى ولم يتوضأ) بسبب أكل السويق.
وهذا الحديث سبق في الوضوء ويأتي إن شاء الله تعالى في الطعام.
4196 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَيْبَرَ فَسِرْنَا لَيْلاً فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرٍ: يَا عَامِرُ أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ؟ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلاً شَاعِرًا فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا
…
وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا أَبْقَيْنَا
…
وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
…
إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا
وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ هَذَا السَّائِقُ» ؟ قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ قَالَ: «يَرْحَمُهُ اللَّهُ» قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَا هَذِهِ النِّيرَانُ؟ عَلَى أَيِّ شَىْءٍ تُوقِدُونَ» ؟ قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ. قَالَ: «عَلَى أَيِّ لَحْمٍ» ؟ قَالُوا: لَحْمِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا قَالَ: «أَوْ ذَاكَ» فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ قَالَ: فَلَمَّا قَفَلُوا قَالَ سَلَمَةُ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِي قَالَ: «مَا لَكَ» ؟ قُلْتُ لَهُ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «كَذَبَ مَنْ قَالَهُ إِنَّ لَهُ لأَجْرَيْنِ -وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ- إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ» . حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ قَالَ: نَشَأَ بِهَا.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي قال: (حدّثنا حاتم بن إسماعيل) المدني الحارثي مولاهم (عن يزيد بن أبي عبيد) الأسلمي مولى سلمة بن الأكوع (عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه) أنه (قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فسرنا ليلاً فقال رجل من القوم): هو أسيد بن حضير (لعامر) عم سلمة بن الأكوع (يا عامر ألا تسمعنا من هنيهاتك) بهاءين أولاهما مضمومة بعدها نون مفتوحة فتحتية ساكنة مصغر هنة، ولأبي ذر عن الكشميهني: هنياتك بهاء واحدة مضمومة وتشديد التحتية أي من أراجيزك. وعند ابن إسحاق من حديث نصر بن دهر الأسلمي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مسيره إلى خيبر لعامر بن الأكوع وهو عم سلمة بن الأكوع واسم الأكوع سنان: "أنزل يا ابن الأكوع فاحد لنا من هنياتك" ففيه أنه صلى الله عليه وسلم هو الذي أمره بذلك (وكان عامر رجلاً شاعرًا) ولأبي ذر عن الكشميهني حدّاء (فنزل يحدو بالقوم يقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا
…
ولا تصدقنا ولا صلينا)
قال في الفتح: في هذا القسم زحاف الخزم بمعجمتين وهو زيادة سبب خفيف في أوله، وأكثر هذا الرجز قد تقدم في الجهاد من حديث البراء بن عازب وأنه من شعر عبد الله بن رواحة، فيحتمل أن يكون هو وعامر تواردا على ما تواردا منه بدليل ما وقع لكل منهما مما ليس عند الآخر أو استعان عامر ببعض ما سبقه إليه ابن رواحة.
(فاغفر فداء لك) بكسر الفاء والمد والمخاطب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أي اغفر لنا تقصيرنا في حقك ونصرك إذ لا يتصور أن يقال: مثل هذا الكلام للباري تعالى، وقوله: اللهم لم يقصد
بها الدعاء وإنما افتتح بها الكلام (ما أبقينا
…
) من الإبقاء بالموحدة أي ما خلفنا وراءنا مما اكتسبناه من الآثام، ولأبي ذر: ما اتقينا بالفوقية المشدّدة أي ما تركناه من الأوامر (وألقين) أي وسل ربك أن يلقين (سكينة علينا
…
وثبث الأقدام) أي وأن تثبت الأقدام (إن لاقينا
…
) العدو (إنا إذا
صيح) بكسر الصاد المهملة وتسكين التحتية (بنا) أي إذا دعينا إلى غير الحق (أبينا
…
) أي امتنعنا ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني أتينا بالفوقية بدل الموحدة أي إذا دعينا إلى القتال أو إلى الحق جئنا (وبالصياح عوّلوا علينا
…
) أي وبالصوت العالي قصدونا واستغاثوا علينا، وفي نسخة بالفرع كأصله أعولوا علينا (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(من هذا السائق)؟ للإبل (قالوا): يا رسول الله (عامر بن الأكوع قال) عليه الصلاة والسلام: (يرحمه الله) وعند أحمد من رواية إياس بن سلمة فقال: غفر لك ربك قال: وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان يخصه إلا استشهد (قال رجل من القوم): هو عمر بن الخطاب كما في مسلم (وجبت) له الشهادة بدعائك له (يا نبي الله لولا) أي هلا (أمتعتنا به) أبقيته لنا لنتمتع به (فأتينا خيبر) أي أهل خيبر (فحاصرناهم حتى أصابتنا مخمصة) مجاعة (شديدة ثم إن الله تعالى فتحها عليهم) حصنًا حصنًا وكان أولها فتحًا حصن ناعم (فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم أوقدوا نيرانًا كثيرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما هذه النيران على أي شيء توقدونـ) ـها (قالوا): نوقدها (على لحم قال: على أيّ لحم)؟ أي نوع اللحوم توقدونها (قالوا: لحم الحمر الإنسية) بكسر الهمزة وسكون النون أو بفتح الهمزة والنون صفة حمر ولحم جر في الفرع كأصله ولأبي ذر بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي هو لحم حمر ويجوز النصب بنزع الخافض أي على لحم حمر وهو بضمتين جمع حمار (قال النبي صلى الله عليه وسلم: أهريقوها) بهمزة مفتوحة وسكون الهاء ولأبي ذر وابن عساكر هريقوها أي أريقوها والهاء زائدة (واكسروها فقال رجل): لم يسم أو هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه (يا رسول الله أو) بسكون الواو (نهريقها) بضم النون (ونغسلها قال) عليه الصلاة والسلام: (أو) بسكون الواو (ذاك) أي الغسل (فلما تصافّ القوم) بتشديد الفاء أي للقتال (كان سيف عامر) أي ابن الأكوع (قصيرًا فتناول به ساق يهودي ليضربه) به (ويرجع ذباب سيفه) أي طرفه الأعلى أو حدّه (فأصاب عين ركبة عامر) أي طرف ركبته الأعلى، وعند أحمد فلما قدمنا خيبر خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه فبرز له عامر فاختلفا ضربتين فوقع سيف مرحب في ترس عامر فذهب عامر يسفل له أي يضربه من أسفل فرجع سيف عامر على نفسه (فمات منه قال: فلما قفلوا) رجعوا من خيبر (قال سلمة) بن الأكوع: (رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيدي) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي يدي بإسقاط الجار (قال: ما لك)؟ وعند قتيبة رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم شاحبًا بمعجمة ثم مهملة وموحدة أي متغير اللون، ولإياس: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي (قلت له: فداك أبي وأمي زعموا أن عامرًا حبط عمله) لأنه قتل نفسه وفي رواية إياس بطل عمل عامر قتل نفسه وسمى من القائلين أسيد بن حضير في رواية قتيبة الآتية في الأدب (قال النبي صلى الله عليه وسلم: كذب من قاله إن) ولأبي ذر: إن (له لأجرين) أجر الجهد في الطاعة وأجر الجهاد في سبيل الله واللام للتأكيد ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أجرين بإسقاطها (وجمع) عليه الصلاة والسلام (بين إصبعيه إنه لجاهد) مرتكب للمشقة واللام للتأكيد (مجاهد) في سبيل الله بكسر الهاء والتنوين فيهما بلفظ اسم الفاعل والأول مرفوع على الخبر والثاني اتباع للتأكيد كقولهم جادّ مجدّ، ولأبي ذر عن الحموي
والمستملي مما ليس في اليونينية جاهد بفتح الهاء والدال بلفظ الماضي. قال عياض: والأول الوجه.
قال في التنقيح، وتبعه في المصابيح بفتح الهاء في الأول ماضيًا وكسرها في الثاني اسمًا منصوبًا بذلك الفعل
جميعًا لمجهد (قلّ عربي مشى) بالميم والقصر (بها) بالأرض أو المدينة أو الحرب أو الخصلة (مثله) أي مثل عامر. قال القاضي عياض: وأثر رواة البخاري عليه، وقال المؤلّف أيضًا.
(حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا حاتم) بالحاء المهملة ابن إسماعيل المذكور في السند السابق و (قال): في حديثه (نشأ) بالنون بدل الميم وبالهمزة آخره نعل ماض أي شب (بها) وكبر فخالف في هذه اللفظة، وهذه الرواية موصولة عند المؤلّف في الأدب.
4197 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى خَيْبَرَ لَيْلاً وَكَانَ إِذَا أَتَى قَوْمًا بِلَيْلٍ لَمْ يُغِرْ بِهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتِ الْيَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ» .
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن حميد الطويل عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى خيبر) أي قريبًا منها (ليلاً وكان إذا أتى قومًا بليل) ليغزوهم (لم يُغِز بهم) بكسر الغين المعجمة من الإغارة وللأربعة لم يقربهم بالقاف من القرب (حتى يصبح فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم) بسكون الياء (ومكاتلهم) قففهم يطلبون زرعهم (فلما رأوه) عليه الصلاة والسلام (قالوا): جاء (محمد والله محمد والخميس) الجيش (فقال النبي صلى الله عليه وسلم) بما علمه من الوحي:
(خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين).
وهذا الحديث سبق في الجهاد في باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام.
4198 -
أَخْبَرَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: صَبَّحْنَا خَيْبَرَ بُكْرَةً فَخَرَجَ أَهْلُهَا بِالْمَسَاحِي فَلَمَّا بَصُرُوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ» فَأَصَبْنَا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ» .
وبه قال: (أخبرنا) ولأبي ذر حدّثنا (صدقة بن الفضل) المروزي قال: (أخبرنا ابن عيينة) سفيان قال: (حدّثنا أيوب) السختياني (عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه) أنه (قال: صبحنا خيبر) بتشديد الموحدة وسكون المهملة (بكرة) استشكل مع الرواية السابقة أنهم قدموها ليلاً. وأجيب: بالحمل على أنهم لما قدموها وباتوا دونها ركبوا إليها بكرة فصبحوها بالقتال
والإغارة (فخرج أهلها) لزروعهم وضروعهم (بالمساحي) التي هي آلات الحرث (فلما بصروا بالنبي صلى الله عليه وسلم قالوا): هذا (محمد والله) هذا (محمد والخميس) رفع عطفًا على المرفوع أو نصب مفعولاً معه (فقال النبي صلى الله عليه وسلم):
(الله أكبر خربت خيبر) تفاؤلاً بآلة الهدم مع لفظ المسحاة المأخوذ من سحوت المأخوذ منه أن مدينتهم ستخرب قاله السهيلي (إنا إذا نزلنا بساحة قوم) بقربهم وحضرتهم (فساء صباح المنذرين) أي بئس الصباح صباح من أنذر بالعذاب (فأصبنا من لحوم الحمر فنادى منادي النبي) وفي نسخة رسول الله (صلى الله عليه وسلم: إن الله ورسوله ينهياكم) استدلّ به على جواز جمع اسم الله مع غيره في ضمير واحد ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ينهاكم بالإفراد (عن) أكل (لحوم الحمر) الأهلية (فإنها رجس) قذر ونتن.
4199 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ: أُكِلَتِ الْحُمُرُ؟ فَسَكَتَ. ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: أُكِلَتِ الْحُمُرُ؟ فَسَكَتَ. ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ أُفْنِيَتِ الْحُمُرُ؟ فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي النَّاسِ: "إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ" فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ.
