الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
487 -
وزاد رزين، قال: زاد بعض الرواة في قول عمر: وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لها ما أخذت في بطونها، وما بقي فهو لنا طهور وشراب)).
488 -
وعن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة تردها السباع والكلاب والحمر عن الطهر منها. فقال: ((لها ما حملت في بطونها، ولنا ما غير طهور)). رواه ابن ماجه [488].
489 -
عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: لا تغتسلوا بالماء المشمش؛ فإنه يورث البرص. رواه الدارقطني [489].
(9) باب تطهير النجاسات
الفصل الأول
490 -
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا شرب الكلب في إناء أحدكم؛ فليغسله سبع مرات)). متفق عليه.
ــ
الحديث الثاني عن أبي سعيد الخدري: قوله: ((عن الطهر)) هو بدل عن قوله: ((عن الحياض)) بإعادة العامل، والطهر هو التطهر، والله أعلم.
باب تطهير النجاسات
الفصل الأول
الحديث الأول عن أبي هريرة: قوله: ((شرب الكلب في إناء)) ضمن ((شرب)) معنى ((ولغ))، فعدى تعديته. قوله:((طهور إناء أحدكم)) ((مح)): الأشهر فيه ضم الطاء ويقال بفتحها، لغتان. ((نه)): ولغ الكلب إذا شرب بلسانه، يقال: ولغ يلغ ولغاً وولوغاً. و ((طهور إناء أحدكم)) مبتدأ، و ((إذا)) ظرف معمول للمصدر، والخبر ((أن يغسله))، كما أن ((إذا)) في قول تعالي:{والنجم إذا هوى} ظرف للقسم، وليس بشرط، ونحو: آتيك إذا احمر البسر.
((حس)): مذهب أكثر المحدثين أن الكلب إذا ولغ في ماء أو مائع يغسل سبع مرات، إحداهن مكدرة بالتراب، وقال مالك والأوزاعي: لا ينجس الماء ولكن يجب غسله تعبداً. وقال أصحاب أبي حنيفة: لا عدد في غسله، ولا تعفير، بل هو كسائر النجاسات. وفي صحيح البخاري:
وفي رواية لمسلم: ((طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب)).
491 -
وعنه، قال: قام أعرابي، فبال في المسجد، فتناوله الناس. فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:((دعوه وهريقوا علي بوله سجلا من ماء- أو ذنوباً من ماء- فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين)). رواه البخاري.
ــ
وكان عطاء لا يرى بشعر الإنسان بأساً أن يتخذ منه الخيوط والحبال وسؤر الكلاب وممرها في المسجد. وقال الزهري: إذا ولغ في الإناء ليس له وضوء غيره يتوضأ بها. وقال سفيان: هذا الفقه بعينه، يقول الله عز وجل:{فلم تجدوا ماء فتيمموا} وهذا ماء وفي النفس منه شيء يتوضأ ويتيمم.
الحديث الثاني عن أبي هريرة: قوله: ((فتناوله الناس)) أي وقعوا فيه يؤذونه. ((نه)): في الحديث: ((إن رجلاً كان ينال من الصحابة)) يعني الوقيعة فيهم، يقال منها: نال ينال نيلاً إذا أصاب. و ((أهريقوا)) أمر من أهرق يهرق- بسكون الهاء- إرهاقاً، نحو اسطاع، وأصله أراق، فأبدلت الهمزة هاء ثم جعلت عوضاً عن ذهاب حركة العين، فصارت كأنها من نفس الكلمة، ثم أدخل عليها الهمزة. و ((السجل)) يذكر، وهو الدول قل فيه الماء أو كثر، ((والذنوب)) يذكر ويؤنث، وهي ما ملئ ماء، ((من ماء)) زيادة وردت تأكيداً، ويحتمل أن يكون من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون للتخيير لما بينهما من فرق، وأن يكون من كلام الراوي للترديد، وهذا ظاهر.
((خط)): في الحديث دليل علي أن الماء إذا ورد علي النجاسة علي سبيل المكاثرة والغلبة طهرها وعلي أن غسالات النجاسة طاهرة إذا لم يكن فيها تغير، وإن لم تكن مطهرة، ولولاه لكان الماء المصبوب علي البول أكثر تنجيساً للمسجد من البول نفسه، وزاد.
