الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لعائشة رضي الله عنها (جزاك الله خيرًا فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجًا) من مضايقه وكربه والكاف في الثلاثة مكسورة على ما لا يخفى (وجعل للمسلمين) كلهم (فيه بركة) وسبق هذا الحديث في التيمم.
3774 -
حَدَّثَنا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا كَانَ فِي مَرَضِهِ جَعَلَ يَدُورُ فِي نِسَائِهِ وَيَقُولُ: أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا حِرْصًا عَلَى بَيْتِ
عَائِشَةَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي سَكَنَ".
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (عبيد بن إسماعيل) الهباري قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان في مرضه) الذي توفي فيه (جعل يدور في نسائه ويقول):
(أين أنا غدًا أين أنا غدًا) مرتين حال كون قوله ذلك (حرصًا على) أن يكون في (بيت عائشة) رضي الله عنها. قال عروة (قالت عائشة: فلما كان يومي) يوم نوبتي (سكن). قال الكرماني: أي مات أو سكت عن هذا القول، وتعقبه في الفتح فقال الثاني: أي سكوته هو الصحيح والأول خطأ صريح، وتعقبه في العمدة فقال: الخطأ الصريح تخطئته لأن في رواية مسلم فلما كان يومي قبضه الله عز وجل بين سحري ونحري اهـ.
وهذا لا حجة فيه لأن مرادها أنه قبض يوم نوبتها لا اليوم الذي جاء إليها فيه لأن ذلك كان قبل موته بمدة، وقوله عن هشام عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صورته صورة المرسل لأن عروة تابعي، لكن دل قوله قالت عائشة رضي الله عنها أنه موصول عنها، ويأتي إن شاء الله تعالى موصولاً من وجه آخر في باب الوفاة النبوية بعون الله تعالى وقوته.
3775 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَاجْتَمَعَ صَوَاحِبِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، وَاللَّهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، وَإِنَّا نُرِيدُ الْخَيْرَ كَمَا تُرِيدُهُ عَائِشَةُ، فَمُرِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ أَنْ يُهْدُوا إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ، أَوْ حَيْثُ مَا دَارَ. قَالَتْ: فَذَكَرَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: فَأَعْرَضَ عَنِّي. فَلَمَّا عَادَ إِلَىَّ ذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ ذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَىَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا» .
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن عبد الوهاب) الحجبي البصري قال: (حدّثنا حماد) هو ابن زيد قال: (حدّثنا هشام عن أبيه) عروة أنه (قال: كان الناس يتحرون) بالحاء المهملة والراء المشددة المفتوحتين يقصدون (بهداياهم) للنبي صلى الله عليه وسلم (يوم) نوبة (عائشة) رضي الله عنها حين يكون عليه الصلاة والسلام عندها لعلمهم بحبه لها (قالت عائشة: فاجتمع صواحبي) أمهات المؤمنين (إلى أم سلمة) هند زوج النبي صلى الله عليه وسلم (فقلن) لها ولأبي ذر فقالوا (يا أم سلمة والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة وإنا نريد الخير) بنون المتكلم ومعه غيره (كما تريده عائشة فمري) بفتح الفاء وضم الميم وكسر الراء (رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيثما كان) من بيوت نسائه (أو حيثما دار) إليهن يوم نوبتهن (قالت): عائشة (فذكرت ذلك) الذي قلن لها (أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم) لما دار إليها يوم نوبتها (قالت) أم سلمة: (فأعرض عني) عليه الصلاة والسلام (فلما
عاد إليّ) يوم نوبتي (ذكرت له ذاك) الذي قلن، ولأبي ذر ذلك باللام (فأعرض عني فلما كان في) المرة (الثالثة ذكرت له) ذلك (فقال) عليه الصلاة والسلام:
(يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة فإنه والله ما نزل عليّ الوحي وأنا في لحاف امرأة منكنّ غيرها) وكفاها بهذا شرفًا وفخرًا. ولحاف بكسر اللام هو ما يتغطى به.
وهذا الحديث قد سبق في باب قبول الهدية من كتاب الهبة.