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدثني بالإفراد (عبد الله بن عبد الوهاب) الحجبي البصري قال: (حدّثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي قال: (حدّثنا أيوب) السختياني (عن محمد) أي ابن سيرين (عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه جاء) بالهزة منوّنًا لم يسم، ولأبي ذر: جاي بالتحتية منوّنًا بدلاً من الهمز والذي في اليونينية جاءي بهمزة ثم تحتية منوّنة (فقال): يا رسول الله (أكلت الحمر) بضم الهمزة مبنيًا للمفعول (فسكت) عليه الصلاة والسلام (ثم أتاه) ولأبي ذر ثم أتى (الثانية فقال): يا رسول الله (أكلت الحمر فسكت) عليه الصلاة والسلام (ثم أتاه) ولأبي ذر ثم أتى (الثالثة فقال: أفنيت الحمر فأمر مناديًا) هو أبو طلحة (فنادى في الناس: إن الله ورسوله ينهيانكم) بتثنية الضمير نهي تحريم (عن لحوم الحمر الأهلية) فإنها رجس (فأكفئت القدور) بضم الهمزة وسكون الكاف وكسر الفاء وهمزة مفتوحة قيل الصواب فكفئت بإسقاط الهمزة الأولى (وإنها لتفور باللحم) أي قد اشتد غليانها به.
4200 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ قَرِيبًا مِنْ خَيْبَرَ بِغَلَسٍ ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ» فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ فَقَتَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُقَاتِلَةَ، وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ. وَكَانَ فِي السَّبْيِ صَفِيَّةُ فَصَارَتْ إِلَى دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ لِثَابِتٍ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ آنْتَ قُلْتَ لأَنَسٍ مَا أَصْدَقَهَا؟ فَحَرَّكَ ثَابِتٌ رَأْسَهُ تَصْدِيقًا لَهُ.
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: (حدّثنا حماد بن زيد) أي ابن درهم (عن ثابت) البناني (عن أنس رضي الله عنه) أنه (قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبح قريبًا من خيبر بغلس) في أول وقتها ذكر ابن إسحاق أنه نزل بواد يقال له الرجيع بينهم وبين غطفان لئلا يمدوهم وكانوا حلفاءهم
(ثم قال) عليه الصلاة والسلام لما أشرف على خيبر:
(الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين) المخصوص بالذم محذوف أي فساء صباح المنذرين صباحهم (فخرجوا) أي يهود خيبر حال كونهم (يسعون في السكك) أي في أزقة خيبر ويقولون: محمد والخميس فقاتلهم عليه الصلاة والسلام حتى ألجأهم إلى قصرهم فصالحوه على أن له صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة ولهم ما حملت ركابهم، وعلى أن لا يكتموا ولا يغيبوا شيئًا فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد فغيبوا مسكًا لحيي بن أخطب فيه حليهم فقال عليه الصلاة والسلام:"أين مسك حيي بن أخطب" قالوا: أذهبته الحروب والنفقات فوجدوا المسك (فقتل النبي صلى الله عليه وسلم المقاتلة) بكسر التاء الأولى أي الرجال (وسبى الذرية وكان في السبي صفية) بنت حيي (فصارت إلى دحية الكلبي ثم صارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم) فتزوجها (فجعل عتقها صداقها) خصوصية له عليه الصلاة والسلام (فقال عبد العزيز بن هيب لثابت: يا أبا محمد آنت) بمد الهمزة (قلت لأنس ما أصدقها) عليه الصلاة والسلام (فحرّك ثابت رأسه تصديقًا له).
وهذا الحديث سبق في صلاة الخوف في باب التكبير والغلس.
4201 -
حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ: سَبَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَقَالَ ثَابِتٌ لأَنَسٍ: مَا أَصْدَقَهَا؟ قَالَ: أَصْدَقَهَا نَفْسَهَا فَأَعْتَقَهَا.
وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عبد العزيز بن صهيب) أنه (قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: سبى النبي صلى الله عليه وسلم صفية) سيدة قريظة والنضير وعند ابن إسحاق أنها سبيت من حصن القموص (فأعتقها وتزوجها) بغير مهر قال ابن الصلاح: معناه أن العتق حل محل الصداق وإن لم يكن صداقًا (فقال): ولأبي ذر قال: (ثابث) البناني (لأنس: ما أصدقها؟ قال: أصدقها نفسها فأعتقها). وهذا ظاهر جدًّا في أن المجعول مهرًا هو نفس العتق وهو من خصائصه وممن جزم بذلك الماوردي.
4202 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَسْكَرِهِ، وَمَالَ الآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إِلَاّ اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ، فَقِيلَ مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلَانٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ» فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا صَاحِبُهُ، قَالَ: فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ
مَعَهُ قَالَ: فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ سَيْفَهُ بِالأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: «وَمَا ذَاكَ» ؟ قَالَ: الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ فَقُلْتُ أَنَا لَكُمْ بِهِ، فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ:«إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهْوَ مِنَ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» .
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا يعقوب) بن عبد الرحمن الإسكندراني (عن أبي حازم) سلمة بن دينار (عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون) أي في خيبر كما في حديث أبي هريرة اللاحق لهذا الحديث (فاقتتلوا فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره) أي رجع بعد فراغ القتال في ذلك اليوم (ومال الآخرون) أهل خيبر (إلى عسكرهم وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل) قيل هو قزمان بضم القاف وسكون الزاي الظفري بفتح المعجمة والفاء نسبة لبني ظفر بطن من الأنصار، وكنيته أبو الغيداق بغين معجمة مفتوحة فتحتية ساكنة آخره قاف (لا يدع لهم) أي لا يترك لليهود نسمة (شاذة) بثين وذال مشددة معجمتين التي تكون مع الجماعة ثم تفارقهم (ولا فاذة) بالفاء والمعجمة المشددة أيضًا التي لم تكن اختلطت بهم أصلاً والمعنى أنه لا يرى نفسه نسمة منهم (إلا اتبعها) بتشديد الفوقية (يضربها بسيفه) يقتلها (فقيل) وللأصيلي فقالوا ولابن عساكر وأبي الوقت وأبي ذر عن الحموي والمستملي فقال: ولأبي ذر عن الكشميهني فقلت: قال في الفتح: فإن كانت هذه محفوظة فالقائل سهل بن سعد الساعدي (ما أجزأ) بجيم وزاي أي ما أغنى (منا اليوم أحد كما أجزأ فلان) هو على سبيل المبالغة فقد كان في القوم من كان فوقه في ذلك (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(أما) بالتخفيف استفتاحية فتكسر الهمزة من قوله (أنه من أهل النار) لنفاقه باطنًا. وعند الطبراني من حديث أكتم الخزاعي قلنا: يا رسول الله إذا كان فلان في عبادته واجتهاده ولين جانبه في النار فأين نحن؟ قال: "ذلك اخبأت النفاق"(فقال رجل من القوم): هو أكتم بن أبي الجون الخزاعي (أنا صاحبه) أي لأتبعه كما في الرواية الأخرى (قال: فخرج معه كلما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه قال: فجرح الرجل) قزمان (جرحًا شديدًا فاستعجل الموت فوضع سيفه بالأرض وذبابه) بمعجمة مضمومة أي طرفه (بين ثدييه ثم تحامل) مال (على سيفه) زاد أكتم حتى خرج من ظهره (فقتل نفسه
فخرج الرجل) الذي اتبعه (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في فقال: أشهد أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) صلى الله عليه وسلم: (وما ذاك)(قال الرجل الذي ذكرت أنفًا) بمد الهمزة وكسر النون أي الآن: (أنه من أهل النار فأعظم الناس ذلك) الذي قلته (فقلت: أنا لكم به) أتبعه حتى أرى ما له (فخرجت في طلبه ثم جرح جرحًا شديدًا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه
بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو) يظهر (للناس وهو من أهل النار وأن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة) فيه التحذير من الاغترار بالأعمال.
تنبيه:
قال المهلب: هذا الرجل ممن أعلمنا صلى الله عليه وسلم أنه نفذ عليه الوعيد من النفاق، ولا يلزم منه أنه كل من قتل نفسه يقضى عليه بالنار. وقال السفاقسي: يحتمل أن يكون قوله هو من أهل النار إن لم يغفر الله له.
4203 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: شَهِدْنَا خَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ يَدَّعِي الإِسْلَامَ: «هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ» فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ أَشَدَّ الْقِتَالِ حَتَّى كَثُرَتْ بِهِ الْجِرَاحَةُ فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ يَرْتَابُ فَوَجَدَ الرَّجُلُ أَلَمَ الْجِرَاحَةِ فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى كِنَانَتِهِ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا أَسْهُمًا فَنَحَرَ بِهَا نَفْسَهُ فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَدَّقَ اللَّهُ حَدِيثَكَ انْتَحَرَ فُلَانٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ:«قُمْ يَا فُلَانُ فَأَذِّنْ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَاّ مُؤْمِنٌ، إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ» . تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
4204 -
وَقَالَ شَبِيبٌ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: شَهِدْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَابَعَهُ صَالِحٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعِيدٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: شهدنا خيبر) مجاز عن جنسه من المسلمين لأن أبا هريرة رضي الله عنه إنما جاء بعد فتح خيبر، لكن عند الواقدي أنه حضر بعد فتح معظم خيبر فحضر فتح آخرها (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل) أي عن رجل منافق (ممن معه يدعي الإسلام):
(هذا من أهل النار) لأنه منافق غير مؤمن أو أنه سيرتد أو يستحل قتل نفسه (فلما حضر القتال) بالرفع مصححًا عليه في الفرع على الفاعلية ويجوز النصب (أي فلما حضر الرجل) القتال (قاتل الرجل أشدّ القتال حتى كثرت به الجراحة فكاد) أي قارب (بعض الناس يرتاب) أي يشك في صدقه صلى الله عليه وسلم (فوجد الرجل ألم الجراحة فأهوى بيده إلى كنانته فاستخرج منها أسهمًا) بالهمز أوله
وضم الهاء بلفعل الجمع، ولأبي ذر عن الكشميهني: سهمًا بالإفراد (فنحر بها نفسه فاشتد) أي أسرع (رجال من المسلمين) في المشي (فقالوا: يا رسول الله صدق الله حديثك انتحر فلان فقتل نفسه فقال) صلى الله عليه وسلم: (قم يا فلان) هو بلال كما في القدر، أو عمر بن الخطاب كما في مسلم، أو عبد الرحمن بن عوف كما عند البيهقي، ويحتمل أنهم نادوا جميعًا في جهات مختلفة كما قاله في الفتح (فأذّن) بتشديد الذال المعجمة المكسورة (أنه) ولأبي ذر أن (لا يدخل الجنة إلا مؤمن) فيه إشعار بسلب الإيمان عن هذا الرجل (إن الله يؤيد) ولأبي ذر عن الكشميهني ليؤيد (الدين بالرجل الفاجر). الذي قتل نفسه أو آل للجنس لا للعهد فيعم كل فاجر أيد الدين وساعده بوجه من الوجوه. وقد صرح في حديث أبي هريرة هذا بما أبهمه في حديث سهل من أن هذه القصة كانت بخيبر وهو ظاهر سياق المؤلّف وأنهما متحدتان عنده، لكن بين السياقين اختلاف كما لا يخفى فلذا جنح السفاقسي إلى التعدد. نعم يمكن الجمع باحتمال أن يكون نحر نفسه بأسهمه فلم تزهق روحه وإن كان قد أشرف على القتل فاتكأ حينئذ على سيفه استعجالاً للموت وحينئذٍ فلا تعدد (تابعه) أي تابع شعيبًا (معمر) هو ابن راشد كما هو موصول في القدر والجهاد عند المؤلّف (عن الزهري) محمد بن مسلم في هذا الأسناد.
(وقال شبيب) بفتح الشين المعجمة وكسر الموحدة الأولى ابن سعيد فيما وصله النسائي (عن يونس) بن يزيد (عن ابن شهاب) الزهري أنه قال: (أخبرني) بالإفراد (ابن المسيب) سعيد (وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب أن أبا هريرة) رضي الله عنه (قال: شهدنا مع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر) وللأصيلي وابن عساكر وأبوي الوقت وذر عن الحموي والمستملي حنينًا بالحاء المهملة والنون بدل خيبر يعني فخالف يونس معمرًا وشعيبًا.
