الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
332 -
وعن ابن عمر، أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: إن القبلة من اللمس، فتوضؤوا منها. [332].
333 -
وعن عمر بن عبد العزيز، عن تميم الداري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الوضوء من كل دم سائل)). رواهما الدارقطني، وقال: عمر بن عبد العزيز لم يسمع من تميم الداري ولا رآه، ويزيد بن خالد، ويزيد بن محمد مجهولان. [333]
(2) باب آداب الخلاء
الفصل الأول
334 -
عن أبي أيوب الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة، ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا)). متفق عليه.
قال الشيخ الإمام محيي السنة، رحمه الله: هذا الحديث في الصحراء؛ وأما في البنيان، فلا بأس لما روى:
ــ
باب [آداب] الخلاء
الفصل الأول
الحديث الأول عن أبي أيوب: قوله: ((إذا أتيتم الغائط)) [نه]: الغائط المطمئن من الأرض، ومنه قيل لموضع قضاء الحاجة الغائط؛ لأن العادة أن يقضى في المنخفض؛ لأنه أستر له، ثم اتسع فيه حتى صار يطلق علي النجو نفسه، أي البراز.
قوله: ((ولكن شرقوا)) ((مظ)): عند الشافعي استقبال القبلة واستدبارها غير محرم في البنيان، وعند أبي حنيفة يستوي الصحراء والبنيان في تحريم استقبال القبلة واستدبارها. ((حس)): في الحديث من الفقه النهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة، واختلف أهل العلم، فذهب جماعة إلي تعميم النهي، والتسوية في الصحراء والبنيان، وقالوا: قوله صلى الله عليه وسلم: ((شرقوا أو غربوا)) هذا خطاب لأهل المدينة، ولمن كانت قبلته علي ذاك السمت، فأما من كانت قبلته إلي جهة المشرق أو المغرب فإنه ينحرف إلي الجنوب أو الشمال. وذهب جماعة من أهل العلم إلي أن النهي عن الاستقبال والاستدبار في الصحراء، فأما في البنيان فلا بأس بهما، وبه قال
335 -
عن عبد الله بن عمر، قال: ارتقيت فوق بيت حفصة لبعض حاجتي، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستدبر القبلة مستقبل الشام- متفق عليه.
336 -
وعن سلمان، قال: نهانا- يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة لغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم. رواه مسلم.
337 -
وعن أنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث)). متفق عليه.
ــ
الشافعي وجماعة؛ لأن الصحراء لا تخلو عن مصل من ملك، أو إنسي، أو جني، فإذا قعد مستقبل القبلة أو مستدبرها ربما يع بصر مصل علي عورته، ونهي عن ذلك، وهذا المعنى مأمون في الأبنية، فإن الحشوش محضرة الشياطين.
الحديث الثاني عن سلمان: قوله: ((أو أن نستنجي)) ((فا)): الاستنجاء قطع النجاسة، من: نجوت الشجرة، وأنجاها واستنجاها، إذا قطعها من الأرض. و ((رجيع)) فعيل بمعنى مفعول، والمراد الروث أو العذرة؛ لأنه رجع أي رد من حال إلي أخرى، وكل مردود رجيع ((مظ)) النهي عن الاستنجاء نهي تنزيه وكراهة لا تحريم والاستنجاء بثلاثة أحجار واجب عند الشافعي وإن حصل النقاء بأقل منها، وعند أبي حنيفة النقاء متعين لا العدد ((خط)): سمى الرجيع رجيعاً لرجوعه عن حال الطهارة إلي النجاسة. وقال: لا يجوز الاستنجاء بعظم ميتة أو مذكاة، قيل: علة النهي لملاسة العظم، فلا يزيل النجاسة، وقيل: علته أنه يمكن مصه أو مضغه عند الحاجة، وقيل: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن العظم زاد إخوانكم من الجن)).
الحديث الثالث عن أنس: قوله: ((من الخبث)) ((حس)): الخبث- بضم الباء- جمع الخبيث، والخبائث جمع الخبيثة، يريد ذكران الشياطين وإناثهم. ويروى بسكون الباء، ويراد به الكفر، والخبائث الشياطين. وخص الخلاء لأن الشياطين تحضر الأخلية؛ لأنها يهجر فيها ذكر الله، وذكر هذا في الغريبين أيضاً. ((تو)):((الخبث)) ساكنة الباء، فإنه مصدر خبث الشيء يخبث خبثاً. وفي إيراد الخطابي هذا اللفظ في جملة الألفاظ التي يرويها الرواة ملحونة نظر؛ لأن الخبيث إذا جمع يجوز أن تسكن الباء للتخفيف، كما يفعل في سبيل وسُبُل وسُبْل، ونظائرها من الجموع، وهذا الباب مستفيض في كلامهم غير نادر، ولا يسع أحداً مخالفته، إلا أن يزعم أن ترك التخفيف فيه أولي؛ لئلا تشتبه بالخبث الذي هو المصدر.
338 -
وعن ابن عباس، قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال:((إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير. أما أحدهما فكان لا يستتر من البول- وفي رواية لمسلم: لا يستنزه من البول-؛ وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة)) ثم أخذ جريدة رطبة، فشقها بنصفين، ثم غرز في كل قبر واحدة. قالوا: يا رسول الله! لم صنعت هذا؟ فقال: ((لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا)). متفق عليه.