((حس)): فيه دلالة علي أن الأرض إذا أصابتها نجاسة لا تطهر بالجفاف، ولا يجب حفر الأرض، ولا نقل التراب إذا صب عليه الماء. ((مظ)): الحفر والنقل واجب عند أبي حنيفة، وأن الشمس إذا جفتها طهرت عنده. وأقول: قوله: ((ميسرين)) حال، والمبعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما كان الصحابة مقتدين به ومهتدين بهديه كانوا متبوعين، كما ورد:((الناس لكم تبع)). وقوله: ((ولم تبعثوا معسرين)) عطف علي قوله: ((وإنما بعثتم ميسرين)) علي طريقة الطرد والعكس، تقريراً بعد تقرير، ودلالة علي أن الأمر مبني علي اليسر قطعاً ..
الحديث الثالث عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((مه مه)) ((مه)) كلمة بنيت علي السكون، وهو اسم سمي به الفعل، ومعناه اكفف،؛ لأنه زجر، فإن وصلت تؤنث، يقال: مه مه، ويقال:
492 -
وعن أنس، قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد. فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه مه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزرموه، دعوه)). فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه، فقال له:((إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر؛ إنما هي لذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن)). أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وأمر رجلا من القوم، فجاءوا بدلو من الماء، فسنه عليه. متفق عليه.
493 -
وعن أسماء بنت أبي بكر، قال: سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة، كيف تصنع؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرصه، ثم لتنضحه بماء، ثم لتصل فيه)). متفق عليه.
ــ
مهمهت به، أي زجرته، و ((زرم البول)) - بلكسر- إذا انقطع، وكذلك كل شيء ولي، وأزرمه غيره، وفي الحديث:((لا تزرموا [ابني])) أي لا تقطعوا عليه بوله، وسننت الماء علي وجهي أي أرسلته إرسالاً من غير تفريق، فإذا فرقته في الصب قلت بالشين المعجمة، كلها في الصحاح. وقوله:((إن هذه المساجد)) إنما أتى باسم الإشارة والمشار إليه حاضر مشاهد لا لبس فيه للدلالة علي تعظيم المشار إليه وتفخيمه؛ ليكن كالوصف المناسب المشعر بنزاهتها عما لا يليق بالتعظيم، وصونها عن الأقذار والأنجاس، فيكون اسم الإشارة في قوله:((هذا البول)) للتحقير علي عكس الأول.
قوله: ((أو كما قال)) أي قال هذا القول، أو قال قولا يشابهه، شك الراوي فيه. و ((قال)) الثاني من كلام الراوي.
الحديث الرابع عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: قوله: ((كيف تصنع)) يتعلق بالاستخبار، أي أخبرني كيف تصنع إحدانا إلي آخره، و ((الحيضة)) - بالكسر- الاسم من الحيض، والحال التي تلزمها الحائض من التجنب والتحيض، كالقعدة والجلسة من الجلوس والقعود، وبالفتح المرة الواحدة من نوبة. ((نه)): القرص الدلك بأطراف الأصابع والأظفار مع صب الماء عليه حتى يذهب أثره، وهو أبلغ في إزالة النجاسة، والنضح الرش، وقد يستعمل في الصب شيئاً فشيئاً، وهو المراد به. ((خط)): النضح الرش، وقد يكون بمعنى الغسل، وفي الحديث دليل علي تعين الماء في إزالة النجاسة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمرها بإزالة الحيضة به، فوجب إزالة سائر النجاسات به، إذ لا فرق بين جميع النجاسات إجماعاً.
494 -
وعن سليمان بن يسار، قال: سألت عائشة عن المني يصيب الثوب. فقالت: كنت أغسله من ثوب رسول الله، فيخرج إلي الصلاة وأثر الغسل في ثوبه. متفق عليه.
495 -
وعن الأسود وهمام، عن عائشة، قالت: كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
496 -
وبرواية علقمة والأسود، عن عائشة نحوه، وفيه: ثم يصلي فيه.
497 -
وعن أم قيس بنت محصن: أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره، فبال علي ثوبه، فدعا بماء فنضحه، ولم يغسله. متفق عليه.
498 -
وعن عبد الله بن عباس، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا دبغ الإهاب فقد طهر)). رواه مسلم.
ــ
الحديث الخامس، والسادس عن الأسود: قوله: ((أفرك)) الفرك الدلك حتى يذهب الأثر من الثوب. ((حس)): مذهب الشافعي أن المني طاهر، وعند أصحاب الرأي نجس، يغسل رطبه، ويفرك يابسه، ومن قال بالطهارة قال: حديث الغسل لا يخالف حديث الفرك، وهو علي طريق الاستحباب والنظافة، والحديثان إذا أمكن استعمالهما لم يجز حملهما علي التناقض.