وقال عياض في شرحه لمسلم في حديث أبي هريرة: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينًا كذا وقعت الرواية فيها عند عبد الرزاق في الأم، ورواه الذهلي خيبر أي
بالخاء المعجمة وهو الصواب. وقال في المشارق: رواه جميع رواة مسلم حنينًا، وكذا بعض رواة البخاري من طريق يونس عن الزهري، وكذا المنذري وصوابه خيبر كما رواه ابن السكن وإحدى الروايتين عن الأصيلي عن المروزي في حديث يونس هذا، وكذا في البخاري في حديث شعيب والزبيدي عن الزهري وكذا قال غندر عن معمر قاله الذهلي قال: وحنين وهم، لكن رواية من رواه عن البخاري في حديث يونس صحيحة الرواية خطأ في نفس الحديث كما عند مسلم لأنه روى الرواية على وجهها وإن كان خطأ في الأصل. ألا ترى قصد البخاري إلى التنبيه عليه بقوله، وقال شبيب عن يونس إلى قوله خيبر فالوهم من يونس لا ممن دون البخاري ومسلم.
(وقال ابن المبارك) عبد الله المروزي (عن يونس) بن يزيد (عن الزهري) ابن شهاب (عن سعيد) أي ابن المسيب (عن النبي صلى الله عليه وسلم) يريد بهذا التعليق أن سعيدًا وافق شبيبًا في لفظ حنين بالحاء المهملة وخالفه في الإسناد فأرسل الحديث وهذا وصله المؤلّف في الجهاد وليس فيه تعيين الغزوة
(تابعه) أي تابع ابن المبارك (صالح) هو ابن كيسان (عن الزهري) محمد بن مسلم فيما وصله المؤلّف في تاريخه. قال في الفتح: أي في ترك ذكر اسم الغزوة لا في بقية المتن والإسناد كما هو ظاهر سياقه في تاريخه.
(وقال الزبيدي) بضم الزاي وفتح الموحدة محمد بن الوليد أبو الهذيل الشامي الحمصي (أخبرني) بالإفراد (الزهري) محمد (أن عبد الرحمن بن كعب) نسبه لجده واسم أبيه عبد الله بن كعب (أخبره أن عبيد الله) بضم العين في اليونينية (ابن كعب قال: أخبرني) بالإفراد، ولأبوي ذر والوقت حدثني (من شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر) ولأبي ذر بخيبر بزيادة الجار وهذا وصله المؤلّف في التاريخ.
وقال الزبيدي: (قال) ولأبي ذر وقال (الزهري: وأخبرني) بالإفراد (عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله) بن عمر بن الخطاب، لكن قال الغساني عبيد الله بالتصغير لا أدري من هو ولعله وهم، والصحيح عبد الرحمن بن عبيد الله بن كعب وكذا عند الذهلي. قال الزهري: وأخبرني عبد الرحمن بن عبد الله. قال ابن حجر: وهو أصوب من عبيد الله أي بالتصغير (وسعيد) أي ابن المسيب (عن النبي صلى الله عليه وسلم) وهذا التعليق مرسل وصله الذهلي في الزهريات. قال في الفتح: وقد اقتضى صنيع المؤلّف ترجيح رواية شعيب ومعمر وأن بقية الروايات محتملة وأن ذلك لا يستلزم القدح في الرواية الراجحة لأن شرط الاضطراب أن تتساوى وجوه الاختلاف فلا يرجح شيء منها.
4205 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: لَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ أَوْ قَالَ لَمَّا تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشْرَفَ النَّاسُ عَلَى وَادٍ فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّكْبِيرِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا، وَهْوَ مَعَكُمْ» . وَأَنَا خَلْفَ دَابَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعَنِي وَأَنَا أَقُولُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَاّ بِاللَّهِ فَقَالَ لِي: «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ» قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ» ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي قَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَاّ بِاللَّهِ» .
وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: (حدّثنا عبد الواحد) بن زياد (عن عاصم) هو ابن سليمان الأحول (عن أبي عثمان) عبد الرحمن بن ملّ (عن أبي موسى) عبد الله بن قيس (الأشعري) رضي الله عنه أنه (قال: لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبرَ أو قال: لما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم) إلى خيبر والشك من الراوي ورجع منها (أشرف) بالشين المعجمة والفاء (الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير الله أكبر الله أكبر) مرتين ولأبي ذر مرة واحدة (إلا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربعوا) بكسر الهمزة وفتح الموحدة أي ارفقوا أو أمسكوا عن الجهر أو اعطفوا
(على أنفسكم) بالرفق وكفوا عن الشدة (إنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا إنكم تدعون سميعًا) يسمع السر وأخفى (قريبًا) ليس غائبًا وهذا كالتعليل لقوله لا تدعون أصم (وهو معكم) بالعلم والقدرة عمومًا وبالفضل والرحمة خصوصًا (وأنا خلف) أي وراء (دابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعني) صلى الله عليه وسلم (وأنا أقول لا حول ولا قوة إلا بالله) قيل الحيلة هي الحول قلبت واوه ياء لانكسار ما قبلها والمعنى لا يوصل إلى تدبير أمر وتغيير حال إلا بمشيئتك ومعونتك (فقال لي) عليه الصلاة والسلام: (يا عبد الله بن قيس قلت: لبيك رسول الله) بحذف أداة النداء ولأبي ذر يا رسول الله (قال: ألا أدلك على كلمة من كنز من كنوز الجنة)(قلت: بلى يا رسول الله)
دلني (فداك أبي وأمي) قال الطيبي: هذا التركيب باستعارة لذكر المشبه وهو الحوقلة والمشبه به وهو الكنز ولا التشبيه الصرف لبيان الكنز بقوله: "من كنوز الجنة" بل هو من إدخال الشيء في جنس وجعله أحد أنواعه على التغليب فالكنز إذًا نوعان المتعارف وهو المال الكثير يجعل بعضه فوق بعض ويحفظ، وغير المتعارف وهو هذه الكلمة الجامعة المكتنزة بالمعاني الإلهية لما أنها محتوية على التوحيد الخفي لأنه إذا نفيت الحيلة والحركة والاستطاعة عما من شأنه ذلك وأثبتت لله على سبيل الحصر وبإيجاده واستعانته وتوفيقه لم يخرج شيء من ملكه وملكوته قال: ومن الدلالة على أنها دالة على التوحيد الخفي قوله عليه الصلاة والسلام لأبي موسى ألا أدلك على كنز مع أنه كان يذكرها في نفسه فالدلالة إنما تستقيم على ما لم يكن عليه وهو أنه لم يعلم أنه توحيد خفي وكنز من الكنوز ولأنه لم يقل ما ذكرته كنز من الكنوز بل صرح بها حيث (قال: لا حول ولا قوة إلا بالله) تنبيهًا له على هذا السر والله أعلم، وسقط لأبي ذر لفظ من كنوز.
4206 -
حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدةٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِي سَاقِ سَلَمَةَ فَقُلْتُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ؟ قَالَ: هَذِهِ ضَرْبَةٌ أَصَابَتْنِي يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَالَ النَّاسُ: أُصِيبَ سَلَمَةُ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَنَفَثَ فِيهِ ثَلَاثَ نَفَثَاتٍ فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ.
وبه قال: (حدّثنا المكي بن إبراهيم) علم لا نسبة لمكة ووهم صاحب الكواكب قال: (حدّثنا يزيد بن أبي عبيد) بضم العين (قال: رأيت أثر ضربة في ساق سلمة) بن الأكوع (فقلت) له: (يا أبا مسلم) وهي كنية سلمة (ما هذه الضربة)؟ التي بساقك (قال: هذه ضربة أصابتني) ولابن عساكر أصابتنا وللأصيلي وأبوي الوقت وذر أصابتها أي رجله (يوم خيبر. فقال الناس: أصيب سلمة فأتيت النبي) ولأبي ذر عن الكشميهني إلى النبي (صلى الله عليه وسلم فنفث فيه) أي في موضع الضربة (ثلاث نفثات) بالمثلثة بعد الفاء فيهما جمع نفثة وهي فوق النفخ ودون التفل بريق خفيف وغيره (فما اشتكيتها حتى الساعة) بالجر في اليونينية على أن حتى جارة وفي غيرها بالنصب بتقدير زمان أي فما اشتكيتها زمانًا حتى الساعة.
وهذا الحديث من الثلاثيات.
4207 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ قَالَ: الْتَقَى
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالْمُشْرِكُونَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَاقْتَتَلُوا فَمَالَ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى عَسْكَرِهِمْ وَفِي الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إِلَاّ اتَّبَعَهَا فَضَرَبَهَا بِسَيْفِهِ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَجْزَأَ أَحَدُهُمْ مَا أَجْزَأَ فُلَانٌ فَقَالَ: «إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ» فَقَالُوا: أَيُّنَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِنْ كَانَ هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: لأَتَّبِعَنَّهُ فَإِذَا أَسْرَعَ وَأَبْطَأَ كُنْتُ مَعَهُ حَتَّى جُرِحَ فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ نِصَابَ سَيْفِهِ بِالأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَجَاءَ الرَّجُلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: «وَمَا ذَاكَ» ؟ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» .
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي قال: (حدّثنا ابن أبي حازم) عبد العزيز (عن أبيه) أبي حازم سلمة بن دينار (عن سهل) أي ابن سعد الساعدي الأنصاري أنه (قال: التقى النبي صلى الله عليه وسلم والمشركون) من يهود خيبر (في بعض مغازيه) يعني خيبر (فاقتتلوا فمال كل قوم) من المسلمين واليهود (إلى عسكرهم) أي رجعوا بعد فراغ القتال في ذلك اليوم (وفي المسلمين رجل) اسمه قزمان (لا يدع من المشركين) نسمة (شاذة) انفردت عنهم بعد أن كانت معهم (ولا فاذة) منفردة لم تكن معهم قبل (إلا اتبعها) بتشديد الفوقية (فضربها بسيفه) فقتلها (فقيل: بل رسول الله ما أجزأ) منا (أحد) ولأبي الوقت أحدهم (ما أجزأ فلان) بالجيم والزاي فيهما (فقال) عليه الصلاة والسلام:
(إنه من أهل النار)(فقالوا: أينا من أهل الجنة وإن كان هذا) مع جده وجهاده (من أهل النار؟ فقال رجل من القوم) اسمه أكتم بن أبي الجون: (لأتبعنه فإذا أسرع) المشي (وأبطأ) فيه (كنت معه حتى جرح) جرحًا شديدًا فوجد ألم الجراحة (فاستعجل الموت فوضع نصاب سيفه) أي مقبضه ملتصقًا (بالأرض وذبابه) طرفه (بين ثدييه ثم تحامل) اتكأ (عليه فقتل نفسه).
وعند الواقدي أن قزمان كان تخلف عن المسلمين يوم أحد فعيره النساء فخرج حتى صار في الصف الأوّل فكان أوّل من رمى بسهم، ثم صار إلى السيف ففعل العجائب، فلما انكشف المسلمون كسر جفن سيفه وجعل يقول: الموت أحسن من الفرار فأمر به قتادة بن النعمان فقال له: هنيئًا لك الشهادة. قال: إني والله ما قاتلت على دين إنما قاتلت على حسب قومي ثم أقلقته الجراحة فقتل نفسه، لكن قوله يوم أُحد خالف فيه وهو لا يحتج به إذا انفرد فكيف إذا خالف؟ نعم في حديث أبي يعلى الموصلي تعيين يوم أُحد لكنه مما وقع الاختلاف فيه على الراوي كما مرّ.
(فجاء الرجل) أي الذي اتبعه (إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اشهد أنك رسول الله. فقال: وما ذاك؟ فأخبره) بقتل قزمان نفسه (فقال) عليه الصلاة والسلام: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل
الجنة فيما يبدو للناس وإنه من) ولأبي ذر لمن (أهل النار ويعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي وإنه (من أهل الجنة).