ــ
الحديث الرابع عن ابن عباس: قوله: ((وما يعذبان في كبير)) ((حس)): معناه أنهما لا يعذبان في أمر يشق ويكبر عليهما الاحتراز عنه، فإنه لم يشق عليهما الاستتار عند البول، وترك النميمة، ولم يرد أن الأمر فيهما هين غير كبير في أمر الدين. ((نه)): وكيف لا يكون كبيرة وهما يعذبان فيه؟
قوله: ((لا يستتر)) روى في شرح السنة هذا الحديث في باب الاستتار عند قضاء الحاجة وقال: قال عبد الواحد الأعمش: ((كان لا [يستتر] من البول))، وفي رواية أخرى:[((وكان لا يستنتر))] وروى بعضهم: ((لم يكن يستنزه))، والاستنتار من البول كالاجتذاب مرة بعد أخرى، يعني الاستبراء، والنتر الجذب بالعنف. ((شف)): في الغريبين وفي الفائق والنهاية: يستنثر من البول بنون بين التائين من الاستنتار، ورووا هذا الحديث في باب النون مع التاء، وفي الغريبين: الاستنتار كالاجتذاب مرة بعد أخرى، يعني الاستبراء. قال الليث: النتر جذب فيه جفوة، هذا هو الذي يساعد عليه المعنى لا الاستتار، وعليه كلام الشيخ محيي الدين كما سيجيء [إيفاء].
((فا)): الجريدة السعفة التي جردت عنها الخوص أي قشرته، وكل شيء قشرته عن شيء فقد جردته. وقوله:((لعله أن يخفف)) شبه لعل بعسى، وأتى بأن في خبره، قال المالكي: الرواية يخفف عنها علي التوحيد والتإنيث وهو ضمير النفس، فيجوز إعادة الضميرين في ((لعله)) و ((عنها)) إلي الميت باعتبار كونه إنساناً وكونه نفساً. ويجوز كون الهاء في ((لعله)) ضمير الشأن، وفي ((عنها)) للنفس، وجاز تفسير الشأن بأن وصلتها، مع أنها في تقدير مصدر؛ لأنها في حكم جملة لاشتمالها علي مسند ومسند إليه، ولذلك سدت مسد مطلوبي حسب وعسى، في نحو:{أم حسبتم أن تدخلوا الجنة} وفي: {وعسى أن تكرهوا شيئاً} . ويجوز في قول الأخفش أن تكون ((أن)) زائدة مع كونها ناصبة كزيادة البار ومن، مع كونهما جارتين. ومن تفسير ضمير الشأن وصلتها: قول عمر- رضي الله عنه ((فما هو إلا أن سمعت أن أبا بكر تلاها فعقرت وحتى ما تقلني رجلاي)).
ــ
أقول: لعل الظاهر أن يكون الضمير مبهماً يفسره ما بعده، كما في قوله تعالي:{ما هي إلا حياتنا الدنيا} . قال صاحب الكشاف: هذا ضمير لا يعلم ما يعنى به إلا بما يتلوه من بيانه، وأصله إن الحياة إلا حياتنا الدنيا، ثم وضع هي موضع الحياة؛ لأن الخبر يدل عليها ويبينها. ومنه: هي النفس تتحمل ما حملت. والرواية بتثنية الضمير في ((عنهما)) لا تستدعي إلا هذا التأويل.
((مح)): ((بنصفين)) حال، والباء زائدة للتأكيد. وأما وضعه صلى الله عليه وسلم الجريدتين علي القبر فقال العلماء: هو محمول علي أنه صلى الله عليه وسلم سأل الشفاعة لهما فأجيب بالتخفيف عنهما إلي أن ييبسا. وقد ذكر مسلم في آخر الكتاب في الحديث الطويل حديث جابر: ((أن صاحبي القبرين أجيبت شفاعتي [فيهما])) أي برفع] ذلك عنهما ما دام القضيبان رطبين. وقيل: يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو لهما تلك المدة. وقيل: لكونهما يسبحان ما داما رطبين، وليس لليابس تسبيح، كذا مذهب كثيرين أو الأكثرين من المفسرين في قوله تعالي:{وإن من شيء إلا يسبح بحمده} قالوا: معناه وإن من شيء حي. ثم قالوا: معناه: وإن من شيء حي. ثم قالوا: حياة كل شيء بحسبه، فحياة الخشب ما لم ييبس، والحجر ما لم يقطع، وذهب المحققون من المفسرين وغيرهم إلي أنه علي عمومه، ثم اختلفوا هل يسبح حقيقة أم في دلالة علي الصانع، فيكون مسبحاً منزهاً بصورة حالية؟ والمحققون علي أنه يسبح حقيقة، وقد أخبر الله تعالي عنه في قوله:{وإن منها لما يهبط من خشية الله} . وإذا كان العقل لا يحيل التمييز فيها، وجاء النص به وجب المصير إليه.
واستحب العلماء قراءة القرآن عند القبر لهذا الحديث؛ لأنه إذا كان يرجى التخفيف لتسبيح الجريد فبتلاوة القرآن أولي، وقد ذكر البخاري في صحيحه أن بريدة بن الحصيب الصحابي رضي الله عنه أوصى أن يجعل في قبره جريدتان. ففيه أنه رضي الله عنه تبرك بفعل مثل فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أنكر الخطابي ما يفعله الناس علي القبور من الأخواص ونحوها متعلقين بهذا الحديث، وقال: لا أصل له، ولا وجه له.