الحديث الساعب عن أم قيس: قوله: ((في حجره)) بفتح الحاء وكسرها، والجمع الحجور. ((قض)): المراد من النضح رش الماء بحيث يصل إلي جميع موارد البول من غير جري، والغسل إجراء الماء علي موارده، والفارق بين الصبي والصبية أن بولها بسبب استيلاء الرطوبة والبرد علي مزاجها يكون أغلظ وأنتن، فتفتقر إزالتها إلي مزيد مبالغة بخلاف الصبي. ((خط)) وغيره: ليس تجويز من جوز النضج في الصبي من أجل أن بوله ليس بنجس، ولكن من أجل التخفيف. ((مح)): هذا هو الصواب، ومن قال: إنه طاهر، فهو مخطئ، وفي الحديث دليل علي استحباب حمل الأطفال إلي أهل الفضل للتبرك بهم، سواء كانوا في حال الولادة أو غيرها، وفيه الندب إلي حسن المعاشرة واللين والرفق والتواضع بالصغار وغيرهم.
الحديث الثامن عن عبد الله بن عباس: قوله: ((إذا دبغ الإرهاب)) ((فا)): سمى إهاباً لأنها أهبة للحي وبناء للحماية علي جسده، كما قيل له: مسك لإمساكه ما وراءه، وهذا كلام قد سلك فيه
499 -
وعنه، قال: تصدق علي مولاة لميمونة بشاة، فماتت، فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:((هلا أخذتم إهابها فدبغتموه، فانتفعتم به!))، فقالوا: إنها ميتة، فقال:((إنما حرم أكلها)). متفق عليه.
500 -
وعن سودة زود النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: ماتت لنا شاة، فدبغنا مسكها، ثم مازلنا ننبذ فيه حتى صار شناً. رواه البخاري.
الفصل الثاني
501 -
عن لبابة بنت الحارث، قالت: كان الحسين بن علي، رضي الله عنهما،
ــ
مسلك التمثيل. ((شف)): في حديث ابن عباس في الإرهاب وفي حديث سودة دليل علي أن الجلد يطهر ظاهره وباطنه بالدباغ، حتى جوز استعمال في الأشياء الرطبة، وتجوز الصلاة فيه.
الحديث التاسع عن عبد الله بن عباس: قوله: ((إنما حرم أكلها)) ((مح)): رويناه علي وجهين: حرم- بفتح الحاء وضم الراء- وحرم- بضم الحاء وكسر الراء المشددة- ((حس)): فيه دليل لمن ذهب إلي أن ما عدا المأكول من أجزاء الميتة غير محرم الانتفاع، كالشعر، والسن، والقرن ونحوها، وقالوا: لا حياة فيها، فلا ينجس بموت الحيوان، وجوز استعمال عظام الفيلة، وقالوا: لا بأس بتجارة العاج، واحتجوا بما روى عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((اشتر لفاطمة سوارين من عاج)). والمراد منه عند غيرهم الذبل، وهو عظم سلحفاة البحر.
((مح)): اختلفوا في طهارة جلود الميتة بالدباغ، فذهب الشافعي إلي أن يطهر بالدباغ جميع جلود الميتة إلا الكلب، والخنزير، والتولد بينهما من أحدهما وغيره، ويطهر بالدباغ ظاهر الجلد وباطنه، ويجوز استعماله في الأشياء المائعة واليابسة، ولا فرق بين مأكول اللحم، وغيره.
وروى هذا المذهب عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود. وإذا طهر بالدباغ هل يجوز أكله؟ فيه ثلاثة أوجه: أصحها لا يجوز بحال، والثاني يجوز، والثالث يجوز أكل جلد مأكول اللحم، ولا يجوز غيره. وإذا طهر الجلد بالدباغ فهل يطهر الشعر الذي عليه تبعاً للجلد؟ إذا قلنا بالمختار في مذهبنا أن شعر الميتة نجس، فيه قولان للشافعي، أصحهما لا يطهر، لأن الدباغ لا يؤثر فيه بخلاف الجلد.
الحديث العاشر عن سودة: قوله: ((شنا)) ((نه)): الشنان الأسقية الخلقة، واحدها شن وشنة، وهي أشد تبريداً للماء من الجدد. والله أعلم.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن لبابة بنت الحارث: قوله: ((في حجر رسول الله)) مضى شرحه في الحديث السابع من الفصل الأول.
في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبال علي ثوبه. فقلت: البس ثوباً، وأعطني إزارك حتى أغسله، قال:((إنما يغسل من بول الأنثى، وينضح من بول الذكر)). رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه. [501].
502 -
وفي رواية لأبي داود، والنسائي، عن أبي السمح، قال:((يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام)).