4208 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُزَاعِيُّ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: نَظَرَ أَنَسٌ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَرَأَى طَيَالِسَةً فَقَالَ: كَأَنَّهُمُ السَّاعَةَ يَهُودُ خَيْبَرَ.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن سعيد الخزاعي) البصري قال: (حدّثنا زياد بن الربيع) أبو خداش بكسر الخاء المعجمة وبالدال المهملة المخففة آخره سين معجمة اليحمدي البصري (عن أبي عمران) عبد الملك بن حبيب الجوني بجيم مفتوحة وواو ساكنة بالنون نسبة إلى الجون بطن من الأزد أنه (قال: نظر أنس) رضي الله عنه (إلى الناس يوم الجمعة) بمسجد البصرة (فرأى طيالسة) بكسر اللام على رؤوسهم وهو جمع طيلسان بفتح اللام فارسي معرب (فقال: كأنهم) أي الذين رأى عليهم الطيالسة (الساعة يهود خيبر).
قال في الفتح: الذي يظهر أن يهود خيبر كانوا يكثرون من لبس الطيالسة وكان غيرهم من الناس الذين شاهدهم أنس لا يكثرون منها فلما قدم البصرة رآهم يكثرون منها فشبههم بيهود خيبر ولا يلزم منه كراهية لبس الطيالسة، وقيل: إنما أنكر ألوانها لأنها كانت صفراء اهـ.
وتعقبه العيني فقال: إذا لم يفهم منه الكراهة فما فائدة تشبيهه إياهم باليهود في استعمالهم الطيالسة. ومن قال من العلماء: إنه كره ألوانها حتى يعتمد عليه. ومن قال إن اليهود في ذلك الزمان كانوا يستعملون الصفر من الطيالسة، ولئن سلمنا ذلك فلم يكن تشبيه أنس رضي الله عنه لأجل اللون، وقد روى الطبراني من حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: ربما صبغ رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه أو إزاره بزعفران أو ورس ثم يخرج فيهما.
4209 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ رضي الله عنه تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي خَيْبَرَ وَكَانَ رَمِدًا فَقَالَ: أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَحِقَ فَلَمَّا بِتْنَا اللَّيْلَةَ الَّتِي فُتِحَتْ قَالَ: «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا -أَوْ لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ غَدًا- رَجُلٌ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، يُفْتَحُ عَلَيْهِ» فَنَحْنُ نَرْجُوهَا فَقِيلَ: هَذَا عَلِيٌّ فَأَعْطَاهُ فَفُتِحَ عَلَيْهِ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي قال: (حدّثنا حاتم) بالحاء المهملة ابن إسماعيل الكوفي سكن المدينة (عن يزيد بن أبي عبيد) بضم العين وفتح الموحدة مولى سلمة (عن سلمة رضي الله عنه) أنه (قال: كان عليّ) ولأبي ذر؛ علي بن أبي طالب (رضي الله عنه تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر وكان رمدًا) بكسر الميم وزاد أبو نعيم لا يبصر (فقال: أنا أتخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم) لأجل الرمد كأنه أنكر على نفسه تخلفه (فلحق) زاد أبو ذر عن الكشميهني به أي بخيبر أو قبل وصوله إليه (فلما بتنا الليلة التي فتحت) خيبر صبيحتها (قال) عليه الصلاة والسلام:
(لأعطين) بفتح الهمزة في اليونينية والذي في الفرع بضمها (الراية فإذا أو) قال: (ليأخذن الراية غدًا رجل يحبه الله ورسوله) وعند أحمد والنسائي وابن حبان والحاكم من حديث بريدة بن الحصيب لما كان يوم خيبر أخذ أبو بكر اللواء فرجع ولم يفتح له، فلما كان الغد أخذه عمر فرجع
ولم يفتح له، وقتل محمود بن مسلمة فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لأدفعن لوائي غدًا إلى رجل"(يفتح عليه) بضم الياء مبنيًا للمفعول، ولأبي ذر يفتح الله عليه (فنحن نرجوها. فقيل: هذا عليّ فأعطاه) عليه الصلاة والسلام الراية وقاتل (ففتح عليه) بضم الفاه وكسر الفوقية مبنيًّا للمفعول.
4210 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: «لأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ: «أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ» ؟ فَقِيلَ: هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ قَالَ: «فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ» فَأُتِيَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا. فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ» .
وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) البلخي وسقط ابن سعيد لأبي ذر قال: (حدّثنا يعقوب بن عبد الرحمن) بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري بغير همز (عن أبي حازم) سلمة بن دينار الأعرج أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سهل بن سعد) الساعدي (رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر):
(لأعطين هذه الراية غدًا رجلاً يفتح الله) خيبر (على يديه) وبالتثنية والراية قيل بمعنى اللواء وهو العلم الذي يحمل في الحرب يعرف به موضع صاحب الجيش وقد يحمله أمير الجيش. وفي حديث ابن عباس المروي عند الترمذي كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم سوداء ولواؤه أبيض، ومثله عند الطبراني عن بريدة، وزاد ابن عدي عن أبي هريرة مكتوب فيه لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ظاهر في التغاير. (يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) زاد ابن إسحاق ليس بفرّار، وفي حديث بريدة لا يرجع حتى يفتح الله له (قال: فبات الناس يدوكون) بدال مهملة مضمومة وبعد الواو كاف في اختلاط واختلاف (ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس
غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجوا) وحذف النون بغير جازم ولا ناصب لغة ولأبي ذر: يرجون (أن يعطاها) وفي حديث بريدة فما منا أحد له منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو يرجو أن يكون ذلك الرجل حتى تطاولت أنا (فقال) عليه الصلاة والسلام: (أين علي بن أبي طالب)؟ أي ما لي لا أراه حاضرًا، وكأنه استبعد غيبته عن حضرته في مثل ذلك الموطن لا سيما وقد قال: لأعطين الراية غدًا الخ
…
وقد حضر الناس كلهم طمعًا أن يكون كل منهم هو الذي يفوز بذلك الوعد (فقيل) ولأبي ذر فقالوا: (هو يا رسول الله يشتكي عينيه) بتقديم الضمير وبناء يشتكي عليه اعتذارًا عنه على سبيل التأكيد قاله
الطيبي (قال) عليه الصلاة والسلام: (فأرسلوا) بكسر السين أمر من الإرسال وبفتحها أي قال سهل بن سعد: فأرسلوا أي الصحابة (إليه) أي إلى علي وهو بخيبر لم يقدر على مباشرة القتال لرمد (فأتي به) ولمسلم من طريق إياس بن سلمة عن أبيه قال: فأرسلني إلى علي قال: فجئت به أقوله أرمد (فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرأ) بفتح الراء وكسرها (حتى كأن لم يكن به وجع) وعند الحاكم من حديث عليّ نفسه قال: فوضع رأسي في حجره ثم بزق في ألية راحته فدلك بها عيني، وعند الطبراني من حديثه أيضًا فما رمدت ولا صدعت مدّ دفع إليّ النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم خيبر، وعنده أيضًا قال: ودعا لي فقال: "اللهم أذهب عنه الحر والقر" قال: فما اشتكيتهما حتى يومي هذا (فأعطاه الراية فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا) مسلمين (فقال) عليه الصلاة والسلام: (انفذ) بضم الفاء آخره ذال معجمة أي امض (على رسلك) بكسر الراء أي هينتك (حتى تنزل بساحتهم) أي بفنائهم (ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه) أي في الإسلام فإن لم يطيعوا لك بذلك فقاتلهم (فوالله لأن) بفتح اللام والهمزة وفي اليونينية وغيرها بكسرها وفتح الهمزة (يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم) تملكها وتقتنيها وكانت مما يتفاخر العرب بها أو تتصدق بها. وحمر بسكون الميم في اليونينية، وعند ابن إسحاق من حديث أبي رافع أنه قال: خرجنا مع عليّ حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته فضربه رجل من يهود فطرح ترسه فتناول عليّ بابًا كان عند الحصن فتترس به عن نفسه حتى فتح الله عليه فلقد رأيتني في سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه.
4211 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ح وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بن عِيسى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَدِمْنَا خَيْبَرَ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىِّ بْنِ أَخْطَبَ وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا فَاصْطَفَاهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغَ بِها سَدَّ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ ثُمَّ قَالَ لِي: «آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ» فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَتَهُ عَلَى صَفِيَّةَ ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ وَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الغفار بن داود) أبو صالح الحراني قال: (حدّثنا يعقوب بن عبد الرحمن) الإسكندراني وسقط لأبي ذر ابن عبد الرحمن (ح) لتحويل السند. قال المؤلّف:
(وحدثني) بالإفراد (أحمد بن عيسى) الهمداني التستري المصري الأصل كذا لكريمة ابن عيسى ولأبي عليّ بن شبويه عن الفربري، وجزم به أبو نعيم في مستخرجه أحمد بن صالح وهو
أبو جعفر الطبري المصري الحافظ قال: (حدّثنا ابن وهب) عبد الله قال: (أخبرني) بالإفراد (يعقوب بن عبد الرحمن) الإسكندراني القاري (الزهري) حليف بني زهرة كذا في النسخ المعتمدة ابن عبد الرحمن الزهري، وفي اليونينية وفرعها عن الزهري لكنه شطب بالحمرة على عن وكتب فوقها علامة السقوط، ولأبي ذر وصحح عليها وضبط الزهري بالرفع وصحح عليها. وفي بعض الأصول المعتمدة عن الزهري بإثبات "عن" وجر الزهري بها (عن عمرو) بفتح العين ابن أبي عمرو ميسرة أبي عثمان المدني (مولى المطلب) هو ابن عبد الله بن حنطب المخزومي (عن أنس بن مالك رضي الله عنه) أنه (قال: قدمنا خيبر فلما فتح الله عليه) صلى الله عليه وسلم (الحصن) المسمى بالقموص على يد علي رضي الله عنه (ذكر) بضم الذال المعجمة (له) عليه الصلاة والسلام (جمال صفية بنت حيي بن أخطب) الإسرائيلية (وقد قتل زوجها) كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق (وكانت عروسًا فاصطفاها) أي اختارها (النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه) من الصفي
الذي كان يؤخذ له عليه الصلاة والسلام من رأس الخُمس قبل كل شيء، قيل وكان اسمها زينب قبل أن تسبى فلما صارت من الصفي سميت صفية (فخرج بها) عليه الصلاة والسلام (حتى بلغ بها) ولأبي ذر: حتى بلغنا (سدّ الصهباء) بضم السين المهملة ولأبي ذر بفتحها موضعًا أسفل خيبر (حلت) أي صارت بالطهارة من الحيض حلالاً له عليه الصلاة والسلام (فبنى بها) أي دخل عليها (رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صنع حيسًا) بحاء مهملة مفتوحة فتحتية ساكنة فسين مهملة تمرًا يخلط بسمن وأقط (في نطع) بكسر النون وفتح الطاء المهملة (صغير ثم قال لي):
(آذن) بفتح الهمزة ممدودة وكسر المعجمة ولأبي ذر ثم قال: آذن (من حولك فكانت تلك) الحيسة (وليمته) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: وليمة (على صفية، ثم خرجنا إلى المدينة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يحوي لها وراءه بعباءة) بضم الياء وفتح الحاء المهملة وتشديد الواو المكسورة أي يجعل لها حوية وهي كساء محشو يدار حول الراكب (ثم يجلس) عليه الصلاة والسلام (عند بعيره فيضع ركبته) الشريفة (وتضع صفية) رضي الله عنها (رجلها على ركبته) عليه الصلاة والسلام (حتى تركب) وفي مغازي أبي الأسود عن عروة فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم لها فخذه الشريف لتركب فأجلّت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تضع رجلها على فخذه فوضعت ركبتها على فخذه وركبت.
وهذا الحديث قد مرّ في باب هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها من كتاب البيع.
4212 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقَامَ عَلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ بِطَرِيقِ خَيْبَرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى أَعْرَسَ بِهَا وَكَانَتْ فِيمَنْ ضُرِبَ عَلَيْهَا الْحِجَابُ.
