المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل الْوَجْهُ الرَّابِعُ مِنَ النَّقْلِ مَا جَاءَ فِي ذَمِّ الْبِدَعِ وَأَهْلِهَا - الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني - جـ ١

[الشاطبي الأصولي النحوي]

الفصل: ‌ ‌فصل الْوَجْهُ الرَّابِعُ مِنَ النَّقْلِ مَا جَاءَ فِي ذَمِّ الْبِدَعِ وَأَهْلِهَا

‌فصل

الْوَجْهُ الرَّابِعُ مِنَ النَّقْلِ مَا جَاءَ فِي ذَمِّ الْبِدَعِ وَأَهْلِهَا عَنِ الصُّوفِيَّةِ الْمَشْهُورِينَ عِنْدَ النَّاسِ (1).

وَإِنَّمَا خَصَصْنَا هَذَا الْمَوْضِعَ بِالذِّكْرِ ـ وَإِنْ كَانَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَ النَّقْلِ كِفَايَةٌ ـ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْجُهَّالِ يَعْتَقِدُونَ فِيهِمْ أَنَّهُمْ مُتَسَاهِلُونَ فِي الِاتِّبَاعِ، وَأَنَّ اخْتِرَاعَ الْعِبَادَاتِ، وَالْتِزَامَ مَا لَمْ يَأْتِ فِي الشَّرْعِ الْتِزَامُهُ، مِمَّا يَقُولُونَ بِهِ وَيَعْمَلُونَ عَلَيْهِ، وَحَاشَاهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَعْتَقِدُوهُ أَوْ يَقُولُوا بِهِ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ بَنَوْا عَلَيْهِ طَرِيقَتَهُمْ اتِّبَاعُ السُّنَّةِ وَاجْتِنَابُ مَا خَالَفَهَا، حَتَّى زَعَمَ مُذَكِّرُهُمْ، وَحَافِظُ مَأْخَذِهِمْ، وَعَمُودُ (2) نِحْلَتِهِمْ، أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ (3) أَنَّهُمْ إِنَّمَا اخْتُصُّوا بِاسْمِ التَّصَوُّفِ انْفِرَادًا بِهِ عَنْ أَهْلِ الْبِدَعِ، فَذَكَرَ (أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

(1) يريد المؤلف بالصوفية هنا أوائلهم الذين اشتهروا بالعبادة والزهد كالفضيل بن عياض وإبراهيم بن أدهم ونحوهم. وسيذكر المؤلف عما قريب فساد طريقة الصوفية المتأخرين، وبعدها عن شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم.

(2)

في (غ): "عميد".

(3)

هو أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة القشيري، الصوفي صاحب الرسالة، سمع الحديث، وتفقه، وتقدم في الأصول والفروع، وكان عديم النظير في السلوك والتذكير، وله كتاب الرسالة القشيرية في التصوف، وكتاب (نحو القلوب)، وكتاب الجواهر .. وغيرها. ولشيخ الإسلام ابن تيمية ملاحظات على رسالته، كما في الاستقامة لشيخ الإسلام ابن تيمية. وقد توفي رحمه الله سنة خمس وستين وأربعمائة.

انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (18/ 227)، البداية والنهاية لابن كثير (12/ 107)، شذرات الذهب لابن العماد (3/ 319)، وفيات الأعيان (3/ 205).

ص: 149

لَمْ يَتَّسِمْ (1) أَفَاضِلُهُمْ (2) فِي عَصْرِهِمْ بَاسِمِ عَلَمٍ (3) سوى الصحبة، إذ لافضيلة فَوْقَهَا، ثُمَّ سُمي (4) مَنْ يَلِيهِمُ التَّابِعِينَ وَرَأَوْا هَذَا الِاسْمَ أَشْرَفَ الْأَسْمَاءِ، ثُمَّ قِيلَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ أَتْبَاعُ التَّابِعِينَ، ثُمَّ اخْتَلَفَ النَّاسُ وَتَبَايَنَتِ الْمَرَاتِبُ، فَقِيلَ لِخَوَاصِّ النَّاسِ مِمَّنْ لَهُ شِدَّةُ عناية بأمر الدِّينِ (5): الزُّهَّادُ وَالْعُبَّادُ.

قَالَ: ثُمَّ ظَهَرَتِ الْبِدَعُ، وَادَّعَى (6) كُلُّ فَرِيقٍ أَنَّ فِيهِمْ زُهَّادًا وَعُبَّادًا، فانفرد خواص (7) أهل السنة، المراعون أنفاسهم (8) مَعَ اللَّهِ، الْحَافِظُونَ قُلُوبَهُمْ عَنِ الْغَفْلَةِ بِاسْمِ التَّصَوُّفِ (9).

هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ، فَقَدْ عَدَّ هَذَا اللقب (10) لهم مَخْصُوصًا بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَمُبَايَنَةِ الْبِدْعَةِ. وَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا يَعْتَقِدُهُ الْجُهَّالُ وَمَنْ لَا عِبْرَةَ بِهِ مِنَ الْمُدَّعِينَ لِلْعِلْمِ.

وَفِي غَرَضِي إِنْ فَسَحَ اللَّهُ فِي الْمُدَّةِ، وَأَعَانَنِي بِفَضْلِهِ، وَيَسَّرَ لِيَ الْأَسْبَابَ أَنْ أُلَخِّصَ في طريق الْقَوْمِ أُنْمُوذَجًا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى صِحَّتِهَا وَجَرَيَانِهَا

(1) في (خ): "يتهم".

(2)

في (ت): "فاضلهم".

(3)

في (خ): "عمهم".

(4)

في (ت): "سموا".

(5)

في جميع النسخ "من الدين" عدا (غ) و (ر) والمثبت هو الصواب الموافق لما في الرسالة للقشيري.

(6)

في (ت): "فادعى".

(7)

ساقطة من (ت).

(8)

في جميع النسخ "أنفسهم" عدا (غ) و (ر)، والمثبت هو الصواب الموافق لما في الرسالة للقشيري.

(9)

انظر: قوله في الرسالة القشيرية (ص9)، وكلامه هنا غير مسلم، فإن الصوفية ليسوا هم أهل السنة، دعك من قوله خواص أهل السنة، بل إن فيهم مبتدعة ضلال، خارجون عن السنة وأهلها، كابن عربي الضال، وهم مع ذلك فيهم من هو من أهل السنة، ومن أهل الفضل والعبادة، سيما المتقدمون من شيوخهم كالفضيل بن عياض وغيره، وما وقع لأئمة الصوفية من الفضل والصلاح، فإنما هو بسبب اتباع السنة، والتزام أحكام الشريعة، وتقوى الله، لا بسبب التصوف وسوف ينقل المؤلف عن جملة منهم الحث على اتباع السنة، والتزام الشريعة، ليستدل بذلك على من ضل منهم.

(10)

ساقطة من (ط).

ص: 150

عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمُثْلَى (1)، وَأَنَّهُ إِنَّمَا دَاخَلَتْهَا الْمَفَاسِدُ (2)، وَتَطَرَّقَتْ إِلَيْهَا الْبِدَعُ مِنْ جِهَةِ قَوْمٍ تَأَخَّرَتْ أَزْمَانُهُمْ عَنْ عَهْدِ ذَلِكَ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَادَّعَوُا الدُّخُولَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ سُلُوكٍ شَرْعِيٍّ، وَلَا فَهْمٍ لِمَقَاصِدِ أَهْلِهَا، وَتَقَوَّلُوا عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَقُولُوا بِهِ، حَتَّى صَارَتْ فِي هَذَا الزَّمَانِ الْأَخِيرِ كَأَنَّهَا شَرِيعَةٌ أُخْرَى غَيْرَ مَا أَتَى بِهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم (3).

وَأَعْظَمُ (4) ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَتَسَاهَلُونَ فِي اتِّبَاعِ السُّنَّةِ، وَيَرَوْنَ اخْتِرَاعَ الْعِبَادَاتِ طَرِيقًا لِلتَّعَبُّدِ صَحِيحًا. وَطَرِيقَةُ الْقَوْمِ بَرِيئَةٌ مِنْ هَذَا الْخِبَاطِ بِحَمْدِ اللَّهِ.

فَقَدَ قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ (5): (مَنْ جَلَسَ مَعَ صاحب بدعة لم يعط الحكمة)(6).

وقيل لإبراهيم بْنِ أَدْهَمَ (7): إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (8) ونحن ندعوه منذ دهر فلا يستجب لَنَا! فَقَالَ: مَاتَتْ قُلُوبُكُمْ فِي عَشَرَةِ أَشْيَاءَ: أولها: عرفتم الله ولم (9) تُؤَدُّوا حَقَّهُ. وَالثَّانِي: قَرَأْتُمْ كِتَابَ اللَّهِ وَلَمْ تَعْمَلُوا بِهِ. وَالثَّالِثُ: ادَّعَيْتُمْ حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَرَكْتُمْ سُنَّتَهُ. وَالرَّابِعُ:

(1) ذكر المؤلف أيضاً أنه يريد التأليف في هذا الموضوع في نهاية الباب الثالث (ص401)، ولا أعلم أن المؤلف قد ألف كتاباً مستقلاً في هذا الموضوع.

(2)

في (ر): "دخلتها".

(3)

ساقطة من (غ).

(4)

وهذا هو الحال حتى في زماننا والله المستعان.

(5)

في (م) و (ط): "وأعظم من ذلك".

(6)

تقدمت ترجمته (ص146).

(7)

رواه الإمام ابن بطة عنه في الإبانة الكبرى (2/ 460)، وأبو نعيم في الحلية ضمن كلام طويل في النهي عن مخالطة أهل البدع (10/ 103)، وأبو عبد الرحمن السلمي في طبقات الصوفية (ص10).

(8)

هو إبراهيم بن أدهم بن منصور بن يزيد بن جابر العجلي، وقيل التميمي، إمام زاهد، قدوة، نزل الشام، وحدث عن محمد بن زياد الجمحي صاحب أبي هريرة وابن عجلان، وحدث عنه سفيان الثوري وجماعة، وقد وثقه الدارقطني والنسائي، كان من أبناء الملوك والمياسير، فآثر الآخرة، وأقبل على الزهد والورع. توفي سنة اثنتين وستين ومائة.

انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (7/ 387)، طبقات الصوفية للسلمي (ص27)، حلية الأولياء (7/ 367)، طبقات الشعراني (1/ 81)، الرسالة للقشيري (ص9).

(9)

سورة غافر: آية (60).

(10)

في (ط): "وهامش"(خ): "فلم".

ص: 151

ادَّعَيْتُمْ عَدَاوَةَ الشَّيْطَانِ وَوَافَقْتُمُوهُ. وَالْخَامِسُ: قُلْتُمْ نُحِبُّ الْجَنَّةَ وَمَا تَعْمَلُونَ لَهَا (1) إِلَى آخِرِ الْحِكَايَةِ.

وقال ذو النون المصري (2): (من علامات (3) المحب (4) لله مُتَابَعَةُ حَبِيبِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وأفعاله وأوامره (5) وسننه (6)) (7).

وَقَالَ: إِنَّمَا دَخَلَ الْفَسَادُ عَلَى الْخَلْقِ مِنْ سِتَّةِ أَشْيَاءَ: الْأَوَّلُ: ضَعْفُ النِّيَّةِ بِعَمَلِ الْآخِرَةِ. والثاني: صارت: أبدانهم رهينة (8) لِشَهَوَاتِهِمْ. وَالثَّالِثُ غَلَبَهُمْ طُولُ الْأَمَلِ مَعَ قِصَرِ الأجل. والرابع: آثروا رضى (9) المخلوقين على رضى اللَّهِ. وَالْخَامِسُ: اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ، وَنَبَذُوا سُنَّةَ نَبِيِّهِمْ صلى الله عليه وسلم، وَالسَّادِسُ: جَعَلُوا زَلَّاتِ السَّلَفِ حُجَّةً لِأَنْفُسِهِمْ، وَدَفَنُوا أَكْثَرَ مَنَاقِبِهِمْ) (10).

وَقَالَ لِرَجُلٍ أَوْصَاهُ: "لِيَكُنْ آثَرَ الْأَشْيَاءِ عِنْدَكَ وَأَحَبَّهَا إِلَيْكَ إِحْكَامُ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَاتِّقَاءُ مانهاك عنه، فإن ما تعبدك (11) اللَّهَ بِهِ خَيْرٌ لَكَ مِمَّا تَخْتَارُهُ لِنَفْسِكَ من أعمال البر التي لم (12) تَجِبُ عَلَيْكَ، وَأَنْتَ تَرَى أَنَّهَا أَبْلَغُ لَكَ فِيمَا تُرِيدُ، كَالَّذِي يُؤَدِّبُ نَفْسَهُ بِالْفَقْرِ وَالتَّقَلُّلِ وما أشبه ذلك، وإنما

(1) رواه بتمامه أبو نعيم في الحلية (8/ 15 ـ 16).

(2)

هو ذو النون بن إبراهيم المصري، أبو الفيض، ويقال: ثوبان بن إبراهيم، وذو النون لقب. كان واعظاً زاهداً، روى عن مالك والليث وطائفة، قال الدارقطني روى عن مالك أحاديث فيها نظر. توفي سنة خمس وأربعين ومائتين.

انظر: سير أعلام النبلاء (11/ 532)، طبقات الصوفية للسلمي (ص15)، الحلية لأبي نعيم (9/ 331)، صفة الصفوة لابن الجوزي (4/ 315)، الرسالة القشيرية لأبي القاسم القشيري (ص10).

(3)

في (م) و (ط): "علامة".

(4)

في (ط): "حب الله".

(5)

في (ط): "وأمره".

(6)

في (ط): "وسنته".

(7)

رواه عنه أبو عبد الرحمن السلمي في طبقات الصوفية (ص21)، وأبو القاسم القشيري في الرسالة القشيرية (ص11).

(8)

غير واضحة في (م) و (خ) و (ت) و (ط)"مهيئة"، والمثبت ما في (غ):"وهو الصواب".

(9)

كتبت في (ط) بالألف الممدودة هكذا "رضاء".

(10)

لم أجده.

(11)

في (م): "تعبد".

(12)

ساقطة من (ط).

ص: 152

لِلْعَبْدِ أَنْ يُرَاعِيَ أَبَدًا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ فَرْضٍ يُحْكِمُهُ عَلَى تَمَامِ حُدُودِهِ، وَيَنْظُرُ إِلَى مَا نُهِيَ عَنْهُ فَيَتَّقِيهِ عَلَى إِحْكَامِ مَا يَنْبَغِي، فَإِنَّ الَّذِي قَطَعَ الْعِبَادَ عَنْ رَبِّهِمْ، وَقَطَعَهُمْ عَنْ أَنْ يَذُوقُوا حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ، وَأَنْ يَبْلُغُوا حَقَائِقَ الصِّدْقِ، وَحَجَبَ قُلُوبَهُمْ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الْآخِرَةِ، تَهَاوُنُهُمْ بِأَحْكَامِ مَا فُرِضَ عَلَيْهِمْ فِي قُلُوبِهِمْ وَأَسْمَاعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ وَبُطُونِهِمْ وَفُرُوجِهِمْ. وَلَوْ وَقَفُوا عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَأَحْكَمُوهَا لَأُدْخِلَ عَلَيْهِمُ الْبِرُّ إِدْخَالًا تَعْجَزُ أبدانهم وقلوبهم عن حمل ما ورثهم (1) اللَّهُ مِنْ حُسْنِ مَعُونَتِهِ، وَفَوَائِدِ كَرَامَتِهِ، وَلَكِنَّ أكثر القراء والنساك حقروا محقرات الذنوب، وتهاونوا بِالْقَلِيلِ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعُيُوبِ، فَحُرِمُوا لذة ثواب (2) الصَّادِقِينَ فِي الْعَاجِلِ) (3).

وَقَالَ بِشْرٌ الْحَافِي (4): (رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ فقال لي يابشر، تدري (5) لم رفعك الله (6) من (7) بَيْنَ أَقْرَانِكَ؟) قُلْتُ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قال:(لا تباعك لسنتي (8)، وَحُرْمَتِكَ (9) لِلصَّالِحِينَ (10)، وَنَصِيحَتِكَ لِإِخْوَانِكَ، وَمَحَبَّتِكَ لِأَصْحَابِي وَأَهْلِ بيتي، هو الذي بلغك منازل الأبرار) (11).

(1) في (ط): "رزقهم".

(2)

في (م) و (خ) و (ط) و (ع): "ثواب لذة الصادقين".

(3)

لم أجده.

(4)

هو بشر بن الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء المروزي البغدادي، المشهور بالحافي ولد سنة 152هـ، وارتحل في العلم وأخذ عن مالك وشريك وحماد بن زيد، وكان رأساً في الورع والإخلاص، مات رحمه الله سنة 227هـ.

انظر: سير أعلام النبلاء (10/ 469)، حلية الأولياء (8/ 336)، طبقات الصوفية (ص39)، الرسالة القشيرية (ص14).

(5)

هكذا في جميع النسخ عدا (ت) فإنها بالهمزة هكذا "أتدري"، وفي القشيرية "تدري" بدون همزة.

(6)

لم يكتب لفظ الجلالة في (م) و (غ) وكتب في (خ)"فوق السطر".

(7)

ساقطة من (ط).

(8)

في (ط): "سنتي".

(9)

في الرسالة القشيرية: "وخدمتك".

(10)

في (م) و (غ): "الصالحين".

(11)

رواه عنه أبو القاسم القشيري في الرسالة القشيرية (ص14).

ص: 153

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ (1) الرَّازِيُّ (2): (اخْتِلَافُ النَّاسِ كُلِّهِمْ يَرْجِعُ إِلَى ثَلَاثَةِ أُصُولٍ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا ضِدٌّ، فَمَنْ سَقَطَ عَنْهُ وَقَعَ فِي ضِدِّهِ: التَّوْحِيدُ وَضِدُّهُ الشِّرْكُ، وَالسُّنَّةُ وَضِدُّهَا الْبِدْعَةُ، والطاعة وضدها المعصية)(3).

وقال أبو بكر الزقاق (4) وَكَانَ مِنْ أَقْرَانِ الْجُنَيْدِ: (كُنْتُ (5) مَارًّا فِي (6) تِيهِ (7) بَنِي إِسْرَائِيلَ فَخَطَرَ بِبَالِي أَنَّ عِلْمَ الْحَقِيقَةِ مُبَايِنٌ لِعِلْمِ الشَّرِيعَةِ، فَهَتَفَ بِي هَاتِفٌ: كل حقيقة لاتتبعها الشَّرِيعَةُ فَهِيَ كُفْرٌ) (8).

وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْزَجَانِيُّ (9): (مِنْ عَلَامَاتِ السَّعَادَةِ (10) عَلَى الْعَبْدِ تَيْسِيرُ الطَّاعَةِ عَلَيْهِ، وَمُوَافَقَةُ السُّنَّةِ فِي أَفْعَالِهِ، وَصُحْبَتُهُ لِأَهْلِ الصَّلَاحِ، وَحُسْنُ أَخْلَاقِهِ مَعَ الْإِخْوَانِ، وَبَذْلُ مَعْرُوفِهِ لِلْخَلْقِ، وَاهْتِمَامُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَمُرَاعَاتُهُ لأوقاته) (11).

(1) في (م): "معاذ بن يحيى" وهو خطأ.

(2)

هو يحيى بن معاذ بن جعفر الرازي، الواعظ، له كلام جيد ومواعظ مشهورة، خرج إلى بلخ وأقام بها مدة، ثم رجع إلى نيسابور، ومات بها سنة ثمان وخمسين ومائتين.

انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (13/ 15)، طبقات الصوفية للسلمي (ص107)، حلية الأولياء لأبي نعيم (1/ 51)، الرسالة القشيرية (ص21).

(3)

لم أجده.

(4)

في (ط): "الدقاق" وهو خطأ، وهو أبو بكر أحمد بن نصر الزقاق، كان من أقران الجنيد، ومن أكابر أهل مصر. انظر أقواله في الرسالة القشيرية (ص27)، وذكره ابن الأثير في اللباب (1/ 505).