هذا آخر النصف الأول كما نقله الكرماني عن المتقنين المعتنين بالبخارى من الشيوخ، وانتهت كتابته على يد جامعه أحمد بن محمد بن أبي بكر القسطلاني يوم الخميس حادي عشري رجب الفرد الحرام سنة إحدى عشرة وتسعمائة، والله أسأل بوجهه الكريم ونبيه العظيم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم أن يعينني على إتمامه وتحريره، وينفعني به والمسلمين في الحال والمآل مع القبول والإقبال، وأن يمن عليّ بالمقام في الحضرة المحمدية مع الرضا في عافية بلا محنة استودعه ذلك فإنه لا تخيب ودائعه، والحمد لله وحده وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ولا ملجأ ولا منجا من الله إلا إليه. يتلوه إن شاء الله تعالى أول النصف الثاني.
بسم الله الرحمن الرحيم
63 - كتاب مناقب الأنصار
1 - باب مَنَاقِبُ الأَنْصَارِ
(بسم الله الرحمن الرحيم).
(باب مناقب الأنصار) جمع ناصر كالأصحاب جمع صاحب، ويقال جمع نصير كشريف وأشراف، والنسبة أنصاري وليس نسبة الأب ولا أم، بل سموا بذلك لما فازوا به دون
غيرهم من نصرته صلى الله عليه وسلم وإيوائه وإيواء من معه ومؤاساتهم بأنفسهم وأموالهم، وكان القياس أن يقال: ناصري فقالوا: أنصاري كأنهم جعلوا الأنصار اسم المعنى.
فإن قلت: الأنصار جمع قلة فلا يكون لما فوق العشرة وهم ألوف. أجيب: بأن جمعي القلة والكثرة إنما يعتبران في نكرات المجموع، أما في المعارف فلا فرق بينهما، والأنصار هم ولد الأوس والخزرج وحلفاؤهم أبناء حارثة بن ثعلبة وهو اسم إسلامي، واسم أمهم قيلة بالقاف المفتوحة والتحتية الساكنة وسقط باب لأبوي ذر والوقت فمناقب بالرفع على ما لا يخفى.
(وقول الله عز وجل {والذين آووا ونصروا} [الأنفال: 72] ({والذين تبوأوا الدار والإيمان}) أي لزموهما وتمكنوا فيهما أو تبوأوا دار الهجرة ودار الإيمان فحذف المضاف من الثاني والمضاف إليه من الأول، وعوض عنه اللام أو تبوأوا دار الهجرة وأخلصوا الإيمان كقوله:
علفتها تبنًا وماءً باردًا
أو سمى المدينة بالإيمان لأنها مظهره ({من قبلهم}) من قبل هجرة المهاجرين وهم الأنصار ({يحبون من هاجر إليهم}) ولا يثقل عليهم ({ولا يجدون في صدورهم}) من أنفسهم ({حاجة
مما أوتوا}) [الحشر: 9] مما أعطي المهاجرون من الفيء وغيره وبقية الأوصاف ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
قال في فتوح الغيب: وحاصل الوجوه الأربعة يعود إلى أن عطف الإيمان على الدار إما من باب التقدير أو من باب الانسحاب، والإيمان إما مجرى على حقيقته أو استعارة، ففي الوجه الأول الإيمان حقيقة والعطف من باب التقدير لكن يقدر بحسب ما يناسبه، وكذلك في الوجه الثالث العطف فيه للتقدير لكن بحسب السابق، وفي الثاني والرابع العطف على الانسحاب والإيمان على الوجه الثاني استعارة مكنية، وعلى الثالث مجاز أضيف بأدنى ملابسة، وعلى الرابع استعارة مصرحة تحقيقية فشبه في الوجه الأول الإيمان من حيث إن المؤمنين من الأنصار تمكنوا فيه تمكن المالك المتسلط في مكانه ومستقره بمدينة من المدائن الحصينة بنوابعها ومرافقها، ثم قيل إن الإيمان مدينة بعينها تخييلاً محضًا فأطلق على المتخيل باسم الإيمان المشبه وجعلت القرينة نسبة التبوّء اللازم للمشبه به على سبيل الاستعارة التخييلية لتكون مانعة لإرادة الحقيقة، وعلى الرابع شبهت طيبة لكونها دار الهجرة ومكان ظهور الإيمان بالتصديق الصادر من المخلص المحلى بالعمل الصالح، ثم أطلق الإيمان على مدينته عليه الصلاة والسلام بوساطة نسبة التبوّء إليه وهي استعارة مصرحة تحقيقية لأن المشبه المتروك وهو المدينة حسي والجامع النجاة من مخاوف الدارين، ففي الأول المبالغة والمدح يعود إلى سكان المدينة أصالة، وفي الثاني بالعكس. والأول أدعى لاقتضاء المقام لأن الكلام وارد في مدح الأنصار الذين بذلوا مهجهم وأموالهم في نصرة الله ونصرة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم الذين آووه ونصروه وسقط لأبي ذر قوله:(يحبون) الخ وقال بعد قوله: ({من قبلهم} [الحشر: 9] الآية.