وأما فقه الباب ففيه إثبات عذاب القبر، وهو مذهب أهل الحق، وفيه نجاسة الأبوال. وفي الرواية الثانية:((لا يستنزه من البول)) وهو غلط. وفيه تحريم النميمة؛ لأن المشي بالنميمة والسعي بالفساد من أقبح القبائح، لاسيما مع قوله صلى الله عليه وسلم ((كان يمشي)) بلفظ ((كان)) لتي للحالة المستمرة غالباً. وفيه أيضاً أن عدم التنزه من البول يلزم منه بطلان الصلاة، وتركها كبيرة بلا شك. أقول: وممكن أن يقال: إن معرفة الحكمة من كونها ما داما رطبين يمنعان العذاب كمعرفة عدد الزبإنية في أنه تعالي هو المختص بها.
339 -
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا اللاعنين)). قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال: ((الذي يتخلي في طريق الناس أو في ظلهم)). رواه مسلم. [339]
340 -
وعن أبي قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، وإذا أتى الخلاء، فلا يمس ذكره بيمينه، ولا يتمسح بيمينه)). متفق عليه.
341 -
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من توضأ فليستنثر، ومن استجمر فليوتر)). متفق عليه.
ــ
الحديث الخامس عن أبي هريرة: قوله: ((اتقوا اللاعنين)) ((حس)): معناه اتقوا الأمرين الجاليين اللعن، وذلك أن من فعلهما لعن وشتم. وفي حديث آخر في هذا الباب ((اتقوا الملاعن الثلاث)) وهي جمع ملعنة، وهي الفعلة التي تلعن فاعلها، كأنها مظنة اللعن ومعلمة له، كما يقال:((الولد مبخلة مجبنة)) وأرض مأسدة.
قوله: ((الذي يتخلي)) المضاف محذوف أي تخلي الذي يتخلي أو عبر عن الفعل بفاعله، والمراد من ظلهم ما اختاروه نادياً ومقبلا.
الحديث السادس عن أبي قتادة: قوله: ((فلا يتنفس في الإناء)) لعل علة النهي تغير ما في الإناء به، ((ولا يتمسح)) أي لا [يستنجي]. فإن قيل: كيف يستنجي بالحجر، فإن أخذه بشماله والذكر بيمينه فقد مس ذكره، وهو منهي عنه، وكذلك العكس؟ قلنا: طريقه أن يأخذ الذكر بشماله، ويمسحه علي جدار أو حجر كبير بحيث لا يستعمل يمينه، لا في أخذ الذكر، ولا في الحجر، كذا في المظهر والأشرف. وأقول: من دخل الخلاء الأغلب أن يبتلي بما يخرج من السبيلين، فيكون النهي بمسح اليمين أي الاستنجاء بها مختصاً بالدبر، ونهي المس مختصاً بالقبل، ويعلم منه [أنه] إذا أخذ الحجر باليمين، ومسح بشماله ذكره عليه لم يكره.
الحديث السابع عن أبي هريرة: قوله: ((فليستنثر)) مضى شرحه. ((استجمر)) أي تمسح بالأحجار الصغار، والإيتار أن يتحراه وتراً ثلاثاً أو خمساً.
342 -
وعن أنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام إداوة من ماء وعنزة يستنجي بالماء)). متفق عليه
الفصل الثاني
343 -
عن أنس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء نزع خاتمه. رواه أبو داود، والنسائي، والترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
وقال أبو داود: هذا حديث منكر. وفي روايته: وضع بدل: نزع.
344 -
وعن جابر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد. رواه أبو داود [344]
345 -
وعن أبي موسى، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم
ــ
الحديث الثامن عن أنس: قوله: ((يدخل الخلاء)) الخلاء ممدود المتوضأ، لخلو الإنسان فيه، والإداوة المطهرة، والعنزة أطول من العصا وأقصر من الرمح فيها سنان، وحملها لأنه صلى الله عليه وسلم كان يبعد بحيث لا يراه الناس دفعاً لضرر وغائلة، ولنبش الأرض الصلبة لئلا يرتد البول. و ((يستنجي بالماء)) أي يزيل النجوة والعذرة به، والنجوة ما ارتفع من الأرض، جعل كناية عن الحدث؛ لأن صاحب الحاجة يتستر بها، كما جعل الغائط- وهو المطمئن من الأرض- كناية عنه.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن أنس: قوله: ((نزع خاتمه)) وذلك لما كان عليه: ((محمد رسول الله)) وفيه دليل علي وجوب تنحيه المستنجي اسم الله، واسم رسوله، والقرآن.
الحديث الثاني عن جابر: قوله: ((البراز)) ((تو)): هو- بفتح الباء- اسم للفضاء الواسع، كنوا به عن حاجة الإنسان، يقال:((تبرز)) إذا تغوط، وهما كنايتان حسنتان، يتعففون عما يفحش ذكره، صيانة للألسنة عما تصان عنه الأبصار. وكسر الباء فيه غلط؛ لأن البراز- بالكسر- مصدر: بارز في الحرب.