(5)

مطموسة في (ت).

(6)

غير واضحة في (ت).

هو الموضع الذي ضل فيه موسى عليه السلام وبنو إسرائيل. أرض بين أيلة ومصر وبحر القلزم وجبال السراة من أرض الشام.

انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (2/ 446)، مراصد الاطلاع للبغدادي (1/ 288).

(7)

الحلية لأبي نعيم (10/ 344)، والرسالة للقشيري (21).

(8)

هو أبو علي الحسن بن علي الجوزجاني، من كبار مشايخ خراسان، له التصانيف المشهورة. تكلم في علوم الآفاق والرياضات والمجاهدات، وربما تكلم أيضاً في شيء من علوم المعارف والحكم، صحب محمد بن علي الترمذي ومحمد بن الفضل وهو قريب السن منهم.

انظر: طبقات الصوفية للسلمي (ص246)، حلية الأولياء لأبي نعيم (10/ 350).

(9)

في (غ) و (ر): "المساعدة".

(10)

رواه عنه أبو عبد الرحمن السلمي في طبقات الصوفية (ص247).

ص: 154

وَسُئِلَ كَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ: (الطُّرُقُ إِلَى اللَّهِ كَثِيرَةٌ (1)، وَأَوْضَحُ (2) الطُّرُقِ، وَأَبْعَدُهَا عَنِ الشُّبَهِ اتِّبَاعُ السُّنَّةِ قَوْلًا وَفِعْلًا وَعَزْمًا وَعَقْدًا وَنِيَّةً، لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ:{وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} (3)) فَقِيلَ لَهُ (4): كَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى السُّنَّةِ؟ فَقَالَ: (مُجَانَبَةُ الْبِدَعِ، وَاتِّبَاعُ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ مِنْ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ، وَالتَّبَاعُدُ عَنْ مَجَالِسِ الْكَلَامِ وَأَهْلِهِ، وَلُزُومُ طَرِيقَةِ الِاقْتِدَاءِ، وَبِذَلِكَ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} (5)) (6).

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ التِّرْمِذِيُّ (7): (لَمْ يَجِدْ أَحَدٌ تَمَامَ الْهِمَّةِ بِأَوْصَافِهَا إِلَّا أَهْلُ الْمَحَبَّةِ، وَإِنَّمَا أخذوا في ذلك من اتباع (8) السُّنَّةِ وَمُجَانَبَةِ الْبِدْعَةِ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم كان أعلى الخلق (9) همة، وأقربهم زلفى (10)) (11).

وقال أبو الحسين (12) الْوَرَّاقُ (13): (لَا يَصِلُ الْعَبْدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا بالله،

(1) الطريق إلى الله واحد، وهو طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه رضي الله عنهم، وقد سبق أن تكلم المؤلف عن هذا المعنى عند ذكره لقول الله تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} . انظر (ص83).

(2)

في طبقات الصوفية: "وأصح الطرق".

(3)

سورة النور: آية (54).

(4)

ساقطة من (م) و (غ) و (ر).

(5)

سورة النحل: آية (123).

(6)

طبقات الصوفية للسلمي (ص247).

(7)

هو محمد بن حامد بن محمد الترمذي، وكنيته أبو بكر، من أعيان مشايخ خراسان، وله أصحاب ينتمون إليه.

انظر عنه طبقات الصوفية للسلمي (ص280)، طبقات الشعراني (1/ 86).

(8)

في (ط): "باتباع"، وكذلك هي في هامش (خ).

(9)

في (ط): "أعلى الخلق كلهم".

(10)

في (م) و (غ): "زلفه"، والمعنى واحد.

(11)

انظر طبقات الصوفية للسلمي (ص282).

(12)

في (ط): "الحسن".

(13)

كتب في هامش (خ) و (ت): "الداراني".

وهو أبو الحسين محمد بن سعد الوراق النيسابوري، من كبار مشايخ نيسابور، ومن قدماء أصحاب أبي عثمان، وكان عالماً بعلوم الظاهر، ويتكلم في دقائق علوم المعاملات وعيوب الأفعال، مات قبل العشرين وثلاثمائة.

انظر: طبقات الصوفية للسلمي (ص299)، طبقات الشعراني (1/ 87).

ص: 155

وَبِمُوَافَقَةِ حَبِيبِهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَرَائِعِهِ وَمَنْ جَعَلَ الطَّرِيقَ إِلَى الْوُصُولِ فِي غير الاقتداء يضل من حيث يظن (1) أنه مهتدي (2)) (3).

وَقَالَ: "الصِّدْقُ اسْتِقَامَةُ الطَّرِيقِ فِي الدِّينِ، وَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ فِي الشَّرْعِ"(4).

وَقَالَ: (عَلَامَةُ مَحَبَّةِ اللَّهِ مُتَابَعَةُ حَبِيبِهِ صلى الله عليه وسلم (5).

وَمِثْلُهُ عن إبراهيم القصار (6) قَالَ: (عَلَامَةُ مَحَبَّةِ اللَّهِ إِيثَارُ طَاعَتِهِ، وَمُتَابَعَةُ نبيه)(7).

وقال أبو (على)(8) مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ (9) الثَّقَفِيُّ (10): (لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنَ الْأَعْمَالِ إِلَّا مَا كَانَ صَوَابًا، وَمِنْ صَوَابِهَا إِلَّا مَا كَانَ خَالِصًا، وَمِنْ خالصها إلا ما وافق السنة" (11).

(1) ساقطة من (م) و (خ) و (ت) و (ط).

(2)

في (ط): "مهتد" بدون الياء، وكذلك اللفظ في طبقات الصوفية.

(3)

انظر طبقات الصوفية (ص299)، وعبارة المؤلف مختصرة.

(4)

انظر طبقات الصوفية للسلمي (ص300).

(5)

نفس الموضع السابق.

(6)

في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "القمار"، والصواب المثبت، وهو إبراهيم بن داود الرقي، أبو إسحاق، من أقران الجنيد وابن الجلاء إلا أنه عمر. توفي سنة ست وعشرين وثلاثمائة.

انظر: طبقات الصوفية للسلمي (ص319)، الحلية لأبي نعيم (10/ 354)، صفة الصفوة لابن الجوزي (4/ 197).

(7)

ذكره عنه أبو عبد الرحمن السلمي في طبقات الصوفية (ص321).

(8)

ساقطة من جميع النسخ، وأثبتها من مصادر ترجمته.

(9)

في (ت): "عبد الله".

(10)

هو أبو علي محمد بن عبد الوهاب الثقفي. لقي أبا حفص وحمدون القصار، كان إماماً في أكثر علوم الشرع. عطل أكثر علومه واشتغل بعلم الصوفية، وكان أحسن المشايخ كلاماً في عيوب النفس وآفات الأعمال. مات سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.

انظر: طبقات الصوفية (ص361)، الرسالة القشيرية (ص34)، طبقات الشعراني (1/ 91 ـ 92).

(11)

روى هذا القول عنه أبو عبد الرحمن السلمي في طبقات الصوفية (ص363)، والعمل الصواب هو ما وافق السنة، فلا حاجة للعبارة الأخيرة.

ص: 156

وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ شَيْبَانَ الْقِرْمِيسِينِيُّ (1) صَحِبَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْمَغْرِبِيَّ (2) وَإِبْرَاهِيمَ الْخَوَاصَّ (3)، وَكَانَ شَدِيدًا عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ، مُتَمَسِّكًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لَازِمًا لِطَرِيقِ الْمَشَايِخِ وَالْأَئِمَّةِ، حَتَّى قَالَ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنَازِلٍ (4): "إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَيْبَانَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَأَهْلِ الْآدَابِ وَالْمُعَامَلَاتِ) (5).

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ سَعْدَانَ (6)، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ الْجُنَيْدِ (7) وغيره:

(1) في (م) و (خ): "القرمسيني" بدون الياء الأولى. قال عنه أبو عبد الرحمن السلمي: وهو أبو إسحاق القرميسيني

له مقامات في الورع والتقوى يعجز عنها الخلق إلا مثله. ثم ذكر ما ذكره المؤلف عنه.

انظر: طبقات الصوفية للسلمي (ص402)، حلية الأولياء لأبي نعيم (10/ 361)، الرسالة القشيرية لأبي القاسم القشيري (ص36)، السير (15/ 392).

(2)

هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل المغربي، كان أستاذ إبراهيم الخواص وإبراهيم ابن شيبان، عاش كما قيل مائة وعشرين سنة، ومات على جبل طور سيناء سنة تسع وسبعين ومائتين وقيل تسع وتسعين.

انظر: طبقات الصوفية للسلمي (ص242)، حلية الأولياء لأبي نعيم (10/ 335)، البداية والنهاية لابن كثير (11/ 125)، صفة الصفوة لابن الجوزي (4/ 336)، القشيرية (ص30).

(3)

هو أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الخواص، أصله من سر من رأى، لكنه أقام بالري، كان من أقران الجنيد والنوري، له في السياحات والرياضات مقامات يطول شرحها. مات في جامع الري سنة إحدى وتسعين ومائتين.

انظر: طبقات الصوفية للسلمي (ص284)، حلية الأولياء (10/ 325)، صفة الصفوة لابن الجوزي (4/ 98)، الرسالة القشيرية (ص31).

(4)

هو عبد الله بن محمد بن منازل، من أجل مشايخ نيسابور، صحب حمدون القصار وأخذ عنه طريقته، كتب الحديث الكثير ورواه. مات بنيسابور سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.

انظر: طبقات الصوفية للسلمي (ص366)، الرسالة القشيرية (ص34)، طبقات الشعراني (1/ 92).

(5)

هذا النص نقله المؤلف عن طبقات الصوفية لأبي عبد الرحمن السلمي (ص402)، وذكره الإمام الذهبي في السير (15/ 392).

(6)

هو أبو بكر أحمد بن محمد بن أبي سعدان، بغدادي من أصحاب الجنيد والنوري وهو أعلم مشايخ الوقت بعلوم هذه الطائفة. وكان عالماً بعلوم الشرع مقدماً فيه. ينتحل مذهب الشافعي، وكان ذا لسان وبيان.

