الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(حدثني) بالإفراد (محمد بن العلاء) بن كريب أبو كريب الهمداني الكوفي قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي خالد (عن قيس) هو ابن أبي حازم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أنه (قال: لما قدمت) أي لما أردت القدوم (على النبي صلى الله عليه وسلم) أريد الإسلام عام خيبر سنة سبع (قلت في الطريق):
(يا ليلة) كذا في جميع الروايات، وقول الكرماني أنه لا بّد من إثبات فاء أو واو في أوله ليصير موزونًا، وتعقب بأن هذا في العروض يسمى الخرم بالخاء المعجمة المفتوحة والراء الساكنة، وهو أن يحذف من أول الجزء حرف من حروف المعاني وما جاز حذفه لا يقال لا بدّ من إثباته قاله في الفتح (من طولها وعنائها) بفتح العين والنون والمدّ تعبها (على أنها من دارة الكفر نجت) والدارة أخص من الدار وقد أكثر استعمالها في أشعار العرب كقول امرئ القيس:
ولا سيما يوم بدارة جلجل
قال أبو هريرة (وأبق غلام لي في الطريق) قال في الفتح: لم أقف على اسمه، وفي رواية محمد بن عبد الله بن نمير عن محمد بن بشر عن إسماعيل بن أبي خالد في العتق: ومعه غلام ضلّ كل واحد منهما عن صاحبه أي: تاه فذهب كل واحد إلى ناحية (فلما قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فبايعته) على الإسلام (فبينا) بغير ميم (أنا عنده إذ طلع الغلام فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم):
(يا أبا هريرة هذا غلامك) لعله علمه بإخبار الملك له أو بوصف أبي هريرة له والحمل على الأول أولى. قال أبو هريرة: (فقلت) ولأبي ذر فقال أي أبو هريرة (هو لوجه الله فأعتقته) أي بهذا اللفظ، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فأعتقه بلفظ الماضي بفتح القاف بغير تاء بعدها.
76 - باب قِصَّةِ وَفْدِ طَيِّئٍ وَحَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ
(باب قصة وفد طيئ) بفتح الطاء المهملة وتشديد التحتية المكسورة بعدها همزة ابن أدد بن زيد بن يشجب. قيل: وسمي طيئًا لأنه أول من طوى بئرًا أو طوى المناهل وكان اسمه جلهمة (وحديث عدي بن حاتم) أي ابن عبد الله بن سعد بن الحشرج بمهملة ثم معجمة ثم راء ثم جيم بوزن جعفر، ابن امرئ القيس بن عدي الطائي، وسقط لفظ باب ولفظ قصة لأبي ذر.
4394 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: أَتَيْنَا عُمَرَ فِي وَفْدٍ فَجَعَلَ يَدْعُو رَجُلاً رَجُلاً وَيُسَمِّيهِمْ فَقُلْتُ: أَمَا تَعْرِفُنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: بَلَى، أَسْلَمْتَ إِذْ كَفَرُوا وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا، وَوَفَيْتَ إِذْ غَدَرُوا، وَعَرَفْتَ إِذْ أَنْكَرُوا، فَقَالَ عَدِيٌّ: فَلَا أُبَالِي إِذًا.
وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري قال: (حدّثنا عبد الملك) بن عمير (عن عمرو بن حريث) بفتح العين في الأول وضم الحاء المهملة آخره مثلثة في الثاني المخزومي الصحابي الصغير (عن عدي بن حاتم) بالحاء المهملة ابن عبد الله الطائي وأبوه حاتم الموصوف بالجود أنه (قال: أتينا عمر) بن الخطاب في خلافته (في وفد) بفتح الواو وسكون الفاء بعدها دال مهملة من طيئ (فجعل يدعو رجلاً رجلاً) من طيئ (ويسميهم) بأسمائهم قبل أن يدعوه بل قدمهم عليه، وفي رواية أحمد: أتيت عمر في أناس من قومي فجعل يعرض عني فاستقبلته (فقلت: أما) بتخفيف الميم (تعرفني يا أمير المؤمنين؟ قال: بلى) أعرفك (أسلمت) يا عدي (إذ كفروا، وأقبلت إذ) أي حين (أدبروا، ووفيت) بالتخفيف العهد بالإسلام والصدقة بعد النبي صلى الله عليه وسلم (إذ) أي حين (غدروا، وعرفت) الحق (إذ) أي حين (أنكروا. فقال عدي: فلا أبال إذًا) أي إذا كنت تعرف قدري فلا أبالي إذا قدمت عليّ غيري.