503 -
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى، فإن التراب له طهور)). رواه أبو داود [503].
ولابن ماجه معناه.
504 -
وعن أم سلمة، قالت لها امرأة: إني امرأة أطيل ذيلي، وأمشي في المكان القذر. قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يطهره ما بعده)). رواه مالك، وأحمد، والترمذي. وأبو داود والدارمي وقالا: المرأة أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف [504].
ــ
الحديث الثاني، والثالث عن أبي هريرة: قوله: ((إذا وطئ أحدكم)) ((حس)): ذهب أهل العلم إلي ظاهر هذا الحديث، وقالوا: إذا أصاب أسفل الخف أو النعل نجاسة فدلكه بالأرض حتى ذهب أثرها طهر، وجازت الصلاة فيها، وبه قال الشافعي في القديم، ومستنده ظاهر هذا الحديث. وقال في الجديد. لابد من غسله بالماء، وعلي هذا يؤول هذا الحديث بما إذا وطئ نجاسة يابسة فتشبث بهما شيء منها، فزال بالدلك، كما أول قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أم سلمة الذي بعد هذا:((يطهره ما بعده))، علي أن السؤال إنما صدر فيما جر من الثياب علي ما كان يابساً من القذر مهما تشبث منه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المكان الذي بعده يزيل ذلك عنه، وإلا فالإجماع منعقد علي أن الثوب إذا أصابته نجاسة لا يطهر إلا بالغسل. ((تو)): بين الحديثين بون بعيد، فإن حمل حديث أم سلمة علي ظاهره مخالف للإجماع؛ لأن الثوب إذا نجس لم يطهره إلا الغسل، بخلاف الخف فإن جماعة من التابعين ذهبوا إلي أن الدلك يطهره، علي أن حديث
505 -
وعن المقدام بن معدي كرب، قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس جلود السباع، والركوب عليها. رواه أبو داود، والنسائي. [505]
506 -
وعن أبي المليح بن أسامة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: نهي عن جلود السباع. رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي. وزاد الترمذي، والدارمي: أن تفترش. [506].
507 -
وعن أبي المليح: أنه كره ثمن جلود السباع. رواه [الترمذي في اللباس من ((جامعه)). وسنده جيد].
508 -
وعن عبد الله بن عكيم، قال: أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب، ولا عصب)). رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. [508].
ــ
أبي هريرة حسن لم يطعن فيه، وحديث أم سلمة مطعون؛ لأن من يرويه أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهي مجهولة. أقول: كأن الشيخ التوربشتي تكلم علي قول محيي السنة، وفرق بين الخف والثوب، فحمل الخف علي النجاسة الرطبة، وخصص حديث الذيل بالنجاسة اليابسة، والظاهر أن كليهما محمولان علي الرطب، لقوله صلى الله عليه وسلم في الأول:((فإن التراب له طهور)). وفي الثاني: ((يطهره ما بعده))، والتطهر إنما يتصور بعد التنجس، ويؤيد هذا التأويل الحديث الأول في الفصل الثالث من هذا الباب، وبناء الأمر علي اليسر ودفع الحرج.
الحديث الرابع، والخامس عن المقدام: قوله: ((عن لبس جلود السباع)) ((مظ)): هذا لنهي يحتمل أن يكون نهي تحريم؛ لأن استعمالها إما قبل الدباغ فلا يجوز؛ لأنها نجسة، وإما بعده، فإن كان عليه الشعر فهي أيضاً نجسة؛ فإن الشعر لا يطهر بالدباغ؛ لأن الدباغ لا يغير الشعر عن حاله، ولا يؤثر فيه. ويحتمل أن يكون نهي تنزيه إذا قلنا: إن الشعر يطهر بالدباغ- كما في الوسيط- لأن لبس جلود السباع والركوب عليها من دأب الجبابرة، وديدن المتكبرين، وعمل المسرفين، وسجية المترفين، فلا يليق بسمة أهل الصلاح.
الحديث السادس عن أبي مليح: قوله: ((كره ثمن جلود السباع)) ((مظ)): وذلك قبل الدباغ لنجاستها، وأما بعده فلا كراهة.
الحديث السابع عن عبد الله بن عكيم: قوله: ((أن لا تنتفعوا)) ((تو)): قيل: إن هذا الحديث
509 -
وعن عائشة، رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت. رواه مالك، وأبو داود [509].
510 -
وعن ميمونة، قالت: مر علي النبي صلى الله عليه وسلم رجال من قريش يجرون شاة لهم مثال الحمار، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لو أخذتم إهابها)). قالوا: إنها ميتة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يطهرها الماء والقرظ)). رواه أحمد، وأبو داود [510].