الحديث الثالث عن أبي موسى: قوله: ((أتى دمثاً)) ((فا)): دمث المكان دمثاً إذا لان وسهل. ((شف)): الارتياد افتعال من الردود، كالابتغاء من البغي، ومنه الرائد طالب المرعى،
فأراد أن يبول، فأتى دمثاً في أصل جدار، فبال. ثم قال:((إذا أراد أحدكم أن يبول، فليرتد لبوله)). رواه أبو داود. [345]
346 -
وعن أنس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدون من الأرض. رواه الترمذي، وأبو داود، والدارمي. [346]
347 -
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما أنا لكم مثل الوالد لولده، أعلمكم: إذا أتيتم الغائط، فلا تستقبلوا القبلة، ولا تستدبروها، وأمر بثلاثة أحجار. ونهي عن الروث والرمة. ونهي أن يستطيب الرجل بيمينه. رواه ابن ماجه، والارمي. [347]
ــ
يقال: راد الكلأ وارتاده. والمعنى فليطلب مكاناً مثل هذا، فحذف المفعول لدلالة الحال عليه. ((خط)): ويشبه أن يكون الجدار الذي قعد إليه جداراً عادياً غير مملوك لأحد؛ فإن البول يضر بأصل البناء، ويوهي أساسه، وهو صلوات الله عليه لا يفعل ذلك في ملك أحد إلا بإذنه، أو يكون قعوده متراخياً عن جذم البناء، فلا يصيبه البول فيضر به.
الحديث الرابع عن أنس: قوله: ((حتى يدنو من الأرض)) يستوي فهي الصحراء والبنيان؛ لأن رفع الثوب كشف للعورة، وهو لا يجوز إلا عند الحاجة، ولا ضرورة في الرفع قبل أن يقرب من الأرض.
الحديث الخامس عن أبي هريرة: قوله: ((إنما أنا لكم مثل الوالد)) ((خط)): هذا الكلام بسط للمخاطبين وتإنيس؛ لئلا يحتشموه، ولا يستحيوا عن مسألته فيما يعرض لهم من أمر دينهم، كما لا يستحي الولد عن مسئلة الوالد فيما عن وعرض له. وفي هذا بيان وجوب طاعة الآباء، وأن الواجب عليهم تأديب أولادهم، وتعليمهم ما يحتاجون إليه من أمر الدين. ((فا)): الرمة بمعنى الرميم، وهو العظم البالي، أو جمع رميم، كخليل وخلة، رم العظم إذا بلي. ((نه)): نهي عنها لأنها كانت ميتة وهي نجسة أو لأنه لملاسته لا يقلع النجاسة. ((حس)): تخصيص النهي
348 -
وعن عائشة، قالت: كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت يده اليسرى لخلائه وما كان من أذى. رواه أبو داود. [348]
349 -
وعنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا ذهب أحدكم إلي الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن، فإنها تجزئ عنه)). رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، والدارمي. [349]
350 -
وعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام، فإنها زاد إخوانكم من الجن)). رواه الترمذي، والنسائي، إلا أنه لم يذكر:((زاد إخوانكم من الجن)). [350]
ــ
بهما يدل علي الاستنجاء يجوز بكل ما يقوم مقام الحجر في الإنقاء، وهو كل جامد طاهر قالع غير محترم، من مدر، وخشب، وخزف، وخرق. وسمي الاستنجاء استطابة لما فيه من إزالة النجاسة، وتطهير موضعها من البدن، والله أعلم.
الحديث السادس عن عائشة: قوله: ((كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى)) ((كانت)) بمعنى الاستمرار والعادة، و ((الأذى)) ما تستكرهه النفس الزكية، ومنه سمي المحيض أذى، فينبغي أن يفسر الطهور بما يقابله بما تستطيبه النفس الطاهرة، [فقولها]:((لخلائه)) فيه إيماء إلي أن دخوله المسجد بالرجل اليمنى المضمن في قوله: ((لطهوره)). و ((ما)) في قوله: ((وما كان)) مجرور المحل عطف علي ((خلائه)) و ((كان)) تامة، و ((من)) بيان لـ ((ما)) هذا من آداب الله التي أدب بها حبيبه ونجيه وصفيه صلوات الله عليه.
الحديث الرابع عن عائشة: قوله: ((يستطيب)) بالرفع مستأنف علة للأمر، والباء الأولي للتعدية، والثانية للآلة، كما في قولك: ضربت بالسوط. وقوله: ((يجزئ)) أي يكفي ويغني عن الماء، وينوب عنه، ذكره عقب قوله:((يستطيب)) أي يزيل النجاسة ويطهر موضعها؛ استطابة للنفوس بهذا الترخيص.
الحديث الخامس عن ابن مسعود: قوله: ((فإنه زاد إخوانكم من الجن)) فيه دليل علي أن الجن
351 -
وعن رويفع بن ثابت، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رويفع! لعل الحياة ستطول بك بعدي، فأخبر الناس أن من عقد لحيته، أو تقلد وتراً، أو استنجى برجيع دابة، أو عظم؛ فإن محمداً بريء منه)). رواه أبو داود [351].
ــ
مسلمون حيث سماهم إخواناً للمسلمين، وأنهم يأكلون. روى الحافظ أبو نعيم في دلائل النبوة قال صلى الله عليه وسلم لابن مسعود في ليلة وفود الجن:((أولئك جن نصيبين جاءوني فسألوني المتاع- والمتاع الزاد- فمتعتهم بكل عظم حائل أو روثة أو بعرة، قلت: وما يغني منهم ذلك؟ قال: إنهم لا يجدون عظماً إلا وجدوا عليه لحمه الذي كان عليه يوم أخذ، ولا روثة إلا وجدوا منها حبها الذي كان فيها يوم أكلت، فلا يستنج أحدكم بعظم ولا روثة)). فعلي هذا يعود الضمير في ((فإنه)) إلي الروث والعظام باعتبار المذكور، كما ورد في شرح السنة، وجامع الأصول، وبعض نسخ المصابيح، وفي بعضها وفي جامع الترمذي ((فإنها))، فالضمير للعظام، والروث تابع لها، وعليه قوله وتعالي:{وإذا رأوا تارة أو لهواً} .