وقد كان عدي نصرانيًّا وكان سبب إسلامه كما ذكره ابن إسحاق أن خيل النبي صلى الله عليه وسلم أصابت أخت عدي، وأن النبي صلى الله عليه وسلم منّ عليها فأطلقها بعد أن استعطفته فقالت له: هلك الوالد وغاب الوافد فامنن عليّ منّ الله عليك. قال: ومن وافدك؟ قالت: عدي بن حاتم، قال: الفارّ من الله
ورسوله؟ قال: فلما قدمت على عديّ أشارت عليه بالقدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم وأسلم. وفي الترمذي: أنه لما قدم قالوا: هذا عدي بن حاتم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قال قبل ذلك:"إني لأرجو الله أن يجعل يده في يدي".
77 - باب حَجَّةُ الْوَدَاعِ
(باب حجة الوداع) سميت بذلك لأنه ودع الناس فيها وبعدها، وسميت أيضًا بحجة الإسلام لأنه لم يحج من المدينة بعد فرض الحج غيرها، وحجة البلاغ لأنه بلّغ
الناس فيها الشرع في الحج قولاً وفعلاً، وحجة التمام والكمال. وسقط لفظ باب لأبي ذر.
4395 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ لَنا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا» فَقَدِمْتُ مَعَهُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَشَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ» فَفَعَلْتُ فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ فَقَالَ: «هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ» قَالَتْ: فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حَلُّوا ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا.
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) الأويسي قال: (حدّثنا مالك) هو ابن أنس إمام الأئمة (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عروة بن الزبير) بن العوّام (عن عائشة رضي الله عنها) أنها (قالت: خرجنا) من المدينة (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع) لخمس بقين من ذي القعدة (فأهللنا) أي أحرمنا من ذي الحليفة (بعمرة، ثم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) بسرف:
(من كان عنده هدي فليهلّ) بلام مشددة، ولغير أبي ذر: فليهلل بلامين (بالحج مع العمرة ثم لا يحل) بالرفع في الفرع والنصب في غيره (حتى يحل منهما) من الحج والعمرة (جميعًا) قالت عائشة (فقدمت) بسكون الميم (معه) صلى الله عليه وسلم (مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة) عطف على المنفي السابق على تقدير ولم أسع أو هو على طريق المجاز (فشكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) ترك الطواف والسعي بسبب الحيض (فقال: انقضي رأسك) أي حليّ ضفر شعر رأسك (وامتشطي) سرحيه بالمشط (وأهلي) أحرمي (بالحج ودعي العمرة) أي عملها من الطواف والسعي والتقصير لا أنها تدع العمرة نفسها فتكون قارنة كما تأوله الشافعي -رحمه الله تعالى- عليه قالت (ففعلت) بسكون اللام ما ذكر من النقض إلى آخره (فلما قضينا الحج) أي وطهرت يوم النحر
(أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع) أخي (عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق) رضي الله عنهما (إلى التنعيم فاعتمرت فقال) عليه الصلاة والسلام: (هذه) العمرة (مكان عمرتك) برفع مكان خبر هذه أي عوضها أو بالنصب على الظرفية، والأول في الفرع، والثاني في أصله، وفيه بحث تقدم في باب: كيف تهل الحائض؟ (قالت: فطاف الذين أهلّوا بالعمرة بالبيت و) سعوا (بين الصفا والمروة) لأجل العمرة (ثم حلّوا) منها بالحلق أو التقصير (ثم طافوا طوافًا آخر) للحج (بعد أن رجعوا من منى، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا) لاندراج أفعال العمرة في أفعال الحج خلافًا للحنفية.
وهذا الحديث قد مرّ في باب كيف تهلّ الحائض، والغرض منه هنا قوله في حجة الوداع.
4396 -
حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلَّ فَقُلْتُ مِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] وَمِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ أَنْ يَحِلُّوا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقُلْتُ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَاهُ قَبْلُ وَبَعْدُ.
ويه قال: (حدثني) بالإفراد (عمرو بن علي) بفتح العين وسكون الميم ابن بحر الباهلي الصيرفي قال: (حدّثنا يحيى بن سعيد) القطان قال: (حدّثنا ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز قال: (حدثني) بالإفراد (عطاء) أي ابن أبي رباح (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أنه قال: (اذا طاف) المعتمر مطلقًا قارنًا كان أو ممتعًا (بالبيت) ولم يسع بين الصفا والمروة ولم يحلق ولم يقصر (فقد حلّ) من إحرامه، وهذا مذهب مشهور لابن عباس. قال ابن جريج (فقلت) لعطاء: (من أين قال هذا ابن عباس؟ قال: من قول الله تعالى: {ثم محلها إلى البيت العتيق} [الحج: 33].
ومن أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يحلّوا في حجة الوداع) قال ابن جريج: (فقلت) لعطاء: (إنما كان ذلك بعد المعرّف) بتشديد الراء المفتوحة أي الوقوف بعرفة (قال) عطاء: (كان ابن عباس يراه) أي الإحلال (قبل وبعد) بالبناء على الضم فيهما أي قبل الوقوف وبعده.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في المناسك.