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثنا أخي) أبو بكر عبيد الحميد (عن سليمان) بن بلال (عن يحيى) بن سعيد الأنصاري (عن حميد الطويل) أنه (سمع أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام على صفية بنت حيي بطريق خيبر) في المنزلة التي كان نزلها
وهي سدّ الصهباء (ثلاثة أيام حتى أعرس) أي دخل (بها) وليس المراد أنه سار ثلاثة أيام ثم أعرس (وكانت) صفية ولأبي ذر وكان (فيمن) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فيما بألف بدل النون (ضرب) بضم الضاد المعجمة ولأبي ذر ضرب بفتحات (عليها الحجاب) أي كانت من أمهات المؤمنين لأن ضرب الحجاب إنما هو على الحرائر لا على ملك اليمين.
وهذا الحديث أخرجه النسائي في النكاح.
4213 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ: أَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ، فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلَا لَحْمٍ وَمَا كَانَ فِيهَا إِلَاّ أَنْ أَمَرَ بِلَالاً بِالأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ فَأَلْقَى عَلَيْهَا التَّمْرَ وَالأَقِطَ وَالسَّمْنَ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ قَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا فَهْيَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهْيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّأَ لَهَا خَلْفَهُ وَمَدَّ الْحِجَابَ.
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم أبو محمد الجمحي مولاهم البصري قال: (أخبرنا) بالخاء المعجمة (محمد بن جعفر بن أبي كثير) الهمداني قال: (أخبرني) بالتوحيد (حميد) الطويل (أنه سمع أنسًا رضي الله عنه يقول: أقام النبي صلى الله عليه وسلم) ولأبي ذر عن الحموي قام. قال ابن حجر: والأول أوجه. (بين خيبر والمدينة ثلاث ليال) بأيامها (يبنى عليه بصفية فدعوت المسلمين إلى وليمته) عليه الصلاة والسلام (وما كان فيها من خبز ولا لحم وما كان فيها إلا أن أمر) عليه الصلاة والسلام (بلالاً بالانطاع) أي بأن تبسط الانطاع أي السفر (فبسطت فألقى عليها التمر والاقط والسمن فقال المسلمون): هل هي (إحدى أمهات المؤمنين) الحرائر (أو ما ملكت يمينه؟ قالوا): ولأبي ذر: فقالوا: (إن حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين، وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه فلما ارتحل) عليه الصلاة والسلام (وطأ) أي أصلح (لها) ما تحتها للركوب (خلفه ومدّ الحجاب).
4214 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مُحَاصِرِي خَيْبَرَ فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ فَنَزَوْتُ لآخُذَهُ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَحْيَيْتُ.
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج الحافظ أبو بسطام العتكي أمير المؤمنين في الحديث.
قال المؤلّف (ح. وحدثني) بالتوحيد (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا وهب) بفتح الواو وسكون الهاء ابن جرير بن حازم قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن حميد بن هلال)
العدوي البصري (عن عبد الله بن مغفل) بضم الميم وفتح الغين المعجمة والفاء المشددة المزني (رضي الله عنه) أنه (قال: كنا محاصري خيبر) في الفرع محاصرين بإثبات النون وفي أصله حذفها وفي الخمس
من هذا الوجه قصر خيبر (فرمى إنسان) لم يقف الحافظ ابن حجر على اسمه (بجراب) بكسر الجيم وعاء من جلد (فيه شحم) بشين معجمة فحاء مهملة ساكنة (فنزوت) بنون فزاي مفتوحتين أي وثبت مسرعًا (لآخذه فالتفت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم فاستحييت) منه لكونه اطلع على حرصي عليه.
4215 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ وَسَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ أَكْلِ الثَّوْمِ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ.
نَهَى عَنْ أَكْلِ الثَّوْمِ هُوَ عَنْ نَافِعٍ وَحْدَهُ وَلُحُومُ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ عَنْ سَالِمٍ.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (عبيد بن إسماعيل) بضم العين وفتح الموحدة الهباري الكوفي وكان اسمه عبد الله وعبيد لقب غلب عليه وعرف به (عن أبي أسامة) حماد بن أسامة (عن عبيد الله) بضم العين العمري (عن نافع) مولى ابن عمر (وسالم) ابنه (عن ابن عمر) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن أكل الثوم) بفتح المثلثة في اليونينية وكذا في الفرع لنتن ريحه فالنهي فيه للتنزيه وكان عليه الصلاة والسلام لا يأكله لأجل لقاء الملك (و) نهى (عن) أكل (لحوم الحمر) ولأبي ذر حمر (الأهلية) نهي تحريم وفيه استعمال اللفظ في حقيقته وهو التحريم وفي مجازه وهو الكراهة.
وقوله (نهى عن أكل الثوم هو) ولأبي ذر وهو مروي (عن نافع وحده) لا عن سالم (ولحوم الحمر الأهلية) مروي (عن سالم) وحده لا عن نافع.
4216 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ أَكْلِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. [الحديث 4216 - أطرافه في: 5115، 5523، 6961].
وبه قال: (حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (يحيى بن قزعة) بفتح القاف والزاي المكي المؤذن قال: (حدّثنا مالك) الإمام (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عبد الله) أبي هاشم (و) أخيه (الحسن) بفتح الحاء (ابني محمد بن علي) وكان الحسن ثقة فقيهًا لكن قيل إنه أول من تكلم في الإرجاء (عن أبيهما) محمد ابن الحنفية (عن) أبيه (علي بن أبي طالب رضي الله عنه) وسقط لأبي ذر ابن أبي طالب (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى) نهي تحريم (عن متعة النساء) وهو النكاح إلى أجل سمي بذلك لأن الغرض منه مجرد التمتع دون التوالد وغيره من أغراض النكاح، وكان جائزًا في أول الإسلام لمن اضطر إليه كأكل الميتة ثم حرم (يوم خيبر) ثم خص فيه عام الفتح أو
عام حجة الوداع ثم حرم إلى يوم القيامة، وقد قيل إن في هذا الحديث تقديمًا وتأخيرًا وأن الصواب نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الإنسية وعن متعة النساء وليس يوم خيبر ظرفًا لمتعة النساء لأنه لم يقع في غزوة خيبر تمتع بالنساء، وعند الترمذي بدل قوله هنا يوم خيبر زمن خيبر، وقال ابن عبد البر: إن ذكر النهي يوم خيبر غلط. وقال السهيلي: لا يعرفه أحد من أهل السير وسيكون لنا عودة إلى ذكر ما في هذا محررًا متقنًا إن شاء الله تعالى بعونه وقوته.
(و) نهى عليه الصلاة والسلام يوم خيبر (عن أكل الحمر الإنسية) بكسر الهمزة وسكون النون ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: حمر الانسية بإسقاط الألف واللام وفتح الهمزة والنون، ولأبي ذر والكشميهني: عن أكل لحوم الحمر الإنسية بفتح الهمزة والنون أيضًا.
4217 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن مقاتل) المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا (عبيد الله) بضم العين (ابن عمر) العمري (عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن) أكل (لحوم الحمر الأهلية) اقتصر في هذه على ذكر نافع وحده وفي المتن على الحمر فقط.
4218 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ وَسَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (إسحاق بن نصر) المروزي، وقيل البخاري السعدي لنزوله في بخارى بباب بني سعد ونسبه لجده واسم أبيه إبراهيم قال:(حدّثنا محمد بن عبيد) الحنفي الطنافسي قال: (حدّثنا عبيد الله) بضم العين ابن عمر العمري (عن نافع وسالم عن ابن عمر رضي الله عنهما) أنه (قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية) اقتصر على ذكر الحمر لكنه زاد سالمًا مع نافع.
4219 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ وَرَخَّصَ فِي الْخَيْلِ. [الحديث 4219 - طرفاه في: 5520، 5524].
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قاضي مكة قال: (حدّثنا حماد بن زيد) اسم جده درهم أحد الأئمة الأعلام (عن عمرو) بفتح العين ابن دينار (عن محمد بن علي) أبي جعفر الباقر جده الحسين بن علي بن أبي طالب (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري (رضي الله عنهما) أنه
(قال: نهى رسول الله) ولأبي ذر النبي (-صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم خيبر عن) أكل (لحوم الحمر الأهلية) سقط الأهلية لغير الكشميهني (ورخص في) أكل لحوم (الخيل) واستدلّ به على جواز أكلها وهو قول إمامنا الشافعي ومحمد وأبي يوسف.
ومباحث ذلك تأتي إن شاء الله تعالى في الذبائح.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الذبائح وأبو داود في الأطعمة والنسائي في الصيد والوليمة.
4220 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما، أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ يَوْمَ خَيْبَرَ فَإِنَّ الْقُدُورَ لَتَغْلِي، قَالَ: وَبَعْضُهَا نَضِجَتْ فَجَاءَ مُنَادِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "لَا تَأْكُلُوا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ شَيْئًا وَأَهْرِيقُوهَا".
قَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى فَتَحَدَّثْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا لأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَهَى عَنْهَا الْبَتَّةَ لأَنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ.
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن سليمان) سعدويه الواسطي سكن بغداد قال: (حدّثنا عباد) بفتح العين وتشديد الموحدة ابن العوّام بن عمر الواسطي (عن الشيباني) بالشين المعجمة المفتوحة بعدها تحتية ساكنة فموحدة أبي إسحاق سليمان بن فيروز الكوفي (قال: سمعت ابن أبي أوفى) عبد الله (رضي الله عنهما) زاد الأصيلي يقول: (أصابتنا مجاعة يوم خيبر فإن القدور لتغلي) بلام التأكيد على لحوم الحمر الأهلية (قال: وبعضها نضجت) بالضاد المعجمة المكسورة والجيم المفتوحة (فجاء منادي النبي صلى الله عليه وسلم) أبو طلحة ينادي (لا تأكلوا من لحوم الحمر شيئًا وأهريقوها) بهمزة قطع مفتوحة أي صبوها ولأبي ذر: وهريقوها بإسقاط الهمزة وفتح الهاء (قال ابن أبي أوفى) عبد الله (فتحدّثنا) معشر الصحابة (أنه) عليه الصلاة والسلام (إنما نهى عنها لأنها لم تخمس) أي لم يؤخذ منها الخمس (وقال بعضهم: نهى عنها البتة) أي قطعًا (لأنها كانت تأكل العذرة) بالذال المعجمة أي النجاسة وفي التعليلين شيء لأن التبسط قبل القسمة في المأكولات قدر الكفاية حلال وأكل العذرة يوجب الكراهة لا التحريم، وقد قالوا: إن السبب في الإراقة النجاسة، وقيل إنما نهى عنها للحاجة إليها.
وبقية المبحث تأتي في موضعه إن شاء الله تعالى بعون الله وفضله.
4221 و 4222 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَصَابُوا حُمُرًا فَطَبَخُوهَا فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَكْفِئُوا الْقُدُورَ"[الحديث 4221 - أطرافه في: 4223، 4225، 4226، 5525].
وبه قال: (حدّثنا حجاج بن منهال) أبو محمد السلمي الأنماطي قال: (حدّثنا شعبة) بن
الحجاج قال: (أخبرني) بالإفراد (عدي بن ثابت) الأنصاري (عن البراء) بن عازب (وعبد الله بن أبي أوفى) رضي الله عنهما (أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم) بخيبر (فأصابوا حمرًا) أهلية (فطبخوها) ولأبي ذر: فاطبخوها بقلب تاء الافتعال طاء وإدغامها في تاليتها أي عالجوا طبخها (فنادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم) أبو طلحة (أكفئوا القدور) بقطع الهمزة مفتوحة وكسر الفاء ولأبي ذر إكفوا بكسر الهمزة وفتح الفاء وضم الواو، وقال عياض: أكفئوا بقطع الهمزة وكسر الفاه واكفوا بوصلها وفتح الفاء لغتان أي اقلبوها، وقال بعضهم: كفأت قلبت وأكفأت أملت، وهو مذهب الكسائي أي أميلوها ليراق ما فيها.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الذبائح.