الحديث التاسع عن رويفع: قوله: ((ستطول بك)) الباء للإلصاق، والسين للتأكيد في الاستقبال، والفاء في ((فأخبر)) جزاء شرط محذوف، والتقدير لعل الحياة ستمتد ملتصقاً بك ومستمراً، فإذا طالت الحياة فأخبر. وفيه إظهار للمعجزة بإخباره عن الغيب من تغيير يحصل في الدين بعد القرن الأول، وأن هذه الأمور المذكورة مهتم بشأنها، ومن ثم عدل إلي الاسم المظهر من المضمر، حيث لم يقل:((فإني بريء)) إظهاراً للموجدة والغضب.
قوله: ((من عقد)) ((فا)): قيل: هو معالجتها حتى تنعقد وتتجعد، من قولهم: جاء فلان عاقداً عنقه، إذا لواه تكبراً. وقيل: كانوا يعقدونها في الحروب، فأمرهم صلوات الله عليه بإرسالها، لما فيها من التأنث.
قوله: ((أو تقلد وتراً)) قال أبو عبيدة: الأشبه أنه نهي عن تقليد الخيل أوتار القسي لئلا تصيبها العين، أو مخافة اختناقها به، لاسيما عند شدة الركض. روى أنه صلوات الله عليه أمر بقطع الأوتار من أعناق الخيل تنبيهاً به علي أنها لا ترد شيئاً من قدر الله، وأن الله هو الصارف للبلايا، والحافظ عن المكاره.
الحديث العاشر عن أبي هريرة: قوله: ((من استجمر فليوتر)) في الاستجمار بالوتر إشارة إلي
352 -
وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اكتحل فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج. ومن استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج. ومن أكل فما تخلل، فليلفظ، وما لاك بلسانه فليبتلع، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج. ومن أتى الغائط فليستتر، ومن لم يجد إلا أن يجمع كثيباً من رمل فليستدبره، فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج)). رواه أبو داود، وابن ماجة، والدارمي. [352]
ــ
جواز الاستنجاء بأقل من ثلاثة كما هو مذهب الحنفية. ((خط)): المراد أن الاستجمار بالحجر خاصة ليس بعزيمة لا يجوز تركها إلي غيرها، لكنه إذا استنجى بالحجارة فليجعله وتراً، ثلاثاً أو خمساً، وإلا فلا حرج إن تركه إلي غيره. وقال أيضاً: في قوله: ((من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج)) دليل علي أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم يدل علي الوجوب وإلا لما كان يحتاج إلي بيان سقوط وجوبه بقوله: ((لا حرج)) أي لا إثم. وقال أيضاً: في قوله: ((فليوتر)) دليل علي وجوب الثلاث؛ لأنه من المعقول أنه صلوات الله عليه لم يرد به الوتر الذي هو واحد؛ لأنه زيادة صفة علي الاسم، ولا يحصل بأقل من واحد، فعلم أنه صلوات الله عليه قصد به ما زاد علي الواحد وأدناه الثلاث.
وأقول: لعله أراد أن الاستجمار هو إزالة النجاسة بالجمار، ولو أريد الفرد لقيل: فليستجمر بواحد. فلما عدل إلي الوتر علم أن المراد التنقية، وذلك لا يحصل بالواحد علي الغالب، فوجب الحمل علي الوصف الذي هو خلاف الشفع، ويحصل به النقاء، وأقله الثلاث. و ((ما)) في ((فما تخلل)) يجوز أن تكون شرطية، والجزاء ((فليلفظ))، والشرطية جزاء للشرط الأول، و ((مالاك فليبتلع)) عطف علي ((تخلل))، ويجوز أن تكون ((ما)) موصولة عطفاً علي ((أكل))، وخبره ((فليلفظ))، وأن يكون ((فليلفظ)) خبراً للموصول، والفاء لتضمنه معنى الشرط والجملة جزاء، والثاني أوجه.
((مظ)): وإنما قيل: ((فما تخلل فليلفظ، ومالاك فليبتلع)) لأنه ربما يخرج مع الخلال دم، ومالاك بلسانه أي أداره في الفم ومضغه مؤمن من خروج الدم للين اللسان، وإنما نفي الحرج من الخلال لأنه لم يتيقن خروج الدم معه، وإن تيقن حرم أكله.