4397 -
حَدَّثَنِي بَيَانٌ حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ طَارِقًا عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ: «أَحَجَجْتَ» ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «كَيْفَ أَهْلَلْتَ» ؟ قُلْتُ: لَبَّيْكَ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حِلَّ» فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَيْسٍ فَفَلَتْ رَأْسِي.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (بيان) بفتح الموحدة والتحتية المخففة آخره نون ابن عمرو وأبو محمد البخاري بالموحدة والخاء المعجمة قال: (حدّثنا النضر) بالنون والضاد المعجمة ابن شميل
بالشين المعجمة مصغرًا قال: (أخبرنا شعبة) بن الحجاج (عن قيس) هو ابن مسلم أنه (قال: سمعت طارقًا) بالقاف ابن شهاب الأحمسي البجلي الكوفي (عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه) أنه (قال: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم) حال كونه نازلاً (بالبطحاء) مسيل وادي مكة (فقال):
(أحججت)؟ بهمزة الاستفهام الإخباري أي أحرمت بالحج الشامل للأكبر والأصغر (قلت: نعم قال: كيف أهللت)؟ (قلت: لبيك بإهلال كإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: طف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حلّ) بكسر الحاء من عمرتك بالحلق أو بالتقصير.
قال أبو موسى (فطفت بالبيت وبالصفا والمروة) وفي رواية وبالمروة أي وحلقت أو قصرت (وأتيت امرأة من قيس) لم تسم (ففلّت رأسي) بتخفيف اللام أخرجت القمل منه.
والحديث مضى في باب: من أهلّ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كإهلاله.
4398 -
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ حَفْصَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يَحْلِلْنَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَتْ حَفْصَةُ: فَمَا يَمْنَعُكَ؟ فَقَالَ: «لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَسْتُ أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ هَدْيِي» .
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (إبراهيم بن المندر) القرشي الحزامي قال: (حدّثنا أنس بن عياض) المدني قال: (حدّثنا موسى بن عقبة) الإمام في المغازي (عن نافع) مولى ابن عمر (أن ابن عمر) رضي الله عنهما (أخبره أن حفصة) رضي الله عنها (زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أزواجه أن يحللن) بالطواف والسعي والتقصير من العمرة (عام حجة الوداع فقالت حفصة): يا رسول الله (فما يمنعك)؟ أن تحل من عمرتك المضمومة إلى الحج إذ إن أكثر الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم كان قارنًا (فقال):
إني (لبدت رأسي) أي بنحو الصمغ فلا يدخل فيه قمل (وقلدت هديي) بالتعليق للنعل في عنقه ليعلم (فلست أحل) بفتح الهمزة وكسر المهملة من إحرامي (حتى أنحر هديي) ليس علة في بقائه على إحرامه بل إدخاله العمرة على الحج، ويؤيده قوله في رواية أخرى: حتى أحل من الحج خلافًا للحنفية والحنابلة القائلين بأنه جعل العلة ما ذكر في هذا الحديث، وسبق مزيد لذلك في باب التمتع والإقران.
4399 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنِي شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ
أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَهَلْ يَقْضِي أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» .
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (حدثني) بالإفراد ولأبي ذر: أخبرنا بالخاء المعجمة والجمع (شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم قال البخاري (وقال محمد بن يوسف) الفريابي (حدّثنا الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو (قال: أخبرني) بالإفراد (ابن شهاب) محمد بن مسلم (عن سليمان بن يسار) بالتحتية والسين المهملة المخففة (عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من خثعم) بالخاء المعجمة والمثلثة ولم تسم المرأة (استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع) يوم النحر (والفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم) راكب خلفه (فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده) أي في الحج كما في الأخرى (أدركت أبي شيخًا كبيرًا) لم يسم ونصبهما على الحال (لا يستطيع أن يستوي على الراحلة) حال أو صفة (فهل يقضي) بفتح الياء أي يجزي أو يكفي عنه (أن أحج عنه؟ قال) عليه الصلاة والسلام: (نعم) يقضي عنه.
وهذا الحديث مرّ في باب الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة.