انظر ترجمته في: طبقات الصوفية للسلمي (ص420)، حلية الأولياء لأبي نعيم (10/ 377)، طبقات الشعراني (1/ 100).

(7)

هو أبو القاسم الجنيد بن محمد بن الجنيد النهاوندي. شيخ الصوفية. ولد سنة نيف=

ص: 157

(الِاعْتِصَامُ بِاللَّهِ هُوَ الِامْتِنَاعُ مِنَ الْغَفْلَةِ وَالْمَعَاصِي وَالْبِدَعِ وَالضَّلَالَاتِ)(1).

وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الزَّجَّاجِيُّ (2) وَهُوَ من أصحاب الجنيد و (النوري)(3) وَغَيْرِهِمَا: (كَانَ النَّاسُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَّبِعُونَ مَا تَسْتَحْسِنُهُ عُقُولُهُمْ وَطَبَائِعُهُمْ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّهُمْ إِلَى الشَّرِيعَةِ وَالِاتِّبَاعِ، فَالْعَقْلُ الصَّحِيحُ الَّذِي يَسْتَحْسِنُ مَا يَسْتَحْسِنُهُ الشَّرْعُ، وَيَسْتَقْبِحُ ما يستقبحه)(4).

وقيل لإسماعيل بن (نجيد)(5) السُّلَمِيِّ (6) جَدِّ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ (7) ـ وَلَقِيَ الْجُنَيْدَ وَغَيْرَهُ ـ: مَا الَّذِي لَا بُدَّ لِلْعَبْدِ منه؟ فقال: (ملازمة

=وعشرين ومائتين، وتفقه على أبي ثور، وسمع من السري السقطي وصحبه وصحب أيضاً الحارث المحاسبي، وأتقن العلم، ثم أقبل على شأنه، وتأله وتعبد ونطق بالحكمة، وقلما روى. توفي سنة سبع وتسعين ومائتين.

انظر: سير أعلام النبلاء (14/ 66)، حلية الأولياء (10/ 255)، طبقات الصوفية (ص155)، صفة الصفوة (2/ 416)، الرسالة القشيرية (ص24).

(1)

انظر طبقات الصوفية للسلمي (ص422).

(2)

هو أبو عمرو محمد بن إبراهيم بن يوسف بن محمد الزجاجي، نيسابوري الأصل صحب أبا عثمان والجنيد والنوري، دخل مكة وأقام بها وصار شيخها، والمنظور إليه فيها، حج قريباً من ستين حجة. توفي بمكة سنة ثمان وأربعين ومائة.

انظر: طبقات الصوفية للسلمي (ص431)، حلية الأولياء لأبي نعيم (10/ 376)، الرسالة القشيرية (ص36).

(3)

في (خ) و (ت) و (م) و (ط): "الثوري"، والصواب المثبت كما في طبقات الصوفية للسلمي (ص431). وستأتي ترجمته (ص178).

(4)

انظره في طبقات الصوفية للسلمي (ص433)، والحلية لأبي نعيم (10/ 376).

(5)

في جميع النسخ "محمد"، والصواب المثبت كما في مصادر ترجمته.

(6)

هو أبو عمرو إسماعيل بن نجيد بن أحمد بن يوسف السلمي، الصوفي، كبير الطائفة، ومسند خراسان، سمع أبا مسلم الكجي وعبد الله بن أحمد بن حنبل وجماعة، وحدث عنه سبطه أبو عبد الرحمن السلمي وأبو عبد الله الحاكم، توفي سنة خمس وستين وثلاثمائة.

انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (16/ 146)، طبقات الصوفية (ص454)، الرسالة للقشيري (ص37).

(7)

هو محمد بن الحسين بن محمد بن موسى السلمي، أبو عبد الرحمن الصوفي، إمام=

ص: 158

العبودية على السنة، ودوام المراقبة) (1).

وقال أبو عثمان المغربي (2): "التقوى (3) هِيَ الْوُقُوفُ مَعَ الْحُدُودِ، لَا يُقَصِّرُ فِيهَا وَلَا يَتَعَدَّاهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (4)) (5).

وَقَالَ أَبُو يَزِيدَ الْبَسْطَامِيُّ (6): (عَمِلْتُ فِي الْمُجَاهَدَةِ ثَلَاثِينَ سَنَةً، فَمَا وَجَدْتُ شَيْئًا أَشَدَّ مِنَ الْعِلْمِ وَمُتَابَعَتِهِ، وَلَوْلَا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ لَشَقِيتُ (7)، وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ رَحْمَةٌ إِلَّا فِي تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ) (8).

وَمُتَابَعَةُ العلم هي متابعة السنة لا غيرها.

=حافظ محدث، كان شيخ خراسان وكبير الصوفية، حدث أكثر من أربعين سنة قراءة وإملاء، وصنف سنناً وتفسيراً، وله طبقات الصوفية، توفي سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.

انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (17/ 247)، البداية والنهاية لابن كثير (12/ 14) اللباب لابن الأثير (1/ 544).

(1)

ذكره عنه أبو عبد الرحمن السلمي في طبقات الصوفية (ص455).

(2)

هو أبو عثمان سعيد بن سلام المغربي، من ناحية قيروان، أقام بالحرم مدة، وكان شيخه. وكان أوحد في طريقته وزهده، لم ير مثله في علو الحال، وصون الوقت، وصحة الحكم بالفراسة. ورد نيسابور ومات بها سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة.

انظر: طبقات الصوفية للسلمي (ص479)، الرسالة القشيرية (ص38)، السير (16/ 320).

(3)

في (ط): "التونسي".

(4)

سورة الطلاق: آية (1).

(5)

انظره في طبقات الصوفية للسلمي (ص481)، والرسالة القشيرية (ص39).

(6)

هو أبو يزيد طيفور بن عيسى بن سروشان البسطامي، وكان جده سروشان مجوسياً فأسلم، وهم ثلاثة إخوة: آدم وطيفور وعلي، وكلهم كانوا زهاداً عباداً، أرباب أحوال، وهو من أهل بسطام، قال الذهبي: وجاء عنه أشياء مشكلة لا مساغ لها، الشأن في ثبوتها عنه، أو أنه قالها في حال الدهشة والسكر .. ، مات سنة إحدى وستين ومائتين، وقيل أربع وثلاثين ومائتين.

انظر: طبقات الصوفية (ص67)، حلية الأولياء (10/ 33)، صفة الصفوة (4/ 107)، البداية والنهاية لابن كثير (11/ 38)، الرسالة القشيرية (ص17) والسير للذهبي (13/ 88).

(7)

في طبقات الصوفية: "لبقيت"، وكذلك في إحدى نسخ صفة الصفوة، وفي الحلية "لتعبت". وفي الرسالة القشيرية مثل الطبقات.

(8)

عزاه إليه أبو عبد الرحمن السلمي في الطبقات (ص70)، وأبو نعيم في الحلية (10/ 36)، وابن الجوزي في صفة الصفوة (4/ 107)، وأبو القاسم القشيري في رسالته (ص17 ـ 18).

ص: 159

وروى عنه أنه قال: "قم بنا حتى (1) نَنْظُرُ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي قَدْ شَهَّرَ نفسه بالولاية ـ وكان رَجُلًا مَقْصُودًا، مَشْهُورًا بِالزُّهْدِ ـ قَالَ الرَّاوِي: فَمَضَيْنَا، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ رَمَى بِبُصَاقِهِ تِجَاهَ الْقِبْلَةِ (2)، فَانْصَرَفَ أَبُو يَزِيدَ وَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَقَالَ:(هَذَا غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَى أَدَبٍ مِنْ آدَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَيْفَ (3) يَكُونُ مَأْمُونًا عَلَى مَا يَدَّعِيهِ؟) (4).

وَهَذَا أَصْلٌ أَصَّلَهُ أَبُو يَزِيدَ رحمه الله لِلْقَوْمِ، وَهُوَ أَنَّ الْوِلَايَةَ لَا تَحْصُلُ لِتَارِكِ السُّنَّةِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ (5) جَهْلًا مِنْهُ، فَمَا ظَنُّكَ بِهِ إِذَا كَانَ عَامِلًا بِالْبِدْعَةِ كفاحاً؟

وقال: (لقد (6) هَمَمْتُ أَنْ أَسْأَلَ اللَّهَ أَنْ يَكْفِيَنِي مُؤْنَةَ الْأَكْلِ وَمُؤْنَةَ النِّسَاءِ، ثُمَّ قُلْتُ: كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ أَسْأَلَ اللَّهَ هَذَا وَلَمْ يَسْأَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَلَمْ أَسْأَلْهُ. ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ كَفَانِي مُؤْنَةَ النِّسَاءِ حَتَّى لَا أُبَالِي اسْتَقْبَلَتْنِي امْرَأَةٌ أَمْ حَائِطٌ) (7).

وَقَالَ: (لَوْ نَظَرْتُمْ إِلَى رَجُلٍ أُعْطِيَ مِنَ الْكَرَامَاتِ حَتَّى يَرْتَقِيَ فِي الْهَوَاءِ (8) فَلَا تَغْتَرُّوا بِهِ حَتَّى تَنْظُرُوا كَيْفَ تَجِدُونَهُ عِنْدَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَحِفْظِ الْحُدُودِ، وَآدَابِ (9) الشَّرِيعَةِ) (10).

وَقَالَ سَهْلٌ التُّسْتُرِيُّ (11): (كُلُّ فِعْلٍ يَفْعَلُهُ الْعَبْدُ بِغَيْرِ اقْتِدَاءٍ ـ طاعة

(1) ساقطة من (ت).

(2)

في (ر): "معهوداً".

(3)

وقد صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم النهي عن البصاق في المسجد كما في حديث أنس رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "البصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها". رواه البخاري (1/ 511)، ومسلم (5/ 41).

(4)

ساقطة من (ت).

(5)

رواه عنه أبو القاسم القشيري في رسالته (ص18، 153).

(6)

ساقطة من (ت).

(7)

ساقطة من جميع النسخ عدا (غ) و (ر).

(8)

رواه عنه أبو القاسم القشيري في رسالته (ص18).