قوله: ((فإن لم يجد إلا أن يجمع)) ((خط)): أمر النبي صلوات الله عليه بالتستر ما أمكن، وبأن لا يكون قعود الإنسان بحيث تقع عليه أبصار الناظرين فيهتك الستر، أو يهب عليه الريح
353 -
وعن عبد الله بن مغفل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يبولن أحدكم في مستحمه، ثم يغتسل فيه، أو يتوضأ فيه، فإن عامة الوسواس منه)). رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي؛ إلا أنهما لم يذكرا:((ثم يغتسل فيه، أو يتوضأ فيه)). [353]
354 -
وعن عبد الله بن سرجس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يبولن أحدكم في جحر)). رواه أبو داود، والنسائي. [354]
ــ
فيصيبه البلل فيتلوث ثيابه وبدنه، وكل ذلك من لعب الشيطان به، وقصده إياه بالفساد- انتهي كلامه. والاستثناء في ((إلا أن يجمع)) متصل، أي فإن لم يجد ما يستتر به إلا جمع كثيب من رمل فليجمعه ويستدبره. ومعنى التعليل في قوله:((فإن الشيطان يلعب به إذا لم يستتر)) يمكنه من وسوسة الغير إلي النظر إلي مقعده.
الحديث الحادي عشر عن عبد الله بن مغفل: قوله: ((ثم يغتسل)) هو عطف علي الفعل المنهي، و ((ثم)) استبعادية، أي بعيد من العاقل الجمع بينهما، ويجوز فيه الرفع، والنصب، والجزم، وسيأتي توجيهه في الفصل الأول من باب أحكام المياه. ((خط)): هذا إذا كان المكان صلباً ولم يكن للبول مسلك، فيتوهم المغتسل أنه أصابه شيء من رشاشه، فإنه يورث عامة الوسواس.
الحديث الثاني عشر عن عبد الله: قوله: ((في جحر)) ((تو)): وجه النهي أن الجحر مأوى الهوام المؤذية وذوات السموم، فلا يؤمن أن يصيبه مضرة من قبل ذلك. ويقال: إن الذي يبول في الجحر يخشى عليه عادية الجن، وقد نقل أن سعد بن عبادة الخزرجي قتلته الجن، لأنه بال في جحر بأرض حوران. وروي في كتب الفقه أنه سمع من الجحر:
نحن قتلنا سيد الخز رج سعد بن عبادة
ورميناه بسهـ م فلم نخط فؤاده
والله أعلم بصحته.
355 -
وعن معاذ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الملاعن الثلاثة: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل)). رواه أبو داود، وابن ماجة. [355]
356 -
وعن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان، فإن الله يمقت علي ذلك)). رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجة. [356]
357 -
وعن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا أتى أحدكم الخلاء، فليقل: أعوذ بالله من الخبث والخبائث)) رواه أبو داود، وابن ماجة. [357]
ــ
الحديث الثالث عشر عن معاذ: قوله: ((اتقوا الملاعن)) مضى شرحه في الحديث الخامس من الفصل الأول. وقوله: ((في الموارد)) واحدها مورد، وهو مفعل من الورود، وهو الماء الذي يرد عليه الناس من عين أو نهر. و ((قارعة الطريق)) هي الطريق الواسعة التي يقرعها الناس بأرجلهم، أي يدقونها ويمرون عليها.
الحديث الرابع عشر عن أبي سعيد: قوله: ((يضربان)) الضرب في الأرض الذهاب فيها، والأصل فيه أن الذاهب في الأرض يضربها برجليه. ((تو)): يقال: ضربت الأرض إذا أتيت الخلاء، وضربت في الأرض إذا سافرت. وأقول:((الغائط)) نصبه بنزع الخافض، أي للغائط، ويحتمل أن يكون ظرفاً، أي يضربون في الأرض المطمئنة للغائط، فحذف المفعول له لدلالة الظرف عليه، و ((يضربان، ويتحدثان)) صفتا ((الرجلان))؛ لأن التعريف فيه للجنس، أي رجلان من جنس الرجال، ويجوز أن يكونا خبرين لمبتدأ محذوف، أي هما يضربان ويتحدثان، استئنافاً أو حالاً علي بعد، و ((كاشفين)) حال مقدرة من ضمير ((يضربان))، ولو جعل حالاً من ضمير ((يتحدثان)) استئنافاً لم تكن مقدرة، وعلي التقادير النهي منصب علي المجموع.
((حس)): لا يذكر الله بلسانه علي قضاء الحاجة ولا في المجامعة، بل في النفس. قال أبو عمرو: سلم علي النبي صلوات الله عليه وهو يبول فلم يرد عليه. وإذا عطس في الخلاء يحمد الله في نفسه، قال الحسن، والشعبي، والنخعي.
الحديث الخامس عشر عن زيد: قوله: ((إن هذه الحشوش)) ((نه)): ((يعني الكنف، ومواضع قضاء
358 -
وعن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول: بسم الله)). رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب، وإسناده ليس بقوي. [358]
359 -
وعن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: ((غفرانك)). رواه الترمذي، وابن ماجه، والدارمي. [359]
360 -
وعن أبي هريرة، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى الخلاء أتيته بماء في تور أوركوة، فاستنجى، ثم مسح يده علي الأرض، ثم أتيته بإناء آخر، فتوضأ. رواه أبو داود، وروى الدارمي والنسائي معناه. [360]
ــ
الحاجة، الواحد الحش- بالفتح- وأوصله من الحش البستان؛ لأنهم كانوا كثيراً ما يتغاطون في البساتين). ((ومحتضرة)) أي يحضرها الجن والشياطين.
الحديث السادس عشر عن علي رضي الله عنه: قوله: ((ستر)) مبتدأ، والخبر ((أن يقول))، و ((ما)) موصولة مضاف إليها، وصلتها الظرف.
