المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(6) باب تأخير الأذان - شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن - جـ ٣

[الطيبي]

الفصل: ‌(6) باب تأخير الأذان

677 -

وعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمع المؤذن يتشهد قال: ((وأنا وأنا)) رواه أبو داود. [677]

678 -

وعن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:((من أذن ثنتي عشرة سنة؛ وجبت له الجنة، وكتب له بتأذينه في كل يوم ستون حسنة، ولكل إقامة ثلاثون حسنة)) رواه ابن ماجه. [678]

679 -

وعنه، قال: كنا نؤمر بالدعاء عند أذان المغرب. رواه البيهقي في: ((الدعوات الكبير)).

(6) باب تأخير الأذان

الفصل الأول

680 -

عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن بلالا ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم))، قال: وكان ابن أم مكتوم رجلاً أعمى، لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت. متفق عليه.

681 -

وعن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال، ولا الفجر المستطيل؛ ولكن الفجر المستطير في الأفق)) رواه مسلم، ولفظه للترمذي.

ــ

كل مرة في كل يوم، كذا في ((شرح السنة)). قوله:((عند أذان المغرب)) كذا لعل هذا الدعاء هو ما مر في الحديث السابع من الفصل الثالث من الباب.

الحديث السادس ظاهر.

باب

الفصل الأول

الحديث الأول، والثاني عن سمرة: قوله: ((الفجر المستطير)) ((نه)): هو الذي انتشر ضوؤه واعترض في الأفق، كأنه طار في نواحي السماء، بخلاف المستطيل الذي يسمى بذنب السرحان.

ص: 921

682 -

وعن مالك بن الحويرث، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وابن عم لي، فقال:((إذا سافرتما فأذنا وأقيما، وليؤمكما أكبركما)) رواه البخاري.

683 -

وعنه، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلوا كما رأيتموني أصلي، وإذا حضرت الصلاة؛ ليؤذن لكم أحدكم، ثم ليؤمكم أكبركم)) متفق عليه.

684 -

وعن أبي هريرة، [رضي الله عنه]، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من غزوة خيبر، سار ليلة، حتى إذا أدركه الكرى عرس، وقال لبلال:((اكلأ لنا الليل. فصلي بلال ما قدر له، ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. فلما تقارب الفجر، استند بلال إلي راحلته مواجه الفجر، فغلبت بلالا عيناه، وهو مستند إلي راحلته، فلم يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا بلال، ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم استيقاظاً، ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((أي بلال!)) فقال بلال: أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك. قال: ((اقتادوا)). فاقتادوا رواحلهم شيئاً،

ــ

الحديث الثالث والرابع عن مالك بن الحويرث: قوله: ((كما رأيتموني أصلي)) ((ما)) نكرة موصوفة، أي صلوا كصلاة رأيتموني أصليها.

قوله: ((ثم ليؤمكم أكبركم)) فيه دليل علي فضل الإمامة علي الأذان، حيث أطلق الأذان وخيرهما فيه، وقيد الإمامة.

الحديث الخامس عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((قفل)) ((نه)): قفل يقفل إذا عاد من سفره، وقد يقال للسفر قفول في المجيء والذهاب، والتعريس نزول المسافر آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة. والكلاءة الحفظ والحراسة، يقال: كلأته أكلوه كلاءة وأنا كالئ وهو مكلوء. فقوله: ((غلبت بلالاً عيناه)) عبارة عن النوم، كأن عينيه قهرته فيما يرومه من النوم، فجعلته مغلوباً. ((نه)): يقال: فزع من نومه أي هب وانتبه، كأنه من الفزع والخوف؛ لأن من تنبه لا يخلو من فزع ما.

((شف)): في استيقاظ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الناس وفزعه إيماء إلي أن النفس الزكية وإن غلبت عليها بعض الأحيان شيء من الحجب البشرية لكنها عن قريب ستزول، وإن كل من هو أزكى كان زوال حجابه أسرع.

قوله: ((أخذ بنفسي)) أراد أن الله تعالي كما توفاكم في النوم توفإني، من قوله تعالي:{الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها} .