4400 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ وَهْوَ مُرْدِفٌ أُسَامَةَ عَلَى الْقَصْوَاءِ وَمَعَهُ بِلَالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، حَتَّى أَنَاخَ عِنْدَ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ لِعُثْمَانَ:«ائْتِنَا بِالْمِفْتَاحِ» فَجَاءَهُ بِالْمِفْتَاحِ فَفَتَحَ لَهُ الْبَابَ فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأُسَامَةُ وَبِلَالٌ وَعُثْمَانُ ثُمَّ أَغْلَقُوا عَلَيْهِمِ الْبَابَ فَمَكَثَ نَهَارًا طَوِيلاً ثُمَّ خَرَجَ وَابْتَدَرَ النَّاسُ الدُّخُولَ فَسَبَقْتُهُمْ فَوَجَدْتُ بِلَالاً قَائِمًا مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: صَلَّى بَيْنَ ذَيْنِكَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ، وَكَانَ الْبَيْتُ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ سَطْرَيْنِ صَلَّى بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ مِنَ السَّطْرِ الْمُقَدَّمِ، وَجَعَلَ بَابَ الْبَيْتِ خَلْفَ ظَهْرِهِ، وَاسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الَّذِي يَسْتَقْبِلُكَ حِينَ تَلِجُ الْبَيْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ، قَالَ: وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى؟ وَعِنْدَ الْمَكَانِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَرْمَرَةٌ حَمْرَاءُ.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (محمد) هو ابن رافع بن أبي زيد القشيري النيسابوري فيما قاله الغساني أو هو ابن يحيى الذهلي قال: (حدّثنا سريج بن النعمان) بالسين المهملة والجيم أبو الحسن البغدادي شيخ المؤلّف يروى عنه بالواسطة وبغيرها قال: (حدّثنا فليح) بضم الفاء وفتح اللام ابن سليمان (عن نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر رضي الله عنهما) أنه (قال: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح وهو) أي والحال أنه (مردف أسامة) وراءه (على القصواء) بفتح القاف وسكون المهملة ممدودًا ناقته عليه الصلاة والسلام (ومعه بلال) المؤذن (وعثمان بن طلحة) الحجبي (حتى أناخ) راحلته (عند البيت) الحرام (ثم قال لعثمان):
(ائتنا بالمفتاح) أي بمفتاح الكعبة (فجاءه بالمفتاح) ولأبي ذر عن المستملي: بالمفتح بلا ألف
فيهما، وفي الفرع شطب بالحمرة على الألف في الموضعين (ففتح له الباب، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وأسامة) بن زيد (وبلال) المؤذن (وعثمان) بن طلحة الكعبة (ثم أغلقوا عليهم الباب فمكث) بضم الكاف فيها (نهارًا طويلاً ثم خرج) عليه الصلاة والسلام منها (وابتدر الناس) بالواو ولأبوي ذر والوقت فابتدر الناس بالفاء بدل الواو (الدخول فسبقتهم) بسكون القاف (فوجدت بلالاً قائمًا من وراء الباب) وسقط لأبي ذر لفظ من (فقلت له): أي لبلال (أين صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: صلى بين ذينك العمودين المقدمين، وكان البيت) قبل أن يهدم ويبنى في زمن ابن الزبير (على ستة أعمدة سطرين)
بالسين المهملة، ولأبي ذر عن المستملي: شطرين بالشين المعجمة (صلى بين العمودين من السطر المقدم) بالسين المهملة (وجعل باب البيت خلف ظهره واستقبل بوجهه) الشريف (الذي يستقبلك) من الجدار (حين تلج) أي تدخل ولأبي ذر عن الحموي والمستملي حتى تلج (البيت) وفي الفرع شطب على حاء حين (بينه وبين الجدار) الذي قبل وجهه قريبًا من ثلاثة أذرع (قال) ابن عمر: (ونسيت أن أسأله) أي بلالاً (كم صلى)؟ صلى الله عليه وسلم ثم (وعند المكان الذي صلى فيه مرمرة حمراء) بسكون الراء بين الميمين المفتوحتين واحدة المرمر جنس من الرخام نفيس معروف.
وقد استشكل دخول هذا الحديث في باب حجة الوداع للتصريح فيه بأنه كان في الفتح.
4401 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَخْبَرَتْهُمَا أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَاضَتْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَحَابِسَتُنَا هِيَ» ؟ فَقُلْتُ: إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «فَلْتَنْفِرْ» .
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم أنه قال: (حدثني) بالإفراد (عروة بن الزبير) بن العوّام (وأبو سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرتهما أن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم حاضت في حجة الوداع) ليلة النفر بعدما أفاضت (فقال النبي صلى الله عليه وسلم) مستفهمًا من عائشة:
(أحابستنا هي)؟ عن الرجوع إلى المدينة لأنه ظن أنها لم تطف طواف الإفاضة. قالت عائشة (فقلت: إنها قد أفاضت) إلى مكة (يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وطافت بالبيت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فلتنفر) بكسر الفاء معنا إلى المدينة.
والحديث سبق في باب: إذا حاضت بعدما أفاضت من الحج.