الحديث السابع عشر عن عائشة: قوله: ((غفرانك)) ((تو)): الغفران مصدر كالمغفرة، والمعنى أسألك غفرانك، ذكر العلماء في تعقيبه صلى الله عليه وسلم الخروج من المتوضى بهذا الدعاء وجهين: أحدهما أنه استغفر من الحالة التي اقتضت هجران ذكر الله تعالي، فإنه كان يذكر الله علي سائر أحواله إلا عند الحاجة، والآخر أنه وجد القوة البشرية قاصرة عن الوفاء بشكر ما أنعم الله عليه من تسويغ الطعام والشراب، وتقريره القوى المفطورات لمصلحة البدن، وترتيب الغذاء من حين التناول إلي أوان المخرج، فلجأ إلي الاستغفار اعترافاً بالقصور عن بلوغ حق تلك النعم.
الحديث الثامن عشر عن أبي هريرة: قوله: ((في تور)) التور إناء من صفر أو حجارة كالإجانة يتوضأ منه، و ((الركوة)) إناء صغير من جلد يشرب منه الماء، والجمع ركا.
361 -
وعن الحكم بن سفيان، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بال توضأ، ونضح فرجه. رواه أبو داود، والنسائي. [361]
362 -
وعن أميمة بنت رقيقة، قالت: كان للنبي صلى الله عليه وسلم قدح من عيدان تحت سريره يبول فيه بالليل. رواه أبو داود والنسائي. [362]
363 -
وعن عمر، قال: رإني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبول قائماً، فقال:((يا عمر! لا تبل قائماً))، فما بلت قائماً بعد. رواه الترمذي، وابن ماجه.
قال الشيخ الإمام محيي السنة، رحمه الله: قد صح: [363]
364 -
عن حذيفة، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم سباطة قوم، فبال قائماً. متفق عليه. قيل: كان ذلك لعذر.
ــ
الحديث التاسع عشر عن الحكم: قوله: ((ونضح)) ((نه)): الانتضاح بالماء هو أن يأخذ قليلاً منه فيرش به مذاكيره بعد الوضوء؛ لينفي عنه الوسواس، وقد نضح عنه الماء، ونضحه به إذا رشه عليه. ((تو)): قيل: إنه صلوات الله عليه كان يفعل ذلك قطعاً للوسوسة، وقد أجاره الله تعالي عن تسليط الشيطان، لكن يفعله تعليماً للأمة، أو يفعله ليرتد البول، ولا ينزل منه الشيء بعد الشيء.
الحديث العشرون عن أميمة: قوله: ((من عيدان)) ((الجوهري)): العود من الخشب، واحد العيدان والأعواد، وإنما جمعه اعتباراً للأجزاء كبرمة أعشار.
الحديث الحادي والعشرون عن عمر: قوله: ((لا تبل)) ((مظ)): علة النهي أنه تبدو العورة بحيث يراه الناس، ولأنه لا يأمن من رجوع البول إليه، وهذا نهي تنزيه.
الحديث الثاني والعشرون عن حذيفة: قوله: ((سباطة)) ((نه)): السباطة والكناسة الموضع الذي يرمي فيه التراب، والأوساخ، وما يكنس الناس من المنازل، وإضافتها إلي القوم إضافة تخصيص لا تمليك؛ لأنها كانت مواتاً سباخة. ((حس)): السباطة تكون في الأغلب مرتفعة عن
الفصل الثالث
365 -
عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: من حدثكم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول قائماً فلا تصدقوه؛ ما كان يبول إلا قاعداً. رواه أحمد، والترمذي، والنسائي. [365]
366 -
وعن زيد بن حارثة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن جبريل أتاه في أول ما أوحي إليه، فعلمه الوضوء والصلاة، فلما فرغ من الوضوء، أخذ غرفة من الماء، فنضح بها فرجه)). رواه أحمد، والدراقطني.
367 -
وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((جاءني جبريل، فقال: يا محمد! إذا توضأت فانتضح)). رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب، وسمعت محمداً- يعني البخاري- يقول: الحسن بن علي الهاشمي الراوي منكر الحديث. [367]
ــ
وجه الأرض، لا يرتد فيها البول علي البائل، وتكون سهلا. وقيل: إنه صلوات الله عليه لم يجد مكاناً للقعود، وقيل: كان برجله جرح لم يتمكن من القعود معه. قال الشافعي: كانت العرب تستشفي لوجع الصلب بالبول قائماً، فلعله كان به ذلك وإلا فالمعتاد من فعله البول قاعداً، وهو الاختيار.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن عائشة: قوله: ((ما كان يبول إلا قاعداً)) الحديث يؤيد ما ذكره أن بوله قائماً كان لعذر اضطره إليه.
الحديث الثاني سبق شرحه.
الحديث الثالث عن أبي هريرة: قوله: ((منكر الحديث)) قال ابن الصلاح: قيل: هو ما تفرد به من ليس ثقة ولا ضابطاً. قال البرديجي: هو الفرد الذي لا يعرف متنه من غير رواية، والصواب ما تقدم.