3776 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: "قُلْتُ لأَنَسٍ: أَرَأَيْتَ اسْمَ الأَنْصَارِ كُنْتُمْ تُسَمَّوْنَ بِهِ، أَمْ سَمَّاكُمُ اللَّهُ؟ قَالَ: بَلْ سَمَّانَا اللَّهُ. كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى أَنَسٍ فَيُحَدِّثُنَا بمَنَاقِبَ الأَنْصَارِ وَمَشَاهِدَهُمْ، وَيُقْبِلُ عَلَيَّ أَوْ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَزْدِ فَيَقُولُ: فَعَلَ قَوْمُكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا". [الحديث 3776 - طرفه في: 3844].
وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: (حدّثنا مهدي بن ميمون) المعولي بكسر الميم وسكون العين المهملة وفتح الواو البصري وسقط ابن ميمون لأبي ذر قال: (حدّثنا غيلان بن جرير) بفتح الغين المعجمة في الأول والجيم في الثاني المعولي البصري (قال: قلت لأنس) هو ابن مالك رضي الله عنه (أرأيت) أي أخبرني، ولأبي الوقت: أرأيتم أي أخبروني (اسم الأنصار كنتم) ولأبي الوقت: أكنتم (تسمون به) بفتح السين المهملة والميم المشددة قبل القرآن (أم سماكم الله؟) عز وجل به (قال) أنس رضي الله عنه: (بل سمانا الله) زاد أبو ذر عز وجل أي به كما في قوله تعالى: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار} [التوبة: 100] قال غيلان: (كنا ندخل على أنس) رضي الله عنه بالبصرة (فيحدّثنا مناقب الأنصار) ولأبي ذر. بمناقب الأنصار بزيادة الموحدة قبل الميم (ومشاهدهم) بالنصب أو بالخفض (ويقبل علي) بتشديد الياء (أو على رجل
من الأزد) بفتح الهمزة وسكون الزاي غيري أو المراد بالأزدي غيلان والشك من الراوي هل قال عليّ أو أبهم
نفسه (فيقول) مخاطبًا لي أو للرجل: (فعل قومك) يريد الأنصار (يوم كذا وكذا كذا وكذا) يحكي ما كان من مآثرهم في المغازي ونصر الإسلام. واستشكل بأنه ليس قومه من الأنصار. وأجيب بأنه باعتبار النسبة الأعمية إلى الأزد لأن الأزد يجمعهم.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في آخر أيام الجاهلية والنسائي في التفسير.
3777 -
حَدَّثَنا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "كَانَ يَوْمُ بُعَاثَ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَأُهُمْ، وَقُتِلَتْ سَرَوَاتُهُمْ وَجُرِّحُوا. فَقَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فِي دُخُولِهِمْ فِي الإِسْلَامِ". [الحديث 3777 - طرفاه في: 3846، 3930].