4223 و 4224 - حَدَّثَنا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ وَابْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهم يُحَدِّثَانِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَقَدْ نَصَبُوا الْقُدُورَ "أَكْفِئُوا الْقُدُورَ".
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (إسحاق) بن منصور الكوسج المروزي قال: (حدّثنا عبد الصمد) بن عبد الوارث قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (حدّثنا عدي بن ثابت) الأنصاري أنه (قال: سمعت البراء) بن عازب (وابن أبي أوفى) عبد الله (رضي الله عنهم) صرح بالتحديث هنا بخلاف الأولى فإنها بالعنعنة (يحدّثان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال) لهم (يوم خيبر وقد نصبوا القدور) يطبخون لحم حمر الأهلية (أكفئوا القدور) اقلبوها أو أميلوها ليراق ما فيها.
4225 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.
وبه قال: (حدّثنا مسلم) هو ابن إبراهيم الفراهيدي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عدي بن ثابت) الأنصاري (عن البراء) أنه (قال: غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم نحوه). أي نحو السابق.
4226 -
حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنْ عَامِرٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ: أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ أَنْ نُلْقِيَ الْحُمُرَ الأَهْلِيَّةَ نِيئَةً وَنَضِيجَةً، ثُمَّ لَمْ يَأْمُرْنَا بِأَكْلِهِ بَعْدُ.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (إبراهيم بن موسى) الفراء الرازي الصغير قال: (أخبرنا ابن أبي زائدة) يحيى بن زكريا قال: (أخبرنا عاصم) الأحول (عن عامر) الشعبي (عن البراء بن عازب رضي الله عنهما) سقط ابن عازب لأبي ذر أنه (قال: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر أن) أي بأن (نلقي الحمر الأهلية) بضم النون وسكون اللام وكسر القاف وأن مصدرية أي بإلقاء الحمر الأهلية (نيئة) بكسر النون بعدها تحتية ساكنة فهمزة مفتوحة آخره منوّن لم تطبخ (ونضيجة) بالتنوين أيضًا
(ثم لم يأمرنا بأكله بعد) فاستمر تحريمه.
4227 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَامِرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا أَدْرِي أَنَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ حَمُولَةَ النَّاسِ فَكَرِهَ أَنْ تَذْهَبَ حَمُولَتُهُمْ، أَوْ حَرَّمَهُ فِي يَوْمِ خَيْبَرَ لَحْمَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ.
وبه
قال: (حدثني) بالإفراد (محمد بن أبي الحسين) بضم الحاء أبو جعفر السمناني بكسر المهملة وسكون الميم وبنونين بينهما ألف الحافظ من أقران المؤلّف عاش بعده خمس سنين قال: (حدّثنا عمر بن حفص) قال: (حدّثنا أبي) حفص بن غياث الكوفي أحد مشايخ المؤلّف روى عنه بالواسطة (عن عاصم) هو ابن سليمان الأحول (عن عامر) هو ابن شراحيل الشعبي (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أنه (قال: لا أري أنهى عنه) أي عن أكل لحم حمر الأهلية (رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أنه كان حمولة الناس) بفتح الحاء المهملة وضم الميم يحملون عليها (فكره) عليه الصلاة والسلام (أن تذهب حمولتهم) بسبب الأكل (أو حرّمه في يوم خيبر) تحريمًا مطلقًا أبديًّا يعني بقوله نهى عنه (لحم الحمر) ولأبي ذر حمر (الأهلية) فهو بيان للضمير ويجوز رفع لحم خبر مبتدأ محذوف.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الذبائح.
4228 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا. فَسَّرَهُ نَافِعٌ فَقَالَ: إِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ فَرَسٌ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرَسٌ فَلَهُ سَهْمٌ.
وبه قال: (حدّثنا الحسن بن إسحاق) الملقب بحسنويه الشاعر المروزي قال: (حدّثنا محمد بن سابق) الكوفي البزار نزيل بغداد قال: (حدّثنا زائدة) بن قدامة أبو الصلت الكوفي (عن عبيد الله بن عمر) بضم العين فيهما العمري (عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما) أنه (قال قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر للفرس سهمين وللراجل سهمًا) قال: عبيد الله بن عمر بالإسناد السابق (فسره نافع فقال: إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم) ولا يزاد الفارس على ثلاثة وإن حضر بأكثر من فرس كما لا ينقص عنها (فإن لم يكن له فرس فله سهم) واحد. وقال أبو حنيفة: لا يسهم للفارس إلا سهم واحد ولفرسه سهم.
وهذا الحديث قد مرّ في باب سهام الفرس من كتاب الجهاد.
4229 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا أَعْطَيْتَ
بَنِي الْمُطَّلِبِ مِنْ خُمْسِ خَيْبَرَ، وَتَرَكْتَنَا وَنَحْنُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْكَ، فَقَالَ «إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَىْءٌ وَاحِدٌ» قَالَ جُبَيْرٌ: وَلَمْ يَقْسِمِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ شَيْئًا.
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) المخزومي مولاهم المصري اسم أبيه عبد الله ونسبه إلى جده قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن سعيد بن المسيب أن جبير بن مطعم أخبره قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا) يا رسول الله (أعطيت بني المطلب) بن عبد مناف بن قصي بن كلاب (من خمس خيبر) بسكون الميم في اليونينية وبضمها في الفرع (وتركتنا) فلم تعطنا منه (ونحن) وهم (بمنزلة واحدة منك) في الانتساب إلى عبد مناف لأن عثمان كان عبشميًا وجبير بن مطعم نوفليًا نسبة إلى عبد شمس ونوفل وهما وهاشم والمطلب بنو عبد مناف (فقال) صلى الله عليه وسلم:
(إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد) ولأبي ذر عن المستملي هنا سيّ بسين مهملة مكسورة بدل المعجمة المفتوحة وتشديد التحتية من غير همز أي سواء (قال جبير): هو ابن مطعم (ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس وبني نوفل شيئًا) وتمسك به إمامنا الشافعي رحمه الله أن سهم ذوي القربى خاص ببني هاشم وبني المطلب دون غيرهم.
وقد مرّ الحديث في باب ومن الدليل على أن الخمس للإمام.
4230 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ أَنَا وَأَخَوَانِ لِي أَنَا أَصْغَرُهُمْ أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ وَالآخَرُ أَبُو رُهْمٍ إِمَّا قَالَ: بِضْعٌ، وَإِمَّا قَالَ: فِي ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِي فَرَكِبْنَا سَفِينَةً فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ، فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ وَكَانَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا يَعْنِي لأَهْلِ السَّفِينَةِ سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، وَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ وَهْيَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، زَائِرَةً وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فِيمَنْ هَاجَرَ فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، قَالَ عُمَرُ: الْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ، الْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ، قَالَتْ أَسْمَاءُ: نَعَمْ. قَالَ: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكُمْ، فَغَضِبَتْ وَقَالَتْ: كَلَاّ وَاللَّهِ كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِي دَارِ أَوْ فِي أَرْضِ الْبُعَدَاءِ الْبُغَضَاءِ بِالْحَبَشَةِ وَذَلِكَ فِي اللَّهِ وَفِي رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَايْمُ اللَّهِ لَا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلَا أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَافُ، وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَسْأَلُهُ وَاللَّهِ لَا أَكْذِبُ وَلَا أَزِيغُ وَلَا أَزِيدُ عَلَيْهِ.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (محمد بن العلاء) أبو كريب الهمداني قال: (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة قال: (حدّثنا بريد بن عبد الله) بضم الموحدة وفتح الراء (عن) جده (أبي بردة) بضم الموحدة وسكون الراء عامر (عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري (رضي الله عنه) أنه (قال: بلغنا مخرج النبي صلى الله عليه وسلم) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة مصدر ميمي بمعنى خروجه أو اسم زمان بمعنى وقت خروجه أي بعثته أو هجرته وعلى الثاني يحتمل أنه بلغتهم الدعوة فأسلموا وتأخروا في بلادهم حتى وقعت الهدنة والأمان من خوف القتال والواو فى قوله (ونحن باليمن) للحال (فخرجنا) حال كوننا (مهاجرين إليه). ثبت إليه في اليونينية وسقط في الفرع (أنا وأخوان لي أنا أصغرهم أحدها أبو بردة) عامر بن قيس (والآخر أبو رهم) بضم الراء وسكون الهاء ابن قيس الأشعريان (إما) بكسر الهمزة وتشديد الميم (قال) أبو موسى: (بضع) بكسر الموحدة وسكون المعجمة ما بين الثلاثة إلى التسع أو ما بين الواحد إلى العشرة، ولأبي ذر: بضعًا
بالنصب وللأصيلي في بضع بزيادة الجار والبضع متعلق بخرجنا وموضعه نصب على الحال (وإما قال: في ثلاثة وخمسين أو اثنين وخمسين رجلاً من قومي) الأشعريين ولأبي ذر عن المستملي من قوله بالهاء بدل التحتية (فركبنا سفينة فألقتنا سفيتنا إلى النجاشي) ملك الحبشة والسفينة رفع على الفاعلية (بالحبشة فوافقنا جعفر بن أبي طالب) بها (فأقمنا معه) ثم (حتى قدمنا جميعًا) وسمى ابن إسحاق من قدم مع جعفر فسرد أسماءهم وهم ستة عشر رجلاً فمنهم امرأته أسماء بنت عميس وخالد بن سعيد بن العاص وامرأته وأخوه عمرو بن سعيد ومعيقيب بن أبي فاطمة (فوافقنا النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر) زاد في فرض الخمس فأسهم لنا ولم يسهم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئًا إلا لمن شهدها معه إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه فإنه قسم لهم معهم، وعند البيهقي أنه عليه الصلاة والسلام كلم المسلمين قبل أن يقسم لهم فأشركوهم (وكان أناس من الناس) سمي منهم عمر (يقولون لنا يعني لأهل السفينة سبقناكم بالهجرة ودخلت أسماء بنت عميس) مع زوجها جعفر (وهي ممن قدم معنا) من أصحاب السفينة (على حفصة) بنت عمر رضي الله عنه (زوج النبي صلى الله عليه وسلم) حال كونها (زائرة وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر فدخل عمر على) ابنته (حفصة وأسماء عندها. فقال عمر حين رأى أسماء): لابنته حفصة (من هذه قالت: أسماء بنت عميس. قال عمر: آلحبشية هذه)؟ بمد همزة الاستفهام وليس في اليونينية وفرعها مد على الهمزة وقال: آلحبشية لسكناها فيهم (آلبحرية هذه) لركوبها البحر ولأبي ذر مما في الفتح البحيرية بالتصغير أي أهي التي كانت في الحبشة أهي التي جاءت في البحر (قالت أسماء: نعم قال) عمر لها: (سبقناكم بالهجرة) إلى المدينة (فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم فغضبت) أسماء (وقالت: كلا والله كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم، وكنا في دار أو في أرض البعداء) بضم الموحدة وفتح العين والدال المهملتين ممدودًا ودار وأرض بغير تنوين لإضافتهما إلى البعداء (البغضاء) بضم الموحدة وفتح العين والضاد المعجمتين ممدودًا جمع بعيد وبغيض (بالحبشة وذلك في الله وفي رسوله) ولأبي ذر وفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أي لأجلهما وطلب رضاهما (وايم الله) بهمزة
وصل في الفرع وأصله (لا أطعم طعامًا ولا أشرب شرابًا حتى أذكر ما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم) ولأبي ذر للنبي (صلى الله عليه وسلم ونحن كنا نؤذى ونخاف) بضم النون فيهما مبنيين للمفعول والذال المعجمة (وسأذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وأسأله والله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد عليه).
4231 -
فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ عُمَرَ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ:«فَمَا قُلْتِ لَهُ» ؟ قَالَتْ: قُلْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: «لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ وَلَهُ وَلأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ» قَالَتْ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِي أَرْسَالاً يَسْأَلُونِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ مَا مِنَ الدُّنْيَا شَىْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلَا أَعْظَمُ فِي أَنْفُسِهِمْ، مِمَّا قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو بُرْدَةَ قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِّي.
(فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت) له: (يا نبي الله إن عمر قال: كذا وكذا. قال: فما قلت له؟ قالت: قلت له كذا وكذا. قال) عليه الصلاة والسلام (ليس بأحق بي منكم وله ولأصحابه هجرة واحده ولكم أنتم) تأكيد لضمير الخفض (أهل السفينة) نصب على الاختصاص أو النداء بحذف أداته ويجوز الخفض على البدل من الضمير (هجرتان) إلى النجاشي، وإليه عليه الصلاة والسلام.
وعند ابن سعد بإسناد صحيح عن الشعبي قال: قالت أسماء: يا رسول الله إن رجالاً يفتخرون علينا ويزعمون أنا لسنا من المهاجرين الأوّلين فقال: "بل لكم هجرتان هاجرتم إلى أرض الحبشة ثم هاجرتم بعد ذلك".
(قالت) أسماء: (فلقد رأيت أبا موسى) الأشعري (وأصحاب السفينة يأتوني) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: يأتونني بنونين وله عن الكشميهني يأتون أسماء (أرسالاً) بفتح الهمزة أفواجًا أي ناسًا بعد ناس (يسألوني) ولأبي ذر يسألونني بنونين (عن هذا الحديث ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم): وقوله قالت أسماء: يحتمل أن يكون من رواية أبي موسى عنها فيكون من رواية صحابي عن مثله، ويحتمل أن يكون من رواية أبي بردة عنها. ويؤيده قوله (قال أبو بردة): ليس
هو أخا أبي موسى (قالت أسماء: فلقد) ولأبي ذر: ولقد بالواو بدل الفاء (رأيت أبا موسى) الأشعري (وإنه ليستعيد هذا الحديث مني).
4232 -
قَالَ أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنِّي لأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ، وَمِنْهُمْ حَكِيمٌ إِذَا لَقِيَ الْخَيْلَ -أَوْ قَالَ: الْعَدُوَّ- قَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَصْحَابِي يَأْمُرُونَكُمْ أَنْ تَنْظُرُوهُمْ» .
(قال): ولأبي ذر وقال: (أبو بردة) بالإسناد السابق (عن أبي موسى قال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن) بتثليث راء رفقة وضمها أشهر (حين يدخلون) منازلهم (بالليل) إذا خرجوا إلى المسجد أو لشغل ما ثم رجعوا. وقال الدمياطي: الصواب حين يرحلون
بالراء والحاء المهملة بدل الدال والخاء المعجمة. وقال النووي: الأولى صحيحة أو أصح. وقال صاحب المصابيح: ولم أعرف ما الموجب لطرح هذه الرواية مع استقامتها هذا شيء عجيب (واعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار ومنهم حكيم) صفة لرجل منهم كما قاله أبو علي الصدفي أو علم على رجل من الأشعريين كما قاله أبو علي الجياني (إذا لقي الخيل أو قال: العدوّ) بالشك (قال لهم: إن أصحابي يأمرونكم أن تنظروهم) بفتح الفوقية وضم الظاء المعجمة ولأبي ذر أن تنظرونهم بضم التاء وكسر الظاء أي تنظروهم أي من الانتظار أنه لفرط شجاعته كان لا يفر من العدوّ بل يواجههم، ويقول لهم، إذا أرادوا الانصراف مثلاً: انتظروا الفرسان حتى يأتوكم ليبعثهم على القتال، وهذا بالنسبة إلى قوله العدوّ، وأما بالنسبة إلى الخيل فيحتمل أن يريد بها خيل المسلمين، ويثير بذلك إلى أن أصحابه كانوا رجالة فكان يأمر الفرسان أن ينتظروهم ليسيروا إلى العدو جميعًا قاله في الفتح.
4233 -
حَدَّثَنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ حَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أَنِ افْتَتَحَ خَيْبَرَ فَقَسَمَ لَنَا وَلَمْ يَقْسِمْ لأَحَدٍ لَمْ يَشْهَدِ الْفَتْحَ غَيْرَنَا.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه أنه (سمع حفص بن غياث) يقول: (حدّثنا يزيد بن عبد الله عن) جده (أبي بردة عن أبي موسى) الأشعري رضي الله عنه أنه (قال: قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم) مع جعفر وأصحابه من الحبشة (بعد أن افتتح خيبر فقسم لنا) عليه الصلاة والسلام (ولم يقسم لأحد لم يشهد الفتح غيرنا) الأشعريين ومن معهم وجعفر ومن معه.
4234 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ثَوْرٌ قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ وَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً إِنَّمَا غَنِمْنَا الْبَقَرَ وَالإِبِلَ، وَالْمَتَاعَ، وَالْحَوَائِطَ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى وَادِي الْقُرَى، وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ أَهْدَاهُ لَهُ أَحَدُ بَنِي الضِّبَابِ فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ الْعَبْدَ. فَقَالَ النَّاسُ هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«بَلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا» فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ فَقَالَ: هَذَا شَىْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ» . [الحديث 4234 - طرفه في: 6707].
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدثني بالإفراد (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا معاوية بن عمرو) بفتح العين ابن المهلب البغدادي قال: (حدّثنا أبو إسحاق) إبراهيم بن محمد الفزاري (عن مالك بن أنس) الإمام أنه (قال: حدثني) بالإفراد (ثور) بفتح المثلثة وبعد الواو
الساكنة راء ابن زيد الديلي المدني (قال: حدثني) بالإفراد (سالم) أبو الغيث (مولى ابن مطيع) عبد الله ولا يعرف اسم أبي سالم (أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: افتتحنا خيبر) أي افتتح المسلمون خيبر وإلا فأبو هريرة لم يحضر فتح خيبر نعم حضرها بعد الفتح (ولم) ولأبوي ذر والوقت فلم (نغنم ذهبًا ولا فضة إنما غنمنا البقر والإبل والمتاع والحوائط) أي البساتين (ثم انصرفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي القرى) بضم القاف وفتح الراء مقصورًا موضع بقرب المدينة (ومعه) عليه الصلاة والسلام (عبد له) أسود (يقال له: مدعم) بكسر الميم وسكون الدال وفتح العين المهملتين آخره ميم وقيل كركرة بفتح الكافين أو كسرهما (أهداه له أحد بني الضباب) بكسر الضاد المعجمة وبباءين موحدتين بينهما ألف وهو رفاعة بن زيد بن وهب الجذامي كما في مسلم ولمسلم الضبيب مصغرًا واختلف هل أعتقه صلى الله عليه وسلم أو مات رقيقًا (فبينما) بالميم (هو يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم عائر) بعين مهملة فألف فهمزة فراء بوزن فاعل لا يدري من رمى به وقيل هو الحائد عن قصده (حتى أصاب ذلك العبد فقال الناس: هنيئًا له الشهادة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(بلى) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي بل بسكون اللام وهي الصواب والأولى تصحيف (والذي نفسي بيده وإن الشملة التي أصابها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل) بنفسها (عليه نارًا) تعذيبًا له أو أنها سبب لعذابه في النار (فجاء رجل) لم يقف الحافظ ابن حجر على اسمه (حين سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم بشراك أو بشراكين) بكسر الشين المعجمة سير النعل على ظهر
القدم (فقال: هذا شيء كنت أصبته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شراك أو شراكان من نار) والشك من الراوي.
4235 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا أَنْ أَتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَيَّانًا لَيْسَ لَهُمْ شَىْءٌ مَا فُتِحَتْ عَلَىَّ قَرْيَةٌ إِلَاّ قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، وَلَكِنِّي أَتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ يَقْتَسِمُونَهَا.
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) الجمحي مولاهم البصري ونسبه لجده الأعلى واسم أبيه الحكم بن محمد بن أبي مريم قال: (أخبرنا محمد بن جعفر) هو ابن أبي كثير المدني (قال: أخبرني) بالإفراد (زيد عن أبيه) أسلم مولى عمر بن الخطاب (أنه سمع عمر بن الخطاب) رضي الله عنه (يقول: أما) بفتح الهمزة وتخفيف الميم (والذي نفسي بيده لولا أن أترك آخر الناس بيانًا) بفتح الموحدتين وتشديد الثانية وبعد الألف نون قال أبو عبيد: لا أحسبه عربيًّا. وقال الأزهري: هو لغة يمانية لم تفش في كلام معدّ وهو والباج بمعنى واحد. وقال في القاموس: وهم ببان واحد وعلى ببان ويخفف أي طريقة واحدة. وقال في النهاية: أي أتركهم شيئًا واحدًا لأنه إذا قسم البلاد المفتوحة على الغانمين بقي من لم يحضر الغنيمة ومن يجيء بعد من المسلمين بغير شيء منها فلذلك تركها لتكون بينهم جميعهم انتهى. وقيل معناه لولا أن أتركهم فقراء معدمين (ليس لهم شيء ما
فتحت) بضم الفاء وكسر الفوقية (علي) بتشديد التحتية (قرية إلا قسمتها) بينهم (كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر ولكني أتركها خزانة لهم يقتسمونها) بكسر الخاء المعجمة أي يقتسمون خراجها.
4236 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: لَوْلَا آخِرُ الْمُسْلِمِينَ مَا فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ قَرْيَةٌ إِلَاّ قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (محمد بن المثنى) العنزي الزمن قال: (حدّثنا ابن مهدي) عبد الرحمن (عن مالك بن أنس) الإمام (عن زيد بن أسلم عن أبيه) أسلم (عن) مولاه (عمر) بن الخطاب (رضي الله عنه) أنه (قال: لولا آخر المسلمين ما فتحت) بضم الفاء مبنيًّا للمفعول (عليهم قرية إلا قسمتها كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر) نظرًا إلى المصلحة العامة للمسلمين وذلك بعد استرضائه لهم وكان عمر رضي الله عنه يفضل المهاجرين وأهل بدر في العطاء.
4237 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ وَسَأَلَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ، قَالَ لَهُ بَعْضُ بَنِي سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: لَا تُعْطِهِ يا رَسُولَ الله فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ، فَقَالَ: وَاعَجَبَاهْ لِوَبْرٍ تَدَلَّى مِنْ قَدُومِ الضَّأْنِ.
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: سمعت الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (وسأله إسماعيل بن أمية) بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي والجملة حالية (قال: أخبرني) بالإفراد (عنبسة بن سعيد) بفتح العين المهملة والموحدة بينهما نون ساكنة والسين مهملة عم والد إسماعيل (إن أبا هريرة رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله) وهو بخيبر أن يعطيه من غنائم خيبر (قال له بعض بني سعيد بن العاص): هو أبان بن سعيد (لا تعطه يا رسول الله فقال أبو هريرة: هذا) يعنى أبان بن سعيد (قاتل ابن قوقل) بقافين مفتوحتين بينهما واو ساكنة آخره لام بوزن جعفر اسمه النعمان بن مالك بن ثعلبة بن أصرم بصاد مهملة بوزن أحمر الأنصاري الأوسي وقوقل لقب ثعلبة أو لقب أصرم (فقال) أبان بن سعيد: (واعجباه) بهاء ساكنة آخره اسم فعل بمعنى أعجب (لوبر) بلام مكسورة فواو مفتوحة فموحدة ساكنة فراء دويبة تشبه السنور تسمى غنم بني إسرائيل (تدلى) بمعنى انحدر علينا (من قدوم الضأن) بفتح القاف وضم الدال المخففة والضأن بالضاد المعجمة بعدها همزة اسم جبل بأرض دوس قوم أبي هريرة، وأراد أبان بذلك تحقير أبي هريرة وأنه ليس في قدر من يشير بعطاء ولا منع.
4238 -
وَيُذْكَرُ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُخْبِرُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَانَ عَلَى سَرِيَّةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَدِمَ أَبَانُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ بَعْدَ مَا افْتَتَحَهَا وَإِنَّ حُزْمَ خَيْلِهِمْ لَلِيفٌ قَالَ أَبُو
هُرَيْرَةَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَقْسِمْ لَهُمْ قَالَ أَبَانُ: وَأَنْتَ بِهَذَا يَا وَبْرُ تَحَدَّرَ مِنْ رَأْسِ ضَأْنٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَانُ اجْلِسْ» فَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ. قَالَ أَبُو عَبْدُ الله: الضَّالُّ السِّدرُ.