368 -
وعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: بال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام عمر خلفه بكوز من ماء، فقال:((ما هذا ياعمر؟)) قال: ماء تتوضأ به. قال: ((ما أمرت كلما بلت أن أتوضأ، ولو فعلت لكانت سنة)). رواه أبو داود، وابن ماجه. [368]
369 -
وعن أبي أيوب، وجابر، وأنس، أن هذه الآية لما نزلت:{فيه رجال يحبون أن يتطهروا، والله يحب المتطهرين} ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((يا معشر الأنصار! إن الله قد أثنى عليكم في الطهور، فما طهوركم؟)) قالوا: نتوضأ للصلاة، ونغتسل من الجنابة، ونستنجي بالماء. قال:((فهو ذاك، فعليكموه)). رواه ابن ماجه [369]
370 -
وعن سلمان، قال: قال بعض المشركين، وهو يستهزئ: إني لأرى صاحبكم يعلمكم حتى الخراءة. قلت: أجل! أمرنا أن لا نستقبل القبلة، ولا نستنجي بأيماننا، ولا نكتفي بدون ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع ولا عظم. رواه مسلم، وأحمد واللفظ له.
ــ
الحديث الرابع عن عائشة: قوله: ((فقام عمر)) في الحديث إشعار بأنه صلى الله عليه وسلم ما فعل أمراً ولا تكلم بشيء إلا بأمر الله، وأن سننه أيضاً مأمور بها وإن لم تكن فرضاً، وأنه كان يترك ما هو أولي به تخفيفاً علي الأمة، ورحمة عليهم، وأن الأمر مبني علي اليسر.
الحديث الخامس عن أبي أيوب: قوله: ((فيه)) الضمير راجع إلي مسجد قباء، وقيل: إلي مسجد المدينة، والتطهر:[بناء المبالغة] يحتمل التطهير التام ويحتمل التثليث، ولذلك أجابوا عن السؤال بقولهم:((نتوضأ للصلاة، ونغتسل من الجنابة، ونستنجي بالماء)) ومحبتهم للتطهير أنهم يؤثرونه علي أنفسهم، ويحرصون عليه حرص المحب للشيء المشتهي له علي إيثاره، ومحبة الله إياهم أنه يرضي عنهم، ويحسن إليهم، كما يفعل المحب بمحبوبه.
قوله: ((فهو ذاك)) أي ثناء الله تعالي إثر تطهركم البالغ، و ((فعليكموه))، أي الزموا التطهير ولا تفارقوه.
الحديث السادس عن سلمان: قوله: ((حتى الخراءة)) ((مظ)): الخراءة مكسورة الخاء ممدودة- التخلي والقعود عند الحاجة، وأكثر الرواة يفتحون الخاء ويقصرونها. ((الجوهري)): هي بالفتح مصدر، وبالكسر اسم. وأما جواب سلمان فهو من باب الأسلوب الحكيم؛ لأن المشرك لما
371 -
وعن عبد الرحمن بن حسنة، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده الدرقة فوضعها، ثم جلس فبال إليها. فقال بعضهم: انظروا إليه يبول كما تبول المرأة. فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ويحك! أما علمت ما أصاب صاحب بني إسرائيل؟! كانوا إذا أصابهم البول قرضوه بالمقاريض، فنهاهم، فعذب في قبره)). رواه أبو داود وابن ماجه [371].
372 -
ورواه النسائي عنه عن أبي موسى.
373 -
وعن مروان الأصفر، قال: رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة، ثم جلس يبول إليها. فقلت: يا أبا عبد الرحمن! أليس قد نهي عن هذا؟ قال: بل
ــ
استهزأ كان من حقه أن يهدد، أو يسكت عن جوابه، لكنه رضي الله عنه ما التفت إلي ما قال وما فعل من الاستهزاء، وأخرج الجواب مخرج المرشد الذي يلقن السائل المجد، يعني ليس هذا مكان الاستهزاء، بل هو جد وحق، فالواجب عليك أن تترك العناد، وتلزم الطريق المستقيم، والمنهج القويم، بتطهر ظاهرك وباطنك من الأرجاس والأنجاس. وقريب منه قوم صالح عليه السلام، سألوا مؤمنيهم مستهزئين:{أتعلمون أن صالحاً مرسل} أجابوا {إنا بما أرسل به مؤمنون} أي إرساله أمر معلوم مكشوف لا كلام فيه، وإنما الكلام في وجوب الإيمان به، فإنا آمنا به، وامتثلنا ما أمر به، وانتهينا عما نهي عنه. قوله:((ليس فيها رجيع)) صفة مؤكدة لأحجار، مزيلة لتوهم متوهم أنها مجاز، أو واردة علي التغليب، وفيه استقصاء للإرشاد، ومبالغة للرد علي المشرك.
الحديث السابع عن عبد الرحمن: قوله: ((وفي يده الدرقة)) أي جعلها حائلاً بينه وبين الناس، وبال مستقبلاً إليها، ((الدرقة)) الترس إذا كان من جلود ليس فيه خشب ولا عقب. ((نه)):((ويح)) كلمة تقال لمن ترحم وترفق به، يقال: ويح زيد، وويحاً له، وويح له. و ((قرضوه)) قطعوه، شبه نهي هذا المنافق عن الأمر بالمعروف عند المسلمين بنهي صاحب بني إسرائيل ما كان معروفاً عندهم وفي دينهم، والقصد فيه توبيخه وتهديده، وأنه من أصحاب النار، فلما عيره بالحياء وفعل النساء وبخه بالوقاحة، وأنه ينكر ما هو معروف بين رجال الله [من] الأمم السابقة واللاحقة.
الحديث الثامن عن مروان، والتاسع عن أنس، والعاشر عن ابن مسعود: قوله: ((حممه)) ((حس)): الحمم الفحم، وما أحرق من الخشب أو العظام ونحوهما، والاستنجاء به منهي؛ لأنه