4402 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَلَا نَدْرِي مَا حَجَّةُ الْوَدَاعِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَأَطْنَبَ فِي ذِكْرِهِ وَقَالَ:
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن سليمان) أبو سعيد الجعفي (قال: أخبرني) بالخاء المعجمة والإفراد ولأبي ذر حدثني بالإفراد أيضًا (ابن وهب) عبد الله المصري (قال: حدثني) بالإفراد (عمر بن محمد) بضم العين (أن أباه) محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر (حدثه عن ابن عمر رضي الله عنهما) أنه (قال: كنا نتحدث بحجة الوداع والنبي صلى الله عليه وسلم) الواو للحال (بين أظهرنا ولا) ولأبوي ذر والوقت فلا (ندري ما حجة الوداع) أي هل وداع النبي صلى الله عليه وسلم أم غيره حتى توفي صلى الله عليه وسلم فعلموا أنه ودّع الناس بوصايا قرب موته (فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر المسيح الدجال فأطنب) أي أتى بالبلاغة (في ذكره) بالذم (وقال):
(ما بعث الله من نبي إلا أنذر أمته) وللأصيلي: أنذره أمته (أنذره نوح) قومه (والنبيون من بعده) أي أنذروه أممهم وعين نوحًا لأنه آدم الثاني (وإنه يخرج فيكم) أيها الأمة المحمدية عند قرب الساعة ويدعي الربوبية (فما) شرطية أي إن (خفي عليكم من شأنه) أي بعض شأنه (فليس يخفى عليكم أن ربكم ليس) بفتح همزة أن (على ما ما يخفى عليكم ثلاثًا) وما بدل من ما السابقة أي لا يخفى أنه ليس مما يخفى عليكم (إن ربكم ليس بأعور وإنه) بالواو أي الدجال وللأصيلي وأبي الوقت أنه (أعور عين اليمنى) بإضافة أعور إلى ما بعده من إضافة الموصوف إلى صفته وهذا ظاهر عند الكوفيين وقدره البصريون عين صفحة وجهه اليمنى، ولأبوي ذر والوقت العين اليمنى (كأن عينه عنبة طافية) بالتحتية أي بارزة.
4403 -
«أَلَا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ» ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلَاثًا، وَيْلَكُمْ أَوْ وَيْحَكُمُ انْظُرُوا، لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» .
(ألا) بالتخفيف (إن الله حرم عليكم دماءكم) أي أنفسكم (وأموالكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ألا) بالتخفيف (هل بلغت) ما أرسلت به (قالوا: نعم قال: اللهم اشهد) قال ذلك القول (ثلاثًا. ويلكم أو ويحكم) بالشك من الراوي والأولى كلمة توجع (انظروا لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض) أي لا تكن أفعالكم تشبه أفعال الكفار في ضرب رقاب المسلمين.
وقال في شرح المشكاة: وقوله يضرب بعضكم رقاب بعض جملة مستأنفة مبنية لقوله: فلا ترجعوا بعدي كفارًا فينبغي أن يحمل على العموم، وأن يقال: فلا يظلم بعضكم بعضًا فلا تسفكوا دماءكم ولا تهتكوا أعراضكم ولا تستبيحوا أموالكم، ونحوه في الإطلاق وإرادة العموم قوله
تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا} [النساء: 10].
وهذا الحديث أخرجه في الدّيات والأدب والحدود، ومسلم
في الإيمان؟ وأبو داود في السنة والنسائي في المحاربة، وابن ماجه في الفتن.
4404 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَأَنَّهُ حَجَّ بَعْدَ مَا هَاجَرَ حَجَّةً وَاحِدَةً لَمْ يَحُجَّ بَعْدَهَا حَجَّةَ الْوَدَاعِ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَبِمَكَّةَ أُخْرَى.
وبه قال: (حدّثنا عمرو بن خالد) بفتح العين الحراني قال: (حدّثنا زهير) بضم الزاي ابن معاوية قال: (حدّثنا أبو إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (قال: حدثني) بالإفراد (زيد بن أرقم) رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا تسع عشرة غزوة وأنه حج بعدما هاجر) إلى المدينة (حجة واحدة لم يحج بعدها) لأنه توفي في أوائل العام التالي (حجة الوداع) بنصب حجة بدلاً من الأولى ويجوز الرفع بتقدير هي.
قال أبو إسحاق) السبيعي بالسند المذكور (و) حج (بمكة) حجة (أخرى) قبل أن يهاجر، وهذا يوهم أنه لم يحج قبل الهجرة إلا واحدة وليس كذلك، فالمروي أنه لم يترك وهو بمكة الحج قط.
وهذا الحديث مر في أوّل المغازي.
4405 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِجَرِيرٍ:«اسْتَنْصِتِ النَّاسَ» فَقَالَ: «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» .
وبه قال: (حدّثنا حفص بن عمر) بن الحارث الحوضي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن علي بن مدرك) بضم الميم وكسر الراء النخعي الكوفي من ثقات التابعين (عن أبي زرعة) هرم (بن عمرو بن جرير) البجلي (عن) جده (جرير) رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع لجرير):
(استنصت الناس) أي أسكتهم (فقال: لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض).