(9)

في (م) و (خ): "الهوى".

(10)

في الرسالة القشيرية "وأداء".

(11)

رواه عنه أبو نعيم في الحلية (10/ 40)، وذكره الإمام ابن كثير في البداية والنهاية (11/ 38) ضمن ترجمته. ورواه عنه أبو القاسم القشيري في رسالته (ص18).

(12)

تقدمت ترجمته (ص89).

ص: 160

كَانَ أَوْ مَعْصِيَةً ـ فَهُوَ عَيْشُ النَّفْسِ ـ (يَعْنِي بِاتِّبَاعِ الْهَوَى)(1)، وَكُلُّ فِعْلٍ يَفْعَلُهُ الْعَبْدُ بِالِاقْتِدَاءِ فَهُوَ عِتَابٌ (2) عَلَى النَّفْسِ) (3) ـ يَعْنِي لِأَنَّهُ لَا هَوَى لَهُ فِيهِ ـ وَاتِّبَاعُ الْهَوَى هُوَ الْمَذْمُومُ، وَمَقْصُودُ الْقَوْمِ تَرْكُهُ أَلْبَتَّةَ.

وَقَالَ: (أُصُولُنَا سَبْعَةُ أَشْيَاءَ: التَّمَسُّكُ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَالِاقْتِدَاءُ بِسُنَّةِ رَسُولِ الله، وَأَكْلُ الْحَلَالِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَاجْتِنَابُ الْآثَامِ، وَالتَّوْبَةُ، وَأَدَاءُ الْحُقُوقِ)(4).

وَقَالَ: (قَدْ أَيِسَ (5) الْخَلْقُ (6) مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ (7) الثَّلَاثِ: مُلَازَمَةُ التَّوْبَةِ، وَمُتَابَعَةُ السُّنَّةِ (وَتَرْكُ أَذَى الْخَلْقِ)(8)) (9).

(وَسُئِلَ عَنِ الفُتُوَّة (10) فَقَالَ: (اتِّبَاعُ السُّنَّةِ)(11)) (12).

وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ (13): (رُبَّمَا تَقَعُ فِي قَلْبِي النُّكْتَةُ مِنْ نُكَتِ (14) الْقَوْمِ أَيَّامًا، فَلَا أَقْبَلُ مِنْهُ (15) إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ: الكتاب والسنة) (16).

(1) ما بين المعكوفين ليس في القشيرية. ولعله من كلام المؤلف.

(2)

في الرسالة القشيرية "عذاب".

(3)

رواه عنه أبو القاسم القشيري في رسالته (ص19).

(4)

انظره في طبقات الصوفية للسلمي (ص210).

(5)

في (ت): "يئس".

(6)

في طبقات الصوفية "العلماء والحكماء".

(7)

في (ت) و (غ): "الخلال".

(8)

ما بين المعكوفين ساقط من (ت).

(9)

انظره في طبقات الصوفية للسلمي (ص210).

(10)

ذكر الإمام ابن القيم هذه المنزلة في مدارج السالكين وقال عنها: هي منزلة الإحسان إلى الناس، وكف الأذى عنهم، واحتمال أذاهم. انظر المدارج (2/ 353).

(11)

الرسالة (104)، وعزاه إليه الإمام ابن القيم في مدارج السالكين (2/ 356).

(12)

ما بين المعكوفين ساقط من (ت).

(13)

هو أبو سليمان عبد الرحمن بن عطية، ويقال عبد الرحمن بن أحمد بن عطية العنسي الداراني، زاهد العصر، ولد في حدود الأربعين ومائة، وروى عن سفيان الثوري وجماعة، وروى عنه أحمد بن أبي الحواري، توفي سنة خمس عشرة ومائتين.

انظر: سير أعلام النبلاء (10/ 182)، طبقات الصوفية للسلمي (ص75)، حلية الأولياء (9/ 254)، صفة الصفوة (4/ 223)، الرسالة القشيرية (ص19).

(14)

في (م) و (خ) و (ط): "نكته".

(15)

في (ت): "منها".

(16)

عزاه إليه أبو عبد الرحمن السلمي في طبقات الصوفية (ص78)، وابن الجوزي في صفة الصفوة (4/ 229)، والقشيري في الرسالة (ص19).

ص: 161

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ (1): (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا بِلَا اتِّبَاعِ سُنَّةٍ فَبَاطِلٌ عَمَلُهُ)(2).

وَقَالَ (3) أَبُو حَفْصٍ الْحَدَّادُ (4): (مَنْ لَمْ يَزِنْ أَفْعَالَهُ وَأَحْوَالَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَمْ يَتَّهِمْ خَوَاطِرَهُ فَلَا تَعُدَّهُ فِي دِيوَانِ الرِّجَالِ)(5).

وَسُئِلَ عَنْ الْبِدْعَةِ فَقَالَ: (التَّعَدِّي فِي الْأَحْكَامِ، وَالتَّهَاوُنُ فِي السُّنَنِ، وَاتِّبَاعُ الْآرَاءِ وَالْأَهْوَاءِ، وَتَرْكُ الِاتِّبَاعِ وَالِاقْتِدَاءِ)(6).

قَالَ: (وَمَا ظَهَرَتْ حَالَةٌ عَالِيَةٌ إلا من ملازمة أمر صحيح)(7).

(1) هو أحمد بن عبد الله بن ميمون الثعلبي الغطفاني، وأبو الحواري اسم ميمون. إمام، حافظ، قدوة، شيخ أهل الشام، سمع من سفيان بن عيينة وعبد الله بن إدريس وطائفة، وحدث عنه أبو زرعة الدمشقي، وأبو زرعة الرازي وأبو داود وغيرهم، قال عنه ابن معين: أهل الشام به يمطرون، وكان من بيت ورع وزهد. توفي سنة ثلاثين ومائتين.

انظر: سير أعلام النبلاء (12/ 85)، طبقات الصوفية للسلمي (ص98)، حلية الأولياء (10/ 5)، صفة الصفوة (4/ 237)، الرسالة القشيرية (ص21).

(2)

عزاه إليه أبو عبد الرحمن السلمي في الطبقات (ص101)، والذهبي في السير (12/ 88)، وابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب (2/ 110)، وأبو القاسم القشيري في رسالته (ص22).

(3)

ساقطة من (م) و (خ) و (ط).

(4)

ساقطة من (ت).

وهو أبو حفص عمرو بن سلم، ويقال عمرو بن سلمة النيسابوري، تخرج به عامة الأعلام النيسابوريون، منهم أبو عثمان النيسابوري، وشاة الكرماني، وكان أحد الأئمة والسادة. توفي سنة سبع، وقيل أربع وستين ومائتين، وقيل غير ذلك.

انظر: حلية الأولياء (10/ 229)، طبقات الصوفية (ص115)، صفة الصفوة (4/ 118)، الرسالة القشيرية (ص22).

(5)

انظره في حلية الأولياء (10/ 230)، صفة الصفوة (4/ 120)، الرسالة القشيرية (ص22).

(6)

رواه عنه أبو عبد الرحمن السلمي في الطبقات (ص122).

(7)

رواه عنه أبو عبد الرحمن السلمي في الطبقات (ص121)، وعزاه إليه ابن الجوزي في صفة الصفوة (4/ 120).

ص: 162

وَسُئِلَ حَمْدُونُ الْقَصَّارُ (1): مَتَى (2) يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَكَلَّمَ عَلَى (3) النَّاسِ؟ فَقَالَ (4): (إِذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أداء فرض من فرائض الله في علمه، أَوْ خَافَ هَلَاكَ إِنْسَانٍ فِي بِدْعَةٍ يَرْجُو أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْهَا (5)) (6).

وَقَالَ: (مَنْ نَظَرَ فِي سِيَرِ السَّلَفِ عَرَفَ تَقْصِيرَهُ وَتَخَلُّفَهُ عَنْ دَرَجَاتِ الرِّجَالِ)(7).

وَهَذِهِ ـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ـ إِشَارَةٌ إِلَى الْمُثَابَرَةِ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِمْ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ.

وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْجُنَيْدِ (8) لِرَجُلٍ ذَكَرَ الْمَعْرِفَةَ وَقَالَ: أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ يَصِلُونَ إِلَى تَرْكِ الْحَرَكَاتِ مِنْ بَابِ الْبِرِّ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ الْجُنَيْدِ:(إِنَّ هَذَا قَوْلُ قَوْمٍ تَكَلَّمُوا بإسقاط الأعمال، (والذي يسرق ويزني أحسن حالاً من الذي يقول هذا، وإن العارفين بالله أخذوا الْأَعْمَالِ)(9) عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَيْهِ يَرْجِعُونَ فِيهَا). قَالَ: (وَلَوْ بَقِيتُ أَلْفَ عَامٍ لَمْ أَنْقُصْ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ ذَرَّةً، إِلَّا أَنْ يُحَالَ بي دونها)(10).

(1) هو أبو صالح حمدون بن أحمد بن عمارة القصار النيسابوري، شيخ أهل الملامة بنيسابور. ومنه انتشر مذهب الملامة ـ وهو تخريب الظاهر، وعمارة الباطن، مع التزام الشريعة ـ وكان عالماً فقيهاً يذهب مذهب الثوري. توفي سنة إحدى وسبعين ومائتين.

انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (13/ 50)، طبقات الصوفية للسلمي (ص123)، حلية الأولياء (10/ 231)، صفة الصفوة (4/ 122)، الرسالة القشيرية (ص24).

(2)

بياض في (غ).

(3)

في (ت): "عن"، وصححت في هامشها بما هو مثبت.

(4)

في (ت): "قال".

(5)

في طبقات الصوفية "يرجو أن ينجيه الله تعالى منها بعلمه".

(6)

رواه عنه السلمي في الطبقات (ص125)، وأبو القاسم القشيري في رسالته (ص24).

(7)

انظر قوله في طبقات الصوفية (ص27)، وكذلك هو في صفة الصفوة لابن الجوزي (4/ 122)، والرسالة القشيرية (ص24).

(8)

تقدمت ترجمته (ص169).

(9)

ما بين المعكوفين ساقط من جميع النسخ عدا (غ) و (ر).