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (عبيد بن إسماعيل) الهباري (قال: حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة، وثبت "قال" في الفرع وسقطت في اليونينية (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة رضي الله عنها) أنها (قالت: كان يوم بعاث) بضم الموحدة وتخفيف العين المهملة وبعد الألف مثلثة أو بالغين المعجمة أو هو تصحيف أو بالوجهين عن الأصيلي كما حكاه عياض أو بالمعجمة فقط لأبي ذر غير مصروف للتأنيث والعلمية لأنه اسم بقعة. قال ابن قرقول: على ميلين من المدينة وقع فيها حرب بين الأوس والخزرج، وكان سبب ذلك أن من قاعدتهم أن الأصيل لا يقتل بالحليف فقتل رجل من الأوس حليفًا للخزرج فأرادوا أن يقيدوه فامتنعوا فوقعت الحرب بينهم، لذلك قيل بقيت الحرب بينهم مائة وعشرين سنة حتى جاء الإسلام، وكان رئيس الأوس فيه حضيرًا والد أسيد وكان أيضًا فارسهم. وقال أبو أحمد العسكري، قال بعضهم: كان يوم بعاث قبل قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة بخمس سنين وقتل حضير وكثير من رؤسائهم وأشرافهم وكان ذلك اليوم (يومًا قدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم) إذ لو كانوا أحياء لاستكبروا عن متابعته عليه الصلاة والسلام ولمنع حب رئاستهم عن حب دخول رئيس عليهم وسقطت التصلية لأبي ذر (فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم) المدينة (و) الحال أنه (قد افترق ملأهم) أي جماعتهم (وقتلت) بضم القاف مبنيًّا للمفعول (سرواتهم) بفتح السين المهملة والراء والواو خيارهم وإشرافهم (وجرّحوا) بضم الجيم وتشديد الراء المكسورة بعدها حاء مهملة من الجرح، ولأبي ذر عن المستملي: وخرجوا بخاء معجمة فراء مفتوحتين فجيم من الخروج أي خرجوا من أوطانهم (فقدمه الله) بتشديد الدال أي ذلك اليوم (لرسوله صلى الله عليه وسلم) سقطت التصلية لأبي ذر (في) أي لأجل (دخولهم) أي الذين تأخروا (في الإسلام) فكان في قتل من قتل من أشرافهم ممن كان يأنف أن يدخل في الإسلام مقدمات الخير، وقد كان بقي منهم من هذا النحو عبد الله بن أبي ابن سلول، وقصته في أنفته وتكبره مشهورة لا تخفى، وفي هنا تعليلية كهي في قوله تعالى:{فذلكن الذي لمتنني فيه} [يوسف: 32]{ولمسكم فيما أفضتم فيه} [النور: 14] أي لأجله
وفي الحديث دخلت امرأة النار في هرة حبستها أي لأجلها.
3778 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ: «قَالَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ -وَأَعْطَى قُرَيْشًا-: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْعَجَبُ، إِنَّ سُيُوفَنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَاءِ قُرَيْشٍ، وَغَنَائِمُنَا تُرَدُّ عَلَيْهِمْ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَدَعَا الأَنْصَارَ، قَالَ فَقَالَ: مَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكُمْ؟ -وَكَانُوا لَا يَكْذِبُونَ- فَقَالُوا: هُوَ الَّذِي بَلَغَكَ. قَالَ: أَوَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالْغَنَائِمِ إِلَى بُيُوتِهِمْ، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بُيُوتِكُمْ؟ لَوْ سَلَكَتِ الأَنْصَارُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ» .
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي التياح) بالفوقية ثم التحتية المشددة وبعد الألف حاء مهملة يزيد بن حميد الضبعي البصري أنه (قال: سمعت أنسًا رضي الله عنه يقول: قالت الأنصار يوم فتح مكة): يعني عام فتحها بعد قسم غنائم حنين وكان بعد فتح مكة بشهرين (و) الحال أنه (أعطى قريشًا) ممن لم يتمكن الإيمان من قلبه لما بقي فيه من الطبع البشري في محبة المال غنائم حنين يتألفهم بذلك لتطمئن قلوبهم وتجتمع على محبته، لأن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها، ولذا لم يقسم أموال مكة عند فتحها ومقول قول الأنصار:(والله إن هذا) الإعطاء (لهو العجب إن سيوفنا لتقطر من دماء قريش) حال مقررة لجهة الإشكال أي ودماؤهم تقطر من سيوفنا فهو من باب القلب نحو: عرضت الناقة على الحوض قال:
لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى
…
وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
والمعنى أن سيوفنا من كثرة ما أصابها من دمائهم تقطر (وغنائمنا) أي التي غنمناها (تردّ عليهم) أي لم يعطنا منها شيئًا (فبلغ ذلك) الذي قالوه (النبي صلى الله عليه وسلم) ذكر ابن إسحاق عن أبي سعيد