قال المظهري: يعني إذا فارقت الدنيا فاثبتوا بعدي على ما أنتم عليه من الإيمان والتقوى، ولا تظلموا أحدًا، ولا تحاربوا المسلمين، ولا تأخذوا أموالهم بالباطل.
4406 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ
أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَةِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ، ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ، أَيُّ شَهْرٍ هَذَا» ؟ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: «أَلَيْسَ ذُو الْحِجَّةِ» ؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ:«فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا» ؟ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: «أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ» ؟ قُلْنَا: بَلَى قَالَ: «فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا» ؟ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ» ؟ قُلْنَا بَلَى، قَالَ:«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ» قَالَ: مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ: «وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَسَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ أَلَا فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلَاّلاً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ أَلَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلَّغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ» فَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ يَقُولُ: صَدَقَ مُحَمَّدٌ ثُمَّ قَالَ: - «أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ» ؟ مَرَّتَيْنِ.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (محمد بن المثنى) قال: (حدّثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي قال: (حدّثنا أيوب) السختياني (عن محمد) أي ابن سيرين (عن ابن أبي بكرة) هو عبد الرحمن (عن) أبيه (أبي بكرة) نفيع بن الحارث رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال) يوم النحر في حجة الوداع:
(الزمان) هو اسم لقليل الوقت وكثيره وأراد هاهنا السنة (قد استدار) استدارة (كهيئته) كذا في اليونينية وغيرها وفي الفرع كهيئة بهاء بعد فوقية أي مثل حالته (يوم خلق الله السماوات والأرض) وسقطت الجلالة من اليونينية وثبتت في فرعها، فالكاف صفة مصدر محذوف، ودار واستدار بمعنى طاف حول الشيء وإذا عاد إلى الموضع الذي ابتدأ منه، والمعنى أن العرب كانوا يؤخرون المحرم إلى صفر وهو النسيء المذكور في قوله تعالى:{إنما النسيء زيادة في الكفر} [التوبة: 37] ليقاتلوا فيه ويفعلون ذلك كل سنة بعد سنة فينتقل المحرم من شهر إلى شهر حتى جعلوه في جميع شهور السنة، فلما كانت تلك السنة عاد إلى زمنه المخصوص به قبل ودارت السنة كهيئتها الأولى.
(السنة اثنا عشر شهرًا) جملة مبنية للجملة الأولى، والمعنى أن الزمان في انقسامه إلى الأعوام والأعوام إلى الأشهر عاد إلى أصل الحساب، والوضع الذي اختاره الله ووضعه يوم خلق السموات والأرض (منها أربعة حرم ثلاثة) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ثلاث (متواليات ذو القعدة) للقعود عن القتال (وذو الحجة) للحج (والمحرم) لتحريم القتال فيه (و) واحد فرد وهو (رجب مضر) عطف على قوله ثلاثة وأضافه إلى مضر لأنها كانت تحافظ على تحريمه أشد من محافظة سائر العرب ولم يكن يستحله أحد من العرب (الذي بين جمادى) بضم الجيم وفتح الدال (وشعبان) قاله
تأكيدًا وإزاحة للريب الحادث فيه من النسيء (أي شهر هذا) قال القاضي البيضاوي: يريد به تذكارهم حرمة الشهر وتقريرها في نفوسهم ليبني عليه ما أراد تقريره (قلنا: الله ورسوله أعلم).
مراعاة للأدب وتحرزًا عن التقدم بين يدي الله ورسوله وتوقفًا فيما لا يعلم الغرض من السؤال عنه (فسكت) صلى الله عليه وسلم (حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال) عليه الصلاة والسلام: (أليس ذو الحجة) ولأبوي ذر والوقت ذا الحجة بالنصب خبر ليس (قلنا. بلى). يا رسول الله (قال)(فأي بلد هذا)(قلنا: الله ورسوله أعلم فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال: أليس) هو (البلدة) نصب خبر ليس وبالتأنيث يريد مكة والألف واللام للعهد (قلنا: بلى، قال: فأي يوم هذا)؟ (قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال:
أليس يوم النحر) (قلنا: بلى. قال: فإن دماءكم وأموالكم) قال التوربشتي: أراد أموال بعضكم على بعض.
(قال محمد): هو ابن سيرين (وأحسبه) أي أبا بكرة (قال) في روايته: (وأعراضكم عليكم حرام) أي أنفسكم وأحسابكم فإن العرض يقال للنفس والحسب قاله التوربشتي، وتعقب: بأنه لو كان المراد من الأعراض النفوس لكان تكرارًا لأن ذكر الدماء كاف، إذ المراد بها النفوس.