ص: 922

ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بلالا فأقام الصلاة، فصلي بهم الصبح. فلما قضى الصلاة، قال ((من نسي الصلاة، فليصلها إذا ذكرها؛ فإن الله تعالي قال: {وأقم الصلاة لذكري})) رواه مسلم.

685 -

وعن أبي قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني قد خرجت)) متفق عليه.

686 -

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أقيمت الصلاة، فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة. فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)) متفق عليه.

ــ

قوله: ((اقتادوا)) اقتادوا أمر، و ((فاقتادوا)) فعل ماض، و ((شيئاً)) نصب علي المصدر، أي اقتياداً قليلاً. ((نه)): قاد البعير واقتاده جر حبله، كأنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يتحولوا من ذلك المكان إلي مكان آخر.

((حس)): اختلفوا في معنى مفارقة ذلك المكان، فمن لم يجوز قاء الفائتة في الوقت المنهي قال: إنما فعل ذلك لترتفع الشمس، ومن يجوز- وهم الأكثرون- قالوا: معناه أنه أراد أن يتحول عن المكان الذي أصابتهم فيه هذه الغفلة والنسيان، وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال:((ليأخذ كل واحد [رأس] راحلته، فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان)).

((مح)): إن قيل: كيف ذهب النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة ونام عنها مع قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن عيني تنامان ولا ينام قلبي))؟ قلنا فيه وجهان: أصحهما أنه لا منافاة بينهما؛ لأن القلب إنما يدرك الأمور الباطنة، كاللذة، والألم، ونحوهما ولا يدري الحسيات، مثل طلوع الفجر وغيره، وقيل: وإنما يدرك ذلك بالعين، والعين النائمة. والثاني أنه كان له حالان: ينام القلب تارة، وأخرى لا ينام، فصادف هذا الموضع حالة المنام. وهو ضعيف. أقول: ولعل الوجه الثاني أولي؛ لما ورد: ((أنه صلى الله عليه وسلم اضطجع فنام حتى نفخ فآذنه بلال باللصلاة، فصلي ولم يتوضأ)) وعللوه بقوله صلى الله عليه وسلم: ((تنام عيني ولا ينام قلبي)) والحديث مؤول بأنه نسى، ليسن.

الحديث السادس عن أبي قتادة: قوله: ((أذا أقيمت الصلاة)) أي إذا نادى المؤذن بالإقامة، وأقيم المسبب مقام السبب ((حس)): فيه دليل علي جواز تقديم الإقامة علي خروج الإمام ثم ينتظر خورجه.

الحديث السابع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((فلا تأتوها تسعون)) حال من ضمير

ص: 923

وفي رواية لمسلم: ((فإن أحدكم إذا كان يعتمد إلي الصلاة فهو في صلاة)).

وهذا الباب خال عن الفصل الثاني

ــ

الفاعل، وهو أبلغ في النهي من لا تسعوا؛ لتصوير حال سوء الأدب، وأنه مناف لما هو أولي به من الوقار والسكينة، ومن ثم عقبه بما ينبه علي حسن الأدب من قوله:((وأتوها تمشون)) كقوله تعالي: {وعباد الرحمن الذين يمشون علي الأرض هوناً} ثم ذيل المفهومين بقوله: ((وعليكم السكينة)) أي الزموا السكينة في جميع أموركم، خصوصاً في الوفود إلي جناب رب العزة، والفاء جزاء شرط محذوف، أي إذا بينت لكم ما هو أولي بكم فما أدركتم فصلوا.

فإن قلت: كيف الجمع بين النهي عن السعي في الحديث والأمر به في قوله تعالي: {فاسعوا إلي ذكر الله} ؟ قلت: السعي في الآية بمعنى القصد والنية، ويستعمل السعي في التصرف في كل عمل، قال الله تعالي:{فلما بلغ معه السعي} ، {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} يدل عليه بقوله:{وذروا البيع} أي اشتغلوا بأمر معادكم وما والاه من ذكر الله، واتركوا أمر معاشكم من البيع والشراء، كقوله تعالي:{رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} . قال الحسن رحمه الله: ليس السعي علي الأقدام، ولكنه علي النيات والقلوب.