511 -
وعن سلمة بن المحبق، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء في غزوة تبوك علي أهل البيت، فإذا قربة معلقة، فسأل الماء. فقالوا: يا رسول الله! إنها ميتة. فقال: ((دباغها طهورها)). رواه أحمد، وأبو داود [511].
الفصل الثالث
512 -
عن امرأة من بني عبد الأشهل، قال: قلت: يا رسول الله! إن لنا طريقاً
ــ
ناسخ للأخبار الواردة في الدباغ؛ لما في بعض طرقه: ((أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهر)). والجمهور علي خلافه؛ لأنه لا يقاوم تلك الأحاديث صحة واشتهاراً، ثم إن ابن عكيم لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم وإنما حدث من حكاية حال، ولو ثبت فحقه أن يحمل علي نهي الانتفاع قبل الدباغ.
الحديث الثامن والتاسع عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((لو أخذتم)) ((تو)): ((لو)) هذه بمعنى ليت، والذي لاقى بينهما أن كل واحد منهما في معنى التقدير ومن ثم أجيبتا بالفاء. ((مظ)): جواب ((لو)) محذوف، أي لو أخذتم إهابها فدبغتموه لكان حسناً. ((والقرظ)) ورق السلم يدبغ به. ((شف)): في قوله: ((دباغها طهورها)) دليل علي عدم وجوب استعمال الماء في أثناء الدباغ وبعده، كما هو أحد قولي الشافعي.
الحديث العاشر عن سلمة: قوله: ((المحبق)) هو بضم الميم وفتح الحاء المهملة، وتشديد الباء المكسورة والقاف، وأصحاب الحديث يفتحون الباء.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن امرأ من بني عبد الأشهل: قوله: ((أليس بعدها طريق هي أطيب)) معنى هذا الحديث وحديث أم سلمة في الفصل الثاني قريبان. ((خط)): قال أحمد: ليس معناه إذا
إلي المسجد منتنة، فكيف نفعل إذا مطرنا؟ فقال:((أليس بعدها طريق هي أطيب منها؟)) قلت: بلي. قال: ((فهذه بهذه)). رواه أبو داود. [512]
513 -
وعن عبد الله بن مسعود، قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نتوضأ من الموطئ. رواه الترمذي. [513].
514 -
وعن ابن عمر، قال: كانت الكلاب تقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك. رواه البخاري.
515 -
وعن البراء [بن عازب]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا بأس ببول ما يؤكل لحمه)). [515].
516 -
وفي رواية جابر، قال:((ما أكل لحمه فلا بأس ببوله)). رواه أحمد، والدارقطني. [516]
ــ
أصابه بول ثم مر بعده علي الأرض أنها تطهره، ولكنه يمر بالمكان فيقذره، ثم يمر بمكان أطيب منه فيكون هذا بذلك، ليس علي أنه يصيبه منه شيء. وقال مالك فيما روى: إن الأرض يطهر بعضها بعضاً، إنما هو أن يطأ الأرض القذرة، ثم يطأ الأرض اليابسة النظيفة، فإن بعضها يطهر بعضاً، فأما النجاسة مثل البول ونحوه يصيب الثوب أو بعض الجسد، فإن ذلك لا يطهره إلا الغسل، قال: وهذا إجماع الأمة. ((خط)): وفي إسناد الحديثين معاً مقال؛ لأن الأول عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهي مجهولة لا يعرف حالها في الثقة والعدالة، والحديث الآخر عن امرأة من بني عبد الأشهل، والمجهول لا يقوم له الحجة في الحديث.
الحديث الثاني، والثالث عن ابن عمر رضي الله عنهما: وقوله: ((من الموطئ)) أي في موضع الوطء، هذا إذا كان يابساً نجساً، وأما إذا كان رطباً فيجب الغسل. وقوله:((الكلاب تقبل)) وهذا إنما كان في أوقات باردة، ولم يكن للمسجد أبواب تمنعها من العبور. و ((الرش)) هاهنا هو الصب بالماء، ((لا يصبون)) أي الماء علي تلك المواضع لأجل إقبالهم وإدبارهم.
الحديث الرابع عن البراء: قوله: ((لا بأس ببول ما يؤكل لحمه)) ((مح)): في الروضة: لنا وجه أن بول ما يؤكل لحمه وروثه طاهران، وهو قول أبي سعيد الاصطخري من أصحابنا، واختاره الرويإني، وهو مذهب مالك وأحمد.