(ويذكر) مبني للمفعول بصيغة التمريض (عن الزبيدي) بضم الزاي وفتح الموحدة محمد بن الوليد مما وصله أبو داود وغيره (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (عنبسة بن سعيد أنه سمع أبا هريرة) رضي الله عنه حال كونه (يخبر سعيد بن العاص قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبان) بن سعيد (على سرية من المدينة قبل نجد) بكسر القاف وفتح الموحدة أي ناحية نجد. قال ابن حجر: لم أعرف حال هذه السرية (قال أبو هريرة: فقدم أبان وأصحابه على النبي صلى الله عليه وسلم) حال كونه (بخيبر بعدما افتتحها وإن حزم خيلهم) بضم الحاء والزاي وبسكونها في اليونينية جمع حزام (لليف) بلام التأكيد والرفع خبر إن. ولأبي ذر عن الكشميهني الليف بتشديد اللام بدون لام التأكيد (قال أبو
هريرة: قلت يا رسول الله لا تقسم لهم) لأبان ومن معه (قال أبان: وأنت بهذا) المكان والمنزلة من رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنك لست من أهله ولا من قومه ولا من بلاده (يا وبر تحدر من رأس ضأن) جبل وتحدر بلفظ الماضي على طريق الالتفات من الخطاب إلى الغيبة ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر ضال بلام مخففة بدل النون من غير همز. قال في فتح الباري: قيل وقع في إحدى الطريقين ما يدخل في قسم المقلوب فإن في رواية ابن عيينة أن أبا هريرة السائل أن يقسم له وأن أبان هو الذي أشار بمنعه وقد رجح الذهلي رواية الزبيدي ويؤيد ذلك قوله (فقال النبي صلى الله عليه وسلم):
(يا أبان أجلس فلم) ولأبي ذر ولم (يقسم لهم) قال: ويحتمل أن يجمع بينهما بأن يكون كل من أبان وأبي هريرة أشار أن لا يقسم للآخر، ويدل عليه أن أبا هريرة احتج على أبان بأنه قاتل ابن قوقل، وأبان احتج على أبي هريرة بأنه ليس ممن له في الحرب يد يستحق بها النفل فلا قلب.
(قال أبو عبد الله) المؤلّف (الضال) باللام هو (السدر) زاد أهل اللغة البري وهذا ثابت لأبي ذر عن المستملي ساقط لغيره.
4239 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَخْبَرَنِي جَدِّي أَنَّ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ أَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ وَقَالَ أَبَانُ لأَبِي هُرَيْرَةَ: وَاعَجَبًا لَكَ. وَبْرٌ تَدَأْدَأَ مِنْ قَدُومِ ضَأْنٍ يَنْعَى عَلَيَّ امْرَأً أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِيَدِي وَمَنَعَهُ أَنْ يُهِينَنِي بِيَدِهِ.
وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: (حدّثنا عمرو بن يحيى بن سعيد) بفتح العين الأموي وسقط لأبي ذر ابن سعيد قال: (أخبرني) بالإفراد (جدي) سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص (أن أبان بن سعيد أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم) بخيبر بعدما افتتحها (فسلم عليه فقال أبو هريرة: يا رسول الله هذا) أبان بن سعيد (قاتل ابن قوقل) يوم أحد وكان كافرًا ثم أسلم وقيل إن
الذي قتل ابن قوقل في أحد إنما هو صفوان بن أمية الجمحي (وقال) ولأبي ذر فقال: (أبان لأبي هريرة: واعجبًا لك وبر تدأدأ) بمهملتين بينهما همزة ساكنة وآخره أخرى مفتوحة هجم ولأبي ذر عن المستملي تدارأ براء بدل الدال الثانية بغير همز (من قدوم ضأن) بفتح القاف كما مر (ينعي) بفتح الياء وسكون النون وفتح العين المهملة أي يعيب (عليّ) بتشديد الياء (امرًأ) بفتح الراء تبعًا للهمزة يعني ابن قوقل (أكرمه الله) بأن صيره شهيدًا (بيدي) بالإفراد (ومنعه) أي ابن قوقل (أن يهينني) يقتلني (بيده) لأن أبان كان حينئذٍ كافرًا فلو قتله ابن قوقل قبل أن يسلم كان ذلك إهانة له وخزيًا ففاز ذاك بالشهادة وذا بالإسلام وفي رواية بالفرع وأصله يهني بنون مشدّدة بإدغام الأولى في الأخرى.
4240 و 4241 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ عليها السلام بِنْتَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَالِ وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ لَيْلاً وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا، وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ تِلْكَ الأَشْهُرَ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنِ ائْتِنَا وَلَا يَأْتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ كَرَاهِيَةً لِمَحْضَرِ عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ: لَا وَاللَّهِ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا عَسَيْتَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِي وَاللَّهِ لآتِيَنَّهُمْ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ فَقَالَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ وَمَا أَعْطَاكَ اللَّهُ وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالأَمْرِ وَكُنَّا نَرَى لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَصِيبًا، حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ إِلَىَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَمْوَالِ فَلَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الْخَيْرِ وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلَاّ صَنَعْتُهُ فَقَالَ عَلِيٌّ لأَبِي بَكْرٍ: مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةُ لِلْبَيْعَةِ فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ رَقِيَ الْمِنْبَرِ فَتَشَهَّدَ وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنِ الْبَيْعَةِ وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ وَحَدَّثَ أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلَا إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ وَلَكِنَّا كُنَّا نَرَى لَنَا فِي هَذَا الأَمْرِ نَصِيبًا فَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَقَالُوا: أَصَبْتَ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ الْمَعْرُوفَ.
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي الحافظ المصري قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) هو ابن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله عنها (أن فاطمة) الزهراء عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر) الصديق رضي الله عنه (تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه) أي مما أعطاه الله من مال الكفار من غير حرب ولا جهاد (بالمدينة) نحو أرض بني النضير حين أجلاهم (وفدك) مما صالح أهلها على نصف أرضها (وما بقي من خُمس خيبر فقال أبو بكر) رضي الله عنه: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
إنا معاشر الأنبياء (لا نورث ما تركنا صدقة) بالرفع خبر سابقه (إنما يأكل آل محمد) صلى الله عليه وسلم (في هذا المال) ما يكفيهم (وإني والله لا أغير شيئًا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كان) ولأبي ذر عن الكشميهني: كانت (عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) سقط لفظ وسلم من اليونينية (ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى) أي امتنع (أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئًا فوجدت) بالجيم أي غضبت (فاطمة على أبي بكر في ذلك) لما فيها من مقتضى البشرية ثم سكن بعد (فهجرته) هجران انقباض عن لقائه لا الهجران المحرّم ولعلها تمادت في اشتغالها بشؤونها ثم بمرضها (فلم تكلمه حتى توفيت. وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر) على الصحيح المشهور.
(فلما توفيت دفنها زوجها علي) رضي الله عنه (ليلاً) بوصية منها كما عند ابن سعد إرادة لزيادة التستر (ولم يؤذن) بغير همزة في اليونينية وبه في الناصرية ولم يعلم (بها أبا بكر) لأنه ظن أن ذلك لا يخفى عنه وليس فيه ما يدل على أنه لم يعلم بموتها ولا صلّى عليها (وصلّي عليها) أي علي، وعند ابن سعد أن العباس صلّى عليها (وكان لعلي من الناس وجه) أي يحترمونه (حياة فاطمة) إكرامًا لها (فلما توفيت استنكر عليّ وجوه الناس) لأنهم قصروا عن ذلك الاحترام لاستمراره على عدم مبايعته أبي بكر وكانوا يعذرونه أيام حياتها عن تأخره عن ذلك باشتغاله بها وتسلية خاطرها (فالتمس) علي (مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن يبايع) أبا بكر (تلك الأشهر) الستة إما لاشتغاله بفاطمة كما مرّ أو اكتفاء بمن بايعه إذ لا يشترط استيعاب كل أحد بل يكفي الطاعة والانقياد (فأرسل) علي (إلى أبي بكر) الصديق رضي الله عنه (أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك كراهية) منه (لمحضر عمر) مصدر ميمي بمعنى الحضور، ولأبي ذر ليحضر عمر وذلك لما عرفوه من قوة عمر وصلابته في القول والفعل فربما تصدر منه معاتبة تفضي إلى خلاف ما قصدوه من المصافاة (فقال عمر): لما بلغه ذلك لأبي بكر (لا والله لا تدخل عليهم وحدك) فربما تركوا من تعظيمك ما يجب لك (فقال أبو بكر) رضي الله عنه: (وما عسيتهم) بكسر السين وفتحها (أن يفعلوا) ولأبي ذر: أن يفعلوه (بي) أي علي ومن معه.
قال ابن مالك: فيه شاهد على صحة تضمين بعض الأفعال معنى فعل آخر وإجرائه مجراه في التعدية فإن عسى في هذا الكلام قد تضمنت معنى حسب وأجريت مجراها فنصبت ضمير
الغائبين على أنه مفعول أول ونصبت أن يفعلوا تقديرًا على أنه مفعول ثان وكان حقه أن يكون عاريًا من أن كما لو كان بعد حسب، ولكن جيء بأن لئلا تخرج عسى بالكلية عن مقتضاها، ولأن أن قد تسد بصلتها مسد مفعولي حسب فلا يستبعد مجيئها بعد المفعول الأول بدلاً منه وسادة مسد ثاني مفعوليها. قال: ويجوز جعل تاء عسيتم حرف خطاب، والهاء والميم اسم عسى والتقدير ما عساهم أن يفعلوا بي وهو وجه حسن.
(والله لآتينهم فدخل عليهم أبو بكر فتشهد عليّ فقال: إنّا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله ولم ننفس عليك خيرًا ساقه الله إليك) بفتح فاء ننفس أي لم نحسدك على الخلافة (ولكنك استبددت) بدالين إحداهما مفتوحة والأخرى ساكنة (علينا بالأمر) أي لم تشاورنا في أمر الخلافة (وكنا نرى) بفتح النون في الفرع كأصله وبالضم (لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيبًا) من المشاورة ولم يزل علي رضي الله عنه يذكر له ذلك (حتى فاضت عينا أبي بكر) من الرقة (فلما تكلم أبو بكر قال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبّ إليّ أن أصل من قرابتي، وأما الذي شجر بيني وبينكم) أي وقع فيه التنازع والاختلاف (من هذه الأموال) التي تركها النبي صلى الله عليه وسلم، من فدك وغيرها (فلم) ولأبوي ذر والوقت فإني لم (آل) بمد الهمزة وضم اللام لم أقصر (فيها) في الأموال (عن الخير ولم أترك أمرًا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلا صنعته. فقال عليّ لأبي بكر: موعدك العشية) بالفتح على الظرفية أو الرفع خبر المبتدأ أي بعد الزوال (للبيعة، فلما صلّى أبو بكر الظهر رقي) بكسر القاف أي علا (المنبر فتشهد وذكر شأن عليّ وتخلفه عن البيعة وعذره) بفتحات بصيغة الماضي بوزن نهره أي قبل عذره ولغير أبي ذر عذره بضم العين وسكون المعجمة (بالذي اعتذر إليه ثم استغفر وتشهد عليّ) رضي الله عنه (فعظم) ولأبي ذر عن الكشميهني وعظم (حق أبي بكر) زاد مسلم وذكر فضله وسابقته في الإسلام ثم مضى إلى أبي بكر فبايعه (وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع) من التأخر (نفاسة على أبي بكر) أي حسدًا (ولا إنكارًا للذي فضله الله به ولكنا كنا نرى) بفتح النون فقط في اليونينية وفي غيرها بضمها (لنا في هذا الأمر) أي أمر الخلافة