((حس)): اختلفوا فيمن يخاف فوت التكبيرة الأولي فمنهم من قال: يسرع، حتى قيل: يهرول، روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع الإقامة وهو بالبقيع فأسرع إلي المسجد. ومنهم من كره الإسراع، واختار المشي بالوقار لهذا الحديث، وقال: فيه دليل علي أن ما يدركه المرء من صلاة إمامه هو أول صلاته؛ لأن لفظ الإتمام يقع علي باقي شيء تقدم أوله، وهو مذهب علي، وأبي الدرداء رضي الله عنهما وجمع من التابعين، وبه قال الشافعي.

قوله: ((يعتمد إلي الصلاة فهو في صلاة)) ((مح)): يستحب للذاهب إلي الصلاة أن لا يعبث بيده، ولا يتكلم بقبح، ولا ينظر نظراً قبيحاً، ويتجنب ما أمكنه مما يتجنبه المصلي، وإذا وصل إلي المسجد وقعد ينتظر الصلاة، كان الاعتناء بما ذكرناه آكد، وفي رواية:((وعليه السكينة والوقار)) قيل هما بمعنى، وجمع بينهما تأكيداً، والظاهر أن بينهما فرقاً، وأن السكينة التإني في الحركات، واجتناب العبث ونحو ذلك، والوقار في الهيئة وغض البصر، وخفض الصوت والإقبال علي طريقه بغير التفات، ونحو ذلك.

ص: 924

الفصل الثالث

687 -

عن زيد بن أسلم، قال: عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق مكة، ووكل بلالا أن يوقظهم للصلاة، فرقد بلال ورقدوا حتى استيقظوا وقد طلعت عليهم الشمس، فاستيقظ القوم، وقد فزعوا، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركبوا حتى يخرجوا من ذلك الوادي، وقال:((إن هذا واد به شيطان)) فركبوا حتى خرجوا من ذلك الوادي، ثم أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزلوا، ويتوضؤوا، وأمر بلالا أن ينادي للصلاة- أو يقيم -، فصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، ثم انصرف وقد رأي من فزعهم، فقال: ((يا أيها الناس! إن الله قبض أرواحنا، ولو شاء لردها إلينا في حين غر

ــ

الفصل الثالث

الحديث الأول عن زيد بن أسلم: قوله: ((فاستيقظ)) كرره لينيط به قوله: ((وقد فزعوا)) وهو من باب الترديد. كقول الشاعر:

من يلق يوماً علي علاته هرماً يلق السماحة والجود له خلقاً

قوله: ((إن الله قبض أرواحنا)) هذا تسلية للقوم مما فزعوا منه، وأن تلك الغفلة كانت بمشيئة الله، كما أن قول بلال في الحديث السابق:((أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك)) كان اعتذاراً منه لما غفل ونام. وقوله: ((ولو شاء لردها إلينا في حين غير هذا)) إشارة إلي الموت الحقيقي الذي ينبه عليه قوله تعالي: {فيمسك التي قضي عليها الموت} . وقوله: ((إن الله قبض أرواحنا)) إشارة إلي الموت المجازي في قوله تعالي: {ويرسل الأخرى} أي النفس التي لم تمت في منامها. ويحتمل قوله: ((أو نسيها)) أن يكون شكاً من الراوي، وأن يكون تفريعاً في الحديث، أي غفل عنها بسبب النوم أو نسيها بأمر آخر. وضمن فزع معنى الالتجاء فعدى بإلي أي التجأ إلي الصلاة فزعاً ((نه)):((فافزعوا إلي الصلاة)) أي الجأوا إليها، واستعينوا بها علي دفع الأمر الحادث.

قوله: ((فإن الشيطان أتى بلالا)) إلي آخر الحديث، فإن قلت: كيف أسند هذه الغفلة ابتداء إلي الله (سبحانه وتعالي) في قوله صلى الله عليه وسلم وقول بلال، ثم أسنده إلي الشيطان ثإنياً؟ قلت: هو من المسألة المشهورة في خلق أفعال العباد وكسبها، وتقريرها إلي الله تعالي أراد خلق النسيان أو النوم فيهم، فمكن الشيطان من اكتساب ما هو جالب للغفلة من الهدوء وغيره. ((نه)): الهدوء

ص: 925