(10)

رواه عنه أبو عبد الرحمن السلمي في طبقات الصوفية (ص159)، وأبو نعيم في الحلية (10/ 278)، وأبو القاسم القشيري في رسالته (ص24)، وتتمته في الطبقات والحلية "وإنه لأوكد في معرفتي، وأقوى في حالي".

ص: 163

وَقَالَ: (الطُّرُقُ كُلُّهُا مَسْدُودَةٌ عَلَى الْخَلْقِ (1) إِلَّا عَلَى مَنِ اقْتَفَى أَثَرَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم (2).

وَقَالَ: (مَذْهَبُنَا هَذَا مُقَيَّدٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ)(3).

وَقَالَ: (مَنْ لَمْ يَحْفَظِ الْقُرْآنَ، وَيَكْتُبِ الْحَدِيثَ لَا يُقْتَدَى بِهِ فِي هَذَا الْأَمْرِ، لِأَنَّ (4) عِلْمَنَا هَذَا مُقَيَّدٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ) (5). وَقَالَ: (علمنا (6) هَذَا مُشَيَّدٌ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (7).

وقال أبو عثمان (الحيري)(8): (الصُّحْبَةُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى بِحُسْنِ الْأَدَبِ، وَدَوَامِ الْهَيْبَةِ وَالْمُرَاقَبَةِ، وَالصُّحْبَةُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ، وَلُزُومِ ظَاهِرِ الْعِلْمِ، وَالصُّحْبَةُ مَعَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ بِالِاحْتِرَامِ وَالْخِدْمَةِ)(9) إِلَى آخِرِ مَا قَالَ.

وَلَمَّا تَغَيَّرَ عَلَيْهِ الْحَالُ (10) مَزَّقَ ابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ قَمِيصًا عَلَى نَفْسِهِ، فَفَتَحَ أَبُو عُثْمَانُ عَيْنَيْهِ وَقَالَ:(خِلَافُ السُّنَّةِ يَا بُنَيَّ فِي الظَّاهِرِ (11) عَلَامَةُ رِيَاءٍ في الباطن) (12).

(1) ساقطة من (ت).

(2)

رواه عنه أبو عبد الرحمن السلمي في الطبقات (ص159)، وأبو نعيم في الحلية (10/ 257)، وأبو القاسم القشيري في رسالته (ص24)، وتتمة قوله في الطبقات والحلية "واتبع سنته، ولزم طريقته، فإن طرق الخيرات كلها مفتوحة عليه".

(3)

انظره في حلية الأولياء (10/ 255)، والرسالة القشيرية (ص25).

(4)

في (م): "لأنا".

(5)

ذكره القشيري في رسالته (ص25)، وأبو نعيم في الحلية مختصراً (10/ 255).

(6)

ساقطة من (م) و (خ) و (ت) و (ط).

(7)

انظر قوله في الرسالة القشيرية (ص25).

(8)

في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "الجبري".

وهو أبو عثمان سعيد بن إسماعيل بن سعيد بن منصور الحيري النيسابوري، وأصله من الري، صحب يحيى بن معاذ الرازي وشاة الكرماني وأبا حفص. ومنه انتشرت طريقة التصوف بنيسابور. مات سنة ثمان وتسعين ومائتين.

انظر ترجمته وأقواله في: طبقات الصوفية للسلمي (ص170)، حلية الأولياء (10/ 244)، صفة الصفوة (4/ 103)، الرسالة القشيرية (ص25).

(9)

انظر قوله في الحلية لأبي نعيم (10/ 245)، وصفة الصفوة لابن الجوزي (4/ 105)، والرسالة للقشيري (ص26).

(10)

كتب في الحلية وصفة الصفوة عند هذا الموضع "وقت وفاته".

(11)

غير واضحة في (ت).

(12)

انظر قوله في الحلية لأبي نعيم (10/ 245)، صفة الصفوة (4/ 106)، الرسالة القشيرية (ص25).

ص: 164

وَقَالَ: (مَنْ أمَّر السُّنَّةَ عَلَى نَفْسِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا (1) نَطَقَ بِالْحِكْمَةِ، وَمَنْ أمَّر الْهَوَى عَلَى نَفْسِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا (2) نَطَقَ بِالْبِدْعَةِ. قَالَ اللَّهُ تعالى:{وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} (3)) (4).

وقال أبو الحسين (5)(النوري)(6): (مَنْ رَأَيْتَهُ يَدَّعِي مَعَ اللَّهِ حَالَةً تُخْرِجُهُ عَنْ حَدِّ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ فَلَا تَقْرَبَنَّ مِنْهُ)(7).

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَلْخِيُّ (8): (ذَهَابُ الْإِسْلَامِ من أربعة: (أولها)(9) لا يعملون بما يعلمون، (والثاني) يعملون بما لا يعلمون، (والثالث) لا يتعلمون ما لا يعلمون، (والرابع) يمنعون الناس من التعلم) (10).

(1)(2) في (ت): "أو فعلا".

(3)

سورة النور: آية (54).

(4)

انظر قوله في الحلية لأبي نعيم (10/ 244)، صفة الصفوة لابن الجوزي (4/ 105)، رسالة القشيري (ص26).

(5)

في (غ): "الحسن".

(6)

في جميع النسخ النووي، وهو خطأ والصحيح ما أثبته.

وهو أحمد بن محمد الخراساني، يعرف بابن البغوي، وكان شيخ الطائفة بالعراق وأحذقهم بلطائف الحقائق. وله عبارات دقيقة يتعلق بها من انحرف من الصوفية. توفي سنة خمس وتسعين ومائتين.

انظر: سير أعلام النبلاء (14/ 70)، طبقات الصوفية (ص164)، حلية الأولياء (10/ 249)، صفة الصفوة (2/ 439)، الرسالة القشيرية (ص26).

(7)

انظر قوله في حلية الأولياء لأبي نعيم (10/ 252)، الرسالة القشيرية (ص26).

(8)

هو محمد بن الفضل بن العباس بن حفص البلخي، ساكن سمرقند، وأصله من بلخ، ولكنه أخرج منها بسبب المذهب، صحب أحمد بن خضرويه وغيره من المشايخ، وأسند الحديث عن قتيبة بن سعيد. مات سنة تسع عشرة وثلاثمائة.

انظر: طبقات الصوفية للسلمي (ص212)، حلية الأولياء لأبي نعيم (10/ 232)، صفة الصفوة لابن الجوزي (4/ 165)، الرسالة القشيرية (ص27).

(9)

قوله "أولها" ساقط من جميع النسخ، وأثبته من طبقات الصوفية ومن الحلية. وكذلك قوله:"والثاني، والثالث، والرابع".

(10)

انظره في: طبقات الصوفية للسلمي (ص214)، الحلية لأبي نعيم (10/ 233)، الرسالة للقشيري (ص27).

ص: 165

هَذَا مَا قَالَ، وَهُوَ وَصْفُ صُوفِيَّتِنَا الْيَوْمَ، عِيَاذًا بِاللَّهِ.

وَقَالَ: (أَعْرَفُهُمْ بِاللَّهِ أَشَدُّهُمْ مُجَاهَدَةً فِي أَوَامِرِهِ، وَأَتْبَعُهُمْ لِسُّنَّةِ نَبِيِّهِ)(1).

وَقَالَ شَاةُ الْكَرْمَانِيُّ (2): (مَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنِ الْمَحَارِمِ (3)، وَأَمْسَكَ نَفْسَهُ عَنِ الشُّبُهَاتِ (4)، وَعَمَّرَ بَاطِنَهُ بِدَوَامِ الْمُرَاقَبَةِ، وَظَاهِرَهُ بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ، وَعَوَّدَ نَفْسَهُ أَكْلَ الْحَلَالِ، لَمْ تُخْطِئْ (5) لَهُ فِرَاسَةٌ) (6).

وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخَرَّازُ (7): (كُلُّ بَاطِنٍ يُخَالِفُهُ ظَاهِرٌ فَهُوَ بَاطِلٌ)(8).

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عَطَاءٍ (9) ـ وَهُوَ مِنْ أقران الجنيد ـ: (من ألزم

(1) انظره في طبقات الصوفية للسلمي (ص214).

(2)

هو أبو الفوارس شاه بن شجاع الكرماني، كان من أبناء الملوك فتزهد، صحب أبا تراب النخشبي وأبا عبيد البسري، وكان من أجلة الفتيان، وعلماء هذه الطبقة. وله رسالات مشهورة، والمثلثة التي سماها مرآة الحكماء. مات قبل الثلاثمائة.

انظر ترجمته وأقواله في: طبقات الصوفية للسلمي (ص192)، حلية الأولياء لأبي نعيم (10/ 237)، صفة الصفوة لابن الجوزي (4/ 67)، الرسالة للقشيري (ص29).

(3)

في (ت): "الحرام".

(4)

في الحلية "الشهوات"، وكذلك في الرسالة القشيرية.

(5)

في (خ): "تخط".

(6)

انظر قوله في الحلية لأبي نعيم (10/ 237)، صفة الصفوة لابن الجوزي (4/ 67)، الرسالة القشيرية (ص29).

(7)

هو أحمد بن عيسى الخراز، من أهل بغداد، صحب ذا النون المصري وبشر بن الحارث، والسري السقطي ونظراءهم، وهو من أئمة القوم وجلة مشايخهم. مات سنة تسع وسبعين ومائتين.

انظر ترجمته وأقواله في: طبقات الصوفية للسلمي (ص228)، صفة الصفوة لابن الجوزي (2/ 435)، حلية الأولياء (10/ 246)، الرسالة القشيرية (ص29).

(8)

انظره في طبقات الصوفية للسلمي (ص231)، حلية الأولياء لأبي نعيم (10/ 245) الرسالة القشيرية (ص29).

(9)

هو أبو العباس أحمد بن محمد بن سهل بن عطاء الأدمي، كان من مشايخ الصوفية وعلمائهم، له لسان في فهم القرآن. صحب إبراهيم المارستاني والجنيد ومن فوقهما من المشايخ. وامتحن بسبب الحلاج. توفي سنة تسع وثلاثمائة.

انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (14/ 255)، طبقات الصوفية للسلمي (ص265)،=

ص: 166

نفسه آداب السنة (1) نوَّر اللَّهُ قَلْبَهُ بِنُورِ الْمَعْرِفَةِ، وَلَا مَقَامَ أَشْرَفَ مِنْ مَقَامِ مُتَابَعَةِ الْحَبِيبِ صلى الله عليه وسلم فِي أَوَامِرِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَخْلَاقِهِ) (2).

وَقَالَ أَيْضًا: (أَعْظَمُ الْغَفْلَةِ غَفْلَةُ الْعَبْدِ عَنْ رَبِّهِ عز وجل، وَغَفْلَتُهُ عَنْ أَوَامِرِهِ (3)، وَغَفْلَتُهُ عَنْ آدَابِ مُعَامَلَتِهِ) (4).

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْخَوَّاصُ (5): (لَيْسَ الْعِلْمُ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ، وَإِنَّمَا الْعَالِمُ مَنِ اتَّبَعَ الْعِلْمَ، وَاسْتَعْمَلَهُ، وَاقْتَدَى بِالسُّنَنِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلَ الْعِلْمِ)(6).

وَسُئِلَ عَنِ الْعَافِيَةِ فَقَالَ: (الْعَافِيَةُ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: دِينٌ بِلَا بِدْعَةٍ، وَعَمَلٌ بِلَا آفَةٍ، وَقَلْبٌ بِلَا شُغْلٍ وَنَفْسٌ بِلَا شَهْوَةٍ)(7).

وَقَالَ: (الصَّبْرُ: الثَّبَاتُ عَلَى أَحْكَامِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ)(8).

وَقَالَ: بُنَانٌ الْحَمَّالُ (9) ـ وَسُئِلَ عَنْ أَصْلِ (10) أَحْوَالِ الصُّوفِيَّةِ فَقَالَ ـ: (الثِّقَةُ بِالْمَضْمُونِ، وَالْقِيَامُ بِالْأَوَامِرِ، وَمُرَاعَاةُ السِّرِّ، وَالتَّخَلِّي من الكونين)(11).

=حلية الأولياء لأبي نعيم (10/ 302)، صفة الصفوة لابن الجوزي (2/ 444)، القشيرية (ص30).

(1)

في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "الله".

(2)

انظر هذا القول له في طبقات الصوفية، وله تتمة (ص268)، وحلية الأولياء (10/ 302)، وصفة الصفوة (2/ 445)، والرسالة القشيرية (ص31).

(3)

في الرسالة القشيرية "أوامره ونواهيه".

(4)

انظر قوله في طبقات الصوفية للسلمي (ص271)، الرسالة القشيرية (ص31).

(5)

تقدمت ترجمته (ص169).

(6)

رواه عنه أبو عبد الرحمن السلمي في الطبقات (ص285)، وأبو القاسم القشيري في رسالته (ص31)، وذكره الشعراني في الطبقات الكبرى (1/ 83).

(7)

الرسالة (ص24).

(8)

الرسالة (ص85).

(9)

هو أبو الحسن بنان بن محمد بن حمدان بن سعيد الواسطي، نزيل مصر، ومن يضرب بعبادته المثل، صحب الجنيد وغيره، وكان كبير القدر، لا يقبل من الدولة شيئاً، وله جلالة عجيبة عند الخاص والعام، وقد امتحن في ذات الله فصبر. توفي سنة ست عشرة وثلاثمائة.

انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (14/ 488)، طبقات الصوفية للسلمي (ص291)، حلية الأولياء (10/ 324)، صفة الصفوة (2/ 448)، القشيرية (ص31).

(10)

في طبقات الصوفية "أجل"، وكذلك في الرسالة القشيرية.

(11)

انظر قوله في طبقات الصوفية (ص293 ـ 294)، الرسالة القشيرية (ص31).

ص: 167

وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ الْبَغْدَادِيُّ (1): (مَنْ عَلِمَ طَرِيقَ الْحَقِّ سَهُلَ عَلَيْهِ سُلُوكُهُ وَلَا دَلِيلَ عَلَى الطَّرِيقِ إِلَى اللَّهِ إِلَّا مُتَابَعَةُ سُنَّةِ (2) الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فِي أَحْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وأقواله) (3).

وقال أبو إسحاق الرقى (4): (عَلَامَةُ مَحَبَّةِ اللَّهِ إِيثَارُ طَاعَتِهِ وَمُتَابَعَةُ (5) نَبِيِّهِ) (6). انتهى.

وَدَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (7) الآية.

وَقَالَ مَمْشَادُ الدِّينَوَرِيُّ (8): (آدَابُ الْمُرِيدِ فِي الْتِزَامِ حرمات المشايخ، وخدمة (9) الْإِخْوَانِ، وَالْخُرُوجِ عَنِ الْأَسْبَابِ، وَحِفْظِ آدَابِ الشَّرْعِ على نفسه) (10).

(1) هو أبو حمزة محمد بن إبراهيم البغدادي البزاز، صحب السري السقطي وبشرا الحافي، وكان عالماً بالقراءات. توفي سنة تسع وثمانين ومائتين.

انظر: طبقات الصوفية (ص295)، الرسالة القشيرية (ص32).

(2)

ساقطة من (غ).

(3)

رواه عنه أبو القاسم القشيري في رسالته (ص32)، وأبو عبد الرحمن السلمي في الطبقات بلفظ أطول مما هنا (ص298).

(4)

في (خ) و (ط): "الرقاشي" وهو خطأ.

وهو أبو إسحاق إبراهيم بن داود الرقي. من كبار مشايخ الشام، ومن أقران الجنيد وابن الجلاء، وقد عمر وعاش إلى سنة ست وعشرين وثلاثمائة.

انظر الرسالة القشيرية (ص32).

(5)

في (خ): "ومتابعته".

(6)

رواه عنه أبو القاسم القشيري في رسالته (ص33).

(7)

سورة آل عمران: آية (31).

(8)

هو من كبار مشايخ الصوفية، صحب يحيى الجلاء ومن فوقه من المشايخ. توفي سنة تسع وتسعين ومائتين.

انظر: طبقات الصوفية للسلمي (ص316)، حلية الأولياء لأبي نعيم (10/ 353)، صفة الصفوة لابن الجوزي (4/ 78)، الرسالة القشيرية (ص33).

(9)

في (خ) و (ط): "وحرمة".

(10)

رواه عنه أبو عبد الرحمن السلمي في الطبقات (ص318)، وأبو القاسم القشيري في رسالته (ص33).

ص: 168

وَسُئِلَ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ (1) عَمَّنْ يَسْمَعُ الْمَلَاهِيَ (2) وَيَقُولُ: هِيَ لِي حَلَالٌ، لِأَنِّي قَدْ وَصَلْتُ إِلَى دَرَجَةٍ لَا يُؤَثِّرُ فِيَّ اخْتِلَافُ (3) الْأَحْوَالِ. فَقَالَ:(نَعَمْ قَدْ وَصَلَ، وَلَكِنْ (4) إِلَى سَقَرٍ) (5).

وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنَازِلٍ (6): (لَمْ يُضَيِّعْ أَحَدٌ فَرِيضَةً مِنَ الْفَرَائِضِ إِلَّا ابتلاه الله بتضييع السنن، (ولم يبتل أحد بتضييع السنن)(7) إِلَّا يُوشِكُ أَنْ يُبْتَلَى بِالْبِدَعِ) (8).

وَقَالَ أَبُو يَعْقُوبَ النَّهْرَجُورِيُّ (9): (أَفْضَلُ الْأَحْوَالِ مَا قَارَنَ الْعِلْمَ)(10).

(1) في (ط): "الروزباري" بالزاي، وهو خطأ. وهو بياض في (غ).

وهو أبو علي أحمد بن محمد بن القاسم بن منصور الروذباري، وهو من أهل بغداد، صحب الجنيد وأبا الحسين النوري، وسكن مصر، وصار شيخها، ومات بها سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة.

انظر: طبقات الصوفية للسلمي (ص354)، سير أعلام النبلاء للذهبي (16/ 227)، حلية الأولياء لأبي نعيم (10/ 356)، صفة الصفوة لابن الجوزي (2/ 454)، الرسالة القشيرية (ص34).

(2)

بياض في (غ).

(3)

في (م) و (ت): "باختلاف".

(4)

بياض في (غ).

(5)

رواه عنه أبو عبد الرحمن السلمي في طبقات الصوفية (ص356)، وأبو نعيم في الحلية (10/ 356)، والإمام الذهبي في السير (16/ 227)، والقشيري في رسالته (ص34).

(6)

تقدمت ترجمته (ص169).

(7)

ما بين المعكوفين ساقط من أصل (خ)، ومثبت في هامشها بلفظ "ولم يبتل بتضييع السنن أحد"، وكذلك هو في (ط).

(8)

انظر قوله في طبقات الصوفية للسلمي (ص369)، والرسالة القشيرية (ص34).

(9)

هو أبو يعقوب إسحاق بن محمد النهرجوري، كان من مشايخ الصوفية، صحب الجنيد وعمرو بن عثمان المكي وغيرهم، قال أبو عثمان المغربي: ما رأيت في مشايخنا أنور منه. أقام بالحرم سنين كثيرة مجاوراً، وبه مات سنة ثلاثين وثلاثمائة.

انظر: طبقات الصوفية للسلمي (ص378)، حلية الأولياء (10/ 356)، سير أعلام النبلاء (15/ 232)، الرسالة القشيرية (ص35).

(10)

رواه عنه أبو القاسم القشيري في رسالته (ص35)، وانظر قوله في نتائج الأفكار القدسية لزكريا الأنصاري (1/ 195).

ص: 169

وَقَالَ أَبُو عَمْرِو (1) بْنِ نُجَيْدٍ (2): (كُلُّ حَالٍ لَا يَكُونُ عَنْ نَتِيجَةِ عِلْمٍ (3) فَإِنَّ ضَرَرَهُ عَلَى صَاحِبِهِ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهِ) (4).

وَقَالَ بُنْدَارُ (5) بْنُ الْحُسَيْنِ (6): (صُحْبَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ تُورِثُ الْإِعْرَاضَ عَنِ الْحَقِّ)(7).

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الطَّمَسْتَانِيُّ (8): (الطَّرِيقُ واضح، والكتاب والسنة قائم (9) بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَفَضْلُ الصَّحَابَةِ مَعْلُومٌ لِسَبْقِهِمْ إِلَى الْهِجْرَةِ وَلِصُحْبَتِهِمْ. فَمَنْ صَحِبَ مِنَّا (10) الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَتَغَرَّبَ عَنْ نَفْسِهِ وَالْخَلْقِ، وَهَاجَرَ بِقَلْبِهِ إِلَى الله، فهو الصادق المصيب) (11).

(1) في (ت): "عمر".

(2)

تقدمت ترجمته (ص170).

(3)

في طبقات الصوفية "علم وإن جل".

(4)

انظر قوله في طبقات الصوفية للسلمي (ص455)، وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في الاستقامة (1/ 99)، وهو في الرسالة القشيرية لأبي القاسم القشيري (ص37).

(5)

في (غ) و (ر): "بنوان".

(6)

هو بندار بن الحسين بن محمد بن المهلب الشيرازي. شيخ الصوفية، كان عالماً بالأصول، وكان أبو بكر الشبلي يكرمه، ويعظم قدره، كان ذا أموال فأنفقها وتزهد. توفي سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة.

انظر: طبقات الصوفية للسلمي (ص467)، سير أعلام النبلاء للذهبي (16/ 108)، حلية الأولياء لأبي نعيم (10/ 384)، الرسالة القشيرية (ص38).

(7)

رواه عنه أبو عبد الرحمن السلمي في الطبقات (ص469)، وذكره القشيري في رسالته (ص38).

(8)

هو أبو بكر الطمستاني الفارسي، كان من أجل المشايخ، وكان أبو بكر الشبلي يبجله، ويعرف له محله، صحب إبراهيم الدباغ وغيره. ورد نيسابور ومات بها سنة أربعين وثلاثمائة.

انظر: طبقات الصوفية للسلمي (ص471)، حلية الأولياء لأبي نعيم (10/ 382)، الرسالة القشيرية (ص38).

(9)

في طبقات الصوفية: "قائمان"، وفي الحلية "قائمة".

(10)

ساقطة من (غ).

(11)

انظر قوله في طبقات الصوفية للسلمي (ص473)، والحلية لأبي نعيم (10/ 382)، ولفظهما أطول من لفظ المؤلف، وذكره أبو القاسم القشيري في رسالته كما هو هنا (ص38).

ص: 170

وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ (1) النَّصْرَابَاذِيُّ (2): (أَصْلُ التَّصَوُّفِ مُلَازَمَةُ الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع (3)، وَتَعْظِيمُ حُرُمَاتِ الْمَشَايِخِ، وَرُؤْيَةُ أَعْذَارِ الْخَلْقِ، وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَى الْأَوْرَادِ، وَتَرْكُ ارْتِكَابِ الرُّخَصِ (4) وَالتَّأْوِيلَاتِ) (5).

وَكَلَامُهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ يَطُولُ (6).

وَقَدْ نَقَلْنَا عَنْ جُمْلَةٍ مِمَّنِ اشْتُهِرَ مِنْهُمْ يَنِيفُ (7) عَلَى الْأَرْبَعِينَ شَيْخًا، جَمِيعُهُمْ يُشِيرُ أَوْ يُصَرِّحُ (8) بِأَنَّ الِابْتِدَاعَ ضَلَالٌ، وَالسُّلُوكَ عَلَيْهِ تِيهٌ، وَاسْتِعْمَالُهُ (9) رَمْيٌ فِي عَمَايَةٍ، وَأَنَّهُ مُنَافٍ لِطَلَبِ النَّجَاةِ، وَصَاحِبُهُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَمَوْكُولٌ إِلَى نَفْسِهِ (10)، وَمَطْرُودٌ عَنْ نَيْلِ الْحِكْمَةِ.

وَأَنَّ الصُّوفِيَّةَ الَّذِينَ نُسِبَتْ إِلَيْهِمُ الطَّرِيقَةُ مُجْمِعُونَ عَلَى تَعْظِيمِ الشَّرِيعَةِ مُقِيمُونَ عَلَى مُتَابَعَةِ السُّنَّةِ، غَيْرُ مُخِلِّينَ بِشَيْءٍ مِنْ آدَابِهَا، أَبْعَدُ النَّاسِ عَنِ الْبِدَعِ وَأَهْلِهَا، وَلِذَلِكَ لَا نَجِدُ (11) منهم من ينسب (12) إلى فرقة (13) مِنَ الْفِرَقِ الضَّالَّةِ وَلَا مَنْ يَمِيلُ إِلَى خِلَافِ السُّنَّةِ، وَأَكْثَرُ مَنْ ذُكِرَ مِنْهُمْ عُلَمَاءُ وَفُقَهَاءُ وَمُحَدِّثُونَ، وَمِمَّنْ يُؤْخَذُ عَنْهُ الدِّينُ أُصُولًا وفروعاً، ومن لم يكن

(1) ساقطة من (ت).

(2)

هو أبو القاسم إبراهيم بن محمد النصراباذي، شيخ الصوفية بخراسان في وقته، سمع أبا العباس السراح وابن خزيمة وغيرهما، وحدث عنه الحاكم والسلمي وجماعة، كان يرجع إلى أنواع من العلوم: من حفظ السير وجمعها، وعلوم التواريخ وغيرها. مات في مكة مجاوراً سنة سبع وستين وثلاثمائة.

انظر: طبقات الصوفية للسلمي (ص484)، سير أعلام النبلاء للذهبي (16/ 263)، الرسالة القشيرية للقشيري (ص39)، طبقات الشعراني (1/ 144).

(3)

في (ط): "البدع والأهواء".

(4)

سوف تذكر مسألة اجتناب الصوفية للرخص في نهاية الباب الثالث وأنها مخالفة للسنة. انظر (ص394 ـ 395).

(5)

انظر قوله في الطبقات للسلمي (ص488)، ولفظه هناك أطول، وفي الرسالة القشيرية (ص39).

(6)

ساقطة من (غ).

(7)

في (ر): "نيفت".

(8)

في (خ): "يوح".

(9)

غير واضحة في (ت).

(10)

غير واضحة في (ت).

(11)

في (ت): "تجد".

(12)

في (ت): "من ينسب منهم".

(13)

في (ت): "فرق".

ص: 171

كذلك فلا بد له مِنْ أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا فِي دِينِهِ بِمِقْدَارِ كِفَايَتِهِ (1).

وَهُمْ كَانُوا أَهْلَ الْحَقَائِقِ (2) وَالْمَوَاجِدِ، وَالْأَذْوَاقِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَسْرَارِ (3) التَّوْحِيدِيَّةِ.

فَهُمُ الْحُجَّةُ لَنَا عَلَى كل من ينتسب إلى طريقتهم، ولا يجري على مناهجهم (4)، بَلْ يَأْتِي بِبِدَعٍ مُحْدَثَاتٍ، وَأَهْوَاءٍ مُتَّبَعَاتٍ، وَيَنْسُبُهَا إِلَيْهِمْ، تَأْوِيلًا عَلَيْهِمْ، مِنْ قَوْلٍ مُحْتَمِلٍ، أَوْ فِعْلٍ مِنْ قَضَايَا الْأَحْوَالِ، أَوِ (5) اسْتِمْسَاكًا بِمَصْلَحَةٍ شَهِدَ الشَّرْعُ بِإِلْغَائِهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

فَكَثِيرًا مَا تَرَى الْمُتَأَخِّرِينَ مِمَّنْ يَتَشَبَّهُ بِهِمْ يَرْتَكِبُ مِنَ الْأَعْمَالِ مَا أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى فَسَادِهِ شَرْعًا، وَيَحْتَجُّ بِحِكَايَاتٍ هِيَ قَضَايَا أَحْوَالٍ، وإن صَحَّتْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا حُجَّةٌ لِوُجُوهٍ عِدَّةٍ، ويترك من كلامهم وأحوالهم ما هو أوضح (6) فِي الْحَقِّ الصَّرِيحِ، وَالِاتِّبَاعِ الصَّحِيحِ، شَأْنُ مَنِ اتَّبَعَ مِنَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مَا تَشَابَهَ مِنْهَا (7).

وَلَمَّا كَانَ أَهْلُ التَّصَوُّفِ فِي طَرِيقِهِمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَمْرٍ كَسَائِرِ أَهْلِ الْعُلُومِ فِي عُلُومِهِمْ، أَتَيْتُ مِنْ كَلَامِهِمْ بِمَا يَقُومُ منه دليل على مدح (8) السُّنَّةِ وَذَمِّ الْبِدْعَةِ فِي طَرِيقَتِهِمْ (9)، حَتَّى يَكُونَ دَلِيلًا لَنَا (10) مِنْ جِهَتِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ عُمُومًا، وَعَلَى الْمُدَّعِينَ فِي طَرِيقِهِمْ خُصُوصًا. وَبِاللَّهِ التوفيق.

(1) ما ذكره المؤلف ليس على إطلاقه، فإن الصوفية قد تأثروا بكل الفرق، الذين نقل منهم المؤلف هم أفاضل، والتسليم لهذا الإطلاق قد يوقع في الحرج، إذ قد يُحتج علينا ببعض أقوالهم المنحرفة، والمؤلف يتألف القوم كما سيأتي أيضاً في نهاية الباب الثالث، وهذا الثناء نسبي وليس مطلقاً، فهم أفضل جنسهم، ولمعرفة حقيقة التصوف راجع: هذه هي الصوفية لعبد الرحمن الوكيل وتنبيه الغبي للبقاعي.

(2)

في (ت): "التحقيق".

(3)

السين غير واضحة في (ت).

(4)

في (غ) و (ر): "منهاجهم".

(5)

في (غ): "و".

(6)

في (خ) و (ط): "واضع".

(7)

في (ط): "بها".

(8)

في أصل (خ): "مدع"، وكتب في هامشها "مرعى"، وفي (م) و (ت)"مدعى".

(9)

في (ت): "طريقهم".

(10)

ساقطة من (غ).

ص: 172