وقال الطيبي: الظاهر أن يراد بالأعراض الأخلاق النفسانية والكلام فيها يحتاج إلى فضل تأمل، فالمراد بالعرض هنا الخلق، والتحقيق ما ذكره ابن الأثير أن العرض موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو في سلفه، ولما كان موضع العرض النفس قال من قال: العرض النفس إطلاقًا للمحل على الحال، وحين كان المدح نسبة الشخص إلى الأخلاق الحميدة والذم نسبته إلى الذميمة سواء كانت فيه أو لا قال من قال: العرض الخلق إطلاقًا لاسم اللازم على الملزوم، وشبه ذلك في التحريم بيوم النحر وبمكة وبذي الحجة.
فقال: (كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا) لأنهم كانوا يعتقدون أنها محرمة أشد التحريم لا يستباح منها شيء، وفي تشبيه هذا مع بيان حرمة الدماء والأموال تأكيد لحرمة تلك الأشياء التي شبه بتحريمها الدماء والأموال.
وقال الطيبي: وهذا من تشبيه ما لم تجر به العادة بما جرت به العادة كما في قوله تعالى: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة} [الأعراف: 171] إذ كانوا يستبيحون دماءهم وأموالهم في الجاهلية في غير الأشهر المحرم ويحرمونها فيها كأنه قال: إن دماءكم وأموالكم محرمة عليكم أبدًا كحرمة يومكم وشهركم وبلدكم.
(وستلقون ربكم) يوم القيامة (فسيسألكم) ولأبي ذر: فيسألكم (عن أعمالكم ألا) بالتخفيف (فلا ترجعوا بعدي ضلالاً) بضم الضاد المعجمة وتشديد اللام الأولى (يضرب بعضكم رقاب بعض ألا) بالتخفيف (ليبلغ الشاهد الغائب) القول المذكور أو جميع الأحكام (فلعل بعض من يبلغه) بفتح الموحدة واللام المشددة (أن يكون أوعى له من بعض من سمعه، فكان محمد) هو ابن سيرين (إذا ذكره يقول: صدق محمد) ولأبي ذر النبي (صلى الله عليه وسلم ثم قال) صلى الله عليه وسلم: (ألا هل بلغت) قالها (مرتين).
وسبق هذا الحديث في غير ما موضع.
4407 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، أَنَّ أُنَاسًا مِنَ الْيَهُودِ قَالُوا: لَوْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا فَقَالَ عُمَرُ: أَيَّةُ آيَةٍ؟ فَقَالُوا: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]. فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي لأَعْلَمُ أَيَّ مَكَانٍ أُنْزِلَتْ، أُنْزِلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي قال: (حدّثنا سفيان) بن سعيد الثوري أحد الأعلام علمًا وزهدًا (عن قيس بن مسلم) الجدلي أبي عمرو الكوفي العابد (عن طارق بن شهاب) البجلي الأحمسي الكوفي قال أبو داود: رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه أنه حدث (أن أناسًا من اليهود).
وفي باب زيادة الإيمان ونقصانه: أن رجلاً من اليهود، ووقع في تفسير الطبري، ومسند مسدد، والمعجم الأوسط للطبراني أن الرجل هو كعب الأحبار. واستشكل من جهة كون كعب كان أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم على يد علي، فيحتمل إن ثبت أن يكون الذين سألوا جماعة من اليهود اجتمعوا مع كعب على السؤال وتولى هو السؤال عنهم عن ذلك، ويجوز أن يكون السؤال صدر قبل إسلامه، وقد قال الذهبي في الكاشف: إنه أسلم زمن أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه.
(قالوا) لعمر: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها (لو نزلت هده الآية فينا) معشر اليهود (لاتخذنا ذلك اليوم عيدا) لنا في كل سنة نعظمه لما حصل فيه من إكمال الدين. (فقال عمر: أية آية؟ فقالوا: ({اليوم أكملت لكم دينكم}) أي بأن كفيتكم عدوّكم وأظهرتكم عليه كما تقول الملوك: اليوم كمل لنا الملك أي كفينا من كنا نخافه، أو أكملت لكم ما تحتاجون إليه في تكليفكم من تعليم الحلال والحرام والتوقيف على شرائع الإسلام وقوانين القياس ({وأتممت عليكم نعمتي}) بفتح مكة ودخولها آمنين ظاهرين وهدم منار الجاهلية ({ورضيت لكم الإسلام دينًا}) [المائدة: 3] حال اخترته لكم من بين الأديان وآذنتكم بأنه الدين المرضي وحده، وثبت قوله: ورضيت الخ لأبي ذر.
(فقال عمر) رضي الله عنه: (إني لأعلم أي مكان أنزلت) فيه (أنزلت ورسول الله
-صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة) أي في أخريات النهار، وفي الترمذي من حديث ابن عباس أن يهوديًا سأله عن ذلك فقال: إنها نزلت في يومي عيد يوم جمعة ويوم عرفة.
وحديث الباب قد سبق في الإيمان في باب زيادة الإيمان.
4408 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ
بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى يَوْمَ النَّحْرِ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بن قعنب الحارثي أحد الأعلام (عن مالك) الإمام (عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل) يتيم عروة الأسدي (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة رضي الله عنها) أنها (قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) من المدينة في حجة الوداع (فمنا من أهلّ) أحرم (بعمرة، ومنا من أهل بحجة، ومنا من أهلّ بحج وعمرة) قرن بينهما (وأهلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج) مفردًا ثم أدخل عليه العمرة لحديث ابن عمر وقال عمرة في حجة، وحديث أنس: ثم أهل بحج وعمرة، ولمسلم من حديث عمران بن حصين جمع بين حجة وعمرة، والمشهور عن المالكية والشافعية أنه صلى الله عليه وسلم كان مفردًا، وقد بسط أمامنا الشافعي القول فيه في اختلاف الحديث، ورجح أنه كان أحرم إحرامًا مطلقًا ينتظر ما يؤمر به فنزل عليه الحكم بذلك وهو على الصفا، وصوّب النووي أنه كان قارنًا، ويؤيده أنه لم يعتمر تلك السنة بعد الحج، ولا شك أن القران أفضل من الإفراد الذي لا يعتمر في سنته عندنا، وقد سبق في الحج مزيد لذلك.
(فأما من أهلّ بالحج) وحده (أو جمع الحج والعمرة) ابتداء أو أدخل العمرة على الحج كما فعل صلى الله عليه وسلم (فلم يحلوا) من إحرامهم (حتى يوم النحر) فنحر هديه.
0000 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ.
وَقَالَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) هو ابن أنس إمام الأئمة عن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير عن عائشة الحديث كما سبق (وقال: مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع).
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ مِثْلَهُ.
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثنا) وفي نسخة: حدثني بالإفراد (مالك مثله) أي مثل الحديث المذكور.
4409 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: عَادَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ، أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَ بِي مِنَ الْوَجَعِ مَا تَرَى وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إِلَاّ ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: «لَا» قُلْتُ أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ قَالَ: «لَا» قُلْتُ فَالثُّلُثُ قَالَ: «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَلَسْتَ تُنْفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا
وَجْهَ اللَّهِ إِلَاّ أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِيّ امْرَأَتِكَ» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ آأُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي قَالَ: «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلاً تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ إِلَاّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى تَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ» لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ رَثَى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ.
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن يونس) هو أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي قال: (حدّثنا إبراهيم هو ابن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي قال: (حدّثنا ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عامر بن سعد) بسكون العين (عن أبيه) سعد بن أبي وقاص مالك رضي الله عنه أنه (قال: عادني النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع من وجع أشفيت) بالشين المعجمة والفاء أشرفت (منه على الموت فقلت: يا رسول الله بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة) هي أم الحكم، ووهم من قال: إنها عائشة لأن عائشة أصغر أولاده، وعاشت إلى أن أدركها مالك بن أنس قاله ابن حجر في المقدمة (فأتصدق بثلثي مالي) استفهام استخباري محذوف الأداة (قال) عليه الصلاة والسلام:
(لا)(قلت أفأتصدق بشطره) بإثبات همزة الاستفهام (قال لا قلت فالثلث؟ قال) عليه الصلاة والسلام: (الثلث والثلث كثير) بالمثلثة أي بالنسبة إلى ما دونه أو التصدق به كثير أجره (إنك) بكسر الهمزة وبفتحها على التعليل (أن تذر) بفتح الهمزة وبالذال المعجمة أي أن تترك (ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة) بتخفيف اللام أي فقراء (يتكففون) يسألون (الناس) بأكفهم بأن يبسطوها للسؤال (ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى اللقمة تجعلها في فيّ امرأتك) فمها (قلت يا رسول الله آاخلف) بهمزة مفتوحة ممدودة ملحقة في اليونينية ساقطة من فرعها أي أأترك بمكة (بعد أصحابي) المسافرين معه إلى المدينة (قال) صلى الله عليه وسلم: (إنك لن تخلف) بأن يطول عمرك (فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة ولعلك تخلف حتى تنتفع بك أقوام) من المسلمين بما يفتحه الله على يديك من بلاد الكفر ويأخذه المسلمون من الغنائم (ويضرّ بك آخرون) من المشركين (اللهم أمض) بهمزة قطع أي أتمم (لأصحاب هجرتهم) التي هاجروها من مكة إلى المدينة (ولا تردهم على أعقابهم) بترك هجرتهم ورجوعهم عن مستقيم حالهم فيخيب قصدهم قال الزهري: